معركة أولي البأس

لبنان

الاحتلال يعزل قطاع غزة عن العالم ويشن أعنف قصف منذ بداية العدوان
28/10/2023

الاحتلال يعزل قطاع غزة عن العالم ويشن أعنف قصف منذ بداية العدوان

تصدرت أخبار قطاع غزة عناوين الصحف المحلية الصادرة في بيروت، لا سيما بعد ليلة عنيفة من القصف الصهيوني على مختلف أرجاء القطاع مترافقًا مع انقطاع كامل للاتصالات والانترنت عزل غزة عن العالم، وطرح تساؤلات عن الغاية من هذا الإجراء الذي اتخذه العدو والذي قد يكون خلفه مجازر ومزيدًا من الإبادة الجماعية للشعب الأعزل في غزة.
وانطلاقا من حجم القصف الجوي والبري والبحري الذي جرى أمس، والذي وُصف بأنه الأعنف منذ بداية العدوان، يبدو أن العدو قام بمحاولات محدودة للتقدم على الأرض في شمال القطاع، لا سيما أن المقاومة الفلسطينية تحدثت عن التصدي لجيش الاحتلال وإطلاق قذائف ضد الدروع، إضافة لسماع أصوات اشتباكات.
وعلى الحدود الجنوبية اللبنانية ساد هدوء نسبي حذر بالأمس، عكّره عدة محاولات للعدو للتسبب بحرائق في بعض المناطق عبر رماية قذائف حارقة.


"الأخبار": مخطّط التهجير يحتضر: بداية عودة إلى الشمال

تُنبئ تحرّكات اليومين الماضيين، بأن جيش الاحتلال انتقل إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الحرب، أو على الأقلّ التمهيد للعملية البرية، عبر عمليات إنزال بري وتوغّل محدودة جدّاً، على رغم أنه لم ينجح أصلاً في تحقيق أهداف المرحلة الأولى، والمتمثّلة في التهجير القسري والكلّي لسكّان مدينة غزة وشمال القطاع، إلى منطقة ما بعد وادي غزة، أي إلى المحافظات الوسطى والجنوبية، إذ بدأ الآلاف من المواطنين الذين نزحوا من الشمال في الأيام الأولى للحرب بناءً على إنذارات العدو بالإخلاء، بالعودة إلى منازلهم التي يقع أكثرها في المناطق التي تعرّضت للقصف الجوي المكثّف في الأيام التالية لعملية «طوفان الأقصى»، ليجدوا الأحياء التي كانوا يعيشون فيها، قد دُمّرت بالكامل.

واختار النازحون، هذه المرّة، أن يقيموا في مراكز إيواء قريبة من أماكن سكنهم الأصلية. في شارع الترنس الرئيس وسط مخيم جباليا في شمال شرق القطاع، يوحي الازدحام وكأنّ المخيم لم يتعرّض قبل أيام قليلة، لأكثر من خمس غارات أسفرت عن استشهاد ما يزيد على 100 مواطن، إذ ثمّة قناعة جماعية، هنا، بأن لا مكان آمناً في القطاع، وبالتالي فإن الأفضلية تُصبح لمصلحة العيش أو الموت تحت سقف المنزل، على التهجير إلى مكان آخر، ما دام القطاع بكامله معرّضاً للغارات الجوية التي لا ترحم. وبات هذا الخيار بالنسبة إلى هؤلاء العائدين، أكرم من العيش في ملجأ أو مركز إيواء بعيد سيختار الاحتلال أن يقتلك فيه في وقت لاحق. وبالقرب من مسجد الخلفاء في وسط مخيم جباليا الذي جالت فيه «الأخبار»، كان المئات من المواطنين يتنقّلون حاملين بطاريات يذهبون بها إلى منازل جيران لهم تتوفّر لديهم طاقة شمسية، وفتحوا منازلهم لتقديم خدمة شحن الهواتف وبدائل الكهرباء لجيرانهم، بينما كان آخرون يحملون أسطوانات الغاز المنزلي التي جازفوا بحياتهم في سبيل إخراجها من بيوتهم المدمّرة في المناطق الطرفية من شمال غزة أملاً في استخدامها في إعداد الأطعمة؛ ذلك أن الكهرباء والغاز المنزلي ظلّا شغل المواطنين الشاغل. وعلى باب «مدرسة شادية أبو غزالة» التي تحوّلت إلى مركز إيواء، وقف أبو محمد الكحلوت، الذي كان قد نزح وعائلته إلى مخيم النصيرات وسط مدينة غزة في اليوم العاشر من الحرب، وعاد أخيراً إلى منزله في منطقة السكة شرقي مخيم جباليا، ليجده والعشرات من منازل الحيّ المحيطة وقد سُوّيت بالأرض. ويقول أبو محمد لـ«الأخبار»: «خلال وجودنا في مخيم النصيرات، حيث أكرمنا الأهالي هناك وأحسنوا استضافتنا، ارتكب الاحتلال خمس مجازر في ليلة واحدة تسبّبت باستشهاد أكثر من 90 مواطناً»، مضيفاً: «قصفوا السوق ومحالَّ ومخبزاً ومركزاً تجارياً. طائرات الاحتلال توزّع الموت على الجميع. لذا وجدنا من الأكرم لنا أن نموت بين أهلنا، وفي أماكن قريبة من منازلنا».

