لبنان
صالح العاروري شهيدًا.. المقاومة الفلسطينية تتوعد بالانتقام وترقب لخطاب السيد نصر الله
تمحورت افتتاحيات ومقالات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الأربعاء 03 كانون الثاني 2024، حول جريمة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري بغارة جوية للعدو الصهيوني في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأجمعت الصحف اللبنانية على أن هذه الجريمة شكلت تجاوزًا للخطوط الحمراء وانتهاكًا للسيادة اللبنانية ولا شك تستوجب ردًا من قوى المقاومة التي توعدت بالانتقام، في حين أشارت إلى ترقب شديد لما سيعلنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه مساء اليوم.
البناء: الاحتلال ينفّذ غارة بطائرة مسيّرة على بيروت وضاحيتها لاغتيال قائد في القسام
في لحظة سياسية تقاطعت عندها من جهة، التوقعات بقيام حكومة الكيان برئاسة بنيامين نتنياهو بالبحث عن صورة نصر تقابل صورة الهزيمة الكاملة في غزة، وتفتح الطريق لفرضيات المخاطرة بحرب إقليمية يكون كل العزف على وتر الغيظ من جبهة لبنان والحديث عن ترتيبات عليها، تمهيداً لها وسقفاً سياسياً لاحقاً لنهايتها. ومن جهة ثانية رمزية إحياء ذكرى اغتيال القائد المؤسس في محور المقاومة الجنرال قاسم سليماني، وكلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالمناسبة، قامت مخابرات الاحتلال باغتيال القيادي في محور المقاومة ممثل حركة حماس وقوات القسام فيه، الشيخ صالح العاروري، ضابط الاتصال مع حزب الله وأمينه العام، والمسؤول في قوات القسام عن الضفة الغربية ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فتصيب عدة عصافير بحجر واحد، لأن التخلّص من قائد بحجم العاروري وحده هدف، واختبار معادلات حزب الله وأمينه العام تجاه الاغتيالات وأمن العاصمة والضاحية هدف، ومحاولة أخذ المنطقة من الحرب المذلّة للكيان في غزة إلى حرب أوسع تختلط فيها الأوراق والمداخلات، تفتح الباب للخروج من عنق الزجاجة الذي يعيشه الكيان وحكومته بين إقرار بالهزيمة ومواصلة حرب استنزاف لا نصر فيها.
الشيخ صالح العاروري الأسير المحرّر والمؤسس في قوات القسام وموضع ثقة قيادتها، والمؤسس في محور المقاومة وموضع ثقة قادته، والشخصيّة المحبوبة في حركة حماس، من قادتها وكوادرها ومجاهديها، مقاوم مقاتل استشهاديّ ومثقف وخبير حرب، وصانع مبادرات وأدوار، أتقن صناعة الحرب وكانت له يد مؤثرة في مراحل حاسمة من كل الحروب مع كيان الاحتلال، قدّم شهادته منصة لمرحلة جدية منها، سوف تكتب معها مراحل نوعية من المواجهة بين كيان الاحتلال ومحور المقاومة. وقد جاءت الكلمة الأولى من الضفة الغربية التي أعلنت الإضراب وخرجت بمسيرات حاشدة تحية لاستشهاده، وخرج المقاومون في جنين بأسلحتهم يتوعّدون بالانتقام لدمائه، واليوم سوف يتحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن استشهاد قاسم سليماني وصالح العاروري كقياديين في محور المقاومة، وعزيزين على قلبه، وسوف يتحدث عن الحرب في فلسطين الغالية على قلبه أيضاً، لكنه سوف يرسم معادلات الحرب الجديدة، ويقول كيف سوف يفوّت على بنيامين نتنياهو رهاناته الخطرة، وتهوره ومغامراته، ويقدم له رداً رادعاً يُعيد رسم الخطوط الحمراء حول الاغتيالات وأمن العاصمة بيروت وأمن الضاحية الجنوبية، في الوقت نفسه.
ربما يكون انتظار ما سوف يقوله السيد نصر الله اليوم أقوى من انتظاره في الإطلالة الأولى بعد طوفان الأقصى، وقد بلغت الحرب مراحل باتت فيها المنطقة على صفيح ساخن وصارت الحرب الكبرى على حافة الهاوية.
