الخليج
مشروع حقل الجافورة.. فرصة حقيقية أم استعراض؟
حسين كوراني
مع بداية العام الجديد، لجأت السعودية الى طمأنة المستثمرين الأجانب والمحليين إلى أن اقتصادها في حالة تحسّن بعد أن تعرض في العام الماضي للعديد من النكسات تمثلت في غالبيتها بانخفاض أسهم أرامكو العملاق النفطي الأضخم في العالم.
وفي خطوة من شأنها أن تطرح العديد من التساؤلات ولا سيّما في ظلّ أزمات المملكة الاقتصادية الداخلية التي يسعى وليّ عهدها لإخفائها، أعلنت "أرامكو" حصولها على الموافقة على تطوير حقل غاز الجافورة في المنطقة الشرقية، ما استدعى إشادة من محمد بن سلمان الذي تحدّث عن أن تطوير الحقل سيحقق على مدى 22 عامًا دخلًا صافيًا للحكومة بنحو 8.6 مليار دولار سنويًا ويرفد الناتج المحلي الإجمالي بما يقدر بـ 20 مليار دولار سنويًا، على أن يؤدي إلى توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين في تلك القطاعات وغيرها، كما سيجعل المملكة أحد أهم منتجي الغاز في العالم ليضاف إلى مركزها كأهم منتج للبترول، وفق ما قال.
الخبير في الشأن السعودي علي مراد شرح في مقابلة مع موقع "العهد" أبعاد الخطوة المعلنة، فأكد أنها مبالغ فيها جدًا، خاصة أن اكتشاف الحقل حصل عام 2014، لافتًا أن سبب الإعلان في هذا الوقت تحديدًا يعود للظروف الصعبة التي تمر بها السعودية ما يحتم عليها طرح هكذا مشاريع، معتبرًا أنه لو كان الطرح صحيحًا بالفعل لتمّ الاستخراج منه سابقًا.
وأشار مراد الى أن الخبراء النفطيين يقولون إنه لا عملية للاستخراج ولا جدوى اقتصادية من الحقل إلّا بعد وفرة في الإنتاج مع آلية استخراج منخفضة التكاليف لكي يدر عائدات مالية وافرة ترفد الخزينة السعودية، ومع أن المشروع يتطلب أموالاً طائلة لحفر وإستخراج الغاز منه تصل الى أكثر من 200 مليار دولار كما ذكرت أرامكو، فإنه من الصعب أن يكون المشروع واقعيًا، لذا هو لا يمتلك جدوى اقتصادية وخاصة أن الحقل هو ثاني أكبر حقل نفط صخري أحفوري في العالم ويتطلب عملية معقدة ومكلفة جدًا كما يجري في الولايات الأميركية، وأرامكو هي المستثمر الأول في العالم في هكذا حقول وتعلم جيدًا مشقاتها، إذ إنها ومنذ 2017 تستثمر في الولايات المتحدة في النفط الأحفوري لإرضاء رئيسها دونالد ترامب.
وعليه، رأى مراد في حديثه لـ "العهد" أن الغاية من طرح أرامكو لمشروع الحقل تكمن تحديدًا في جلب الاستثمارات والاكتتاب فيه بعد أن أثبتت نظريات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورؤاه الاقتصادية فشلها وأوقعت المملكة في عجز مالي كبير، وخاصة بعدما وقعت أرامكو في عجز مالي بعد نزول اسمهما منذ عملية الاكتتاب التي حصلت كانون الأول الماضي، إذ إن سعر السهم الذي وعد فيه المسثمر من قبل الشركة هبط جدًا.
مراد نبّه الى أن بعض أسباب حصار قطر من قبل السعودية والإمارات هو الخلاف على الاستثمار في ملف الغاز كون قطر هي ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي بالعالم، وثالث أكبر احتياطي أيضًا، وغازها مطلوب جدًا في الأسواق لجودته العالية. وهي تشترك مع إيران بحقل الشمال حسب تسمية قطر وبارس جنوبي حسب الجمهورية الاسلامية، وقيمة إنتاج الحقل ثلثان لقطر وثلث لإيران، وهو ثاني اكبر حقل غاز مسال طبيعي في العالم (900 تريليون قدم مكعب)، موضحًا أنه بعد الفشل في استثمار هذا الحقل لجأت السعودية للترويج لحقل الجافورة والترويج أنها اكتشفت مناجم ذهب لجلب الاستثمارات، وخاصة بعد ضربات "أرامكو" من قبل اليمنيين في آب الماضي لحقل الشيبة وفي ايلول لحقل بقيق وخريص وأخيرًا لحقل ينبع، ما ادى الى طرد الاستثمارات.
وبحسب مراد، تلجأ "أرامكو" في كثير من الأحيان الى قانون المحجوزات الذي يتيح لها وضع اليد على أراضٍ يمكلها مواطنون ويُشتبه بوجود غاز ونفط فيها، وغالبًا ما تصادرها الدولة، ويتوقع أن تكون "أرامكو" قد لجأت الى هذا التدبير لمصادرة أراضٍ في منطقة الإحساء حيث يقع حقل الجافورة.
إقرأ المزيد في: الخليج
19/01/2024