لبنان
برّي مستاء من تعطيل جلسة التشريع.. وقلق من عودة التوتر إلى عين الحلوة
لا يزال التعطيل سيد الموقف في الملفات الحساسة في البلاد، لا سيما التعطيل الأخير للجلسة التشريعية للمجلس النيابي، ما عكس استياء رئيس المجلس النيابي نبيه بري من التعاطي اللامسؤول الذي تبدّى في تعطيل انعقاد هذه الجلسة.
ومع مرور الوقت قبيل عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان لمحاولة القيام بخطوة جديدة في شأن انتخاب رئيس للجمهورية، لا تزال الأمور ضبابية وسط رفض جهات في الداخل أي حلول ومحاولة الرهان على مستجدات خارجية لكسب المزيد من الوقت.
إلى ذلك، يستمر القلق من عودة الانفجار لمخيم عين الحلوة، بعد أيام على هدوء الاشتباكات.
"الأخبار": استنفار وقلق من عودة الانفجار إلى عين الحلوة؟
زاد منسوب التوتر ليل أمس في عين الحلوة بعد رصد مقاتلين من فتح يرفعون أعلام الحركة على مدرسة مرج بن عامر، ويستحدثون الدشم والسواتر على نوافذها ومداخلها. بالتزامن، رصد مقاتلون آخرون ينصبون منصات قذائف الهاون والصواريخ فوق مركز سعد صايل الفتحاوي في جبل الحليب المشرف على المخيم. وشكلت تحركات أمس ذروة الاستنفار العسكري الذي التزمت به الحركة منذ انتهاء اشتباكها الأخير مع مجموعة الشباب المسلم، بداية الشهر الجاري.
وفق مصدر أمني، فقد «استنفر الإسلاميون بوجه الفتحاويين وتأهبوا لإطلاق النار عليهم، إلا أن عصبة الأنصار لجمتهم للقيام باتصالات مع قيادات فلسطينية ولبنانية للتحقق من نية الحركة لفتح المعركة من جديد». في هذا الإطار، «اتصل رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب بمسؤول الملف الفلسطيني في حركة أمل محمد الجباوي، طالباً التواصل مع الجيش لمراجعة فتح حول مخططها العسكري».
أتباع العصبة وخطاب استنفروا أيضاً لأن «منصات الصواريخ والقذائف التي نصبت في جبل الحليب وجّهت نحو معاقل العصبة في حي الصفصاف وليس فقط باتجاه الطوارئ والتعمير حيث يتمركز الإسلاميون، حيث إن المدرسة التي تحصنت فيها فتح ملاصقة لحي الصفصاف».
مقاتلو قوات الأمن الوطني الفلسطيني لم يتراجعوا عن استنفارهم منذ فرض وقف إطلاق النار قبل نحو أسبوعين. ولم يخلوا مواقعهم والبيوت والمؤسسات التي احتلوها، بل إن قيادة القوات، وفق مصادر متابعة، «عززت التحصينات وأدخلت أسلحة ومقاتلين من مخيمات الشمال وصور تمهيداً لمعركة الثأر من الإسلاميين رداً على اغتيال قائد القوات في صيدا أبو أشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه».
في هذا الإطار، لفتت المصادر إلى أن حركة فتح «أنفقت مئات آلاف الدولارات على شراء الأسلحة والذخائر من التجار في المناطق مهما زادت أسعارها، في ظل تسهيلات أمنية حظيت بها على مداخل المخيم مكّنتها من إدخال تلك الكميات».
من جهتة، نفى أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات وجود نية عند الحركة بفتح الجبهة، مدرجاً تحركات أمس في إطار التحصينات العسكرية الاعتيادية. في المقابل، لم تكن تحضيرات بقايا جند الشام وفتح الإسلام وداعش أقل مستوى. ففي مجمع المدارس الواقع بين حيَّي التعمير والطوارئ والبستان اليهودي، احتل الإسلاميون إحدى المدارس واستحدثوا تحصينات ودشماً فيها، فيما لم يستطع النازحون من حيَّي الطوارئ والتعمير العودة إلى منازلهم، حتى التي لم تتضرّر، بحسب الاستنفار اليومي للإسلاميين.
على صعيد متصل، لم تدخل التوصيات التي اقترنت باتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. لجنة التحقيق التي شكّلت للتقصي عن حقائق اغتيال العميد أبو اشرف العرموشي، لم تصل بعد إلى معطيات ملموسة. وقال «الشباب المسلم» إنهم عرضوا أمام أعضاء اللجنة المقاطع المصورة التي التقطتها كاميرات المراقبة في حيّي الطوارئ والتعمير، وتثبت بأن عدداً من المشتبه فيهم بالاغتيال يظهرون في المقاطع. لكن المشتبه فيه الرئيسي بلال بدر لا يظهر في المقاطع التي التقطت بالتزامن مع وقوع الاغتيال في مكان آخر. وفي معطى لافت، تبيّن للجنة بأن «أشرطة الكاميرات المصوّبة نحو مرأب السيارات، حيث وقع الاغتيال قبالة مجمع المدارس، قد سحبت قبل نحو خمسة أيام من بدء الاشتباك في 29 تموز الفائت!».
"البناء": القوات وحلف معوّض ارتباك أمام المطالبة بجلسات انتخاب متتالية قد تخرج فرنجيّة رئيساً
البارز هو الارتباك في صفوف حلف انتخاب المرشح ميشال معوّض الذي اتخذ موقفاً سلبياً من دعوة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، فهذا الحلف الذي أصدر بياناً سلبياً من رسالة لودريان مرتبك في المضي قدماً بسلبيته مع مخاوفه من تقدم الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله وفرضية انتقال التيار إلى التصويت للمرشح سليمان فرنجية، بحيث تصبح الدعوة التي تطلقها هذه القوى لعقد جلسات انتخاب متتالية حتى انتخاب رئيس مجرد طريق سالك أمام فرنجية للوصول إلى الرئاسة.
