لبنان
مفاوضات تبادل الأسرى في المنطقة الصعبة.. 150 أسيرًا مقابل تبييض السجون
أما وقد أنجزت المراحل الأربع من صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وانتهت معادلة أسير مقابل ثلاثة، دخل التفاوض بين الجانبين المنطقة الصعبة، حول معادلة جديدة قوامها العسكريون الأسرى لدى قوى المقاومة مقابل مجموع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
إلى ذلك عادت القضايا المحلية، إلى واجهة اهتمامات الصحف اللبنانية لا سيما فيما يتعلق باستحقاق قيادة الجيش اللبناني، والبحث عن حلول بين التمديد والبحث عن آليات أخرى ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية.
البناء: تمديد الهدنة ليومين واحتمال بلوغها عشرة أيام قبل الدخول في استعصاء التبادل..
يومان جديدان لهدنة حرب غزة وضمناً مواصلة لعملية تبادل الأسيرات والأطفال، مع تأكيد نيات تمديد إضافي قد يصل بإجمالي أيام الهدنة الى عشرة أيام، ومجموع مئة أسير تفرج عنهم قوات القسام مقابل ثلاثمئة أسيرة وطفل يتحرّرون من سجون الاحتلال، حيث يدخل التفاوض المنطقة الصعبة، وهي آلية الدخول في صفقة تبادل على العسكريين الأسرى لدى قوى المقاومة مقابل مجموع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وهذا يعني جدولة تبادل مئة وخمسين أسيراً تقريباً لدى المقاومة بقرابة عشرة آلاف في سجون الاحتلال، منهم أربعة آلاف تقريباً تمّ اعتقالهم خلال حرب طوفان الأقصى. والاستعصاء هنا في صعوبة قبول الاحتلال بمعادلة واحد مقابل ستين، وصعوبة تحمل تحرير الأسرى القادة وأصحاب الأدوار الكبرى في أعمال المقاومة، وبالمقابل صعوبة التخلّي عن العسكريين، وخصوصاً ما يعادل الأسرى القادة من جنرالات الاحتلال الأسرى.
مع استعصاء مواصلة تمديد الهدنة والتبادل يبرز استعصاء العودة إلى الحرب، مع فقدان جيش الاحتلال خريطة طريق للأهداف التي يمكن تحقيقها من الحرب، بعدما أظهرت عملية الانتشار في أطراف غزة الشمالية والغربية ووسطها، أن الإنجاز الوهميّ قد بدّدته صورة قوات القسام الموثقة لتدمير عشرات الدبابات وقتل العشرات من الجنود بالقنص وقذائف الهاون. والبديل الذي يمثله وقف الحرب يعني هزيمة كاملة لا تتحملها الحكومة ولا حتى قيادة جيش الاحتلال. ومقابل ما يعلنه الوزراء ونواب الكنيست الذين يستندون إلى قاعدة من المستوطنين في الشمال والجنوب، الذين يهدّدون بمغادرة الحكومة اذا أوقفت الحرب، يوجد جنرالات يلوّحون بالاستقالة إذا اتخذ قرار مواصلة الحرب بلا وضوح خطة إنجاز تدخل جيش الاحتلال في حرب استنزاف بلا طائل.
البحث عن مخرج يجري في كواليس السياسة في تل أبيب، ومثلها في واشنطن، ومن بين الفرضيات المتداولة فرط عقد حكومة بنيامين نتنياهو ما يخلق حدثاً كبيراً يطغى على الحرب ويفتح الباب لانتخابات مبكرة، ربما تريدها واشنطن للتخلص من نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف والمجيء بحكومة مطواعة تستطيع الإقرار بخفض سقف التوقعات العسكرية، والانفتاح على الخيارات السياسية التي تعلن واشنطن سعيها لتسويقها. وهنا تنقل يديعوت أحرونوت عن نتنياهو توجّسه من شيء ما يجري في حزبه الليكود، حيث يتحدّث عن مساعٍ لإزاحته ومؤامرات لاستبداله، والتداول بأسماء يجري التصويت على انتخاب أحدها رئيساً بديلاً لحزب الليكود.
لا يزال اتفاق الهدنة الذي تم تمديده لأيام إضافية بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، سيد الموقف على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، حيث شهدت القرى والبلدات الحدودية حركة كثيفة للمواطنين الذين استغلوا أيام الهدنة لمعاينة الأضرار التي لحقت بمنازلهم وحقولهم ومصالحهم، فيما كشف حزب الله أن هيئات خاصة تقوم بإحصاء هذه الأضرار للتعويض على أصحابها. وأعلن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله «بدء حزب الله بدفع تعويضات للمتضررين مباشرة من العدوان الصهيوني على القرى الحدودية».
وقال خلال احتفال تأبيني في بلدة عيتا الشعب: «في الوقت الذي كانت تقدم فيه المقاومة خيرة مجاهديها وخيرة الشباب في لبنان شهداء، وتواجه العدو، وتحمي الناس بالدم، كانت تشكيلات حزب الله تعمل في القرى والبلدات وعلى خطوط النار من أجل إحصاء الأضرار ودعم شعبنا، وهي لم تنتظر الهدنة بل كانت حاضرة على مدار الساعة في الميادين الصحية والمعيشية والخدمية المتنوّعة، ووفق ما يتوفر لنا من إمكانات، لدعم الناس الصامدين أو النازحين، وهذا جزء من عمل المقاومة، ومن يقدم تضحيات ودماء لا يبخل بأي شيء آخر».
