عين على العدو
نتنياهو يسير بـ"إسرائيل" نحو الخراب على الأمد الطويل
كتب Stephen Walt مقالة، نُشرت بمجلة Foreign Policy قال فيها، إن النجاحات التكتيكية لا تضمن النجاح الإستراتيجي، إلا أنه يمكن القول، إن تحقيق العديد من الإنجازات التكتيكية قد يؤدي إلى تغيير البيئة الإستراتيجية على نحو حقيقي ودائم. وقال إن هذا ما يسعى إليه رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، إلا أن هناك أسبابًا وجيهة تدعو إلى الشك بإمكانية أن ينجح في ذلك.
كما أضاف الكاتب، أن الضرر الذي ألحقته "إسرائيل" بمحور المقاومة لن يوقف هذا المحور عن العمل أو يجعله يرفع الراية البيضاء. كذلك أردف أن كلًّا من حزب الله وحماس وأنصار الله وإيران سبق وأن تلقت ضربات قوية دون أن تؤدي إلى زوالها، متحدثًا عن رغبة متزايدة لدى هذه الأطراف الآن بالانتقام عقب الأحداث التي حصلت هذا العام. وتابع أن إسقاط أطنان من المتفجرات على الناس يجعلهم يرغبون بالانتقام أو أقله امتلاك القدرة على جعل الطرف الآخر يتوقف عن ممارساته.
كما أشار الكاتب إلى أن حزب الله يستمر بإطلاق الصواريخ على "إسرائيل"، ما يجعل عودة نحو 60,000 "إسرائيلي" فروا من منازلهم مستحيلًا. وأردف أن حزب الله سيعيد تشكيل صفوفه مع مرور الوقت، حيث سيجري تعيين شخصيات بديلة عن القادة الذين جرى اغتيالهم. كذلك أضاف بأنه سيتم إعادة بناء وتسليح الكوادر، وتطوير تكتيكات جديدة بناء على ما تعلمه هؤلاء من دروس.
أما بالنسبة للفلسطينيين فقال الكاتب إنه لا خيار حقيقيًّا أمامهم سوى مواصلة المساعي لمقاومة ما تفعله "إسرائيل" بحقهم.
وتابع الكاتب، أن أفعال "إسرائيل" مؤخرًا زادت من عزلتها الجيوسياسية وقد تعرض في النهاية علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة للخطر. كما أردف بأن التعاطف الذي حظيت به "إسرائيل" بعد عملية طوفان الأقصى تبخر بينما شهد العالم المذابح التي ارتكبت بحق السكان المدنيين في غزّة ولبنان. ولفت إلى أن اعتراف السعودية وغيرها من الدول العربية ب"إسرائيل" بات مجمدًا، وبأن العديد من الأطراف في المعسكر الجنوبي العالمي (Global South) انقلبت ضدّ "إسرائيل". كذلك تحدث عن انزعاج متزايد لدى الحكومات الأوروبية، وقال إنه وبينما كانت مقاطعة خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إشارة رمزية، إلا أنها عكست كيف أصبحت نظرة العديد حيال نتنياهو و"إسرائيل".
هذا، وقال الكاتب، إن نتنياهو ومؤيديه قد يشعرون بالأريحية بسبب الدعم المطلق من إدارة بايدن والتصفيق الحار الذي حظي به نتنياهو خلال خطابه أمام الكونغرس. كما أشار في نفس السياق إلى الدعم الذي تحصل عليه "إسرائيل" من الجيش الأميركي ونجاح اللوبي "الإسرائيلي" بقمع الانتقادات في الجامعات وغيرها من الأماكن. غير أنه نبه من أن كلّ ذلك هو نجاحات تكتيكية قصيرة الأمد، ومن رد فعل عنيف خطير، محذرًا من أن الناس في الغالب لا يحبون التعرض إلى التنمر. كذلك تابع بأن فرض قيود على حرية التعبير ومحاولات إسكات الأصوات التي تنتقد بشكل مشروع أفعال "إسرائيل" سينتج الكثير من الغضب، خاصة إذا ما حصل ذلك بشكل مفضوح من أجل حماية "بلد" منخرط في حملة إبادة جماعية وتطهير عرقي.
كما نبه من أن الأميركيين قد يطرحون تساؤلات حقيقية عن "العلاقة الخاصة" بين "إسرائيل" والولايات المتحدة إذا ما أدت أفعال "إسرائيل" إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا وانجرَّت الولايات المتحدة إليها. وحذر من أنه في ما لو بدأت الولايات المتحدة تخسر الجنود أو القوات من البحرية في حرب جديدة في الشرق الأوسط، فسيعتبر ذلك بأنه وضع الأميركيين في خطر من أجل "دولة وكيلة" غير ممتنة تأخذ المال والسلاح من الولايات المتحدة ومن ثمّ تفعل ما تشاء. كذلك نبه من أنه وفي ما لو تسبب سوء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن للوضع بخسارة كامالا هاريس الانتخابات الرئاسية، فسيبدأ الديمقراطيون والجمهوريون بطرح التساؤات عما إذا كان الدعم التلقائي لـ"إسرائيل" لا يزال الموقف السياسي "الذكي". وأردف بأنه وفي ما لو حصل ذلك، فإن احتمالات رد الفعل العنيف ضدّ مؤيدي "إسرائيل" في الداخل سترتفع.
وأخيرًا تحدث الكاتب عن التأثير على "إسرائيل" نفسها، حيث قال إن "الإسرائيليين" المعتدلين والعلمانيين الذين يلعبون دورًا مركزيًا في قطاعات التكنولوجيا المتطورة والذين يشكلون العمود الفقري للاقتصاد خلال الأعوام الأخير، قال إنهم سيواصلون المغادرة من أجل عدم العيش في نموذج "إسرائيل" الذي يريد أمثال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إيجاده. كما أشار إلى أن أكثر من 500,000 "إسرائيلي" (أي نحو 5% من السكان) هم أصلًا يعيشون في الخارج، وإلى أن الاستطلاعات تفيد بأن 80% منهم لا ينوون العودة. كذلك تحدث عن ارتفاع عديد المهاجرين بنسب كبيرة خلال العام المنصرم، ولفت إلى ما نشرته واشنطن بوست عن أن الاقتصاد "الإسرائيلي" في خطر حقيقي، الأمر الذي سيعزز هذا الوضع.
وأردف بأن الجامعات "الإسرائيلية" التي تعتبر من جواهر التاج تتحدث عن تراجع كبير في عدد الطلاب الأجانب، منبهًا من أن ذلك هو مؤشر إضافي على تآكل سمعة "إسرائيل" ونكسة على صعيد التقدم العلمي، حيث خلص إلى أن إنجازات نتنياهو على الأمد القصير عززت الاتّجاهات التي تعرض مستقبل "البلاد" للخطر على الأمد الطويل.
وفي الختام، قال الكاتب، إن التحدّي لأي زعيم ناجح هو الاستفادة من التفوق المؤقت من أجل تأمين مكتسبات على الأمد الطويل، لكنّه نبه من أن ذلك يتطلب أن يعرف متى يجب الانتهاء والانتقال من خوض النزاع إلى حله، مضيفًا بأنه لا توجد أية مؤشرات تفيد بأن نتنياهو يملك هذه المهارات أو لديه أي رغبة باكتسابها.
الكيان الصهيونيبنيامين نتنياهو