وختم الأسبوع السياسي آخر أيامه على تصعيد بين الأطراف السياسية والكتل النيابية حول الجلسات التشريعية، وعلى أزمة كهربائية مفتوحة على كافة الاحتمالات من ضمنها العتمة الشاملة، فيما لا جديد على المستوى الرئاسي في انتظار عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان مطلع الشهر المقبل لإعادة تحريك المبادرة الفرنسية، وعلمت «البناء» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعد زيارة لودريان سيدرس النتائج وقد يدعو الى جلسات متتالية لانتخاب الرئيس.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن الظروف الإقليمية والدولية والمحلية غير ناضجة بعد لانتخاب رئيس للجمهورية بانتظار جملة معطيات إيجابية خارجية تتقاطع مع خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية من خلال تراجع بعض الأطراف السياسية الداخلية أو تسوية داخلية تؤدي الى انتقال كتلة نيابية وازنة من ضفة الى أخرى، مثل أن ينجح الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر ويصوّت تكتل لبنان القوي الى الوزير السابق سليمان فرنجية، وتتأمن الأكثرية النيابية فيما يؤمن تكتل الاعتدال الوطني وكتلة اللقاء الديمقراطي وبعض المستقلين النصاب». ولفتت المصادر الى أن «الحوار بين التيار والحزب هو المسار الوحيد حالياً الذي قد يخترق جدار الرئاسة الحديدي، بالتوازي مع انفراج إقليميّ قد يكون من النافذة السعودية – الايرانية». وعوّلت المصادر على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الى السعودية حيث التقى أمس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، متوقعة «استمرار مسار الانفراجات على الساحة الإقليمية بعد الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى السعودية». وشددت المصادر على أن زيارة عبداللهيان الى السعودية أكبر دليل على ثبات الاتفاق الايراني السعودي الذي وقع في الصين في شباط الماضي، وذلك بعدما راهن كثيرون على نهايته. وتوقعت المصادر أن ينعكس هذا المناخ الإقليمي إيجاباً على لبنان، لكن لن تظهر نتائجه سريعاً لوجود جدول أولويات بين طهران والرياض. لكن المصادر «دعت الأطراف السياسية الى عدم ربط الرئاسة في لبنان والأزمة اللبنانيّة بمسار تنفيذ اتفاق بكين والتجاوب مع الدعوة الفرنسية للحوار والبحث عن تسوية تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية»، وترجّح المصادر أن يتجمّد الملف الرئاسي حتى مطلع العام المقبل.
وعلمت «البناء» من مصادر مواكبة للعلاقة بين الحزب والتيار أن «الحوار يحصل على نار باردة ويحتاج إلى وقت لكي تظهر نتائجه لأنه يناقش بالتفصيل وبالعمق قضايا أساسية تتعلق بالمرحلة المقبلة والعهد المقبل وإدارة الدولة، مشيرة الى أن الحوار لا يزال في بداياته وقد يؤدي الى نتيجة وقد يتم الاتفاق على بنود وخلاف على بنود أخرى. إلا أن اللامركزية المالية الموسّعة هي العقدة الأساسية الذي تعيق الحوار، لكن يجري البحث في صيغة وسطية ترضي الطرفين ويطرح على القوى السياسية الأخرى». كما علمت «البناء» أن حزب الله وحركة أمل يرفضان اللامركزية المالية الموسّعة بالصيغة التي قدمها رئيس التيار النائب جبران باسيل في الورقة التي سلمها الى قيادة الحزب. كما تتكتم مصادر الطرفين وفق معلومات «البناء» على مجريات الحوار.
لكن أوساطاً نيابية داعمة لترشيح فرنجية استغربت بيان مكتب الوزير باسيل الأخير الذي نفى أن يكون الحوار مع الحزب يتقدّم باتجاه انتخاب فرنجية، وأنه مستمر بالتزامه مع فريق التقاطع بدعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، مشيرة لـ»البناء» الى أن بيان باسيل إما مناورة لتعزيز موقعه التفاوضيّ مع الحزب وإما تعتيم مقصود على نتائج الحوار لحماية الحوار، وإما انعكاس لتعثر الحوار بسبب رفض الحزب وأمل لأحد بنود الورقة لا سيما اللامركزية المالية الموسّعة، أو اتصالات خارجية تلقاها باسيل فرملت اندفاعته باتجاه الحوار الرئاسي مع الحزب.
وأسف رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك لأن «السياسيين والمسؤولين لم يحركهم ما آلت إليه أمور اللبنانيين. ولا يُخفى على أحد أن لبنان نظامه محكوم لديموقراطية توافقية فرضتها تركيبته وتنوعه الطائفي، وهذا يفرض على الجميع التوافق على انتخاب رئيس تناط به قيمومة على الدولة ومؤسساتها، ولا يجوز لأحد أن يتنصل من المسؤولية، وليس بمقدور الخارج أن يفرض أو يقدّم حلا ما لم يتوافق اللبنانيون، فالمسؤولية أولاً وآخراً على عاتق اللبنانيين، وقدرهم التوافق».
على صعيد آخر، وبعدما تعهّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للشركة المشغلة لمعملي الزهراني ودير عمار بالدفع لها من حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، حصل توتر كهربائي بين وزارتي الطاقة والمالية على خلفية أموال الباخرة المحملة بالفيول لتشغيل المعامل.
ولفتت وزارة الطاقة والمياه إلى أن «أموال الباخرة مرصودة من ضمن مبلغ الـ300 مليون دولار بقرار من الحكومة الصادر في الجريدة الرسمية في كانون الثاني المنصرم، ولم يُحجز منها إلا 193 مليون دولار إلى الآن، ويبقى 107 ملايين دولار». وأشارت إلى أنّ «خطاب الاعتماد الأخير الخاص بباخرة الفيول بقيمة 58 مليون دولار، لا 80 مليوناً، وهو مصادق عليه من وزير المال ويطلب فيه من المصرف المركزي تنفيذه».
بدورها، ردت وزارة المالية على وزارة الطاقة موضحة أنّ «وزارة المالية قامت بما هو متوجب عليها، وقد أحالت طلب فتح اعتماد مستندي بمبلغ قدره ٥٨،٨٧٧،٩٤٦ مليون دولار اميركي لصالح شركة coral energy dmcc منذ مطلع الأسبوع ولم يحصل أي تأخير في ذلك. وبالتالي يبقى على الوزارة المعنية بالإضاءة الكشف للرأي العام لماذا حصل التأخير إلى الآن وألاّ تتعمد التعتيم على الاعتبارات التي تسببت بذلك بينها وبين مصرف لبنان. وخلاف ذلك، يُعتبر تضليلاً”. ولفتت إلى أن “أموال الباخرة مرصودة من ضمن مبلغ الـ300 مليون دولار بقرار من الحكومة الصادر في الجريدة الرسمية في كانون الثاني المنصرم، ولم يُحجز منها إلا 193 مليون دولار إلى الآن، ويبقى 107 مليون دولار”. وأشارت إلى أنّ “خطاب الاعتماد الأخير الخاص بباخرة الفيول بقيمة 58 مليون دولار، لا 80 مليوناً، وهو مصادق عليه من وزير المال ويطلب فيه من المصرف المركزي تنفيذه”.
الى ذلك، يتوجّه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى السعودية في أيلول المقبل، حيث سيكون له برنامج لقاءات.
على مقلب آخر، عادت إلى الواجهة حادثة الكحالة من بوابة التحقيقات القضائية والعسكرية الجارية، وأفيد أن طلب مخابرات الجيش اللبناني الاستماع الى إفادات عددٍ من المعنيّين بإشكال الكحالة جاء بهدف التوسّع بالتحقيق، ولم يأتِ على خلفيّة سياسيّة أو طائفيّة، كما فسّره البعض، خصوصاً أنّ الطلبات شملت المعنيّين من مختلف المناطق والجهات، كشهودٍ عيان. وعلم أنّ مخابرات الجيش تواصل التحقيقات معتمدة على أشرطة الفيديو وما سجّلته كاميرات المراقبة، بالإضافة الى التحقيق مع شهودٍ كانوا في المكان، سواء شاركوا في الإشكال أو لم يشاركوا. وأفيد أيضاً أن “استخبارات الجيش استمعت إلى عدد من الاشخاص الذين كانوا يواكبون الشاحنة التابعة لحزب الله التي انقلبت على كوع الكحالة”.
لكن بلدية الكحالة وتحت ضغوط سياسية مورست عليها، أعلنت في بيان “لا يجوز أن يبدأ التحقيق بمساءلة الناس العزل المتواجدين آنذاك من أبناء الكحالة، عوض التركيز على المجموعة المسلحة التي فتحت نيران أسلحتها الرشاشة عليهم لترهيبهم، وهذا ما حاول صدّه الشهيد فادي بجاني الذي سقط برصاص المسلحين المدنيين، حيث الأدلة واضحة بالصوت والصورة”.
وواصل حزبا القوات والكتائب حملة التحريض والعزف على وتر الفتنة في حادثة الكحالة، وانبرى النائب سامي الجميّل لرفض التحقيقات الأمنية القضائية والتحريض عليها رغم كل الشعارات التي يرفعها وتنادي بدعم مؤسسات الدولية والجيش اللبناني، وقال الجميل: “استدعاء أهالي الكحالة المعتدى عليهم في عقر دارهم مرفوض”. وتابع “حذار الاستمرار بضرب المساواة بين اللبنانيين، وحذار أن ينجر القضاء ليكون شاهد زور”.
وبعد اتهام رئيس القوات سمير جعجع حزب الله بمقتل الحصروني في عين ابل، كان لافتاً إعلان القوات في بيان أن كل ما يساق عن الحادثة هو “تضليل للرأي العام واستباق لنتائج التحقيقات الرسمية”!
وكانت مصادر وضعت مقتل الحصروني في إطار خلافات حزبية داخلية.
وفي خطوة خطيرة ومشبوهة تتماهى مع خطة تهجير اللاجئين من مخيم عين الحلوة إثر الاشتباكات المسلحة الأخيرة وتصبّ في خدمة مشروع شطب حق العودة ودمج اللاجئين في المجتمع اللبناني بمنحهم إقامات وحق العمل والملكية، على غرار دمج النازحين السوريين، قررت الأونروا تعليق جميع خدماتها داخل مخيم عين الحلوة بذريعة “استمرار تواجد مسلحين في منشآتها في المخيم بما في ذلك المدارس”. وأكدت الوكالة أنها لا تتسامح إطلاقاً مع اي انتهاك لحرمة وحياد منشآتها ومن غير المحتمل أن تكون المدارس في المخيم جاهزة لاستقبال 3200 طفل بداية العام الدراسي المقبل بالنظر الى الانتهاكات المتكررة، بما فيها تلك التي حصلت في الماضي، والأضرار الكبيرة التي أُفيد عنها. وجددت الأونروا دعوتها للجهات المسلحة للإخلاء الفوري لمنشآتها لضمان تقديم المساعدة الملحة للاجئي فلسطين دون أي عوائق.
"الجمهورية": إحباط «صفقة فيول»
السؤال الذي لا جواب له حتى الآن: ما هي هذه القدرة الخارقة الخفية التي ما زالت تمكّن لبنان من الصمود في وجه العاصفة التي تضرب كل مفاصله منذ سنوات، وتمنعه من السقوط الكارثي؟
لنتعمّق بالمشهد؛ السياسة في سباق محموم نحو الأسفل، مشهد تدرّج من كونه منفّراً الى مقزز بامتياز، تتجاذبه مكوّنات منتحلة صفة القداسة الوطنية والمسؤولية، قدّمت النموذج الأسوأ على وجه الكرة الارضية، في الدجل والنفاق والتكاذب والتشاطر والتذاكي وخداع اللبنانيين والاستثمار على وجعهم، والمقاربة المصلحية الضيّقة للأساسيات والبديهيات وحتى الثانويات التي تعني هذا البلد، وأخضعته لمجموعة لاءات تتحكّم بكلّ مفاصله؛ لا رئيس للجمهورية.. لا تشريع ومجلس النواب معطّل بمزاجيات المزايدين.. ولا حكومة، فالحكومة القائمة وبشهادة أهلها تبدو وكأنّها استنفدت قدرتها على تصريف الاعمال.. لا حوار، لا توافق، لا اقتصاد، لا اموال، لا ودائع، لا مصارف، لا موارد، لا مؤسسات، لا إدارات، لا مرافق.. وحبل اللاءات طويل لا ينتهي.
