معركة أولي البأس

لبنان

لودريان لا يزال يستطلع المواقف ولم يطرح أي مبادرة للحل
23/06/2023

لودريان لا يزال يستطلع المواقف ولم يطرح أي مبادرة للحل

مروحة اللقاءات والجولات الاستطلاعية التي أجراها الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان مع القيادات اللبنانية كانت محور افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الجمعة 23 حزيران/ يونيو 2023، إلى جانب مأدبة العشاء التي أقامها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري وضمّت السفير الإيراني مجتبى أماني والقائم بالأعمال السوري علي دغمان.

البناء
وفي السياق لفتت صحيفة "البناء" إلى أنه بينما الكيان يعيش حال الارتباك في كيفية التعامل مع الأوضاع المتفجرة في الضفة الغربية والعجز عن احتوائها، يتصاعد الوضع في الجولان ويجلب استنفاراً شعبياً على الحدود مع سورية ولبنان، يحدث انفجار لم تتضح أسبابه في منطقة هرتسليا قرب تل أبيب، قالت وسائل إعلام إسرائيلية أنه في مصنع للمواد الكيميائية، وقالت يديعوت أحرونوت إن الانفجار القوي الذي سمع في المنطقة الوسطى مصدره منشأة لشركة صناعات عسكرية في هرتسليا، حيث تصاعد دخان من منطقة الانفجار وأفاد السكان برائحة بارود قوية وشعورهم بحروق في أعينهم، وفرضت الرقابة العسكرية الحظر على مكان الانفجار ومنعت المراسلين من تناقل الأخبار ومن التصوير في المنطقة، وتحدّثت عن تحقيق فصيلي يجري حول أسباب الانفجار.

في لبنان، واصل المبعوث الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان جولاته ولقاءاته، وكان أبرزها لقاء البطريرك بشارة الراعي وما نقل عن استكشاف استعداده لرعاية الحوار الوطني، حيث قالت مصادر مقربة من البطريرك انه قال بانه لا يريد تكريس المرجعيات الطائفية فيرعى رئيس الطائفة الحوار المتصل برئيس ينتمي إلى الطائفة ذاتها، وانه اذا كان لا بد من حوار فيمكن أن يجري في المجلس النيابي، وهو ما رأت فيه مصادر نيابية تمهيداً لطرح استضافة الحوار في الخارج، دون أن يتضح من هي الجهة التي ستبادر للدعوة إلى الحوار، فرنسا او السعودية او قطر.

في لقاءات لودريان التي شملت كتلة الوفاء للمقاومة والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والمرشح سليمان فرنجية، كان واضحاً من تعليق رئيس القوات سمير جعجع حول أن الأمر لا يستدعي حلاً خارجياً أن جعجع لم يكن مرتاحاً لطرح لودريان، بينما أعرب فرنجية عن ارتياحه للقاء لودريان، وقالت مصادر نيابية مواكبة للقاءات لودريان إنه يحاول أن يستكشف مواقف الأطراف من عناوين مثل الحوار وأسماء المرشحين ومفهوم السلة المتكاملة التي تضم اتفاقاً على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة ومناصب الدولة الأساسية مثل حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش.

وواصل وزير الخارجية الفرنسي السابق جون إيف لودريان جولته على المسؤولين اللبنانيين لليوم الثاني على التوالي، لكن اللقاء الذي جمعه برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، حمل دلالات سياسية، لكون الدعوة إلى مأدبة غداء كانت استثنائية وخاصة لفرنجية دون بقية المرشحين.
ولبّى فرنجية دعوة المبعوث الرئاسي الفرنسي الى مأدبة غداء في قصر الصنوبر بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو والنائب طوني فرنجية.
وبعد اللقاء لفت سليمان فرنجية، عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، الى أن “اللقاء كان إيجابياً وجرى حوار بناء للمرحلة المقبلة».
كما التقى الوزير الفرنسي رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في البياضة، واستقبل الوزير السابق زياد بارود في السفارة الفرنسية. وأشارت أوساط مقربة من التيار الى أن “رئيس التيار شرح وجهة نظره التي تقوم على ضرورة التحاور بين جميع المكونات اللبنانية للتوافق على اسم الرئيس وعلى الخطوط العريضة لبرنامج تنفذه طبعاً الحكومة، والذي على أساسه يتم طلب الدعم الخارجي، وقد شرح باسيل للموفد الفرنسي أن الرئيس لا يمكن له أن ينجح ما لم يحظَ بدعم داخلي واسع إن لم يكن شاملاً، بدليل ما جرى من تفشيل لعهد الرئيس عون نتيجة مواقف قوى فاعلة في الدولة عارضت مجيئه من الأساس وتوعّدت بإفشاله”.
كما التقى لودريان وفداً من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.
وزار الصرح البطريركي في بكركي حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ترافقه السفيرة الفرنسية، وقال بعد اللقاء: “سأتواصل مع كل الفرقاء اللبنانيين للخروج من الأزمة وسأسعى إلى وضع أجندة إصلاحات توفّر الأمل لإخراج لبنان من أزمته ولا أحمل أي طرح، لكنني سأستمع الى الجميع والحل في الدرجة الأولى يأتي من اللبنانيين”. أضاف: “هي زيارة أولى ستلحقها زيارة أخرى الى لبنان للخروج من المأزق والحل يأتي من اللبنانيين وفرنسا ستبقى حاضرة دائماً».

وشددت مصادر مطلعة على أجواء بكركي، بعد اللقاء على رفضها تكريس المرجعيات الطائفية. وقالت "إذا كان لا بد من حوار فليحصل في المجلس النيابي وليتم الاحتكام الى الدستور".

وذكرت مصادر إعلامية أنه من جملة الأسئلة التي طرحها لودريان على بعض من التقاهم أسئلة تتعلّق بالموقف من قائد الجيش واحتمال التحاق باسيل بقافلة داعمي فرنجية مُشدّداً على ضرورة التوافق. ولفتت الى أن "لودريان نبّه الى أنّ صورة لبنان تدهورت عالمياً وكثرٌ لم يعودوا راغبين بدعمه على اعتبار أنه على اللبنانيّين تدبّر أمورهم ولكن فرنسا لا يُمكن أن تترك لبنان”.
ومن المتوقع أن يعقد لودريان اجتماعات اليوم مع سفراء اللقاء الخماسي الدولي في لبنان.

وبرز تصريح للسفير الإيراني مجتبى أماني على وسائل التواصل الاجتماعي وقال: "احترامي وتقديري لسعادة السفير السعودي وليد بخاري على دعوته الكريمة، نستبشر خيراً بما يجري من حراك وتطورات، ونأمل أن تظلّل في وقت قريب أجواء الوفاق والتلاقي العلاقات بين جميع بلدان المنطقة، لما فيه خير ورفاه أمتنا وشعوبنا”.
ولخصت أوساط مواكبة لجولة الوزير الفرنسي لـ”البناء” نتائج الزيارة حتى الساعة بالتالي:
استطلع مواقف وآراء كافة الأطراف السياسية التي التقاها على أن يلتقي بقية القوى السياسية اليوم.
لم يقدم أي مبادرة للحل أو طرح عمليّ ومحدد للأزمة الرئاسية، بل كان أغلب الوقت مستمعاً ويطرح الأسئلة أكثر من طرح الحلول أو الإجابات على الأسئلة التي طرحت عليه.
لم يرفض أي اقتراح أو مرشح معين، وأكد بأن فرنسا لا تطرح مرشحاً معيناً ولا تضع فيتو على أي اسم، لكنها تضع خارطة طريق للوضع اللبنانية عموماً وإن كانت تفضل مرشحاً على آخر يمكنه تطبيق خريطة الطريق ويملك علاقات إقليمية ودولية تسهل ذلك.
جدّد التأكيد على أهمية الإصلاحات السياسية والمالية والاقتصادية والنقدية كمعبر للدعم الدولي بعد التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
حثّ الأطراف على الحوار للتوصل الى قواسم مشتركة تسمح بتأمين انتخاب الرئيس، ودعاهم إلى عدم الاتكال على الخارج وأن يعتمدوا على أنفسهم بانتخاب رئيس يحقق إرادة ومصالح اللبنانيين، وحذرهم من أن لبنان سيذهب الى مزيد من الانهيار وسيتحمل السياسيون مسؤولية تداعيات ذلك، كما نقل المسؤول الفرنسي الى كل من التقاهم أجواء المجتمع الدولي والجهات المانحة واللقاء الخماسي حيال لبنان.
شدّد على أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشكلات اللبنانية التي تبدأ من انتخاب الرئيس.
وأكد لودريان أخيراً أن فرنسا مستمرة بمساعيها الحثيثة حتى التوصل الى حل للأزمة الرئاسية وأنها لن تترك لبنان.

وكان لودريان استهل جولته أمس، من السراي، حيث استقبله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بحضور سفيرة فرنسا آن غريو.
وفي خلال الاجتماع جرى عرض مفصل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الأزمة السياسية، حيث شدّد رئيس الحكومة على “أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد”. وأشار الى “ان الحكومة أنجزت المشاريع الإصلاحية المطلوبة ووقعت الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، وان إقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعاً للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة”. أما الموفد الفرنسي لودريان فأكد “أن الهدف من زيارته الأولى للبنان استطلاع الوضع سعياً للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الأطراف في كيفية إنجاز الحل المنشود”.
كما التقى الوفد الفرنسي في معراب رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع الذي لفت عقب الاجتماع إلى أن “الجلسة مع الموفد الفرنسيّ كانت استطلاعية 100/100 فالضيف الفرنسي طرح العديد من الأسئلة حول الملف الرئاسي وكانت لنا أجوبة في هذا السياق”.
وإذ شدّد على أن لودريان “لا يحمل في جعبته اقتراحاً للاستحقاق الرئاسي، أكد جعجع أن “الحوار تطرّق الى الاقتراحات المتاحة في هذا الاتجاه كما وجّه الموفد الفرنسي بعض الأسئلة حول جلسة 14 حزيران بالإضافة إلى أين نحن ذاهبون في ظل الفراغ الرئاسيّ”. بعد أن رحّب رئيس القوات بزيارة لودريان الى لبنان، رأى أن “قصة الرئاسة تتعلق بـ128 نائباً، ففي المرة الماضية “لو شدوا حالن شوي كان صار عنا رئيس وكنا خلصنا”، باعتبار أن أحد المرشحين كان سينال 65 صوتاً، وبالتالي كان على الكتل النيابية أن تصوت مع هذا المرشح أو ذاك، من دون تعطيل النصاب كما فعلوا، ولولا الخطوة التعطيليّة لما كنا بحاجة لأميركا وفرنسا والسعودية وإيران».
ولفتت أوساط قواتية لـ”البناء” الى أن لودريان لم يحمل أي جديد واقتصرت جولته على الاستطلاع ومناقشة الاقتراحات، ما يؤشر الى وجود تعقيدات داخلية تتعلق برفض أطراف سياسية أساسية في البلد مسيحية وغير مسيحية لمرشح الثنائي سليمان فرنجية، اضافة الى عقبات خارجية بغياب مقاربة دولية موحدة حيال الملف اللبناني، اضافة الى لامبالاة خارجية للوضع اللبناني بسبب أداء الطبقة السياسية وطريقة إدارة البلد والسياسات المالية المتبعة والفساد.
وشدّدت أوساط سياسية لـ”البناء” الى أن “الظروف الإقليمية والدولية لم تنضج بعد لانتخاب رئيس للجمهورية”، كاشفة عن خلاف بين دول اللقاء الخماسي على طريقة حل الملف اللبناني”، موضحة أن الملف اللبناني لم يكن بنداً أساسياً على جدول أعمال اللقاء بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، بل طرح على هامش القمة التي تزدحم بملفات استراتيجية كبيرة تتعلق بالدولتين لا سيما بمشروع السعودية 2030 وبالوضع على الساحتين الإقليمية والدولية، متوقعة أن يطول أمد الفراغ الرئاسي الى ما أواخر العام الحالي.

وشددت الأوساط على أن الحل الرئاسي يرتبط بملفات المنطقة وبمسار الحوارات في الإقليم وعلى الخط الأميركي – الإيراني، لكن العامل الحاسم في لبنان هو السعودي الذي يعمل مع الفرنسي والسوري والإيراني والاميركي لبلورة اتفاق يسهل على اللبنانيين انتخاب الرئيس.

وجدّدت كتلة “الوفاء للمقاومة” التأكيد أنّ التفاهم الوطني بين اللبنانيين هو المعبر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وأنّ هذا التفاهم المطلوب لا سبيل إلى التوصّل إليه إلا عبر تنحية الفرقاء لشروطهم المسبقة، والتوجّه لمباشرة الحوار مع بعضهم بغية تقريب وجهات النظر وصولاً إلى الاقتناع المشترك بالخيار المناسب الذي تتقاطع عنده الرؤى والمصالح».

وشددت الكتلة بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد، على “وجوب تداعي اللبنانيين للحوار فيما بينهم وتفترض أنهم المعنيون أساساً بمباشرة ذلك بغية التوصل إلى جوامع مشتركة تضع حدّاً لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد، وأنّ الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الأصدقاء للبنانيين، سواء كانوا إقليميين أم دوليين، هو في الحقيقة دورٌ مساعدٌ ننظر إليه بإيجابيّة، خصوصاً حين يعبّر عن حرصٍ واضحٍ على المصالح المشتركة مع لبنان والتي لا بدّ من تفاهم اللبنانيين وتشاركهم لتحقيقها وتطويرها”.

الأخبار
من جهتها، رأت صحيفة "الأخبار" شكل زيارة الموفد الفرنسي لودريان فاق مضمونها أهمية. مؤكدة أن التوقّعات المرتفعة التي سبقت الزيارة لم تتطابق مع ما حمله الرجل بعدما تبيّن، «مبدئياً»، أن هدفها هو عبّر عنه لودريان: «استطلاعية لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته»، وهو ركّز خلالها على توجيه «نصيحة» إلى الأطراف اللبنانية بالحوار. وفي ظل الإجماع على أن الموفد الفرنسي «كان مستمعاً»، تباينت التفسيرات لهذه المقاربة «الإصغائية»، بين من وصفها بأنها محاولة لمسح المواقف المحلية تمهيداً للتقدم بـ«شيء جديد»، ومن رأى فيها إشارة إلى ثبات باريس على مبادرتها بتسوية سليمان فرنجية - نواف سلام.

وفيما وصفت مصادر مطّلعة اللقاء مع باسيل بـ«الإيجابي والودود جداً جداً»، علماً أن بين الرجلين «صداماً» سابقاً يعود إلى الموقف من الحرب في سوريا عندما كان لودريان وزيراً للخارجية، قالت مصادر في الفريق المعارض لترشيح رئيس تيار المردة إن الموفد الفرنسي «بدا مسلّماً بأن المرحلة السابقة قد طُويت، وبأن المرحلة المقبلة لن يكون فيها فرنجية مطروحاً فرنسياً، بعدما لمس حجم المعارضة له».

في المقابل، أكّدت مصادر مطّلعة أن فرنجية الذي استضافه لودريان إلى الغداء في قصر الصنوبر، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو والنائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي، «لم يسمع ما يدل على تراجع الفرنسيين عن مبادرتهم»، مشيرة إلى أن «باريس تتعامل معه كمرشح رئاسي وليس فقط كمسؤول سياسي مسيحي». وأكّدت أن «كل الأجواء الغربية تؤكد أن الفرنسيين لم يبدلوا موقفهم لاقتناعهم باستحالة وصول رئيس لا يوافق حزب الله عليه»، وأن «لودريان مكلّف بمتابعة المهمة، ومحاولة إقناع الأطراف اللبنانية الرافضة بصوابية الطرح الفرنسي، وإن بأسلوب جديد». ولفتت إلى أنه رغم «اعتراض بعض القوى الخارجية على السياسة الفرنسية، إلا أن أحداً منها لا يضع لبنان ضمن أولوياته، على عكس الفرنسيين».

وأشارت المصادر إلى أنّ «ما نتج عن جلسة 14 حزيران ثبّت وقائع جديدة في المشهد الرئاسي أهمّها سقوط ورقة المرشح جهاد أزعور، إذ لم يُسجّل بعد الجلسة إصرار أي من المتقاطعين عليه، سوى موقف مُعلن من جعجع». وقالت إن «المشهد في بيروت يرسّخ القناعة بأنّ الرئيس الفرنسي لم يتنازل عن دعم فرنجية، فيما يُسجّل صمت سعودي متواصل، وضعته المصادر في إطار «التريّث» الذي يبديه ولي العهد محمد بن سلمان قبل اتخاذ القرار النهائي في الشأن اللبناني، وهو قرار له متعلقات تتصل بالعلاقة الآخذة في التطور مع إيران وسوريا.