وإذ سجلت بعض الخروق للهدنة من جيش الاحتلال الإسرائيلي في بعض القرى بموازاة تحليق للطيران الحربي والتجسسي الإسرائيلي فوق مناطق الجنوب وصولاً إلى العاصمة، تترقب الساحة الداخلية مرحلة ما بعد نهاية الهدنة في ظل تأكيد خبراء عسكريين ومحللين سياسيين بأن جيش الاحتلال ورغم الضربات التي أصابت صميم الكيان الإسرائيلي سيستأنف الحرب على قطاع غزة، لمحاولة تحقيق إنجازات عسكرية ولو إعلامية لاستعادة جزء يسير من هيبة جيشه وقوة الردع في المنطقة واستعادة الأمن إلى غلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة، لأن سقوط هيبة الجيش وقوة الردع يعني نهاية الكيان الإسرائيلي». ويشير الخبراء والمحللون لـ»البناء» الى أن الكيان في مأزق وجودي ومع الولايات المتحدة الأميركية التي تدير الحرب، فلا يستطيع إيقاف الحرب والاستسلام لأن ذلك يعني كتابة بداية نهايته بيديه، واستمرار الحرب يعني استمرار حرب الاستنزاف لجيش الإحتلال المتهالك والمهشمة صورته وهيبته ومعنوياته، ولا يحتمل هزيمة إضافية في الجولة أو الجولات الجديدة في الحرب». ولفتوا الى أن جبهة الجنوب مرتبطة بمجريات الوضع في غزة، وبالتالي ستعود الى سخونتها فور نهاية الهدنة وإطلاق أول غارة إسرائيلية على غزة، وقد نشهد جولات أكثر سخونة وعنفاً ودموية من السابق، لأن المعركة لدى إسرائيل وجودية ومصيرية».
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «المقاومة في لبنان مستعدّة لكافة الاحتمالات وستعود الى الميدان حينما يعود العدو الى العدوان على غزة، وهي أعدّت الكثير من المفاجآت والعمليات النوعية التي ستصدم العدو وتكبّده خسائر كبيرة». كما أكدت المصادر أن المقاومة جاهزة لمواجهة أي عدوان إسرائيلي على الجنوب ولبنان. محذّرة من أي حماقة قد يقدم عليها رئيس حكومة الاحتلال وحكومه عدوانه على لبنان، للهروب من أزمته وهزيمته في غزة، مشدّدة على أن المقاومة أعدت لهذا السيناريو الذي لن ينتهي إلا بنهاية الكيان الصهيوني.
وفي سياق ذلك، أشار رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، خلال احتفال تأبيني أن «المواجهة مع العدو هي مواجهة الإيمان، وأهل الإيمان، وما هو آتٍ سيكون أعظم، وهذا ما أكده الإمام روح الله الخميني، بأنّ هذا العدو يجب أن يُمحى، ومنذ ذلك الحين بدأ العد العكسي، وبدأ الكيان بالتلاشي، فيما واصلت المقاومة بمجاهديها وتضحياتها حالة التصاعد والعدو في حالة انخفاض».
ورأى أن «هذه المعركة لن تنتهي إلا بمشاهد انكسار العدو على المستويين العسكري والسياسي، مع صعود المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق».
وشدد صفي الدين على أنه «لو لم ندخل من أجل الدفاع عن غزة لما كانت مقاومة وطنية، عربية، شرعية، وهذا الموقف تحدّده القيادة حسب الضرورة واللازم، وشهداء فلسطين وغزة ولبنان سيرسمون مستقبل بلدنا، والمشروع الأميركي الإسرائيلي لن يتحقق وسيُصاب بالخيبة». واعتبر أن «هذه المعركة تؤكد لنا حقيقة واحدة أن هذا العدو هو في طريقه الى الزوال والمقاومة في طريق الانتصار، وهذا له أثمان، وإذا قارنّا بين الأثمان والنتائج، سنرى أن النتائج أثمن بكثير، وصمود المقاومة والناس سيصنع المعجزات كما في تموز عام 2006».
وأوضح صفي الدين أن «قتال المقاومة الإسلامية بوجه العدو أعلى صراخه، وبات المستوطنون يخشون العودة إلى الشمال ويعيشون القلق والضعف والخوف، فيما يُعشعش الهلع والذعر في قلوب جنوده وضباطه».
وفي سياق ذلك، قال رئيس بلدية كريات شمونة أفيحاي شترن: «إن المستوطنين لن يعودوا الى منازلهم حتى يجري إبعاد عناصر حزب الله إلى ما بعد الليطاني»، بحسب تعبيره.
وفي مقابلة مع موقع «يديعوت أحرونوت»، قال شترن إنني: «لا أعرف عن أي إنجازات يتحدث وزير الأمن (الحرب) يوآف غالنت، طالما أن قوة الرضوان عند السياج، فليس لأحد القدرة على التعهد لنا أننا لن نستيقظ ذات صباح على ما يحصل في الجنوب»، سائلًا: «من سيكون مستعدًا للعودة إلى هنا؟».
ورأى أنه يجب «القيام بعملية قاسية ورادعة»، وفقًا لقوله، مضيفًا: «يجب على الجيش الإسرائيلي أن يتعلم أن يهاجم من أجل تجنب الحاجة إلى حماية حياتنا من عشرات الآلاف من مقاتلي حزب الله الذين سيصلون إلى المدينة، في غضون دقائق، عندما يقرّرون أن الوقت قد حانَ للهجوم، فالتهديد يتزايد»، سائلًا: «ما الذي تنتظره المؤسسة الأمنية والحكومة؟».