واستُشهد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري إثر انفجار وقع بالقرب من تقاطع المشرفيّة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأنّ «مسيّرة إسرائيلية معادية استهدفت مكتبًا لحركة حماس في المشرفية قرب «حلويات الشرق»، وعملت سيارات الإسعاف لنقل الشهداء والمصابين، حيث أفيد عن استشهاد 7 أشخاص وسقوط عدد من الجرحى. فيما عمل الدفاع المدني على نقل عدد من الإصابات وإخماد الحرائق التي اندلعت من جراء الانفجار.
وأكدت حركة حماس اغتيال نائب رئيس مكتبها السياسيّ الشيخ صالح العاروري في انفجار الضاحية الجنوبية لبيروت، ونعت الحركة استشهاد قائد أركان المقاومة في الضفة وغزة ومهندس طوفان الأقصى القائد الوطني الكبير الشيخ القسامي صالح العاروري واثنين من قادة القسام في الاعتداء الصهيونيّ الغادر.
كما أعلنت الحركة عن استشهاد القادة: القائد القسامي سمير فندي – أبو عامر، والقائد القساميّ عزام الأقرع – أبو عمار»، وعدد من إخوانهم من كوادر وأبناء الحركة، وهم: محمود زكي شاهين، محمد بشاشة، محمد الريّس وأحمد حمود الذين ارتقوا إلى ربهم، مساء اليوم الثلاثاء، في العاصمة اللبنانية بيروت، إثر عملية اغتيال جبانة، نفذها العدو الصهيوني، في عدوان همجيّ وجريمة نكراء تثبت مجدّداً دمويته التي يمارسها على شعبنا في غزة والضفة والخارج وفي كل مكان.
وكان الشهيد الشيخ العاروري قد تطرّق، في مقابلةٍ مع «الميادين»، إلى تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باغتياله واستهداف قيادة حماس، قائلاً إنّ «التهديد الإسرائيلي لشخصي لن يغيّر قناعاتي، ولن يترك أي أثر، ولن يغيّر مساري قيد أنملة»، مُضيفًا: «نحن مؤمنون، ونتمنى أن تُختتم حياتنا بالشهادة التي نعتز بها»، مشيرًا إلى أنّ الشهادة هي الفوز العظيم في نظر قادة المقاومة.
وعقب عملية الاغتيال، حلق الطيران الإسرائيلي المعادي على علو مرتفع فوق بيروت والضاحية الجنوبية وخلدة، وصولاً إلى صيدا.
في المقابل حاول الاحتلال الإسرائيلي التنصل من عدوانه خشية ردة فعل حركة حماس وحزب الله، حيث أكد مستشار رئيس وزراء الاحتلال مارك ريغيف، في حديث لـ«MSNBC»، أننا «لم نعلن مسؤوليّتنا عن هجوم بيروت وهو لم يستهدف الحكومة اللبنانية ولا حزب الله»، معتبراً أننا «أوضحنا أن كل من تورّط في مذبحة 7 أكتوبر هو إرهابي وهدف مشروع».
فيما أعلن ديوان رئاسة وزراء الاحتلال بأن نتنياهو طالب الوزراء بعدم التعليق على اغتيال العاروري.
إلا أن مصادر مطلعة على موقف المقاومة أكدت لـ«البناء» أن عملية اغتيال القيادي في المقاومة الفلسطينية صالح العاروري في الضاحية الجنوبية خرق لقواعد الاشتباك الحاكمة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي منذ عدوان تموز 2006 حتى الآن، ويستوجب رداً مماثلاً من المقاومة التي لن تسمح بتغيير قواعد الاشتباك»، مذكرة بالمعادلة التي أعلنها السيد حسن نصر الله في خطابه الأول في الحرب بغزة، بأن أيّ اعتداء إسرائيلي على أي قيادي في المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية سيقابَل بردٍّ عنيف. ولفتت المصادر بأن شكل الرد وتوقيته تقرّره قيادة المقاومة وفق ما تقتضي المصلحة.
وأكد مسؤول إسرائيلي كبير أن «إسرائيل» تستعدّ لرد كبير للغاية على مقتل العاروري، والذي قد يشمل إطلاق حزب الله صواريخ طويلة المدى على أهداف في «إسرائيل»، بحسب موقع «اكسيوس».
فيما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليّين بأن «اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية، هي عملية عالية الجودة وكل قادة حماس مصيرهم الموت».
