لبنان
الشيخ الخطيب: كفى تزويرًا للحقائق وتحميل المقاومة أسباب الانهيار
أكّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب أن "الادّعاء بأن المقاومة هي سبب الأزمة ادّعاء باطل واختباء بظلّ الإصبع وتضليل للرأي العام من قبل قوى سياسية تفصح عن نفسها بطروحات عنصرية تقسيمية تتماهى مع المشروع الصهيوني والغربي في تقسيم المنطقة إلى دويلات مذهبية ترى في وجود المقاومة عاملًا أساسيًا في الحؤول دون تحقق مشروعها، ولذلك تُمعِن في معاداة المقاومة واتهامها بشتى الاتهامات وتُعلن عليها حربًا إعلامية شعواء وكاذبة لإظهار العداء الطائفي والمذهبي".
وخلال خطبة الجمعة 30 آب/أغسطس 2024، قال الشيخ الخطيب: "لقد افتعل هؤلاء الأزمة والحرب الداخلية قبل وجود المقاومة، والمقاومة جاءت كردّ فعل على الاحتلال الذي كان بتواطؤ من هذه الفئة، ولأنّ المقاومة أفشلت مشروعهم بطرد العدوّ الصهيوني وتحرير الجزء الأكبر من لبنان وتصدّت للتكفيريين منعًا من دخولهم، كان عداؤهم لها ثمّ انتظروا العدوان الصهيوني على لبنان وهم "يفركون" بأيديهم أملًا بهزيمة المقاومة، فباؤوا بفشل الأمل ثمّ ها هم يخوضون حرب "إسرائيل" الإعلامية والإثارات المذهبية أملًا بالقضاء على المقاومة في غزّة والضفّة والجنوب"، مؤكدًا أن "خيبتهم ستكون أكبر".
وأضاف: "أقول للنافخين في نار الفتنة وتحميل المقاومة وأهلها وهم أكثرية الشعب اللبناني، كفى تزويرًا للحقائق وتحميل المقاومة وهذا الشعب أسباب الانهيار المالي والاقتصادي والفساد الإداري والتمنع عن دفع الضرائب والتهرب الجمركي وفواتير الكهرباء، فسوف يظهر الكاذب ويتبيّن عما قريب بإذن الله، ويكفي أيضًا تخريبًا لمؤسسات الدولة وإفراغها من العاملين في الوظائف دون الوظائف الأولى كما نصَّ عليه اتفاق الطائف".
وتابع الشيخ الخطيب: "كفى تحجّجًا وتهرُّبًا من طاولة الحوار للخروج من الأزمة الحالية المستعصية لانتخاب رئيس للجمهورية بفعل عناد المتهربين من الجلوس إلى طاولة الحوار الذي يؤكد المؤكد وهو انتظار النتائج التي ستسفر عن المعركة الجارية بين القوى المقاومة التي تُمثل الأمة وبين العدوّ الصهيوني، فهؤلاء ينتظرون ولكنهم لا ينتظرون بصمت حتّى بل لا يكتفون بمشاركة العدوّ بالتثبيط والتهويل وإنما الأخطر هو العودة إلى ما قبل بوسطة عين الرمانة ورفع نفس الشعارات والمشاريع والعناوين، وأضافوا إليها اختراع كذبة جديدة وهو الاحتلال الإيراني لتبرير مشروعهم (الصهيوني اللبناني)، واتهام القوى المسيحية الوطنية وكلّ من يخالفهم الرأي بأقذع الاتهامات، وهو ما يتطلب من كلّ القوى الوطنية والمرجعيات الدينية خصوصًا موقفًا حازمًا وواضحًا من هذه الدعوات".
ولفت إلى أن "هذا الموقف لم يكن موقفًا جديدًا وإنما مستترًا ولكنهم بدؤوا بإظهاره شيئًا فشيئًا ولكنه كان على الدوام خائبًا".
ودعا الشيخ الخطيب إلى إصلاح النظام العاجز عن بناء دولة حقيقية تقوم بواجبها في تحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية المناطق المحرومة في كلّ أرجاء الوطن، لأن التمايز في الاهتمام بين المناطق يضعف المناعة الوطنية ويضعف الاقتصاد الوطني.
وفي الذكرى السادسة والأربعين لتغييب سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه، قال الشيخ الخطيب "تطلّ علينا الذكرى المشؤومة لتغييبهم في عملية غادرة ودنيئة لم يسبق لها مثيل خلافًا لمقتضيات الضيافة الرسمية لمرجعية دينية وقيادة جماهيرية وفكرية وجهادية من قبل السلطة الليبية ".
وأضاف "ظنوا أن هذه القضية ستقبع في زاوية النسيان وستنتهي بمرور الأزمان والأيام، ولم يعلموا أنها ستتحول إلى قضية على قدر القضايا التي حمل الإمام همها من إحباط المخطط الشيطاني لتقسيم لبنان وإثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين وصولًا إلى تقسيم المنطقة العربية والإسلامية إلى دويلات طائفية ومذهبية تكون ضحيتها الأولى القضية الفلسطينية التي نبَّه منها ووقف في مواجهتها وشكَّل الحاجز القوي لإفشالها، والتي أدركنا على مدى الأحداث التي أعقبت عملية التغييب مدى عمق وبعد ونضج هذه الشخصية الفذة والأسباب الحقيقية لهذه المؤامرة، خصوصًا أنها أتت متزامنة مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدس سره)، وخطورة المهمة التي يمكن للإمام الصدر القيام بها في التنسيق بين الثورة الناشئة التي وضعت القضية الفلسطينية على رأس اهتماماتها وبين العالم العربي وما يمكن أن يُحدِثه من انقلاب في موازين القوى لصالح القضية الفلسطينية والعالمين العربي والإسلامي والحؤول دون سوء التفاهم الذي حدث".
وتابع الشيخ الخطيب "كان المشروع الغربي وربيبه الكيان الصهيوني هو المستفيد الأوحد على حساب العرب والمسلمين وقضيتهم الأولى التي هي القضية الفلسطينية، وكان من نتائجها الكارثية هذا التحول نحو التقارب مع العدو الحقيقي للأمة والسير بالمخطط الغربي لجعل كيان العدو الغاصب حليفًا والحليف الحقيقي الجمهورية الإسلامية عدوًّا وإثارة الفتنة المذهبية واستعداء الأمة بعضها بعضاً وخوضها حروبًا عبثية بينية"، وأوضح "لم يكن باستطاعة الأعداء أن يستمروا في حروب الإبادة العدوانية على الشعب الفلسطيني خصوصًا اليوم في غزة والضفة الغربية وربما غدًا في الداخل الفلسطيني لولا الوقوع في هذا الفخ الذي دفع بعض الأفرقاء إلى الاستجارة بوهم الخوف والعجز عن إيجاد صيغة للتفاهم والتفهّم لعمقهم الإستراتيجي الذي جاءهم على غير انتظار وهو الثورة الإسلامية الإيرانية لفقدهم العنصر القادر على القيام بهذا الدور الذي يمثله الإمام السيد موسى الصدر".
وختم "نقول للسلطة الليبية إن هذا الملف لن يُغلق ما دام الإمام السيد موسى الصدر وأخواه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ عباس بدر الدين لم يُطلق سراحهم، والمطلوب منها التجاوب والتعاون مع الجهة الرسمية اللبنانية القضائية المكلفة من الحكومة اللبنانية بمتابعة هذه القضية وعدم الاستمرار في التهرب من مسؤولياتها، فالحكم استمرار وإلا فهي ستكون شريكة في الجريمة وتتحمّل التبعات كافة".
ليبياالامام موسى الصدرالمقاومةالشيخ علي الخطيب