لبنان
الاجتماع الخماسي في نيويورك خيَّب الآمال.. والمبادرة الفرنسية حول لبنان تترنّح
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على انقسام اللجنة الخماسية حول الموقف من دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار، وعجز المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان عن نيل مباركة اللجنة في جولته المقبلة، ما يفقد مسعاه الآمال بإحداث اختراق في المسار الرئاسي، ومع زوال الغموض حول خلافات اللجنة الخماسية بات التحرك القطري بلا تغطية مثله مثل الدور الفرنسي، في ظل إصرار رئيس مجلس النواب على المضي قدماً في مبادرته، مع تأييد للمبادرة أعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حوار تلفزيوني كشف فيه أن أحداً من المسؤولين الدوليين لم يفاتحه باسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح رئاسي، بينما تحدّث ميقاتي عن ملف النزوح السوري معتبراً أنه الخطر الأكبر ليس على لبنان فقط بل على أوروبا.
"الأخبار"| واشنطن تهدّد بوقف المساعدات للجيش وابن سلمان لا يريد التورّط في لبنان: الخماسية تمهل فرنسا حتى نهاية الشهر
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّ "اجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك، أول من أمس، شكّل مؤشراً واضحاً إلى «دفش» الاستحقاق الرئاسي بعيداً عن الحسم. وأعطت مصادر مطّلعة على المداولات التي شهدها مقر البعثة الفرنسية أهمية كبيرة لمغزى عدم خروج بيان عن اللقاء، ونقل رسالة سياسية مهمة إلى سائر الأطراف المحليين والإقليميين بأن «الكاتالوغ» الدولي الذي يجب التعامل على أساسه في ما يتعلق بالأزمة، هو بيان الدوحة الصادر في تموز الماضي. وبحسب المصادر «كانَ اللقاء، على مستوى كبار المسؤولين، فرصة لتقييم الجولة التي قامَ بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت»، وشدّد المجتمعون على أن «المجتمع الدولي ينتظر أن يتوصّل الفاعلون السياسيون اللبنانيون إلى توافق حول اسم الرئيس المقبل للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية، وأن الأمر متروك للمسؤولين اللبنانيين أنفسهم لكسر الجمود، والمجتمع الدولي سيقف إلى جانب لبنان والشعب اللبناني».
إلا أن «الرغبة المشتركة» بالمساعدة، لم تخف انقسام أعضاء الخماسية واختلاف مقارباتهم لحل الأزمة، ولا سيما في موضوع الحوار الداخلي. فالمندوب السعودي، بحسب المعلومات، أثنى على المساعي الفرنسية طيلة الفترة الماضية، لكنّ البلاد كما قال: «تحتاج إلى رئيس في وقت سريع والحوار سيأخذ وقتاً طويلاً»، مشيراً إلى أنه «في ظل غياب الحل السياسي الشامل، فإن بلاده لن تقدم أي مساعدات ولن تنخرط في العملية السياسية»، ثم غادر القاعة في منتصف وقت الاجتماع الذي دام حوالي نصف ساعة. وجاء الموقف السعودي على النقيض من الجو الذي أشاعه السفير السعودي وليد البخاري في بيروت خلال وجود لودريان، والأخير كانَ قد التقى الأمير محمد بن سلمان قبل مجيئه إلى بيروت وبحث معه في حضور المستشار نزار العلولا الملف اللبناني. وكان ابن سلمان، بحسب المصادر حاسماً لجهة أن «بلاده لن تتدخّل ولن تدعم أياً من المرشحين، ولن تتحمل مسؤولية الملف اللبناني، وهي ستتعامل مع الدولة بحسب سياساتها»، مع التأكيد أن «بلاده لن تعلِن مواقف يُمكن أن تُفسر لمصلحة أحد، والتوافق أمر ضروري بالنسبة إلى المملكة».
