لبنان
إجهاض المبادرات ودعوات الحوار والتفاهم على الاستحقاق الرئاسي تتوالى
لا يزال الملف الرئاسية اللبناني محور اهتمامات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الأربعاء 27 أيلول 2023، في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية، لكن من باب أكثر تشاؤمًا مع توالي إجهاض المبادرات والدعوات للحوار الوطني، وإعلان نعي المبادرة الفرنسية «التقليدية» مع تأكيد حاملها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان عودته إلى لبنان واستمراره بالمساعي مع استبدال مصطلح الحوار بلقاءات تشاورية.
البناء
الخبر في المنطقة عراقي، مع الحوار الذي كشف خلاله رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني عن عزم حكومته على إنهاء مهمة قوات التحالف في العراق، حيث اعتبر السوداني أنه لم «يعد هناك ضرورة لوجود التحالف الدولي الذي تشكل لمواجهة تنظيم داعش»، مضيفاً: «أنه خلال هذا الشهر سوف تجتمع اللجنة المشتركة مع الجانب الأميركي، وسوف تؤكد على العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة للتعاون الأمني، ومنفتحون في كل المجالات». وذكر رئيس الوزراء أن «وجود سورية بنظامها السياسي وشعبها، أفضل من بديل مجهول قد يُدخل المنطقة في حرب ثانية مع داعش، وأي إرباك أمني في سورية سيطلق وحوش الإرهابيين ويهدد الأمن في العراق والمنطقة»، ولم تظهر بعد تداعيات وخلفيات هذه المواقف، وهل هي تعبير عن قراءة عراقية للمشهد الإقليمي، بعد القمة الصينية السورية ورؤية مخاطر استخدام العراق قاعدة لعبث أميركي في سورية، وما هو موقف إيران ودورها في هذا القرار، سواء كان قراراً لا يعبر عن تفاهم ضمني مع الأميركيين أم أنه ثمرة تفاهم مع الأميركيين، يقدّم لهم المخرج اللائق للانسحاب من العراق وسورية، باعتبار ان أصحاب العلاقة في تغطية، بينما لم تفصل مصادر عراقية بين القرار وتداعيات القمة الصينية السورية، وصلتها بخطة الحزام والطريق والتشبيك السوري العراقي من جهة، وبما يجري بين طهران وواشنطن من مفاوضات بوساطة عمانية بصورة خاصة، ليس الملف النووي محورها الوحيد.
في لبنان، كشف إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن نهاية مبادرته الحوارية، لأنه «تبين أنه ما بهمن الكنيسة القريبة. بكرا اذا اي طرف خارجي إشرلن بأصبعه وقلهن تعوا للحوار.. بيجوا متل الشاطرين»، ومعلوم أن طرفين خارجيين هما فرنسا والسعودية كانا قد أعلنا تبني مبادرة بري ودعمها ثم تراجعا، كما أن هناك طرفين محليين يوازنان مواقف الكتل المسيحية الرافضة وعلى رأسها القوات اللبنانية والكتائب، كانا قد أعلنا قبول المبادرة ثم تراجعا، هما بكركي والتيار الوطني الحر، وهذا الانقلاب يقف في خلفية سحب بري لمبادرته من التداول عملياً، كما يكشف أن جهة واحدة تملك مباشرة او غير مباشرة قدرة التأثير على الذين تراجعوا، هي واشنطن، التي تمثلها قطر وموفدها في الملف الرئاسي وليس فرنسا. وكان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان قد اعلن أن على المسؤولين اللبنانيين البحث عن خيار ثالث، بينما الموفد القطري يقوم بتداول اسماء مرشحين رئاسيين مع الأطراف التي يلتقيها، والحصيلة وفقاً لمصدر نيابي، بسيطة وهي ان لا رئاسة.