كما أعلن مسؤول إسرائيلي كبير لموقع «Axios» إن «إسرائيل» تستعدّ لانتقام كبير من حزب الله، والذي قد يشمل إطلاق الجماعة صواريخ طويلة المدى باتجاه أهداف في «إسرائيل». وذكر مسؤولان أميركيّان لموقع «أكسيوس» أن «إسرائيل» كانت وراء هجوم يوم الثلاثاء، لكنهما أكدا على أن «إسرائيل» لم تُخطر إدارة بايدن مسبقًا بالهجوم. وأكد مسؤول إسرائيلي كبير أن «إسرائيل» لم تبلغ الولايات المتحدة لكنه قال إنها أبلغت إدارة بايدن «أثناء تنفيذ العملية».
ولفت خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ«البناء» الى أن حكومة الاحتلال تبحث عن انجازٍ عسكري ضد المقاومة الفلسطينية لكن الخبراء يشيرون الى أن رد حزب الله حتميٍّ لأن الاعتداء الإسرائيليّ لم يقتصر على اغتيال الشيخ العاروري فحسب، بل يمسّ أمن الضاحية الجنوبية، ولكل حسابه، أي أن الردّ الأول سيكون على اغتيال العاروري، والرد الثانيّ على استهداف الضاحية. وشدّد الخبراء على أن أهميّة رد المقاومة في لبنان هو منع العدو الإسرائيليّ من تكرار استهداف الضاحية واغتيال قادة المقاومة، أكانت الفلسطينية أو اللبنانية، ولذلك إن الاحتلال الإسرائيلي سيكرر هذه العمليات الأمنية إذا لم تكن هناك قوة رادعة. ولفت الخبراء الى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ الاتفاق الأميركي – الإسرائيلي بالحدّ تدريجياً من العمليات العسكرية في غزة والتركيز على العمل الأمني من ضمنه الاغتيالات لقادة المقاومة الفلسطينية في إطار المرحلة الثالثة من الحرب. وأكد الخبراء أن اغتيال العاروري حصل بضوء أخضر أميركي. ويعتقد الإسرائيلي بأن قواعد الاشتباك الضمنية تسمح له بتنفيذ اغتيالات لقيادات فلسطينية في لبنان من دون ردّ من حزب الله. وإذ اعتبر الخبراء بأننا دخلنا في المرحلة الأخطر منذ بداية الحرب في غزة، حذّروا من تطور ردود الفعل بين المقاومة و«إسرائيل» وتدحرجها الى حرب واسعة النطاق يريدها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ليُطيل أمد الحرب ويورط الأميركيّين بها.
وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين جشّي في تصريح أن «حزب الله سيردّ على اغتيال العاروري، وهذا محسوم، وتبقى الأمور تقدّر بقدرها». ولفت الى أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد أن أيّ استهداف لأي شخصية في لبنان مهما كانت جنسيتها سيردّ عليها»، وتابع قائلاً: «حزب الله لا يزال يحاول إبقاء الأمور ضمن قواعد الاشتباك لكن الإسرائيلي يعمل على توسعة المشكل والأميركي يلجمه».
ولاحقاً، أصدر حزب الله بياناً اعتبر فيه أن «جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري ورفاقه الشهداء في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداءً خطيرًا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات وتطورًا خطيرًا في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة، وإنّنا في حزب الله نُؤكّد أنّ هذه الجريمة لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب، وإنّ مقاومتنا على عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، وإنّ هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام، فصبرًا جميلًا وصبرًا جميلًا وإنّ الله هو المستعانُ وإنّ النصر بإذن الله تعالى لقريب قريب».
وتوقّعت مصادر «البناء» رداً عنيفاً على اغتيال العاروري من كل ساحات المقاومة وليس فقط من لبنان. لافتة الى أن مؤشرات عدّة تلوح في أفق المنطقة تشير الى تطوّر الحرب في المنطقة، لا سيما بعد اغتيال القائد في الحرس الثوري الايراني في سورية وأمس القيادي العاروري، والاشتباك الناري بين القوات اليمنية والقوات الأميركية في البحر الأحمر منذ يومين، اضافة الى إعلان القيادة الإيرانية إرسال بوارج تحمل صواريخ الى البحر الأحمر.
