لبنان
السيد نصر الله هدد العدو بالحرب الكبرى.. وتمسّك فرنسي بفرنجية
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم بالمواقف الأخيرة للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله التي أطلقها خلال كلمة له بمناسبة عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، والتي أكد فيها على جهوزية المقاومة ومحورها وأن لديها التفوق العددي والمعنوي والناري للحرب الكبرى بمواجهة العدو الصهيوني.
كما أضاءت الصحف على الملف الرئاسي الذي لم يشهد أي جديد، وسط تفرق الأصوات المعارضة وعدم إجماعها على اسم مقابل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يدعمه الثنائي الوطني وعدد من الحلفاء.
كما برز إلى الواجهة تحرك الحكومة اللبنانية في قضية الدعوات القضائية الخارجية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتكليف وزيري المال والعدل بمتابعة تطورات هذه القضية وانعكاساتها، بحسب ما أعلنه وزير الإعلام زياد مكاري أمس، كذلك عادت مسألة رواتب القطاع العام إلى الواجهة من باب عدم توفرها بحال عدم وجود التشريعات المناسبة من مجلس النواب.
"الأخبار": باريس تتمسك بفرنجية وتطالب معارضيه بمرشح
نشطت في اليومين الماضيين المشاورات السياسية الداخلية المتعلقة بالملف الرئاسي، على أن تكتمل صورتها مع الزيارة المفصلية للبطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس في الثاني من حزيران المقبل، ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون وطاقمه المكلف ملف لبنان. النشاط المستجدّ جاء تحت ضغوط قوية من بعض العواصم المعنية لدفع معارضي المرشح سليمان فرنجية إلى الاتفاق على مرشح منافس له، وأعاد إلى دائرة المشاورات اسم الوزير السابق جهاد أزعور الذي عاد إلى لبنان أخيراً.
وأوضحت مصادر متابعة لـ «الأخبار» أن الأيام الماضية شهدت تجدّد الاتصالات بين التيار وقوى المعارضة، جرى خلالها «توضيح المواقف وسوء التفاهم الذي أدى وقف المشاورات أخيراً»، وتم الاتفاق على استئنافها من حيث انتهت، عند اسم أزعور. وأشارت إلى أن بيان التيار على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، يشير إلى السقف الذي وصلت إليه عملية التفاوض بدقة، وأن إشارته إلى «الإيجابية في الحوار مع الكتل المعارضة» وإلى «توافق على الأسماء سيسري قريباً على المقاربة والبرنامج»، صحيحة تماماً. لكنها توقفت عند الإشارة إلى «توافق على الأسماء»، في ما يبدو وكأنه «تقصّد بعدم الإشارة إلى وجود اسم واحد»، لافتة إلى أن رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي يتولى الوساطة أصبحت لديه مواقف أكثر وضوحاً وحسماً في ما يتعلق باسم أزعور الذي يبدو الأكثر قبولاً من كل هذه القوى.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أن القوات اللبنانية تبلغت قبل يومين بأن باسيل حسم موقفه، بتأييد ترشيح أزعور، وأن القوات أبلغت، من جهتها، الوسيط الكتائبي استعدادها للسير بأزعور شرط أن يعلن باسيل موقفه أولاً، وأن يضمن التزام كل أعضاء تكتله النيابي بتأييده، وأن يسحب فكرة الحصول على موافقة ثنائي أمل وحزب الله.
هذا التطور جاء نتيجة خلاصات عاد بها باسيل من جولته في إيطاليا وفرنسا حيث التقى مسؤولين في البلدين، وسمع من المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل أن باريس لا تزال تدعم فكرة التسوية التي تحمل فرنجية إلى قصر بعبدا مقابل نواف سلام إلى السراي الكبير، وأن الفرنسيين حتى اللحظة لا يشعرون بوجود مرشح جدي غير فرنجية.
وبعدما عرض باسيل وجهة نظره من ترشيح فرنجية ومن مسألة النصاب والتوافق الرئاسي، أكد أن هناك محادثات جدية للتفاهم على مرشح آخر، وأن هذا الأمر سيكون قابلاً للتحقق في وقت قريب. وسمع في المقابل رغبة فرنسية بإنجاز الاستحقاق الرئاسي قريباً، وأنه في حال تعذر التوافق على مرشح آخر، فإن فرنجية هو صاحب الحظ الأوفر، وعلى معارضيه تقديم مرشحهم، ما يسمح بانعقاد المجلس النيابي، وبما يضمن حصول جلسة الانتخاب بمعزل عن النتائج.
وفي ما يتعلق بالتباين داخل تكتل لبنان القوي، قالت مصادر إن الأمر يعود إلى نقاش سابق لم يُحسم حول ترشح عضو من التكتل بعدما أبلغ باسيل النواب أنه غير مرشح. إذ طرح عدد من النواب، يتقدمهم الياس بو صعب وألان عون وأسعد درغام، ترشيح النائب إبراهيم كنعان باسم التكتل، باعتبار أن ذلك لن يكون مستفزاً للفريق المسيحي. إذ سبق أن أعطى البطريرك موافقة على ترشيح كنعان، كما هناك إشارات إلى أن القوات لا تعارض ترشيحه، وإن كانت لم تؤيده. كما أن كنعان، بحسب أصحاب الطرح، تربطه علاقات جيدة مع ثنائي أمل وحزب الله ومع غيرهما، ولا يعتبر ترشيحه مستفزاً لهذا الفريق.
وفيما يبدو أصحاب هذا الطرح غير مؤيدين لترشيح أزعور لأسباب مختلفة، فإن باسيل يفضل أزعور على كنعان، من منطلق البحث عن مرشح من خارج الكتل النيابية والحزبية، وقدرة أزعور على وضع برنامج عمل بالتعاون مع كل القوى. ونقل قياديون في التيار الوطني عن أزعور أنه لا يريد مواجهة مع أحد، لكنه لا يعتبر ترشيحه من قبل عدد وازن من النواب تحدياً لأحد.
أما في ما يتعلق بموقف رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، فتشير مصادر مطلعة إلى مناخات سلبية تحيط به، وإلى رغبته «الشخصية» بعدم الدخول في الملف الرئاسي في ظل الانقسام، وتفضيله التصويت بورقة بيضاء على الدخول طرفاً في ما يحصل. وقال جنبلاط لزواره إنه لا يجد ما يبرر له التصويت لمصلحة فرنجية، علماً أن الرئيس نبيه بري يراهن على عودة الزعيم الدرزي إلى فكرة توزيع أصوات كتلة اللقاء الديموقراطي بين المرشحين المتنافسين.
وعلى ضفة «التغييريين»، لا يزال الانقسام سيد الموقف، إذ يؤيد البعض السير بأزعور، بينما يدعو فريق آخر إلى ترشيح شخصية لا ترتبط بتحالف مع القوات أو التيار.
في المقابل، لا يزال الفريق الداعم لفرنجية يعتبر بأن «ما يقوم به باسيل ليسَ سوى مناورة للضغط على الثنائي، وأنه غير قادر على صياغة اتفاق مع القوات لغياب الثقة بينهما». ورغمَ ذلك، فإن الاتفاق لو حصل، تقول المصادر، سيكون «باسيل أول الخاسرين فيه وهو يدرك ذلك تماماً». وكشفت عن «اتصالات جديدة تتولاها شخصية فرنسية رفيعة مع السعوديين في ما يتعلق بفرنجية وقد حققت اتصالاتها تقدماً كبيراً»، مشيرة أن «لا مشكلة في ما يتعلق بالأصوات المطلوبة لانتخابه، لأننا في مرحلة انتقال سعودي من اللافيتو على فرنجية إلى الدعم المباشر الذي سيترجم بالطلب من النواب الذين تمون عليهم الرياض التصويت لمصلحته».
"البناء": السيد نصرالله: نحن من يهدد بالحرب الكبرى
يتكتم الأميركيون دون نفي أو تأكيد حول حقيقة التفاوض غير المباشر الجاري مع إيران لإنجاز صيغة من صيغ الاتفاق على الملف النووي، بينما تحدث وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان عن تقدّم جدي في المفاوضات، فيما يستعدّ سلطان عمان طارق بن سعيد لزيارة طهران غداً، وسط معلومات عن قيامه بمساعي الوساطة لإنجاز اتفاق تقول بعض التقارير إنه نسخة منقحة من الاتفاق الأصلي الموقع في عام 2015، وتقول تقارير أخرى إن التفاوض يجري على نصف اتفاق عملياً، باعتبار مدة الاتفاق تنتهي عام 2025، وإن تجميد إيران لتخصيب اليورانيوم على نسب مرتفعة وإخضاع الكميات المخزنة لديها من اليورانيوم المخصب مقابل رفع العقوبات الرئيسية التي ترتبط بالنشاط الاقتصادي الإيراني، ربما يكون مناسباً للطرفين، فيحفظ لإدارة الرئيس جو بايدن مظهر الاحتفاظ بوضع الكثير من المؤسسات والشخصيات الإيرانية على لوائح الإرهاب، ويحقق لإيران ما تريده أصلاً من اي اتفاق وهو رفع العقوبات الاقتصادية دون تفكيك منشآت أساسية من برنامجها النووي، وإبقاء القدرة على العودة من النقطة التي تم فيها الاتفاق عند أي عودة للمواجهة.