وتحدث رئيس المجلس الإقليمي «ماطه إيشر» موشيه دويدوفيتش عن الموضوع بشدة لـ «يديعوت أحرونوت»، وقال: «يبدو لي أن غالنت نسي رفع الغطاء عن عدسات المنظار، فنحن لا نهتمّ بصافرة التهدئة من قبله ولا بكلماته الفارغة، ومواطنونا لن يكونوا كالبط في حقل حزب الله»، مضيفًا: «إذا كان يعتقد أن سكان الشمال سيكونون قصة «كفار غزة 2» – وكفار غزة مستوطنة على حدود غزة تعرضت لهجوم «حماس – فإنه مشتبه، فهذا لن يحدث، بينما الجيش الإسرائيلي لم يكمل مهمته في الشمال فحسب، بل لم يبدأ مهمته بعد».
ويشير محللون في الشؤون الإسرائيلية لـ»البناء» الى أن حل الدولتين غير وارد في المفهوم الإسرائيلي ولا عند الفلسطينيين بعد 7 تشرين الأول الماضي وبعد كل هذه الجرائم الاسرائيلية بحق الفلسطينيين، كما أن الكلام الأميركي عن أن قيام الدولتين هو الحل للحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو مجرد مناورة ونفاق ووعود كاذبة للفلسطينيين لكي لا يسلكوا خيار المقاومة العسكرية، وبالتالي الحرب مستمرة وطويلة. وهذا ما أكده وزير حرب العدو أمس، بأن «حل الدولتين غير ممكن»، وبالإضافة لقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي المصادقة على بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية.
وأثار إعلان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، خلال زيارته الأراضي المحتلة منذ أيام، نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في المدى القريب وتأييده لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وفق القرارات الدولية (قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس)، غضب المسؤولين الإسرائيليين لا سيما رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذين يرفضون أي حديث عن دولة فلسطينية مستقلة.
ولوحِظ غياب التغطية الإعلامية لزيارة رئيس الوزراء الإسباني الى «تل أبيب» وإلى رام الله، مما يُرجح وجود تعليمات صادرة من الحكومة الإسرائيلية بعدم تغطية الزيارة. وكما الموقف الإسباني كان الموقف البلجيكي، ما دفع بسلطة الاحتلال الى استدعاء السفيرين الإسباني والبلجيكي في كيان الاحتلال للاعتراض على موقفي بلادهما.
وكشفت أوساط سياسية لـ»البناء» عن توجه أميركي – أوروبي لطرح تعديل القرار الدولي 1701 على مجلس الأمن الدولي أو التصويت على مشروع قرار جديد يؤدي إلى تطبيق جوهر القرار 1701 بذريعة أن حزب الله خرق هذا القرار في ظل عجز القوات الدولية والجيش اللبناني عن تطبيقه بتفاصيله لا سيما منع أي مظاهر مسلحة في جنوب الليطاني. وكشفت عن مشاورات أميركية – أوروبية – إسرائيلية مع روسيا والصين لإقناعهما بهذا الأمر. وحذرت الأوساط من عمل عسكري إسرائيلي في منطقة جنوب الليطاني باستهداف مراكز وقواعد حزب الله على غرار استهداف فرقة لقوة الرضوان في بيت ياحون، وقد تستهدف القرى والبلدات جنوب الليطاني بحال توسّع الحرب لتهجير السكان ظناً بأنها تبعد حزب الله عن الحدود مع شمال فلسطين وتقدّم هذا الأمر كإنجاز للرأي العام الإسرائيلي ولسكان الشمال تحديداً بأنها أعادت الأمن الى هذه المنطقة.
وإثر مشاركتها في جلسة مجلس الأمن حول القرار 1701، جالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية، ثم على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأعلنت فرونتسكا من السراي «أتيت لأبلغ دولة الرئيس عن لقاء مجلس الأمن في نيويورك وما قلته في كلمتي بالنسبة إلى القرار 1701 وضرورة التمسك به وتنفيذه على أرض الواقع، وكيفية حماية لبنان من الحرب في المنطقة، إضافة الى موضوع الإصلاحات ودور مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس للجمهورية». وذكرّت بأن مجلس الأمن يهتم كثيراً بموضوع لبنان لأن له دوراً استراتيجياً في المنطقة، كما أن موقف مجلس الأمن موحّد في شأن لبنان».
الى ذلك، تتهيأ الساحة المحلية لاستقبال الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان الذي يصل الى لبنان في الساعات المقبلة.
وأشار رئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية الفرنسية سيمون أبي رميا الى أن «لودريان قد لا يحمل اقتراحات جديدة، لكن المقاربة الفرنسية للملف ترى ان القيادات السياسية في لبنان، بعد حرب غزة والعدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني، قد تعي أن الفراغ الرئاسي لا يمكن ان يستمر». وفي حديث تلفزيوني رأى أبي رميا أن «الرهان الفرنسي يرتكز على إمكانية إحداث خرق في هذا الوقت لتحريك الملف الرئاسي، وذلك بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وقطر».
وعن إمكانية أن يحمل لودريان معه اسماء مرشحين للرئاسة أكد ابي رميا أن فرنسا لا تأتي لتسويق اسماء، ما يهمّها هو إنهاء الفراغ الرئاسي بمعزل عن الاسم وهوية الرئيس، هذا هو الهدف الأساسي لفرنسا الذي يواكب بتحرك قطري على الساحة اللبنانية.
ولم تعوّل جهات سياسية مواكبة للحراك الخارجي على الخط الرئاسي على الجهد الفرنسي، في ظل انتظار مصير الحرب على غزة وفي المنطقة ونتائجها النهائية وتداعياتها على المنطقة لا سيما لبنان. مشيرة لـ»البناء» الى أن جولة الموفد القطري «أبو فهد» لم تحرز أي نتيجة عملية في ظل تمسك الأطراف السياسية بمواقفها. علماً ان حزب الله وفريقه السياسي بات أكثر تصلباً بموقفه بعد الحرب على غزة والهجمة الأميركية الغربية الإسرائيلية على فلسطين ولبنان والمشاريع التي تخفيها للمنطقة.
ولم تحجب الأحداث الخارجية، الأضواء عن الأزمة في قيادة الجيش، في ظل توجّه لحسم الملف في مجلس الوزراء خلال الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير وفق معلومات «البناء». وأعلن الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، أنّ «مجلس الوزراء بهيئة تصريف الأعمال، يعقد جلسةً عند السّاعة الثّانية عشرة ظهر يوم الأربعاء في السّراي الكبير، لبحث عدد من المواضيع».
وأبلغت مصادر وزارية «البناء» بأن «المشاورات تكثفت على كافة الخطوط السياسية خلال اليومين الماضيين وستستمر خلال الـ 24 ساعة المقبلة وتجري مناقشة كافة الحلول والصيغة القانونية والدستورية، للوصول الى حل توافقي»، كاشفة أن القرار اتخذ لمنع حصول فراغ في المؤسسة العسكرية. ولفتت الى أن التوجه نحو حسم الأمر في مجلس الوزراء كطريق أسهل وأسرع من مجلس النواب»، مرجّحة تأجيل تسريح قائد الجيش الحالي العماد جوزاف عون لمدة ستة أشهر ضمن صيغة قانونية تأخذ بعين الاعتبار حالة الضرورة والظروف الاستثنائية، وبالتوازي تعيين رئيس للأركان في الجلسة نفسها، وهذا يبعد شبح الفراغ عن قيادة الجيش، ويضمن بأنه عند نهاية ولاية قائد الجيش يكون هناك رئيس للأركان يتسلّم مهام وصلاحيات القيادة حتى انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة يصار الى تعيين قائد جديد للجيش».
وإذ علمت «البناء» أن النائب السابق وليد جنبلاط لا يفضل تعيين رئيس للأركان لحسابات سياسية وطائفية، شدّد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور على أن «المؤسسة العسكرية لا تحتمل أي فراغ أو شغور»، معتبراً أن الحلّ يكمن في التمديد للعماد عون وتعيين مجلس عسكري إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مضيفاً «أن المسار الحكومي لمعالجة الملف لا يبدو سالكاً حتى اللحظة، أما المسار البرلماني فهو مرتبط بموقف الأطراف»، مشدداً على أن المطلوب من الاطراف السياسية أن تبدي مرونة أكثر في هذا المجال. وقال: «هناك طروحات عدة ويمكن إيجاد صيغة توافقية والسير بها».
بدوره، قال عضو تكتل لبنان القوي النائب آلان عون إن «الحل في ما يتعلق بقيادة الجيش هو بالتعيين أو بالتمديد وكل ما هو غير واضح بالقانون «ما بيمشي». ولفت في حديث صحافي إلى أن «المطلوب إيجاد حل لملف قيادة الجيش بعيداً عن التجاذبات السياسية والإعلامية». وأردف عون «الوقت يداهمنا ويجب التعاطي بكل مسؤولية حول قيادة الجيش في ما تبقى من وقت».
"الأخبار": الأخبار: قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديـد آمنٌ
دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور الوقت قبل الوصول إلى مخرج في الأول يفكّ ارتباطه بالثاني أو يحكمه به، يضاعف من وطأة العقبات وتأجيل الخيارات المتاحة
فيما لا عجلة في عامل الوقت بإزاء انتخاب رئيس للجمهورية، وقد مضى على شغور المنصب سنة وشهر يكتمل بعد يومين، لبتّ مصير قيادة الجيش مهلة مقيّدة يصعب تجاوزها تفادياً للمحظور. ذلك ما يساهم في طرح مخارج مختلفة لم يحظَ أيٌّ منها الى الآن بتوافق الحد الأدنى يتيح إمراره: لا تعيين قائد جديد للجيش خلفاً للعماد جوزف عون بعد إحالته على التقاعد في 10 كانون الثاني 2024 يحظى بالتوافق الممكن، ولا تمديد سنّ تقاعد القائد الحالي بقانون في مجلس النواب يحظى بدوره بتوافق ممكن.أما المخرجان المتبقيان فدونهما صعوبات ليست أقل تأثيراً: تأجيل تسريح عون بقرار من وزير الدفاع موريس سليم مستعصٍ، والتفكير في تعيين رئيس للأركان في مجلس الوزراء يتسلّم صلاحيات قائد الجيش ما إن يشغر منصبه نصف مستعصٍ.