أما المندوبة الأميركية باربرا ليف، فاعتبرت أن على «اللبنانيين أن يتفقوا معاً لانتخاب رئيس»، لكنها لم تبدِ تأييداً لمبادرة الحوار، لا تلكَ التي عرضها الجانب الفرنسي ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري»، مشدّدة أن «على باريس أن تحدد مهلة لمبادرتها ويُفضل أن تكون أواخر الشهر الحالي، إذ لا يُمكن أن تبقى الأمور مفتوحة». بينما أبلغ المندوب الفرنسي الحاضرين بأن «لودريان سيعود إلى لبنان في تشرين الأول»، واستعرض ما آلت إليه مبادرته، فضلاً عن أجواء الأقطاب المسيحيين الذين «يرفضون الإتيان برئيس يفرضه حزب الله»، وتطرّق إلى ما يتحدث به البعض عن «محاولات الحزب افتعال أحداث أمنية في مناطق مسيحية لفرض الرئيس الذي يريده». وعندما أشار إلى موضوع الحوار، قاطعته ليف قائلة بأن «الحوار ليس هو الهدف وإنما انتخاب الرئيس»، معتبرة أن «زيارة لودريان في تشرين المقبل يجب أن تكون الأخيرة، وإذا لم يتوصل اللبنانيون إلى اتفاق ولم يُنتخب الرئيس، فإننا سنوقِف المساعدات عن الجيش اللبناني». وأكّدت المصادر أنه «لم يتمّ التطرق إلى الأسماء المرشّحة، لكن جرى التطرّق إلى مسألة الشغور في المواقع المسيحية الثلاثة، حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش ورئاسة مجلس القضاء الأعلى».
ولفتت المصادر إلى أن الجانب المصري التزم الصمت، بينما كان الكلام القطري متماهياً مع الموقف الأميركي لجهة التشديد على وضع مهل للمبادرة الفرنسية، مع الإشارة إلى مبادرة قطرية قيد التحضير والطلب من الفرنسيين إفساح المجال للمبادرات الجديدة.
وسطَ هذه الأجواء، نشِطت الحركة التي يقوم بها السفير القطري في بيروت سعود عبد الرحمن الذي التقى أول من أمس قائد الجيش جوزف عون ووزير الدفاع موريس سليم. بينما أفادت معلومات بوصول الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني إلى بيروت أمس، مشيرة إلى أنه سيقوم بجولة على عدد من القوى السياسية بعدما أوكلت اللجنة الخماسية لقطر مهمة إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية. ويبدو من المبكر توقع نتائج وشيكة للحركة القطرية الجديدة، خصوصاً أن المخاوف من الكباش الدولي والإقليمي حول لبنان لا تسمح بتكبير الآمال المعلّقة على هذه الحركة. صحيح أن ثمة دينامية اتصالات ولقاءات متصاعدة يقوم بها مسؤولون قطريون حيث يجتمعون علانية وسراً مع القوى السياسية لتسويق مبادرتهم وعدد من الأسماء التي تحملها قطر نيابة عن الرياض وواشنطن، لكن ذلك لا يعني أن الظروف الخارجية والداخلية ملائمة لإنجاح الاستحقاق وتجاوز مرحلة الخطر. فما عجزت عنه باريس، التي اتّبعت سياسة تدوير الزوايا مع القوى الوازنة في البلد تحديداً حزب الله، لن تنجح به قطر، و«البدائل الجاهزة» من مبادرات وأسماء غير كافية لتجنّب تكرار «التجربة الفرنسية»".
"البناء": انقسام اللجنة الخماسية يفقد زيارة لودريان الآمال بإحداث اختراق... ويُحرم الحراك القطري من التغطية
من جهتها، لفتت صحيفة "البناء" إلى انقسام اللجنة الخماسية حول الموقف من دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار، وعجز المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان عن نيل مباركة اللجنة في جولته المقبلة، ما يفقد مسعاه الآمال بإحداث اختراق في المسار الرئاسي، ومع زوال الغموض حول خلافات اللجنة الخماسية بات التحرك القطري بلا تغطية مثله مثل الدور الفرنسي، في ظل إصرار رئيس مجلس النواب على المضي قدماً في مبادرته، مع تأييد للمبادرة أعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حوار تلفزيوني كشف فيه أن أحداً من المسؤولين الدوليين لم يفاتحه باسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح رئاسي، بينما تحدّث ميقاتي عن ملف النزوح السوري معتبراً أنه الخطر الأكبر ليس على لبنان فقط بل على أوروبا.
تبخّرت موجة التفاؤل والأجواء الإيجابية التي سبقت اجتماع لقاء اللجنة الخماسية الدولية المخصّصة للملف اللبناني، فلم يستمرّ اللقاء أكثر من نصف ساعة وفق معلومات «البناء» تخلله سجال بين ممثلي كل من فرنسا وقطر، ما يعكس وجود رؤيتين تجاه الاستحقاق الرئاسي: الأولى فرنسية مؤيدة لحوار بين كافة الأطراف السياسية للتمهيد لتسوية رئاسية سبق وطرحها الفرنسيون منذ مبادرتهم الأولى أي مقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة وتوزيع المواقع الأساسية في الدولة، والثانية أميركية – قطرية تعمل على التسويق للخيار الثالث أي التوافق على مرشحين وسطيين ويتم التداول باسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، علماً أن الأخير أكد منذ يومين أن رئاسة الجمهورية لا تعنيه ولم يفتح الموضوع مع أحد ولم يفاتحه أحد به.
وبين الرؤيتين موقف سعودي متردد لا يزال ضمن دائرة الضوء الأصفر رغم التقدم البطيء باتجاه التبني التنفيذي للمقاربة الفرنسية والبقاء في إطار التأييد الكلامي لحراك لودريان.
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الخلاف لا يزال سيد الموقف بين أطراف الخماسية ولا موقف موحداً بينها في مقاربة الأزمة اللبنانية»، موضحة أن الموقف الأميركي يفرمل الاندفاعة الفرنسية لأسباب عدة، مشيرة الى أن «الأجواء السلبية التي حملها اجتماع الخماسية في نيويورك تضع زيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان في مهبّ الريح ومساعيه الوفاقية أمام أفق مسدود، ما يؤثر سلباً على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري».
إلا أن أجواء عين التينة عكست لـ«البناء» إصراراً لدى رئيس المجلس بالسير بمبادرته وسينتظر عودة لودريان ليوجّه الدعوة رسمياً للكتل النيابية للحوار في عين التينة والذي قد يكون في بداية الشهر المقبل لأن لا بديل لدى أحد عن الحوار كسبيل لإنهاء الأزمة الرئاسية. لكن المصادر حذّرت من أن «مواقف الأطراف السياسية حتى الساعة لم ترقَ الى مستوى الأزمة في لبنان، وهناك محاولات لإجهاض الحوار بسبب تحكم المصالح السياسية والطموحات الشخصية ببعض الأطراف السياسية لكن الرئيس بري سيقوم بواجبه الذي يمليه عليه ضميره الوطني»، محذرة من أن رفض الحوار واستمرار التعنت والتصلب بالمواقف سيطيل أمد الفراغ الرئاسي لأشهر اضافية وربما أكثر بالتوازي مع تعطيل عمل المؤسسات الأخرى مثل مجلس النواب ومجلس الوزراء وأبدت استغرابها من أن بعض الأطراف السياسية التي تطالب بإقرار القوانين الإصلاحية هي من تقاطع الجلسات التشريعية.
وتترقب الأوساط السياسية ما يحمله الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني الذي وصل الى بيروت أمس الأول على أن يقوم بجولة على عدد من القوى السياسية. ويتردد أن اللجنة الخماسية كلفت قطر مهمة إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية. إلا أن مصادر «البناء» أكدت بأن المبادرة الفرنسية قائمة ولم تنتهِ، ولودريان سيعود الى لبنان بمقترحات تتركز على الحوار للتوصل الى تسوية رئاسية، وقد يجري مروحة من المشاورات الثنائية مع رؤساء الكتل النيابية حول الأسئلة التي سبق وسلمها للنواب، تسبق دعوة بري للحوار.
وكشف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حديث تلفزيوني أنه «لم يفاتحني أحد من المسؤولين الدوليين باسم العماد جوزاف عون كمرشح رئاسي»، مشيراً الى أنني «لم أسمع من نائبة وزير الخارجية الأميركية أي كلام عن سقوط المبادرة الفرنسية». وأرى «جموداً دولياً على صعيد مساعدة لبنان مادياً الى حين انتخاب الرئيس وتنفيذ الإصلاحات».
