لبنان
الجبهة الشمالية مع لبنان تشتعل مجدّدًا.. ومطالب لودريان "إسرائيلية"!
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على الوضع على الجبهة الشمالية للعدو الإسرائيلي مع لبنان التي اشتعلت بعدما استهدفت المقاومة في لبنان مواقع الاحتلال الإسرائيلي على الحدود، فردّ العدو الإسرائيلي باستهداف عدد من القرى الحدودية، ما أدّى إلى سقوط شهيد وثلاثة جرحى في غارة استهدفت منزلاً في بلدة الجبين.
وقالت الصحف إن "هذه التطوّرات الأمنية أمس، تؤشّر الى مرحلة جديدة من القتال سترفع نسبة الخطر من التدحرج الى حرب واسعة النطاق بين حزب الله وكيان الاحتلال وسط تحذيرات ورسائل تهديد ينقلها ديبلوماسيون غربيون وعرب إلى لبنان، وفق معلومات "البناء" بأن "إسرائيل" بصدد توجيه ضربة عسكريّة لحزب الله ولبنان في أي وقت لتغيير المعادلة والوضع الذي أنشأه حزب الله على الحدود بعد 8 تشرين الأول الماضي. وآخر هذه الرسائل حملها مبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، خلال جولته على المسؤولين في اليومين الماضيين.
"الأخبار": فرنسا أجير قذر عند العدوّ
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّه "لم تكَد مهمة المبعوث الفرنسي إلى بيروت جان إيف لودريان تنتهي في بيروت، حتى تبيّن أن ما حمله معه ليس سوى مطالب إسرائيلية. وسرعان ما تداولت وسائل إعلام العدو بالمعلومات عن نقله رسالة تعبّر عما يُطبخ في الغرب عن المقترح الدولي الجديد حول تطبيق القرار الدولي 1701 في جنوب لبنان، أو إنشاء منطقة عازلة على الحدود «لضمان أمن "إسرائيل" وتوفير الاستقرار الذي يسمح بعودة سكان المستوطنات إلى بيوتهم».وكشفت صحيفة «إسرائيل هيوم» أن «فرنسا التي تتمتّع بوضع خاص في لبنان، حاولت "إسرائيل" تسخيرها للتحرك ضد حزب الله»، وقالت في تقرير لها يوم أمس إن «وزير الخارجية إيدي كوهين ناشد أيضاً المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن، عاموس هوكشتين، للهدف نفسه وهو تعديل القرار في مجلس الأمن وفرض تطبيقه». وأضافت الصحيفة أن «لودريان الذي التقى المسؤولين في بيروت حذّر من الخطر الجسيم الذي يلوح في الأفق على لبنان، ودعا الحكومة إلى تحمّل مسؤوليتها وتنفيذ القرار 1701 كما هو مطلوب منها». وكشفت الصحيفة العبرية أن «كوهين ووزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولوناد اتفقا على تشكيل فريق سياسي أمني مشترك للبلدين، سيعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة الرقم 1701 أو أي شيء آخر من شأنه أن يُبقي حزب الله بعيداً عن الحدود»، لافتة إلى أن «هذا هو أول إجراء مهمّ تتخذه فرنسا ضد حزب الله». وكانت الصحيفة قد أشارت قبل ذلك إلى أن «كوهين تحدّث حتى الآن مع وزيرَي خارجية بريطانيا وفرنسا، وأجرى لقاءات مع وزيرَي خارجية ألبانيا وسويسرا»، لافتة إلى أن ذلك «يأتي بعد رسالة حادّة أرسلها قبل نحو أسبوع إلى رئيس مجلس الأمن يطالب فيها بمناقشة القرار 1701»، معتبرة أن هذا يعني أن «إسرائيل تمهّد دبلوماسياً للقتال».
وكشفت مصادر مطّلعة، أن الموفد الأميركي الخاص هوكشتين، كان أثار ملف الحدود مع الرئيس نبيه بري في آخر زيارة له، سائلاً إياه عن مدى استعداد لبنان للسير في عملية ترسيم أو تحديد للحدود البرية وإنهاء النزاع هناك. وسعى هوكشتين إلى أخذ موافقة تمنحه الغطاء للقيام بوساطة تهدف إلى «سحب الذرائع من يد حزب الله» على ما قاله أمام من التقاهم.