استعصاء خيار تأجيل التسريح مرتبط بالموقف السياسي المغالي في سلبيّته من وجود عون في منصبه لدى التيار الوطني الحر، وهو المبرّر الفعلي لطلب تعيين قائد خلف له على أنه أفضل الطرق للتخلص من القائد الحالي.
أما الاستعصاء الثاني فيرتبط بالمرجعية الوحيدة المعنية بتسمية رئيس الأركان، وإن يكن مصدر التعيين هو مجلس الوزراء «بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني بعد استطلاع رأي قائد الجيش» عملاً بالمادة 21 في قانون الدفاع. كلا وزير الدفاع وقائد الجيش ليسا سوى ممرّين شكليّين لتعيين رئيس الأركان. أما مجلس الوزراء فلا يسعه إلا التسليم بالاسم الذي تقدّمه المرجعية الحصرية، المكرسة منذ عام 1991 بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يوم اختار العميد رياض تقي الدين للمنصب.
قبل ذلك التاريخ، في حقبة ما قبل الحرب، لم تكن تسمية رئيس الأركان شرط الزعيم الدرزي الأب كمال جنبلاط. رئيس الأركان التاريخي في الجيش يوسف شميط سمّاه الرئيس فؤاد شهاب عام 1959 واستمر من بعده حتى عام 1971. خلفه سعيد نصر الله الذي لم يكن جنبلاطياً. كذلك ثالثهما منير طربيه عام 1977 في عهد الرئيس الياس سركيس.
الموقف المعلن لجنبلاط معارضته تسمية رئيس للأركان يُراد منه الحلول محل قائد الجيش الى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية لا أحد يعرف متى يحين أوانه. مع ذلك، يبدو وحده حلّ الحدّ الأدنى المتاح التوافق عليه: لا يخسر فيه رافضو استمرار عون في منصبه، ولا يربح المصرّون على بقائه. قيل إن جانباً من زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط للنائب جبران باسيل في البترون في 14 تشرين الثاني تناول هذا الشق في الحل.
تعيين رئيس للأركان، خلافاً للتمديد لقائد الجيش، ليس موقتاً ولا انتقالياً شأن ذاك لسنة، بل يستمر الى أن يحال بدوره على التقاعد. إذذاك تُطرح مشكلة مكمّلة لتلك الرائجة اليوم: كما لا يمكن تعيين قائد للجيش في غياب رئيس للجمهورية فيُفرض عليه ولم يكن هو مَن اختاره، يصحّ ذلك أيضاً على تعيين رئيس للأركان يُفرض على قائد جديد للجيش لم يُعيّن بعد وليس هو مَن استُطلع رأيه فيه – وهو غير ملزم في كل حال – أضف أنه الرجل الثاني في القيادة كما في المجلس العسكري.
راكمت أخيراً بضعة معطيات من حول مصير قيادة الجيش قبل الوصول الى 10 كانون الثاني المقبل:
أولها، الجلسة المفترض أن يوجّه رئيس البرلمان نبيه برّي الدعوة إليها قبل 15 كانون الأول المقبل، لمناقشة جدول أعمال مشاريع قوانين إصلاحية في أسفل بنوده أكثر من اقتراح قانون مرتبط بالجيش: ذاك المقدّم بصفة العجلة من حزب القوات اللبنانية لتمديد سنّ تقاعد القائد الحالي سنة، وآخر تقدّم به نواب سنّة أضاف تمديد بقاء المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في منصبه، رغم تسريحه المتأخر في أيار المقبل. في حصيلة المتوقع من الجلسة دمج الاقتراحين أحدهما في الآخر للخروج بثالث يرضي الطرفين.
فريقان اثنان يريدان الجلسة: برّي لتكريس حق المجلس في التشريع أنّى شاء ومتى شاء بين جلسات انتخاب الرئيس ما دام يقفل محاضر هذه. حضور المقاطعين الجلسة يكسبه تثبيت هذا الحق واستخدامه في كل حين. يريد الجلسة أيضاً كمَن يبلع الموسى في حلقه حزب القوات اللبنانية بأن يرغم نفسه على حضور جلسة اشتراعية ظلّ يعتبرها غير دستورية في ظل الشغور. ارتضى أن يفعل من أجل إمرار تمديد تقاعد عون. ما يردّده نواب الحزب أنهم لن يحضروا أيّ جلسة أخرى في ما بعد قبل انتخاب الرئيس. ردّ فعل رئيس المجلس أن المرة الأولى تكفي لتثبيت القاعدة وكسر المكابرة.
ثانيها، ليست هذه فحسب مشكلة الجلسة ومنتهاها. ما يقوله رئيس البرلمان عنها ان النصف زائداً واحداً كافٍ لانعقادها، والنصف زائداً واحداً من الأكثرية المطلقة الحاضرة، أي 34 نائباً، كافٍ لإمرار قانون تمديد سنّ تقاعد عون. مؤدّى ذلك أن ربع مجلس النواب يصوّت لبقاء قائد الجيش في منصبه، فيما يشترط الدستور في المادة 65 تعيينه، كسائر موظفي الفئة الأولى، بثلثَي الأعضاء. ليس أدلّ على هذه الخلاصة سوى أن الرجل مستمر على رأس المؤسسة العسكرية بفعل السياسة والنكايات، لا بحكم القانون الذي سيمسي عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري. سابقة في ذاتها تتيح تردّد صداها داخل الجيش وحيال وهرة قائد أضحى موقتاً انتقالياً مطعوناً في قانونية منصبه.