ولفت ميقاتي إلى أن «لا شك في أن دولة قطر تقوم بدور هام وانتخاب رئيس للجمهورية أولوية وشرط أساسي عند الجميع»، موضحاً أن «الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس مشروطاً والأخير رسم مسلكاً طبيعياً لكي تجلس كل الأطراف إلى طاولة واحدة بغض النظر عن النتائج».
وفي حين تشير أوساط قواتية لـ«البناء» إلى أنها لا تزال على موقفها برفض تلبية أي دعوة لحوار يهدف لتضييع الوقت وتمرير تسوية لانتخاب مرشح الممانعة، وفق تعبيرها، جددت كتلة اللقاء الديمقراطي بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط «تأكيد موقفها الثابت بضرورة الحوار الجادّ لإنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يشكل تحدياً لأحد، ووقف الهدر الحاصل للوقت والفرص، خصوصاً أن لا بديل للحوار سوى إطالة أمد الشغور، فيما البلاد لا تحتمل المزيد».
وإذ كشفت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن التفاوض بين التيار الوطني الحر وحزب الله يشمل كافة الخيارات وعلى رأسها خيار دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والخيار الثالث أي مرشح توافقي، ناقش التيار بعد اجتماع هيئته السياسية برئاسة النائب جبران باسيل «مسار الحوار المفتوح بين التيار وحزب الله حول برنامج العهد أي الأولويات الرئاسية اضافةً الى قانوني الصندوق الائتماني واللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة». وأكد التيار على مطالبه بـ»إقرار هذين القانونين مسبقًا قبل الانتخابات الرئاسية في حال اعتماد خيار تسهيل الاسم، أو الاتفاق على مرشح جديد مع برنامج للعهد على أن يشكل هذان القانونان أولوية لإقرارهما في العهد الجديد».
وأبدى التيار في بيان «ترحيبه بالحوار من أجل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يتم حصر الحوار بموضوع الانتخابات الرئاسية وبرنامج العهد ومواصفات الرئيس وبفترة زمنية ومكان محددين وان يكون غير تقليدي ومن دون رئيس ومرؤوس بل بإدارة محايدة ويأخذ شكل مشاورات وتباحث ثنائيّ وثلاثيّ ومتعدّد الأطراف، بين رؤساء الأحزاب أصحاب القرار، للوصول الى انتخاب رئيس إصلاحي على أساس البرنامج الإصلاحي المتّفق عليه، على ان يلي ختام الحوار عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد يتم فيها إما انتخاب الشخص المتّفق عليه او التنافس ديمقراطياً بين المرشحين المطروحين».
من جهة أخرى لا يزال الثنائي حركة "أمل" وحزب الله على موقفهما من دعم ترشيح فرنجية وتؤكد مصادر «الثنائي» لـ«البناء» أن حظوظ فرنجية لا تزال مرتفعة، وقللت من فرص التوافق على ترشيح قائد الجيش لأسباب عدة. مشددة على أن لا رئيس من دون حوار وإن طال الشغور الرئاسي لسنوات.
وأكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن «مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري شكّلت فرصة حقيقية لإنقاذ البلد وإنقاذ الاستحقاق الرئاسي وهم يتفاخرون بالعمل على إفشالها»، معتبراً أن إفشال المبادرات الخارجية والداخلية ليس إنجازاً يا «جماعة التحدي والمواجهة» إنما إدانة وخطيئة وطنية.
وتابع: «يريدون رئيساً من دون توافق ما يعني أنهم يريدون أن تمتدّ الأزمات والتعطيل الى ما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، يعني يريدون أن تمتد الأزمة الى مرحلة التكليف والتأليف والبيان الوزاري وعمل الحكومة وجرّ لبنان الى ستّ سنوات من الصراعات والتحريض والتوتير».
وأكد قاووق أنّ جوهر الازمة اليوم هو إصرار جماعة التحدي والمواجهة على رفض التوافق وأخذ البلد إلى مواجهات متتالية، إحدى هذه المراحل رئاسة الجمهورية.