مقولة مصلحة لبنان هي العليا، نُسفت تماماً، واستُبدلت بمقولة جديدة باتت تعنون هذا الزمن الرديء، يُحكَم فيها الواقع اللبناني على قاعدة انّ كل شيء يعلو على مصلحة هذا البلد. وصاغت تيارات واحزاب، تعتبر نفسها فوق البلد والآمر الناهي لشعبه والحاكم لمصيره، وملحقات لها من مخلّفات كسور الصدفة النيابية، أو بمعنى أدق من مكبّرات الصوت التفضيلي، همّها الاول والاخير منذ بداية ولاية مجلس النواب، البحث عن موقع ونفخ خادع للذات والقول «نحن هنا».
انحدار إلى الأسوأ
ضمن هذا المشهد، وعلى ما تقول مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية»، فإنّ «السائد هو نزعة العداء والانتقام وتصفية الحسابات ومحاربة طواحين الهواء. والانهيار الذي نعيشه منذ سنوات ينحى إلى مستويات اكثر عمقاً، وخصوصاً أنّ السياسة هائجة على بعضها البعض، وفرامل البلد فالتة، ولا كوابح جديّة مانعة للانحدار إلى ما هو أسوأ وأخطر».
ما هو غير مفهوم، في رأي المصادر السياسية عينها، هو انّه «في ظل الانسداد في الأفق السياسي والرئاسي، ثمّة إقفال متعمّد للآفاق الاخرى التي يمكن ان تمدّ البلد بشيء من الاوكسيجين، وبالحدّ الأدنى من عوامل تسيير الواقع اللبناني المأزوم في ظلّ الأزمة ومصاعبها. فحكومة تصريف الاعمال اضافة إلى شلّلها وعجزها وضيق أفق عملها، تشلّها الاعتبارات والمزايدات السياسية والحزبية اكثر. وأمّا مجلس النوّاب، فهو المجلس الأول منذ ما بعد الطائف، الذي يشهد هذا القدر من الإحباط لدوره التشريعي، وتطويقه المتعمّد من داخله، وإلقاء مفتاحه التشريعي في عهدة العصبيّات والابتزاز السياسي المانع مقاربة بنود أساسية وجوهرية، البلد في امسّ الحاجة اليها».
واستغربت المصادر ما وصفتها «النشوة المفتعلة» لدى معطّلي جلسة التشريع، التي كان مقرراً ان يعقدها المجلس النيابي امس الأول الخميس، لإفقادهم نصاب انعقادها، وشبّهتها «بالرقص فوق الأطلال»، من قِبل مجموعات سياسية حوّلت الممارسة النيابية من خدمة للبنان واللبنانيين الى ضرب لمصالح لبنان واللبنانيين وتعطيلها».
وقالت: «لسنا نفهم هذا التناقض بين شعارات المعطّلين وأفعالهم، يقولون انّهم مع مصالح الناس، وصمّوا آذان البلد في التباكي على الناس ومعاناتهم، ثمّ هم انفسهم يبلعون شعاراتهم ويضربون مصالح الناس ويمنعون مجلس النواب من ان يمارس دوره في هذا المجال! فهل انّ المشاريع والملفات التي تُطرح للتشريع في مجلس النواب تعني فئة معيّنة من اللبنانيين، ام انّها تعني كل اللبنانيين، وضررها إن لم تُقرّ سيطالهم جميعهم؟ ما نراه لا يعدو اكثر من تعطيل فقط للتعطيل، حوّل المجلس الى ساحة للمزايدة الشعبوية، سواء في السياسة او في جوانب اخرى. فالصندوق السيادي المرتبط بملف النفط والغاز البحري، أعطته بعض الأطراف - في اشارة الى «التيار الوطني الحر»- صفة الإلحاح والاستعجال، واستماتت لإنجازه وتجهيزه لإقراره سريعاً في الهيئة العامة لمجلس النواب، لكن المفارقة الغريبة العجيبة انّ هذه الاطراف نفسها، نزعت عنه غطاء الضرورة والالحاح والاستعجال، واتخذت من هذا النزع غطاءً لمقاطعتها جلسة التشريع؟».
خطيئة كبرى
وعكست مصادر في «كتلة التنمية والتحرير»، «استياء رئيس المجلس النيابي نبيه بري من التعاطي اللامسؤول الذي تبدّى في تعطيل انعقاد الجلسة التشريعية، برغم انّ جدول اعمالها يتضمن بنوداً بالغة الضرورة والأهمية».
واكّدت المصادر «انّ المنحى التعطيلي المعتمد عمداً، يشكّل بلا أدنى شك خطيئة كبرى تُرتكب بحقّ لبنان، فلا يريدون حكومة تعمل، ولا مجلساً نيابياً يقوم بدوره التشريعي، يريدون تعطيل كل شيء. كان يمكن للجلسة المعطّلة ان تنجز بنوداً استثنائية بأهميتها، فقد «طوشونا» بالكابيتال كونترول، وعطّلوا جلسة إقراره، وحرموا لبنان من أن يواكب الايجابيات التي تبدّت مع بدء شركة «توتال» الفرنسية في التنقيب عن النفط والغاز في «البلوك رقم 9» عبر إقرار الصندوق السياسي، ليقدّم بذلك اشارة بالغة الدلالة والأهمية على جهوزيته في هذا المجال. واكثر من ذلك، لم يعنهم ابداً إفقاد لبنان موقعه كحاضن لمقرّ الصليب الاحمر الدولي فيه، حيث بات محسوماً بعد تطييرهم جلسة الخميس وعدم إقرار البند المتعلق بهذه المؤسسة الدولية، انّ اللجنة الدولية للصليب الاحمر سيتمّ في القريب العاجل نقل مقرها من لبنان الى دولة اخرى».
