لبنان
الشيخ الخطيب من بلدة النبي شيث: تعطيل الحوار بدفع من قوى خارجية ليس فيه مصلحة وطنية
زار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب مرقد سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي في بلدة النبي شيث، وكان في استقباله نجل السيد الشهيد ياسر عباس الموسوي ولفيف من العلماء والفعاليات الحزبية والاجتماعية حيث وضع إكليلًا من الورد وقرأ الفاتحة.
وتوجه بعدها إلى مقام ومسجد نبي الله شيث، حيث أمَّ صلاة الجمعة، وألقى خطبة قال فيها: "من هذا المكان المبارك مقام ومسجد النبي شيث ومن بلدة الشهادة والشهداء والقيادة الشهيدة للمقاومة سماحة العلامة السيد عباس الموسوي (أبو ياسر) والشهيدة أم ياسر وطفلهما الشهيد وحاضنة المقاومة، من بدايات انطلاق حركة الإمام السيد موسى الصدر الإصلاحية في مواجهة الحرمان الذي كانت تعاني منه المناطق اللبنانية وخصوصًا منطقة بعلبك الهرمل وأهلها الكرام ومواجهة الخطر التكفيري، من هذا المكان وما تمثّله هذه المنطقة وهذه البلدة الكريمة من هذه الخلفية والرمزية، أحببت اليوم أن أكون بينكم ولأطلّ على هذه المنطقة المباركة والعزيزة من خلالكم وعبر خطبة وصلاة الجمعة تعبيراً عن المكانة الكبيرة التي تحتلها في قلبي والاحترام العميق الذي نكنّه لها والاهتمام بالمشكلات التي تعاني منها والتي زادتها الظروف والأزمات الحالية التي يمر بها البلد عمقاً واتساعاً ما يهدّد مصير البلد ويعرّضه للزوال، ولم تعد المشكلة مشكلة منطقة في لبنان، ولم تعد المشكلة مشكلة تمييز بين المناطق اللبنانية، ولا تقتصر على مشكلة فقر وحرمان فقط وإنما تعدت ذلك إلى تهديد المصير للكيان كله".
أضاف: "المشكلة أيها الإخوة هي مشكلة متجذّرة في العقلية المتخلفة التي تتحكم في إدارة البلد وفي طبيعة النظام وفي السياسات التي تنتجها طبيعة هذا النظام الذي بُنيَ على أساس طائفي عنصري متخلّف الذي هو السبب لكل الأزمات التي يستولدها ويكررها، لو كانت أسباب المشكلة ناتجة عن سياسات اقتصادية خاطئة أو لقلة الموارد أو إدارية أو لأيّ سبب آخر لكان حلّها يسيراً وسهلاً، فلبنان ليس فقيراً ولا تحوجه الموارد فالأمر ليس كذلك بل أعمق من ذلك، إنما هي مشكلة عقلية متخلفة تتمسك بنظام سياسي واجتماعي متخلّف، وكل الأمور الأخرى هي نتائج وليست أسباباً والتسويات التي ينتجها هؤلاء لا تعالج حتى النتائج، بل تؤجل المشاكل لتنفجر مرة أخرى لأن طبيعة النظام الطائفي طبيعة تعاند التطور الطبيعي للأمور، ولذلك تأتي التسويات لتمنع هذا التطور فتنفجر الأزمة من جديد إذ لا يمكن أن تُحكِم غطاء القدر الذي يغلي ولا ينفجر فيما النار تحته".
وتابع: "لذلك لا بد من تشخيص السبب الحقيقي للمشكلة حتى نتمكّن من وصف العلاج الناجع لها، الأمر الذي لم يعد يحتاج إلى التفكير العميق بعد أن سلّمت وأقرّت كل الأطراف السياسية بأن المشكلة والمرض يكمن في النظام الطائفي وفي التطييف والتمذهب السياسي الذي يخدم بعض الزعامات الطائفية التي تتحاصص وتتقاسم منافع هذا النظام الذي يخدم بقاءها في السلطة ومصالحها الشخصية والحزبية ويدفع بقية المواطنين الثمن ومن كل الطوائف وهي تستخدم الدين والطائفة والمذهب لمصالحها غير الوطنية وحوّلتها إلى قبلية وأساءت للطوائف والمذاهب وحملتها أوزار هذه السياسات".
وأضاف الشيخ الخطيب: "تعطيل الحوار بدفع من قوى خارجية ليس فيه مصلحة وطنية، فهل من عاقل يرفض الحوار مع وجود أزمة بهذا الحجم الذي يهدد مصير البلد وما هو البديل عن الحوار، سوى الخراب وكيف ننتج انتخاب رئيس للجمهورية؟ وكيف نعالج أزمة النازحين الخطيرة إذا كنا نرفض الحوار ونعطل التشريع ونعطل مجلس الوزراء ونرفض الدفاع عن أنفسنا في مواجهة التهديدات الصهيونية؟ وكيف نتواصل مع العالم العربي ونُصدّر منتوجاتنا ونرفض الانفتاح على سورية الجارة الوحيدة وبوابة لبنان إلى العالم العربي؟".
ورأى أنها "ليست سوى حفلة جنون وانتحار يريدون قطع الشريان الوحيد للتنفس، سورية التي يُحاصر لبنان مع محاصرتها ويُهدد أمن لبنان بتهديد أمنها ويُضرب اقتصاد لبنان بضرب اقتصادها، سورية التي تدفع أثماناً باهظة لالتزاماتها الوطنية والقومية ويُستهدف الأمن العربي باستهدافها والقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية باستهدافها، سورية تستحق من العرب جميعاً الوقوف معها وخرق الحصار المفروض على شعبها وضرب الإرهاب الذي استهدفها ويستهدفها كما حصل بالأمس في جريمة إرهابية مروعة ومحمية من القوى التي تحمي الإرهاب الصهيوني".
واعتبر أن "العالم العربي يحمي نفسه حين يقف إلى جانب سورية، وتعرّض الشعب السوري والدولة السورية اليوم لهذه المجزرة الإرهابية مناسبة اليوم لتظهير عودة سورية إلى الجامعة العربية، ولبنان أكثر المتضررين من استهداف سورية، لذلك نحن نشاركها دولةً وشعباً وجيشاً وقيادةً وخصوصاً مدينة حمص وأهالي الشهداء مصابهم ونسأل الله تعالى للشهداء الرحمة وللجرحى الشفاء العاجل ولأهالي الشهداء المكلومين الصبر والسلوان، ونقف إلى جانبها نبادلها الوفاء بالوفاء، فسورية تدفع اليوم ثمن مواقفها إلى جانب القضايا العربية التي لولاها لما بقي للقضية الفلسطينية من وجود".
وتابع: "أيها اللبنانيون، يكفي لبنان أزمة النازحين التي أُريد منها التآمر على سورية ولبنان، ويكفي هذا للقوى اللبنانية أن تُعيد حساباتها ولغة التواصل بينها والحوار لا التقاطع والتدابر كي تستطيع أن تتدبر أمرها وتصون لبنان من الأخطار المصيرية التي تهدده. لقد ثبت للجميع بالتجارب أن الطوائف ليست مصدر خوف من بعضها على بعض، وأن النظام الطائفي لن يشكل لها الدرع الواقي وإنما دولة المواطنة القائمة على أساس المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وهي التي تصون كرامة المواطن وتحفظ للطوائف دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية وكرامة المواطنين وكرامة وسيادة الوطن".
وأشار الشيخ الخطيب إلى أن "مشروع دولة المواطنة لا يعني إهمال المشكلات الآنية التي تواجه مجتمعنا من الخلافات الداخلية العشائرية والعائلية والشخصية التي تهدد وحدتنا الداخلية التي هي أساس بناء المشروع الوطني ودفع المخاطر التي يُشكّلها العدو "الإسرائيلي" المتربّص على حدود الوطن والذي يشكل خطراً وجودياً على لبنان كله وينتظر الفرصة إن أسعفته جهوده لضرب بيئة المقاومة وإضعافها من الداخل، فإن مواجهة هذه المشكلات أمر ضروري لعبور هذه المرحلة".
ورأى "أنّ عوامل الخطر ليست منحصرة في الحصار والتجويع، فالأخطر من ذلك كله هو إيجاد الاختلافات والفرقة ونشر الفساد الأخلاقي وتهديد وحدة الأسرة ونشر المخدرات".
ولفت الشيخ الخطيب إلى أن: "على مجلس الوزراء اجتراح الحلول لمشكلات القطاع التعليمي من أجل عامٍ دراسي طبيعي وكذلك في موضوع ضرورات الحياة للمواطنين، ويبقى الأهم مواجهة مشكلة النزوح السوري، فلبنان ليس قدره أن يكون حارساً لأوروبا وليست وظيفته أن يكون حارساً لحدودها بمنع السوريين من عبور البحر فيما تمارس سياسة منع الهجرة إليها".
إقرأ المزيد في: لبنان
16/11/2024