لبنان
قرار دولي لإقامة هُدن في غزة.. الوتيرة التصاعدية لردود المقاومة الإسلامية مستمرة
تابعت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس 16 تشرين الثاني 2023، اهتمامها بتطورات وتداعيات العدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة،
وتناولت الصحف في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2712 الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة في جميع أنحاء قطاع غزة والإفراج الفوري عن جميع الأسرى، وعرضت لتطورات العدوان الميدانية والمجازر الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق المدنيين، واقتحام قواته لمجمع الشفاء الطبي في غزة، وتوقفت مليًا عند الوتيرة التصاعدية التي تتبعها المقاومة الإسلامية في لبنان في ردودها على العدوان باستهداف كافة مواقع العدو الصهيوني وتحركات قواته على امتداد الحدود اللبنانية - الفلسطينية.
ولم تغفل الصحف القضايا المحلية لا سيما في ما يتعلق بقرب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، والمساعي الهادفة لتجنب الوقوع في الفراغ عبر التمديد له أو تعيين خلف له.
البناء: القرار 2271 لمجلس الأمن: هدنة لعدة أيام وممرات إنسانية وتأمين المساعدات
اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2712 الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة في جميع أنحاء قطاع غزة والإفراج الفوري عن جميع الرهائن بتأييد 12 عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والمملكة المتحدة عن التصويت. وقبل التصويت اقترح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة إضافة تعديل يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية. ولم يُعتمد التعديل لعدم حصوله على العدد الكافي من الأصوات. ثم عرض مشروع القرار الذي تقدّمت به مالطا، وتم إقراره بامتناع روسيا وأميركا وبريطانيا. ويدعو القرار إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة لفترات أطول في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كافٍ من الأيام لتمكين الوكالات الإنسانية الأممية وشركائها من الوصول الكامل والعاجل ودون عوائق لتقديم المساعدة الإنسانية. كما يدعو القرار إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ولا سيما الأطفال، الذين تحتجزهم حماس وغيرها من الجماعات. ويهيب القرار بجميع الأطراف الامتناع عن حرمان السكان المدنيين في غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.
يأتي القرار بالتوازي مع تقدّم ملموس في مفاوضات القاهرة للاتفاق على هدنة لثلاثة أيام، كما قالت وكالة رويترز، فيما أفاد مسؤول إسرائيلي للقناة 12 في تل أبيب، بأن المفاوضات حول تحرير الأسرى تنضج وتقترب من النهاية، بينما نقل عن مسؤول قطري يشارك في المفاوضات، أنه بموجب الاتفاق المحتمل سوف يتم الإفراج عن عدد يتراوح بين 50 من جانب حماس و120 من جانب «إسرائيل» من النساء والأطفال، بدأ تبادل الأسماء الخاص بهم، وبينما تستمرّ المفاوضات حول تبادل الأسرى بين «إسرائيل» وحركة حماس، أفادت «هيئة البث الإسرائيلية» بوجود تقدّم في الملف. وانه بموجب الاتفاق ستسمح «إسرائيل» أيضاً بزيادة دخول المساعدات الإنسانية لغزة.
الحدث الأبرز كان في مجمع الشفاء الطبي الذي اقتحمته قوات الاحتلال بعدما حصلت على التغطية الأميركية، إثر انقلاب الرئيس الأميركي جو بايدن على موقفه الرافض للاقتحام للحديث عن غرف عمليات لحماس والجهاد في مجمع الشفاء، وكانت الحصيلة فضيحة أميركية إسرائيلية بعد العجز عن تقديم أي إثبات يدعم الرواية الأميركية عن غرف العمليات، والرواية الإسرائيلية عن الأنفاق ووجود الرهائن، ووفق مصادر إعلامية غربية كان ثمة إجماع على أن حماس ربحت مجدداً حرب الرواية.
وفيما تتقدّم فرص وقف إطلاق النار في غزة والتوصل الى هدنة إنسانية وانطلاق عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى على إيقاع فشل جيش الاحتلال بتحقيق إنجاز ميداني في القطاع، حافظت الجبهة الجنوبية على وتيرتها التصعيدية في ظل تكثيف المقاومة في لبنان عملياتها العسكرية النوعية التي أرهقت جيش الاحتلال على الجبهة الشمالية وتزايد الخسائر البشرية والمادية وسقوط وعود رئيس حكومة الاحتلال وحكومة الحرب بإعادة الأمن الى منطقة الشمال تمهيداً لاستعادة المستوطنين الذين تم إجلاؤهم منها.
ونقلت وسائل إعلام العدو عن رئيس مجلس “الأمن القومي” الصهيوني السابق غيورا آيلند، قوله: “إن الوضع في الشمال (مع لبنان) أكثر تعقيدًا من الجنوب (مع غزة)، مضيفًا: “حتى لو كان يوجد وقف تام لإطلاق النار مع حزب الله فإنّ السكان (المستوطنين) لن يعودوا”.
وتشير أجواء ميدانية لـ”البناء” الى أن وتيرة العمليات العسكرية للمقاومة زادت أمس، حيث تمّ استهداف عشرات المواقع وثكنات جيش الاحتلال مع دخول أنواع جديدة من السلاح الصاروخي والتكتيكات الميدانية التي يعجز الاحتلال عن التعامل معها ومواجهتها”، لافتة الى أن عمليات المقاومة فاجأت العدو، لكنه لا يعلم أنها جزاءٌ بسيطٌ مما تملكه المقاومة من أسلحة وصواريخ وبنك أهداف إذا استخدمته ستغير مسار الحرب”. وأكدت الأجواء الميدانية أن “جيش الاحتلال يزيد كل يوم من نسبة استنفاره على كامل منطقة الشمال ويستخدم تقنيات جديدة لرصد الحدود والتجسس على تحركات المقاومة بعد تدمير الجزء الأكبر من الجدار الإلكتروني طيلة أيام الحرب، كما لم يقم العدو بنقل جزءٍ من قواته من الشمال الى جبهة غزة، ما يعكس حجم قلقه وخوفه من توسع الجبهة الشمالية”. وشددت الأجواء على أن “المقاومة في مسار تصاعدي في الميدان الذي ستكون له الكلمة الفصل في الحرب، كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله”، موضحة أن استمرار العمليات في الجنوب مرهونة بمجريات الحرب في غزة. ملاحظة أن رد المقاومة القاسي على جريمة عيناتا لجمت العدو عن استهداف المدنيين.
واستهدفت المقاومة أمس، مجموعة من المواقع وتجمعات العدو، منها تجمعٌ لقوّة مُشاة في جيش الاحتلال الإسرائيلي غرب وجنوب بركة ريشا بالصواريخ الموجهة وحققوا فيهما إصابات مباشرة. كما قصفت موقع الحدب وثكنة راميم بالأسلحة الصاروخية وحققت فيها إصابات مباشرة، وكذلك موقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة وموقع جل الدير.
واستهدفت المقاومة آلية “إسرائيلية” في مثلث الطيحات بالصواريخ الموجهة وحقق فيها إصابات مباشرة. كما استهدفت ثكنة برانيت بالصواريخ الموجهة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة.
كما أطلقت رشقة صاروخية من لبنان تجاه إصبع الجليل وسقطت صواريخ في محيط كريات شمونة.
وأفادت القناة 14 الإسرائيلية، عن تسلل طائرات مسيّرة إلى منطقة زرعيت عند الحدود الشمالية مع لبنان.
في المقابل واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، واستهدفت مدفعية الاحتلال أطراف حولا ورب ثلاثين ومركبا و”اللبونة” جنوب الناقورة والعديسة في القطاع الشرقي، ومنزلاً في حولا. كما استهدف العدو بالمدفعية الثقيلة محيط بلدتي الناقورة وطيرحرفا. كما طال القصف المدفعي عدداً من المناطق في القطاع الغربي وأبرزها رأس الناقورة، شيحين، الجبين. أيضاً قصفت المدفعية الإسرائيلية بلدة الخيام، وأطراف عيتا الشعب وبليدا وسهل مرجعيون – تل النحاس، وأطراف برج الملوك.
على صعيد آخر، بقي ملف التمديد لقائد الجيش في الواجهة قبيل حوالي شهر من انتهاء ولاية القائد الحالي العماد جوزاف عون، في ظل خلاف سياسي حول التمديد والآلية القانونية له.
ولفتت مصادر مطلعة على الملف لـ”البناء” الى 3 احتمالات: إما التمديد لقائد الجيش الحالي من خلال رفع سن التقاعد بقانون في مجلس النواب، وإما تسلم الضابط الأعلى رتبة، أو تعيين قائد جديد للجيش وملء الشغور في رئاسة الأركان والمجلس العسكري بقرار في مجلس الوزراء باقتراح من وزير الدفاع. إلا أن الإشكالية للحل الأخير أن كتلاً وطوائف أخرى ستطالب بشمول التعيينات مناصب أمنية وعسكرية أخرى مثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
ولهذه الغاية قدّم نواب كتلة “الاعتدال الوطني” التي تضم النواب: أحمد الخير، وليد البعريني، سجيع عطيه، محمد سليمان، عبد العزيز الصمد واحمد رستم اقتراح قانون يرمي الى التمديد لقادة الأجهزة الأمنية مدة سنة، وذلك في مؤتمر صحافي في المجلس النيابي.
والتقى نواب “الاعتدال” في عين التينة رئيس المجلس نبيه بري. وبعد اللقاء قال النائب محمد سليمان “قدمنا اقتراح قانون للمجلس النيابي للتمديد الى رتبة لواء وعماد، لما نراه في هذه الظروف التي تمرّ بالبلاد ضرورة، وأبلغنا دولة الرئيس هذا الإطار وأبدى دولته كل تعاون لما فيه مصلحة البلد والحرص عليه”. وأضاف: “الرئيس نبيه بري أبلغنا بأن الصلاحية منوطة بمجلس الوزراء واذا تعذر مجلس الوزراء فهو جاهز لأخذ القرار في المجلس النيابي لما يراه ضرورة من مصلحة وطنية في هذه الظروف الصعبة”. أضاف: “نحن نطالب بالمساواة والعدالة في هذا الإطار، ما ينطبق على العماد ينطبق على الألوية العاملة».
ولفتت مصادر مقربة من عين التينة الى أن “التمديد سالك كصلاحية منوطة اولاً بالحكومة واذا لم يتم ذلك فالرئيس بري جاهز لعقد جلسة عامة تشريعية الشهر المقبل على أن يكون من ضمن جدول أعمالها بند التمديد وذلك حرصاً على عدم وقوع المؤسسات في براثن الفراغ”.
في المقابل لفتت أوساط السراي الحكومي لـ”البناء” أن أحد المخارج المطروحة هو أن يطرح رئيس الحكومة مشروع التمديد على مجلس الوزراء ويُصار الى التصويت عليه بالأغلبية، استناداً إلى الفتوى القانونية التي يعدّها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة”.
وعلمت “البناء” أن التيار الوطني الحر يفضل تعيين قائد جديد للجيش ورئيس للأركان والأعضاء في المجلس العسكري، ويرفض أي شكل أو صيغة من صيغ التمديد لقائد الجيش على غرار رفضه التمديد لحاكم مصرف لبنان وللمدير العام للأمن العام، وإلا تطبيق القانون وتعيين الضابط الأعلى رتبة.
وفي سياق ذلك، أكد المجلس السياسي لـ”التيار الوطني الحر” في اجتماعه الدوريّ برئاسة النائب جبران باسيل، بأنه “لا يوجد أي احتمال لحصول الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية لأن الأمرة بالرتبة هي التي تحكم حتى في خلال الحرب فكيف خارجها، خصوصًا أن الحلول القانونية متوفرة وكثيرة لمنع اي فراغ، فلماذا اللجوء الى حلول غير دستورية وغير قانونية تسبّب الطعن والمراجعة فيها امام المجلس الدستوري او شورى الدولة”.
وحذر المجلس من أن أي مخالفة للقانون او اعتماد اي إجراء يضرب الدستور في الصميم كاستبدال صلاحيات الوزير بقرار لرئيس الحكومة وبمجلس الوزراء خاصةً بوجود الوزير، أو اعتماد نظريّات عجيبة تقلب كل الهرميّات في الدولة من الحكومة الى الوزارة الى الادارة العامة، او مخالفة مبدأ شمولية التشريع او اي مخالفة اخرى ستمسّ حكماً بوحدة المؤسسة العسكرية وانتظامها وستجعل اي إجراء مماثل ساقطًا وقابلًا للطعن لا بل منعدم الوجود Acte inexistant».
وعلمت “البناء” أن الثنائي حركة أمل وحزب الله منفتح على كافة الخيارات التي تحول دون حصول فراغ في قيادة الجيش، مع الحرص بأن يكون أي خيار ينسجم مع الدستور والأصول القانونية.
وأوضح وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم حول مسألة التمديد لقائد الجيش أنّه “لم يصدر عنّا موقف رسمي بعد والأمر يحتاج إلى حوار”.
الأخبار: مستشفيات عائمة شرط تثبيت خيم النازحين جنوب غزة | أميركا تقود معركة التهجير: تدمير الشمال أولاً!
لن ينقضي وقت طويل قبل أن تتوقّف سردية الاحتلال حول المجمّع الاستشفائي في شمال غزة. النتيجة الوحيدة التي حقّقها العدو، هي تعطيل مرفق صحي يحتاج إليه الناس في أيام السلم، فكيف في زمن الحرب. عملياً، قاد العدو حملة، انجرّ إليها البعض في الجانب العربي، تحت عنوان اعتبار المشافي عنوان الحرب.
ليس سهلاً على أحد تقبّل واقع أن يضرب أيّ جيش في العالم مرفقاً صحياً. لكنّ العدو أعطى رمزية سياسية وحتى عسكرية للمستشفيات في القطاع، بهدف تحقيق مكاسب لا تتعلق بالنتائج العسكرية والسياسية لحملته البربرية، بل لتحقيق هدف وحيد، قرّره قادة العدو، ووافق عليه الأميركيون والبريطانيون والألمان وآخرون من دول عربية تتقدّمهم الإمارات العربية المتحدة، يهدف إلى القضاء على كل علامات الحياة في قطاع غزة.
ورطة العدو في وحول غزة ستبدأ في الظهور قريباً. ليس بمقدور أحد أن يرسم صورة مختلفة للتاريخ. ولعنة غزة ستعود لترسم وجوه كل المشاركين في حرب الإبادة القائمة. لكنّ العنصر المركزي في ما حصل حتى الآن، هو أن العدو يسعى إلى إطاحة كل أشكال الحياة في القطاع، وهو لن يفعل ذلك دفعة واحدة. ومثلما حصد صمتاً ومشاركة وتآمراً مع الجولة التي يقودها الآن، سيكرّر الأمر جنوباً. وهدفه الأول والأخير، طرد أبناء غزة منها، قسراً إذا أمكن، أو بالتعاون والتواطؤ مع شركاء عرب وغربيين في حال تيسّر الأمر، وفي حالة ثالثة، جعل عيشة الغزيين غير ممكنة، ما يجعل خروجهم من القطاع عملية طوعية لإنقاذ أنفسهم.
على هذا الأساس، يمكن الابتعاد قليلاً عن المشهد الميداني لما جرى خلال الساعات الـ 24 الماضية في القطاع، ولا سيما في منطقة مجمّع الشفاء الطبي، لمراقبة الخطوات الجارية من دون توقف لفرض أمر واقع يقوم على منع عودة أبناء شمال غزة إليه. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن الخطة التي يعمل عليها العدو، بمشاركة لصيقة من الجانب الأميركي ودول أوروبية وعربية، تنقسم إلى مرحلتين:
الأولى، تهجير كل من تبقّى في شمال غزة، من خلال القصف المتواصل للأماكن السكنية من دون تمييز، وقطع كل إمدادات الحياة عمن بقي من السكان في شمال أو وسط أو غرب مدينة غزة، وتضييق الحصار على أحياء المدينة ومخيمَي الشاطئ وجباليا، وممارسة ضغط على السكان للخروج في ساعات محدّدة والاتجاه جنوباً. ويستلزم هذا الخيار مواصلة الحرب على المنطقة، وربما يستمر الأمر أكثر من شهر أيضاً، مع الحديث بصورة دائمة عن أمكنة عامة أو خاصة يريد العدو الوصول إليها بحجّة أنها تخفي المقاومين أو الأسرى.
الثانية، البحث في طريقة إلزام الدول الداعية إلى تقديم المساعدات الإنسانية للقطاع، بحصر اهتمامها بمنطقة جنوب غزة، مع مواصلة ضرب قطاعات في الجنوب، خصوصاً تلك التي يعتقد العدو أنها تشكّل تهديداً لقواته في حال قرّر الدخول إلى تلك المنطقة.
المؤقّت والدائم
في ما خصّ المرحلة الأولى، أظهرت المفاوضات الجارية تحت عنوان إنساني، أو المتصلة بصفقة تبادل أسرى جزئية مصحوبة بهدنة مؤقّتة، أن العدو لا يريد إدخال شمال غزة في البحث، إلا لناحية تسليم أسرى في حال تواجدهم هناك. لكنه يرفض بصورة مطلقة إدخال المساعدات على أنواعها إلى الشمال، ولا يقبل بإعادة تنشيط الحياة في أي مرفق عام أو خاص. وهو أبلغ جميع الأطراف بأن شمال غزة صار منطقة عسكرية، وأن وقف إطلاق النار سيشمله فقط لإنجاز عملية إطلاق الأسرى، لكنّ أعماله العسكرية «الباردة» ستتواصل، أي التدمير والجرف، وكذلك عمله الاستطلاعي بواسطة الطيران.
أما في ما خصّ المرحلة الثانية، فإن الحديث يجري بعيداً عن ضجيج الحرب، ويستفيد العدو من دعم أميركي وغربي هائل، وهو دعم أدّى أيضاً إلى منع وسائل الإعلام من التركيز على ما يخطّط له في الجنوب. وبحسب المعطيات، فإن حكومة العدو، بعدما تلقّت رفضاً من الأمم المتحدة لطلبها أن تقوم المنظمة الدولية بالإشراف على إنشاء «منطقة آمنة» في جنوب غرب القطاع، لإيواء أكثر من مليون ونصف مليون نازح، اتجهت للبحث مع الجهات العربية ومع منظمات دولية مباشرة، وتحاول أن تخلق أمراً واقعاً يستهدف إقامة هذه المنطقة، من خلال تحديد مسار المساعدات المقبلة وفق ما يناسب الخطة.
وقالت المصادر إن المناقشات التي جرت يقودها بصورة فعلية المبعوث الأميركي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد. وتبيّن أن الحملة المكثّفة التي تقودها إسرائيل ضد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا تتعلق فقط بمواقفه المعلنة بضرورة وقف حرب الإبادة، بل في أنه يعمل مع فريق في مكتبه، لرفض توريط المنظمة الدولية في المخطط الأميركي - الإسرائيلي.