عواقب وخيمة
على انّ ما يبعث على القلق في موازاة هذا المنحى التعطيلي سواء على المستوى السياسي وانسداد الأفق الرئاسي، او على مستوى الشلل الحكومي وانعدام الحلول الاقتصادية والمالية، ما حذّر مرجع مسؤول من «عواقب وخيمة» لهذا المنحى تلوح أمام لبنان في المدى المنظور. وكشف لـ«الجمهورية» عن انّ «أجواء المؤسسات المالية الدولية تجاه وضع لبنان غير مطمئنة، والأخبار التي ترد اليها تثير الخوف. فالتصنيفات للبنان في أدنى مستوياتها، وضمن هذا السياق امامنا ثلاثة اشهر كحدّ اقصى، يُخشى خلالها ان نشهد ما هو أسوأ للبنان، إن لم نحسن ادارة أزمتنا الداخلية بوجوهها السياسية والرئاسية والاقتصادية في اتجاه الحلحلة».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان هذا المنحى التعطيلي له بعد خارجي يديره، قال المرجع: «اي خارج تتحدثون عنه، عامل التخريب للوضع اللبناني داخلي بالدرجة الاولى، يستجدي اي عامل خارجي للتدخّل والتخريب».
حوار لودريان
رئاسياً، على مسافة ايام من بداية شهر ايلول، الذي يُشكّل امتحاناً أخيراً لمهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، تدرّجت الأجواء السياسية من التشكيك في إمكان توصل الحوار الذي وعد لودريان بإطلاقه للتوافق على رئيس للجمهورية، الى التشكيك في إمكان انعقاده، بعد الاعتراضات على هذا الحوار، التي أبدتها الاطراف التي تصنّف نفسها سيادية وتغييرية، وتزامنت مع «رسالة السؤالين» التي وجّهها لودريان الى 38 شخصية نيابية.
واستفسرت «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية فرنسية حول ردّ الفعل على هذه الاعتراضات، ومدى تأثيرها على مسعى لودريان، فعكست عدم الارتياح حيالها، وقالت: «بالتأكيد انّ هذه الاعتراضات لا تشجع على توقّع ايجابيات، ولكن لا موقف رسمياً حيالها، وخصوصاً انّ السيد لودريان لم يتلق بعد الاجوبة عن الأسئلة التي تضمنتها رسالته، وفي ضوء هذه الاجوبة ستتحدّد بالتأكيد الخطوة التالية».
واستدركت المصادر وقالت: «انّ الاطراف السياسية في لبنان امام فرصة للتوافق بصورة عاجلة على انتخاب رئيس للجمهورية، وثمة صعوبة كبيرة في ان تتكرّر هذه الفرصة، كي لا نقول انّها لن تتكرّر. وعلى القادة السياسيين في لبنان ان يتحمّلوا مسؤولياتهم، وهو ما أكّد عليه السيد لودريان في زيارته الاخيرة الى بيروت. فالحوار الذي يؤسّس له بالتنسيق الكامل مع سائر اعضاء اللجنة الخماسية، يشكّل قاعدة ارتكاز لحل رئاسي ينقل لبنان الى خارج مدار الأزمة التي يعانيها، وبديل هذا الحوار وتوافق اللبنانيين على رئيس ضمن الاولويات والمواصفات التي طلبها لودريان، بقاء لبنان متخبطاً في هذا الوضع الشاذ، ومهدّداً بتعقيدات ومصاعب كبرى على كلّ المستويات».
لودريان وحده؟!
على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، المقاربة السلبية التي تبديها مصادر واسعة الاطلاع حيال مسعى لودريان، حيث عكست عبر «الجمهورية» أجواءً تفيد بأنّ الموفد الفرنسي، يبدو انّه يصفق وحيداً، ما يضفي جواً من التشاؤم حول مسعاه، حيث انّ هذا المسعى لم يقترن بأيّ جهد داعم له من دول الخماسية، فيما يبدو انّ هذه الدول تاركة لودريان وحده يتخبّط بين الألغام اللبنانية. ويستدل إلى ذلك بأنّ لكل واحدة من دول الخماسية حلفاء لها من بين الاطراف اللبنانية المعنية برئاسة الجمهورية، وخصوصاً الاطراف التي عبّرت عن رفضها المشاركة في الحوار الذي يحضّر لودريان لإطلاقه في ايلول. فهل كانت هذه الأطراف لتجرؤ على التفاعل السلبي مع مهمّة الموفد الفرنسي والاعتراض على هذا الحوار، لو انّها تلقّت تشجيعاً مباشراً من الحليف الخارجي على التفاعل الايجابي مع هذه المهمة؟».
وفي رأي المصادر، انّه حتى الآن يمكن القول انّ حوار لودريان في ايلول لينعقد، يفترض مشاركة كل الاطراف فيه، واما أنّ المشهد السياسي منقسم بين ضفتين؛ ضفة ثنائي حركة «امل» و«حزب الله» وحلفائهما، إضافة الى «التيار الوطني الحر»، مستعدة للمشاركة في الحوار، وضفة ثانية ممتدة من «القوات اللبنانية» إلى سائر حلفائها من قوى وتوجّهات نيابية تصنّف نفسها سيادية وتغييرية رافضة لهذا الحوار، فإنّ النتيجة المحسومة هي انّ هذا الحوار مبتور، وانعقاده في هذه الحالة مستبعد، واكثر من ذلك، فإنّ هذا الواقع المنقسم والمبتور قد يدفع لودريان الى صرف النظر، ليس فقط عن هذا الحوار، بل إلى نعي مهمّته بالكامل، وهو الامر الذي يضع لبنان من جديد على رصيف الانتظار لمديات زمنية طويلة، ريثما تنشأ ظروف محرّكة لملفه الرئاسي في اتجاه الحسم الايجابي، تُلزم كل الاطراف بانتخاب رئيس للجمهورية».
