لبنان
التحقيقات القضائية في الجرائم المالية تتعثر.. محاولة لتمييع تقرير التدقيق الجنائي
طغى خبر مقتل قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، في تحطّم طائرته الخاصة شمال موسكو مساء أمس على ما عداه من تطورات عالمية وإقليمية في الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس 24/08/2023، أما محليًا فقد ركزت افتتاحيات الصحف ومقالاتها الرئيسية على تعثر ملف التحقيقات القضائية في الجرائم المالية، وانخفاض سقف التوقّعات حيال زيارة المبعوث الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان، وحادث تحطم المروحية العسكرية في منطقة بحمدون، فيما الأنظار تترقب ما سيعلنه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في مؤتمره الصحافي يوم غد الجمعة.
البناء
في السياق وتحت عنوان "نهاية غامضة لقائد فاغنر بريغوجين…"، كتبت صحيفة "البناء" تقول: انشغل العالم مساء أمس، بنبأ تحطّم الطائرة الخاصة التي كانت تنقل قيادة قوات مجموعة فاغنر ومن بينهم رئيس الشركة يفغيني بريغوجين، والإعلان قبيل منتصف الليل عن التحقق من مقتل بريغوجين. وبقيت ظروف الحادث غامضة كما تاريخ قائد فاغنر الذي لم يعرف أحد بصورة يقينية ما إذا كانت حركته الانقلابية مسرحيّة منسقة مع الرئيس فلاديمير بوتين، ما يجعل بريغوجين قد نصب كميناً للاستخبارات الغربية ساهمت بكشف المتعاملين ضد الرئيس الروسي عند وصول قوات فاغنر الى أطراف موسكو، ويصبح هدفاً أكيداً لها، أم أن استقباله من قبل الرئيس بوتين بعد الانقلاب كان مسرحية أراد عبرها بوتين إزالة أي مناخات توحي بالغضب مما فعله بريغوجين، علماً أن فعله إذا كان عملاً انقلابياً يجعله هدفاً للاستخبارات الروسية؛ وفيما لم يصدر بيان رسمي يعلن مقتل بريغوجين ويقدّم رواية عن الحادث، توجّهت شخصيات روسية بالاتهام الى الاستخبارات الأوكرانية والغربية، بينما اتهم الرئيس الأميركي جو بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقتل بريغوجين، بقوله إنه لم يتفاجأ، وإن لا شيء يحدث دون بوتين.
لبنانياً، تعثّر مجددًا ملف التحقيقات القضائية في الجرائم المالية التي أشار إليها تقرير التدقيق الجنائي في وضع مصرف لبنان، بعد الإحالة التي وجّهها النائب العام التمييزي غسان عويدات، ومرة ثانية تنحّى القاضي زياد أبو حيدر عن المهمة، بصورة لافتة أعادت التذكير بـ التأجيل المستمرّ لمواعيد استجواب الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، بذريعة استحالة تبليغه مواعيد الاستجواب، بصورة أثارت سخرية اللبنانيين وأسئلتهم عن جدّية الملاحقة القضائية.
أمنيًا، خسر الجيش اللبناني ضابطين سقطا شهيدين بتحطم مروحيتهما في منطقة بحمدون، وقد تلقى قائد الجيش العماد جوزف عون التعازي من القيادات السياسية والمرجعيات الروحية التي أكدت على التمسك بالجيش وموقعه في وجدان اللبنانيين ومكانته الوطنية في حماية لبنان من المخاطر.