الاحتلال يقفز عن مرحلة التهجير القسري لسكان مدينة غزة وشمال القطاع بعد فشلها

أما الشاب محمد المصري، فقد نزح إلى منزل لأقارب له في مدينة خانيونس. يقول محمد، لـ«الأخبار»، إن «الاحتلال قصف هناك منزلاً ملاصقاً للمنزل الذي كنت أقيم فيه، وأُصيب معظم أفراد عائلتي بجروح». ويضيف: «ألقت طائرات الاحتلال منشورات طالبت فيها حتى سكان جنوب القطاع بالنزوح إلى العراء في منطقة المواصي، على اعتبار أن تلك المنطقة ستكون آمنة»، متابعاً أن «من الغباء أن نواصل الاستجابة لنداءات التهجير التي لا تنتهي، بينما الطائرات لا تستثني أيّ منطقة في القطاع من قنابلها. ولذلك، اخترتُ العودة إلى شمال القطاع، إلى منطقتي. وليقضِ الله ما يشاء».
وكان الاحتلال قد مارس، منذ بداية الحرب، حرباً نفسية استهدفت سكان شمال القطاع ومدينة غزة، عبر الاتصال على هواتف المواطنين ومطالبتهم بإخلاء منازلهم. ثمّ صعّد تلك الحرب من خلال ارتكاب المجازر بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، والأسواق والمخابز ومراكز الإيواء، لإجبار الأهالي على ترك بيوتهم، تمهيداً لتدمير كلّ أحياء مدينة غزة وشمالها، كونها ستغدو مسرحاً لعملياته البرية المرتقبة. غير أن سياسة القصف الشاملة، والتي لم تستثنِ أيّ منطقة من القطاع، أفقدت جيش العدو مصداقيته، ما دفعه إلى القفز عن إصراره على التهجير الجماعي، والشروع في التوغّل البري المحدود.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي، محمد أبو جياب، أن «طموح الاحتلال الذي استخدم من أجله سياسة الرعب والترهيب بالمجازر، اصطدم بعقلية الغزّيين المجبولة بالعناد»، مضيفاً، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاحتلال سيجد نفسه بعد كلّ مرحلة، مضطراً لتخفيض سقف طموحاته. كان يطمح إلى عملية عسكرية تقود إلى تغيير ديموغرافي قائم على ترحيل مليون ومئة ألف مواطن من مدينة غزة وشمال القطاع، واستخدامهما كمنطقة عازلة لحماية مستوطنات الغلاف. لكنّ الأهالي قالوا له: اقتلنا جميعاً ثم احتلّ الأرض». ويتابع: «لم يعُد أمامه الآن سوى استخدام السلاح النووي لتنفيذ إبادة جماعية ليحقّق ما يشاء... وسيحمل كلّ يوم من عمر هذه الحرب المزيد من التنازلات من قِبل العدو».

المقاومة تحافظ على الزخم الصاروخي
بعد 21 يوماً من القصف الجوّي المركّز على قطاع غزة، واصلت «كتائب القسام» استهداف مدن العمق الإسرائيلي، برشقات صاروخية كثيفة، ردّاً على المجازر المستمرّة بحق المدنيين، في ما ينبئ بأن المقاومة لا تزال متماسكةً ميدانياً، ومحتفظةً بقدراتها العسكرية. وأكدت «القسام» أنها قصفت مدن تل أبيب وعسقلان وأسدود ومستوطنة «رعيم» في «غلاف غزة»، فيما أعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، قصف عسقلان بصاروخ «بدر 3»

وسُمع دويّ صافرات الإنذار في جميع أنحاء «غوش دان»، وفي «حولون» و«رمات غان» و«بات يام» و«ريشون لتسيون» و«موديعين»، و«نير عام»، و«لخيش»، و«نتيف هتارا» و«كرميا» و«ياد مردخاي»، ومناطق أخرى، بحسب وسائل إعلام عبرية. وأفادت «القناة 12» بسقوط صاروخين شرق «ريشون ليسيون»، حيث أصيب شخص بجروح متوسطة بشظية صاروخ سقط في منطقة زراعية، ونقل إلى مستشفى «شامير» لتلقّي العلاج، فيما حقّقت الدفعة الصاروخية التي طالت «سديروت»، مساءً، إصابة مباشرة، بحسب قناة «الجزيرة» القطرية.

 

"البناء": القسام: نتصدى لمحاولات توغل بري في عدة جبهات شمال غرب وشرق غزة

فيما كشفت مصادر دبلوماسية قطرية عن تقدم نوعي في المفاوضات الدائرة حول تبادل الأسرى بدفعة أولى مقابل دفعة أولى، بين كيان الاحتلال وقوات القسام ووصل دفعات من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخصوصاً إدخال الوقود اللازم لتشغيل مولدات كهرباء المستشفيات، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار العربي لهدنة إنسانية في غزة، الذي يدعو إلى «هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية». ويطالب جميع الأطراف بالامتثال الفوري والكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتمكين وتسهيل الوصول الإنساني للإمدادات والخدمات الأساسية إلى جميع المدنيين المحتاجين في قطاع غزة. ويرفض القرار بشدة «أية محاولات للترحيل القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين». ويدعو إلى إلغاء الأمر الذي أصدرته «إسرائيل» للمدنيين الفلسطينيين وموظفي الأمم المتحدة، فضلاً عن العاملين في المجال الإنساني والطبي، بإخلاء جميع المناطق الواقعة إلى الشمال من وادي غزة والانتقال إلى جنوب القطاع.

ويدعو أيضاً إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط» عن جميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني، ويطالب بسلامتهم ورفاههم ومعاملتهم بشكل إنساني امتثالاً للقانون الدولي. ويؤكد على الحاجة إلى إنشاء آلية على وجه السرعة لضمان حماية السكان المدنيين الفلسطينيين، وآلية أخرى للإخطار الإنساني لضمان حماية مرافق الأمم المتحدة وجميع المنشآت الإنسانية، ولضمان حركة قوافل المساعدات دون عوائق. وينطوي القرار على إدانة جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما في ذلك «جميع أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية، فضلاً عن جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير».