وكان ميقاتي قد عقد سلسلة لقاءات مع رؤساء ومسؤولين في دول عربية وغربية على هامش مشاركته في اجتماعات في نيويورك، أبرزها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تم خلاله البحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وعقد رئيس الحكومة اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس جرى خلاله البحث في الوضع الفلسطيني ولا سيما الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة. وقد أكد الرئيس الفلسطيني أنه أعطى توجيهاته لإنهاء هذه الاحداث ووقف الاقتتال والالتزام بالقانون اللبناني والتنسيق مع الدولة اللبنانية. بدوره شدد رئيس الحكومة على أولوية وقف الأعمال العسكرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة. وجدد التأكيد على «أن ما يحصل لا يخدم على الإطلاق القضية الفلسطينية ويشكل إساءة بالغة الى الدولة اللبنانية بشكل عام وخاصة الى مدينة صيدا التي تحتضن الإخوة الفلسطينيين، والمطلوب في المقابل أن يتعاطوا مع الدولة اللبنانية وفق قوانينها وأنظمتها والحفاظ على سلامة مواطنيها».
كما أشار في تصريحات أخرى الى أن «خطر النزوح السوري لا يقتصر فقط على لبنان بل على المجتمع الدولي وأوروبا وإن لم نتعاون جميعاً لوقف النزيف من الهجرة من سورية إلى خارج سورية هذا النزف سيصل إلى أوروبا».
ورأى أن «من لديه إجراءات أفضل لنقوم بها في ما خص النزوح السوري في لبنان فنحن منفتحون وجاهزون للاستماع له والحكومة سبق لها وقامت بالعديد من التدابير على كافة الأصعدة». وأكد أن «زيارتي إلى سورية في الوقت الراهن غير مطروحة».
على صعيد آخر، رأى المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان أن «المسؤول الأول عن الانهيار هو بالفعل المصرف المركزي ودعمه للسعر الثابت لليرة اللبنانية مقابل الدولار، وكذلك البنوك التجارية التي أثرت مساهميها على حساب المودعين».
ورأى المرصد أن «تحميل الدولة مسؤولية الانهيار يعود لرغبة في الاستمرار في السياسة نفسها التي تتمثل في خصخصة الأرباح وتجميع الخسائر من خلال جعلها تتحملها الدولة فقط، وفي نهاية المطاف من يدفع الضرائب، في كثير من الأحيان هو المودع».
"النهار": "مرجعية" الأزمة مشتتة بعد انتكاسة نيويورك!
بدورها كتبت صحيفة "النهار": بدا التحفظ والتريث والتمهل في اطلاق القوى السياسية اللبنانية “زخات” التعليقات والمواقف والتفسيرات حيال “الانتكاسة” المتعثرة التي طبعت الاجتماع الأخير الذي عقدته اللجنة الخماسية المعنية بمتابعة الازمة الرئاسية في لبنان على هامش الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك، سيد المشهد الداخلي بما عكس الى حدود بعيدة واقع التفاجؤ الذي اثارته هذه الانتكاسة وتجنب السقوط في زلات الاستنتاجات المتسرعة المبكرة قبل توافر الحد الأدنى من المعطيات والمعلومات الجدية المثبتة حيال أسباب انفراط صدور موقف جديد للخماسية بإزاء اشتداد التأزم في لبنان. وإذ تراهن أوساط سياسية متعددة على تسرب أجواء إضافية في قابل الأيام علها تحمل معالم إعادة رسم الخط البياني للتحرك الخارجي حيال لبنان سواء من خلال المهمة “المستمرة” مبدئيا للموفد الفرنسي جان ايف لودريان، او من خلال التحرك المرتقب للموفد القطري خصوصا بعد الكلام المتقدم عن لبنان لامير قطر من على منبر الأمم المتحدة، فان ذلك لم يحجب قلقا مستجدا تركه خروج التباينات بين الدول الأعضاء في الخماسية ولا سيما بين الولايات المتحدة وفرنسا الى العلن.
هذا القلق يتصل، وفق أوساط ديبلوماسية معنية بمواكبة مسار المجموعة الخماسية حيال الازمة الرئاسية، بما يمكن ان تثيره انتكاسة نيويورك من تداعيات في ظل افتقاد الازمة الى مرجعية متماسكة ولو لظرف قد يكون موقتا. اذ ان شيئا لا يضمن ان تكون هذه الانتكاسة نتيجة تشتت واسع في أولويات الدول الخمس التي تتشكل منها الخماسية، وهو الامر الذي جعل لبنان يتراجع اكثر فاكثر في مراتب الأولويات الدولية. ناهيك عن ان عدم التوصل الى اتفاق يكفل مضي الدول الخمس باستكمال الضغط على القوى اللبنانية لتنفيذ مضمون “بيان الدوحة” للخماسية عكس واقعيا وجود تباينات ليس بين فرنسا والولايات المتحدة فحسب بل بين فرنسا والدول الثلاث الأخرى أيضا أي السعودية ومصر وقطر. وتاليا تتساءل الأوساط نفسها كيف سيكون عليه واقع الخماسية كـ”مرجعية” وحيدة للازمة قبل بلورة طبيعة التحركين الفرنسي والقطري ؟
ففي المعطيات التي تم تداولها في الساعات الأخيرة انه على عكس ما تم الحديث عنه سابقا عن وجود نقاط مشتركة بين باريس والرياض، تبين في حقيقة الامور بحسب مصادر ديبلوماسية ان رؤيتهما حيال انتخابات الرئاسة متباعدة وان كل ما رافق لقاء النواب السنة عند السفير السعودي وليد بخاري وبحضور الموفد الفرنسي جان – أيف لودريان لم يخرج اكثر من حدود قواعد العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين حيال لبنان رغم علاقاتهما الجيدة على مستوى ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية المشتركة بينهما، لكن لا يبدو انهما يلتقيان حيال الملف الرئاسي في لبنان وتشعباته المعقدة.
واذا درج المسؤولون في المملكة على عدم الكشف عن ملاحظاتهم واتتقاداتهم في الاعلام، ثبت انهم ليسوا على موجة واحدة مع باريس منذ بدء مبادرة الاخيرة واعلانها تأييد المرشح سليمان فرنجية .
وأفادت معلومات في هذا السياق عن وصول الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني الى بيروت مساء امس على ان يقوم بجولة على عدد من القوى السياسية بعدما أوكلت اللجنة الخماسية لقطر مهمة إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية .
أي حوار؟
ولعل اللافت ان سقوط فرصة صدور بيان عن الخماسية مرن لجهة الحوار، كما كان يراهن على ذلك بعض الجهات الداخلية، اقترن بتواصل الكلام عن مشاورات مستمرة في سياق الطرح الحواري. وذكر في هذا السياق ان الرئيس نبيه بري لا يزال يستجمع أجواء التكتلات النيابية وردودها ليحدّد على ضوء ذلك ترتيبات على أساسها سيدير الحوار ويرأسه وليس صحيحا انه سيتخلى عن رئاسة الحوار لنائب رئيس المجلس الياس بو صعب. ووفق هذه المعلومات فإنّ المبادرة التي يعتزم رئيس المجلس المباشرة بها قد تستمرّ سبعة أيام كسقف للحوار بالحدّ الأقصى، قبل التوجّه إلى جلسة انتخابية مفتوحة بدورات مُتَتالية خارج إطار إقفال الجلسة. ويعني ذلك أشبه بتطوّر يلوّح به فريق الرئاسة الثانية بحسب المعطيات، فحواه تأكيد ضرورة إلزام النواب الحاضرين على الطاولة الحوارية أنفسهم في الدخول إلى الحوار والمشاركة فيه ثم الخروج منه مع الانتقال مباشرةً إلى جلسة نيابية تساهم في التوصل إلى انتخاب رئيس. لكن، لا مؤشرات نهائية متبلورة انطلاقاً من معطى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية سوى في حال تبلورت تطورات مساهمة في انتخاب رئيس للجمهورية.
غير ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قال في احاديث تلفزيونية من نيويورك انه “لم يسمع من نائبة وزير الخارجية الأميركية عن سقوط المبادرة الفرنسية”. واضاف: “أرى جموداً على صعيد مساعدة لبنان الى حين انتخاب الرئيس وتنفيذ الإصلاحات ولم يفاتحني احد بإسم العماد جوزف عون كمرشح”. واعتبر أن “الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري غير مشروط والأخير رسم مسلكا طبيعيا لكي يجلس كل الأطراف على طاولة واحدة بغض النظر عن النتائج”. وقال:”نتّكل دائماً على الخارج بينما الاتفاق بين اللبنانيّين هو الاساس وأن تكون هناك جلسات متتالية واقتراح برّي صائب وممرّ ليكون الجميع على كلمة واحدة من أجل لبنان لا اسم الرئيس”.
وفي اطار لقاءاته في نيويورك اجتمع ميقاتي امس مع رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في دولة قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في مقر البعثة القطرية في الامم المتحدة. وتم خلال الاجتماع البحث في العلاقات بين لبنان وقطر والجهود التي تبذلها قطر لحل الازمة الراهنة في لبنان.
الراعي
وفي المقابل اطلق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مزيدا من المواقف المتشددة حيال حوار يسبق انتخاب رئيس الجمهورية وقال في حديث الى محطة “ام تي في” من سيدني “أنّ الحوار بِمَن حضر “ما إلو طعمة” ويجب أن نعرف عمّا سيدور ومن الأسهل عقد جلسات متتالية إذ هناك إسمان وهناك أسماء أخرى، وإذا لم يُنتخب رئيس عندها نبحث عن اسمٍ ثالث ولا علم لي بقرار اللجنة الخماسيّة”. وسأل: “لماذا نُضيِّع الوقت فالدولة تتّفتت والشعب يجوع والسوريّون اجتاحوا لبنان ولا زلنا من دون رئيس؟ “. واعتبر ان “النازحين السوريّين أكثر من نصف الشعب اللبناني وهم أكبر خطر على لبنان ونعيش على فوهة بركان”. وأضاف: “نعرف المُعطّلين من أي جهة، وكمسيحيّ أسأل كيف تعطّلون الدور المسيحي في لبنان؟ ولماذا تهميش العنصر الماروني؟”. وعن رأيه في الحوار بين “التيّار الوطني الحر” وحزب الله، قال “لست مع المقايضة، ولماذا إضاعة الوقت؟”.
وسط هذه الأجواء لم تغب المواقف السياسية المعبرة عن تجليات الصراع السياسي والرئاسي ومنها امس حملة حادة جديدة لـ”التيار الوطني الحر” على قائد الجيش العماد جوزف عون تحت ستار ملف النازحين. اذ ان اجتماع الهيئة السياسية للتيار برئاسة النائب جبران اعلن “ترحيبه بالحوار من أجل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، على ان يتم حصر الحوار بموضوع الإنتخابات الرئاسية وبرنامج العهد ومواصفات الرئيس وبفترة زمنية ومكان محددين وان يكون غير تقليدي ومن دون رئيس ومرؤوس بل بإدارة محايدة ويأخذ شكل مشاورات وتباحث ثنائي وثلاثي ومتعدّد الأطراف، بين رؤساء الأحزاب اصحاب القرار، للوصول الى انتخاب رئيس إصلاحي على اساس البرنامج الاصلاحي المتّفق عليه، على ان يلي ختام الحوار عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد يتم فيها اما انتخاب الشخص المتّفق عليه او التنافس ديموقراطيا بين المرشحين المطروحين”. ثم اعتبرت الهيئة السياسية “أن ضغط النازحين السوريين على لبنان بلغ أعلى درجات الخطورة وباتت مخاطره أكبر من مخاطر الانهيار المالي والاقتصادي”. وحملت المسؤولية “للحكومة بتخاذلها وللأجهزة العسكرية والأمنية التي تتقاعس في كثير من الأحيان عن ضبط الحدود على المعابر المعروفة والتي لا يجري ضبطها عمدًا”. ورأت “أن التذرع بالحاجة الى مزيد من الجنود لضبط المعابر هو حجة ساقطة وسيترتب عليها نتائج خطيرة خصوصاً أنه يُستَشَف منها توجيه رسائل لأهداف سياسية”.
بدورها، جددت كتلة “اللقاء الديموقراطي” بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط “تأكيد موقفها الثابت بضرورة الحوار الجاد لإنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يشكل تحدياً لأحد، ووقف الهدر الحاصل للوقت والفرص، خصوصاً وأن لا بديل للحوار سوى إطالة أمد الشغور، فيما البلاد لا تحتمل المزيد”.