ونفت العلاقات الإعلامية في حزب الله تأجيل كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المقرّرة عصر اليوم مؤكدة أن الكلمة في موعدها، وذلك باحتفال يقيمه حزب الله في الضاحية بذكرى اغتيال اللواء الشهيد قاسم سليماني وأبو ماجد المهندس.
ومن المتوقع أن يعلن السيد نصر الله ان حزب الله سيردّ على العدوان الإسرائيلي وسيردّ على التهديدات الاسرائيلية. كما يتطرق الى آخر التطورات على جبهتي غزة والجنوب وكل ساحات المقاومة والوضع في المنطقة. كما يتحدّث عن دور سليماني والمهندس في دعم المقاومة الفلسطينية وفي المنطقة.
وأثار العدوان الإسرائيلي حملة استنكار واسعة، حيث اعتبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّ «هذا الانفجار جريمة إسرائيلية جديدة تهدف حكمًا إلى إدخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات، بعد الاعتداءات اليومية المستمرة في الجنوب، والتي تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى». وأضاف: «كما أنّ هذا الانفجار هو حكمًا توريط للبنان وردّ واضح على المساعي التي نقوم بها لإبعاد شبح الحرب الدائرة في غزة عن لبنان، وإننا نهيب بالدول المعنية ممارسة الضغط على «إسرائيل» لوقف استهدافاتها. كما نحذّر من لجوء المستوى السياسي الإسرائيلي الى تصدير إخفاقاته في غزة نحو الحدود الجنوبية لفرض وقائع وقواعد اشتباك جديدة».
وأجرى ميقاتي اتصالاً بوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب طالباً «تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي على خلفية الاستهداف الفاضح للسيادة اللبنانيّة بالتفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء اليوم وكل الخروقات الاسرائيلية المستجدّة للسيادة اللبنانية».
بدورها، باشرت وزارة الخارجية والمغتربين، بناءً لتوجيهات ميقاتي، بتحضير شكوى لإدانة الاعتداء الإسرائيلي الذي طاول منطقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت وأدّى الى سقوط عدد من الضحايا وأضرار مادية كبيرة في الممتلكات.
الأخبار: اغتيال صالح العاروري: حزب الله يعد بالردّ والعقاب
قبل ساعات من موعد احتفال حزب الله بذكرى اغتيال قائد «قوة القدس» الإيرانية، اللواء قاسم سليماني، قرّرت إسرائيل كسر قواعد الاشتباك مع لبنان، وتجاوز الخط الأحمر الذي رسمه الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، قبل عدة أشهر. فاغتالت نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري، في غارة جوية استهدفته في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقد فتحت الجريمة الأبواب على مسارات تبدو مختلفة عن السائد الآن، سياسياً وعسكرياً وأمنياً، خصوصاً أن حزب الله أعلن في بيان نعيه العاروري أن «الجريمة لن تمر من دون رد وعقاب». وهو ما يُنتظر أن يشرحه نصر الله في خطابه المرتقب عند السادسة من مساء اليوم، ولا سيما أنه كان قد أكّد في آب الفائت أن «أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطاول لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً أو إيرانياً أو غيرهم، سيكون له رد الفعل القوي». كما شدّد على عدم السماح لـ«أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات، ولن نقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة»، علماً أن نصر الله أطلق وعيده يومها بعد تهديد إسرائيلي باغتيال العاروري الذي يقيم على الأراضي اللبنانية، بالتحديد.
وقد اعتبر حزب الله في بيانه الجريمة أنها امتداد لاغتيال القائد في الحرس الثوري في سوريا رضي الموسوي ضمن «سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية لكل من عمل أو خطّط أو نفّذ أو ساند عملية طوفان الأقصى البطولية وساهم في الدفاع عن شعب فلسطين المظلوم». وعدَّ الحزب الاغتيال «اعتداءً خطيراً على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات، وتطوراً خطيراً في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة، وأنّنا في حزب الله نُؤكّد أنّ هذه الجريمة لن تمرّ أبداً من دون رد وعقاب، وأنّ مقاومتنا على عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، وأنّ هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام، فصبراً جميلاً وصبراً جميلاً، وإنّ الله هو المستعان وإنّ النصر بإذن الله تعالى لقريب قريب».