في بيروت أقامت السفارة الصينية حفل استقبال في عيدها الوطني تحدّث خلاله السفير الصيني تشيان مينجيان، مشيراً الى تاريخ العلاقات اللبنانية الصينية وملفاتها المشتركة، لافتاً الى أن مبادرة الحزام والطريق منصة تعاون دولية مفتوحة وشاملة ومتبادلة المنفعة ومربحة لجميع الدول. وقد وقعت أكثر من مئة وخمسين دولة، من بينها لبنان، وأكثر من ثلاثين منظمة دولية على وثائق التعاون لمبادرة الحزام والطريق. مضيفاً، لقد استثمرت الصين في أكثر من 3000 مشروع، وارتفع حجم تجارتها مع الشركاء من تريليون دولار أميركي في عام 2013 إلى تريليوني دولار أميركي، مما شكّل نمط الانفتاح على العالم الخارجي بنطاق أكبر ومجال أوسع ومستوى أعمق. وأعلن السفير الصيني، أنه في الشهر المقبل، ستستضيف الصين الدورة الثالثة لمنتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي. وترغب الصين في العمل مع لبنان والدول الأخرى على طول طريق الحرير من منطلق الالتزام بمفهوم التعاون المتمثل في التشاور والتشارك والتقاسم، وتمهيد طريق التعاون هذا الذي يعود بالمنفعة على العالم بشكل أوسع وأبعد».
وفيما يواصل الموفد القطري جولته السرية على المسؤولين، سجلت مواقف فرنسية لافتة للمبعوث الرئاسي جان إيف لودريان من الاستحقاق الرئاسي سبقت عودته إلى بيروت مطلع الشهر المقبل.
وقد نعى لودريان المبادرة الفرنسية «التقليدية» مع تأكيد عودته الى لبنان واستمراره بالمساعي مع استبدال مصطلح الحوار بلقاءات تشاورية وتعديل صيغة الطرح الفرنسي من تسوية سليمان فرنجية – تمام سلام إلى خيار المرشح الثالث.
ودعا لودريان المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لحلّ أزمة الرئاسة. ولفت في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»: إلى أن «الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني «منزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان».
وأكد لودريان في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أنه لا يوجد اختلاف، ولا حتى فارق بسيط، بين الدول الخمس. وأولئك الذين أشاروا إلى العكس هم مروّجو الأوهام التي تهدف إلى الحفاظ على الارتباك لاعتبارات تكتيكية. فالخمسة يتحدثون مع بعضهم البعض طوال الوقت. ولا بد أن يعلم المسؤولون اللبنانيون أن اللقاء الأخير للخماسية اتسم بالغضب من إنكارهم وعدم قدرتهم على التغلب على تناقضاتهم. ويتساءل الخمسة إلى متى سيستمر تقديم المساعدة للبنان».
ولفت إلى أن «المواجهة بين كتلتي جلسة 14 حزيران الانتخابية، أي كتلة تؤيد جهاد أزعور وكتلة أخرى تؤيد سليمان فرنجية، لن تقدّم أي حل. والبقاء في هذا الصراع يؤدي إلى الفشل. لذلك، يجب على الجهات الفاعلة اللبنانية أن تبحث عن طريق ثالث». وقال «لا يزال هناك طريق طويل قبل الانتهاء منه، لذلك أنوي العودة مرة أخرى على الأقل».
ودعا لودريان «الجميع للحضور وعقد لقاءات، ورؤية نقاط الالتقاء، وبعد ذلك ستكون هناك حاجة إلى سلسلة من المشاورات. لم أعد أستخدم مصطلح الحوار لأنني أرى أنه مسموم في لبنان، نظراً لما يحمله هذا المصطلح من شحنة تاريخية مثيرة للانقسام. وبعد المشاورات، آمل أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى عقد جلسات برلمانية متتالية ومفتوحة، كما تعهّد بذلك علناً. كل هذا يجب أن يتم في الأسابيع المقبلة». وأضاف: «آمل أن يدرك المسؤولون أنه يجب علينا إيجاد مخرج، وإلا فسيتم نبذهم من قبل المجتمع الدولي. لن يرغب أحد في رؤيتهم بعد الآن، ولن يكون من المفيد طلب الدعم من هنا أو هناك».
ولاقت مواقف لودريان استغراب حزب الله وامتعاض حركة أمل وفق ما علمت «البناء»، وأشارت أجواء «الثنائي» لـ«البناء» الى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيتخذ الخطوة المقبلة وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، وسينتظر عودة لودريان للإفصاح عما سيقرّره من الحوار والجلسات. وشددت الأجواء على أن مواقف لودريان لم تغير في موقف الثنائي بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كخيار استراتيجي لا تنازل عنه، مع الانفتاح على كافة الخيارات ومناقشتها على طاولة الحوار، مشددة على أن لا أحد يستطيع إحراج الثنائي وليّ ذراعه ودفعه للتنازل والرضوخ في استحقاق أساسي ذات أبعاد استراتجية.
ولفتت المصادر الى أن الأسماء التي يتم التداول بها هي لملء الوقت الضائع وليست جدية وتهدف لقطع الطريق على فرنجية وللتشويش على الحوار بين التيار والحزب وفرملة أي نتيجة إيجابية تؤدي الى سير التيار بفرنجية.
وعلمت «البناء» أن النائب باسيل أبدى موافقته على دعم ترشيح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء البيسري.
وأعلنت سفارة قطر عبر حسابها على منصة «إكس» أن سفيرها لدى لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، زار أمس (أمس الأول) «السيد محمد رعد، نائب في البرلمان اللبناني ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة. تم خلال الاجتماع، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة».
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«البناء» أن «الموفد القطري التقى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل ولم يلتقِ النائب رعد».
وإذ لم يتم تسريب أية معلومات عن اللقاء بين الموفد القطري وخليل. إلا أن مصادر «البناء» كشفت أن الحراك القطري هو جس نبض للأطراف السياسية للسير بالمرشح الثالث بعد عجز أي من الأطراف عن فرض مرشحه، وحاول الموفد القطري إقناع الثنائي حركة أمل وحزب الله بخيار المرشح الثالث، لكنه قوبل بالرفض وأبلغ الثنائي الموفد القطري تمسكه بترشيح فرنجية.
وفي سياق ذلك، تحدّث الرئيس بري في حديث لقناة «الجديد» عن «مجموعة أسماء يطرحها القطريّ وليست محصورة باسم معين»، لافتاً الى أنني «تعاونت مع الفرنسي وسهلت مهمته، واتعاون الآن مع القطري وأتمنى له النجاح ودائماً كنت أقول: منتشكركن على مساعدتكن لنحنا ننتخب مش لتسمولنا اللي بدنا ننتخبه». وأشار الرئيس بري، الى أنني «لم أكن يوماً الا متعاوناً مع أي مبادرة خارجية، واللي عنده بديل عن الحوار يتفضل عطيناهن فرصة العمر وما تجاوبوا، حدا يقللي اي رئيس جمهورية وصل بلا حوار».
وحول ما تردّد عن موعد انتخاب رئيس جمهورية في تشرين المقبل، قال بري: «انا لا اتحدث عن مواعيد ولم أتحدث ولكن أتمنى ان ننتخب اليوم قبل الغد»، مؤكداً أنني «لن ادعو الى أي جلسة الا اذا كانت ذات جدوى، واي جلسة ليست مسبوقة بحوار ما فيها جدوى».
واعتبر أن «كلام لودريان عن الخيار الثالث تلخص قيمة الحوار»، مشدداً على أن «مرشّحنا هو سليمان فرنجية وحتى الآن ما في plan B «، مضيفاً «انا عطيت حوار لمدة اقصاها سبعة ايام اذا لقينا بعد يومين ما في توافق منروح مباشرة على دورات مفتوحة». وأضاف «تبين أنه ما بهمن الكنيسة القريبة بكرا اذا اي طرف خارجي إشرلن بأصبعه وقلهن تعوا للحوار.. بيجوا متل الشاطرين».