إعلاميًا، عُقد لقاء موسّع في فندق ريفييرا بدعوة من اللقاء الإعلامي الوطني، تحت عنوان مواجهة خطر الفتنة، وتحدثت في اللقاء شخصيات إعلاميّة بعدما افتتحه الإعلامي روني ألفا، وألقت المحامية سندريلا مرهج كلمة اللقاء، وتحدّث رئيس تحرير صحيفة الجمهورية جورج سولاج، المستشار الإعلامي للرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون الإعلامي أنطوان قسطنطين، رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، عضو مجلس نقابة المحرّرين الصحافي غسان ريفي، وكانت الكلمة الختامية لوزير الإعلام السابق جورج قرداحي الذي خاطب المسؤولين سائلاً إلى أين تريدون أن تأخذونا وتأخذوا البلد، فنحن ليس لنا بلد سواه؟
فيما انشغل لبنان الرسمي والشعبي بإنجاز انطلاق أعمال الحفر والتنقيب عن الغاز والنفط في حقل قانا، تقدّم بالموازاة ملف تقرير التدقيق الجنائي ومسار الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، في ظل محاولة لتمييع التقرير واحتواء آثاره القانونية من خلال تعدّد الجهات القضائية التي ستتسلم ملف التحقيقات، وتنحّي بعض القضاة عن الملف.
وأفيد أمس، أنّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر تنحّى عن ملف التدقيق الجنائي الذي حوله مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات رافضًا تسلمه والتحقيق مع سلامة لوجود خصومة بينهما. ولفتت المعلومات إلى أنّه “بعد تنحّي القاضي أبو حيدر سيتم تحويل ملف التدقيق الجنائي الى القاضي رجا حاموش».
وتشير مصادر مطلعة لـ"البناء" الى أن "تشعيب الملف وتنحّي القضاة عن الملف يعقد المسار القضائي ويطول أمد إجراء التحقيقات اللازمة مع سلامة وبعض أفراد عائلته ومعاونيه وكل الذين ذكرت أسماؤهم في التقرير ومواجهتهم بالأدلة"، موضحة أن "التقرير حمل أدلة واضحة على أعمال فساد ومخالفة لقانون النقد والتسليف واستخدام الاحتياطات الإلزامية للمصارف والتي هي جزء من الودائع، رغم تستر التقرير على جوانب فساد كثيرة كالصفقات والسمسرات التي تدخل في سياق عمليات تحويل الأموال الى الخارج عبر حسابات وشركات وهميّة تعود لمقرّبين من سلامة".
ولا تتوقع المصادر "أن يصل مسار التحقيق الى خواتيم إيجابية في وقت قريب لوجود تعقيدات قضائية وسياسية وتشعب في المتورطين مع سلامة من سياسيين ومصرفيين ورجال أعمال وقضاة وضباط وإعلاميين وصحافيين"، وتتساءل عن سبب تخلف سلامة عن الحضور الى جلسات التحقيق بذريعة تعذر تبليغه وكأن الأجهزة الأمنية والقضائية لا تعرف منزله أو مكان إقامته! وتتوقف المصادر عند إرسال سلامة "فلاش ميموري" بثلاث نسخ الى ثلاث جهات مقربة منه في الداخل والخارج وتتضمّن معلومات واسعة وأسماء تشمل كل المرحلة السابقة، وما إذا كانت رسالة ابتزاز وتهديد لكل من يريد تحويل سلامة الى كبش محرقة.
إلى ذلك، دعا رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان اللجنة الى جلسة تعقد الإثنين المقبل، لمناقشة التقرير الأولي للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان الذي أنجزته شركة الفاريز ومارسال. وكان كنعان وجّه كتابين لوزير المال في حزيران وتموز الماضيين، للحصول على التقرير والمستندات المرتبطة به لعرضه على لجنة المال للمناقشة واتخاذ القرارات المناسبة.
على خط موازٍ، يعقد حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري مؤتمراً صحافياً في مصرف لبنان غداً، ومن المتوقع أن يتحدث عن حصيلة المشاورات السياسية منذ تسلمه حول العلاقة بين المصرف والحكومة ووزارة المالية، وسيجدّد منصوري رفضه تمويل الدولة من مصرف لبنان خاصة من دون تشريعات وقوانين تخوله ذلك. كما سيتوسع منصوري بالحديث عن ملف تمويل بواخر الكهرباء ومطالبة المصرف المركزي بتحويل ليرات مؤسسة كهرباء لبنان الى دولارات لتمويل بواخر الفيول الراسية على الشواطئ لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار.
على خط رئاسة الجمهورية، لم تعلن أي جهة موعداً رسمياً لزيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان الى بيروت، ومردّ هذا التأخير بالإعلان وفق مصادر “البناء” يعود الى موقف قوى المعارضة وتأخر النواب بالرد على رسالة لودريان، فضلاً عن تريثه بتحديد موعد الزيارة قبل إجراء جولة مشاورات مع أعضاء اللجنة الخماسيّة لتكوين رؤية عن الخطوات التي سيقرّرها خلال زيارته. علماً أن مصادر حزبية تؤكد لـ”البناء” أن زيارة لودريان تأجلت حتى إشعار آخر، ولن تحصل قبل منتصف أيلول إن حصلت.
وعلاوة على ذلك فإن لودريان يستطلع نتائج حوار التيار الوطني الحر وحزب الله لكي يبني على الشيء مقتضاه، ولذلك هو ينتظر حصيلة هذا الحوار قبل تحديد موعد رسمي للزيارة.
وأفادت مصادر إعلامية أن النقاش الجدي بين التيار والحزب يدور حول بنود عدة أبرزها تتعلق بتحديد الوحدات الإدارية إما بحسب تقسيم الأقضية الحالية أو وحدات إدارية جديدة هي أكبر من قضاء وأصغر من محافظة.
وأشارت أوساط مطلعة في التيار الوطني الحر لـ"البناء" إلى أن “الحوار مع الحزب مستمرّ ولن يتوقف، لكنه لم يؤدِ الى نتائج نهائية حتى الساعة وهو يحتاج للمزيد من الوقت لكي تتوضّح صورته"، ولفتت الى أن "التيار أرسل ما طلبه الحزب من ورقة خطية تفصيلية لكل رؤيته للمرحلة المقبلة والمطالب الإصلاحية التي يرى أنها في صلب البرنامج لأي رئيس للجمهورية"، وأضافت: "لا نعتقد بوجود مانع لدى الحزب بمعظم بنود الورقة لكن ليس لديه القدرة على إقناع الآخرين لا سيما حركة أمل فضلاً عن مستلزمات وظروف تنفيذ الورقة قبل انتخاب رئيس للجمهورية". وكشفت أن "النائب جبران باسيل ينتظر جواباً واضحاً من الحزب في المسائل الماليّة ليبنى على الشيء مقتضاه في الملف الرئاسي ولا تسوية رئاسية من دون الوصول إلى نتائج عملية في البنود العالقة".
وأوضحت الأوساط أن "مطلبنا باللامركزية والصندوق الائتماني ليس مصلحة للتيار فحسب بل للمصلحة الوطنية، ولذلك نعوّل على الحزب لإقناع حلفائه لتسهيل إقرار هذه الإصلاحات الإدارية والمالية وبالتالي تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية". ولفتت الى أن "اللامركزية لا تستهدف أي فريق أو حزب بل مصلحة لكافة الطوائف وتسهل عمل الأقضية وتخلق تنافساً بين الأقضية وحتى بين البلديات على الإنماء والتطوير حتى داخل القضاء الواحد مثلاً بين كسروان وجبيل".
في ملف التنقيب في حقل قانا، أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض "بدء التنقيب في البلوك رقم 9 اليوم وأنه ستصل عملية الحفر إلى عمق 1700م والنتائج الأولية بعد 67 يوماً، واهتمام الشركاء يشي أنّ نتائج التنقيب ستكون إيجابية". ولفت فياض في حديث تلفزيوني، الى أن "الكونسورتيوم كان يفضّل منذ الأساس التنقيب في البلوك رقم 9، ولكنه كان يخشى قبل الترسيم"، وذكر بأن "البلوك رقم 8 تحرّر وبات بالإمكان مسحه"، مؤكداً بأننا "سنستفيد من الغاز إذا وجد انطلاقاً من العام المقبل".
أمنياً، وفي ظروف غامضة سقطت طوافة عسكرية تابعة للجيش اللبناني بالقرب من ثكنة بحمدون. وأعلنت قيادة الجيش، "عن تحطّم طوافة تابعة للقوات الجوية في منطقة حمانا أثناء تنفيذ طيران تدريبيّ ما أدّى إلى استشهاد عنصرين وإصابة آخر".
وأفادت مصادر "البناء" أن شهداء الجيش هم: النقيب ج. ح والملازم أول ر. ص. أما الجريح فهو المعاون أ.ص.
وأجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إتصالاً بقائد الجيش العماد جوزيف عون مستفسراً عن تفاصيل الحادث الذي أدى الى سقوط طائرة مروحية للجيش، كما قدم له التعازي بالضابطين الشهيدين متمنياً للرتيب الجريح الشفاء العاجل.
وليس بعيداً، أعلنت القيادة في بيان آخر، “إحباط محاولة تسلل نحو 700 سوريّ عند الحدود اللبنانية السورية بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع المنصرم”.
الأخبار
من جهتها كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: ينخفض يوماً بعد يوم سقف التوقّعات حيال زيارة المبعوث الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان، خصوصاً بعدَ الرسالة الفرنسية التي تسلّمها 38 نائباً (رؤساء كتل ومستقلّون) تطلب منهم الإجابة خطياً قبل نهاية الشهر الجاري عن سؤالين حول مواصفات رئيس الجمهورية وأولويات عهده الجديد.
ولا تزال ردود فعل قوى «المعارضة» تتوالى على الرسالة التي تمثل «انتهاكاً لسيادة البلد». وكان لافتاً انخراط البطريرك مار بشارة الراعي في الحملة خلال عظة الأحد الأخيرة، إذ تهكّم على طريقة عمل الفرنسيين بالهجوم على الأسئلة الفرنسية. وهو ما عزّز الانطباع بأن زيارة الموفد الفرنسي المتوقّعة قبل نهاية أيلول لن تحدث أي تبديل في الوقائع البالغة السلبية التي تحيط بالملف الرئاسي، ولا سيما أن الفريق المعارض للدور الفرنسي في لبنان وجدَ في الرسالة الفرنسية «حجة قوية للتنصّل من موضوع الحوار» .
مع ذلك أنجزت بعض الكتل النيابية أجوبتها على الأسئلة، مثل كتلة «التنمية والتحرير». بينما تتحضر كتل أخرى لإرسال جواب خطي إلى السفارة الفرنسية مثل التيار الوطني الحر والمردة وكتلة الاعتدال. أما الحزب التقدمي الاشتراكي، فقد علمت «الأخبار» أنه «سيعقد اجتماعاً الإثنين المقبل لاتخاذ القرار»، مع إشارة مصادره إلى «ميله بالإجابة عن الأسئلة ولن تكون في صف المعارضة، حيث هناك حرص على عدم زعزعة العلاقة مع الفرنسيين على الرغم من وجود ملاحظات كثيرة على أداء باريس في ما خصّ الملف الرئاسي».
وعلى ضفة المعارضة، فقد رفعت من سقف اعتراضها بسبب «معلومات تتحدث عن دور أكبر ستقوم به اللجنة الخماسية، وأن لودريان قد لا يكون وحيداً في زيارته المقبلة، وأن موفدين عن هذه الدول سيرافقونه أو سيزورون لبنان في الفترة نفسها». وأكّدت مصادر هذه القوى أنّ «الاتفاق مع لودريان كان على اجتماعات عمل ثنائية في أيلول نقدّم خلالها ما نراه مطلوباً من مواصفات في الرئيس المقبل وكذلك برنامج عمله، ولم يكن الاتفاق بتاتاً على رسائل وأجوبة خطّية».
من جهتهم، لا يزال نواب «التغيير» يدرسون خياراتهم حيال رسالة لودريان بين الرد الخطي وعدمه، وما إذا كان رداً موحّداً أم لا. وحده النائب الياس جرادة سجّل خرقاً واتّخذ قراره الفردي بالرد على لودريان، وهو بصدد تحضير إجابته.
الجمهورية
أما صحيفة "الجمهورية" فلفتت في مقالها الرئيسي إلى أنه لا صحة ولا دواء ولا قمح في لبنان.. وكورونا تعود.. والرئيس مفقود.. ولودريان أمام خيارين.
ورأت أن ثمة خمسة أيّام متبقية من المهلة التي حدّد الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان سقفها نهاية آب الجاري، لتقدّم الأطراف السياسيّة والنيابيّة الـ 38، أجوبتها حول مواصفات رئيس الجمهورية ورؤية كلّ طرف لأولويات العهد الرئاسي الجديد.
لودريان عكس في رسالته انّه يعوّل على أجوبة الاطراف اللبنانية، لتشكّل اساساً لإطلاقه حواراً للتنقيب عن توافق على رئيس للجمهورية. ولكن في موازاة هذه الحماسة التي أبداها الموفد الفرنسي لصياغة توافق رئاسي، تسود لغة أخرى في الداخل اللبناني متبادلة بين ضفّةّ قابلة للمشاركة في حوار ايلول، وضفة ضدّ هذا الحوار، وتؤكّد بما لا يقبل أدنى شك أنّ ورود تلك الأجوبة او عدمه، لا يغيّران في واقع الرئاسة المسدود شيئاً، كما لا يدفعان إلى المجازفة في افتراض ايجابيات او حصول اختراقات غير متوقعة، لا في ايلول ولا حتى ما بعد مدى زمني طويل.
وعلى ما يقول مواكبون للمسعى الفرنسي لـ«الجمهورية»، فإنّ «مهمّة الموفد الفرنسي من أساسها اشبه ما تكون بإبرة يحفر فيها لودريان جبل التعقيدات وصخور التناقضات، وخصوصاً انّ هذه المهمّة تعتريها نقاط ضعف جوهرية:
أولاً، لأنّها لم تنطلق من الأساس على أرضية صلبة، يفترض ان توفّرها لها اللجنة الخماسية.
ثانياً، لأنّها ليست محصّنة بمبادرة خارجية جدّية لحل رئاسي، لا من اللجنة السداسية ولا من أي طرف دولي آخر.
ثالثاً، لأنّها من لحظة انطلاقتها مصطدمة بحاجز صدّ لبناني صلب مانع لنجاحها، وتفتقد إلى الحدّ الأدنى من القدرة على تغيير واقع لبناني منقسم على ذاته سياسيّاً ورئاسيّاً، ولم ينفع معه ترغيب او ترهيب، والتنقيب على توافق رئاسي بين مكوناته، امر مستحيل.
هذه الصورة التشاؤميّة تطبع المشهد الداخلي حالياً، والأوساط السياسية على اختلافها تجمع على انّها لا تؤسس لا إلى حوار جدّي ومجدٍ، ولا الى انفراج في ايلول، بل ربما تفتح على مجالات اكثر سواداً، وعينها على لودريان، ترقباً للخطوة التالية التي سيُقدم عليها في ايلول. وفي هذا الإطار قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، انّ «شهر ايلول المقبل يشكّل خط النهاية للمسعى الخارجي، ولا يبدو في الأفق ما يؤشر الى أي اختراقات. وحتى ولو وضعت سلبيات الواقع اللبناني لودريان امام خيار من اثنين؛ إمّا أن يعلن لودريان استسلامه وينعى مهّمته، او ان يقرّر أن يردّ الكرة الى ملعب المعطّلين ويتجاوز اعتراضاتهم ويكمّل في اتجاه اطلاق حوار بمن حضر، وليتحمّل المعترضون مسؤولياتهم. فكلا الخيارين يؤديان إلى النتيجة ذاتها اي إلى الفشل، فشل المهمّة من أساسها، وفشل الحوار بمن حضر في تحقيق اي خرق. والنتيجة الأهم لهذا الفشل انّ لودريان سيترك اللبنانيين يتخبّطون في فشلهم، ويغادر هو في إجازة قبل الالتحاق بموقعه الوظيفي الجديد كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في العلا (أفالولا)، المسؤولة عن التعاون مع السلطات السعودية لتطوير السياحة والثقافة في منطقة العُلا».
وفي سياق متصل، اكّدت مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ«الجمهورية»، انّ لودريان سيكون في بيروت في بدايات شهر أيلول، وعلى الأرجح خلال الاسبوع الثاني منه، ولم يطرأ اي تعديل في شأن برنامج الزيارة حتى الآن. الاّ انّ المصادر عينها، لم تجزم بانعقاد الحوار الرئاسي الذي يسعى اليه الموفد الفرنسي، بل انّها اكتفت بالقول: «في برنامج السيد لودريان جولة مشاورات يجريها مع الأطراف اللبنانيين، وبناءً على الخلاصات التي يصل اليها خلالها، وكذلك على الخلاصات التي سيكوّنها من الاجوبة عن رسالته، سيقرّر ما إذا كان سيمضي في الحوار، او لمنح فرصة اضافية للبنانيين.
وتطرقت "الجمهورية" إلى التحذير الذي أطلقه وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، عقب اجتماعه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من عودة وباء الكورونا، وتأكيده التزايد في أعداد الإصابات، "ولكن الوضع في المستشفيات تحت السيطرة، وهناك حالات قليلة جداً تحتاج للعناية المركّزة"، وقال:"لذلك نكّرر تشديدنا على الوقاية، ونحن ننصح المرضى الذين يعانون من امراض مصاحبة، والأكثر عرضة للإصابة بأن يأخذوا اللقاح لحماية انفسهم. كما ننصح من لديهم عوارض بتجنّب المخالطة، وكل من لديهم مشاكل في المناعة بأن يستعملوا وسائل الحماية الشخصية كالكمامة وغيرها. وإنّ وزارة الصحة ستطلع المواطنين على اي جديد حول هذا الموضوع".
أضاف: «اما بالنسبة الى أدوية السرطان والأمراض المستعصية، فهذا الأمر خط أحمر، موضوع الدعم مستمر والتمويل موجود، وهذا سيكون محور اللقاء بين رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري للاستمرار بالآلية المتبعة لتأمين هذه الأدوية للشعب اللبناني».
مالياً، فيما يعقد حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري مؤتمراً صحافياً في الحادية عشرة من قبل ظهر غد الجمعة، لوحظ انّ تقرير «الفاريز اند مارسال»، بدأ يتفاعل قضائياً وسياسياً. حيث اعلن النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر تنّحيه عن ملف التدقيق الجنائي الذي حوله مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، رافضًا تسلّمه والتحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة لوجود خصومة بينهما. وقد أفيد بأنّ هذا الملف سيتمّ تحويله الى القاضي رجا حاموش.
اللواء
من جهتها رأت صحيفة "اللواء" تحوُّلًا في حاكمية المركزي، معتبرة أن زمن القروض بين الدولة والمصرف انتهى.
وكتبت في افتتاحيتها تقول: اليوم 24 آب، سيدخل تاريخ تحوّل لبنان الى بلد نفطي، اذ ستبدأ منصة الحفر في البلوك رقم 9 عمليات الحفر المفترض ان تستمر ما لا يقل عن 100 يوم، لتبيُّن الخيط الابيض من الاسود، في ما خص تأكيد النفط والغاز، والامكانيات الممكنة لاستخراجه في غضون السنوات القليلة المقبلة.
بالتزامن كان الحاكم بالإنابة لمصرف لبنان وسيم منصوري يجمع المجلس المركزي في اجتماعه الاسبوعي، للبحث في الوضع المالي واحتمالاته، في ضوء الضغوطات المحدقة، والطلبات المتعددة على العملة الصعبة، مع تشدّد الحاكم الجديد بعدم المسّ تحت اي اعتبار، بالاحتياطي الالزامي لدى المركزي، وذلك لأول مرة بعد مغادرة الحاكم السابق رياض سلامة.
وفي المعلومات ان منصوري سيعقد مؤتمراً صحفياً عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد في مقر المصرف، يتحدث فيه عن كيفية تعامل المركزي مع عدد من المستحقات الملحة.. ومنها رواتب العاملين في القطاع العام «بالفريش» دولار.
وسيتناول منصوري طريقة عمل المصرف لجهة الشفافية واعطاء ارقام دقيقة، فضلاً عن الموجودات الخارجية لدى «المركزي».
وكان منصوري اكد انه على استعداد للتعاون مع الاجهزة القضائية، وتزويدها بكل ما تحتاج اليه، فضلاً عن توفير ما يلزم لجهة رفع السرية، او ما تحتاج اليه الاجهزة الامنية.
وحسب معلومات «اللواء» سيتناول منصوري الوضع النقدي العام للمصرف المركزي والعلاقة بين المصرف و الدولة، لكنه سيؤكد موقفه بعدم تمويل الدولة من الاحتياطي الإلزامي.
النهار
أما صحيفة "النهار" فقد لفتت إلى أن أكثر من معطى برز في الأيام القليلة الماضية عزز التوقعات بأن مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لن يكتب لها النجاح، لا سيما بعد الرسالة الخطية التي وجهها الى النواب والكتل داعياً فيها الى الإجابة على سؤالين حول مواصفات الرئيس المقبل وبرنامج عمله، ما اعتبره فريق المعارضة مساً بالسيادة اللبنانية ومحاولة املاء فرنسية لفرض المرشح الذي تدعمه باريس، ولا يزال حتى الساعة مرشح فريق الممانعة سليمان فرنجية، رغم ان لودريان نفسه كان ابلغ من التقاهم بأنه لا يسوق لاسم بل يبحث عن مواصفات .
ليست اعتراضات اركان المعارضة بمختلف تلاوينها المتقاطعة راهناً على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، على الشكل فحسب، وانما ايضاً على المضمون، وعلى المسار الذي يسلكه لودريان في تعاطيه مع الاستحقاق الرئاسي، المكلف به من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
أولى الاعتراضات تكمن في التوقيت الذي اختاره لودريان لاطلاق تحركه. هو زار لبنان في تموز الماضي، وطلب من الافرقاء المعنيين تحضير ورقة تتضمن رأيهم حيال مواصفات الرئيس ومشروعه خلال ولايته الرئاسية. وعلى رغم ادراك الموفد الفرنسي أهمية الوقت بالنسبة الى لبنان الغارق تحت وطأة أزمات متنامية سببها الشغور في موقع الرئاسة الأولى، وانعكس شللاً وتحللاً في عمل المؤسسات الدستورية والرسمي، فهو امهل النواب اللبنانيين اكثر من شهر لتحضير أفكارهم، وكأن لبنان يملك ترف الوقت لاضاعته على هكذامهمة.
ولكن هل السبب في تأخير المهمة الى منتصف أيلول وربما نهايته، يعود حقاً الى ان شهر آب هو شهر العطلة الصيفية في فرنسا ودول العالم لا سيما تلك المعنية بالملف اللبناني اوان التأخير يحمل في طياته ابعاداً تتصل في أساس مهمة لودريان، التي ولغاية اليوم لم تعلن دفن المبادرة السابقة القائمة على معادلة فرنجية – سلام، رغم كل التطمينات التي قدمتها باريس حيال تراجعها عن هذا الطرح.
إقرأ المزيد في: لبنان
16/11/2024