البعض المتفائل المؤيد لتمديد سنّ التقاعد يقول إن حظوظ التصويت عليه ستكون مرتفعة وتقارب 90 صوتاً، دونما أن تحول دون الطعن فيه أمام المجلس الدستوري. في المقلب الآخر لدى بعض المتشائمين سؤالهم عما سيفعله حزب الله في الجلسة: يتضامن مع برّي أو يقف في صف باسيل؟ مستفيدان من جلسة التمديد: برّي لكسر المقاطعة والقوات اللبنانية لكسر باسيل
ثالثها، يسمع زوّار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تبرّمه من الضغوط التي يواجهها في خيار قيادة الجيش: يصعب عليه إمرار تعيين قائد للجيش يريده باسيل، ويتعذّر عليه قانوناً وعلى مجلس الوزراء الذي يترأّس تأجيل تسريح عون المنوط بالوزير المختص وحده كصلاحية مقيّدة. لتبرّم ميقاتي وجه آخر هو أن البطريرك الماروني بشارة الراعي «يجلدنا كل أسبوع» في عظته عن رفضه تعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
أحدث ما يقترحه رئيس حكومة تصريف الأعمال هو الموافقة على سلّة مشروطة: لا تعيين لقائد للجيش فحسب، بل كذلك لمديرين عامّين سنّة في إدارات مدنية ناهيك بالمجلس العسكري وقادة الأسلاك الأمنية، ما يوصل في الحصيلة الى حاكمية مصرف لبنان. ما إن يسقط الاستثناء الدارج منذ إحالة اللواء عباس إبراهيم على التقاعد بعدما اعتمد في إدارات أمنية وعسكرية، يصبح اللجوء إذاك الى التعميم الأوسع. ليس الأمر بالبساطة تلك بالنسبة الى حزب الله على الأقل، غير المتحمس للوصول الى ورشة كهذه في هذا الوقت بالذات. لا يريد خذلان باسيل ويأخذ في الحسبان آراء بكركي وأفرقاء مسيحيين آخرين. في لحظة المفاضلة، لا يتردد في الوقوف الى جانب رئيس التيار الوطني الحر. أضف عدم استعجاله في الوقت الحاضر إعادة منصب المدير العام للأمن العام الى الطائفة الشيعية.
يكمن اللغز في أن الحاجة ملحّة الى بقاء اللواء الياس البيسري داخل المعادلة السياسية كأحد المرشحين المحتملين في انتخابات رئاسة الجمهورية.
الجمهورية: لودريان: مهمّة صعبة لاستحقاق أصعب.. تأخير التسريح: الوقت يضغط
في موازاة التهديدات التي تناوبت عليها المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية بشن جولة أكثر قساوة وعنفاً في حرب الدمار الشامل التي تشنّها اسرائيل على قطاع غزة، تلاحقت التطورات في الساعات الاخيرة، على نحو نجحت فيه المساعي في تمديد الهدنة ليومين إضافيين. الّا انّ هذا المشهد قد لا يخلو من اي مفاجآت في آخر لحظة، من شأنها ان تقلب الامور رأساً على عقب، وتعيد إشعال الميدان العسكري.
واللافت في هذا السياق، ما ذكرته وكالة «فرانس برس» من أنّ اسرائيل اقترحت على حركة «حماس» خيار تمديد الهدنة. وذكرت الإذاعة الاسرائيلية بأنّ اسرائيل تنتظر ردّ «حماس» بشأن تمديد الهدنة يوماً واحداً مقابل الإفراج عن 10 اسرى». فيما كشفت وكالة «رويترز» أنّ مصر تقول انّ تمديد الهدنة ليومين سيشمل اطلاق سراح 20 اسيراً اسرائيلياً و60 اسيراً فلسطينياً».
على أنّ الأبرز في هذا السياق ما أعلنه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض جون كيربي، بأنّ الاسرائيليين وافقوا على مواصلة وقف القتال لتحرير مزيد من الرهائن ولدخول المزيد من المساعدات». ويتزامن ذلك مع ما كشفته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأنّ الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى فترة زمنية من أجل إنعاش قواته وتجهيزه للخطوة المقبلة، ولا يشعر الجيش بحاجة ملحّة لاستئناف القتال في قطاع غزة، وأنّه يدعم تمديد الهدنة مقابل تحرير المزيد من المحتجزين الإسرائيليين».
«حزب الله»: جهوزية
واما لبنانياً، وعلى ما هو متوقّع، فإنّ الهدنة الجديدة ستنسحب تلقائياً على الجبهة الجنوبية على نحو ما تمدّدت اليه هدنة الايام الاربعة». وعلى ما تؤكّد اوساط قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية»، فإنّ تطورات الجبهة الحدودية مرتبطة بتطورات الميدان في غزة، وقالت «انّ المقاومة الاسلامية في قلب المعركة منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، ولن تخرج من الميدان، وجهوزيتها كاملة لمواكبة تطورات الميدان العسكري في غزة، اياً كانت هذه التطورات، وكذلك لمنع ايّ عدوان اسرائيلي على لبنان، وبالتالي فإنّ المقاومة لن تترك اسرائيل العدو طالما يواصل عدوانه على غزة».