تمنيات بانفراج لاحق
على أنّه بالرغم من الانسداد الداخلي، فإنّ مصادر سياسية أبلغت الى «الجمهورية» قولها انّها «ما زالت تعلّق الأمل بأن تلفح انفراجات المنطقة لبنان، ولو بعد حين».
وتشير المصادر في هذا السياق، الى ما سمّته «الايجابيات التي استؤنف تراكمها على الخط السعودي- الايراني، والتي شهدت بالأمس تطوراً نوعياً تجلّى بزيارة وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان الى السعودية، والتي سُتتوّج لاحقاً بزيارة يقوم بها الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى المملكة. (يُشار الى انّ وزير الخارجية الايرانية التقى امس، ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وأعلنت وكالة الأنباء السعودية انّ الجانبين استعرضا العلاقات بين المملكة وإيران، والفرص المستقبلية للتعاون بين البلدين وسبل تطويرها، بالإضافة إلى مناقشة تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها).
وبحسب المصادر السياسية عينها، فإنّ انفراج العلاقات السعودية- الايرانية ستكون له ترجمته الايجابية على مختلف الساحات التي تعني الطرفين، وهذا يتطلّب بعض الوقت بالتأكيد، ولبنان بالتأكيد لن يكون بعيداً من هذا المناخ، والمهم بالدرجة الاولى الاّ تبرز في طريق هذا الانفراج معطّلات ومعوقات تمنعه وتعيد المنطقة الى مدار التوتر والتصعيد.
صفقة فيول
في هذه الأجواء المشلولة، احتدم الاشتباك السياسي بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
وفيما بدا وكأنّ صفقة فيول تلوح في الأفق، وخصوصاً انّ تساؤلات كثيرة بدأت تحوم حولها، استغرب مصدر حكومي «استيراد وزير الطاقة والنفط باخرة محمّلة بالفيول قيمتها 30 مليون دولار، فيما الخزانات مليئة بالفيول؟». وقال لـ»الجمهورية»: «الخزانات مليئة وما هو موجود فيها يكفي، حيث ننتظر وصول الفيول العراقي الى لبنان، حيث يُرتقب ان يصل مليونان ونصف خام، ومليونان ونصف صافي مطلع تشرين الاول المقبل».
اضاف المصدر: «المال غير متوافر لدفع الـ 30 مليون دولار. ولن نفتح اي اعتماد ولن ندفع اي دولار لصفقة الفيول، إذ انّ مجلس الوزراء أجاز لوزير الطاقة استدراج عروض وليس شراء الفيول، ووضع الدولة أمام الامر الواقع».
وكشف المصدر الحكومي، انّ الوزير فياض طلب عدم فحص ومراقبة الفيول من الآن وصاعداً، مما يثير شكوكاً حول مدى مطابقة المواصفات الفنية للشحنة النفطية.
منصوري لا هدر للاحتياط
من جهة ثانية، كشف مصدر موثوق في مصرف لبنان لـ«الجمهورية»، انّ الحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري سيبقى ملتزماً بعدم هدر دولار واحد من الاحتياط الإلزامي، اي من اموال المودعين. ويصرّ على الاصلاحات والاجراءات التي اقترحها لتصدر كقوانين من المجلس النيابي، حتى توضع اللبنة الاولى للتأسيس عليها».
وقال المصدر: «اما في ما يتعلق بتحويل الاموال المتوافرة لدى شركة الكهرباء بالليرة اللبنانية إلى دولار، فهناك اولويات حدّدتها الحكومة وفي مقدّمها ضبط سعر الدولار ورواتب الموظفين في القطاع العام، وحاجات المؤسسات العسكرية والأمنية والصحية، ومن بعدها الكهرباء».
واضاف المصدر انّ «حاكم المصرف المركزي بالإنابة يثمّن ما تقوم به شركة الكهرباء من جباية، لكن تحويل هذه الجباية كاملة من ليرة الى دولار غير ممكن لانّه يؤثر سلباً على سعر الصرف».
واكّد المصدر لـ«الجمهورية»، «ان مصرف لبنان مستعد لتحويل تدريجي للمبالغ المجباة بالليرة الى دولار، لزوم مستحقات الشركات المشغّلة، ولكن بما ينسجم مع ضبط سعر الصرف من دون التأثير على الليرة».
بيان الطاقة
وكانت وزارة الطاقة والمياه اكّدت في بيان امس، «أن لا استدامة في تنفيذ خطة الكهرباء وزيادة التغذية دون استيراد الفيول، اضافة الى الفيول العراقي، واموال الباخرة مرصودة من ضمن مبلغ الـ 300 مليون دولار بقرار من الحكومة والصادر في الجريدة الرسمية في كانون الثاني المنصرم لم يُحجَز منها الاّ 193 مليون دولار الى الآن ويبقى 107 م. د، وخطاب الاعتماد الاخير بباخرة الفيول بقيمة 58 مليون دولار (وليس 80 مليوناً...!) ومصادق عليه من وزير المال ويطلب فيه من المصرف المركزي تنفيذه.
وتدعو الوزارة من لديه اي استفسار او سؤال ان يتوجّه إلى الجهة المعنية اي الى الحكومة ووزارة المال والمصرف المركزي، وانّ كل كلام آخر هو تضليل للرأي العام ومجافٍ للحقيقة، لا بل هو انحياز للمصارف وللمولّدات الخاصة».
وأرفقت البيان بصورة عن كتاب الاعتماد بمصادقة وزارة المال.
"اللواء": الفشل الداخلي يُعزِّز الرهان على تفاهمات الرياض - طهران
داخل «معمعة» الملفات المفتوحة على صراعات أطراف السلطة والتيارات والكتل الحزبية والنيابية، على كل صغيرة وكبيرة، وآخرها انفجار السجال بالبيانات حول مَن يهدّد ازدياد او استمرار التغذية بالتيار الكهربائي: وزارة المال التي تحتجز الاموال المستحقة، ام مؤسسة كهرباء لبنان، ووزارة الطاقة العاجزة عن ترتيبات اوراقها وملفاتها، داخل «المعمعة» هذه تجدّد الرهان الى درجة الانتظار، لما يمكن ان يؤول اليه التقدّم في التفاهمات بين المملكة العربية السعودية وايران، حيث كان لوزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان لقاء مطول (90 دقيقة) مع ولي عهد المملكة العربية الامير محمد بن سلمان، في اطار التحضير للزيارة التي يزمع ان يقوم بها الى المملكة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي.
