لبنان
خيمتا حزب الله محط إحراج لنتنياهو.. ولبنان يترنح بين الرئاسة والنزوح
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ ما أشار إليه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الاثنين الماضي، عن احتمال إطلاق ورشة لتحديد الحدود البرية للبنان مع فلسطين المحتلة، لم يكن إشارة في الهواء، بل يتصل بما كان يجري بعيداً من الأضواء، بهدف إيجاد حلّ لـ"المعضلة الإسرائيلية" المتمثّلة ليس بوجود المقاومة في الجنوب، بل بالخيمتين اللتين نصبهما المقاومون في منطقة مزارع شبعا المحتلة.
ولفتت الصحف إلى أنّه مع تراجع الملف الرئاسي في لبنان، يتقدم ملف النازحين السوريين إلى الواجهة مع تدفق موجات نزوح جديدة، وسط تحذيرات من خطر وجودي يمثله النزوح، وتختلط في التعامل مع الملف الخلفيات النابعة من القلق، مع المواقف العنصرية العدائية التي يهدّد تصاعدها بالوقوع في مطبات لا تُحمَد عقباها.
"الأخبار": هوكشتين أرجأ عودته و"تل أبيب" غاضبة من فضح المفاوضات! هل تراجع العدوّ عن عرض إخلاء الغجر؟
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّ "ما أشار إليه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الاثنين الماضي، عن احتمال إطلاق ورشة لتحديد الحدود البرية للبنان مع فلسطين المحتلة، لم يكن إشارة في الهواء. بل يتصل بما كان يجري بعيداً من الأضواء، بهدف إيجاد حل لـ«المعضلة الإسرائيلية» المتمثّلة ليس بوجود المقاومة في الجنوب، بل بالخيمتين اللتين نصبهما المقاومون في منطقة مزارع شبعا المحتلة.
وعلمت «الأخبار» أن النقاش الجدي حول هذه المسألة، بدأ قبل بضعة أشهر، بعدما طلب العدو عقد اجتماع سرّي بين وفدين عسكريين، إسرائيلي ولبناني، برعاية قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب، للبحث في ملف الحدود، أي خارج إطار الاجتماعات الثلاثية التي تُعقد دورياً في الناقورة للبحث في الخروقات للقرار 1701.
وبعد مشاورات سياسية وأمنية وعسكرية، كُلّف رئيس الوفد اللبناني العميد منير شحادة باختيار اثنين من أعضاء الوفد العسكري العامل معه في ملف الحدود الجنوبية لحضور الاجتماع الذي ترأّسه قائد القوات الدولية بحضور أحد مساعديه فقط، وبحضور رئيس الوفد الإسرائيلي واثنين من مساعديه.
سبق الاجتماع وصول الموفد الأميركي الخاص عاموس هوكشتين إلى بيروت، نهاية آب، وإطلاقه مواقف أمام المسؤولين اللبنانيين من أنه مكلّف من حكومته بإدارة مفاوضات لمعالجة النقاط العالقة على الحدود البرية شبيهة بمفاوضات ترسيم الحدّ البحري. وأبدى هوكشتين يومها حماسة شديدة، وتحدّث عن استعداد حكومة العدو للسير في المفاوضات حتى إنجاز الخطوة كاملة، وأكّد أن إسرائيل مستعدّة للبحث في كل ما يطلبه لبنان، بدءاً من نقطة b1 في الناقورة وصولاً إلى مزارع شبعا المحتلة. وكان هوكشتين واضحاً في أن تل أبيب تستعجل إنجاز اتفاق يقايض إخلاء شمال بلدة الغجر بإزالة الخيمتين اللتين نصبهما حزب الله في منطقة مزارع شبعا المحتلة، كما كان شديد الصراحة في الحديث عن «إحراج كبير» يواجهه الجيش الإسرائيلي بسبب عجزه عن إزالة الخيمتين بالقوة، وعن رغبة العدو بإنهاء هذه الأزمة حتى لو كانت الكلفة هي السير في معالجة النقاط البرية العالقة.