من جهة أخرى، فرضت زيارة لودريان نفسها على المشهد الداخلي، وهو ما أسهم في تعديل بعض المواقف السياسية من مسألة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. فالرجل الذي أتى حاملاً «توصية» من اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان (أميركا، السعودية، فرنسا، قطر ومصر) تُشدد على ضرورة السير بالأمر منعاً للفراغ في المؤسسة العسكرية وللضرورات التي يفرضها الوضع الأمني في المنطقة، وأدّى هذا الموقف إلى قلب التموضعات وخلق معطيات جديدة عقّدت في وضع الصيَغ التي كانت مطروحة للحل.
تقول المعلومات إنه قبلَ يوميْن من زيارة لودريان، صارَ هناك شبه قناعة لدى القوى الممثّلة في الحكومة بأن تعيين رئيس أركان أصيل ينوب عن قائد الجيش هو الحل الأمثل لتفادي الأزمة، وذلك بعد استنفاد كل السبل للتوصل إلى اتفاق حول تعيين قائد جديد أو التمديد للقائد الحالي. إلا أن لودريان أبلغ من التقاهم بضرورة التمديد، ما جعل الذين أعلنوا سابقاً تأييدهم للفكرة مثل «القوات اللبنانية» أكثر اندفاعاً للفكرة، أما الذين التزموا التروّي في حسم موقفهم، ومنهم النواب السُّنّة فقد تشجّعوا بعد كلام لودريان وأيّدوا، بحسب مصادر مطّلعة قالت إن «مردّ ذلك سببه تأكيد لودريان أن التمديد هو خيار يؤيّده أعضاء اللجنة، بمن فيهم السعودية».
لودريان يلزم «القوات» بالتشريع الموسّع لتمرير قانون التمديد لقائد الجيش في مجلس النواب
وبما أن التمديد من داخل الحكومة طريق غير متوافر، عاد الحديث عن اللجوء إلى مجلس النواب، وتتجه الأنظار إلى رئيس المجلس نبيه برّي وما إذا كان سيدعو إلى جلسة تشريعية بجدول أعمال كامل في النصف الأول من شهر كانون الأول، على أن يكون اقتراح القانون بالتمديد لقائد الجيش مطروحاً عليه.
ويقول مطّلعون على الأجواء إن «بري كان قد وعد المطالبين بجلسة قبل أسبوعين بالدعوة إليها نهاية الشهر، وهذا ما سيحصل». لكنّ الدعوة سبقتها تطورات متمثّلة بحسب مصادر سياسية في أن «القوات اللبنانية استجابت لطلب لودريان بعدم ممانعة جلسة بجدول أعمال عادي على عكس ما طالبت به سابقاً بحصر جدول أعمال الجلسة ببند وحيد هو التمديد، وكذلك سيفعل معظم النواب السُّنة».
وقالت مصادر نيابية إن «التمديد عبر اقتراح قانون ليس تعديلاً دستورياً ولا انتخابات، وبالتالي يتم التعامل معه كأي قانون يحتاج إلى حضور 65 نائباً، ولكي يصبح نافذاً يحتاج إلى 33 صوتاً»، معتبرة أنه وفقاً لحسابات المعارضين والمؤيّدين فإن «تأمين حضور الـ 65 نائباً لن يكون صعباً». واستندت المصادر إلى «مقاطعة كل من التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفائه، مقابل حضور القوى المؤيّدة للتمديد ومعها الحزب الاشتراكي»، أما حركة أمل فـ «تُراوِح التقديرات بين المعلومات التي تحدّثت عن أن بري أكّد رغبته في أن يكون متجانساً مع الحزب في هذا الأمر وهو يُمكن أن يترأّس الجلسة من دون حضور كتلة التنمية والتحرير، وما بينَ التحليلات التي تعتبر أن الجلسة تُشكّل بالنسبة إلى رئيس المجلس إغراء لكسر قاعدة مقاطعة التشريع في ظل الفراغ الرئاسي وإعادة تفعيل عمل المجلس».
"البناء"| عبد اللهيان: سمعت من قادة المقاومة في بيروت أن الرد سيكون أشدّ وأقسى
من جهتها، رأت صحيفة "البناء" أنّه وفي اليوم الثاني من انتهاء الهدنة التي تمدّدت وتجدّدت مرات عدة على مدى 7 أيام، ومع استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة وتجدّد القتال والمعارك العسكرية، انعكس الوضع على الجبهة الشمالية مع لبنان التي اشتعلت بعدما استهدفت المقاومة في لبنان مواقع الاحتلال الإسرائيلي على الحدود، فردّ العدو الإسرائيلي باستهداف عدد من القرى الحدودية، ما أدّى إلى سقوط شهيد وثلاثة جرحى في غارة استهدفت منزلاً في بلدة الجبين.
هذه التطوّرات الأمنية أمس، تؤشّر الى مرحلة جديدة من القتال سترفع نسبة الخطر من التدحرج الى حرب واسعة النطاق بين حزب الله وكيان الاحتلال وسط تحذيرات ورسائل تهديد ينقلها ديبلوماسيون غربيون وعرب إلى لبنان، وفق معلومات «البناء» بأن «إسرائيل» بصدد توجيه ضربة عسكريّة لحزب الله ولبنان في أي وقت لتغيير المعادلة والوضع الذي أنشأه حزب الله على الحدود بعد 8 تشرين الأول الماضي. وآخر هذه الرسائل حملها مبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، خلال جولته على المسؤولين في اليومين الماضيين.
وأشار لودريان في حديث تلفزيوني أمس، إلى أنّ «لا شيء يمنع إمكانيّة حصول تصعيد دراماتيكي للوضع الأمني في لبنان، ونحثّ لبنان و»إسرائيل» على ضبط النّفس، لأنّ أيّ تصعيد ستكون له عواقب مأساويّة على الجميع»، مبيّنًا أنّ «فرنسا ليست منحازة لإسرائيل».
وكشف أكثر من مصدر سياسيّ وديبلوماسيّ لـ»البناء» عن مؤشرات ورسائل دبلوماسيّة تصل عبر مبعوثين وسفراء عرب وأجانب تحذّر من نية حكومة الاحتلال من شنّ ضربات قاسية استباقية لحزب الله وللبنان كاستهداف مراكز عسكريّة للحزب أو عملية اغتيال لقيادات في المقاومة أو استهداف مرافق حيوية في لبنان، لتحقيق هدفين: الأول استعادة هيبة جيش الاحتلال المنهارة بعد 7 تشرين الأول والخمسين يوماً الماضية ويستطيع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تقديمه للرأي العام الإسرائيلي كإنجاز يمكنه من خلاله استعادة الأمن الى منطقة الشمال وبالتالي تأمين عودة آمنة للمستوطنين المهجرين، والهدف الثاني توجيه رسالة الى حزب الله بأنه لا يمكنه توسيع عملياته العسكرية ضد مواقع الاحتلال وعلى المستوطنات واللعب بقواعد الاشتباك والمعادلات وأن يبقي جبهته الداخلية بمنأى عن الاستهداف. لذلك وفق المصادر يمكن أن يقوم العدو بمغامرة غير محسوبة بتوسيع الحرب ضد لبنان لتعديل القرار 1701 بما يضمن أمنه من خلال إبعاد حزب الله وفرقة الرضوان عن الحدود أو بالحد الأدنى الضغط على الحكومة اللبنانيّة لإلزام حزب الله باحترام القرار 1701».
إلا أن مصادر عليمة وعلى صلة بالمقاومة تؤكد لـ»البناء» أن ما عجز العدو عن انتزاعه وهو في ذروة قوته وهمجيّته خلال الجولة القتالية الأولى لن يأخذه خلال الجولة القتاليّة الثانية، وهو يجرّ أذيال الهزيمة والخيبة في غزة ولبنان.