كيان الاحتلال الذي يوفد عدداً من قادته الى واشنطن، تحت عنوان التشاور في ملف إيران النووي، وسط ما صدر عن قادة الكيان من تحذير من مراحل متقدمة بلغها البرنامج النووي الإيراني، والتهديدات التي أرفقها قادة الكيان بهذه التحذيرات، ما يمنح التقارير عن قرب التوصل الى اتفاق أميركي إيراني حول الملف النووي درجة أعلى من الجدية بقياس ما كان يجري في كل مرة تتقدم فيها هذه المفاوضات من نهايتها الإيجابية، وما يصدر من تهديدات عن قادة الكيان، خصوصاً أن الكيان يمر بلحظة تاريخية صعبة، كما يؤكد قادته، وسط تهديدات وتحديات تحيط به من كل صوب وتصيبه في الداخل.
في هذا المناخ وعلى خلفية التهديدات الصادرة عن قادة الكيان من جهة، ومناورة العبور التي نفذتها المقاومة من جهة أخرى، جاء كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير، ليردّ الكرة الى ملعب قادة الكيان، بالقول إن التهديد بالانزلاق الى الحرب الكبرى، هو بالضبط ما تقوله المقاومة لقادة الكيان، وليس ما يمكن لهؤلاء قوله للمقاومة، التي تستعدّ لهذه الحرب وتريدها وتسعى لملاقاتها، وعلى الكيان وحده أن يخشاها، مشيراً إلى أنه في هذه الحرب سيكون الكيان وسط التراجع الأميركي والانقسام الداخلي، في مواجهة تفوق عددي ومعنوي وناري لمحور المقاومة.
في الشأن الداخلي تحدثت مصادر نيابية مقرّبة من القوات اللبنانية وحزب الكتائب والتيار الوطني الحر عن التوصل إلى الاتفاق على تسمية جهاد أزعور وزير المالية السابق في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة مرشحاً مشتركاً لرئاسة الجمهورية، وهو ما يتيح وفق مصدر نيابي متابع للملف جمع 36 صوتاً من تحالف القوات والكتائب ومؤيدي ترشيح النائب ميشال معوض، ونواب التغيير المؤيدين لترشيح أزعور، في ظل اعتباره من آخرين منهم أنه جزء من المنظومة الحاكمة، بينما لن يحصد أزعور إذا سار به رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حتى النهاية سوى تسعة أصوات من نواب التيار، في ظل تمسك ستة نواب بالتصويت لمرشح توافق جامع يضمّ ثنائي حركة أمل وحزب الله كما هو موقف التيار الرسمي، وعلى هذا الموقف بقي نواب اللقاء الديمقراطي أيضاً، بينما تحدث نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن ازدياد التأييد لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية دون أن يقدم إضافات أو إيضاحات.
وردّ السيد نصرالله على تهديدات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالقول: «لستم أنتم من تهدّدون بالحرب الكبرى، وإنما نحن الذين نهدّدكم بها، وأي حربٍ كبرى ستشمل كل الحدود، وستضيق مساحاتها وميادينها بمئات آلاف المقاتلين، ولدينا تفوّق هائل في البعد البشري». مضيفًا «فجبهة العدو الداخلية ضعيفة وواهنة، تعاني من قلق وجودي، مقابل جبهة المقاومة الممتلئة بالثقة وروح الأمل أكثر من أي وقت مضى بتحرير فلسطين والصلاة في المسجد الأقصى».