القرار 1701
في هذه الأجواء، كشفت مصادر سياسيّة واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، أنّ «الحركة الديبلوماسية الغربية ما زالت تركّز على أولوية تجنيب لبنان احتمالات الحرب، وتحذّر من عواقبها الوخيمة»، مشيرة الى انّه على رغم تأكيدات المسؤولين اللبنانيين على عدم الرغبة انخراط لبنان في حرب واسعة، فإنّ الوضع في منطقة الحدود ما زال يبعث على القلق، وقائد قوات «اليونيفيل» الجنرال ارولدو لازارو، عبّر عن مخاوف حقيقية من أنّ اي تصعيد اضافي في جنوب لبنان يمكن ان تكون له عواقب مدمّرة».
ولفتت المصادر عينها الى أنّ جهات غربية أبلغت الى مسؤولين لبنانيين خشيةً كبرى من أن تخلق الوقائع الحربية على خط حدود لبنان الجنوبية، واقعاً جديداً يتجاوز بخطورته القرار 1701، ويصعّب مهمّة قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان، بل ويحيط هذه القوات بمخاطر».
وتندرج في هذا السياق زيارة المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، التي شكّل الوضع على الحدود الجنوبية نقطة البحث الأساس، حيث شدّدت المسؤولة الأممية على ضرورة التمسك بالقرار 1701 وتنفيذه على ارض الواقع، مؤكّدة على حماية لبنان من الحرب في المنطقة وضرورة الشروع في الاصلاحات وتفعيل دور مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس للجمهورية. وخلصت الى القول بأنّ مجلس الأمن الدولي يهتم بموضوع لبنان، لأنّ له دوراً استراتيجياً في المنطقة، كما انّ موقف مجلس الأمن موحّد في شأن لبنان».
المشهد السياسي
سياسياً، بدا جلياً انّ احداً من المكونات السياسية في لبنان لم يكن على علم مسبق بزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، او بما يحمله معه لتحريك الملف الرئاسي.
وما خلا حجز مواعيد للموفد الرئاسي مع الرئيسين بري وميقاتي والعديد من الشخصيات السياسية والنيابية، لمباشرة لقاءاته بهم اعتباراً من يوم غد الاربعاء، فإنّ علامات استفهام مرتسمة في الأوساط السياسية على اختلافها حول الدافع الأساس لهذه الزيارة المفاجئة في هذا التوقيت بالذات، وثمّة اسئلة كثيرة تُطرح حول ما اوجبها على مسافة ايام قليلة من زيارة غير معلنة قام بها الموفد القطري الشيخ جاسم بن فهد آل ثاني الى بيروت الاسبوع الماضي.
لودريان: إحياء فرصة
وأبلغت مصادر ديبلوماسية في باريس الى «الجمهورية» قولها، انّ فرنسا على تشاور دائم مع اصدقاء لبنان الذين تتشارك معهم النظرة القلقة الى وضعه، وضرورة مساعدته في تخطّي أزماته. لافتةً الى أنّ زيارة لودريان الى بيروت كان مقرّراً القيام بها بعد فترة قصيرة من زيارته الاخيرة، اي بين اواخر ايلول ومطلع تشرين الاول الماضيين، الّا انّ البرنامج تعدّل جراء أحداث 7 تشرين الاول في غزة».
ولفتت المصادر الى انّ زيارة لودريان في جوهرها تأتي في سياق محاولة لإحياء فرصة يرى قصر الايليزيه وجوب ان يتلقفها اللبنانيون في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ فيها منطقة الشرق الاوسط، والتشارك في وضع الحصان امام العربة، اي انتخاب رئيس للجمهورية على وجه السرعة، فالوقت بات ضيّقاً جداً، وحرجاً، ونفاده يُخشى أن يؤدي إلى مصاعب كثيرة وعواقب غير محسوبة».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان لودريان آتياً الى بيروت مسلّحاً بأفكار جديدة او طروحات فيها شيء من الإلزام للمكونات السياسية في لبنان، قالت المصادر: «مهمّة لودريان مساعدة اللبنانيين في التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا احد يتحدث عن ضغوط او امور تُفرض عليهم، وما نراه ملحّاً أنّ على اللبنانيين أن يقدّروا مصلحة لبنان في هذه الظروف، خارج الحسابات السياسية التي ألحقت الضرر الكبير بالشعب اللبناني».
يُشار في هذا السياق، الى انّ باريس، ووفق مصادر موثوقة، تعتبر انّ الحسابات السياسية والحزبية هي التي تتحكّم بمسار اللعبة السياسية في لبنان، ومن نتائجها المباشرة تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك الخلاف العميق على قيادة الجيش والانقسام حولها بين فريق مؤيّد لإنهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون ويدعو الى تعيين قائد جديد، وبين فريق آخر يدعو الى التمديد له وتأخير تسريحه، وهو الأمر الذي يزيد من تعقيدات هذه المسألة».
مهمّة صعبة
على أنّ مصدراً سياسياً مسؤولاً ابلغ الى «الجمهورية» قوله، «انّ زيارة لودريان، سواء أكان يحمل افكاراً جديدة، او أفكاراً قديمة، هي زيارة جيدة ومشكورة لا بل مطلوبة، حيث آمل أن تساهم في إنزال الملف الرئاسي عن الرف وإعادة تحريكه في اتجاه التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية».
