لبنان
بعد الجلسة الـ20..الموازنة الى "اختبار" مجلس النواب.. وخليل: نحن أمام تحول استثنائي مهم جداً
فاطِمة سلامة
كما كان متوقعاً، عبرت موازنة العام 2019 طريقها الى مجلس النواب بعد أن أتمت جلساتها العشرين، وخضعت لسلسلة نقاشات لم تكن سهلة في السراي الحكومي، وختاماً في بعبدا. جلسات امتدّ بعضها الى ما بعد منتصف الليل كثرت فيها الاقتراحات التي تمحورت حول كيفية تخفيض العجز، لتنتهي النقاشات بتخفيض ما نسبته 3.8 بالمئة من العجز، على أن تبدأ الموازنة مرحلة جديدة من الدرس في مجلس النواب، وهو الأمر الذي لا يراه المراقبون سهلاً خصوصاً أنّ بعض النقاط لا تزال تحتاج الى المزيد من البحث.
والجدير قوله أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان، جعلت من إنجاز الموازنة العتيدة امتحاناً "صعباً" لم يعد بموجبه مسموحاً فتح مزاريب الهدر والفساد يمنة ويسرة، وهو الأمر الذي يُفسّر كل هذا الضجيج الدائر اليوم حول الموازنة والذي لم يشهد له لبنان مثيلاً من قبل، إذ إن إنجاز الموازنات السابقة لم يخضع لهذا الكم الهائل من القال والقيل والأخذ الرد على غرار ما يحصل اليوم، وهو ما لفت اليه وزير المال علي حسن خليل عقب إقرار الموازنة في بعبدا على اعبتار أنه أمر غير مسبوق في مناقشة الموازنات ومقاربة الملف الاقتصادي والمالي بأكمله بعدما مررنا في العام 2018 بظروف استثنائية، معلناً تخفيض نسبة العجز من 11.4 %الى 7.59 %، وهو رقم مهم جداً بالنسبة لخليل.
أجواء الجلسة
في بداية الجلسة التي استمرّت حوالى الساعتين والنصف، قال الرئيس عون "هذه الجلسة يجب أن تكون قراءة نهائية للتصديق على الموازنة و ليس لإعادة النظر في النقاط التي تم إقرارها".
مصادر وزارية لفتت في حديث لموقع العهد الإخباري الى أنّ الرئيس عون توجه إلى الوزراء قائلا:" اشتقنالكن سمعنا انو اشتغلتوا كتير وكان في سجالات ونقاشات بالجلسات الماضية، النقاش ضروري في كل المواضيع وخصوصا في ما يتعلق بالامور الاقتصادية ، لكن الجواب على النقاشات يجب أن يكون بالاقتصاد وليس بالسياسة ، ومش ضروري يعرفوا فيها الاعلاميين".
وبحسب المصادر، وصف وزير الخارجية جبران باسيل الرقم الذي تم التوصل إليه لتخفيض عجز الموازنة بالجيد، موضحاً أنه تم بذل جهد غير مسبوق لدراسة الموازنة، لكنه أبدى مآخذه على انخفاض واردات الاتصالات، و المبلغ الذي خصص لوزارة المهجرين.
عندها رد عليه وزير الاتصالات محمد شقير شارحWا مداخيل الوزارة والمشاريع التي نفذت.
كما رد عليه رئيس الحكومة سعد الحريري في موضوع المهجرين قائلاً: "خصصنا 40 مليار لأنو بعد ما شفنا الخطة، بس نشوف الخطة منعطي الباقي"، وفق قوله.
وأوضحت المصادر أن وزير الدفاع الياس بو صعب أثار موضوع التسريح المبكر للعسكريين خلال ثلاث سنوات، و الذي قرر مجلس الوزراء تعليقه وإلا يحسم على العسكري 25 بالمئة من تعويضه، مبدياً تحفظه على القرار على اعتبار أنه يؤثر على هرمية الجيش.
وأشارت المصادر لـ"العهد" الى أنه وبعد مداخلات من أكثر من وزير حول ضرورة البت السريع بالموازنة، سارع الرئيس عون الى رفع الجلسة للإعلان عن إقرار الموازنة.
وفي دردشة مع الصحفيين عقب انتهاء الجلسة، قال بو صعب "اقترحنا التخفيض في الخطة الخمسية وهذه أمور تم تأجيلها لموازنة ٢٠٢٠ وحاولنا سحب ضريبة الدخل وغير ممكن وضع ضريبة دخل على المتقاعد اكبر مِن من هو في الخدمة الفعلية.
من جهته، أشار وزير الشباب والرياضة محمد فنيش ردا على سؤال لموقع العهد الى أنّ حزب الله سجّل اعتراضه مجدداً على ضريبة الـ ٢ بالمئة على الاستيراد لأنها ستتحول الى ضريبة على الاستهلاك.