وفي كلمة له بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، رأى السيد نصر الله، أنّ «التحول الآخر الذي يعيشه الكيان الصهيوني الآن هو في مسألة الردع، فمعركة غزة جاءت لترميم مسألة الردع، لكن ما حصل هو أنّ «إسرائيل» فشلت في هذه المهمة، بل على العكس أصبحت أكثر خوفًا، وتنامي قوة الردع لدى المقاومة في مقابل تآكل قوة الردع الإسرائيلية هو ما أظهرته عملية «ثأر الأحرار» في غزة». مؤكدًا أنّ «الإسرائيليين فشلوا في تعزيز قوة الردع لديهم، وأدركوا أنهم سيدفعون ثمن كل اعتداء، والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة تأتي بعد فشل الاحتلال في مواجهة عملية «ثأر الأحرار»، كما أنّ الإسرائيليين تراجعوا عن تهديداتهم الأخيرة بسبب الهلع في المستوطنات وبعد مناورة حزب الله الأخيرة، كما تراجعوا كذلك عن تهديداتهم بسبب تراجع السياحة وانهيار عملة الشيكل لديهم مقابل الدولار». وقال: «على العدو أن يخاف، وأن ينتبه، وألّا يخطئ في التقدير، وألَّا يرتكب أي خطأ في أي بلد قد يؤدي إلى الحرب الكبرى، فالحرب الكبرى في المنطقة ستؤدي بكيان الاحتلال إلى الهاوية وإلى الزوال».
وتطرّق السيد نصر الله الى الشأن الداخلي اللبناني وجدّد التأكيد على أنّ «معادلة الجيش والشعب والمقاومة حمت لبنان، والأمن والأمان شرطان أساسيان لأي معالجة اقتصادية وسياسية، فمعادلة الجيش والشعب والمقاومة مظلة حماية حقيقية يجب عدم التفريط بها، ويجب إخراجها من «الجدل البيزنطي»، والمعادلات الإقليمية في المنطقة تدعو إلى التفاؤل».
وحول قضية حاكم مصرف لبنان، قال السيد نصر الله: «إما أن يتنحّى بنفسه، أو أن يتحمل القضاء مسؤوليته، لأن حكومة تصريف الأعمال لا تملك صلاحية عزله». ولفت إلى إمكانية حل قضية اللاجئين السوريين «عبر قرار بإرسال وفد حكومي لبناني إلى سورية، وإجراء محادثات حول المسألة».
وكانت العلاقات العامة في حزب الله نظمت جولة حاشدة للقيادات والفاعليات المسيحية من مناطق زحلة والبقاع وبعلبك وصيدا وجزين وصور في معلم مليتا السياحي في منطقة إقليم التفاح بمناسبة عيد المقاومة والتحرير.
في غضون ذلك، لم يبرز أي مستجدات على صعيد الاستحقاق الرئاسي باستثناء تجدد الحديث عن تقدّم في المفاوضات بين قوى المعارضة والتيار الوطني الحر، والثاني موقف أميركي ينفي تدخل واشنطن في انتخابات الرئاسة اللبنانية.
وشهد اليومان الماضيان تواصلاً مكثفاً بين أحزاب المعارضة والتيار الوطني الحر في محاولة أخيرة للاتفاق على مرشح قبل الجلسة النيابية المتوقع أن يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في منتصف حزيران، ويجري حوار بحسب معلومات «البناء» بين نواب من حزب الكتائب ورئيس التيار الحر النائب جبران باسيل، وبين التيار والقوات على خط موازٍ ممثلين بالنائبين فادي كرم وجورج عطالله، ومع أطراف من قوى التغيير والمستقلين من جهة ثانية. ووفق معلومات «البناء» فإن المفاوضات تقترب من الاتفاق على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لكن لم تحسم الأمور ولا زالت بعض الكتل تعترض على أزعور، ولم يعط باسيل الكلمة النهائية بهذا الشأن فضلاً عن تردد القوات اللبنانية السير بأزعور وغياب الثقة بباسيل وتتهمه بأنه يناور لتعزيز موقفه التفاوضي مع حزب الله، إضافة الى رفض أزعور نفسه أن يكون مرشح تحدٍّ ولا يريد أن يطرح اسمه قبل تأمين التوافق عليه مع الثنائي حركة أمل وحزب الله.