ورغم ما تضمّنه القرار من تلميحات ونصوص لإدانة حماس بصورة ضمنية تحت شعار إدانة أعمال العنف بحق المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الدول الغربية التي تحدثت بلسانها كندا رفضت التعديلات التي أدخلت على المشروع لاسترضائها وكسب تأييدها، وأصرّت على توصيف حماس بالتنظيم الإرهابي وتأييد ما تسميه بحق الدفاع عن النفس لكيان الاحتلال، وصوّتت بالحصيلة ضد المشروع، لكن الغالبية الممثلة بـ 120 صوتاً كانت كافية لإقرار المشروع وصدور القرار.
في الميدان شنّ جيش الاحتلال هجمات برية على أطراف قطاع غزة الشمالية والشرقية، آملاً إحداث اختراق يفتح له باب الاجتياح الجزئي أو الكلي بعد إنهاك القطاع بالقصف الجوي والبري والبحري التدميري، وبلوغ الشهداء رقم الـ 7500 شهيد، وفيما أعلن المتحدث بلسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن بدء الهجوم البري لجيش الاحتلال، مضيفاً عن لسان نتنياهو، سترون غضبنا الليلة، قال الناطق بلسان جيش الاحتلال إن الحركة البرية على أطراف قطاع غزة ليست هي الهجوم البري الواسع، بل هي مجرد توسيع للعمليات البرية، بينما قالت قوات القسام إنها تصدّت لمحاولات توغل برية على عدة محاور شمال وشرق قطاع غزة، والمعارك كانت مستمرة حتى منتصف الليل دون أن يتمكّن جيش الاحتلال من تحقيق أي تقدّم.

وفيما تصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وصف بالأعنف والأقسى منذ بدء العدوان كمرحلة تمهيدية للدخول البري، سادت حالة من الترقب والقلق في المشهد الداخلي اللبناني حيال ردة فعل محور المقاومة بحال واصل جيش الاحتلال التقدم البري والتدمير الجوي، وأشارت مصادر مطّلعة لـ»البناء» إلى أن «محور المقاومة رفع درجة الجهوزية والاستنفار وأن التواصل لا يزال قائماً بين المقاومة في فلسطين وقيادة محور المقاومة عبر غرفة العمليات المشتركة رغم القصف وقطع الاتصالات، وتجري مراقبة ومتابعة حدود الدخول الإسرائيلي والمجريات الميدانية وتدرس كافة الخيارات وسيتمّ اتخاذ الخطوات اللازمة في اللحظة المناسبة». وشدّدت المصادر على أن «محور المقاومة هو في قلب المعركة وجزء من إدارة الحرب الى جانب حركات المقاومة الفلسطينية، ويوسّع دخوله وفق مقتضيات المعركة الميدانية والمصلحة ولن يوفر وسيلة لدعم المقاومة والشعب في فلسطين وغزة تحديداً». ولفتت المصادر الى أن «المقاومة في فلسطين مستعدة وقادرة على الدفاع عن غزة وتكبيد العدو خسائر كبيرة لمنعه من الدخول الى القطاع».
ومساء أمس، كشف وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان، ردًا على سؤال حول حلفاء و»حزب الله»، أنّهم «يضعون إصبعهم على الزناد»، مشيرًا إلى أنّ أفعالهم ستكون «أكثر قوة وأعمق مما شهدتموه».

وفي إطار المعركة الديبلوماسية التي تقودها إيران لوقف الحرب على غزة، حطّ نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية في مجلس الشورى في الجمهورية الإسلامية في ايران إبراهيم عزيزي في لبنان على رأس وفد برلماني وزار رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
وفي عين التينة استقبل الرئيس بري عزيزي على رأس الوفد البرلماني بحضور السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى اماني، وقال المسؤول الإيراني: «انطلاقاً من السعي الديبلوماسي والبرلماني الذي تقوم به الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا المجال أتينا اليوم كوفد برلماني في زيارة إقليمية بدأت امس في العاصمة العراقية بغداد وتستمر اليوم في بيروت وسنتجه غداً الى العاصمة السورية دمشق».

وتابع: «الوفد البرلماني الموجود حالياً في بيروت أمضى اليومين الماضيين في العاصمة العراقية بغداد وكانت له هناك سلسلة من اللقاءات السياسية التي أجريناها مع المسؤولين العراقيين المحترمين، حيث قدمنا لهم الرسائل الموجهة لهم من قبل المراجع السياسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكان انطباعنا ايجابياً للغاية، وشعرنا ولمسنا ان الشعب العراقي والحكومة العراقية مثل كل الدول والشعوب الاسلامية والعربية الأبية لديها الاستعداد الكامل للتضامن مع المقاومين في غزة ومن أجل التصدي للإرهاب الإسرائيلي الذي يمارس هناك». وأضاف: «وكانت هناك رسائل تطرح علينا أنه اذا استمرت هذه العمليات الارهابية الاجرامية الاسرائيلية بحق الآمنين في غزة ما الذي سيحصل يا ترى؟ وكان جوابنا الواضح والقاطع في هذا المجال انه امام الاستمرار في هذا الاجرام الاسرائيلي وهذا الارهاب الصهيوني فلا بد لكل الشعوب العربية والاسلامية لا بل لكل الشعوب الحرة والابية في هذه المنطقة أن تهب هبة رجل واحد من اجل الصمود والتصدي والوقوف الى جانب الشعب الفسطيني ومن أجل التصدي أمام هذا الإرهاب الإسرائيلي».
وخلال استقباله الوفد الإيراني، قال نائب الأمين العام لـ»حزب الله»: «كشف طوفان الأقصى المؤيدين لفلسطين من المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه. وقد أثبت ميدان المواجهة في غزة نبل الأداء المقاوم ووحشية «إسرائيل» وأميركا ومحورها».

ولفت الى أن «طوفان الأقصى خسارة كبيرة محقَّقة للعدو الإسرائيلي وأصبحت من ثوابت التاريخ، ولا يمكن أن ينتصر هذا العدو بالمجازر ضد المدنيين، وهو أجبن وأضعف من أن ينتصر في الميدان في مواجهة أبطال فلسطين المقاومين المجاهدين». وقال: «صورة الميدان تردد إسرائيلي، وخوف من المعركة البرية، في المقابل ثبات المقاومين واستمرار الصواريخ على الكيان ومواجهة للمواقع المقابلة لجنوب لبنان، كل ذلك بثقة واعتقاد بالنصر. لا يعلم الأميركي والإسرائيلي ما تخبئه الأيام إذا استمر العدوان».
في المقابل، تزور مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف المنطقة، وحطت في قطر حيث تشارك وفق معلومات «البناء» بالمفاوضات التي تقودها قطر بين حركة حماس وكيان الاحتلال حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى غزة عبر معبر رفح.

ومن المتوقع أن تزور الديبلوماسية الأميركية مصر والأردن ولبنان، حيث تجتمع الى كبار المسؤولين لحثهم على تنفيذ القرار 1701 وضبط الوضع جنوباً.
وعلمت «البناء» أن الضغوط الدبلوماسية تشتدّ على لبنان كل يوم لدفع الحكومة اللبنانية الى ثني حزب الله عن توسيع الحرب على «إسرائيل»، وتسعى الدبلوماسية الأميركية الى إقناع الحكومة لإصدار موقف رسمي من الحكومة بالطلب من كل المنظمات المسلحة الفلسطينية واللبنانية بمغادرة جنوب الليطاني أي منطقة الـ 1701 وتكليف قوات اليونفيل والجيش اللبناني ضبط الأمن على كامل الخط الأزرق. إلا أن رئيس الحكومة والمسؤولين المعنيين لم يتجاوبوا مع هذه الضغوط باعتبار أن القوات الدولية والجيش اللبناني يقومون بواجبهم في الجنوب والعدو الإسرائيلي هو الذي يوسع القصف، والحل وما يجري على الحدود من اشتباكات هو أمر واقع ونتيجة للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. وتوقعت أوساط دبلوماسية لـ»البناء» أن تحمل باربرا ليف في جعبتها رسائل تهديد جديدة للبنان وتكراراً للرسائل التي حملتها السفيرة الأميركية في بيروت ووزيرة الخارجية الفرنسية والمسؤولين الألمان والبريطانيين.

وفي سياق ذلك، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي تم خلاله البحث في التطورات الراهنة في غزة وجنوب لبنان. وجدّد رئيس الحكومة مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على «اسرائيل» لوقف عدوانها والتوصّل الى وقف لإطلاق النار في غزة.
وحذّر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، من أنّه إذا لم يتوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فالحرب لن تتوقف وستصبح إقليمية.
على الصعيد الميداني، واصلت المقاومة في لبنان عمليتها النوعية ضد جيش الاحتلال، وهاجمت أمس موقع الصدح الصهيوني بالصواريخ الموجّهة ‏والأسلحة المناسبة ودمّروا أجزاء كبيرة من منشآته وتجهيزاته وأوقعوا ‏إصابات مؤكدة بين أفراد حاميته.‏ كما هاجمت موقع «مسكاف عام» بالصواريخ الموجّهة ‏والأسلحة المناسبة ودمّروا قسماً من تجهيزاته الفنية، وأيضاً موقع الرادار في مزارع شبعا، كما استهدفت موقع «ابو دجاج» بالأسلحة المناسبة ‏ودمّروا قسماً من تجهيزاته الفنية والتقنية.‏ وهاجمت بالصواريخ الموجهة مواقع رويسات العلم، السماقة وزبدين في ‏مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة.‏
ونشر الإعلام الحربي فيديو يجيب على سؤال لماذا استهدفت المقاومة الإسلامية وسائط الجمع الحربي في مواقع العدو الإسرائيلي عند الحافة الأمامية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية؟!

وأطلقت صواريخ مساء أمس باتجاه الجولان. وطلبت الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال من سكان المنارة عند الحدود مع لبنان التزام الملاجئ بسبب حدث أمني.
واستمر العدوان الاسرائيلي على القرى الحدودية، ولم يوفر الجيش اللبناني حيث تعرّض موكب عسكري للجيش اللبناني لإطلاق رصاص مصدره العدو الإسرائيلي في أطراف بلدة عيترون من دون تسجيل إصابات. وسقطت قذائف ضمن رقعة تدخل عناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني أثناء إخماد حريق حرج في اللبونة/علما الشعب – صور، ما اضطرهم الى الانسحاب فوراً إلى مكان آمن لحين توقف القصف. كما سقطت ثلاث قذائف مدفعية بين أطراف بلدتي علما الشعب والضهيرة. وتعرّضت أيضاً معاد في محيط اللبونة قرب بلدة الناقورة للقصف الاسرائيلي. فيما انفجر صاروخ اعتراض باتريوت أطلق من داخل «إسرائيل» في أجواء بلدتي العديسة ورب ثلاثين. في المقابل، تعرّض موقع «مسكاف عام» مقابل العديسة للاستهداف، من الجانب اللبناني فأطلق الجيش الإسرائيلي رشقات رشاشة على أطراف العديسة، وسجّلت رشقات رشاشة إسرائيلية بإتجاه منطقة «كروم الشراقي» شرقي ميس الجبل. ومساء أمس ألقى جيش الاحتلال قنابل مضيئة في أجواء الحدود عند كروم الشراقي في ميس الجبل.

 

"الجمهورية": قطاع غزة في جحيم الدمار

الوضع في غزة بات خارج القدرة على توصيفه، في ظلّ حرب الدّمار الشّامل التي تشنّها اسرائيل على المدنيين في القطاع. التي أخذت مساء امس، منحى في منتهى القسوة والعنف، ترجمه العدو بغارات جوية كثيفة وقصف صاروخي شديد العنف على الجانب الشمالي من القطاع، ترافقت مع تحركات عسكريّة اسرائيلية بريّة اوحى وكأنّ إسرائيل قد اتخذت قرارها باجتياح قطاع غزة.

تزامناً مع القصف العنيف، قطعت الإتصالات وشبكة الإنترنت في غزة، فيما طلب مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو زيادة الضغط على حماس، حيث نقلت وكالات الأنباء عن مسؤول أميركي قوله «إن الإسرائيليين يقومون بتوغّل محدود في غزة ووافقوا على دخول دعم إنساني بالتزامن مع العملية»، فيما أعلن المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي «ان العمليات الموسعة الجارية في غزة الآن (مساء امس) ليست الغزو البري الرسمي، وإن سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم بشكل واسع في غزّة، والقوات البرية توسع عملياتها هذه الليلة» فيما أعلنت حركة «حماس» إستعدادها لمواجهة العدوان، وكثفت قصفها الصاروخي لمستوطنات غلاف غزة وصولاً الى تل أبيب واسدود وعسقلان وسديروت». وتزامناً مع ذلك أيضاً، أعلن وزير الخارجية الأردني أن اسرائيل بدأت للتو عملية برية في غزة، وستكون نتيجتها كارثة إنسانية لسنوات طويلة.

يشار في هذا السياق الى أن تقديرات متتالية سبقت التصعيد الإسرائيلي على غزة ليل أمس، افترضت أن العملية البرية لا تبدو ميسرة، وعلى ما بيّن استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإن نسبة الإسرائيليين المؤيدين لشن هجوم بري على غزة تراجعت من 65 في المئة قبل عشرة أيام الى 49 في المئة يوم أمس. وعلى ما ذكرت شبكة «سي أن أن» الأميركية، فإن المسؤولين الأميركيين نصحوا الجيش الإسرائيلي بإلغاء فكرة الإجتياح، خوفاً من تعريض الرهائن والمدنيين للخطر، وزيادة تأجيج التوترات في المنطقة، فيما لفت ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» في الساعات الماضية نقلاً عن سبعة ضباط كبار وثلاثة مسؤولين، بأن القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين لم يقرروا بعد كيف ومتى أو ما إذا كانوا سينفذون عملية برية في قطاع غزة. وقالت إن القادة الإسرائيليين، الذين تعهدوا بالإنتقام من «حماس» لم يتفقوا بعد على كيفية القيام بذلك».

عشرون يوماً دموية

ويأتي هذا التطور بعد اكثر من عشرين يوما من التصعيد بوتيرة عالية من القصف الجوّي والصّاروخي المجنون المغطّى بأوسع دعم غربي معزّز بمقولة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وبأساطيل في البحر، وبشحنات هائلة من السلاح والذخائر لتمكينها من الصعود الى السقف العالي الذي رفعته في بداية الحرب بسحق حركة «حماس». وأمّا النتيجة فأحياء تباد، ومستشفيات ومراكز صحية تسوّى بالأرض، وآلاف البيوت وعشرات دور العبادة الإسلامية والمسيحية ركام يتكوّم فوق ركام، والأرواح المدنيّة تُزهق بالمئات والجرحى بالآلاف ومشرّدون بمئات الآلاف من دون حد أدنى من مقومات الحياة والخدمات الأساسية. وتقارير الأمم المتحدة والأونروا باتت تركز على فاجعة حلّت بغزة، ووفق ما قال المفوض العام لـ»الأونروا» فيليب لازاريني «لا يموت الناس في غزة من القصف فحسب، بل سيموت العديد من الأشخاص قريباً أيضاً جراء تداعيات الحصار المفروض على القطاع».

وعلى ما تلحظ التقارير الأمنية، فإن التصعيد العنيف والتدمير الممنهج لقطاع غزة، لم يقرّب اسرائيل، من تحقيق هدفها، والمستوى الحاكم فيها، يغطي ذلك بمقولة انّ الحرب طويلة، والمتحدث العسكري بإسم الجيش الإسرائيلي يتوعّد بأنّ الآتي أعظم وتصفية «حماس» نتيجة حتمية للعملية البرية، إلّا انّ من يتابع الإعلام الإسرائيلي يقف على تشكيك المحللين السياسيّين والعسكريين بجدوى الحرب البرية على غزة، وإستطلاعات تبيّن تراجع نسبة المؤيدين لهذه الحرب داخل المجتمع، وعلى تساؤلات كثيرة يطرحونها حول أفق هذه الحرب، عن المدى المحدد لهذه الحرب، وما اذا كان هدفها المعلن قابلاً للتحقيق فعلاً، خصوصاً أنّ القصف العنيف استطاع أن يدمّر البنى التحتية في غزة ويجعل جزءاً كبيراً منها غير صالح للسكن والحياة فيه، لكنّه لم يرجِع الأسرى الإسرائيليين، والجيش الإسرائيلي أعلن بالأمس انّ عددهم هو 224 أسيراً، كما انّه لم يلحق الضرر الكبير بـ«حماس» ولم يضعف قدرتها على المواجهة، ولم يعطل منصّات الصواريخ التي ما زالت تطلق بوتيرة عنيفة ومتصاعدة على المدن والبلدات الإسرائيلية.

رصد وتحذير

وعلى الرغم من ذلك، فإنّ هذه الحرب مستمرّة بوتيرتها ما فوق العنيفة على قطاع غزة، والمستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية ما زالت تتحدّث عن حرب طويلة، وبالتالي لا يمكن التكهن بنهاية وشيكة لها، وخصوصا ان اسرائيل لم تتمكن حتى الآن من تحقيق ما تعتبره انجازا في الميدان العسكري بحجم عملية «حماس» في مستوطنات غلاف غزة في السابع من الشهر الجاري. وهو الامر الذي من شأنه ان يبقي باب الاحتمالات مشرّعاً على مصراعيه في ظل اعلان الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني عن مفاجآت ليس في امكان أحد ان يتصورها.