خليل: تحول استثنائي
وبالعودة الى المؤتمر الصحفي الذي عقده خليل فقد أكّد فيه أنّنا اليوم أمام تحول استثنائي مهم جداً وأساسي حصل في مشروع هذا العام، على صعيد تخفيض النفقات، وزيادة الواردات والمواد الاضافية في الموازنة التي تؤسس لمعالجة بعض من الخلل في الوضعين الاقتصادي والمالي، وتؤسس ايضا لموازنة في العامين 2020 و 2021 تكمل ما بدأنا به، مشدداً على ضرورة أن ننظر الى هذه الموازنة في السياق الذي بدأنا به، بالتحضير لموازنة العامين المقبلين.
وأضاف خليل "كما تعلمون، ان نسبة 35 % من الموازنة تذهب الى الرواتب والمخصصات ومعاشات التقاعد، 35 % خدمة دين عام، 11% عجز كهرباء، وما يقارب 9 % انفاق استثماري، والباقي نفقات تشغيلية للدولة. من هنا كان التركيز على معالجة كل النقاط الاساسية في هذه الموازنة. تم بحث موضوع خدمة الدين العام، واعادة النظر في مجموعة من الامور التي ترتبط بحوافز ومخصصات اضافية وتعويضات غير مبررة. ومن جهة اخرى تم اقرار خطة الكهرباء والبدء بتخفيض عجز هذا القطاع. كنا تقدمنا بمجموعة من مشاريع القوانين المستقلة، ارتأى مجلس الوزراء خلال نقاشاته ان نقتطع بعضاً من موادها لنضمّنها في مشروع الموازنة، إضافة الى الاخذ في الاعتبار ببعض المقترحات التي تقدم بها الوزراء.
وتابع خليل "يهمني ان أذكر ان الانفاق في هذه الموازنة وصل الى 23340 مليار ليرة لبنانية، نضيف اليه 2500 مليار سلفة لدعم كهرباء لبنان. في المقابل لدينا واردات تبلغ 19016 مليار ليرة، بزيادة ايضا عما كان مقررًا سابقًا، فتصبح نسبة العجز بالمقارنة مع الناتج المحلي 7.59 %، وهو رقم مهم ومرض جداً يعبّر عن التزام حقيقي حصل في النقاشات خلال الاسابيع الماضية، ويعكس ايضا ارادة حقيقية عند الحكومة بأن تسير على طريق تصحيح الوضع المالي.
ورداً على سؤال، قال خليل "في ما يتعلق بموضوع الرواتب، ثبت ان كل ما اشيع حول هذا الموضوع في الايام الماضية والمس بحقوق العسكريين والموظفين في الادارة والاساتذة وغيرها كان غير واقعي".
وقد سئل عن التدبير رقم 3، فقال خليل " كل ما اثير من ضجة حوله كان يمكن تفاديها لو تمت قراءة ما رفعته وزارة المال سابقاً في هذا الشأن والذي تمت العودة اليه حالياً. فقد قلنا ان على الحكومة ان تعيد النظر خلال ستة اشهر، في كل التدابير الاستثنائية، وللاسف استغرقنا نحو 20 جلسة للعودة الى الموضوع نفسه، فهي مسألة تناقش في المجلس الاعلى للدفاع وترفع الى الحكومة لتحديد آلية تطبيق التدبير رقم 3. ان الموازنة لم تقارب هذا الموضوع ان من الناحية المالية او الصياغة القانونية، فهو امر متروك للمناقشة في المجلس الاعلى للدفاع واحالته الى الحكومة لاصدار مرسوم ينظم كيفية توزيع القوى العسكرية والامنية على التدابير رقم 1 ورقم 2 ورقم3".
وشدّد خليل على أن الموازنة أقرت دون تسجيل اي اعتراض عليها، هناك آراء كثيرة وانا اطمح الا يكون هناك اي عجز في المالية العامة ولكن هناك وقائع علينا الانتباه اليها، وهي اننا كنا امام عجز فعلي هو 11.4 في المئة، وتمكنا من تخفيضه بنحو 3.8 في المئة وهو امر مهم جداً ".
ورداً على سؤال حول بعض المخاوف من ضرائب جديدة، قال خليل" لم يعد هناك من مجال للتخوف من بعيد. هذه هي الارقام وليس هناك اي ضريبة. هناك رسم اقرّ على المواد المستوردة ويبلغ 2 في المئة، وكنت قد صوّتت ضد اقراره، ولكنني الآن اعكس وجهة نظر الحكومة. وكنت شخصياً مع التركيز على فرض رسوم نوعية على كل المواد المستوردة التي تنتج او يمكن انتاجها في لبنان صناعية كانت ام زراعية، وهذه الرسوم يمكن ان تكون مرتفعة الى حد يدفع الى تشجيع الانتاج الوطني ويعيد تحسين الخلل الكبير في الميزان التجاري.
ولكن القرار لمجلس الوزراء، ونحن ملتزمون تطبيق هذا الأمر وفق الاصول والمعايير العلمية".