إلا أن أكثر من مصدر نيابي من المعارضة والتيار والمستقلين أكد لـ»البناء» أن الأمور لم تنتهِ ولا زالت طريق التوافق طويلة، وهناك كتل نيابية ترفض فرض رأي كتل أخرى، لا سيما أن أزعور ينتسب الى المنظومة التي حكمت البلد منذ التسعينيات وشاركت الى حد كبير بالانهيار الذي نعيشه، كما أن اتفاق المعارضة على اسم معين لا يعني امتلاكه الأكثرية النيابية ونصاب الثلثين، لكون الثنائي وفريق 8 آذار يملكان الثلث المعطل لأي جلسة، وبالتالي الأمور تراوح مكانها حتى ولو اتفقت قوى المعارضة والتيار الوطني على مرشح موحّد»، كما أن باسيل وفق مصادر التيار لـ»البناء» لن يسير بمرشح يستفز حزب الله، وهو اشترط التوافق مع المعارضة على مرشح يوافق عليه الحزب وعلى الأقل لا يرفضه.
وأكد «التيار الوطني الحر» في بيان، أن «موقف التيار من الحوار مع المعارضة، وكافة الكتل، هو إيجابيّ منذ تموز الماضي». وأضاف «ما تغيّر هو الإيجابية بالحوار التي ظهرت عند «الكتل المعارضة» التي بدأت تترجم بتوافق على الأسماء، على ان يسري قريباً على المقاربة والبرنامج، وعلى أمل ان تطال هذه الإيجابية كافة الكتل، كي يتمّ التفاهم على رئيس إصلاحي مستقل يجمع اللبنانيين على برنامج إصلاحي سيادي ينقذ لبنان الكيان ويبني لبنان الدولة».
في المقابل ترحب أوساط الثنائي لـ»البناء» بتطور الأمور لجهة تقدم المفاوضات بين أطراف المعارضة والتيار الوطني الحر على مرشح موحد أو مرشحين، الأمر الذي سيدفع الرئيس بري للدعوة الى جلسة لانتخاب في ظروف ديموقراطية تنافسية مع احترام الدستور لجهة نيل الأكثرية النيابية للمرشح ونصاب الثلثين»، مؤكدة استعداد الثنائي وفريقه خوض المعركة الانتخابية بالمرشح سليمان فرنجية.
ولفت نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الى أننا «قدَّمنا اقتراحاً وقلنا بأنَّ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يمكن أن يكون الخيار الطبيعيّ لأنَّه يتمتع بصفات الرئاسة الوطنية الجامعة وفرصه في الانتخابات تزداد أكثر من السابق، والجو الإقليمي ملائم للتفاهم على انتخابه، لكن هناك مَن يتعنت ويرفض الحوار والنقاش وليس لديه القدرة على أن يأتي بعدد وازن يستطيع من خلاله أن يطرح مواجهة أو أن يطرح خيارات أخرى».
وأضاف: «هذا الأداء السلبي يمكن أن يؤخر ويعيق انتخاب الرئيس، وبالتالي هؤلاء يتحملون مسؤولية الإعاقة. أنا أسأل لماذا لا تقبلون بهذا الرئيس وتقبلون برئيس آخر مثلاً؟ في الواقع الخيار له علاقة باسم الشخص والتوجهات التي يحملها وليس له علاقة لا بالبرنامج الاقتصادي ولا بالبرنامج السياسي ولا بالبرنامج الاجتماعي».
"الجمهورية": المعارضات لا ترشّح ومخاوف من مغامرات
حتى الآن، يبدو أنّ الرهان على خاتمة وشيكة للفيلم الرئاسي الطويل، لا يزال بعيد المنال، فلا قوة الدفع الخارجية استطاعت نصائحها وتمنياتها وتحذيراتها ان تكسر حيطان التعطيل، ولا الانفراجات الاقليمية تمكّنت من إقناع المعطلين بضرورة الّا يبقى لبنان متخلّفاً عن الالتحاق بها.
لعلّ ما يعزز فشل هذا الرهان، هو أنّ العاملَين الخارجي والاقليمي اللذين يتقاطعان عند ضرورة التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح، لا يملكان حتّى الآن، صفة الإلزام لاطراف التعطيل الرئاسي بهذا التعجيل، بذريعة أنّ احداً في الخارج الصديق او الشقيق، ينوب عن اللبنانيين في تحديد خيارهم الرئاسي. وهو الأمر الذي صعّب ترجمة المناخات الايجابية التي أُشيعت في الآونة الأخيرة، وأوحت بأنّ الملف الرئاسي في لبنان بات موضوعاً على نار الحسم. وفتح المجال للمعطّلين للمضي في لعبة تضييع الوقت وإهدار الفرص، والهروب من التوافق، وإبقاء الواقع اللبناني مخطوفاً خلف اصطفافات الاشتباك.