وتقاطعت المعلومات على أن المسؤول الفرنسي «كان داعياً للحوار والتوافق من أجل الخروج من الأزمة». وهو، وبحسب مصادر سياسية بارزة، أكّد ذلك في اجتماعه الأول مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي «قدّم شرحاً مطوّلاً عن أسباب دعم الثنائي لفرنجية، وعن مسار جلسات الانتخاب». وهو ردّ على دعوة لودريان له إلى المبادرة بالدعوة للحوار، أنه «سبقَ أن فعلت ذلك سابقاً عندما كانت كتلتي النيابية تصوّت بورقة بيضاء، لكنني اليوم أصبحت طرفاً». ونقل زوار بري عنه أن الموفد الفرنسي «أكد الحاجة إلى «توافق فعلي» وأن الأمر لا يتعلق بالرئاسة فقط، بل بكل الملفات العالقة في لبنان، وأنه سيعود إلى بيروت مجدداً وستكون له زيارات متعددة.

وفيما يبدو حزب الله كمن يتعامل مع الملف الرئاسي «على البارد» مراهناً على تبدّل مواقف بعض المتردّدين أو «المتقاطعين السابقين»، أكّدت مصادر مطّلعة على موقف الحزب، أنه لا «يعتبر أي دعوة إلى الحوار مسبوقة بشروط معينة من قبيل تخليه عن دعم فرنجية، قائمة أو جدية، وبالتالي فهو لن يتجاوب معها باعتبارها لزوم ما لا يلزم». إلا أن الحزب لا يوفّر أي فرصة لفتح قنوات اتصال وحوار مع أي طرف داخلي، سواء أكان من النواب المستقلين أم المتقاطعين أم غيرهم، بغية شرح موقفه وموجبات تمسّكه بدعم ترشيح زعيم «المردة»، وهذا ما يعكف عليه منذ ما بعد جلسة 14 حزيران. وتشير المصادر إلى أن الحوار الحاصل مع الجميع لا يتضمن «شرط» البحث عن التخلي عن دعم فرنجية، بل في القواسم المشتركة التي قد يتم التوصّل إليها في الملف الرئاسي، خصوصاً أن نقطة التحوّل في مشهد الاصطفافات الداخلية قد تبدأ من كتلة اللقاء الديمقراطي (8 نواب) والنواب المحسوبين على رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري (8 نواب)، وهؤلاء ينتظرون قراراً سعودياً واضحاً.

إلى ذلك لفت غياب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن جدول أعمال لودريان، وهو أمر أعادته مصادر مطّلعة إلى علاقة متوترة مع الرجل. وكشفت المصادر أن «جنبلاط استاء كثيراً من لودريان الذي زار بيروت في تموز 2020 ولم يدرجه على برنامج الزيارات بينما التقى مسؤولين في المجتمع المدني»، ولعلّ هناك من نصح المسؤول الفرنسي بعدم طلب لقاء هذه المرة بسبب موقف جنبلاط والاكتفاء بالاجتماع مع كتلة «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور جنبلاط.

الجمهورية

بدورها رأت صحيفة "الجمهورية" أن الموفد الرئاسي الفرنسي وفي ضوء استطلاعاته، وجد نفسه محاصراً بِكمّ هائل من التفسيرات للأسئلة التي يطرحها، والتي على أساس الاجوبة التي تلقّاها عليها سيَصوغ تقريره الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليبني على الشيء مقتضاه لجهة ما يمكن ان تتخذه فرنسا من خطوات، بالتعاون مع السعودية وبقية دول مجموعة الخمسة العربية والدولية، تساعد على حل الازمة اللبنانية بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وتكوين سلطة جديدة تتولى ورشة الانقاذ.

بالفرنسية استطلاع، وبلغة السياسة اللبنانية رسائل وإشارات... هكذا أراد كل فريق تفسير مواقف الموفد الفرنسي جان ايف لودريان على رغم من انتقائه الكلمات استِشعاراً منه بدقة وحساسية المرحلة وحساسيتها. لكن مصدرا سياسيا رفيعا اطلع على أجواء غالبية اللقاءات واستطلع فحواها أكد لـ«الجمهورية» ان هذا الديبلوماسي الفرنسي المحنّك والعتيق كان سائلاً اكثر منه مُجيباً ومُطلِقاً مواقف.