وعلّق الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي على تزايد الحديث عن ضرورة تعديل قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وإنشاء منطقة عازلة، بالقول «إن مجلس الأمن الدولي هو الذي أصدر القرار، ولذلك لا يمكن بدء أي مناقشات حول مستقبله إلا من خلال مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه». وأكد تيننتي في حديث إذاعي أن «ركائز القرار 1701 لا تزال سارية»، مُشدداً على أن «الأولوية تبقى في منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان أمن حفظة السلام». ورداً على سؤال عما إذا كنا سنشهد اجتماعاً ثلاثياً قريباً في الناقورة، قال «حتى الآن لا توجد مؤشرات على اجتماعات مقبلة. ومع ذلك، فإن بعثة اليونيفيل، بقيادة الجنرال أرولدو لاثارو، تشارك بنشاط في الجهود المبذولة للحدّ من التوترات، لتجنب خطر نشوب نزاع أوسع. وقد تمّت كل هذه الجهود من خلال التواصل الثنائي مع الجانبين من دون عقد اجتماع ثلاثي».
على الصعيد الميداني، أعلنت المقاومة الإسلامية، في سلسلة بيانات متتالية، أن مجاهديها استهدفوا تجمعًا لجنود العدو في محيط موقع جل العلام بالأسلحة المناسبة. كما قصفوا تجمعًا آخر لجنود العدو في محيط موقع المرج بالأسلحة المناسبة. وكذلك استهدف مجاهدو المقاومة الإسلاميّة ثكنة راميم بالأسلحة المناسبة. كما استهدفت نقاط انتشار جنود الاحتلال الإسرائيلي في محيط موقع راميا بالأسلحة المناسبة وحققوا فيها إصابات مباشرة. وموقع المرج للمرة الثانية بالأسلحة المناسبة وأوقعوا فيه إصابات مؤكدة.
وزفّ حزب الله، الشهيد المجاهد وجيه شحادة مشيك «يحيى» من بلدة وادي أم علي في البقاع، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس».
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن صفارات الإنذار دوّت في معالوت ترشيحا بالجليل الغربي خشية تسلل مسيّرات. كما أفيد عن انفجار صواريخ اعتراضية في أجواء مستعمرة «المطلة» وبلدة كفركلا.
وأفيد عن سقوط قذائف فوسفوريّة في كروم الزيتون في الحي الشرقي المحاذي للجدار في بلدة كفركلا.
وأكدت جهات مطلعة على مجريات الجبهة الجنوبية لـ»البناء» إلى أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحاً في خطاباته بربط الوضع في جنوب لبنان بتطوّرات الميدان في غزة، ولذلك التزمت المقاومة في لبنان باتفاق الهدنة في غزة ولم تبادر إلى أي ردة فعل رغم الخروق الإسرائيلية المتعددة للهدنة، لكن مع عودة كيان الاحتلال الى عدوانه من الطبيعي عودة المقاومة الى القيام بواجبها بإسناد المقاومة في غزة باستهداف مواقع الاحتلال على طول الحدود مع فلسطين المحتلة». ولفتت إلى أن المقاومة في لبنان أعدّت لكافة السيناريوات، ومنها قيام العدو بمغامرة عدوانية كبيرة ضد لبنان. وكشفت المصادر أن عدواناً كهذا على لبنان يفجّر حرباً إقليمية، كاشفة أيضاً بأن «ردّ قوى المقاومة في مختلف الساحات سيكون أعنف من الخمسين يوماً الماضية».
وفي سياق ذلك، أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، الى أن «استئناف الكيان الإسرائيلي جرائمه الحربية بحق سكان غزة، دليل آخر على عدم اهتمامه بمطالب المجتمع الدولي والرأي العام». ولفت عبد اللهيان، الى أنه «خلال زيارتي الأخيرة لبيروت، سمعت من قادة المقاومة أن الردّ سيكون أشدّ وأقسى في حال استئناف العدوان وسيجعل العدو يندم»، مؤكداً أن «على الدول الإسلامية بذل المزيد من الجهود لوقف هذه الجرائم».
بدوره، لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، الى أنّ «العدو الصهيوني استأنف عدوانه على غزة بقرار أميركي، هذه الحرب منذ البداية هي حرب أميركا على الشعب الفلسطيني، وكل المواقف الأميركية ومجريات الأحداث كانت تدل على هذه الحقيقة، وهي أن أميركا ليست مجرد شريك بل هي صاحبة القرار في العدوان، و»إسرائيل» هي أداة تنفذ القرار الأميركي».
ولفت، خلال خطبة الجمعة إلى أنّ «المقاومة في غزة وفي كل المنطقة لن تدع الإسرائيلي يحقق أهدافه في هذه الحرب، ولن تسمح بأن تكون يد الأميركي والإسرائيلي هي العليا في المنطقة»، مؤكدًا أنّ «كل جبهة المقاومة في المنطقة مع غزة وإلى جانبها، بينما العدو مُنهك ومحبط وخائب وليس واثقًا من تحقيق أهدافه، والرأي العام العالمي بالإجمال بات ضده وضد عدوانه وعامل الوقت ليس لمصلحته، ويجب أن يعرف العدو أنّ إرادة المقاومة وإمكانية الصمود لديها هي أكبر وأقوى بكثير من إمكانية الصمود لدى جيشه المنهك والعاجز».
على صعيد آخر، انشغلت الأوساط السياسية بجولة المبعوث الفرنسيّ والأسباب التي أملت عليه العودة إلى لبنان، وبما حمله من مقترحات ورسائل.
وعلمت «البناء» من مصادر واكبت زيارة لودريان أن الأخير جاء لهدفين: الأول الضغط على الحكومة والمسؤولين اللبنانيين بضرورة تجنب التصعيد على الحدود الجنوبية وإقناع حزب الله بضرورة تفادي توسّع الحرب. والهدف الثاني هو تذكير اللبنانيين بأن فرنسا لم تنس لبنان ولا زالت حاضرة، وفي طريقه الى بيروت حمل لودريان مطلباً أميركياً لحث المسؤولين على التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون. إلا أن مصادر «البناء» أوضحت أن المخارج القانونية والدستورية للتمديد والتعيين لا زالت حتى الساعة مقفلة، ما يرجّح خيار تعيين رئيس للأركان ينوب عن قائد الجيش وفق ما ينصّ قانون الدفاع، أو تكليف الضابط الأعلى رتبة في الجيش اللبناني وليس في المجلس العسكري، وهو العميد زياد هيكل.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وزير الدفاع موريس سليم في بكركي. وقال البطريرك الراعي لضيفه: المنطقة تغلي ونحن بلا رأس، وفي الديمان لدينا أرزة كبيرة أصابتها صاعقة فانكسر رأسها ويحاول كل غصن فيها أن يكون هو الرأس، وهكذا نحن في لبنان فكيف نحمي وطننا؟
بعد اللقاء، أعلن سليم أن «التقاعد حكميّ بموجب ما ينص عليه قانون الدفاع الوطني والحالات الخاصة التي ينص عليها القانون لا تنطبق على الاستحقاق الحالي ومن المستحيل تخطيها مهما كانت المبررات». وإذ شدّد على أنّه لا يريد ترك المؤسسة العسكرية بأي حالة من حالات الشغور، جزم أنّ «التمديد لقائد الجيش لا يسمح به قانون الدفاع والأمر يحتاج الى تعديل القانون. وهذا غير متوفر حالياً». وأضاف «التغيير في رأس هرم السلطة العسكرية يؤدي إلى تغيير واسع على مستوى كل القيادات والتعيين في قيادة الجيش لا ينتقص من دور رئيس الجمهورية العتيد». وقال: «سعيتُ مع ميقاتي لملء الشواغر في المجلس العسكري، ومصير قيادة الجيش يتوقف على خطوات الحكومة ومجلس النواب وقمت بكل ما بوسعي ضمن إطار قانون الدفاع وصلاحياتي».