وكشفت المصادر أن الأميركيين، بمساعدة أوروبية، استمالوا بعض العاملين في مكتب غوتيريش من المكلّفين بأمور في الشرق الأوسط، وأن اثنين من هؤلاء، هما تور وينسلاند منسّق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط ومساعده البلغاري ميروسلاف زافيروف، يلعبان دوراً قذراً بصورة واضحة. وقد تبنّى الاثنان الرؤية الأميركية - الإسرائيلية، ويحثّان منظمات دولية وقوى سياسية وحكومات في المنطقة، على السير في الفكرة، تحت عنوان: «إنها حاجة مؤقتة لإيواء السكان إلى أن تنتهي الحرب».
وبحسب المعطيات، فإن أكثر ما استفزّ الجانبين الإسرائيلي والأميركي، هو أن مكتب الأمين العام، أشار في معرض رفضه توريط المنظمة في فكرة المخيم – السجن، إلى أن أي خطوة تتطلب موافقة جميع أطراف الصراع في المنطقة، في إشارة إلى ضرورة الكلام مع طرف فلسطيني لديه نفوذ على الأرض، وهو ما يرفضه الإسرائيليون والأميركيون بصورة قاطعة. وهم يحاولون بالتعاون مع مصر والإمارات العربية المتحدة خلق أمر واقع من نوع مختلف، بحيث يصار إلى تقديم القيادي المنشقّ عن فتح محمد الدحلان كشريك فلسطيني، في تكرار لتجربة السلطة الفلسطينية التي ينتهي بها الأمر خادمة للعدو.
المخيم والمشفى العائم
في غضون ذلك، واصل ساترفيلد بالتعاون مع بعض المسؤولين الأمميين، الضغط لمنع إدخال مساعدات كبيرة إلى غزة، ومنع الدول من إرسال طواقم طبية كبيرة إلى القطاع، أو حتى إقامة مستشفيات ميدانية فيه. وقالت المصادر إن اختيار منطقة المواصي، ليس سببها أن المنطقة زراعية وخالية من السكان، بل لملاصقتها الخط البحري، ما يساعد على جعل الخدمات الموفّرة للنازحين فيها من البحر وليس من مواقع ثابتة ودائمة على الأرض، شرط أن تتم عملية التنسيق حصراً عبر «وحدة التنسيق الإسرائيلية في المناطق» (غودات) التابعة لوزارة الدفاع والتي تنسّق عملياتها مع الجيش.
وقالت المصادر، إن ساترفيلد، يحتكر القرار النهائي بشأن من يسمح له المشاركة في الدعم الإنساني والصحي للفلسطينيين في جنوب القطاع، وهو أبلغ كل الأطراف برفض طلبات حكومة غزة إدخال حاجات الجسم الطبي إلى القطاع، أو إدخال فرق إغاثة طبية. وأضافت المصادر أن ساترفيلد يناقش ملف الخدمات الصحية عبر الآتي:
1- يتم تكليف مؤسسة ASPEN الأميركية بإرسال السفينة الطبية العائمة.
2- عدم الترحيب بالفرنسيين الذين يريدون لعب دور بأي ثمن مثل إرسال سفينة عائمة طبية.
3- تعزيز دور الصليب الأحمر البريطاني والهلال الأحمر الإماراتي.
4- مناقشة اقتراح قطري ببناء مستشفى ميداني مؤقّت في سيناء، مع تعزيزه بسكن مؤقّت لاستيعاب الجرحى وعائلاتهم، وأُطلق على المشروع اسم «المدينة الإنسانية».
من جهة أخرى، يواصل ساترفيلد تغطية العرقلة الإسرائيلية لإخلاء عائلات موظفين أجانب من غزة، وهو أبلغ إدارات منظمات دولية في غزة بأن «حماس» تمنع الموظفين الأجانب وعائلاتهم من الخروج، وأن عليهم شن حملة إعلامية ضد الحركة. وهو الكلام نفسه الذي سمعته المنظمات نفسها من مسؤولين في وحدة التنسيق الإسرائيلية (غودات).
الجمهورية: موسكو: لبنان وايران لا يريدان الحرب .. وتأخير التسريح بين ضرورته والتلويح بـ«الدستوري»
تتابع اسرائيل إجهازها على كلّ مقومات الحياة في قطاع غزة، وتعميق ما وصفه الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش بـ«كارثة إنسانية تحدث أمام عدسات الكاميرات». ولعل أسوأ تجليات حرب الابادة الجماعية التي تشنها اسرائيل على القطاع ما اعتبرته إنجازاً لها بتمكّن جيشها من اقتحام «مجمع الشفاء الطبي» في القطاع، ممهّدة لذلك بدعاية انّ حركة «حماس» تحتجز الاسرى الاسرائيليين فيه، وتتخذ من هذا المجمع ملاذاً لمقاتليها، وانها تقيم مركز قيادتها الرئيسي داخله وتحته، وهو الأمر الذي دَحضه الاعلام الاسرائيلي الذي أكد بعد اقتحام المجمّع «عدم وجود اي مؤشر الى وجود للأسرى فيه، وكذلك عدم وجود أيّ أثر لمقاتلي حماس».