في المقابل دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الرئيس بري الى «الدعوة إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، وأغلب الظنّ أنّه سيكون لنا رئيس للجمهورية في الدورة الثانية».
بدوره أشار مصدر نيابي مطلع في التيار لـ«البناء» إلى «أننا لن نشارك في الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري وكنا قد طلبنا من بري أسئلة واستفسارات عن موضوع الحوار ورئاسته والخطوة التي تليه لتوفير ظروف نجاحه، ولم تأتنا الردود، ولذلك لا جدوى من المشاركة فيه». وجدّد رفض التيار «السير بسليمان فرنجية الذي أثبتت الوقائع أن حظوظه تراجعت الى حد كبير، لذلك على الثنائي الاقتناع والحوار على خيارات أخرى»، ولفت المصدر الى أن «التيار لم يطرح مرشحين بل دعم التقاطع على جهاد أزعور، ويؤيد زياد بارود إذا كان مرشحاً توافقياً، وسمّينا المرشحين الذين نرفضهم وهما سليمان فرنجية وقائد الجيش، ولتسهيل الانتخاب وضعنا مواصفات الرئيس وبرنامج عمله».
وكشف المصدر أن «الحوار بين الحزب والتيار يتقدم على الكثير من الملفات، لكن التباعد لا يزال سيد الموقف في الملف الرئاسي ولا نتائج عملية حتى الآن».
وجدد تكتل «لبنان القوي» في بيان، بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، «موقفه الداعم لإجراء لقاءات تشاورية لإنضاج الاستحقاق الرئاسي من خلال التفاهم على الأولويات الرئاسية للعهد المقبل ومواصفات واسم الرئيس المؤهل لهذه المهمة»، وأكد التكتل «ضرورة توفير الظروف التي تؤمن نجاح الحوار من دون رفض أو تعنّت، لأن مبدأ الحوار يقوم على مبدأ تبادل الأفكار».
كما أكد أن «الحوار يجب أن يكون محصوراً في مهلة زمنية محددة وأن يجري على مستوى رؤساء الأحزاب أصحاب القرار على أن تتم إدارته في شكل حيادي وموضوعي، ويلي ذلك عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد، إما لانتخاب الاسم المتفق عليه وإما لحصول منافسة ديموقراطية بين المرشحين».
وفي مجال آخر، جدّد التكتل مطالبته «الجيش والقوى الأمنية بضبط الحدود وإنهاء مرحلة التساهل»، متهماً «الحكومة بالتخاذل وعدم اتخاذ الإجراءات لضبط النزوح غير الشرعي». وأعرب عن قلقه من «أن يكون لبنان أمام موجة من النازحين الوافدين لأهداف أمنية، بعد الذين وصلوا لأسباب اقتصادية أو قسرية».
وبعد زيارته ووفد من الوطني الحر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، قال باسيل: «نؤكد مجدداً، أنَّ هذا البلد هو بلد شراكة، وتغيير الشراكة في أيِّ ظرف كان لا بد من توافق كل اللبنانيين مراعاة للشراكة المتوازنة، نحن الآن في مرحلة استحقاق لرئاسة الجمهورية، وهناك استحقاقات ثانية، وكل محاولة لتغييب أحد الأطراف اللبنانية فيها ضرب للدستور وللميثاق ولروحية العيش معاً». ورأى «أن ما يحصل هو عملياً تفويت فرصة، وتضييع وقت، ونحن بصدد إنجاز هذه الاستحقاقات الدستورية في وقتها».
وقال «إنَّ موضوع رئاسة الجمهورية ليس له حل إلا بالتفاهم والشراكة «المتوازنة» كما ذكرنا، والتفاهم بطبيعة الحال يتطلب حواراً، ونحن لم نكن يوماً إلا مع الحوار، لكن الحوار حتى يكون مجدياً ويوصل إلى نتيجة، أكدنا لسماحته أن الحوار له ظروفه كي لا نقول شروطه، حتى نحقق نجاحه، منها أن يعقد حول طاولة مستديرة، وأن يسمح بالتشاور الثنائي والثلاثي. وما يؤدي إلى انتخاب رئيس وفق خطوط عريضة، يتفق عليها اللبنانيون، إن من حيث الشخصية أو المواصفات والبرنامج الذي يتعهد بتنفيذه».
الى ذلك، كشف السفير الصيني لدى لبنان تشيان مينجيان، خلال الاحتفال في الذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في فندق فينيسيا أن «الصين ترغب في العمل مع لبنان لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه قائدا البلدين، ودعم الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعم لبنان في الحفاظ على سلام الوطن واستقراره؛ وتعزيز التنسيق والتعاون مع لبنان في المناسبات الدولية المتعددة الأطراف لحماية الإنصاف والعدالة الدوليين، ومواصلة أداء مهمة حفظ السلام بأمانة والمساهمة بالقوة الصينية في الحفاظ على السلام في لبنان ودول المنطقة؛ وتعزيز الالتقاء بين مبادرة «الحزام والطريق» وخطة التنمية في لبنان، والتحسين المستمر لمستوى التعاون المتبادل المنفعة بين الصين ولبنان، والعمل بشكل مشترك على تعزيز التنمية السريعة والطويلة الأجل للصداقة بين الصين ولبنان».
وأكد السفير الصيني أنه «لطالما كانت الصين بانية للسلام العالمي، ومساهمة في التنمية العالمية، ومدافعة عن النظام الدولي. وفي بداية هذا العام، نجحت الصين في تشجيع السعودية وإيران إلى إجراء حوار في بكين لتحقيق المصالحة، مما أطلق «موجة من المصالحة» بين دول المنطقة. وفي الشهر الماضي، استقبلت مجموعة البريكس ستَّ دول أعضاء جديدة، من بينها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران، مما ضخ حيوية جديدة في المجموعة، ودفع تعزيز السلام والتنمية العالميين بشكل أقوى».
على صعيد آخر، ذكرت القناة 12 التابعة للاحتلال الإسرائيلي أنّه «قبل أيام رصد الجيش الإسرائيلي مظليًا يحلق فوق مواقع له على السياج الحدودي مع لبنان، قبل أن يختفي»، مشيرة إلى أن «يتمّ التحقق إذا كان العنصر تابعاً لحزب الله أم ربما إسرائيلياً حلق دون تنسيق».
الجمهورية
تتوالى فصول إجهاض المبادرات والدعوات إلى الحوار والتفاهم على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وكلما أتى وفد من دولة شقيقة أو صديقة، للتوسّط وتقريب وجهات النظر، أو طرح أفكار للخروج من الأزمة القاتلة التي يعاني منها البلد، تحاصره القوى العاجزة عن الحوار والتفاهم بمواقف تعجيزية، وكأنّ البلد ليس بلدهم ولا الشعب شعبهم، وكأنّهم منفصلون عن الواقع ويعيشون في كوكب آخر. لا همّ لهم سوى مصالحهم ومراكزهم ونفوذهم وجيوبهم، ولا عمل يأتون به غير الثرثرة وإلقاء اللوم على الآخرين.
وما كلام الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى وكالة الصحافة الفرنسية أمس، الاّ أكبر دليل على تفاهة العمل السياسي في لبنان، وانعدام أي حسّ بالمسؤولية وبأوجاع الناس، وخطورة التلاعب بمصير لبنان.
وعلى نقيض الوضع الداخلي المشؤوم، كشف مرجع ديبلوماسي لـ«الجمهورية»، عن تطورين إقليميين كبيرين لا بدّ ان ينعكسا ايجاباً في وقت لاحق على مسار الانتخابات الرئاسية المعطّلة في لبنان.
الأول، سُجّل تقدّم كبير جداً في المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، حول إعادة إحياء الاتفاق النووي، وبناءً على ذلك، طلبت طهران من واشنطن إبداء حسن نيتها، فجاء الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية واليابان وغيرها، وتمّ تبادل إطلاق سجناء بين الطرفين.