واذا كانت الدول الداعمة لاسرائيل في حربها تترك لها حرية أن تقوم بكلّ ما يمكنها من تحقيق انجاز سريع ضد «حماس»، دون ان تعترضها اية معوّقات تؤخرها او ارباكات تشغلها او تصعّب عليها تحقيق هذا الهدف، على شاكلة فتح جبهة حرب ثانية، إلّا انّ مخاوف تلك الدول تبدو متزايدة في المقلب الآخر، وهذا ما يفسر التحذير الغربي والاميركي تحديدا لايران و«محور الممانعة»، والضغط المتزايد في اتجاه لبنان، ووفق معلومات «الجمهورية» فإنّ ما نقله الموفدون الغربيّون اكد بوضوح انّ تلك الدول ومن ضمنها واشنطن لا ترغب في فتح جبهات جديدة، الا انها لم تخرج من حساباتها إمكان مبادرة «حزب الله» الى توسيع دائرة الحرب واشعال ما تسمى الجبهة الشمالية لاسرائيل، ومن هنا جاء تأكيد الموفدين على المسؤولين اللبنانيين تجنيب لبنان ما سمّوها حرباً مدمّرة ومخيفة، وتحذيراتهم المباشرة الى الحزب من مغامرة السقوط في خطأ الانخراط في هذه الحرب».

وضمن هذا السياق يندرج اتصال وزير الخارجية البريطانية جيمس كليفرلي امس برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي اعلن مكتبه انه اجدد خلال الاتصال بالوزير البريطاني مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف عدوانها والتوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة».

توتير وتهويل

وتزامناً، فإن المشهد اللبناني بصورة عامة، ثابت منذ بداية الحرب على غزة، في نقطة الرصد لمجرياتها، تتجاذبه مخاوف كبرى من أن تتمدّد هذه الحرب الى لبنان. وخصوصا مع تصاعد التوتر والتراشق الصاروخي والمدفعي على الحدود الجنوبية، والتهويل الاسرائيلي بحرب غير مسبوقة في قساوتها على لبنان، في مقابل تكثيف «حزب الله» لعملياته العسكرية ضد مواقع جيش العدو، وتأكيده على لسان نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم امس، بان الاميركي والاسرائيلي لا يعلمان ما تخبئه الايام المقبلة».

وكان يوم امس، قد شهد توترا ملحوظا على امتداد الحدود ترافق مع سلسلة عمليات نفذها «حزب الله» ضد عدد من المواقع العسكرية الاسرائيلية، حيث اعلن الحزب عن استهداف موقع الصدح وتدمير اجزاء كبيرة من منشآته وايقاع اصابات بين افراد حاميته، وكذلك مهاجمة موقع مسكفعام بالصواريخ وتدمير قسم من تجهيزاته، ومهاجمة موقع «ابو دجاج» بالاسلحة المناسبة وتدمير جزء من تجهيزاته الفنية والتقنية. وايضا مهاجمة مواقع رويسات العلم، السماقة وزبدين في ‏مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بالصواريخ الموجهة. فيما اعلن الجيش الاسرائيلي عن الرد على مصادر النار من الجانب اللبناني، وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي أدرعي عبر منصة «X» انه تمّ رصد إطلاق عدة قذائف صاروخية من داخل لبنان نحو إسرائيل لكنها سقطت داخل سوريا. وكشفت الإذاعة الاسرائيلية عن إطلاق وابل من الصواريخ من لبنان تجاه هضبة الجولان .فيما واصل العدو الاسرائيلي قصفه لمحيط عدد من البلدات الجنوبية وخصوصا خراج اللبونة واطراف العديسة وعلما الشعب والضهيرة ومنطقة «كروم الشرقي» شرقي ميس الجبل. كما استهدف العدو موكبا للجيش اللبناني على طريق عيترون من دون ان يؤدي ذلك الى وقوع إصابات.

مخاوف .. وموانع

على ان المخاوف الداخلية، ترافقت مع نزوح كثيف للمواطنين اللبنانيين من منطقة الجنوب الى مناطق لبنانية اخرى يعتبرونها اكثر امانا، وبعض القرى الجنوبية باتت شبه خالية من سكانها، وذلك خشية من تدهور الاوضاع، فالناس معذورة ربطا بالعديد من التجارب السابقة التي مرت بها. وفي موازاة هذه المخاوف تتبدّى حالة رافضة للدخول في حرب، ليست محصورة بفئة معينة من اللبنانيين، بل هي شاملة غالبيّة الشّعب اللبناني بكلّ فئاته.

تلك المخاوف يضاف اليها الرفض للحرب، تجمع المقاربات والقراءات السياسية والامنية على اعتبارها مبررة تبعا للتجارب الحربية السابقة ونتائجها المدمرة. الا ان اللافت للانتباه في هذا السياق ان القراءات التي غلّبت في بداية الحرب الاسرائيلية على غزة، احتمال اشتعال جبهة الجنوب اللبناني، فرضت عليها الوقائع العسكرية التي شهدتها جبهة الحدود من مزارع شبعا الى رأس الناقورة، التدرّج العكسي في موقفها بحيث باتت تنظر الى اشتعال هذه الجبهة كاحتمال ضعيف. مستندة بذلك الى مجموعة اسباب:

أولا، إعلان اسرائيل منذ بداية الحرب، وعلى لسان مستوياتها السياسية والعسكرية انها لا تريد مواجهة مع لبنان. وينبغي هنا لحظ ان اسرائيل بادرت في إجراء احترازي الى اخلاء مستوطناتها على الحدود، تجنّبا لوقوع اصابات بينهم تضطرها الى الرد على مناطق آهلة بالسكان في الجانب اللبناني، ما يدفع «حزب الله الى الرد. وتطوّر الامور

ثانيا، الاندفاعة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية لمنع اشتعال جبهة الجنوب. ويبرز هنا ما كشفته وكالة «تسنيم» الايرانية في الساعات الماضية من ان جهات في محور المقاومة تسلمت رسالة اميركية تؤكّد ان لا نية لواشنطن بفتح جبهات جديدة.