ووفقا لمصادر معنية، فإن لبنان في نهاية المطاف لن يكون بعيدا عن شموله بالتفاهمات الجارية، من دون اهمال ان المملكة العربية السعودية هي ضمن اطار «المجموعة الخماسية» التي اصدرت بيان الدوحة الشهير، واعلنت للوسيط الرئاسي الفرنسي، جان إيف- لودريان تسويقه مع الكتل والنواب اللبنانيين، لانتخاب رئيس بعد حوار حول البرنامج والاسماء.
وعلمت «اللواء» ان اللقاء لم يكن مدرجاً على جدول الزيارة، وهو تقرر لاحقا، الامر الذي أدى بعبد اللهيان الى تمديد زيارته للمملكة يوما اضافياً.
ويأتي الرهان اللبناني، في وقت تعترف فيه اوساط التيار الوطني الحر ان الحوار مع حزب الله حول صفقة المشاريع كالصندوق الائتماني واللامركزية الادارية والمالية الموسع، مقابل انتخاب النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة الاولى ليست في المتناول، وبالتالي فإن مواعيد ايلول ليست في محلها الصحيح.
ولم يستبعد قيادي في حزب الله، ان يكون الملف الرئاسي اللبناني على جدول اعمال زيارة الرئيس الايراني رئيسي الى المملكة.
يشار الى ان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يعتزم زيارة السعودية الشهر المقبل، ووضعت ترتيبات الزيارة بعد اللقاء مع السفير السعودي في لبنان وليد بخاري.
وسط ذلك برزت في الأفق اتجاهات لتعليق اجتماعات مجلس الوزراء، وقالت مصادر وزارية لـ «اللواء» أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قال ما أراده في مجلس الوزراء بهدف تحمُّل الجميع المسؤولية وعدم مواصلة اتهام الحكومة في كل ملف، وأشارت إلى أنه لم يكشف عن خطوته المقبلة لكنه رفع الصوت ولن يقبل ببقاء الأمور على ما هي عليه.
ولفتت المصادر نفسها إلى ان ما من قرار في تعليق جلسات مجلس الوزراء، لكن لا مانع في استراحة حكومية لبلورة الأمور وإيجاد مناخ أكثر هدوءا.
تفقد منصة الحفر
وفي وقت يمضي الحفر في التنقيب عن الغاز والنفط في البلوك رقم 9، افادت بعض المعلومات ان الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي سيتفقدا يوم الثلاثاء المقبل المنصة وينتقلا اليها بطوافة تابعة لشركة توتال لكن لم يتأكد ذلك رسمياً. كما يرتقب ان يزور الموفد الاميركي الذي اشرف على تحديد الحدود البحرية آموس هوكشتاين في ٢٩ آب للإشراف على عملية بدء الحفر والتنقيب.
المعارضة: لا داعي للحوار وفقاً لخطة لودريان
وسجل امس، مع اقترب موعد وصول الموفد العربي– الدولي جان- ايف لودريان الى بيروت وسط حالة سياسية غير مسبوقة من الرفض لدى قوى المعارضة لفكرة التوافق او التلاقي الى طاولة عمل للوصول الى حل لأزمة الشغور الرئاسي، وصولا الى التشكيك بنجاح المسعى الفرنسي والخارجي القائم، حيث اعلن النائب وضاح الصادق عبر منصة «اكس»، حول الرسالة التي ارسلها لودريان عبر السفارة الفرنسية الى الكتل النيابية: «لن أرد على الرسالة الفرنسية، بإختصار أرفض تجاوز سيادة لبنان ومجلسه النيابي. نحن من جلبنا الإهانة لأنفسنا عندما خضعنا لسياسة الأمر الواقع التي أغلقت المجلس وضربت بالدستور عرض الحائط».
اما نائب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني فقال: أبلغنا المبعوث الفرنسي الخاص لودريان كمعارضة في بيان موحد، أننا لا نرى أي داع للحوار كما كان مطروحاً في ظل التصرفات التي يقوم بها الفريق الآخر وتحديداً حزب الله».
وأضاف حاصباني: السؤال الاهم الى ماذا تهدف بالفعل هذه المبادرة؟ وهل ستكون لها حظوظ في الوصول الى مرشح أو رئيس للجمهورية في الفترة الزمنية المعطاة لها، أي أواخر أيلول قبل الانتقال الى مرحلة جديدة؟.
واكدت مصادر متابعة للحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، انه حتى الان لم يتم التوصل الى امور نهائية ولم يحصل اي تواصل او لقاء جديد مؤخرا. مشيرة الى ان كلام الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله في خطاب ذكرى انتصار حرب تموز– آب حول هذا الحوار كان واضحاً، وكذلك بيان رئيس التيار جبران باسيل الذي اكد فيه «استمرار التمسك بالتقاطع مع قوى المعارضة على اسم المرشح جهاد ازعور وان الحوار لم يصل بعد الى مرحلة الاسماء».
معالجات مالية
في مجال آخر، استمرت الحكومة في محاولة معالجة الامور المالية حيث اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، مع المديرة المنتدبة لشؤون العمليات لدى البنك الدولي آنا بيردي، بعد ظهر اليوم في السرايا. وشارك في الاجتماع المدير الاقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه ومستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس.وقد تم خلال الاجتماع عرض المشاريع التي يموّلها البنك في لبنان وسبل تذليل العقبات التي تعترضها.
أولويات الحاكم
وفي السياق، المالي، كشفت مصادر مطلعة ان اولويات حاكم المركزي الجديدة تنصب على:
1 - تأمين رواتب القطاع العام للموظفين المدنيين والعسكريين في الخدمة، فضلا عن معاشات التقاعد.
