معركة أولي البأس

الخليج والعالم

المجتمع المدني في تونس يتحرك لدعم جهود مكافحة
23/03/2020

المجتمع المدني في تونس يتحرك لدعم جهود مكافحة "كورونا"

روعة قاسم 

تواجه تونس كما غيرها من دول العالم جائحة "كورونا" بكل الإجراءات والسبل الممكنة. ولأجل مواجهته تداعى نشطاء في المجتمع المدني وشخصيات تونسية من سياسيين ورجال أعمال ورياضة وفن للوقوف صفا واحدا في مواجهة هذا الفيروس، ورفع المخاطر وحماية البلاد والعباد.

وقد وصلت الإصابات في تونس إلى  75 حالة إثر تسجيل 15 إصابة جديدة، بحسب ما أعلنت مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية في ندوة صحفية صباح أمس الأحد،  ووصلت الأمور الى مرحلة أكثر خطورة مع إعلان جزيرة جربة بؤرةً للمرض. 

كما من المتوقع أن يتم الإعلان عن مناطق عديدة موبوءة بسبب تصاعد حالات الاصابات بها، فيما يخضع الآن حوالي 12 ألفا و395 شخصا للحجر الصحي الذاتي، منهم 4 آلاف و753 شخصا أتموا فترة المراقبة الصحية.

اليوم، ومع انطلاق العمل بقرار الحجر الصحي العام التام في البلاد الذي أعلنه رئيس الجمهورية، يتطلع التونسيون الى ان يؤتي هذا القرار أكله ويكون سدا منيعا ضد استفحال الوباء وانتشاره أكثر.
 
مؤخرا، شعر التونسيون بخطورة وباء "كورونا"، بعد الذي عاينوه في إيطاليا التي تعتبر عاصمتها هي الأقرب إلى العاصمة التونسية من حيث المسافة، والأقرب حتى من عاصمتي دولتي الجوار الجزائر وليبيا. في البداية كانت السلطات الرسمية الصحية تعتبر أن الأمور تحت السيطرة وأن كل الإجراءات تم اتخاذها لمجابهة الفيروس، وأنه سيختفي بمجرد أن ترتفع درجات الحرارة مع اقتراب فصل الصيف، لكن الأمور سارت بخلاف ما كان متوقعا.

ومع تنامي الشعور بالخوف، انطلقت حملة تبرعات شاملة شارك فيها رياضيون وفنانون وسياسيون وإعلاميون ورجال قانون ومؤسسات، والهدف منها معاضدة  جهود الدولة في محاربتها لهذا الفيروس الفتاك. قيمة التبرعات تباينت من شخص إلى آخر ومن جهة إلى أخرى، كل بحسب مقدرته المالية ناهيك عن أن البعض تبرع بدينار واحد لمعاضدة الدولة.

بلد الأغنياء

التلفزيون الرسمي التونسي شارك هو أيضا ومعه العديد من القنوات الخاصة في هذا الجهد في حملة "تيليتون" التي استأثرت بالحيز الأكبر من ساعات البث بهدف جمع مبلغ هام عبرت وزارة الصحة عن حاجتها له. وقد تعهد على سبيل المثال القطاع المصرفي بتقديم 12 مليون دينار للمساهمة في تمويل جهود القطاع الصحي وباقتناء مستلزمات طبية للمساعدة في الحد من مخاطر تفشي الفيروس. 

وقد اختلفت التقييمات بشأن هذا المجهود الذي برز في حملة التضامن من قبل المجتمع المدني والمواطنين، فهناك من ثمن هذا الجهد واعتبره كافيا ، وهناك من اعتبر في المقابل أن المبلغ الذي تم جمعه زهيد جداً مقارنة بعدد الأغنياء في البلد الذي يعتبر الأغنى في بلدان المغرب العربي وهو من المفارقات، فقد سبق وأصدرت مؤسسة الاحصاء الأمريكية" new Word wealth" بيانا أكدت فيه أن تونس ما بعد الثورة هي الأولى في شمال افريقيا من حيث عدد الأغنياء، وبحسب هذه المؤسسة  يوجد في تونس 6500 مليونير مقابل 6400 في ليبيا و4900 في المغرب و4100 في الجزائر، كما يوجد أيضا 70 مليارديرا وفقا لهذه المؤسسة التي أكدت أيضا أن تونس تحتل المرتبة السابعة على المستوى الإفريقي، و ذلك مقابل تراجع الطبقة الوسطى التي كانت إلى وقت غير بعيد عماد الاقتصاد التونسي.

إجراءات استثنائية

وفي هذا السياق، أكد الصحفي والمحلل السياسي التونسي كمال بن يونس لـ " العهد" أن حملة التضامن التي قام بها المجتمع المدني والمواطنون مفيدة جدا أخلاقيا واقتصاديا، وأنها ستدعم أساسا المستشفيات التي تنقصها تجهيزات عديدة. لكن التحدي الكبير، بحسب الإعلامي التونسي، هو في التعويض لعشرات المئات من العمال الذين سيفقدون رواتبهم إذا طالت الأزمة". 

وأضاف: "الحكومة تعهدت ببعض الإجراءات لكني أشك أنها تستطيع أن تلبي حاجيات المواطنين بالكامل، خاصة أن البلاد كانت بحاجة كبيرة إلى حكومة توفر السيولة وتجلب القروض والودائع  والاستثمارات لمعالجة المشاكل الاقتصادية المتراكمة، والتي استفحلت في الأعوام الماضية، والآن أزمة "كورونا" ستزيد الوضع تعقيدا بالنسبة لموازنة الدولة والتضخم والأسعار".

 وأضاف ابن يونس: "مبادرة المجتمع المدني وبعض نجوم الرياضة والفن ورجال الأعمال هي خطوة مهمة جدا، لكن يجب أن تتبعها خطوات عملية أكثر لأن الدولة طوال سبعين عاما منحت لرجال الأعمال تسهيلات من أراض بأسعار رمزية في المناطق الصناعية والسياحية واستثمارات واعفاءات جمركية وامتيازات كبيرة، والآن فرصتهم لأن يقدموا مساعدات أكثر بكثير من تلك التي قدمها أغلبهم".

يشار إلى أن رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ أعلن السبت الفائت عن جملة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية الاستثنائية لمجابهة انتشار وباء "كورونا" بكلفة تناهز 2.5 مليار دينار أي ما يعادل مليار دولار، مؤكدًا أنه "سيتم ضمن هذه الإجراءات تخصيص اعتمادات إضافية بقيمة 500 مليون دينار (171 مليون دولار) لدعم المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمواد الغذائية والمحروقات". 

وأكد الفخفاخ أنه "للمحافظة على مواطن الشغل وضمان تواصل الدخل للعمال والأجراء والموظفين سيتم فتح خط مساعدات بقيمة 107 ملايين دولار، وتخصيص اعتمادات مالية بقيمة 53 مليون دولار لمحدودي الدخل وذويي الاحتياجات الخصوصية، ستتوزع على شكل منح بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية".
 

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم