إنا على العهد

عين على العدو

سكان الشمال يعودون إلى منازلهم: بعد أشهر طويلة من الإخلاء
03/03/2025

سكان الشمال يعودون إلى منازلهم: بعد أشهر طويلة من الإخلاء

قالت صحيفة "معاريف" الصهيونية إنّه "بدأ سكان المستوطنات في شمال "إسرائيل" بالعودة إلى بيوتهم. وفقًا لقرار الحكومة، اعتبارًا من الأول من آذار/مارس، "لا يوجد مانع أمني يمنع عودة السكان إلى بلداتهم"، مما يتيح لآلاف العائلات، التي تم إجلاؤها منذ بداية الحرب، العودة إلى منازلهم – بشرط ألا تكون قد تعرضت لأضرار".

وأضافت:" لكن إلى جانب الفرح بالعودة، يشعر كثيرون بأن الدولة تخلت عنهم، وأن الضغوط الاقتصادية تجبرهم على العودة قبل أن يصبح الوضع آمنًا تمامًا، في حين أن الوعود بإعادة الإعمار لا تزال بعيدة عن الواقع".

"اعتدت على "تل أبيب"، لكن بيتي هو "كريات شمونة""

وأردفت الصحيفة: "إسحاق غبيان، البالغ من العمر 76 عامًا وأحد قدامى سكان "كريات شمونة"، يستعد الآن للعودة إلى منزله بعد فترة طويلة من الإخلاء. يقول: "حتّى نهاية الأسبوع، من المفترض أن أغادر الفندق وأستعد للعودة إلى "كريات شمونة". خلال الأشهر الماضية، كنت أتنقل بين الفنادق، وبالمجمل أنا بعيد عن بيتي منذ عام ونصف. عشت لفترة طويلة في "تل أبيب"، اعتدت على إيقاعها وما تقدمه، ويمكنني القول إنني أصبحت "تل أبيبيًا" بكلّ معنى الكلمة. لكن بيتي الحقيقي كان وسيبقى "كريات شمونة"".

وقالت: "يشعر غبيان بالإثارة للعودة، لكنّه يدرك أن الواقع ليس بهذه البساطة. "أعتقد أنني سأتأقلم بسرعة، لكن الأيام الأولى ستكون مليئة بالتحديات. اشتقت إلى منزلي كثيرًا، لكن المستقبل لا يزال غامضًا. الجميع يدرك أن الوضع لم يُحسم بعد – إنها مجرد مسألة وقت قبل أن تعود الحرب. نحن نعلم أن الطرف الآخر لن يُلقي سلاحه"".

وتابعت: "وأشار غبيان إلى أن الانتقال بالنسبة له أسهل على الأقل، لأنه ليس لديه أطفال في المؤسسات التعليمية. "يبدو لي من الطبيعي أن أعود، لكنني أفهم من يشعر بالقلق. العيش في "تل أبيب" جعلني أدرك كيف تم تهميش المناطق الواقعة على الأطراف طوال هذه السنوات – إنها دولة مختلفة تمامًا. بعض المُخلىّين يعودون بسعادة، بينما يعود آخرون بقلق شديد. كلّ عائلة تتعامل مع الأمر بطريقتها الخاصة، وحتّى داخل العائلة نفسها هناك خلافات حول القرار"".

وأضافت: "يوسي بلر، أحد سكان "كريات شمونة"، يعيش مع زوجته وأطفاله الأربعة في فندق في "إيلات" منذ إجلائه من منزله في الشمال. والآن، مع قرار الحكومة، يجد نفسه مضطرًا للاختيار بين العودة إلى مكان غير آمن أو التخلي عن منحة العودة، يقول: "الحكومة تقرر بالنيابة عنا أننا يجب أن نعود في الأول من آذار/مارس. لا يمكنني التخلي عن منحة العودة البالغة 60 ألف شيكل، لكن في الوقت نفسه، لا أستطيع تعريض أطفالي للخطر"".

وأردفت الصحيفة: "ووفق كلامه: "الوضع في الشمال بعيد عن أن يكون آمنًا. حتّى أولئك الذين عادوا يقولون إن المدينة غير مهيأة، تبدو كمدينة أشباح. أطفالي أخيرًا مستقرون في مدارسهم هنا، ولا أريد زعزعة استقرارهم مرة أخرى. نحن في دوامة عدم الاستقرار منذ ما يقرب من عامين، وأي محاولة للحفاظ على الروتين بالنسبة لهم أمر بالغ الأهمية، خاصة أن بعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة ويحتاجون إلى تعليم خاص"".

وتابعت: "بلر يعبّر عن غضبه من الضغوط الاقتصادية التي تمارسها الدولة لإجبار السكان على العودة إلى منطقة لا تزال غير آمنة: "حزب الله لم يختفِ، ولا يوجد منطقة عازلة ولن تكون هناك منطقة عازلة. فماذا بعد؟ هل سننتظر حتّى يتم إطلاق النار علينا؟ حتّى يسقط صاروخ على أطفالنا؟ ثمّ ستقول الحكومة "لقد أخطأنا"؟ القبة الحديدية لم تتمكّن حتّى من اعتراض كلّ الصواريخ التي أُطلقت على "كريات شمونة""، ويضيف: "لا يمكن إعادة الأطفال بهذه الطريقة، من دون أي تفكير. لماذا يجبروننا على العودة الآن، قبل عيد الفصح والأعياد؟ بدلًا من الاهتمام بنا، يحاولون شراءنا بالمال، كما لو كنا كيسًا من البطاطا. هذا لن ينجح. حتّى الآن، لا يوجد عدد كافٍ من المعالجين النفسيين في "كريات شمونة"، فلماذا يعيدون العائلات إليها بالقوّة؟".

ولفتت الصحيفة إلى أنّ "أوريت ليفي ميلمان، من سكان كيبوتس "روش هانيكرا" (رأس الناقورة)، عاشت طوال حياتها في ظل التهديد الأمني. نشأت في "كريات بياليك"، وانتقلت إلى الكيبوتس قبل 21 عامًا بدافع حبها للمنطقة وروحها الصهيونية، لكنّها الآن تعيش في خوف دائم. "لطالما كنت خائفة من عمليات الاختطاف. هذا خوف يرافقني منذ أن كنت شاهدة على حادثة خطف في "نهاريا" قبل عقود. قبل الذكرى الخمسين لحرب يوم الغفران، في أكتوبر 2023، كان الخوف ملموسًا جدًا. شعرت أن الأعداء قد يرغبون في إيذائنا. حتّى أنني حذرت ابنتي في ذلك الوقت، عندما كانت في قاعدتها العسكرية".

وأردفت: "تضيف: "قبل الحرب، كنت أتجنب المشي في منطقة روش هانيكرا خشية أن يختبئ هناك مسلحون. وعندما اندلعت الحرب، علمنا على الفور أنه يجب أن نخلي المنطقة. في البداية، انتقلنا إلى زخرون يعقوب، إلى منزل شقيقي، مشيرةً إلى أنّ العودة إلى "روش هانيكرا" ليست خيارًا واقعيًا بالنسبة لها حتّى الآن. "من جهة، أنا ملتزمة بعملي في القدس، وهذا يعقد العودة. من جهة أخرى، أخاف العودة. في القدس، نعيش في شقة صغيرة، وهذا تغيير كبير عن المنازل الواسعة والهادئة في الكيبوتس. هناك، البحر على بُعد 15 دقيقة سيرًا، وهنا يحتاج الأمر إلى ساعة ونصف بالسيارة. لكن الأهم من كلّ ذلك – هناك لا يوجد سلام حقيقي حتّى الآن".

وتتابع: "نحن ننتظر لنرى ما سيحدث، وعندها فقط سنتّخذ قرارنا. في الوقت الحالي، سنبقى بين خيارين، بين التزاماتي وبين المخاوف التي لا تزال قائمة".

ووفقًا لقرار الحكومة، تبلغ قيمة منحة العودة 60 ألف شيكل لكل عائلة، وهي مشروطة بالعودة إلى المنزل الدائم في الشمال. أما من يختار البقاء في مكان الإجلاء، فسيخسر المنحة.

وفي جلسة تحديث عُقد في بلدية "كريات شمونة"، عُرضت خطط حكومية لتعزيز المنطقة، بما في ذلك تحسين الخدمات التعليمية والصحية. وقالت عِيناف بيرتس، منسقة شؤون الشمال: "نعود إلى المنزل، إلى المكان الذي لم يتركه القلب أبدًا. هذه الأزمة أبرزت صلابة سكان الشمال، ونحن ملتزمون ليس فقط بإعادة بناء المنازل، ولكن أيضًا بإعادة بناء المجتمع".

لكن بلر، مثل العديد من سكان الشمال، يشعر بأن الدولة قد تخلت عنهم مرة أخرى. "في 7 أكتوبر، فشلت الحكومة، وهي تفشل مرة أخرى الآن. كيف لم يتعلموا شيئًا؟ لماذا يسارعون إلى إعادتنا؟ لماذا لا يتم التخطيط بشكل صحيح؟".

ويختتم قائلًا بغضب: "عندما يتوسلون لأصواتنا في الانتخابات – لن ننسى ولن نسامح. عليهم أن ينظروا في عيون أطفالنا – فهم ليسوا دمى، وليسوا مجرد أرقام في حساب مصرفي. لقد مروا بصدمات نفسية، ولا أحد يفكر في كيفية مساعدتهم حقًا".

بينما تقدم الحكومة قرارها على أنه عودة إلى الحياة الطبيعية، فإن العديد من السكان غير مقتنعين بذلك. بعضهم يعود لأنه لا يملك خيارًا آخر، وآخرون يُجبرون على الاختيار بين الاستقرار المالي والأمان الشخصي، والكثيرون ما زالوا يعيشون في حالة من عدم اليقين. الأشهر القادمة ستحدد ما إذا كانت وعود الحكومة بإعادة إعمار الشمال ستتحقق، أم أن السكان سيجدون أنفسهم في واقع غير آمن – من دون شبكة أمان حقيقية.

الكيان الصهيوني

إقرأ المزيد في: عين على العدو