الخليج
محكمة الشعب البحرينية كانت السبّاقة وقالت: لا للإعدام
سندس الأسعد
من المقرر أن يمثل ضحيتا التعذيب في البحرين والمحكومان تعسفًا بالإعدام محمد رمضان وحسين موسى يوم الاثنين 13 يوليو/تموز، أمام محكمة التمييز البحرينية في فرصة أخيرة لاستئناف حكم الإعدام الجائر الصادر بحقهما والذي استند الى اعترافات باطلة انتزعت منهما تحت سطوة التعذيب الشديد وسوء المعاملة.
قوى المعارضة ونشطاء سياسيون وحقوقيون بحرينيون استبقوا الحدث وأعلنوا في استفتاءٍ الكتروني ضخم عبر منصة "تويتر" بلغت نسبة المشاركة فيه ١٩ ألف تغريدة رفضهم لحكم الإعدام.
النشطاء طعنوا بالأحكام الجائرة بسبب التشكيك في نزاهة واستقلالية القضاء البحريني الذي يعين أعضاؤه بمراسيم ملكية، فيما يعتمد إصدار الأحكام على اعترافات منتزعة تحت التعذيب وأدلة مقدمة من تحريات سرية وشهود مجهولين متسائلين لماذا الإصرار على المعالجة الأمنية للأزمة السياسية الحقوقية.
نائب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامي الشيخ حسين الديهي غرّد قائلًا إن أحكام الإعدام في البحرين جاءت على خلفية الحراك المطلبي ونتيجة تغييب مبدأ الشراكة السياسية والتي يهدف من خلالها النظام إلى ثني الشعب عن مواصلة مطالبه العادلة وكسر صموده، خاتمًا أن هذا الخيار لا يحقق استقرارا سياسيا، إنما يعزز القناعات الشعبية الراسخة بضرورة التغيير السياسي الجذري.
أما ممثل حركة حق المعارضة، عبد الغني خنجر، فغرّد: "تواصل البحرين إصدار أحكام الإعدام بحق المعارضين لها متجاهلةً جميع الدعوات الحقوقية حيث تعقد المحاكمات عبر اعترفات انتزعت تحت التعذيب وانتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة".
وغرد مسؤول الرصد والتوثيق في المنتدى، حسين نوح كاشفًا أن أحكام الإعدام انتقام سياسي واضح في الوقت الذي يتوجب على السلطة البحث عن حلول جدية للازمة السياسية.
وكانت أحكام الإعدام السياسية قد تصاعدت منذ سنوات في البحرين، حيث أعدم الشهيد المظلوم عيسى قمبر في مارس/آذار ٢٠١٧، وفجع البحرينيون صبيحة الخامس عشر من ك٢/يناير ٢٠١٧ بإعدام معتقلي الرأي سامي مشيمع، وعباس السميع وعلي السنكيس، الذين اتهموا ظلمًا وعدوانًا بقتل ضابط إماراتي وشرطيين آخرين خلال قمع تظاهرة احتجاجية، وذلك بعد رحلة طويلة من التعذيب الوحشي والمحاكمة أمام القضاء العسكري. بعد تنفيذ الحكم لم يخرج صوتٌ عاقلٌ في السلطة ليستنكر ما حدث، لا شيء غير التشفي والتهليل وسط جو مرعب من السادية والتعذيب النفسي. السلطة لم تكتفِ فصادرت حق الأهالي في مواراة وتشييع أبنائهم المكفول في الدستور، بل ودفنتهم قسرًا في مقبرة الماحوز البعيدة عن مسقط رؤوسهم خلافًا لرغبة العوائل وحقهم الشرعي والاخلاقي والقانوني، وحرمت غالبية الأقارب والأهل وعموم الناس من توديعهم، وحرمت إخوتهم المعتقلين من حق توديع إخوانهم رغم تقديم المحامين طلب الافراج المؤقت عنهم. كما عمدت قوات الأمن إلى ممارسة التفتيش المهين للعوائل والايذاء النفسي والتلفظ بألفاظ طائفية مملوءة بالتشفي والانتقام أثناء وجودهم في المقبرة، واعتقلت منير مشميع شقيق الشهيد سامي مشيمع بتهمة أنه ظهر في تصوير مرئي لحظة تلقيه الخبر الفاجع وهو يبكي، ويلطم صدره ورأسه داعيًا على الملك الذي قتل أخاه.
وفي ٢٧ يوليو ٢٠١٩، أُعدم ضحيتا التعذيب أحمد الملالي وعلي العرب. العرب كان قد أخفي جبريًا لمدة شهر، في مبنى المخابرات، حيث نزعت أظافره وتعرض للصدمات الكهربائية، وأفيد بأن ضابطًا من النيابة العامة أجبره وهو معصوب العينين على التوقيع على تهم الانضمام لتنظيم إرهابي وقتل ضابط. وقد نقل إلى سجن الحوض الجاف حيث تعرض للضرب المبرح مرارًا على قدميه في مكتب إدارة السجن، بسبب رفضه تقبيل حذاء الضابط، حيث شوهد في وقت لاحق من ذلك اليوم منقولًا على كرسي متحرك إلى عيادة السجن. أما الملالي فقد أصيب برصاصتين في يده اليمنى أثناء القبض عليه، ولم تتم إزالتها من جسده إلا بعد مرور 23 يومًا. وأُفيد بأنه عُذب وأُجبر على توقيع اعترافات ولم يحظَ بتمثيل قانوني إلا في وقت متأخر من إجراءات المحاكمة بما ينتهك معاهدة مناهضة التعذيب. ولم يتم اخبار ذويهما بموعد تنفيذ حكم الإعدام، فلم يقابلا أبناءهما في ذات اليوم بل تلقيا اتصالًا هاتفيًا يفيد بضرورة حضورهم إلى مركز الشرطة. وبعد عدة إجراءات، وجدوا أبنيهما على المغتسل في مخالفة صريحة للمادة 335 من قانون الإجراءات الجنائية الذي ينص على أن تدفن الدولة على نفقتها جثة المحكوم عليه بالإعدام، فقط ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك، بخلاف رغبة أهاليهم ومن دون وجودهم.
في المحصلة،
يذكر أن المحكوم بالإعدام وضحية التعذيب محمد رمضان اتهم زورًا بمقتل شرطي على الرغم من وجود أدلة تثبت أنه كان على رأس عمله وقت وقوع الحادث. رمضان استنفد جميع الطعون القانونية ومن الممكن تنفيذ حكم الإعدام بحقه متى ما وقعه "الملك". رمضان اعتُقِل انتقامًا من مشاركته في تظاهرة سلمية مؤيدة للديمقراطية حيث تعرض للتعذيب الوحشي بهدف إجباره على التوقيع على اعترافات كاذبة. بدوره، تعرض المحكوم بالإعدام ماهر الخباز للتعذيب لإجباره على الإدلاء باعترافات تدينه بمقتل مرتزق باكستاني إلا أن المحكمة رفضت الأخذ بأقوال.
من هنا،
إقرأ المزيد في: الخليج
19/01/2024