عين على العدو
يتسحاق بريك: العودة إلى القتال في غزة فشلٌ وخطوة غبية ونتنياهو أمام طريق مسدود
قال اللواء احتياط في جيش الاحتلال والمفوّض السابق لشكاوى جنود العدو يتسحاق بريك إنَّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو متردد بين وعده لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأن الحرب ستستمر بعد 42 يومًا مع إطلاق سراح 33 أسيرًا أوليًا، وبين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يقضي بأن الحرب تنتهي بتوقيع الاتفاق، ويتم إطلاق سراح جميع الأسرى البالغ عددهم 94، سواء أحياء أو أمواتًا.
وفي مقالةٍ نُشرت في صحيفة "معاريف"، أشار بريك إلى أنَّ وعد نتنياهو الغريب لسموتريتش يدل على أن بقاءه في منصب رئيس الوزراء أكثر أهمية بالنسبة له من إطلاق سراح الأسرى ومن "أمن" الكيان.
وأضاف: "لولا تدخّل ترامب الذي فرض نفسه على نتنياهو، لما تم توقيع الاتفاق مع حماس، ولتواصلت الحرب العبثية في قطاع غزة. هذه الحرب كانت ستؤدي إلى المزيد من القتلى وكان من الممكن أن تودي بحياة جميع الأسرى. بل أكثر من ذلك، كانت الحرب ستؤدي إلى كارثة كبيرة وإلى تدهور خطير جدًا، ومسار لا يوجد منه مخرج. وضعنا المتدهور يزداد سوءًا في الاقتصاد، والعلاقات الدولية، وتآكل الجيش حتى أصبح غير قادر على القتال، والانفجار الاجتماعي الذي يهدد المجتمع الذي أصبح على شفا حرب أهلية".
ورأى أنَّه لو كان ترامب قد تدخل قبل ثمانية أشهر، ولولا تمسّك نتنياهو بالسلطة التي تهمه أكثر من أي شيء آخر، لكان تم إنقاذ أكثر من 130 جنديًا وعشرات الأسرى، ولتوقف التدهور في الحرب.
وتابع بريك: "الجيش "الإسرائيلي" الذي تمّ تقليصه وتآكل على مدى العشرين عامًا الماضية، يقاتل منذ عام وأربعة أشهر في قطاع غزة. ولم ينجح في إسقاط حماس، بل حماس تواصل السيطرة بقوة على مدينة الأنفاق تحت الأرض. حماس أعادت تجنيد مقاتليها بدل الذين "قُتلوا"، وعددهم مع مقاتلي الجهاد يصل إلى نحو 25 ألفًا، وهو العدد نفسه قبل الحرب".
ولفت إلى أنَّه لو استمرت الحرب، لما كان بإمكان الجيش "الاسرائيلي" "هزيمة" حماس لأنه ليس قادرًا على البقاء في الأماكن التي احتلها، وليس لديه القدرة على تدمير مئات الكيلومترات من أنفاق حماس بسبب نقص القوة البشرية المتمرسة والوسائل المناسبة لتفجير الأنفاق، لذلك، انتقل الجيش إلى طريقة القتال عبر الهجمات المحدودة، حيث يقاتل في الأماكن التي احتلها من جديد، ولكن بعد احتلالها يتركها ويعود إليها مرة أخرى لأنه لا توجد قوات احتياطية لتحل محل الجنود الذين يقاتلون، وكل شيء يقع على عاتق المقاتلين النظاميين والإحتياط الذين يعانون من الإرهاق الجسدي والنفسي بعد مئات أيام القتال. ومنذ بداية التوغل البري، خسر الجيش أكثر من 400 جندي، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، وخسر الحرب ضد حماس.
وأردف: "تخيلوا ما سيحدث إذا قرر نتنياهو العودة إلى الحرب في قطاع غزة بعد أسابيع، كما تعهّد لسموتريتش. الواقع الذي سيواجهه الجيش هو نفس الواقع الذي كان قبل عام وأربعة أشهر، قبل بداية المناورة في قطاع غزة. في شمال القطاع سيكون هناك مليون مواطن من سكان غزة عادوا إلى الشمال مع توقيع الاتفاق، وفي الجنوب سيكون هناك أكثر من مليون آخرين. هل يستطيع الجيش "الإسرائيلي" العودة للقتال داخل السكان المدنيين في كل أنحاء قطاع غزة بينما حماس موجودة في مواقعها كما كانت قبل الحرب؟ هل يمكن للجيش أن يعيد احتلال القطاع بالكامل ويبقى في الأماكن التي احتلها (بدلاً من الخروج منها كما حدث في التوغلات السابقة) كما يطالب سموتريتش؟".
وقال بريك: "إنها أضغاث أحلام. الجيش "الإسرائيلي" الذي فشل في هزيمة حماس في حرب استمرت عامًا وأربعة أشهر لا يستطيع اليوم العودة إلى قتال كامل في قطاع غزة، أو حتى جزئيًا، لأنه ُنهك ومُستنزف تمامًا. ليس لديه جنود يمكن الاعتماد عليهم في المهمّة، فالجنود أنفسهم في الخدمة النظامية والاحتياط قد قاتلوا لأشهر طويلة طوال الحرب، ولا يوجد من يحل محلهم. من اليوم، المقاتلون يتثاقلون، والكثير منهم غير مستعدين للتجنيد".
وأوضح أنَّه "بعد أكثر من عام لم يكونوا فيه في بيوتهم، وقد خسر بعضهم وظائفهم وعائلاتهم، الكثير منهم مرهقون جسديًا ونفسيًا، وليس هناك من يمكن أن يحل مكانهم في الحرب ضد حماس".
بريك أشار الى أنَّ "خطوة العودة إلى القتال هي فشل مسبق، ستكون نتيجتها المزيد من القتلى والمئات من الجرحى من قواتنا، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من سكان غزة سيُصابون ويقتلون. خطوة غبيّة كهذه قد تؤدي إلى عُزلة كاملة من دول العالم، التي بدأت بالفعل ترى فينا قتلة إبادة جماعية. علاوة على ذلك، قد نخسر علاقتنا الوثيقة مع الولايات المتحدة إذا قرر نتنياهو التصرف خلافًا لموقف ترامب. بكلمات أخرى، اختيار مثل هذه الخطوة هو الدخول في وضع لا عودة عنه".
وختم بريك: ""إسرائيل" ستضطر في المستقبل إلى مواجهة "الإرهاب" (المقاومة) وحروب العصابات على حدودها، مع "الإرهاب" (المقاومة) في الضفة الغربية المحتلة، و"الإرهاب" (المقاومة) من الداخل، ومع الجيوش العربية حولنا. بعض الدول جاهزة تمامًا للحرب ضدنا، مثل الجيش المصري؛ وبعضها قد يواجهنا في المستقبل القريب على حدود سورية، التي قد تتحول إلى دولة طالبان بدعم من تركيا؛ والأردن قد تسقط بيد الإيرانيين؛ وقوة الرضوان في لبنان ستتعافى بعد استخلاص العبر من الحرب الأخيرة؛ وبالطبع حماس والجهاد الإسلامي في غزة الذين هدفهم هو القضاء علينا".
الكيان الصهيونيبنيامين نتنياهودونالد ترامبجيش العدو الاسرائيلي