لعبة شدّ حبال
وكما يبدو جلياً، فإنّ التعجيل الخارجي بالانتخاب من دون إلزام المعطّلين بترجمته، أسقط مقولة «رئيس من خارج لبنان»، كما انّ الهروب الداخلي من التوافق، أسقط مقولة «رئيس صُنع في لبنان»، وما بين التعجيل والهروب، تدخل خاتمة الفيلم الرئاسي الطويل في دائرة المجهول، حيث لا يُعرف علامَ سترسو، وإلى اين ستأخذ لبنان؟
تؤكّد هذه الاجواء، انّ التناقضات والمعارضات السياسية، قد حسمت تموضعاتها على جبل التعطيل المانع لأيّ تفاهمات داخلية، وللالتقاء على واجب انتخاب رئيس الجمهورية، وتساهم بهذا المنحى الذي تنتهجه منذ ما يزيد عن 7 أشهر، في مراكمة السلبيات على الخط الرئاسي، وصياغة خاتمة قاتمة للملف الرئاسي. وتبعاً لذلك، فإنّ الأفق الرئاسي يبدو مفتوحاً على ما تسمّيها مصادر مواكبة لتطورات الملف الرئاسي «لعبة شدّ حبال داخلية، وعرض عضلات سياسية وطائفية وشعبوية، استباقاً لأيّ تطورات او خطوات او حراكات عربية او دولية مقبلة».
على انّ مصادر سياسية تعبّر عن خشيتها عبر «الجمهورية»، من تمادي هذه اللعبة إلى حدّ التفلّت من أي ضوابط، ما قد يفتح باب المغامرات والمفاجآت السلبية على مصراعيه، وخصوصاً انّ بعض معارضات الداخل تقارب ما حُكي عن ايجابيات لبنانية ستلحق الانفراجات الاقليمية، بكونها مجرّد اوهام لا أكثر، وتستبعد بالتالي ممارسة ايّ ضغوط عربية او دوليّة على اي طرف لبناني، على اعتبار انّ الموقفين العربي والدولي من الملف الرئاسي، لم يطرأ عليهما ايّ تحوّل، ولا يزالان يدوران ضمن نطاق النأي بالنفس عن التدخّل المباشر في الملف اللبناني، بل ترك الامر بيد اللبنانيين، وانّ الدلائل كثيرة في هذا المجال، بدءًا من المواقف الدولية، وكذلك ما جرى التأكيد عليه في الحراكات الديبلوماسية التي حصلت، وصولاً إلى القمة العربية في جدة التي لم يكن ملف لبنان في جدول اولوياتها، بل كان الغائب الاكبر عنها، بدليل انّه لم ينل منها سوى فقرة عمومية خجولة من سطرين».
لعبة تخريب!
ورداً على سؤال، عمّا قد تقود إليه لعبة شدّ الحبال، قالت شخصية وسطية بارزة لـ«الجمهورية»: «عندي شي أهمّ من هالطقّ الحنك اهتم فيه». ثم استدرك وقال: «لسنا طرفاً في مسخرة التعطيل وقرفها، ولن نكون شركاء في هذا التخريب وفي هذه الحركات والألعاب التافهة، حاولنا ان نسعى ففشلّونا، فليتفضّلوا ويخبرونا «شو الحل». وأتمنى ان تسألوا عباقرة البيت الرئاسي: ليش عم تلغوا موقع رئاسة الجمهورية، ومين اللي عم يهين موقع رئاسة الجمهورية ويقلّل من قيمتو .. اكيد مش الطليان».
الإنفراج ممكن .. ولكن
الاّ انّ مرجعاً مسؤولاً، اكّد لـ»الجمهورية» رداً على السؤال نفسه: «انّ هذا المنحى هو إمعان في التخريب لا اكثر ولا أقل، ومجنون من يعتقد انّ في إمكانه ان يشدّ الحبل نحوه، وبالتالي لن ينالوا من هذه اللعبة سوى التعب. البلد وكما نعلم جميعاً كان ساحة تجارب في كل شيء، وفي النتيجة لا الشعبويات نفعت احداً، ولا العنتريات قلبت الموازين، ولا الاستقواء غيّر بالتركيبة، ولا الدّلع حقق لأحد ما يشتهيه، والرهان على قوة او عوامل خارجية تفرض انقلاباً رئاسياً، هو رهان الوهم وخداع النفس، «بالآخر بدكم تقعدوا ع الطاولة»، وهذا ما قلناه لهم من اول الطريق».