واشار الى ان لودريان لم يحمل معه فكرة او طروحات انما كان واقعيا فتحدث اكثر عن البرامج والمواصفات متجنّباً الانحياز الى الاسماء، فالدولة التي تصنّف نفسها حالياً «ام الصبي» في الاستحقاق الرئاسي والتي تقود تفويضاً ظلها في مساعدة المسؤولين في لبنان على انجاز الاستحقاق لا تخوض حربا كونية و«تنفخ على اللبن لأن الحليب كاويها»، فرئيسها ايمانويل ماكرون بنفسه زار لبنان عام 2020 مرتين ولم يستطع التوصّل الى تشكيل حكومة، فكيف سيتمكن الان من انتخاب رئيس؟

من هنا يقول المصدر ان نصيحة المبعوث الفرنسي للجميع عموما كانت التفكير بعقل وللمسيحيين خصوصا بعدم الذهاب برئيس تحد والاتفاق مع الثنائي الشيعي وليضعوا الشروط والضمانات التي يريدون، خصوصاً ان الاصطفاف المسيحي الذي تجلى في جلسة ١٤ حزيران لم يصل الى نتيجة، بل على العكس كرَّس الشرخ. ولذلك لا تستطيع فرنسا ان تتبنى هذا الاصطفاف، و في كل الحالات سيرفع لودريان تقريره الى الاليزيه ويعود في تموز لاستكمال البحث.

وعلمت «الجمهورية» من مصادر «التيار الوطني الحر» ان زيارة لودريان لرئيس التيار النائب جبران باسيل في منزله استمرت ساعة وربع ساعة، سمعَ خلالها الاخير منه انه في ضوء أزمة الرئاسة لا بد من البحث عن حلول جديدة، وأنّ هناك مرحلة طُويت ومرحلة جديدة بدأت وأن فرنسا لا تملك حلولاً معلبة ولا اجوبة مسبقة.

وتقاطَعت وجهة نظر باسيل مع رأي لو دريان على أن الرئيس اللبناني المنتظر لا يمكن أن يكون إلا نتاج حوار لبناني ـ لبناني. وشرح رئيس التيار وجهة نظره التي تقوم على ضرورة التحاور بين جميع المكونات اللبنانية للتوافق على اسم الرئيس وعلى الخطوط العريضة لبرنامج تنفذه طبعاً الحكومة، والذي على أساسه يتم طلب الدعم الخارجي. كذلك شرحَ باسيل للموفد الفرنسي أن الرئيس لا يمكن له أن ينجح ما لم يحظَ بدعم داخلي واسع إن لم يكن شاملاً، بدليل ما جرى من تفشيل لعهد الرئيس ميشال عون نتيجة مواقف قوى فاعلة في الدولة عارضت مجيئه من الاساس وتوعدت بإفشاله.

واشارت مصادر «التيار» الى انّ وجهات نظر باسيل ولودريان تلاقت في اكثر من نقطة، وفُهم ان زيارة الموفد الفرنسي للبنان ستتكرر قريبًا.

في غضونِ ذلك توقفت مصادر مواكبة لزيارة لودريان عند دعوته فرنجية الى لقاء وغداء في قصر الصنوبر، فقالت لـ«الجمهورية» انّ فرنجية «مميز دائماً بالنسبة الى الفرنسيين إذ تربطه بهم علاقة مميزة قوامها الثقة في أدائه السياسي. ولو لم يكن كذلك لما ارتكزت المبادرة الفرنسية على ان يكون هو رئيساً للجمهورية. ومن هنا كانت دعوة لودريان له الى الغداء في قصر الصنوبر، ودامَ اللقاء بينهما نحو ساعتين.

ولفتت المصادر الى ان كل من التقى لودريان لمسَ ان فرنسا لم تخرج عن مبادرتها اذ ان هذه المبادرة لا تختصر برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة فقط، وانما تتصل ببرنامج عمل لاحق من شأنه تسيير الامور ومنع التعطيل الذي عاشه لبنان في الفترات السابقة ما ضرب اقتصاده في العمق.

كما ان كل مَن التقى لودريان لمسَ منه عدم التراجع عن المبادرة الفرنسية كونها الاكثر واقعية والاكثر سرعة في التنفيذ، بحسب مقتضيات البيان الذي صدر في ختام القمة بين ماكرون وبن سلمان التي دعت الى الاسراع التام في انجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وانّ اي عودة عن هذه المبادرة من شأنها تأخير انجاز هذا الاستحقاق بينما البقاءعليها و»تكحيلها» من شأنه الاسراع في اجراء الانتخابات الرئاسية.

