معركة أولي البأس

الخليج والعالم

01/10/2019

"من البحر الى النحر".. كل الطرق تؤدي الى كربلاء

بغداد: عادل الجبوري

"من البحر الى النحر".. هذا هو العنوان الواسع والعريض، لمسيرة الزحف والعشق الحسيني نحو كربلاء الحسين.

منذ بضعة أعوام، بات هذا الشعار مقترنًا بالشروع بمسيرة الاربعين، في الأول من شهر صفر من كل عام، من بلدة عراقية صغيرة يطلق عليها "رأس البيشة"، تقع في أقصى جنوب قضاء الفاو بمحافظة البصرة، وهي تطل على الخليج، حيث تقع على مرمى حجر من مياهه الهادئة.

في صباح يوم السبت الماضي، الثامن والعشرين من شهر محرم الحرام، جرت في "رأس البيشة" مراسم انطلاق مسيرة الزحف الحسيني نحو كربلاء، بحضور جمع من العلماء ورجال الدين والوجوه الاجتماعية، وحشود جماهيرية غفيرة من أبناء محافظة البصرة وخارجها، لتتكلل ببدء المسير الذي يمتد لاكثر من ستمائة وخمسين كيلو مترا، ويستمر حوالي عشرين يوما، وليبدأ بعدد محدود من الاشخاص، وينتهي بالملايين من كل انحاء العراق، ومن خارجه ايضا.

وباتت بلدة "رأس البيشة" تشكل ايقونة متميزة وملفتة، ترتبط ارتباطا وثيقا بمسيرة الاربعين، اذ ان معظم العراقيين، وغير العراقيين ربما لم يسمعوا بها، لانها في السابق لم تكن تمثل بالنسبة لهم شيئا ذا أهمية، وهي حالها حال بقية المدن والبلدات العراقية الصغيرة، ولعل المعروف والمشهور منها، هي تلك المدن والبلدات التي تحتضن مرقدًا دينيًا لأحد الائمة الاطهار أو أولياء الله الصالحين، أو تلك التي لها خلفية دينية تاريخية، كأن تكون قد شهدت معركة أو مثلت محطة لحدث تاريخي مميز. ورأس البيشه ليست من هذه ولا من تلك، لذا فإنه من الطبيعي ان يجهلها اغلب العراقيين.

ولكن يبدو أنها على صغر مساحتها، وقلة عدد سكانها، وموقعها النائي، وتواضع امكانياتها، ستدخل التاريخ وتخط اسمها فيه.

وكما هو الحال في الاعوام السابقة، ما ان تبدأ مسيرة الزحف الحسيني، تشرع المواكب والهيئات الحسينية بتقديم الطعام والشراب وتوفير اماكن الاستراحة والنوم الى جانب الأمور الخدمية الاخرى على امتداد الطرق التي يسلكها الزائرون.

وطبيعي انه كلما اقترب الزائرون من كربلاء، ستتزايد حشودهم، وتزدحم المواكب والهيئات من حيث اعدادها ومستوى الخدمات التي تقدمها، لا سيما وان هنالك الكثير من المواكب تنتقل مع اقتراب العد التنازلي لحلول الاربعين الى مناطق قريبة من كربلاء، ليكون متاحا لها دائما توفير ما يحتاجه الزوار وما يخفف عنهم تعب ومشقة المسير الطويل، فبعض المواكب تفتح ابوابها في الايام الاولى في حدود محافظة البصرة، لتنتقل فيما بعد الى محافظة ذي قار، وبعد ذلك الى محافظة ميسان، وهكذا حتى نهاية مسيرة الزحف الحسيني في قلب كربلاء المقدسة.

ولا شك ان "رأس البيشة"، ليست هي نقطة الانطلاق الوحيدة نحو كربلاء الحسين.

وحتى تكون الصورة واضحة وجلية فإنه من المهم الاشارة الى أن زوارًا ايرانيين انطلقوا قبل حوالي اسبوع من مدينة المحمرة جنوب ايران، ليكون مسيرهم من حيث التوقيت منسجمًا ومتوافقا مع انطلاق مسير الزوار العراقيين من البصرة، علمًا أن أعدادًا من الزوار الايرانيين قرروا قبل فترة السير من مدينة مشهد شمال شرق ايران نحو كربلاء المقدسة.

فضلًا عن ذلك، هناك نقاط انطلاق كثيرة من شتى انحاء العراق، بيد أن "رأس البيشة"، تمثل النقطة الأبعد والأسبق، ولعل نقاط الانطلاق الكثيرة، التي تلتقي في نهاية المطاف عند نقطة واحدة، ألا وهي ضريح الامام الحسين عليه السلام، تؤكد حقيقة مهمة وبليغة وعميقة، الا وهي "ان كل الطرق تؤدي الى كربلاء"، فالذي ينطلق من البصرة، والذي ينطلق من المحمرة، والذي ينطلق من الموصل وديالى وصلاح الدين وبابل وغيرها من المدن والمحافظات والقرى والبلدات، يروم الوصول الى كربلاء، وللمرء ان يتصور ويتخيل، الشكل الرائع والجميل لصورة الزحف الحسيني بنقاط انطلاقها ومساراتها العديدة، ونقطة الالتقاء الوحيدة لها.

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم