لبنان
الشيخ الخطيب يدعو إلى التوحّد والتضامن: الأعداء يتربّصون لإضعاف وطننا
أكّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، الجمعة 23 آب/أغسطس 2024، أنّ "مجتمعاتنا العربية والإسلامية لم تزل تتعرض بيئاتها الثقافية والاجتماعية في كل تاريخها إلى محاولات التضليل والتحريف والتفكيك الاجتماعي للقضاء على ما تبقى من بنيتها العقائدية والثقافية والاجتماعية التي صمدت على الرغم من كل المحاولات التي تعرّضت لها من داخلها من قبل الأنظمة المتعاقبة والسلطة الجائرة".
وخلال خطبة الجمعة في مقر المجلس، قال الشيخ الخطيب "ازداد الأمر خطورة في العصر الحالي، إذ تحوّلت بعض الأنظمة الحاكمة إلى خادم للمشاريع والمخططات الاستعمارية الغربية الهادفة إلى استكمال السيطرة على العالم العربي والإسلامي، عبر إتاحة الفرصة له إعلاميًا وماديًا وثقافيًا، وعبر تحويل هذه البلاد إلى قواعد عسكرية ومراكز استخبارية، تعبث بحريّة بوحدتها وثقافتها وأمنها عبر نشر ثقافة الفساد وترويج المخدرات وإثارة الفتن الإثنية والطائفية والمذهبية، ومما يؤسف له أن تستطيع عبر هذه الأساليب خلق انقسامات داخلية. ولعله من المؤسف أيضاً أن يَشرَع بعض من أوكلت إليه مقاليد الأمة، في تحقيق أغراض العدو الخارجي، ظنًّا منهم أنهم يحققون بذلك مصالح أنظمتهم الفئوية، بينما لا يتردد بعضهم الآخر عن القيام بدور العمالة للعدو لأغراض شتى".
وأضاف "كان يوجد على الدوام مخلصون لأوطانهم ومجتمعاتهم وثقافتهم من قاوم بإخلاصٍ وتفانٍ حتى الشهادة في مواجهة هذه المحاولات، وقد استطاع هؤلاء الأفذاذ إفشال هذه المخططات إلى حد بعيد".
وشدد الشيخ الخطيب على أنّ "التحدي الكبير الذي يواجهنا اليوم هو التحدي الغربي الذي فشل في تثبيت الكيان الصهيوني في فلسطين كدولة طبيعية في المنطقة، كتأكيد على بقاء سيطرته عليها بعد فشل مشروعه التجزيئي عبر الفتن المذهبية والطائفية التي تركت آثارها في الفترة الماضية، وهو بدأ اليوم يخوض معركة بقائه عبر العدو الإسرائيلي بشكل مفضوح وشفّاف أمام العالم كله رغم الإدانات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة بارتكاباته وجرائمه الوحشية، من قتل المدنيين العُزّل وقصف للبيوت والمؤسسات الدولية والمدنية بحماية منه باستخدام الفيتو في مجلس الأمن وحده، في مواجهة بقية الأعضاء وممارسة الألاعيب وادّعائه الوساطة، فيما يعمل لتحقيق أهداف العدو "الإسرائيلي" في لعبة مفضوحة".
وتابع "أقول، إنّ الولايات المتحدة بدأت مضطرة إلى خوض هذه الحرب بشكل فاضح ومكشوف، بعد أن تمكنت قوى المقاومة من فضحها، ولذلك فإنّها تستخدم كل ما لديها من أجل الخروج من هذا المأزق الذي وضعتها المقاومة فيه بما في ذلك الحرب النفسية بالتطبيل باستخدام ما استجلبته من أساطيل، وما يقوم به أُجراؤها من داخل العالم العربي من تهويل، فما الذي يمنعها من استخدامها إذا كانت مطمئنة للنتائج؟ وقد سبق لها أن اجتاحت العراق وأفغانستان من دون استئذان".
وقال الشيخ الخطيب: "يبقى أن تكون بيئتنا الداخلية قوية متراصّة لئلا نؤكل منها، فحذارِ حذارِ والانتباه كل الانتباه، ولا يجوز أن نغفل عن أي حدث مهما كان صغيرًا يقع في داخل بيئة المقاومة فإنها المقصودة اليوم، وعليها عين العدو وأيّ خلافات عشائرية أو عائلية هي في تربص العدو الذي يجعل منها منفذًا يدخل منه، عدا أن نأخذ بالحسبان أن المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض".
وأكّد أنّ "الأعداء يتربّصون لإضعاف شعبنا ووطننا، فلا نكون من المساعدين على أنفسنا، فأنتم من نعتمد عليه في الشدائد وأنتم والله الكرام تبذلون الغالي من المهج والأرواح شهداء للوطن، فلا يجوز أن يُترك بعضنا ليخطئ الطريق، إذ لا يجوز أن نرخص الأرواح للعابثين. لقد سننتم سنة حسنة وحصرتم المشاكل بين المباشرين لها ومن لديه عدو واحد يكفيه، فكيف إذا كان العدو من نقابله اليوم كـ"إسرائيل" ومن معها".
وأوضح الشيخ الخطيب أنها "دعوة للبنانيين جميعًا إلى التوحّد والتضامن، فلبنان هو بلدنا الأبدي وسنعيش فيه معًا رغم أنف العدو الصهيوني الذي وحده صاحب المصلحة في الخلافات الداخلية، وهو الوريث الوحيد إن استطاع هزيمتنا لا سمح الله، وهو عدو الجميع ولن يسمح بأن يشاركه أحد، وهذه فلسطين والشعب الفلسطيني أمامكم رؤي العين، وما حصل في العراق وسورية حيث ساوى في ظلمه بين الجميع. ولذلك أدعو الجميع في هذا الوقت الذي يتعرّض فيه الوطن للتهديد والعدوان الصهيوني، إلى التضامن الوطني، بعيدًا عن الحسابات الخاصة وتقديم المصلحة الوطنية على ما عداها".