لبنان
ما علاقة أحداث مخيم عين الحلوة بجولات لضباط أميركيين زاروا المخيم؟
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الاثنين 18/09/2023، في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية، تقدم فرص العودة إلى مسار التسوية بين سورية وتركيا التي كانت تعطلت بسبب رفض تركيا الشرط السوري لعقد قمة رئاسية تجمع الرئيس السوري بشار الأسد بالرئيس التركي رجب أردوغان، والمتمثل بالانسحاب التركي من سورية.
كما تناولت التقدم الذي سُجل على مسار التفاوض السعودي اليمني، مع تسجيل أول دعوة رسمية سعودية لوفد من أنصار الله لزيارة السعودية.
أما لبنانيًا فعرضت الصحف لتداعيات أحداث مخيم عين الحلوة، مشيرة إلى خطورة الوضع القائم حاليًا في المخيم حيث لا تزال التحصينات والدشم قائمة حتى الآن، وعدم إخلاء المدارس من المسلحين، رغم الاتفاق بين الأطراف المعنية على وقف إطلاق النار بين المتقاتلين.
البناء
كشف وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان عن مبادرة إيرانية لتطبيع العلاقات السورية - التركية، بعد سلسلة زيارات واتصالات إيرانية مع سورية وتركيا وروسيا، وقال نأمل أن نتوصل خلال اللقاء الرباعي المقبل الروسي الإيراني التركي السوري الى التفاهم، على تعهد تركي بالانسحاب من سورية بضمانات إيرانية روسية، يقابله التزام سوري بضمان أمن الحدود التركية عبر الأراضي السورية. ويعتبر الكشف عن هذه المبادرة مؤشراً لتقدم فرص العودة الى مسار التسوية بين سورية وتركيا التي تعطلت بسبب رفض تركيا الشرط السوري لعقد قمة رئاسية تجمع الرئيس السوري بشار الأسد بالرئيس التركي رجب أردوغان، والمتمثل بالانسحاب التركي من سورية.
بالتوازي سجل حدوث تقدّم هام على مسار التفاوض السعودي اليمني، مع تسجيل أول دعوة رسمية سعودية لوفد من أنصار الله لزيارة السعودية، وقالت مصادر يمنية إن تقدماً بارزاً سجّل في مسار التفاوض حول الملفات الخلافية، خصوصاً ملف دفع رواتب الموظفين وملف الأسرى، إضافة لفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
لبنانياً ينتظر أن يستمع أطراف اللجنة الخماسية في نيويورك خلال الساعات المقبلة، إلى تقرير المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان عن زيارته الأخيرة إلى بيروت. وقالت مصادر متابعة للملف الرئاسي إن التفاهم الذي شهدته باريس بين فرنسا والسعودية وترجمة لقاء نواب الطائفة السنية بالسفارة السعودية في بيروت مع لودريان بحضور السفير السعودي ومفتي الجمهورية، سوف يشكل محور مداولات اللجنة الخماسية، لجهة دعم مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
على الصعيد السياسي، سجل موقف لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خاطب عبره حلفاء الغرب وخصوم حزب الله الذين انتقدوا حواره مع الحزب ووصفوه بالمقايضة غير المبدئية، فقال لهم: "إذا الغرب بدّو يفرض عليكم رئيس بخلاف الدستور، خدوا منه على القليلة التزام علني برفع الحصار عن لبنان والأهم بآلية واضحة ومسبقة لإعادة النازحين الى بلدهم”. وأضاف “متل ما نحنا عم نطالب مسبقاً باللامركزية والصندوق مقابل مرشّحهم… وهون تعوا نتعهّد علناً انّه في حال تعذّر علينا، بسبب ضيق الوقت، إقرار قانوني اللامركزية الموسّعة والصندوق الائتماني قبل الانتخابات الرئاسية، منلتزم بإقرارهم كأولوية بالعهد الجديد. هالقانونين حماية حقيقية لوحدة لبنان وتحقيق فعلي للتنمية والازدهار”.