في اللقاء الذي جمع هوكشتين ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في السراي الحكومي، أكّد الأخير أن لبنان - وحزب الله ضمناً - يريد تعزيز الاستقرار، واستعجال أعمال التنقيب في البحر، والعمل على معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، ولا يوجد في لبنان من يريد الحرب مع "إسرائيل" الآن. وقال لهوكشتين: «تتحدّثون دوماً عن سلاح حزب الله وانتشاره جنوباً، وأنتم تعرفون أنه طالما أن هناك أراضيَ لبنانية محتلة، فليس هناك من هو مستعد للبحث في مسألة سلاح الحزب». عندها سأل الضيف الأميركي: «حسناً، ماذا لو وافقت إسرائيل على إخلاء كل النقاط التي يعتبرها لبنان محتلة، هل تضمنون انسحاب حزب الله من الحدود وألا تبقى هناك ذريعة لتبرير انتشاره العسكري وتسلّحه؟». وقبل أن يسمع الإجابة، قال هوكشتين: «هل تعتقدون بأن حزب الله مستعد للسير في ما نتحدّث عنه الآن، كما حصل في الاتفاق البحري؟». فكان الجواب الذي سمعه «أن لبنان مستعد للخطوة التالية، وعليك إثبات أن "إسرائيل" مستعدّة للانسحاب من كل المناطق المحتلة من دون ترك أي ثغرة». وغادر هوكشين يومها واعداً بالعودة قريباً بعد أن يحصل من إسرائيل على أجوبة.
لاحقاً، عُقد «الاجتماع العسكري السرّي» الذي خلص بعده الوفد اللبناني إلى أن الجانب الإسرائيلي شديد الاهتمام بإنجاز مقايضة شمال الغجر بالخيمتين. وجرى نقاش تفصيلي، قبل أن يُتفق على إبقاء مضمون الاجتماع سرّياً. وشدّد الأميركيون والقوات الدولية على ضرورة عدم التسريب لأن حكومة بنيامين نتنياهو ستكون عندها في حالة إحراج كبير، في حال بدا أنها تتنازل أمام حزب الله.
يومها نشرت «الأخبار» خبراً صغيراً عن العرض الإسرائيلي، قبل أن تنشر في اليوم التالي تقريراً مفصّلاً لم يشتمل على التفاصيل، فأقامت "إسرائيل" الدنيا ولم تقعدها، واحتجّت لدى القوات الدولية على تسريب الخبر، وطالبت بخطوات لاحتواء الموقف، بعدما ظهر الأمر في بيروت وكأنّ حكومة نتنياهو تتنازل عن أراضٍ ومناطق واسعة مقابل إزالة حزب الله خيمة واحدة. وأصدرت القوات الدولية بياناً أشارت فيه إلى ما أسمته «ضرر النشر»، فيما أصدر الجيش اللبناني بياناً نفى فيه «التوصل إلى اتفاق»، وكان واضحاً أن هدف البيانين واحد، وهو استرضاء الأميركيين، ومن خلالهم الإسرائيليين، من أجل السير قدماً في المفاوضات.
وعلمت «الأخبار» أنه بعد نشر الخبر، وتصاعد الانتقادات في "إسرائيل" لحكومة اليمين، جرى تواصل بين مسؤولين لبنانيين وهوكشتين لسؤاله عما إذا كان هناك من جديد، وما إذا كان قد حدّد موعداً لزيارته كيانَ الاحتلال ولبنان، فأجاب بأن هناك أموراً كثيرة طرأت، وأشار إلى «ضرر التسريب»، لافتاً إلى أن حكومة نتنياهو كانت مستعدّة لتسوية سريعة وفق آلية لا تظهرها ضعيفة، فيما يريد حزب الله «بهدلة» الحكومة الإسرائيلية و«إذلالها» ليس فقط بالقبول بشروطه مقابل إزالة الخيمتين، بل أيضاً في طريقة إنجاز الأمر. وخلص هوكشتين إلى استبعاد أن تكون هناك إمكانية لاستئناف البحث في الأمر قريباً.
في غضون ذلك، طرأت مشكلة لبنانية على الملف تمثّلت بإحالة العميد شحادة إلى التقاعد. وبالتالي، لم يعد هناك رئيس للوفد العسكري اللبناني المفاوض. وقد جرت اتصالات لتفادي هذا الشغور، واقتُرحت حلول عدة، منها ترقيته إلى رتبة لواء، ما يسمح له بتمديد خدمته في السلك العسكري على غرار ما حصل مع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. إلا أن وزير الدفاع موريس سليم رفض توقيع أي مرسوم كهذا، كما رفض فكرة استدعاء شحادة من الاحتياط للقيام بمهمة تشكّل ضرورة للأمن القومي اللبناني. علماً أن رفض سليم التمديد أو الاستدعاء من الاحتياط، لا يتعلق بشحادة، بل حتى لا يتحوّل ذلك إلى سابقة يمكن تكرارها مع قائد الجيش العماد جوزيف عون لدى بلوغه سن التقاعد مطلع السنة المقبلة. هكذا، انتهت الأمور إلى تعطّل العملية، خصوصاً أن فكرة تكليف شحادة بالمهمة من خارج السلك، تعني الاستعانة به كمدني، وهو مبدأ يخالف التوجه الذي اتُّفق عليه مع الرئيس ميشال عون سابقاً، بأن يقتصر أي وفد لبناني يناقش ملف الحدود مع العدو على عسكريين لديهم جدول أعمال تقني، وعدم انتداب أي موظف مدني أو سياسي حتى لا تأخذ المفاوضات بعداً سياسياً.
عملياً، تذرّع العدو بدايةً بالتسريب وأرجأ اجتماعاً كان مقرّراً لوضع اقتراح آلية لتنفيذ الاتفاق، ثم جاء تقاعد العميد شحادة ليمنع لبنان من إيفاد وفد إلى المفاوضات الآن. وهذا لا يعكس مشكلة تقنية فقط، بل يخفي حقيقة أن العدو لم يكن فعلاً مستعداً لهذه الخطوة، وإلا كيف يمكن تفسير موقف لـ«دولة» تقول إنها تريد عقد اتفاق له بعد إستراتيجي، ثم تقرّر التراجع عنه بسبب نشر خبر في صحيفة؟
عملياً، هناك الكثير من التفاصيل حول الاتفاق الذي كان مقترحاً، والمعالجات التنفيذية الخاصة بشمال الغجر من جهة وبالناقورة من جهة أخرى، إضافة إلى نقاش أكثر تعقيداً يخصّ مزارع شبعا والنقاط الخلافية على طول الحدود البرية. ولهذا العنوان بحثه الخاص.
"البناء": الحكومة تتهرّب من صدق التوجه نحو سورية ومواجهة الضغط الغربي وضبط المفوضية والجمعيات
من جهتها، صحيفة "البناء" لفتت إلى أنّه مع تراجع الملف الرئاسي في لبنان، يتقدم ملف النازحين السوريين إلى الواجهة مع تدفق موجات نزوح جديدة، وسط تحذيرات من خطر وجودي يمثله النزوح، وتختلط في التعامل مع الملف الخلفيات النابعة من القلق، مع المواقف العنصرية العدائية التي يهدد تصاعدها بالوقوع في مطبات لا تُحمَد عقباها. وقالت مصادر سياسية متابعة إن الإشكالات الأمنية المتنقلة التي يكون طرفاها لبنانيين وسوريين تشكل احتمالات مخاطر كبيرة. وليل أمس وقع إشكال كبير في منطقة الدورة اضطر الجيش اللبناني للتدخل للسيطرة على تداعياته، بعدما استعان صاحب مؤسسة تجارية بعماله السوريين في إشكال شخصي يخصه. وأضافت المصادر السياسية أن سبب كل هذه التداعيات هو غياب الحكومة عن مسؤولياتها، ورمي الأعباء على المؤسسات الأمنية والبلديات، التي تفوق أعباء الملف قدراتها. فالحل يبدأ سياسياً، سواء بالتوجه نحو دمشق والتنسيق مع الحكومة السورية، وهو ما لا يبدو التوجه الحكومي نحوها صادقاً، أو بالتصدي للضغوط الغربية، حيث الحكومة تهرب من المواجهة، أو بضبط نشاط مفوضية اللاجئين الأممية، ومثلها نشاط الجمعيات التي تدير أموالاً طائلة تحت عنوان هذا الملف من وراء ظهر الدولة، التي تنازلت عن مسؤولياتها واستقالت من مهمتها.
يبدو أن الوزارات المعنية والأجهزة الأمنية والعسكرية بدأت بتنفيذ الإجراءات والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها المجلس في السراي الحكومي منذ حوالي الشهر، فيما يتعلق بالحد من أزمة النزوح السوري، وذلك بعدما استفحلت الأزمة وباتت تشكل مخاطر وجودية على لبنان، وبعد أن تكشفت حقيقة القرار الدولي بوضوح برفض إعادتهم الى سورية ووجود مشروع دولي لإبقائهم في لبنان ودمجهم في المجتمع اللبناني.
وتتوالى الإجراءات القانونية والأمنية وفرض القيود على عمالة النازحين وانتشارهم العشوائي، فبعد الكتاب الذي وجهه لإقفال المحال التي يديرها سوريون ممن لا يحملون إقامات، وجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أمس كتاباً الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يطلب فيه إطلاق حملة لقمع وتوقيف الدراجات النارية التي يقودها أشخاص سوريون لا يحملون الإقامة اللبنانية، وذلك بعدما تبيّن ازدياد حركة الدراجات النارية وقيادتها من قبل أشخاص سوريين واستغلال البعض منهم هذا الأمر للقيام بأعمال سرقة أو إطلاق نار أو ترويج مخدرات.
وطلب مولوي من محافظ مدينة بيروت مروان عبود إعطاء التعليمات الى عناصر الحرس البلدي، لتكثيف الدوريات الأمنية بالتنسيق مع قيادة شرطة بيروت في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للعمل على إزالة ظاهرة التسول لا سيما عند إشارات المرور من قبل أطفال غير لبنانيين في مختلف شوارع العاصمة.
كما وجّه وزير الداخلية والبلديات كتابين الى المحافظين يطلب فيهما الإيعاز الى القائمقامين التعميم على البلديات والمخاتير، منع قبول أي نوع من الهبات (مشروطة أو غير مشروطة) منعاً باتاً من أية جهة كانت، في كل ما يتعلق بالنازحين السوريين وما قد يؤثر على بقائهم في لبنان وعدم عودتهم الآمنة الى بلدهم. والإيعاز الى القائمقامين التعميم على البلديات والمخاتير، الإفادة دورياً كل خمسة عشر يوماً عن التدابير المذكورة في التعميم ٧٤ حول تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بشأن أزمة النزوح السوري.
بالتوازي، باشر موظّفو المصالح الإقليمية في وزارة الصناعة بحملات إقفال المصانع التي تعمل من دون ترخيص قانوني، والتي توظّف عمالاً سوريين وأجانب لا يحملون إجازات عمل أو أوراقاً قانونية. وأشرف وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان على الحملة الميدانية التي انطلقت صباح أمس في كلّ من مدينتي زحلة ورومية الصناعيّتين، وأعطى تعليماته وتوجيهاته لكي تكون هذه الخطوة دقيقة وسريعة وشاملة المحافظات والأقضية من دون استثناء.
على الصعيد الأمني، واصل الجيش اللبناني حملة المداهمات لمخيمات النازحين السوريين، وأفادت قيادة الجيش أمس، بأن «وحدة من الجيش تؤازرها دورية من مديرية المخابرات دهمت عددًا من مخيمات النازحين السوريين في منطقة السماقية – عكار وأوقفت عددًا من السوريّين لدخولهم خلسة إلى لبنان وتجولهم من دون أوراق ثبوتية وتم ضبط مبالغ مالية مزوّرة وسيارة غير قانونية إضافة إلى ختم عائد لأمين صندوق إحدى البلدات اللبنانية».
الى ذلك، بدأ أمن الدّولة في النبطيّة حملةً لنزع خيم النازحين السوريّين غير الشرعيّين، والذين يقطنونها من دون ترخيص من البلديّات، وأزالت خيمتين تعودان لـ (م.ش.) في منطقة عين عرب. وأفادت المديرية، في بيان، بأنّ «حملة إزالة الخيم هذه أتت لمكافحة الفوضى المستشرية بين النازحين، وبسبب الشبهات بانتمائهم إلى منظّمات إرهابيّة، صادر خلاله أمن الدّولة حتّى اليوم، كمّيّات كبيرة من الأسلحة الحربيّة في خيمٍ تعود إلى النازحين السوريّين، في مختلف المحافظات».
وعلى الرغم من الإجراءات التي تتخذها بعض الوزارات والأجهزة الأمنية إلا أن الحكومة ورئيسها ووزير خارجيتها غائبون عن الأزمة الوجودية التي تواجه لبنان، ولم يعقد المجلس جلسة واحدة منذ شهر لمواكبة التطورات الجديدة بعد المواقف الأميركية والأوروبية من مسألة النزوح السوري في لبنان، فيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غادر بشكل مفاجئ الى الامارات والتقى حاكم إمارة أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان مساء أمس.
ولفتت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن الحكومة تأخرت باتخاذ الإجراءات الاحترازية والاستباقية للحد من موجات النزوح الجديدة والسابقة كما ماطلت وتواطأت بتباطؤ التواصل مع الحكومة السورية للبدء بإعادة النازحين الى سورية، كما لم تطبق الإجراءات التي اتخذتها في جلستها الشهر الماضي. متهمة المعنيين بالحكومة بالرضوخ للقرار الخارجي الأميركي – الأوروبي بمنع إعادة النازحين الى سورية والتواصل مع سورية لهذه الغاية. متسائلة ماذا ينتظر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لترؤس الوفد الوزاري للتوجه الى سورية؟ وعلى الرغم من أهمية الإجراءات التي تنفذها وزارة الداخلية والبلديات والقوى الأمنية في الحد من النزوح وتقييد أعمال وحركة النازحين ما سيدفع الكثير منهم للعودة الى سورية، لكن المصادر أبدت مخاوفها من أن يكون قد فات الأوان لإجراءات كهذه، بسبب إهمال الحكومة القيام بواجبها، وبعد أن عملت مفوضية شؤون اللاجئين على توفير الظروف والبيئة المناسبة المالية والاجتماعية لتشجيع النازحين على البقاء في لبنان.
وشدّدت كتلة «الوفاء للمقاومة»، في بيان لها بعد اجتماعها الدوري في حارة حريك، على أنّ «مشكلة النازحين السوريين هي إحدى نتائج العدوان الأميركي المقنع على سورية، وإن معالجة هذه المشكلة تقتضي وقف أميركا دعم الإرهاب التكفيري ورفع العقوبات وفكّ الحصار عن سورية والكفّ عن سياسات الدجل والنفاق الغربي التي تُنفّذ في سورية ولبنان خدمة لمصالح الكيان الصهيوني ودول الغرب وفق منهجية عنصرية فاضحة لا تستطيع كل لافتات حقوق الإنسان أن تخفي البعد العدواني الذي ترمي إليه هذه السياسات عبر الاستثمار السياسي في أزمة النازحين السوريين»، متابعة: «لقد آن الأوان لوقف هذا الاستثمار المرفوض وعلى اللبنانيين أن يفرضوا المعالجة المناسبة لهذا الملف بما يحقق مصلحة لبنان والنازحين».
وإذ أسفت الكتلة «لتفويت البعض فرصة الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي»، فإنها تتابع وتقدر «الجهود التي تُبذل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي عبر المعبر الدستوري الذي لا مفرّ فيه من التفاهم مهما كابر المكابرون». وذكرت أنّ «أمام اللبنانيين استحقاقات مقبلة وداهمة لن تكون البلاد في منأى عن المخاطر اذا لم يتم التوصل إلى معالجات سريعة لها واتخاذ إجراءات احترازية تحول دون المزيد من التصدعات والانهيارات في أكثر من مرفق ومؤسسة وقطاع».
وأشارت الكتلة إلى أنّ «التفاهم لإنجاز الاستحقاق الرئاسي هو المدخل الوطني الضروري لترميم أو إعادة تفعيل مؤسسات السلطة والأجهزة والمؤسسات في القطاعات الأمنية والعسكرية والقضائية والصحية والاستشفائية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، فضلًا عن قطاع الطاقة والمياه والاتصالات والأشغال والبيئة والبلديات وغيرها».
ولم يخرج الملف الرئاسي من دائرة الجمود، وأشارت مصادر على صلة بالمبادرات الخارجية لـ»البناء»، الى أننا عدنا الى نقطة الصفر، وكل الجهود باءت بالفشل و»الحركة بلا بركة». ولفتت الى أن لا أجواء ومعلومات دقيقة عن عودة المبعوث الفرنسي فيما الموفد القطري أسمع كل طرف التقاه ما يحب أن يسمعه ويرضيه.
وتشير معلومات «البناء» الى أن «التواصل قائم بين حارة حريك والفرنسيين واللقاءات لم تتوقف، وفي اللقاء الأخير بينهما تم الاتفاق على استمرار التواصل ومنح فرصة لتقييم الوضع القائم ومواكبة المستجدات الداخلية والخارجية وتقديم مقترحات جديدة تساهم في كسر جدار الأزمة الرئاسية الصلب».
ويشعر الفرنسيون وفق المصادر أن محصلة حراكهم الماضي وصل الى طريق مسدود ولم يحقق النتيجة المرجوة منه، لكن لا يعني نهاية الدور الفرنسي وزيارة جان إيف لودريان أواخر الشهر الحالي لكن لم يحدد موعدها.
وإذ جددت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» رفض السير بترشيح فرنجية، أشار مصدر نيابي في حزب «القوات اللبنانية» لـ»البناء» الى أن «الموفد القطري التقى رئيس القوات سمير جعجع مرتين، والمرة الأخيرة أمس الأول حيث جدد عرضه الخيار الثالث واستمزج ما إذا لدى القوات مرشحون معينون، لكن القوات أكدت بأن المشكلة لدى الثنائي المتمسك بدعم مرشحه، ولكن القطري لم يطرح أسماء على جعجع». ولفتت الى أن «القوات مستعدة للنقاش في الاسماء المطروحة».
وعن موقفها من ترشيح قائد الجيش لفتت الى أن «لا فيتو على قائد الجيش لكن عندما يصبح الخيار جدياً يحتاج الى نقاش معمق حول رؤية قائد الجيش الاقتصادية والسياسية وعن المرحلة المقبلة بكاملها».
وفي ما خص الحوار مع التيار الوطني الحر أوضحت أن «التواصل قائم لكن لا نتائج عملية على الصعيد الرئاسي».
أما زيارة وزير الدولة القطري فغير محسومة بانتظار نتيجة جولة الموفد القطري الذي لا يزال في لبنان.
وأفادت مصادر إعلامية بأن «الموفد القطري جاسم آل ثاني التقى مساء الثلاثاء للمرة الثانية رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي حسم أمامه أنه لن يسحب ترشيحه ومستمر في السباق الرئاسي مدعوماً بكتلة صلبة من واحد وخمسين نائباً»، وكشفت المعلومات، أن «الثنائي الشيعي كان واضحاً أمام الموفد القطري بإبداء التعاون مع أي مبادرة خارجية، ولكن لا حزب الله ولا حركة أمل سيطلبان من فرنجية الانسحاب وهما مستمران في دعمه رئاسياً».
ولفتت أوساط «الثنائي» الى أن «الأمر لم يعد يقتصر على رئاسة الجمهورية أو على فرنجية لشخصه، بل بات فرنجية يشكل نقطة تحدٍ مع الأميركيين، ولذلك بات الحزب والثنائي أكثر تمسكاً برئيس المردة وموقفه أكثر تصلباً وتشدداً، في ظل تصعيد الصراع بين الحزب ومحور المقاومة مع المحور الأميركي في المنطقة، وما العدوان الإرهابي الكبير على سورية أمس، إلا دليل على ذلك»، حيث إن «التصعيد الثلاثي الأميركي – الاسرائيلي – الإرهابي في سورية سيترك تداعياته الكبيرة على لبنان، ما يعني أن حزب الله سيتشدد بالتمسك برئيس يحول دون تمرير مشاريع العدوان والتآمر الخارجي على لبنان والمقاومة وسلاحها».
وبرز كلام لافت لقائد الجيش العماد جوزيف عون، خلال افتتاحه في قاعدة جونيه البحرية مبنى مدرسة القوات البحرية بعد تشييده بتمويل من السلطات الألمانية، لافتاً الى أن «أزمة النزوح السوري هي أشد التحديات التي تواجه الجيش حاليًّا، سواء التسلل عبر الحدود البرية أو الهجرة غير الشرعية عبر البحر. لقد ازدادت موجات النزوح في الأشهُر الماضية بشكل لافت، وحذرنا منها مرارًا، وطالبنا الجميع بتحمّل مسؤولياتهم، كلٌّ من موقعه. يتصدى الجيش وحده حاليًّا لهذا التحدي رغم كل التعقيدات الجغرافية واللوجستية والعددية، ويتعرّض يوميًّا لحملات مشبوهة ضده. في هذا الإطار، أحيّي كلَّ ضباطنا وعناصرنا الذين يبذلون قصارى جهودهم للحد من النزوح وتداعياتِه، كما أحيّي عناصر القوات البحرية على جهودهم في ما خص حماية الحدود البحرية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، أمام كلّ الصعوبات والإمكانات المتواضعة». وختم مجدِّدًا «الشكر لألمانيا والدول الصديقة على دعمها للجيش وثقتها به».
"النهار"| بن زايد لميقاتي: نريد لبنان قويًا فاعلًا
بدورها، كتبت صحيفة "النهار" تقول: "وسط “الشح” الذي أصاب بقوة المشهد السياسي الداخلي في الأيام الأخيرة بما اثار مزيدًا من الانطباعات الجانحة الى استبعاد أي انفراج محتمل في الازمة الرئاسية في المدى المنظور، تصاعدت معالم الاحتدام الواسع في المخاوف كما في المواقف حيال مسألة النازحين السوريين في لبنان التي صار ثابتا انها تحولت الى القضية الأولى التي لا يتقدمها أي ملف. كما تصاعدت معالم قضية “القمع القضائي” الذي برز مع “الملاحقة” الجماعية التي يتولاها وزير العدل لجميع أعضاء “نادي القضاة” في قضية التعبير عن الرأي! ولعل ما زاد الاستهجان في هذه القضية الناشئة ان افتعالها جاء في عز تصاعد أزمات القضاء الذي يكاد يغدو مغيبا ان بفعل الازمة المالية وان بفعل التواطؤ على ضرب القضايا الكبيرة وتصفيتها مثل ملف انفجار مرفأ بيروت.