وهذا المسار في تقدّم المفاوضات سيتواصل، وستنتج منه خطوات إيجابية متبادلة بين الإدارة الأميركية الحالية وبين طهران.
الثاني، سُجّل ايضاً تقدّم ملموس في المفاوضات بين المملكة العربية السعودية والحوثيين بتسهيل إيراني، ما يفتح الباب أمام مرحلة مهمّة من الاستقرار في الخليج والمنطقة، بعد الاتفاق السعودي-الإيراني برعاية صينية.
غير أنّ هذه التطورات الإيجابية لم تنعكس بعد انفراجاً في لبنان، حيث انّ كل فريق سياسي ما زال يراهن على مؤازرته خارجياً للإتيان برئيس للجمهورية يضمن من خلاله مصالحه ولو على حساب البلد المنكوب والشعب المنهوب.
بين الفرنسي والقطري
كشف مسؤول كبير لـ«الجمهورية»، أنّ مهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لم تنتهِ بعد، وما تصريحه لوكالة الصحافة الفرنسية أمس سوى دليل على متابعته الملف الرئاسي اللبناني بأدق تفاصيله. وأضاف، أنّ لودريان سيعود هذه المرّة وفي جعبته دعوة للقوى السياسية الى لقاء على غداء أو عشاء يُقام في مقر السفارة الفرنسية في بيروت، ويكون مناسبة لطرح فكرة معينة والنقاش حولها.
وأشار المسؤول، الى انّ زيارة لودريان الأخيرة لم تؤدِ الى نتيجة، لأنّ الموفد الفرنسي عندما رأى المستشار الرئاسي الأميركي ايموس هوكستين في لبنان ويتجول بين الخط الازرق والروشة وبعلبك، التقط الإشارة، فأسرع في المجيء إلى لبنان من دون خطة متكاملة.
وأكّد المسؤول، انّ لودريان طرح ببساطة الذهاب الى خيار ثالث، بعدما أبلغ الى الأفرقاء الذين التقاهم، انّه يعتبر أنّ أياً من مرشحي الفريقين سواء الوزير السابق سليمان فرنجية او الوزير السابق جهاد ازعور، لم ينل الغالبية المطلوبة للفوز بالرئاسة، حسب تعبيره.
القطري يكمل
وفي السياق، علمت «الجمهورية»، انّ الموفد القطري، مستفيداً من زخم دوره في إنجاز ترتيبات عملية استيداع الأموال الإيرانية المفرج عنها، ونقل السجناء بين الاميركيين والإيرانيين، انطلق من حيث تعثر الموفد الفرنسي، فجاء، بصمت، بتطوير فكرة الخيار الثالث قائلاً لمن التقاهم في لبنان: لم تتمكنوا من تأمين الغالبية النيابية لفرنجية ولا لقائد الجيش العماد جوزف عون، فما رأيكم في الذهاب إلى خيار ثالث تتوافقون عليه؟ وطرح اسماً محدداً.
ووعد الموفد القطري بالوقوف الى جانب لبنان والرئيس العتيد، وتقديم المساعدة المالية في إطار خطة للنهوض من الانهيار.
مواقف «الحزب» و«القوات» و«التيار»
وفيما رحّب «التيار» و«القوات» بطرح الخيار الثالث، غير انّهما لم يلتقيا على اسم لتذكيته. فرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع كان يفضّل العماد جوزف عون، بينما أسقطه الطرح القطري، ويرفضه رئيس «التيار» النائب جبران باسيل بشدّة.
أما «حزب الله» فأبلغ الى الموفد القطري كما الى لودريان، انّه ما زال يؤيّد ترشيح فرنجية ولن يتخلّى عنه.
لا تفاهم مع باسيل
وعلى صعيد الحوار بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، علمت «الجمهورية»، انّ الحزب وصل الى قناعة انّه يستحيل التفاهم مع النائب جبران باسيل في ملف الرئاسة.