اللواء: أخطر استباحة منذ 17 عاماً: اغتيال صالح العاروري في الضاحية
ما كان متوقعًا قد حدث، أما الشخصية الرفيعة المستهدفة، فهو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري (58 عامًا)، الذي سقط شهيداً بعملية اغتيال غادرة في احدى الشقق السكنية في شارع رئيسي من الضاحية الجنوبية بمسيَّرة اسرائيلية، ضربت في قلب الضاحية للمرة الاولى منذ 2006، وفي اخطر خرق للقرارات الدولية، ولقواعد الاشتباك، وسقط معه قياديان في القسام، هما سمير فندي (ابو عامر) وعزام الاقرع (ابو عمار)، اضافة الى 3 شهداء آخرين وعدد من الجرحى.
ونعى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، العاروري مع ستة شهداء من الحركة، عدا الاقرع وسمير فندي، وهم محمود زكي شاهين ومحمد بشاشة ومحمد الريس واحمد محمود، ووصف ما حصل بأنه عمل «ارهابي».. واعتبر ان المقاومة لن تهزم، وهي اشد قوة واصراراً.
ودعت الفصائل الفلسطينية الى الحداد الوطني العام، والاضراب الشامل، والتحرك الثوري في كل الساحات والجبهات والرد على جريمة الاغتيال بقوة في كل الساحات والجبهات، وبدأت ليلاً التظاهرات والتجمعات الحاشدة في كل مناطق الضفة الغربية.
واعتبرت مصادر سياسية جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفيقيه بالضاحية الجنوبية في بيروت، بانه تصعيد إسرائيلي خطير بالوضع في خضم المواجهة الجارية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية وفي الحرب الدائرة بين الحركة واسرائيل في قطاع غزّة، وقد تكون لها تداعيات ومخاطر غير محسوبة على الحدود الجنوبية وحولها، لكنها استبعدت ان تؤدي إلى حرب واسعة تطال العمق الإسرائيلي والداخل اللبناني، لحسابات ومحاذير عديدة، ابرزها ان قرار مثل هذه الحرب يتجاوز امكانيات وقدرة الطرفين، وهو حصرا بيد الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وهما ليس بوارد خوض مثل هذه الحرب في هذه الظروف، بالرغم من الخلافات بينهما ورسائل التهديد والوعيد المتبادل بينهما بشكل نافر، كما اظهرت بوضوح وقائع الاحداث والتطورات الاخيرة.
واشارت المصادر الى ان اكثر من رسالة سعت إسرائيل لتحقيقها جراء هذه الجريمة النكراء، اولا قدرتها على الاختراق الامني لمربع حزب الله بالضاحية الجنوبية بالرغم من كل الإجراءات والتدابير الامنية التي يتخذها الحزب في عقر داره واستهداف اي قيادي أو مسؤول حزبي، وثانيا ممارسة اقسى الضغوط في اي مساعي او مفاوضات مرتقبة، لتهدئة الاوضاع على الحدود الجنوبية اللبنانية، لإتاحة المجال امام اعادة سكان المستوطنات الإسرائيليين المهجرين وابعاد مسلحي الحزب إلى مناطق لا تهدد هؤلاء المستوطنين مستقبلا، والرسالة الاهم كانت موجهة للداخل الإسرائيلي المحبط من نتائج التدخل العسكري الإسرائيلي الفاشل ضد حماس والذي لم يحقق أيًا من الشروط التي اعلنها رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لدى بدء حملته ضد الحركة في غزة، ولاسيما إعادة المخطوفين الإسرائيليين والقضاء على الحركة ووقف اطلاق الصواريخ الى العمق الإسرائيلي ومنع التهديد الامني ضد المستوطنات الإسرائيليه في حزام غزة وغيره، بالرغم من مرور قرابة الثلاثة اشهر على هذه الحملة العسكرية.
وقالت أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الحادثة التي سجلت في اليوم الثاني من العام الجديد في الضاحية الجنوبية والتي أسفرت عن استشهاد العاروري تستتبعها قراءة من المعنيين لما حصل، ولم تستبعد أن تشكل نقطة تحول لما يجري في حرب غزة وجبهة الجنوب، مشيرة إلى أن السيناريوهات المحتملة بالتصعيد أو الرد من قبل حركة حماس وحزب الله قائمة بنسبة كبيرة إنما توقيتها مرتبط بهذين الفريقين.