ينتظر المعنيون في لبنان ما سيؤول إليه اجتماع اللجنة الخماسية غداً على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تسبق عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص جان ايف لودريان الى بيروت. ويشارك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في افتتاح الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة والنشاطات التي تقام على هامشها. وسيحضر ملف النزوح السوري والأرقام الخطيرة لدخول لبنان عبر المنافذ غير الشرعية، في كلمة رئيس الحكومة من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وخلال وجوده في نيويورك وعلى هامش أعمال الدورة سيلتقي ميقاتي عدداً من الرؤساء والمسؤولين الغربيين والعرب للبحث في ملف النزوح. كما سيعقد وزير الخارجية عبد الله بو حبيب اجتماعات مع نظرائه للبحث في ملف النازحين السوريين وكيفية معالجة هذا الملف الذي سيحضر في اجتماعات مجلس الوزراء بعد عودة ميقاتي من نيويورك.
وفي روما تعقد أمانة سر دولة الفاتيكان برئاسة الكاردينال بييترو بارولين اجتماعاً مع سفراء الدول الأعضاء في مجموعة الخمس، وذلك للبحث في الملف الرئاسي وإيجاد حلول عملية له مع إشارة مصادر مطلعة على موقف الفاتيكان الى ان البابا فرنسيس يؤكد على أهمية وحدة الموقف في لبنان وانتخاب رئيس بعيداً عن الكيدية، ويرفض الطروحات التي يبديها عدد من الأطراف المسيحية التي تدعو إلى الفيدرالية. هذا ويعقد البابا فرنسيس اجتماعاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مرسيليا وستكون المسألة الرئاسية في لبنان البند الأساس.
وأكد وزير الإعلام زياد المكاري ان معادلة فرنجية – أزعور انتهت والمعادلة الحالية هي سليمان فرنجية – جوزيف عون. ولفت الوزير المكاري الى أن رئيس تيار المردة مرشح ثابت بدعم حلفائه، وقائد الجيش يحتاج الى تعديل دستوري للوصول الى الرئاسة.
وشدّد النائب حسن فضل الله على أنه “لا يوجد اليوم في الأفق في لبنان إمكانية لإحداث خرق في هذا الانسداد السياسي لانتخاب الرئيس إلا بتفاهمات بين كتل وازنة وأساسية يمكن لها إن اجتمعت واتفقت على اسم رئيس أن توفر الغالبية الدستورية والأرضية اللازمة لانتخاب الرئيس، وبعد ذلك نبدأ بالحلول المفترضة للأزمة المالية والاقتصادية، ولكن هذا الانسداد لا يزال قائماً. وهناك من يسرّب من هنا معطيات، وهناك من يضع فيتوات ومن يقول لا يقبل أو يقبل بهذا الاسم أو ذاك، ولكن بالنهاية الكتل النيابية هي من تقرّر، لا الخارج ولا التهويل الإعلامي ولا التسريبات ولا التحليلات على كثرتها، والكثير منها ليست له صدقية. فالطريق الوحيد المتاح اليوم، هو ما يتفق عليه اللبنانيون”.
أشارت مصادر عين التينة لـ “البناء” الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري مصمم على الحوار وهو يبدي إصراراً امام زواره على انّ الحلّ للأزمة هو بالحوار. وتشدّد المصادر على انّ حزب الله أسوة بالرئيس بري لا يزال يدعم ترشيح فرنجية ولم ينتقل بعد الى الخيار الثاني، وتبدي المصادر انزعاجاً من تقلبات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التي لا يمكن فهمها، فبعد أن أبدى ترحيباً بالحوار، عاد ليطرح ملاحظات لا طائل منها وليست إلا فذلكات.
وتحدث رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، عن تثبيت الشراكة الوطنية، شراكة التوازن بين المكوّنات، شراكة البناء وليس المحاصصة مذكّرًا برفضه لكل الإغراءات بموضوع رئاسة الجمهورية، وقال: “يجب أن نواجه إفشال الإصلاح بفرض الإصلاح وبمواجهة شرسة للفساد، كما عملنا بموضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتدقيق الجنائي. المسلسل النضالي للاصلاح لا يقف عند حدّ ما، والتيّار حقّق أهم إنجاز بالجمهورية اللبنانية: المحاسبة ونهاية زمن اللاعقاب، وصولاً للعقاب الفعلي».
أضاف: "إذا الغرب بدّو يفرض عليكم رئيس بخلاف الدستور، خذوا منه على القليلة التزام علني برفع الحصار عن لبنان والأهمّ بآلية واضحة ومسبقة لإعادة النازحين الى بلدهم، متل ما نحن نطالب مسبقاً باللامركزية والصندوق مقابل مرشّحهم… وهنا تعالوا نتعهّد علناً انّه في حال تعذّر علينا، بسبب ضيق الوقت، إقرار قانوني اللامركزية الموسّعة والصندوق الائتماني قبل الانتخابات الرئاسية، نلتزم بإقرارهم كأولوية في العهد الجديد. هذان القانونان يمثلان حماية حقيقية لوحدة لبنان وتحقيقاً فعلياً للتنمية والازدهار". وفي السياق اشار باسيل الى رؤية التيار 2030.
إلى ذلك، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، أن "قبرص بدأت تستشعر خطر النزوح إلى أوروبا، ولا حلّ لعدم وصوله إلّا بالعودة إلى المناطق الآمنة".
وأضاف حجار "التنسيق والتعاون بين السياسة والأمن ضرورة لضبط الحدود وتطبيق القوانين من قبل وزارات العمل والداخلية والعدل بشكل أساسي".
وعلى خط عين الحلوة، سمع مساء أمس إطلاق نار في الشارع الفوقاني لمخيم عين الحلوة في منطقة الطيرة – الصفصاف، وهو إطلاق النار الأول الذي شكل خرقاً محدوداً لمفاعيل التزام فريقي النزاع حركة فتح والإسلاميين قرار وقف إطلاق النار المعلن بمسعى من رئيس مجلس النواب نبيه بري، منذ السادسة من مساء يوم الخميس الفائت، والذي لا يزال صامداً. وكان عقد اجتماع بين مسؤولين من حركة فتح وعصبة الانصار بحث في آلية تنفيذ الاتفاق بعد وقف إطلاق النار.
وفي المعلومات أن التحصينات والدشم لا تزل قائمة حتى الآن، كما لم يتم إخلاء المدارس من المسلحين.
وأكد المجتمعون ضرورة تسريع تنفيذ الاتفاق لتحصين وقف النار. وأكدت مصادر عسكرية لـ “البناء” أن ما يحدث خطير جداً ويثير الشكوك وسط إدارتها الى تعهد من القوى الإسلامية لتسليم المطلوبين الى السلطة اللبنانية، آملة أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ”.
الأخبار
كتبت صحيفة "الأخبار": علاقة العرب بفكرة المؤامرة ملتبسة إلى حدّ تمرير مؤامرات كبيرة لا يقتنع أحد بها، حتى ولو كشفت تفاصيلها بعد زمن. أما العارفون بتفاصيلها، فغالباً ما لا يجيدون التعامل معها، كون عناصرها غالباً ما تكون سرية، أو مغلّفة بعناصر أخرى. وإذا كان هناك، بين العرب واللبنانيين، من ليس مقتنعاً بالتآمر المستمر على القضية الفلسطينية، فهذه على الأغلب مشكلة لا علاج لها.
قبل عشرة أعوام على الأقل، بدأ مسلسل تراجع تمويل منظمة "الأونروا" المسؤولة عن غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم، وفُرضت بدائل عن طريق منظمات يموّلها الغرب ويديرها. وسرعان ما ارتفعت نسبة الراغبين أو الساعين إلى الهجرة إلى بلاد العالم!
في تلك الفترة، عُقدت اجتماعات بإدارة الولايات المتحدة، حضرها لبنان عبر موفدين لرئاسة الحكومة باعتباره البلد المضيف لأكبر عدد من اللاجئين. وفي اجتماع شهير في عمّان، قبل نحو تسع سنوات (بالمناسبة، شاركت فيه السفيرة الأميركية الحالية في بيروت دوروثي شيا)، تبلّغ اللبنانيون من مسؤول أميركي بأن عليهم التفكير بواقعية والتوقف عن ترداد معزوفة القرار 194. وحتى لا تكثر الأسئلة، بادر المسؤول الأميركي نفسه بالقول: "لم يعد في لبنان أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني، بعضهم يريد السفر إلى الغرب، وقسم صغير يدرس إمكانية الانتقال إلى قطاع غزة، وعلى لبنان استيعاب من يتبقّى منهم ودمجهم سكنياً - بإخراجهم من المخيم الى داخل المدن - واجتماعيا واقتصادياً - من خلال إلغاء الحظر المفروض على ممارستهم لمهن وأعمال معينة -، ومنحهم إقامات دائمة في انتظار اللحظة المناسبة لتجنيسهم.
حدثت أمور كثيرة خلال هذه الفترة، لكن هذا الهدف لم يتحقق. وعاكست نتائج الحرب على سوريا المشروع الرامي إلى إنهاء ملف اللجوء الفلسطيني في دول الطوق. وتطوّر واقع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، وحقّق الفلسطينيون إنجازات تتيح لهم فعلياً العودة إلى بلادهم. إلا أن هذا كله تحوّل إلى سبب إضافي عند الأميركيين للتسريع في خطوات، هدفها الفعلي إزالة المخيمات الفلسطينية في لبنان من الوجود.
وثيقة رسمية عربية: المشروع الأميركي
عندما زار رئيس المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج لبنان في النصف الثاني من تموز، نفى كثيرون أي علاقة للزيارة بأي تطورات سلبية في لبنان. وعندما اندلعت الاشتباكات في عين الحلوة، نهاية تموز، بذريعة عملية اغتيال (غالباً ما تحصل عمليات كهذه مجهولة المنفّذ وتتسبب بمعارك مفتوحة)، خرج من يؤكد أنه لا يوجد أي تنسيق بين الولايات المتحدة والقوى الحليفة لها في لبنان وفلسطين والمنطقة لإشعال المخيمات تمهيداً لتدميرها وإزالتها.
أما من تحدثوا عن المشروع الأميركي، فقد اتُّهموا (ونحن منهم) بأنهم شركاء في شيطنة حركة "فتح"، وبتحميل سلطة رام الله أكثر مما تحتمل. غير أن سفارة دولة عربية بارزة في بيروت، لا تربطها أي علاقة بـ"الأخبار"، كانت تراقب وتجمع المعطيات، وأعدّت تقريراً إلى حكومتها، عرضت فيه التطورات السياسية والأمنية التي شهدها الشهران الماضيان. وكانت خلاصة الوثيقة أن ما يجري هو جزء من مشروع أميركي ونقطة على السطر!
في ما يلي، تنشر "الأخبار" نصاً (غير كامل لضرورات مهنية) لوثيقة مصنّفة "سرّيةً للغاية" أعدّتها هذه السفارة، وجاء فيها:
"منذ وقت غير قصير، هناك تحضيرات أميركية مُبكّرة لتصفية مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان باعتباره عنواناً أساسياً من عناوين اللجوء الفلسطيني في الشتات. وقد بُوشر هذا التوجه من قبل قادة وضباط عسكريين أوفدتهم واشنطن في السنوات الأخيرة". وتضيف الوثيقة "أن الاشتباكات المُتكررة في مخيم عين الحلوة بين حركة فتح وجماعات ذات طبيعة عقائدية مُتشددة ليست بعيدة عن تحركات قامت بها وفود عسكرية أميركية، وبسرية تامة، إلى المنطقة المُطلة على المخيم، حيث سُجلت زيارات ميدانية مُتكررة للوفود الأميركية التابعة للقيادة العسكرية الوسطى، بلغت ثلاث زيارات على الأقل عام 2018، أبرزها لقائد القيادة الوسطى آنذاك الجنرال جوزيف فوتيل".
ونسبت الوثيقة إلى "مصادر أمنية لبنانية، أن الجنرال فوتيل طلب خلال زيارة دورية لقيادة الجيش اللبناني ترتيب جولة استطلاعية له إلى محيط مخيم عين الحلوة على أن يرافقه فيها ضباط لبنانيون مُلمّون بهذا الملف. وقد استغرب قائد الجيش العماد جوزيف عون هذا الطلب، باعتبار أن بإمكان قائد المنطقة الوسطى الذي تمتد سلطته العسكرية بين أفغانستان ولبنان أن يوفد بدلاً منه فريقاً من ضباطه لهذه الغاية، فضلاً عن أن المخيم لا يُمثل في نظره رقماً صعباً في الحسابات العسكرية الإستراتيجية. وبالفعل، تم للجنرال الأميركي ما أراد، حيث عاين المخيم من تلة سيروب المطلّة على المخيم. وتبيّن أن فوتيل يحمل معه خرائط مفصّلة للمخيم ومحيطه، وقد وجّه أسئلة مُحددة إلى فريق مخابرات الجيش الذي رافقه تناولت النقاط الآتية:
أولاً: واقع المخيم جغرافياً وبشرياً.
ثانياً: هوية المجموعات المسلحة المُنتشرة في داخله وأعدادها وأماكن تمركزها، وتوقف بالتحديد بالسؤال عن جماعة "أنصار الله" بقيادة جمال سليمان ومجموعات إسلامية أخرى.
ثالثاً: عدد النازحين الفلسطينيين الذين وفدوا من سوريا إلى مخيم عين الحلوة.
رابعاً: طبيعة التدابير التي يتخذها الجيش اللبناني حول المخيم.
خامساً: تطورات خطة بناء جدار إسمنتي حول المخيم".
وجاء في الوثيقة أيضاً: "متابعة لهذه الزيارة، تلاحقت الاجتماعات بين الجانبين الأميركي واللبناني، وقام فريق تقني من القيادة المركزية الأميركية بزيارة قيادة الجيش اللبناني في أيلول 2018 والتقى قائد الجيش ومدير المُخابرات ومسؤول الملف الفلسطيني في الجيش. وتناولت مهمة الفريق جوانب تنفيذية، لعل أهمها استكمال بناء الجدار الذي يفصل المخيم عن محيطه، وتم بحث ضم "بساتين الطيار" الواقعة داخل المخيم إلى الجدار، وكانت هذه بمثابة معسكر تدريب لعصبة الأنصار التي تُعتبر فصيلاً بارزاً من بين المجموعات الإسلامية في المخيم. وسبق أن اتُّهمت العصبة بالوقوف وراء عمليات اغتيال من أبرزها قتل القضاة الأربعة على قوس المحكمة في صيدا. لكن علاقة العصبة مع الجيش اتخذت منحى إيجابياً في السنوات اللاحقة، وخاصة لجهة المساعدة في ضبط سلوك مجموعات أقل حجماً".
وتابعت الوثيقة: "إن بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جاء في الأساس بناءً على اقتراح أميركي، على الرغم من أن الجيش تعلّل في حينها بالحاجة إلى اتخاذ تدابير أمنية في ضوء الخُروقات التي تقوم بها عناصر مُسلحة من داخل المخيم باتجاه المُحيط. ولم تَحُل الاعتراضات على هذه الخطوة دون إتمام بنائه. ولاحظت أن عدداً من الإرهابيين الذين غادروا المخيم في أوقات سابقة للمُشاركة في القتال في سوريا، عادوا إلى عين الحلوة مُجدداً في توقيت لافت، الأمر الذي ساهم في إذكاء التوتر داخل المخيم وأثار مخاوف من أن يكون ذلك مقدّمة لتفجير المخيم من الداخل على طريق تفكيكه وإنهاء حق العودة، ما دفع مصادر أمنية لبنانية إلى السؤال عما إذا كانت هناك دولة خليجية مُعينة لها علاقة بمجموعات "إسلامية" وبالولايات المتحدة في آن واحد قد دفعت باتجاه عودة هؤلاء المسلحين بما يؤدي إلى وصم المخيم بأنه معقل للإرهاب". وحسب الوثيقة "ترافق هذا المُخطط مع تقديم تسهيلات لأعداد من الشباب الفلسطيني في عين الحلوة للسفر إلى دول أوروبية، ولا سيما الدول الأسكندنافية. وتولّت هذه العملية شركات سفر لبنانية".
وفي خلاصة التقرير تذكر الوثيقة أن "مصادر دبلوماسية رسمت أهدافاً عدة لجولات وزيارات الضباط الأميركيين، منها:
1 - فصل المخيم عن جواره بجدار يمكّن من عزل الأحداث التي تجري أو ستجري في داخله عن المحيط.
2 - تعقيد مهمة الخروج والدخول على "المجموعات الإرهابية". وادّعى الأميركيون خلال مباحثاتهم المُتتالية مع الجانب اللبناني أن لديهم معطيات عن وجود حوالي 500 إرهابي مسلح داخل المخيم، من بينهم سعوديون وفلسطينيون وسوريون ولبنانيون.
3 - الهدف الأساسي الذي لم يفصح عنه الأميركيون للجانب اللبناني يتعلق بعملية مواكبة صفقة القرن وفرض واقع يؤدي إلى إنهاك الفلسطينيين وفرض توطين قسم منهم في لبنان وتهجير قسم آخر إلى دول يمكن أن تستقبلهم".
وأبرز ما تنتهي إليه الوثيقة هو أنها تنقل "عن مصادر أمنية استشرافها بحدوث توترات واشتباكات من وقت إلى آخر في مخيم عين الحلوة، بتوجيه من أجهزة أمنية عربية وأميركية، بهدف تأزيم الموقف إلى أقصى حد مُمكن وتهجير سكان المخيم، توطئةً لتوطين قسم منهم في المجتمع اللبناني، ودفع القسم الآخر للسفر إلى دول أجنبية تقدم تسهيلات خاصة بالتنسيق مع إسرائيل".
فوتيل: الجدار والقوات الخاصة في لبنان
بعد سلسلة زيارات قام بها إلى لبنان ودول المنطقة، عقد قائد المنطقة العسكرية الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل لقاء صحافياً نظّمته وزارة الخارجية مع مراسلين لصحف عربية نهاية كانون الثاني 2018. ورداً على سؤال لمراسلة "دايلي ستار" فيكتوريا يان عن دور القوات الخاصة الأميركية في لبنان، قال: "أقوم بزيارات متكررة إلى لبنان.
لن أدخل في الكثير من التفاصيل حول العمليات المحددة التي ندعمها، ولكن يتمثل دورنا في بناء قدرات القوات المسلحة اللبنانية ومساعدتها في مكافحتها للإرهاب في لبنان ومنع تأثيرها على المنطقة".
في نيسان من العام نفسه، أفاق أبناء مدينة صيدا على إجراءات استثنائية اتخذها الجيش اللبناني، قبل أن تحطّ على أرض ملعب المدينة الرياضية طوافة عسكرية تُقل وفداً عسكرياً أميركياً مع مسؤول في السفارة الأميركية في بيروت، وتؤازرها طوافة عسكرية أخرى. وانتقل الوفد وسط حراسة مشددة إلى ثكنة محمد زغيب في حارة صيدا، وبعد اجتماع مع ضباط من مخابرات الجيش، انتقل الجميع إلى منطقة سيروب المُطلة على مخيم عين الحلوة، وسط انتشار أمني على طول الطريق المؤدي إلى المنطقة. وتبيّن لاحقاً أن فوتيل كان في عداد الوفد الأميركي، علماً أن نائبه الجنرال شارل براون قام في أيلول 2017 بالجولة نفسها برفقة مسؤولين في السفارة الأميركية في بيروت. وقد اطّلع الوفد على مراحل العمل في إقامة الجدار الأمني الذي تقرّر أن يرتفع إلى أكثر من 6 أمتار، على أن يُزود بأبراج يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار، تلفّ غرب المخيم وجنوبه باتجاه الشرق نحو درب السّيم وحتى منطقة الأيتام. وطلب الأميركيون من الجيش اللبناني الاجتماع بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وإبلاغها أن الهدف من الجدار هو حماية المخيم، وأن لا يطلق عليه اسم جدار، بل "سور حماية" بهدف "الحفاظ على سلامة المخيم".
اللواء
من جهتها عرضت صحيفة "اللواء" لاجتماع وزراء خارجية "المجموعة الخماسية" المقرر عقده غدًا، لمناقشة التقرير الذي سيضعه على الطاولة الموفد الرئاسي جان- ايف لودريان، مع بدء الدورة الحالية لجمعية العامة للامم المتحدة، والتي تستمر حتى نهاية الشهر في نيويورك.
ويترتب على قرار الخماسية وفقًا لـ"اللواء" مصير الجولة الرابعة التي تحدث عنها لودريان لدى مغادرته يوم الجمعة الماضي بيروت، فضلا عن موعد الدعوة الى طاولة حوارية التي لم يسقطها الرئيس نبيه بري من حساباته، ولا اجندته التي تعتمد على التنسيق او عدم التعارض مع التوجه الخماسي بشأن معالجة الازمة في لبنان.
وبالتوازي، تزايد الكلام على وصول موفد قطري الى بيروت، في اطار السعي لاقناع الجهات المعترضة على وصول قائد الجيش العماد جوزاف عون الى الرئاسة الاولى، وذلك في الايام المقبلة، خلال ما تبقَّى من الشهر الحالي.
ويرجح ان يكون الموفد محمد الخليفي الذي سبق وزار بيروت والتقى رؤساء كتل نيابية.
والسؤال البديهي هل اسقط النائب جبران باسيل مع بدء ولايته الرابعة الاطار الذي تصوره رئيس المجلس، عندما جدّد القول بالخروج من الحوار التقليدي، على طريقة الطاولة والرئيس، والالتفات الى حوار لا رئيس فيه ولا مرؤس، خارج طاولة مستديرة، ويمكن ان يأخذ شكل تباحث ثنائي او ثلاثي، معتبرا ان لا بأس من اقرار اللامركزية والصندوق الائتماني كأولوية للعهد الجديد، وليس من الضروري قبل انتخاب الرئيس او التزامن معه.
وهذا الموقف، لم يرقَ لمصادر عن التينة، التي رأت فيه تفخيخاً وتعقيداً، ولا امكان للأخذ به.
وقال الرئيس نبيه بري لـ "اللواء" انه يقصد بـ "جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس، على طريقة انتخاب بابا روما، في اوضح من هيك".
وكشف انه سيدعو الى الحوار في اوائل تشرين، اذا لم تحدث اي مفاجأة، ما زال الوقت امامنا، وسمعت بأن القطريين سيأتون الى لبنان بطرح ما".
واكد بري: أنا سأدير الحوار، وسيكون معي نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، معربا عن ثقته من احتمال الوصول الى حل"، مشيراً "انا حريص على مشاركة الجميع فالمرحلة حساسة، ولا بد من مشاركة الجميع ليكون الحوار منتجاً ومثمراً، فلننتظر مواقف القوى النهائية لنبني على الشيء مقتضاه".
وبانتظار الرحلة الرابعة للموفد الفرنسي لودريان الى بيروت المرتقبة اواخر هذا الشهر، تتجه الانظار الى ترقب وصول موفد قطري، والى حوارات نيويورك التي يجريها الرئيس نجيب ميقاتي ووزراء مجموعة الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني، بما قد يمهّد للحوار اللبناني الداخلي الضروري للتوافق على اسم مرشح او اكثر لرئاسة الجمهورية، سواء من الاسماء الروحة او من الاسماء المخفية في الظل وفي حقائب الدبلوماسيين العرب والاجانب.
وتترقب مصادر نيابية متابعة لحركة الاستحقاق الرئاسي الموقف الاميركي الفعلي لا الاعلامي، وتقول لـ "اللواء": ان القرار الاخير سيكون للإدارة الاميركية في حل ازمة الشغور الرئاسي، وربما كان مبنياً على مسار ومصير تطور العلاقات الإيرانية- الاميركية ومفاوضات الملف النووي، لأن الادارة الاميركية يمكن ان تضغط على الدول الاربع في الخماسية لطرح الحل الذي ترتأيه للأزمة اللبنانية وربما يكون في جعبتها اسم المرشح الذي تريد، إلّا في حال أصر العرب على ان يكون في لبنان عربيا، بموافقة ومباركة اميركية واوروبية وبخاصة فرنسية. ويبدو ان هذا الامر هو سبب تأخير الحل!
وترى المصادر النيابية، ان ما يراه العرب ويريدونه في لبنان مختلف الى حدّ كبير عمّا تراه وتريده الادارة الاميركية، فمصالح العرب مشتركة ومن ضمنها مصلحة لبنان، ومصالح اميركا معروفة في المنطقة. فهل يفرض العرب قرار اهم ام يلتحقوا بالقرار الاميركي في نهاية المطاف، ام ينقسموا بين بين؟
الرهان ما زال قائما برأي المصادر النيابية على ما يمكن ان تقنع به السعودية وقطر ومصر الدول الغربية بالحل القائم على توازانات دقيقة، وعلى وصول التقارب السعودي -الايراني الى حلول نهائية سعيد لمصلحة المنطقة قبل مصالح الغرب.
حوارات نيويورك
على صعيد الحركة الرسمية، غادر وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب بيروت صباح أمس متوجها الى نيويورك ليلتحق بالوفد اللبناني الرسمي برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، للمشاركة في افتتاح الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة والنشاطات التي تقام على هامشها.
وخلال وجودهما في نيويورك وعلى هامش اعمال الدورة ستكون للرئيس ميقاتي وللوزير بوحبيب سلسلة لقاءات واتصالات لبحث قضايا لبنانية واقليمية، لا سيما مع وزراء خارجية دول مجموعة الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني.
الجمهورية
بدورها تناولت صحيفة "الجمهورية" ملف الرئاسة اللبنانية متحدثة عن "تواطؤ دولي على محاصرة لبنان وتذويب هويته وتحوير مستقبله بعدما تحول لبنان الى ملاذ آمن للمجرمين والمطلوبين الى العدالة بمذكرات حمر دولية".
وأكدت "الجمهورية" أن "الموفد الرئاسي الفرنسي والخبير الكبير في عالم الدبلوماسية جان ايف لودريان لم يأخذ من القوى السياسية اللبنانية خلال جولته الاسبوع الماضي لا حَقاً ولا باطلاً. كلّ غنّى على ليلاه. ضرب أخماساً بأسداس واستعوذ بالشياطين وغادر واعداً بالعودة مرة اخرى، اذا ما حصل على شيء جديد من اللجنة الخماسية الدولية "المهتمة" بإجراء الاستحقاق الرئاسي اللبناني في اسرع وقت.
وبالتالي، انتقلت العيون الى نيويورك حيث من المقرر ان يجتمع ممثلو اللجنة الخماسية على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة الثلاثاء المقبل، بحثاً عن خرق مفقود في الجدار اللبناني المسلح.
الاستحقاق: حركة بلا بركة
ونقلت الصحيفة عن مرجع دبلوماسي تأكيده "أن اللجنة الخماسية تعتبر بمثابة فريق واحد، وهي بالتالي يد واحدة لا تصفّق، وما ينقصها هو الطرف الاخر أي إيران، ليكتمل الحوار الحقيقي والانطلاق نحو تسوية حقيقية للملف الرئاسي اللبناني كمقدمة للسير في الاصلاحات الحيوية الضرورية وعكس مسار الانهيار المتواصل".
ويعرب المرجع حسب "الجمهورية" عن اعتقاده ان الاوان لم يحن بعد بالنسبة الى الاجندة الاميركية بالنسبة الى ما يتعلق بالشرق الاوسط وخاصة بلبنان، لأن تبادل الخدمات مع الادارة الحالية في واشنطن سيَتسارع مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، خاصة أن طهران تفضّل فوز الديموقراطيين على الجمهوريين وبالتالي ستكون أكثر استعداداً لتبادل الخدمات والتنازلات مع واشنطن قبل الانتخابات خلال المرحلة المقبلة.
وفي السياق، لم تجزم مصادر الخارجية الفرنسية على اي مستوى يمكن ان يعقد اجتماع الخماسية، على مستوى وزراء الخارجية ام على مستوى كبار الموظفين المكلفين بهذه المهمة وفي أي موعد. تزامناً، بقي الوسط السياسي في لبنان ينتظر المعلومات التي يمكن ان يجمعها وفد لبنان الى اجتماعات الجمعية العمومية فور عودة النشاط الديبلوماسي الى أروقة الامم المتحدة اليوم.
ما بين البابا وماكرون
على خط مواز تترقّب الأنظار ما يمكن ان يؤدي اليه الاجتماع الذي سيجمع البابا فرنسيس مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في المؤتمر المقرر عقده في مارسيليا جنوب فرنسا والمخصّص للبحث حول "الهجرة واللجوء على ضفتيّ البحر الأبيض المتوسّط"، والذي يشارك فيه النائب البطريركي العام على نيابة صربا المارونية ممثلاً الكنيسة المارونية والذي يحمل الى المؤتمر ورقة عمل تعنى بملف لبنان كاملاً بالإضافة الى أوراق خاصة بملف النازحين السوريين والترددات السلبية التي تركها على الوضع في لبنان.
الحوار المفقود
ويستغرب مصدر دبلوماسي عربي في بيروت، عبر "الجمهورية"، لماذا يفوّت السياسيون اللبنانيون على بلادهم الفرصة تلو الفرصة في انتخاب رئيس للجمهورية، وكيف يفوّتون فرَص الحوار بينهم ويتمترسون خلف مواقف تعقّد الازمة ولا تقود الى أي مكان. انّ الفراغ مستمر منذ اكثر من عشرة اشهر، سببه ان لا أحد من الافرقاء السياسيين يملك او يستطيع جمع أغلبية نيابية مطلوبة لإيصال مرشحه الى سدة الرئاسة، وبالتالي من المنطق، ومصلحة البلد تتطلب ذلك، ان يجري البحث عن سبل اخرى لحل هذه الازمة.
ويضيف المصدر: الحوار قد يكون سبيلاً مُجدياً للبحث عن حل. ورفض الحوار خطأ كبير. كيف يتفاوض لبنان على ترسيم حدوده البحرية وينجزه، ويتفاوض الآن على ترسيم حدوده البرية مع العدو، ويمتنع السياسيون عن الحوار مع بعضهم البعض لانتخاب رئيس لهم؟
ورأى انّ قاعدة الحوار المطروحة حدّدت مدته سبعة ايام كحد أقصى، ولو تم هذا الحوار قبل اشهر، فمن الممكن أن يُنتج تسوية او كان الفريق الرافض للحوار قد أكد صوابية قناعته بأننا "جَرّبنا الحوار وتبين عدم جدواه".
إقرأ المزيد في: لبنان
13/11/2024