وكانت ملفات الرئاسة والواقع الاقتصادي وملف النازحين السوريين قد طرحت في الزيارة المفاجئة التي قام بها امس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى ابو ظبي حيث استقبله رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ في أبو ظبي. وقد اتفقا على اتخاذ الإجراءات اللازمة لاعادة افتتاح السفارة الإماراتية في بيروت وتشكيل لجنة مشتركة لوضع الية لتسهيل اصدار تاشيرات الدخول للبنانيين الى دولة الامارات. وخلال اللقاء اكد بن زايد ان الامارات كانت ولا تزال الى جانب الشعب اللبناني منذ عهد الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان والشيخ خليفة بن زايد ال نهيان. وشدد على ان موقف الامارات تجاه لبنان يقوم على دعم كل ما يحفظ امنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه وما يحقق مصلحة شعبه في التنمية والازدهار. وقال ”اننا نريد ان نرى لبنان قويا متماسكا وطرفا فاعلا في محيطه العربي والإقليمي والدولي”.
وعبر ميقاتي عن شكره وتقديره لرئيس دولة الامارات على الدعم المستمر الذي يحظى به لبنان من قبل الامارات وكان له الأثر الطيب في نفوس الشعب اللبناني.
اما في الملف الرئاسي، فعلمت “النهار” ان الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني كثف حركته خلال اليومين الماضيين بعيدا من الأضواء ووسع مشاوراته مع عدد من الاطراف، وزار بيت الكتائب الذي شهد عدد من اللقاءات الديبلوماسية والتقى رئيس الحزب النائب سامي الجميل. ووفق هذه المعلومات فان الموفد القطري دخل في الاسماء وعلق الجميّل بتاكيده احترام كل الشخصيات المقترحة في لائحته إلا أنه شدد على انه لن يبدي اي رأي سلبي او ايجابي تجاهها قبل سحب حزب الله مرشحه من التداول وعندها يمكن مناقشة اي اسم او طرح وتكون بداية واقعية وجدية للمرحلة المقبلة.
ووفق المعلومات نفسها وسّع الموفد القطري دائرة لقاءاته والتقى شخصيات وكتلا لم يسبق ان التقاها في السابق ومنها “كتلة تجدد” وعاود زيارة بنشعي مرة ثانية بعد الاستياء الذي حصل اثر تسريب العرض القطري كما ذكر انه زار معراب ايضا. وأفادت المعلومات ان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية اكد مجددا أنه لن يسحب ترشيحه ومستمر في السباق الرئاسي مدعوما بكتلة من واحد وخمسين نائبا مثلما اكد الثنائي الشيعي للموفد القطري انه لن يطلب من فرنجية الانسحاب وهو مستمر في دعمه. ولاحظ بعض من التقاهم الموفد انه يميل الى انتزاع توافق سياسي على احد الأسماء التي يطرحها ولكن ذلك لم يتحقق ودونه صعوبات كبيرة.
ردّ قائد الجيش
ووسط هذه الأجواء بدا لافتا امس الرد الحاد الذي صدر عن قائد الجيش العماد جوزف عون على الأصوات السياسية التي استهدفت انتقاد القيادة العسكرية والجيش في ملف منع موجات التسلل والنزوح السوري الى لبنان علما ان الفريق شبه الوحيد التي يمعن في مهاجمة القيادة العسكرية هو رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. فخلال افتتاحه في قاعدة جونيه البحرية مبنى مدرسة القوات البحرية بعد تشييده بتمويل من السلطات الألمانية، قال العماد جوزف عون ”رغم الأزمة الاقتصادية وتداعياتها، إلا أن عناصر الجيش يقومون بواجباتهم بكل اندفاع واقتناع، وعلى أكمل وجه، في كل المهمات الموكلة إليهم برًّا وبحرًا وجوًّا. ولعل أزمة النزوح السوري هي أشد التحديات التي تواجه الجيش حاليًّا، سواء التسلل عبر الحدود البرية أو الهجرة غير الشرعية عبر البحر. لقد ازدادت موجات النزوح في الأشهُر الماضية بشكل لافت، وحذرنا منها مرارًا، وطالبنا الجميع بتحمّل مسؤولياتهم، كلٌّ من موقعه. يتصدى الجيش وحده حاليًّا لهذا التحدي رغم كل التعقيدات الجغرافية واللوجستية والعددية، ويتعرّض يوميًّا لحملات مشبوهة ضده. في هذا الإطار، أحيّي كلَّ ضباطنا وعناصرنا الذين يبذلون قصارى جهودهم للحد من النزوح وتداعياتِه، كما أحيّي عناصر القوات البحرية على جهودهم في ما خص حماية الحدود البحرية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، أمام كلّ الصعوبات والإمكانات المتواضعة”.