إلّا أنّ المصدر، ورداً على سؤال عمّا اذا كانت زيارة لودريان تزاحم الحراك القطري في ما خصّ الملف الرئاسي، قال: «لا املك ما يؤكّد وجود مزاحمة او ما شابه ذلك، فلننتظر ما سيطرحه من افكار، وفي ضوئها يُبنى على الشيء مقتضاه. لقد سمعنا في الاعلام عن انّ لودريان التقى القطريين وكذلك السعوديين. فضلاً عن أنّ الموفد القطري في حراكه الاخير في بيروت، الذي استمر حتى يوم الجمعة من الاسبوع الماضي، كان يتحّرك في سياق مبادرة قطرية وافكار قطرية والأجواء كانت مقبولة».
الاّ انّ مصادر مواكبة للحراكات الخارجية تجاه لبنان اكّدت عبر «الجمهورية»، انّ مهمّة الموفد القطري في لبنان اعترتها صعوبات كثيرة، حالت دون تمكّنه من جذب الأطراف الى التفاهم على خيار رئاسي، وكذلك الامر بالنسبة الى مهمّة لودريان التي يمكن القول قبل وصوله انّها ايضاً صعبة جداً. واما السبب فهو شديد الوضوح، حيث أنّ الداخل اللبناني جامد امام جدار التعطيل، فلا توجد اي اشارة داخلية من اي طرف معني برئاسة الجمهورية تؤشر إلى تبدّل في المواقف من الإستحقاق الرئاسي أو إلى تراجع عن الشّروط المتصادمة، أو إلى الاستعداد للجلوس على الطاولة وبحث الخيارات الرئاسيّة. وبالتالي فإن كانت زيارة لودريان محصورة بتكرار طروحاته السابقة في ما خصّ دعوة اللبنانيين الى الحوار، وقوله إنّ سليمان فرنجية وجهاد أزعور لم يبلغا عتبة الفوز برئاسة الجمهورية في الجلسة الاخيرة التي عقدها مجلس النواب، وانّ الأسلم هو البحث عن خيار ثالث، الجواب واضح حول ذلك، سبق وحمله في زيارته الاخيرة في ايلول الماضي حيث غادر بيروت خالي الوفاض.
وبحسب المصادر، فإنّه بمعزل عمّا اذا كانت الزيارة منسّقة مع القطريين اوغيرهم، فإنّ أكثر ما يصعّب مهمّة لودريان في هذه الفترة، أمران، الأول هو رهان بعض المكونات السياسية على انّ التطورات الميدانية والعسكرية في المنطقة قد تخلق توازنات ومعادلات جديدة ستلفح لبنان حتماً، وتشكّل حافزاً للبعض لأن يستثمر عليها و»تقريشها» بما يحقّق مكاسب سياسية لفريقه السياسي. واما الأمر الثاني فهو أنّ فئة من اللبنانيين، باتت تشكّك علناً بالدور الفرنسي، ولا ترى انّ فرنسا في مقدورها ان تلعب دور الوسيط النزيه والمحايد في اي استحقاق لبناني، وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي ربطاً بموقفها الذي اتخذته بالانحياز الكامل الى جانب اسرائيل في حربها التدميرية على قطاع غزة».
ملف التمديد والتعيين
من جهة ثانية، بات الملف المتعلق بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون او تعيين قائد جديد للجيش اسير ضيق الوقت، حيث بات يضغط بقوة مع اقتراب فترة انتهاء ولاية العماد عون.
وفيما بات اكيداً انّ خيار تعيين قائد جديد قد سُحب من التداول نهائياً، يُنتظر ان يسلك هذا الملف مساره نحو الحسم بتأخير تسريح قائد الجيش، أكان في جلسة لمجلس الوزراء او في جلسة تشريعية يعقدها مجلس النواب في بدايات الشهر المقبل، يُحدّد موعدها بعد اجتماع يدعو اليه رئيس المجلس لهيئة مكتب مجلس النواب، رجحت مصادر وزارية عبر «الجمهورية» أن يُطرح هذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو اليها رئيس حكومة تصريف الاعمال في وقت قريب. والشرط الأساس لذلك هو اكتمال نصاب انعقاد الجلسة.
وتعتبر «القوات اللبنانية»، انّه اذا ما تعذّر التمديد في مجلس الوزراء، فإنّ الحل موجود في الاقتراح الذي تقدّمت به «القوات اللبنانية» بالتمديد سنة لقائد الجيش، ووعد رئيس المجلس بإدراجه في جدول اعمال الجلسة التشريعية التي سيدعو اليها. فيما اكّد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل ابو فاعور «أنّ المؤسسة العسكرية لا تحتمل أي فراغ أو شغور، والحل يكمن في التمديد للعماد عون وتعيين مجلس عسكري الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية». مضيفاً «أنّ المسار الحكومي لمعالجة الملف لا يبدو سالكا حتى اللحظة، أما المسار البرلماني فهو مرتبط بموقف الاطراف»، مشدّداً على أنّ المطلوب من الأطراف السياسية أن تبدي مرونة أكثر في هذا المجال. وقال: «هناك طروحات عدة ويمكن ايجاد صيغة توافقية والسير بها».
«التيار»: «ما بيمشي»
واللافت في هذا السياق، ما قاله عضو «تكتل لبنان القوي» النائب آلان عون بأنّ «الحل في ما يتعلق بقيادة الجيش هو بالتعيين أو بالتمديد، وكل ما هو غير واضح بالقانون «ما بيمشي». مضيفاً: «إنّ المطلوب إيجاد حل لملف قيادة الجيش بعيداً من التجاذبات السياسية والإعلامية، فالوقت يداهمنا ويجب التعاطي بكل مسؤولية حول قيادة الجيش في ما تبقّى من وقت».