وفيما علمت «البناء» أن الرئيس بري متمسك بمناقشة كامل بنود جدول الأعمال والتصويت عليها في الجلسة التشريعية المقبلة، ومن ضمن البنود بند «الكابيتال كونترول»، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى ان «رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو الى جلسة تشريعية في النصف الأول من هذا الشهر»، رافضاً ربط الدعوة بمواقف الكتل النيابية. وشدّد في حديث إذاعي، على «وجوب الحفاظ على مؤسسة الجيش»، وأوضح ان «ملفّ قيادة الجيش ومسألة تطبيق الـ 1701 هما موضوعان ملحّان طالما أن الملف الرئاسي طال أمده ولم يسجل أي تبدل في المواقف حتى اللحظة، ولذلك طرحهما المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان أثناء زيارته إلى لبنان».
وجدد لودريان دعمه «التّمديد لقائد الجيش اللبناني، لأنّ اللّبنانيّين بحاجة إلى الأمن. وبما أنّه لا يمكن استبدال قائد الجيش في ظلّ غياب رئيس الجمهوريّة، فمن الضّروري في هذه المرحلة التّمديد له، وهناك واجب وطني لإيجاد مخرج دستوريّ للخروج من هذا الوضع الصّعب».
وأوضح أنّ «دور فرنسا هو تمكين اللّبنانيّين من إيجاد مرشّح توافقي، وليس اقتراح اسم، وعلى المسؤولين اللّبنانيّين أن يتحمّلوا مسؤوليّاتهم ويتّفقوا على اسم»، مركّزًا على أنّ «بعد التّحدّث مع الأفرقاء السّياسيّين اللّبنانيّين، تبيّن أنّ أيًّا من المرشّحين المحتملين ممّا قبل 14 حزيران الماضي، ليس بإمكانه جمع ما يكفي من الأصوات ليصبح رئيسًا». وكشف أنّ «السعودية تدعم خيار المرشّح الرّئاسي الثّالث، وهي تتحرّك مجدّدًا لإخراج لبنان من المأزق».
"النهار": "التحاق" الجنوب بغزة مجدداً والمواجهات تحتدم
بدورها كتبت صحيفة "النهار": "على وقع معادلة "التصاق" مواجهة المساندة والمشاغلة للقوات الإسرائيلية عبر الحدود اللبنانية الجنوبية مع "إسرائيل" التي اتبعها حزب الله منذ الثامن من تشرين الأول الماضي بدعم حركة حماس في غزة، لم تقتصر نهاية الهدنة امس على غزة بل طاول سقوطها أيضا الجنوب اللبناني. استعاد الخط الأزرق على امتداد الحدود المواجهات الحادة خصوصا منذ بعد ظهر امس ايذانًا بربط واضح متجدد للوضع على الحدود الجنوبية بالوضع في غزة الامر الذي اثار مجددا التساؤلات الواسعة مقرونة بقلق متعاظم حيال اخطار مرحلة ما بعد الهدنة علما ان هذه الهدنة سرت على الجبهة الجنوبية دون ان تبن علني بذلك لا من قبل "إسرائيل" ولا من جانب حزب الله، ومع ذلك فان نهايتها في غزة حيث استأنفت "إسرائيل" هجماتها المدمرة امس سرعان ما اشعل المواجهات جنوبا بما يثير الكثير من المحاذير الخطيرة حيال هذا الربط القسري ويشرع الساحة الجنوبية وعبرها لبنان بأسرها مجددا لشتى الاحتمالات الخطرة.
الخرق الأول للهدوء الذي ساد الجنوب منذ أسبوع سجل بعد الظهر حين انفجرت صواريخ اعتراضية في أجواء سهل مرجعيون قبالة مستعمرة المطلة في وقت اعلن الجيش الإسرائيلي ان “المنظومة الدفاعية اعترضت جسما طائرا مشبوها اخترق الحدود من جهة لبنان”. وفيما ذكر أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب على الحدود مع لبنان، اشتعلت المواجهات عصرا واستشهدت ناصيفة مزرعاني ونجلها محمد في بلدة حولا بعد إصابة منزلهما بقذيفة "إسرائيلية". وفي وقت لاحق نعى حزب الله (الشهيد) محمد مزرعاني وأعلن في سلسلة بيانات استهداف العديد من المواقع الإسرائيلية ومنها تجمع لجنود إسرائيليين في محيط موقع جل العلام، وموقع المرج مرتين، وموقع راميا، وثكنة راميم. وافيد مساء ان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة اللبونة جنوب الناقورة وبلدة الجبين ما أدى الى قوع إصابات وهرعت فرق اسعاف “كشافة الرسالة” الى المكان. واصدر الحزب نعيا اخر في وقت لاحق لـ(الشهيد) وجيه شحادة مشيك.
على وقع عودة ألمواجهات جنوبا التي دأبت فرنسا على اطلاق التحذيرات من خطورة تشكيلها مؤشرا لانزلاق لبنان الى حرب، انهى الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان زيارته لبيروت وعاد الى باريس فيما سارعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا الى تكرار تحذيراتها من أنّ “أي خطأ في الحسابات يُمكن أن يجر لبنان إلى تصعيد يتجاوز جنوبه” وقالت في تصريح امس: “الوضع بين لبنان و"إسرائيل" أخطر مما كان عام 2006”.
لودريان ورسائله
ووفق معلومات “النهار” ترك لودريان للرسائل الثلاث التي أودعها المسؤولين والقوى السياسية المتصلة بالملف الرئاسي والوضع في الجنوب والتمديد لقائد الجيش العماد جان عون ان تتفاعل عقب زيارته ايذاناً بعودته مجددا الى بيروت كما ثبت، وفيما ان البعض يسوق لفكرة ان ازمة غزة يمكن ان تدفع بانتخاب رئيس للجمهورية الى امد غير محدد، ابلغ لودريان من يعنيهم الامر “ان الامر معاكس وان الازمة تحتم ضرورة طارئة وملحة في انتخاب رئيس اذ ان الوقت يلعب ضد لبنان“. وبدا واضحا ان هذا الموقف لا يعكس رأي فرنسا فحسب بل ان لودريان بمروره في قطر ثم في السعودية فانه عبر في بيروت عن موقف المجموعة الخماسية “على قاعدة ان الجميع على صفحة واحدة او موقف واحد من هذه الرسائل الثلاث وهذه النقطة هي من ضمن الرسائل المضمرة اي توافق دول الخماسية وعدم وجود اي ثغر او تمايزات بينهم”. ومن الرسائل المضمرة عبر الرسائل العناوين الاساسية في موضوع ضبط النفس في الجنوب كان لودريان حاسما في “ان فرنسا متمسكة بتنفيذ القرار 1701 خصوصا انها ساهمت في انجازه وهي شريكة في تطبيقه وستكون مشجعة لوضعه موضع التنفيذ اذ ربما تكون فرصة راهنا لذلك”.
اما في موضوع ضرورة التمديد لقائد الجيش والذي كان سببا للقاء مختصر جدا مع رئيس التيار العوني جبران باسيل انطلاقا من اعتبار لودريان ان باسيل هو من يقود رفض التمديد لاستمرار قائد الجيش في منصبه ما سبب خلافا قويا بينهما، فان لودريان لم يشعر على اثر الخلاف ان هناك اي فائدة من استمرار اللقاء مع باسيل علما ان موقف لودريان من التمديد للعماد جوزف عون مبني على اقتناع بشقين: “الاول ان هناك قائدا للجيش تنتهي ولايته في 10 كانون الثاني ولا وجود لرئيس للجمهورية من اجل تعيين قائد جديد فضلا عن ان هناك سوابق في التمديد لقائد الجيش. وهذا ليس دفاعا عن الشخص بل هو دفاع عن الموقع. والشق الثاني مبني على قاعدة انه بمقدار ما ان استمرار وجود قائد اصيل في قيادة الجيش مهم لامن اللبنانيين، اذ لا يمكن تخيل بلد من دون قائد للجيش وفي بلد مأزوم كلبنان، فهي مسألة امنية في ظل وجود جنود فرنسيين من ضمن القوة الدولية العاملة في الجنوب والتنسيق او التعاون بينهم وبين الجيش .وتاليا فان تغييرا مفاجئا من دون خلف واضح في القيادة يثير اسئلة جدية لدى باريس”.
وفي تصريح للمؤسسة اللبنانية للإرسال اكد لودريان ان الرئيس ماكرون أرسله في مهمة “كوسيط وليس كبديل والوسيط يعني أن أجعل اللبنانيين يحاولون معاً الخروج من هذا المأزق لأن العلاقات الداخلية مجمدة بشكل كبير والوضع المقلق المستجد بعد مواجهات غزة يحثنا على الإسراع في المسعى للخروج من المأزق”. وقال: “لا شيء يمنع إمكان حصول تصعيد دراماتيكي للوضع الأمني في لبنان ونحث لبنان و"اسرائيل" على ضبط النفس لأن أي تصعيد سيكون له عواقب مأساوية على الجميع وفرنسا ليست منحازة لـ"إسرائيل". وشدد على” ان الأزمة الحالية تستوجب المعالجة الطارئة لموضوع الانتخابات الرئاسية لأنه في وقت من الأوقات سيكون هناك مفاوضات ويستحسن أن يكون هناك سلطة لبنانية لتحاور باسم كافة الفرقاء والا فلن يعود لبنان مقرراً لمصيره بل سيخضع له”.
وكان لافتا في موضوع اثارة مصير القرار 1701 ان الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي علق “على تزايد الحديث عن ضرورة تعديل قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وإنشاء منطقة عازلة” بالقول “إن مجلس الأمن الدولي هو الذي أصدر القرار، ولذلك لا يمكن بدء أي مناقشات حول مستقبله إلا من خلال مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه”. وأكد تيننتي أن “ركائز القرار 1701 لا تزال سارية”، مُشدداً على أن “الأولوية تبقى في منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان أمن حفظة السلام”. ورداً على سؤال عما اذا كنا سنشهد اجتماعاً ثلاثياً قريباً في الناقورة، قال “حتى الآن لا توجد مؤشرات على اجتماعات مقبلة. ومع ذلك، فإن بعثة اليونيفيل، بقيادة الجنرال أرولدو لاثارو، تشارك بنشاط في الجهود المبذولة للحدّ من التوترات، لتجنب خطر نشوب نزاع أوسع. وقد تمت كل هذه الجهود من خلال التواصل الثنائي مع الجانبين من دون عقد اجتماع ثلاثي”.
الراعي والتمديد
في ملف التمديد لقائد الجيش وفيما يتوقع ان يصدر مواقف حاسم جديد لمجلس المطارنة الموارنة بالتحذير من مغبة عدم التمديد للعماد جوزف عون ، بدا واضحا ان زيارة وزير الدفاع موريس سليم امس لبكركي لم تنجح في اقتناع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بالمبررات التي ساقها الوزير لعدم موافقته على التمديد لعون . وفي تسجيل علني لشق من اللقاء قال البطريرك الراعي للوزير : “المنطقة تغلي ونحن بلا رأس وفي الديمان لدينا ارزة كبيرة اصابتها صاعقة فانكسر رأسها ويحاول كل غصن فيها ان يكون هو الرأس وهكذا نحن في لبنان فكيف نحمي وطننا؟”.
واعتبر سليم انّ “التقاعد حكمي بموجب ما ينص عليه قانون الدفاع الوطني والحالات الخاصة التي ينص عليها القانون لا تنطبق على الاستحقاق الحالي ومن المستحيل تخطيها مهما كانت المبررات”. وإذ شدّد على أنّه لا يريد ترك المؤسسة العسكرية بأي حالة من حالات الشغور، جزم أنّ “التمديد لقائد الجيش لا يسمح به قانون الدفاع والأمر يحتاج الى تعديل القانون وهذا غير متوفر حالياً”. واضاف “التغيير في رأس هرم السلطة العسكرية يؤدي إلى تغيير واسع على مستوى كل القيادات والتعيين في قيادة الجيش لا ينتقص من دور رئيس الجمهورية العتيد”.
وفي هذا الملف أفيد ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يستعجل الحكومة الأسراع في بت موضوع المجلس العسكري والتوجه الى التعيين او السير في تأجيل تسريح قائد الجيش ويرى انه من غير السهل على الحكومة نقل كرة النار هذه الى مجلس النواب .
الحدود البرية اللبنانيةجان إيف لودريان