ثالثا، موقف الدولة اللبنانية ومستوياتها السياسية التي اكدت الالتزام بالقرار 1701، وضرورة الحفاظ على الاستقرار على الحدود. وان خطر اندلاع الحرب هصدره اسرائيل وليس لبنان.

رابعا، لا اجماع لبنانيا على الحرب، والمنطق الغالب هو ان لبنان في وضع كارثي على كل المستويات، ولا يحتمل اي ضرر اضافي ولا قدرة له على مجاراة اي حرب او دفع اي ثمن فيها حتى ولو كان متواضعا.

خامسا، إنّ «حزب الله» دخل في الحرب من دون ان يدخلها، بحيث انه وازن بين ما يسميه واجبه بنصرة المقاومة الفلسطينية في غزة، وبين قراره غير المعلن بعدم توتير الداخل اللبناني وعدم التسبب بأيّ ضرر فيه، حيث انّه منذ بداية الحرب الاسرائيلية على غزة، رسّم حدود مواجهته مع اسرائيل بعمليات مدروسة ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها من دون توسيع نطاقها. بدليل انّه يقوم بعمليّاته من ضمن ما تسمّى المناطق المفتوحة، واستهداف المواقع العسكرية، وهو امر كلّفه سقوط العديد الكبير من الشهداء، متجنبا بذلك عدم تعرض المدنيين للقصف الاسرائيلي. اذ كان في مقدوره أن يطلق صواريخه ويقوم بعملياته من داخل القرى او من بعد قريب منها، ويحتمي بالابنية ما يجنبه سقوط الشهداء في صفوفه، الا ان ذلك سيدفع العدو الاسرائيلي الى استهداف المناطق المأهولة بالقصف ما سيؤدي الى سقوط مدنيين، وهو الامر الذي يستلزم ردا من قبل الحزب، بحجم القصف الاسرائيلي، ليس على المستعمرات القريبة من الحدود التي اخلتها اسرائيل، بل على المستعمرات في العمق الاسرائيلي، الامر الذي سيفتح سجالا ناريا قابلاً لأن يتطور الى حرب اوسع بين الجانبين.

نوبة الحراك

من جهة ثانية، بقي الداخل اللبناني في حال جمود سياسي غير محدد بسقف زمني، فيما بدا ان نوبة الحراك التي ضربت الواقع السياسي في الأيام الاخيرة، قد عبرت الاجواء الداخلية دون ان تترك اي اثر، وعادت بعدهالا كل الاطراف الى التموضع في دائرة الخلاف حول كل الاولويات والملفات الداخلية، من دون ان تتمكن من توجيه البوصلة الداخلي نحو حلحلة الضروري والملح من تلك الملفات، وخصوصا في ما يتعلق بالملف الرئاسي الذي مازال مربوطا بالعقد ذاتها التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك في ما يتعلق بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون وتعيين رئيس للاركان. حيث بينت مقاربة هذه المسألة في الفترة الاخيرة أنها باتت شديدة التعقيد. وهو الامر الذي يتطلب، في رأي مصادر مطلعة على خفايا هذه الازمة، المزيد من المشاورات العقيمة في اتجاه صياغة واحد من مخرجين: تعيين قائد جديد للجيش في مجلس الوزراء وكذلك تعيين رئيس للاركان، او تأخير تسريح قائد الجيش بناء على اقتراح قانون يقره مجلس النواب.


 

"اللواء": لبنان في مهبّ المفاجآت مع تجاهل دولي للإعتداءات الإسرائيلية

لم تنتهِ الحرب بعد، ومع ذلك، فإن الجسم الحربي في اسرائيل، بالعاملين في الميدان او الموضوعين على لائحة الاحتياط، يعكف عن مناقشة مسائل بالغة الخطورة، لا تتعلق بالفشل الميداني، وخسارة حرب الاستخبارات التي كانت دولة الاحتلال تتباهى بها، بل بالتقنيات العسكرية والتدريبات، والقدرة على ادارة مواجهة بالغة التعقيد. كما تعكف قيادات المقاومة في لبنان وفلسطين على تدارس ما يحدث، لا سيما لجهة الاسلحة بالغة الدقة التي زودت بها الولايات المتحدة الاميركية اسرائيل، وتمكنت من تحقيق اهداف بين المقاومين على نحو غير مسبوق.
وفيما لم يعرف اذا كان لبنان على جدول زيارة مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف الى الشرق الاوسط، فإن عمليات المقاومة على خط المواقع بين لبنان واسرائيل عادت الى الواجهة، بدءاً من القطاع الغربي الى القطاع الشرقي، من دون ان تتوقف صفارات الانذار على الجهة المقابلة، لا سيما في المنارة، وكذلك دوريات «اليونيفيل» على طول الحدود.
وبقي الاهتمام الدبلوماسي الغربي والاوروبي على وجه الخصوص في الواجهة.. فأجرى وزير خارجية بريطانيا جيمس كليفرلي اتصالا مع الرئيس نجيب ميقاتي، في اطار الدعوات لعدم تمكين اي طرف من جر لبنان الى الحرب، على نطاق واسع.
ولاحظت مصادر لبنانية معنية ان الحركة الدبلوماسية الدولية، سواء عبر وزراء الخارجية او السفراء في بيروت، لا تعير اهتماماً للاستفزازات الاسرائيلية بل تقتصير النصائح التحذيرية على لبنان فقط.
وفي حين ان لبنان، كجزء مما يجري في المنطقة، دخل في اسبوع المفاجآت مع اشتداد الضغط الاسرائيلي على غزة المدمرة، بهدف اخضاع «حماس»، قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم امام وفد ايران: «لا يعلم الاميركي والاسرائيلي ما تخبئه الايام اذا استمر العدوان».
وفي اطار بلورة عملية لخطة الطوارئ لمواجهة أية تطورات امنية، وفي اطار التنسيق مع منظمات الامم المتحدة، ترأس ميقاتي اجتماعا في السراي الكبير للجنة تنسيق خطة الطوارئ مع منظمات الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وجرى التداول في الموارد المتوافرة وامكانية احتواء تداعيات اي عدوان ونزوح من الوجهة الانسانية.
نيابياً، دعا الرئيس نبيه بري اللجان المشتركة عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الثلاثاء المقبل، لمناقشة الحكومة في خطة الطوارئ الوطنية لتعزيز الجهوزية لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي.