وعلى الرغم من «أنّ الداخل بوضعه الراهن، يبدو عصياً على التفاعل الايجابي من فرص النجاة الخارجية»، الّا انّه عبّر عن شيء من التفاؤل، حيث انّه برغم التعقيدات القائمة ما زال يعتبر انّ الانفراج الرئاسي ممكن، ويراهن في هذا السياق على ما يسمّيها «حراكات ما بعد الانفراجات»، ويغلّب احتمال أن «تقترن بخطوات تترجم الإيجابيّات الخارجيّة والتحوّلات الإقليميّة على أرض الواقع اللبناني، وتفتح بالتالي الباب على انتخاب رئيس للجمهوريّة».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان انسداد الوضع الرئاسي، قد يضع اتفاق الطائف والتركيبة اللبنانية في دائرة الخطر، قال المرجع: «الطائف يرقى إلى مستوى القداسة السياسية، ثم من هو المجنون الذي يمكن ان يغامر ويفكر بالمسّ بالطائف او التركيبة، هذا بالتأكيد انتحار. هناك حفلة جنون قائمة حول الملف الرئاسي، إن لم تنتهِ عاجلاً فستنتهي آجلاً حتماً، وسيتمّ انتخاب رئيس الجمهورية، ومن الآن وحتى ذلك الحين، ليس سوى وقت ضائع من عمر البلد».
ماذا بعد الفرز؟
اما على المستوى الميداني، ووفق ما استخلصته «الجمهورية» من متابعين للحراكات والاتصالات الدائرة حول الملف الرئاسي، فإنّ هذا الملف والتناقضات حوله، أحدث فرزاً واضحاً للمكوّنات السياسية بقراءات وتوجّهات رئاسيّة مختلفة، تصل إلى حدّ التصادم الجذري، وكل من هذه المكونات السياسية مستندة إلى قوة شعبية، وتتواجه مع بعضها البعض من خلف متاريسها السياسية والشعبية. وهذه المواجهة المستمرة، من الصعب القول انّ في إمكان أي من المرشحين - سواء المعروفين المعتبرين مرشحين اقوياء او المفترضين الموضوعين في غربال الاختيار- تجميع الاكثرية النيابية المؤهلة له لامتطاء حصان الربح الذي ينطلق به إلى القصر الجمهوري.
وبحسب هؤلاء المتابعين، فإنّ الوزير سليمان فرنجية ما زال وحده في ميدان الترشيح الجدّي، فيما لم تتمكن «المعارضات» في المقلب الآخر من حسم اسم اي مرشح. وتبعاً لما تعانيه هذه المعارضات من تناقضات في ما بينها، فإنّ احتمال الحسم ضعيف جداً. وعلى الرغم من انّ اسم الوزير السابق جهاد ازعور ما زال متداولاً كخيار امام المعارضات، الّا انّ طريقه وإن كانت مفتوحة كتائبياً وبلا ممانعة قواتية، ومن بعض معارضات التغيير، فهي مقطوعة برتقالياً، وخصوصاً مع بروز اعتراضات جدّية داخل «تكتل لبنان القوي» على اسم ازعور على اعتبار انّه «من ضمن المنظومة التي سبق لـ»التيار الوطني الحر» ان أعدّ في مواجهتها «إبراءه المستحيل». ووفق معلومات موثوقة للمتابعين، فإنّ عدداً من نواب التكتل قد أبلغوا صراحة بأنّهم لن ينتخبوا ازعور إذا ما رسا الاختيار عليه».
التيار: رئيس ببرنامج
ولفتت في هذا السياق، تغريدة لـ»التيار الوطني الحر» عبر حسابه الخاص على «تويتر» قال فيها انّ «موقفه من الحوار مع «المعارضة»، وكافة الكتل، هو إيجابي منذ تموز الماضي. ما تغيّر هو الايجابية بالحوار التي ظهرت عند «الكتل المعارضة» التي بدأت تُترجم بتوافق على الأسماء، على ان يسري قريباً على المقاربة والبرنامج، وعلى امل ان تطال هذه الايجابية كافة الكتل، كي يتمّ التفاهم على رئيس اصلاحي مستقل يجمع اللبنانيين على برنامج اصلاحي سيادي ينقذ لبنان الكيان ويبني لبنان».