وبرغم هذا «الإنجاز» الذي سجّلت فيه اسرائيل انتصاراً على المرضى والاطفال والأطباء والممرضين، قبل ان تنسحب منه وفق ما ذكرت وكالات الانباء، فإنّ أفق حرب الإبادة القائمة ما يزال مفتوحاً على شتى الاحتمالات، في ظل المواجهات الضارية في غزة، واستمرار القصف الصاروخي الذي لم يتوقف على المدن والمستوطنات الاسرائيلية. وكذلك على ما تعتبرها اسرائيل جبهتها الشماليّة مع لبنان التي ارتفعت فيها حدة المواجهات في الآونة الأخيرة الى ما فوق الغليان، وباتت تُنذر بانزلاق هذه الجبهة الى انفجار كبير.
واذا كان اقتحام مجمّع الشفاء قد فرضَ حالة من الترقّب لما ستؤول اليه المواجهات الجارية في القطاع، خصوصاً ان الاعلام الاسرائيلي بدأ يتخوّف مما سمّاها «حرب الشتاء، فبعد اسبوعين ونصف داخل القطاع يوجد خطر ان تصبح القوات في غزة، التي لم تعمل في الاحياء بعد، في حالة عدم تحرّك وقابلة للاستهداف» على ما أوردته صحيفة «هآرتس». فإنّ الجبهة مع لبنان، وعلى ما يؤكد المحللون السياسيون والعسكريون الاسرائيليون، باتت تشكّل عامل ضغط كبير جدا على المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليَّين. وقالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية انّ التطورات العسكرية على جبهة الشمال تشكل قلقا اضافيا لدى اسرائيل التي تواجه مقاومة شرسة في غزة. وعَكست خوفا بالغا لدى سكان المستوطنات في الشمال التي اصبحت منطقة أشباح، ونقلت عن رئيس المجلس الإقليمي، ماتيه ايشر موشيه دفيدوفيتش، قوله ان السكان لن يعودوا إلى الشمال لأنّ نصر الله وعناصره لا يزالون هناك».
تهديدات
وإزاء تصاعد التهديدات الاسرائيلية تجاه لبنان، وآخرها ما اعلنه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من انه وجّه الجيش الاسرائيلي بالاستعداد لجميع السيناريوهات للتعامل مع «حزب الله» في الشمال»، وقال: هدفنا اولاً، وقبل كل شيء هو الانتصار الكامل على حركة «حماس» وعودة الاسرى، وبعدها سنتعامل مع الشمال»، أعلن «حزب الله» على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم «اننا لا نخشى تهديدات اسرائيل، واذا قررت حرباً فسنواجه بكل ما أوتينا من قوة، ولنا كل الثقة في اننا سنربح كل حرب ممكن ان نخوضها مع الكيان الاسرائيلي».
«الحزب»: مستمرون
وقالت مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» لـ«الجمهورية»: «انّ استنزاف العدو سيستمر بوتيرة تصاعدية، والعمليات ستتواصل طالما انّ عدوانه مستمر على قطاع غزة، وهو ما أكّد عليه الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله».
ولفتت المصادر الى «انّ «حزب الله» في ذروة جهوزيته لأيّ احتمال على الحدود، وقد صَعّد من وتيرة عملياته في الآونة الاخيرة، لأنّ أي تَراخ امام هذا العدو سيجعله يتمادى في عدوانه اكثر، فالعدو تجاوز قواعد الاشتباك وحاول ان يفرض قواعد جديدة بتماديه في اعتداءاته الى عمق الاراضي اللبنانية لمسافة اربعين كيلومترًا عن الحدود، حيث وصلَ الى الزهراني واقليم التفاح والبقاع الغربي، ولذلك كان لا بد للمقاومة من أن ترسل رسالة واضحة للعدو، لتكرّس من خلالها معادلة: مدني - مدني، بيت - بيت، عسكر - عسكر، وعمق - عمق». وكما هو واضح فإنّ العدو، وبعد العمليات المكثفة التي نفذتها المقاومة كمّاً ونوعاً وشمولية مطلع الاسبوع الجاري، فهمَ الرسالة، وهو الامر الذي دفع الجيش الاسرائيلي الى طلبه للمستوطنين في مستوطنات الجليل العودة الى ممارسة حياتهم الطبيعية».
وبحسب المصادر عينها فإنّ «حزب الله» يبقي الاحتمال قائماً بأن تبادر "إسرائيل" الى عدوان على لبنان. وإنّ تطوّر الامور، كما قال السيد نصر الله، رهن بتطورات الميدان العسكري، كما يُبقي على جهوزيّته في اقصى مداها لمواجهة اي احتمال». واستخلصت المصادر من اجواء الحزب ما مفاده انه «يتوعّد اسرائيل بمواجهة شرسة لأي عدوان تقوم به، ولن يترك لها ان تسبيح لبنان، ويخبئ للاسرائيلي ما يعلمه لديه، وما لا يعلمه».