واكدت المصادر المواكبة نفسها ان كل مَن التقاهم لودريان من رافضي المبادرة الفرنسية خرجوا بانطباع سلبي. وهذا ما عكسه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي دعا بصورة لافتة الى عدم انتظار الخارج والذهاب الى انتخاب رئيس ضمن اطار اللعبة الداخلية، داعياً الى اجراء الانتخابات بالمرشحين فرنجية وازعور ومن يربح يربح. اما ما تم تسريبه عن لسان باسيل بعد لقائه لودريان من ان فرنسا قد تخلت عن كل مواقفها السابقة فهو غير صحيح لأن الموفد الفرنسي، وبحسب ما اكد جميع من التقاهم، كان مستمعاً ومصغياً الى كافة المداخلات من دون ان يبدي اي رأي حول اي مرشح.

كذلك كان اللافت تغريدة فرنجية بعد لقائه ماكرون حيث اتسمت بالايجابية، اذ كتبَ فيها: «نشكر وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان وسفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو على دعوتهما الكريمة. اللقاء كان إيجابياً والحوار بناءً للمرحلة المقبلة».

النهار
أمام صحيفة "النهار" قعلقت على مهمة لودريان بالقول: لم ينتظر المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان ايف لودريان تصنيفات الساسة اللبنانيين والاعلام اللبناني لتثبيت مواصفات مهمته "الاستثنائية" التي يبدو واضحًا انها ستطول، فسارع بنفسه غداة وصوله الى بيروت الى تأكيد الطابع الاستطلاعي لجولته الراهنة واعدًا بزيارات أخرى مما يبقي الباب مفتوحًا على توقع الانتقال من الاطار "الاستطلاعي" الى طرح خطة او وساطة فرنسية جديدة.

ورأت أنه بدا لافتا اختيار لودريان لمحطة بكركي وحدها، من دون كل المحطات الأخرى في لقاءاته السياسية حتى قصر الصنوبر نفسه، لاطلاق تصريحه الأول والوحيد حتى الان، فربما تشكل التأكيدات التي نقلت عنه بان المرحلة السابقة طويت وأن مرحلة جديدة بدأت من خلال جولته وان الاساس يبقى الحوار اللبناني اللبناني، ابرز الانطباعات التي شكلت خلاصات اليوم الثاني الماراثوني من لقاءاته وجولته الممتدة حتى ساعات الليل.
 
وتكشف أوساط مطلعة على محطات عدة من لقاءات لودريان لـ"النهار" ان الموفد الفرنسي لم يناقش فكرة انعقاد طاولة حوارية برعاية فرنسية حتى اللحظة، لكنه طرح نقاطا محدّدة وسط أسئلة منطلقة من مقاربة الخيارات الممكنة. وهو لم يتحدث مباشرة عن دعم مرشح معيّن بل تطرّق إلى الاصطفافات السياسية القائمة وضرورة الوصول إلى حلول ناجعة. وأوضح لمن التقاهم انه جاء في إطار زيارة استطلاعية بهدف طرحه للأسئلة والاستماع إلى أجوبة لمعرفة الآراء وإلى أي مدى هناك إصرار على مواقف معينة من القوى السياسية، مع الاستماع إلى سبل الحلّ على مستوى رئاسة الحكومة، وماذا يمكن أن تفعله، وأنه يتوجب بداية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل مجلس للوزراء كامل الصلاحيات مع التأكيد على قيام الحكومة بواجباتها رغم أنها لا تتمتع بالصلاحية الشاملة. وقد كان لودريان مستمعاً أكثر منه متحدّثاً، وأكّد أنه سيعود بعد شهر بهدف جوجلة الأفكار والطروحات التي يناقشها. وطرح لودريان مجموعة أسئلة معبراً عن معرفته بكيفية انقسام البلاد على مستوى الرئاسة.

أما عن مأدبة العشاء التي أقامها السفير السعودي وليد بخاري، فنقلت "النهار" عن أوساط قريبة من السفارة السعودية نفيها أي صلة للعشاء بتداول الاستحقاق الرئاسي في لبنان وادرجته في إطار تحصين الانفتاح الحاصل في العلاقات الإقليمية.

ايمانويل ماكرون

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل