الخليج والعالم
اتفاق "طالبان" واشنطن بين خدعة نهاية الحرب ومكاسب ترامب
وقعّت الولايات المتحدة الأميركية وحركة "طالبان" اتفاق "سلام" في العاصمة القطرية الدوحة بعد حقبة دموية من حقبات الإحتلال الأميركي استمرت لـ 18 سنة متتالية والتي لم تثمر سوى نكسات كارثية في أفغانستان والمنطقة.
هذه الحرب التي امتدت فصولها إلى مناطق متعددة وبعناوين مختلفة، وكلّفت مليارات الدولارات من دون جدوى حوّلت المنطقة الى مشهد كارثي يسوده الفوضى خدمة للاستعمار الأميركي.
وهنا يجدر التوقف عند غاية واشنطن من اتفاق يمهّد لانسحاب أميركي تدريجي يزعمون سيؤدي إلى إنهاء الحرب في البلاد، مما يطرح تساؤلات حول الالتفاتة المتأخرة للولايات المتحدة للتوقف عن الانفاق في حرب عبثية، وعن هدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يفكر بعقلية الدولار مستغلاً الظروف السياسية في بلاده بما يخصّ الانتخابات ليبرهن أنه عمل على إنهاء حرب في افغانستان وبالتالي ساهم في الحد من النفقات الأميركية لتمويل الاقتصاد.
وبالعودة الى الاتفاق، فقد وقع عن حركة "طالبان" رئيس ما يسمى "المكتب السياسي" عبد الغني برادر، وعن الولايات المتحدة مبعوثها للمصالحة الأفغانية زلماي خليل زاد.
ووفق الإتفاق، فإن الجانبين سيتبادلان آلاف الأسرى قبل المفاوضات الأفغانية، كما ستنطلق "مفاوضات السلام" الأفغانية بحلول 10 آذار/ مارس. كما يتضمن رفع الولايات المتحدة العقوبات عن أعضاء "طالبان" بحلول آب/أغسطس 2020.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، من الدوحة، إن بلاده "ستراقب عن كثب التزام حركة طالبان بالاتفاق"، فيما أشارت وزارة الحرب الأميركية "البنتاغون" إلى أن "الولايات المتحدة لن تتردد في إلغاء الاتفاق مع طالبان في حال انتهكته الحركة". في حين هناك شكوك كبيرة حول الضمانات الأميركية للتطبيق، المعروفة بخرقها الاتفاقيات وعدم التزامها العهود تاريخياً، الأمر الذي يستدعي البناء على مقولة أن يكون خلف المزاعم الأميركية خدعة ما لربما ستنكشف قريباً.
من جهته، قال بارادار "إنه يرغب في إقامة نظام إسلامي بأفغانستان"، وفق تعبيره، داعياً "الفصائل الأفغانية إلى العمل من أجل تحقيق ذلك".
وأصدرت الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية بياناً مشتركاً اليوم السبت، قبل توقيع الاتفاق، نصّ على إن "الولايات المتحدة ستخفض قواتها في أفغانستان إلى 8600 جندي خلال 135 يوماً من الاتفاق مع "طالبان". وأضاف البيان المشترك إن "استكمال انسحاب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" من أفغانستان سينفّذ خلال 14 شهراً".
ويلاحظ أن الاتفاق ينص على انسحابات متتابعة، حيث اشترط الأميركيون أنها لن تحدث إلاّ في حالة التزام "طالبان" بنود الاتفاق، وعلى رأسها مباشرة مفاوضات مع سلطات كابول، سيشرف عليها الأميركيون أنفسهم.
لكن على ما يبدو أنها مفاوضات متعثرة ودونها عقبات، لأن البلاد تشهد أزمة سياسية وسط رفض الأميركيين تولي أشرف غني ولاية رئاسية ثانية، الذي أُجبر على إرجاء حفل تنصيبه إلى ما بعد توقيع الاتفاق بين "طالبان" والولايات المتحدة، لذلك فإن ما وراء الأكمة ما وراءها، خاصة أنه ليس بعيداً أن تطفو عقبات أخرى على سطح الإتفاق أبرزها كيفية دمج الحركة في العملية السياسية وتقاسم السلطة معها.