"قمع قضائي"
وسط هذه الأجواء يبدو ان قضية جديدة بدأت تتعاظم وتثير ردودا رافضة لكونها تمس بالحريات التعبيرية وهذه المرة من البوابة القضائية. ذلك ان اقدام وزير العدل هنري خوري على إحالة أعضاء “نادي القضاة” على التفتيش القضائي انفجر كفضيحة حريات وقمع لا سابق لهما في استهداف السلطة القضائية المولجة قبل أي رسالة أخرى بحماية الحريات نفسها التي يضمنها الدستور وشرعة حقوق الانسان. وبدأت ردود الفعل السياسية والنقابية تتصاعد على الاجراء المستنكر الذي تولاه وزير العدل عاكسا سياسة فريقه الزاعم بانه رأس حربة الحريات ظلت خجولة فيما تصاعدت أصوات أخرى منددة بالاجراء. وفي هذا السياق اصدر الحزب التقدمي الإشتراكي بيانا قال فيه: “كأنها لا تكفي حال التردي التي بلغتها العدالة في لبنان، في ظل التصرفات البوليسية التي تطال في ما طالته الجسم القضائي والحقوقي، بدءا من مصادرة التشكيلات القضائية، الى تشويه قانون استقلالية القضاء وتفريغ مضمونه والتلكؤ في إصداره، حتى بصورته المشوهة، وصولا إلى صراع الصلاحيات بين المراكز القضائية الأولى، ليأتي فوق كل ذلك وزير العدل ويستكمل القمع بإصدار قرار بإحالة أعضاء الهيئة الإدارية لنادي قضاة لبنان على التفتيش القضائي، على خلفية مواقفهم المنتقدة للواقع القضائي وللمخالفات القانونية والتنظيمية المرتكبة”. واعتبر انه “رغم أن قرار الإحالة ساقط سلفا لكون اختصاص التفتيش القضائي لا يقوم، إلا بناء على مخالفات وظيفية قد يرتكبها قضاة في معرض عملهم، فقد كان الأجدى بوزير العدل المؤتمن افتراضيا على القضاء أن يعمل على معالجة أزمات قصور العدل وموقع القضاة المهني، والمعنوي، والمادي، وتوفير الظروف الملائمة للعمل وتحقيق المساواة بينهم من دون محاباة أو محسوبيات”.
واعتبر النائب مارك ضو ان قرار وزير العدل هنري خوري “هو بمثابة قمع جماعي واستكمال لسياسة كمّ الأفواه وقمع الحرّيات التي تهدف الى إسكات القضاة ومنعهم من الاعتراض على التجاوزات الحاصلة داخل الجسم القضائي”. واكد ان”مطالب “نادي القضاة” أساسية ومحقة وتعنينا جميعًا، من استقلالية القضاء والحفاظ على الجسم القضائي من التجاوزات، ومن تدخل السلطة السياسية بالسلطة القضائية. ولا عدل ولا عدالة من دون قضاء مستقل”.
وأثار “ائتلاف استقلال القضاء” هذه القضية وأبدى “قلقا كبيرا من هذه الشكوى لأنها تمس بحرية القضاة في الدفاع عن استقلاليتهم” واعتبر أن “هذا الفهم خاطئ جملة وتفصيلا، إذ أن “موجب التحفظ” يهدف إلى ضمان حيادية القاضي في القضايا التي ينظر فيها من دون أن يحد من قريب أو بعيد حرية القضاة في إبداء آرائهم بشأن الإصلاح القضائي أو استقلالية القضاء أو القوانين والتدابير المتصلة بها أو قضايا حقوق الإنسان بشكل عام”. ولفت الى أن “ما يفاقم من هذا الأمر أن الإجراء المتخذ لا يرمي إلى الحد من حرية قاض فرد، إنما إلى الحد من حرية النادي كجمعية في اتجاه حرمانه من إصدار أي بيان. ومن شأن ذلك أن يشكل اعتداء مزدوجا على حريتي التعبير وتأسيس جمعيات ومعها على حق القضاة في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة ممارسات الهيمنة والتدخل”. ورأى أن “ملاحقة نادي قضاة لبنان تأتي ضمن سياق اعتداء متواصل على القضاء والحريات العامة، في اتجاه تحصين نظام الإفلات من العقاب من أي محاسبة أو مساءلة”.