2 - تلبية احتياجات الاجهزة الامنية.
3 - الامراض المستعصية، لا سيما امراض السرطان والزهايمر.
4 - الكهرباء.
وعليه، وفي ضوء المعمعة التي بدأتها وزارة الطاقة مع وزارة المال صدر بيان مؤسسة كهرباء لبنان حول مطالبتها بتسديد 10 ملايين دولار اميركي من سلفة خزينة الدولة، ورمي الكرة في مصرف لبنان لجهة مطالبة بصرف القيمة المشار اليها من المبلغ الاجمالي الذي صُرف من سلفة الخزينة، المقرّة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 3 تاريخ 18/1/2023 المتعلّق بالخطة المذكورة أعلاه، والبالغ لتاريخه ما مجموعه /193,685,328/ د.أ. فقط، وذلك على أن تقوم المؤسسة لاحقاً بتسديد دفعات أخرى منه. كما وكانت المؤسسة قد طلبت تسديد مستحقات مالية مترتبة إلى مشغّلِين لديها في قطاعي الإنتاج والتوزيع من حسابها المشار إليه، ما مجموعه /17,550,000/ د.أ.، وبالتالي يبقى في رصيد حساب المؤسسة هذا لدى مصرف لبنان مبلغ بالليرة اللبنانية يساوي /9,702,551/ د.أ.
كما طالبنا بتحويل ايرادات الفواتير والبالغة لغاية 16/8/2023 ظهراً /2,517,032,452,320/ ل.ل. (Fresh LBP) في حسابها لدى مصرف لبنان، إلى دولارات أميركية (Fresh Dollars) لحساب المؤسسة النقدي بالدولار الأميركي المفتوح لدى مصرف لبنان، وذلك وفقاً للآلية الموضوعة من قِبل مصرف لبنان ووفق قرار مجلس الوزراء رقم 15 تاريخ 26/5/2023، علماً بأن قيمة هذه الإيرادات تساوي بحسب هذه الآلية /37,252,551/ د.أ. لغاية 16/8/2023 ظهراً، قسم منها على سعر صرف /103440/ ل.ل. للدولار الواحد والقسم الآخر على سعر صرف /52320/ ل.ل. للدولار الواحد (أي وفق سعر منصة صيرفة+20٪ بتاريخ طبع الإصدار المعني).
وردت مصادر مسؤولة على بيان المؤسسة ووراءها وزير الطاقة والمياه وليد فياض، فأشارت لـ «اللواء» الى ان الوزير يسعى الى 80 مليون دولار من اصل السلفة المقررة (300 مليون) والتي دفع بعضها لشراء الفيول بقيمة 30 مليون دولار من شركة كورال اذربيجان من دون استدراج عروض، وهي المالكة للشركة من آل يمين، المقربين من رئيس التيار الوطني الحر، مع العلم ان العائلة سارعت الى التبرؤ من اعلان علاقتها بالشركة المذكورة.
هذا اولاً، وثانياً، حسب المصادر عينها، فإن الفيول المستورد لا يخضع لفحص المواصفات التي يفترض ان تتطابق مع موافصات العمل في شركة كهرباء لبنان.
ثالثاً: يشار الى ان الوزير المعني اصدر قرارا بعدم اجراء فحص على الفيول للتثبت من شموله على المواصفات المطلوبة.
رابعاً: إن خزانات الفيول العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان كافية لمدة شهر واكثر الى حين وصول شحنة الفيول العراقي في الاول من تشرين الاول المقبل.
يشار الى ان رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب تحدث عما اسماه فضيحة في ملف الكهرباء وكتب عبر منصة X: استيراد باخرة بقيمة 80 مليون دولار مع العلم ان الخزانات مليئة بالفيول، وان الفيول العراقي متوفر، وتتم عرقلة تكريره عن قصد لتمرير الباخرة، والضغط على الرئيس ميقاتي والحاكم منصوري لتأمين المبلغ، كاشفا عن انه سيتقدم بNخبار بعد غد الاثنين حول هذا الموضوع.
وكانت وزارة الطاقة لفتت الى ان «لا استدامة في تنفيذ خطة الكهرباء وزيادة التغذية من دون استيراد الفيول، إضافة إلى الفيول العراقي».
ولفتت إلى أن «أموال الباخرة مرصودة من ضمن مبلغ الـ300 مليون دولار بقرار من الحكومة الصادر في الجريدة الرسمية في كانون الثاني المنصرم، ولم يُحجز منها إلا 193 مليون دولار إلى الآن، ويبقى 107 ملايين دولار».
وأشارت إلى أنّ «خطاب الاعتماد الأخير الخاص بباخرة الفيول بقيمة 58 مليون دولار، لا 80 مليونا، وهو مصادق عليه من وزير المال ويطلب فيه من المصرف المركزي تنفيذه».
ودعت الوزارة «من لديه أي استفسار أو سؤال أن يتوجه إلى الجهة المعنية أي إلى الحكومة ووزارة المال والمصرف المركزي»، مشيرة إلى أن «كل كلام آخر هو تضليل للرأي العام ومجاف للحقيقة، لا بل هو انحياز للمصارف والمولدات الخاصة».
ولم يتأخر رد وزارة المال، فجاء في بيان الوزارة ينير امام وزارة الطاقة- رغم العتمة،-المسار المعتمد في عملية تأمين الاموال المخصصة لكهرباء لبنان: ان وزارة المالية قامت بما هو متوجب عليها، وقد احالت طلب فتح اعتماد مستندي بمبلغ قدره ٥٨،٨٧٧،٩٤٦ مليون دولار اميركي لصالح شركة coral energy dmcc منذ مطلع الاسبوع ولم يحصل أي تأخير في ذلك. وبالتالي يبقى على الوزارة المعنية بالإضاءة، الكشف للرأي العام لماذا حصل التأخير الى الآن والاّ تتعمد التعتيم على الاعتبارات التي تسببت بذلك بينها وبين مصرف لبنان. وخلاف ذلك، يعتبر تضليلاً».
إقرأ المزيد في: لبنان
13/11/2024