اهتزاز حركة باسيل

سياسياً، اهتزت حركة «الانفتاح العوني» على بعض القيادات الرسمية، بتأثير من الاشتباك الذي طرأ على جبهة ملء الفراغ المحتمل في القيادة العسكرية، في ضوء رغبة الرئيس نجيب ميقاتي الاسراع بهذه الخطوة، اقله خلال ت2 المقبل، وممانعة وزير الدفاع موريس سليم المقرَّب من التيار الوطني الحر من الاقدام على خطوة، تبقي قائد الجيش العماد جوزاف عون في قيادة المؤسسة العسكرية.
ولم تتأخر قيادة «القوات اللبنانية» على رفض مبادرة باسيل، التي اعلن عنها، ورفضت معراب استقباله، بحجة انه لم يطلب رسميا الموعد من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بل من شخصيات ونواب في المعارضة.
وأوضحت مصادر في «القوات اللبنانية» لـ «اللواء» أن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع اعتبر أن ما من مبادرة يحملها النائب جبران باسيل الذي يتحرك وفقا لمصالحه.  
ولفتت إلى أن باسيل لم يطلب موعدا لزيارة معراب ولاحظت أنه لم يبتعد خطوة واحدة عن حزب الله.
إلى ذلك رأت أوساط مراقبة لـ «اللواء» أن باسيل لم يلتق احدا من افرقاء المعارضة وانه لم يقدم طرحا محددا وما قاله في مؤتمره الأخير  هو مجموعة مواقف أطلقها في لقاءاته على أن تتظهر الأهداف الحقيقية وراء هذه اللقاءات قريبا .
وعلمت «اللواء» أن موضوع الاشكال بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم قد يشق طريقه نحو المعالجة بعدما كان الاتفاق  مع رئيس مجلس النواب نبيه بري  على التروي في موضوع الشغور في قيادة الجيش.

جولة التغييريين على السفراء

وجال وفد يمثل مجموعات التغيير في المجلس النيابي، على سفراء المملكة العربية السعودية وليد بخاري، ودولة قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني وجمهورية مصر العربية ياسر علوي والمملكة الاردنية وليد الحديد ودولة فلسطين اشرف دبور، مطالباً بالضغط لوقف اطلاق النار، مشددا على ضرورة تدخل المجتمعين العربي والدولي لمنع توسيع دائرة العنف وإبعاد الحرب عن لبنان، والتشدد في تطبيق القرار 1701، ودعم الدولة اللبنانية لاستعادة قرار الحرب والسلم.
بالمقابل، كانت حركة لافتة لنائب رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية الايرانية في مجلس الشورى الايراني ابراهيم عزيزي مع وفد نيابي، اذ زار الرئيس بري واستقبله من حزب الله نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم.
وبيروت من ضمن عواصم ثلاث تشملهم زيارة عزيزي، وكانت المحطة الثانية بعد بغداد على ان يتوجه الى دمشق.

الجنوب في اليوم الـ21

وفي التطورات الميدانية، هاجمت المقاومة الاسلامية عصر امس بالصواريخ الموجهة مواقع رويسات العلم- السماقة وزبدين في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة. كما هاجمت المقاومة بالاسلحة المناسبة موقع ابو دجاج بالاسلحة المناسبة، ودمرت قسماً من تجهيزاته الفنية والتقنية.
وكانت قوات الاحتلال، تدخلت بالقصف باتجاه فرق الدفاع المدني التي حاولت اطفاء الحرائق الفوسفورية.
وعلى الرغم من استمرار القصف الاسرائيلي، وطلعات الـ«MK» (طائرة استطلاع اسرائيلية) شيع حزب الله شهداءه في النبطية ولبايا وغيرها، في وقت شهدت منطقة ساحل الزهراني في قضاء صيدا اقبالاً من النازحين من المناطق الحدودية، وقد نزح اليها نحو 600 اسرة توزعت على 18 قرية ضمن قرى بلديات ساحل الزهراني.

تضامن في بيروت والمحافظات

وسارت في شوارع بيروت تظاهرة حاشدة دعماً للمقاومة في غزة، وتنديداً بالقصف الاسرائيلي التدميري، والذي يستهدف الاطفال والنساء والكنائس والجوامع والمستشفيات ودور التعليم ومؤسسات الأونروا.
وفي يوم الجمعة، امتدت الاعتصامات والتظاهرات والوقفات التضامنية مع غزة من بيروت الى طرابلس وصيدا الى تجمعات النقابية والتعليمية والطلابية، وصولاً الي الجبل والبقاع، وسائر المناطق اللبنانية.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل