لبنان
فضيحة مبنى "تاتش": لجنة الاتصالات تُسائل شقير عن التبذير والهدر
لطيفة الحسيني
لم تخرج جلسة لجنة الاتصالات النيابة اليوم بخُلاصة "تشفي غليل" أعضائها ومن حضرها على صعيد فضيحة مبنى "تاتش". على الرغم من أن تفاصيل استئجار إحدى شركتي الهاتف الخلوي المملوكتين من الدولة مبنى في وسط بيروت باتت مكشوفة بالأسماء والأرقام والمستندات، إلّا أن محاسبة من أهدر أكثر من 75 مليون دولار في زمن "التقشّف الحكومي" لا يبدو أنها ستصل الى نتيجة في القريب العاجل، خاصة أن الجلسات ستبقى مفتوحة.
على مدى ساعتين تقريبًا، استمعت اللجنة الى وزير الاتصالات محمد شقير والمشاركين في الجلسة، لكنّ التنصّل من المسؤولية كان الأبرز. من خلال المداولات، يتبيّن أن الإجماع يصبّ في خانة واحدة: أصل الخطأ يقع في شكل الإيجار.. من هنا تبدأ المشكلة. من خلال كلام شقير والمعنيين بالقضية (ممثلي شركة "تاتش" وهيئة مالكي شركتي الهاتف الخلوي وديوان المحاسبة)، يتبيّن أن العقد الموقّع منذ عام 2018 لاستئجار مبنى شركة "سيتي ديفلوبمنت" التي يملكها نبيل كرم بنسبة 48% لم يخضع للآلية القانونية التي يجب اتباعها في جميع العقود المُشابهة، إذ إن الشركة لم تقم بأية دراسات فنية تؤكد حاجتها الملحّة الى الانتقال الى مكانٍ آخر، ولم تُطلق أية مناقصات تُقارن بين المواصفات والأسعار، ولم يُعرض أيّ دفتر شروط لهذه الغاية، ورغم ذلك، حصل الإيجار، وجرى دفع مبلغ أكثر من 22 مليون دولار (من خزينة الدولة) لقاء تجهيزات المبنى الجديد.
الحاج حسن
رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن لفت الى خطورة الخلل السياسي الكبير الذي حصل عبر العقد المُبرم، مؤكدًا أنه لم يجرِ الإعلان عن الحاجة للاستئجار، وتحدّث عن أربعة عروض قُدمت بطريقة مُلتبسة، إذ إنها جاءت دون إعلان مُسبق عن الحاجة، ومن ضمنها عرضان بلا سعر.
وبحسب الحاج حسن "سُئل الوزير المختصّ لماذا اختيار منطقة السوليدير"، مضيفًا أن "محامية "تاتش" قالت لدى محاولة الاستفسار منها حول العقد إن الشركة لم توافق عليه بل الوزارة أجبرتها على التوقيع، فيما لم يمرّ على هيئة المالكين وفق أقوال ممثليها في الاجتماع"، مشيرًا الى أن شقير أعلم وزير المال ورئيس الحكومة بالصفقة.
أمام هذه الفوضى في إبرام عقود غير ضرورية، بل تكبّد الخزينة ملايين بغنى عنها، يقول الحاج حسن إن "قرارًا بهذا الحجم كان يجب أن يخضع لرأي الحكومة، وهو ما يستوجب اليوم اتخاذ قرار سياسي حيال هذه القضية، لافتًا الى أن النائب اللواء جميل السيد الذي كان حاضرًا في الجلسة اقترح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في هذه القضية، "وهذا خيار مطروح بالنسبة لنا ولكن بعد مراجعة كتلة الوفاء للمقاومة واستشارة رئيس المجلس نبيه بري"."
الحاج حسن لفت الى "أننا تكلّمنا في الجلسات السابقة عن كلّ نفقات شركتي "تاتش" و"ألفا" وأحد أهمّ البنود التي تحدّثنا عنها هو تخفيض المصاريف وأنا أعدكم في جلسة 2 أيلول المقبل بأنني سأفصّل ما يجري في الشركتين"، مُردفًا أن "خيار الشراء كان يخضع للنقاش تمامًا كخيار الإيجار وكان الموقف من الأخير محسومًا لجهة وجود مخالفات كبيرة".
السيد
بدوره، أعلن السيد أنه اقترح خلال الجلسة "تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق بملف مبنى "تاتش" شراءً واستئجارًا، ومن ثمّ تشكيل لجنة برلمانية موسّعة للتحقيق في كل مصاريف الخليوي في مختلف المجالات والاستعانة بمرجعية تحقيق محاسبة دولية من المؤسسات الرقابية المالية لأننا سنكتشف الكثير من الهدر في هذا القطاع".
وفي مؤتمر صحافي عقده إثر خروجه من اجتماع اللجنة التي تحدّث فيها لقرابة النصف ساعة، أشار السيد الى "حصول عملية تزوير من أجل إخفاء هوية المُؤجِّر نبيل كرم في المرحلة الأولى من العقد (مرحلة استئجار المبنى) ومن ثمّ في مرحلة البيع، مؤكدًا أن بحوزته وثائق تفضح كيف حصل التزوير، جازمًا بأن العقد يُخالف كلّ آليات الصفقات من حيث إعلان الحاجة ثمّ استجرار العروض.
وقال السيد "وصلتني مستندات تبيّن أنه عندما بدأوا المفاوضات لاستئجار المبنى في العام 2018 تأسست شركة اسمها AC REALTY GROUP باسم حسين عياش وآخرين، وهم على ارتباط بهشام عيتاني وغيره، من أقطاب العمل مع الخليوي، وهؤلاء هم من أخذوا الإيجار من "تاتش" وفاوضوا نبيل كرم واشتروه منه على أساس أن يبقى هو في الواجهة، إذاً فالإيجار لم يكن لنبيل كرم، هم اخترعوا الشركة في الـ 2018 لشراء المبنى على أساس أنها عقد إيجار، وبالتالي بعد 10 سنوات يصبح المبنى ملكهم"، كاشفًا عن أرقام جديدة وعن الخدمات المضافة وكلفة النقل الخيالية إلى المبنى الجديد"، مصرّحًا "السعر النظري هو 75 مليون دولار ولكن أضف إليها 22 مليون دولار كلفة تجهيزات وفرش وكمبيوترات وتمديدات أُخذت بالتراضي دون مناقصات أيضاً، و 3 ملايين لنقل الداتا سنتر"، وأردف "بحوزتي وثائق تظهر كيف كان عقد الإيجار إلى أن جرت لفلفة الموضوع ليصبح عقد بيع".
إزاء ما تقدّم يقول أحد المشاركين في اجتماع اليوم، إن الملفّ مليءٌ بالمخالفات والمتورطون كثر، ومن لديه "نقطة" دم لا يستطيع أن يبقى صامتًا دون أن يُحرّك ساكنًا.
خليل يردّ على شقير
بعد انتهاء الجلسة، ردّ وزير المال علي حسن خليل على شقير وما قاله خلال الاجتماع، متحدّيًا الأخير إبراز أيّ مستند أو كتاب يُبثت إبلاغه وموافقته على صفقة شراء مبنى "تاتش"، وأضاف "على معاليه أن يتعلم أصول العمل الحكومي وآلياته والذي لا يعفيه جهله أو تجاهله من المسؤولية القانونية عن إدارة المال العام والذي لن أسمح بأي تغطية على تجاوز الأصول في إنفاقه أو حمايته. ومرة أخرى أقول إنني أول من راسل الوزارة حول المخالفات والتجاوزات في تصرف شركتي الخلوي بمال الدولة وما زلتُ مصرًّا على هذا ممّا توزعه من مساعدات، إلى الاستئجار، إلى الشراء".