الأميركيون مجدداً
على انّ اللافت في هذا السياق هو انّ القنوات الاميركية بقيت مفتوحة مع لبنان، في ما بَدا انه جهد متواصل تبذله الولايات المتحدة الاميركية لاحتواء الموقف وعدم انزلاقه الى مواجهات اكبر، وعلى ما قال مسؤول كبير لـ«الجمهورية» ان واشنطن لا تريد تصاعد حدة المواجهات لكي لا ينتج عنها واقع اكثر خطورة، وما زالت تشدد على منع «حزب الله» من جَرّ لبنان الى حرب». وفسّر المسؤول عينه كثافة الحضور الاميركي على خط التهدئة، فإنه تعبير عن خشية كبرى لدى الولايات المتحدة من أنّ تطوّر الامور في الجنوب اللبناني قد يؤدي الى أن تتدحرج في المنطقة الى حرب واسعة النطاق لا يُعرف مداها، وما قد ينتج عنها، والتدحرج الى الحرب يشكل تهديداً لمصالح اميركا في المنطقة».
باريس: حماية لبنان
وضمن هذا السياق، يأتي تحرك المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا في اتجاه المسؤولين، وكذلك تتحرّك قوات اليونيفيل في الجنوب مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي لدرء مخاطر الانزلاق الى حرب، وفق ما أكده قائدها العام الجنرال ارولدو لاثارو، الذي قال انّ الوضع على الحدود يُنذر بمخاطر، بالتوازي مع حراك فرنسي في هذا الاتجاه. وعلمت «الجمهوريّة» ان وفدا فرنسيا يزور بيروت حاليا، نقل اجواء تفيد بأنّ باريس، ومنذ بداية الحرب الاسرائيلية على غزة، تحرّكت على خطين: الأول مع لبنان، وأرسلت رسائل مباشرة بوجوب حماية لبنان وتجنّب مفاقمة التصعيد العسكري في الجنوب. والثاني مع "إسرائيل"، بتوجيه تحذيرات مباشرة من حرب اسرائيلية تجاه لبنان وعدم انفاذ التهديدات التي اطلقتها "إسرائيل" باستهداف مدنه، لا سيما بيروت».
الموقف الروسي
وبرز في هذا السياق، تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بحسب وكالة «نوفوستي»، بأنّ طهران وبيروت لا تريدان التورّط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولن تشاركا فيه إذا لم تكن هناك استفزازات». وقال لافروف: «لا أعتقد أنّ إيران أو لبنان يرغبان في التورّط في هذه الأزمة، ولا أرى أيّ رغبة من جانب أيّ من الدولتين لشن حرب واسعة النطاق في المنطقة. المشكلة في التعامل مع ضبط النفس هذا بوصفه ضوء أخضر للقيام بكل ما تريده في غزة. هذا خطأ كبير».
الوضع الميداني
في هذه الاجواء، حافظت منطقة الحدود الجنوبية على وتيرة عالية من التوتر، في ظل استمرار عمليات القصف الاسرائيلية للجانب اللبناني من الحدود، حيث استهدف بالقصف أطراف بلدات: طير حرفا، عيتا الشعب، جبل بلاط، حولا، العديسة، مركبا، رب ثلاثين، الخيام، كفر شوبا، الناقورة، علما الشعب ويارون، شيحين، الجبين، بليدا، سهل الخيام، تل النحاس، برج الملوك، اللبونة ومحيط مركز الجيش في قرية سردا. فيما أعلن «حزب الله» عن تنفيذ سلسلة عمليات استهدفت آلية عسكرية اسرائيلية في مثلث الطيحات، موقع حدب يارون، موقع رويسات العلم في مزارع شبعا، تجمعاً للمشاة غرب بركة ريشا وجنوبها، ثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية). فيما دَوت صفارات الانذار في المطلة، وكريات شمونة وكفرجلعادي ومنطقة الجليل الاعلى والاوسط.
اليونيفيل لتحقيق العدالة
في سياق جنوبي آخر، قال الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي إنّ «بعثة حفظ السلام اطلعت على التقارير التي تفيد بأنّ السلطات اللبنانية أطلقت الليلة الماضية سراح الشخص الذي اعتقلته، بعد الهجوم الذي أدّى إلى مقتل جندي حفظ السلام التابع لليونيفيل شون روني بسبب تدهور حالته الصحية». ولفت تيننتي الى أننا «نعمل على التأكد من هذه المعلومات من المحكمة العسكرية، والحكومة اللبنانية أعلنت في مناسبات عدة التزامها تقديم الجناة إلى العدالة». وقال: «اليونيفيل تواصل الحَث على محاسبة جميع الجناة وتحقيق العدالة للجندي روني وعائلته».
التمديد لقائد الجيش
سياسياً، بقيت قضية تأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون البند الابرز الطافي على مائدة المتابعات الداخلية، وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» فإنّ هذا الملف لم يخرج بعد من دائرة التجاذب حوله، في الوقت الذي تتكثّف فيه الاتصالات لحسم هذا الملف، وضمن فترة لا تتعدى الاسبوع المقبل. فيما برز في موازاة ذلك اقتراح نيابي جديد قدّمه نواب كتلة الاعتدال ويرمي الى تمديد ولاية قادة الاجهزة الامنية لمدة سنة. وزار مقدّمو الاقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال النائب محمد سليمان بعد اللقاء: الرئيس كان متجاوباً وواضحاً وأبلغ ذلك لكتلة «القوات». واليوم أبلغنا بأنّ الصلاحية مناطة بمجلس الوزراء، واذا تعذّر ذلك فهو جاهز لأخذ القرار في المجلس النيابي لِما يراه ضرورة من مصلحة وطنية في هذه الظروف الصعبة».
ونقل زوار الرئيس بري من النواب لـ«الجمهورية» عنه، بعد تقديم اربعة اقتراحات قوانين لتمديد مهام قائد الجيش والقادة الامنيين من رتبة عماد ولواء، انه يتفهّم شمولية التمديد ولا يعارضه، لكنه ما زال ينتظر خروج الحل لملء الشغور في المواقع العسكرية والامنية من الحكومة، واذا تعذّر على الحكومة ذلك لأسباب سياسية وإجرائية فإنه سيدعو الى جلسة نيابية عامة مطلع الشهر المقبل يضع في جدول اعمالها الاقتراحات النيابية من ضمن البنود الاخرى.
وأكدت المصادر النيابية أهمية شمولية التمديد، ليس لأسباب طائفية او مذهبية بل لأنّ ظروف البلد في ظل التوتر الاقليمي لا تحتمل اي تأخير او فراغ في اي موقع عسكري وامني، لا سيما ان المؤشرات تدل على انّ انتخاب رئيس للجمهورية موضوع على الرَف ولا يوجد اي حراك حوله. وقالت: انّ الضرورة تفرض استمرار إمساك القادة الحاليين بقرار مؤسساتهم أفضل من الوكيل او الموقت.
ورجّحت المصادر ان يتم حل الموضوع عبر مجلس الوزراء خلال الاسبوعين المقبلين، من خلال مراسيم تعيين قائد جديد للجيش ورئيس للأركان واعضاء جدد للمجلس العسكري، اذا نجحت المساعي القائمة، أو يتم تمديد تسريح قائد الجيش اذا لم تسفر الاتصالات عن التوافق على التعيين، خاصة انّ التعيين يجب أن يتم عبر اقتراح لوزير الدفاع بحسب القانون. مشيرة الى انّ وزير تيار المردة سيحضر جلسة مجلس الوزراء التي ستبحث موضوع الشغور العسكري، كما اشارت الى وجود ثلاثة اسماء مرشحة لقيادة الجيش يتم التداول بها.
مُمانعة وعوائق
وعلمت «الجمهورية» انّ ممانعة حسم هذا الملف لجهة تأخير تسريح قائد الجيش باتت محصورة في التيار الوطني الحر، فيما بادر «حزب الله» قبل ايام الى ابلاغ الجهات المعنية بهذا الملف بأنه لا يشكل عائقاً لأي خطوة يتفق عليها لحسمه، وبالتالي فإنّ الحزب لا يمانع تأخير تسريح العماد عون، ولا يمانع أيضاً تعيين قائد جديد للجيش، أو تعيين رئيس للأركان أو تعيين مجلس عسكري جديد، المهم هو ان توجِدوا الحل لهذه المسألة وتتفاهموا عليه».
على انّ العائق الاساس الذي ما زال يعترض تأخير تسريح قائد الجيش يتمثّل في موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الرافض لذلك، خصوصا انّ اقتراح التمديد سيأتي اولاً من قائد الجيش الى وزير الدفاع موريس سليم الذي يلتزم بقرار مرجعيته السياسية (التيار)، ثم انّ اتخاذ مجلس الوزراء لأي خطوة في هذا الاتجاه ما زال محل اشكالية برغم ان دراسة قانونية تجري مراجعتها في هذا الصدد».
واذا كان ثمة من يعتبر انّ هناك مخرجاً من شأنه تدارك كل الاشكالات، ويتمثّل في الاكتفاء بتعيين رئيس جديد للاركان ينوب عن قائد الجيش في حال انتهاء ولايته في 10 كانون الثاني المقبل، الا انّ هذا الامر محل اعتراض جنبلاطي حيث أفيد بأنّ الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يُمانع ان يتولى رئيس الاركان (الدرزي) ادارة الجيش في هذه المرحلة الحساسة.