وأفادت الأوساط نفسها أن حزب الله يفتح تحقيقا إن جاز القول بالانفجار الذي وقع لا سيما أن هناك شكوكًا حول خرق ما في أمن الضاحية.
النهار: الاختراق الأخطر يُنذر بالاشتعال الأوسع… إسرائيل تغتال العاروري في قلب الضاحية
بعد 87 يومًا وقبل أيام من مرور ثلاثة أشهر على حرب غزة والمواجهات الميدانية في جنوب لبنان، ضربت إسرائيل الضربة الأخطر في العمق اللبناني والأولى منذ حرب 2006 من خلال اغتيالها صالح العاروري أحد اكبر رموز وقادة حركة “حماس” نائب رئيس المكتب السياسي للحركة والموصوف في محور الممانعة بانه “مهندس وحدة الساحات”، وذلك في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. هذا التطور يعد الأخطر لجهة تجاوز “إسرائيل” قواعد الاشتباك “المحدثة “السائدة في الجنوب اللبناني منذ الثامن من تشرين الأول من السنة الفائتة حتى لو لم يستهدف “حزب الله” مباشرة او الحكومة اللبنانية كما نقل عن جهات إسرائيلية، اذ ان غارة بمسيرة إسرائيلية استهدفت شقة في الضاحية الجنوبية كانت تضم اجتماعا لقادة بارزين في “حماس” و”كتائب القسام” في لبنان، شكلت الاختراق الأمني الاستخباراتي والعسكري الأخطر منذ عملية “طوفان الأقصى” الذي كان العاروري من ابرز مهندسيها. وهو التطور الذي اشعل التساؤلات عما اذا كانت مرحلة جديدة من الصراع الحربي والاستخباري ستفتح على الغارب بين إسرائيل من جهة، و”حماس” و”حزب الله” خصوصا من جهة مقابلة، وهل سيؤدي ذلك إلى انتقال الحرب الشاملة الى لبنان أم ان الرد على اغتيال العاروري سيبقى في اطار تصعيد تقليدي في العمليات ولو تجاوز اطر المرحلة السابقة.
في أي حال، يبدو واضحا ان الرد الأول والاساسي على هذا التطور سيأتي مساء اليوم الأربعاء مع الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله والتي لم تلغ كما تردد بعد العملية الإسرائيلية في الضاحية، بل ابقي على موعدها في السادسة مساء اليوم بما يؤشر الى ان قيادة “حزب الله” قررت ان يكون تثبيت موعد الكلمة بمثابة الرد الأساسي على العملية بما ستتضمنه من مواقف للسيد نصر الله .
اما “حماس” فكانت أعلنت أولا اغتيال صالح العاروري واثنين من قادة القسام في بيروت، وأعلنت لاحقا مقتل القائدَين في “كتائب القسام” سمير فندي “أبو عامر” وعزام الأقرع “أبو عمار” في الضربة الإسرائيلية في لبنان.
وأفادت معلومات أمنية غير رسمية أن الشقة المستهدفة كانت تحتضن اجتماعاً للفصائل الفلسطينية حين قصفت بصاروخ من مسيرة إسرائيلية التي أطلقت صاروخا ثانيا استهدف سيارات المواكبة عند مدخل المبنى. وتصاعدت سحب الدخان من منطقة معوّض، وشوهدت أشلاء بشرية في مكان الانفجار بالقرب من أتوستراد هادي نصر الله، وكذلك شوهد دمار في إحدى الشقق وحرائق اشتعلت في السيارات وأفاد شهود عيان عن سماع انفجارين.
وأشار مصدر أمني لـ”النهار” الى استهداف مسيرة شقتين تابعتين لحركة حماس في مبنى في معوض.
وفي كلمة وجهها مساء رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية وصف اغتيال إسرائيل للعاروري ورفاقه بانه عمل إرهابي مكتمل الأركان وانتهاك لسيادة لبنان، فيما أكد عضو المكتب السياسي لـ”حماس” عزت الرشق أنّ اغتيال العاروري “لن ينال من استمرار المقاومة”. وقال إنّ “عمليات الاغتيال الجبانة التي يُنفّذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، لن تفلح في كسر إرادة وصمود شعبنا أو النيل من استمرار مقاومته الباسلة”. ووصف العملية بـ”عملية اغتيال جبانة ينفذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني”.