الخليج والعالم
قراءةٌ استراتيجية في المرحلة الجديدة من العمل العسكري في ادلب
علي حسن - دمشق
تتسارع الأحداث الميدانية في ادلب، ومع مرور كل ساعة يسيطر الجيش السوري على مناطق جديدة ويقترب إلى هدفه أكثر فأكثر، ليفتح فيما بعد الجزء الواصل بين حماه وحلب من الطريق الدولية عبر استعادة مدينة معرة النعمان التي باتت قوسين أو أدنى بعد دخول القوات لبلدة جرجناز الاستراتيجية، ومع احتمال حصول ذلك دون قتال بانسحاب الإرهابيين وإدراكهم أنهم خاسرون للمعركة، لكن ذلك يبقى مشروطاً بأمر من مشغّلهم التركي.
الخبير العسكري والاستراتيجي السوري تركي الحسن تحدث لموقع "العهد" الإخباري عن قراءته الاستراتيجية للمرحلة الجديدة من معركة ادلب، وقال إنّ "الدولة السورية تأخرت في حسم ملف ادلب وأعطت للجانب السياسي والوسطاء الحلفاء الروس والإيرانيين دوراً ووقتاً أكبر عبر اتفاق سوتشي الموقع في العام الماضي، والذي ينص على إجراء تسوية، لكن الجانب التركي كان يماطل ويُؤخّر إنجازه. وأطلق الجيش السوري في الشهر الخامس عملية عسكرية كانت على مراحل، أولها الوصول لمدينة خان شيخون وآنذاك أعطيت العملية السياسية وقتا إضافيا لاستئناف الاتفاق على أمل أن يفي التركي بالتزاماته ولكنه ماطل مجددا".
وأضاف الحسن أنّ "الوضع كان أمام طريقين لا ثالث لهما، إما تنفيذ الاتفاق أو أن يقوم الجيش السوري بعملية التحرير و هذا ما تم حين استشعرت الدولة السورية بمماطلة جديدة من التركي. وعلى الأخير وجماعاته المسلحة التي يدعمها أن يعوا أنّ القرار الحالي المتخذ بتحرير ادلب لا رجعة عنه والوصول للطريق الدولي سيتم خلال الساعات المقبلة".
وتابع الحسن لـ"العهد" أنّ "الجماعات الإرهابية في حالة خسارة متكررة وخاضت سلسلة من المعارك الخاسرة بدءاً من الشهر الخامس من العام الماضي حتى اليوم، والسبب هو المهارة التي بات الجيش السوري يمتلكها وقدرة جنوده على القتال في مختلف الظروف إضافةً إلى الاستخدام الأمثل للقوة النارية سواء سلاح الجو أو الضربات الصاروخية والمدفعية، بالإضافة إلا الروح المعنوية العالية لهم بسبب الانتصارات المتكررة بعكس الإرهابيين الذين يخسرون كل ما يخوضونه من قتال وتأثير ذلك المعنوي عليهم".
ولفت إلى أنّ "الجيش السوري يستخدم القوة النارية بشكل كبير على مواقع الإرهابيين وتحركاتهم ليؤمن تقدم قواته دون خسائر بشرية، فالمطلوب تحرير الأرض دون سيل دماء الجنود السوريين".
واشار إلى ان "الجيش السوري ركز هجومه باتجاهين -شمال وجنوب بلدة الصرمان- التي تقع فيها نقطة مراقبة تركية، والتي باتت محاصرة بالكامل بعد سيطرة الجيش على بلدة جرجناز الاستراتيجية المركز الأساسي لـ"جبهة النصرة" و"أجناد القوقاز"، واستعادتها تعني قرب اقتحام معرة النعمان وتحرير الطريق الدولي الواصل بين حلب وحماه"، مؤكدا أنّ "انسحاب الإرهابيين من المعرة أمر وارد ولكن إن لم يقُم الجانب التركي بسحبهم سيفتح الجيش محور قتال جديداً نحو بلدة سراقب شمال معرة النعمان بما أنها باتت تتمركز في بلدة جرجناز، وبالتالي سيصبح الإرهابيون المتمركزون في معرة النعمان باستعادة سراقب مطوقين بشكل كامل بعد وصول الجيش لها ولجرجناز وبطبيعة الأحوال قواته تتمركز في محاور معرة النعمان الشرقية وخان شيخون جنوباً ولكن إن أبدى الجانب التركي معالجةً واقعيةً لما يجري في الميدان سيأمر الإرهابيين بالانسحاب ويعني ذلك دخول الجيش معرة النعمان كما دخل خان شيخون مسبقاً".
ولم يستبعد الحسن في حديثه لـ"العهد" استخدام سيناريو السلاح الكيميائي مجدداً كما حدث في درعا والغوطة الشرقية وإدلب خلال وقت سابق بهدف عرقلة العمل العسكري وثني الجيش السوري عن تقدمه، لكن هذا الأمر لن يتم ولن تتوقف القوات إلا إذا كانت هناك تسوية أو تفاهم سياسي ما.
وختم قائلا إنّه "من الأفضل للجانب التركي أن يستجيب لتحولات الميدان وإدراك واقع ما يحصل على الأرض ويسحب الجماعات الإرهابية التي يدعمها من الطريق الدولية".