جنبلاط
من جهته، أسف الزعيم وليد جنبلاط للتفريط بالحوار، نتيجة الشروط المستحيلة من قِبل معراب وميرنا الشالوحي.
واكّد جنبلاط لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس بري بذل أقصى جهده لإطلاق حوار رئاسي يفتح أبواب قصر بعبدا الموصدة، «لكن الشروط المستحيلة للقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر عطّلت مبادرته وأجهضت فرصة الحوار».
وأشار جنبلاط، إلى انّ أفق التسوية الرئاسية يبدو، وللأسف، مسدوداً حتى إشعار آخر.
لودريان يحذّر مجدّداً
وفي موقف لافت، قال لودريان في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» امس، انّه «من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تُطاق بالنسبة إلى اللبنانيين، وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث». ونبّه من أنّ «المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنّها في دائرة الخطر الشديد».
وانتهى لودريان الى القول: «الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني منزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان».
استدعاء بخاري
وذكرت «وكالة الأنباء المركزية»، انّ السفير السعودي وليد بخاري غادر بيروت امس على عجل متوجّهاً الى السعودية إثر استدعائه. وألغى مواعيده ولم تُعرف اسباب المغادرة.
سفير قطر مع رعد
وبتأخير لمدة 48 ساعة على موعد انعقاد اللقاء، أعلنت سفارة قطر عبر حسابها على منصّة «إكس»، أنّ سفير دولة قطر لدى الجمهورية اللبنانية الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، زار بتاريخ 25/9/2023، رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد. وتمّ خلال الاجتماع، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
الديار
لا يزال الملف الرئاسي يحتل الموقع الأول في القضايا العالقة، بسبب تخبّطه المستمر بالتعثر الداخلي والخارجي، وتبدو الامور مرجحّة الى التفاقم اكثر بعد سقوط كل المبادرات، وآخرها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي «رفع العشرة» بعد الفشل في إقناع رافضي الحوار، الذي دعا اليه من دون ان يلقى التجاوب المطلوب، الامر الذي أكده بنفسه يوم امس، مع إعلانه «بأنّ مبادرته لم تعد موجودة، ولم يعد لديه شيء، وليتفضّل من رفضوها ان يقدموا لنا بديلاً عنها، فهل يملكونه»؟
هذا المشهد القاتم يؤكد بأنّ كل الابواب الرئاسية باتت مغلقة بإحكام، ولا بوادر ايجابية داخلية، بل وقوف على أطلال المؤشرات الخارجية المنتظرة، التي شهدت بدورها تعثراً في اجتماعات «اللجنة الخماسية»، التي عوّل عليها المسؤولون اللبنانيون، فإذا بها تخرج فارغة اليدين، الامر الذي عكس خلافاتها داخل اروقة تلك الاجتماعات، فلا المبادرة الفرنسية اكملت مشوارها الرئاسي، ولا طرح بري الذي سقط في مهده، فيما المبادرة القطرية الاولى تجمّدت، والثانية التي تنتظر قدوم موفدها محمد الخليفي في تشرين الاول المقبل تصطدم بعقبات، ويقوم حاليا موفد قطري آخر هو جاسم بن فهد آل ثاني بالتحضير لزيارة الخليفي، من خلال إجراء الاتصالات وعقد اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بالملف الرئاسي، في محاولة لجس النبض قبل قدومه.
الى ذلك، فمن يتفاءل وينتظر الانفراج الرئاسي من نتائج المفاوضات الأميركية - الإيرانية، عليه الانتظار طويلا، لان شبه التفاهم الاميركي- الايراني ليس له انعكاس على لبنان، ويبدو ان لا انتخابات رئاسية من دون اعجوبة، رغم ان كل الموفدين الذين يطرحون الحلول للمعضلة الرئاسية، يصّرون على ضرورة إستعادة زمام الامور، وتوسيع الهامش الداخلي لتحقيق التوافق، لانه الوحيد القادر على جمع اللبنانيين، وإتفاقهم على مرشح يحظى بالصفات المطلوبة من اكثرية القوى السياسية.
الملف الرئاسي بين باريس والدوحة
وفي الوقت الذي غابت فيه الأخبار الرسمية عن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان المرتقبة الى بيروت في بداية تشرين الاول، صدر عنه موقف في الامس خلال حديث لوكالة «فرانس برس»، دعا فيه المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لحلّ أزمة الرئاسة. وقال لودريان: «من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين، وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث».
ونبّه الى أن «المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تدل أنها في دائرة الخطر الشديد»، وأوضح لودريان «ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح».
دعوة المسؤول الفرنسي أعطت جديداً ضمن الخانة الرئاسية، التي لا زالت تراوح مكانها، كما تبدو الانظار موجهّة ولو بأمل ضئيل جداً الى الشهر المقبل، بحسب مصادر سياسية متابعة، حيث ترجّح إحتمال ان يكون شهراً مفصلياً، في حال حمل معه بشائر وحلولاً عملية، من خلال جمع المبادرتين الفرنسية والقطرية، ضمن ما يمكن ان يحقق لهما النجاح.
وعلى الخط السعودي، افيد ليلاً بأنّ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري غادر بيروت على عجل، متوجهاً الى المملكة اثر استدعائه، فألغى جميع مواعيده ولم تعرف اسباب المغادرة.
الأسماء المطروحة بعيدة عن الواقع
في الاطار الرئاسي، يقول مصدر سياسي مطلع لـ«الديار» بأنّ الاسماء التي يتم التداول بها خصوصاً تلك التي سمّاها الموفد القطري، ليست كلها صحيحة، بل هنالك مّن وضع بعض الاسماء لحرقها، فيما تشير المعلومات الى انّ أسماءً جديدة ستطرح خلال قدوم الخليفي، ستحمل صفات التوافق اولاً، والتي من شـأنها ان تجمع الاصوات المؤيدة لهـا.
«الثنائي» لا يستغني عن فرنجية
في غضون ذلك، يبقى إصرار «الثنائي الشيعي» على التمسّك بدعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، العائق الاكبر امام المبادرة القطرية، التي تبحت عن رئيس مقبول من مجمل الاطراف السياسية الداخلية والخارجية، وفق ما تشير مصادر الفريق المعارض.
في المقابل تؤكد مصادر كتلة «التنمية والتحرير» لـ «الديار» بأنّ «الثنائي» لا يمكن ان يستغني عن فرنجية، لذا لا يراهن أحد على ذلك، ولا داعي لكل تلك التكهنات التي نسمع عنها يومياً، لانها لا تمّت الى الحقيقة بصلة.
ملف النازحين
ومن ضمن الملفات التي باتت تشكل خطراً على لبنان، بسبب تداعياتها ومن كل الجوانب، يتصدّر ملف النازحين السوريين المشهد اللبناني، بالتزامن مع توافق اغلبية الافرقاء اللبنانيين على ضرورة عودتهم الى بلادهم. وفي هذا الاطار حذر مسؤول ملف النازحين في حزب الله نوار الساحلي، من أنّ ما يجري على صعيد النزوح السوري، هو مخطط تقوده أميركا ودول أوروبية لإبقائهم في لبنان. ورأى أنّ المشكلة لا تُحلّ إلا بجلوس اللبنانيين والسوريين على طاولة واحدة، والاتفاق على حل هذا الملف، مؤكدا أنّ هناك مخططاً لإبقاء النازحين، وعلى رأس المخططين أميركا والدول الأوروبية ومنظمات الـ«ngo».
وأشار الساحلي الى أن المشكلة الآن في عدد العائلات السورية الموجودة في لبنان، وعدد الولادات الهائل لديها، حيث يوجد اليوم ما يزيد على مليونين و80 ألف نازح سوري، مستغرباً موقف الدول الغربية التي تعمل ليل نهار لترحيل النازحين عن أراضيها، فيما تسعى بكل ما تملك لإبقائهم في لبنان.
إقرأ المزيد في: لبنان
16/11/2024