مجلس الوزراء
حكومياً، وفيما اعلن موظفو الادارة العامة الاضراب الشامل والتحذيري اعتباراً من الاثنين المقبل ولغاية 9 حزيران، عقد مجلس الوزراء جلسة في السرايا الحكومية برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، برزت في موازاتها تغريدة لرئيس حزب «القوات»، اعتبر فيها انّ الجلسة غير دستورية باعتبار جدول اعمالها لا يتسمّ بالضرورة والإلحاح.
وقال ميقاتي في مستهل الجلسة: «يتزامن انعقاد جلستنا اليوم مع حملة يشنها على الحكومة فريق سياسي في البلد يعتمد مقاطعة الجلسات من دون تقديم تفسير منطقي لموقفه. لقد مرّ أكثر من 6 اشهر على الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية، ولا تزال انتخابات رئاسة الجمهورية في المجهول».
وسأل: «إزاء هذا الوضع، هل المطلوب من الحكومة ان توقف عجلة العمل في المؤسّسات وتعطّل مصالح الناس نهائياً؟ وهل تتحمّل الحكومة مسؤولية الشغور الرئاسي أم النواب هم المسؤولون؟ ومن قال إنّ الوزراء المشاركين في الجلسات الحكومية لا يمثلون الشرائح اللبنانية كافة؟ وهل مقبول ان يصل الخلاف السياسي إلى حدّ التطاول على كرامات الناس وحضورهم الوازن في كل المحافل؟».
واكّد انّ «انعقاد مجلس الوزراء وتسيير العمل الحكومي لإبقاء دورة المؤسسات قائمة ليسا استفزازاً ولا ضرباً للميثاقية والشراكة والدستور، كما يزعم البعض، بل انّ ضرب الدستور والشراكة يتمثلان في اعتماد نهج التعطيل المتعمّد والمتعدد الأشكال ومنذ سنوات وهدر الوقت لأهداف شخصية. من السهل جداً ان نتخذ قرار الاعتكاف، ولكن هل هذا الخيار لمصلحة البلد؟».
وتابع: «الضرب الحقيقي للشراكة يتمثل في الامتناع عن القيام بالواجب الوطني والدستوري في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا سيما من قِبل الفريق الذي يتباكى على شغور منصب الرئيس ويشارك في تعطيل عملية الانتخاب، وهذا الفريق نفسه هو الذي يحرّض مرجعيات روحية وسياسية على الحكومة. والمفارقة انّ الفريق الذي يدعو إلى عدم انعقاد مجلس الوزراء هو نفسه من يطالب بإدراج بنود على جدول الجلسات». وشدّد ميقاتي على أنّ «المطلوب ممن يطرح السؤال إذا كانت تجوز هكذا جلسات وهكذا قرارات وهكذا مراسيم بغياب الرئيس، أن يجيب اولاً عن السؤال: لماذا يشارك في تعطيل انتخاب الرئيس، وما الفائدة المحقّقة من تعطيل عمل الدولة والحكومة والمؤسسات؟ وهل هذا التعطيل يخدم انتخاب الرئيس والشريك اللبناني الذي يمثله الرئيس؟».
وحول ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال ميقاتي: «كنا قد ناقشنا الموضوع في اللقاء التشاوري الذي عقدناه يوم الاثنين مطولاً، وتوافقنا على انّ الموضوع هو في يد القضاء وبما يتوافق مع أحكام القانون اللبناني».
وفي نهاية الجلسة تلا وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، مقرّراتها التي تضمنت «تكليف وزير المالية رفع تقرير دقيق يبيّن تداعيات الملاحقات الخارجية خارج لبنان بحقّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أدائه لمهامه، وانعكاس ذلك على مهام المصرف المركزي، وتكليف وزير العدل تقديم الرّأي القانوني المناسب حول كيفيّة التّعاطي مع هذه المسألة».
وأشار إلى أنّ «مجلس الوزراء وافق على دفع كامل التّعويضات الإضافيّة الّتي أقرّها المجلس في 18 نيسان الماضي، عن شهر أيّار كاملة»، لافتًا إلى أنّ «المجلس أخذ علمًا من وزير الماليّة بعدم توفّر الاعتمادات الماليّة الّلازمة لدفع الرّواتب والأجور والمساعدات للعاملين في القطاع العام كافّة، ابتداءً من شهر حزيران المقبل، في حال عدم إقرار قوانين فتح الاعتمادات الإضافيّة».