لبنان
باريس لفرنجية: لم نسمع بـ"فيتو" سعودي.. والراعي للنواب المسيحيين: ماذا فعلتم لانتخاب الرئيس؟
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على تفاصيل الزيارة التي قام بها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى باريس مطلع الشهر الجاري. وأظهرت المعطيات أن الزيارة التي تمّت بدعوة فرنسية نقلها المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل إلى فرنجية، شهدت لقاءات عدة بين فرنجية ومسؤولين فرنسيين رفيعي المستوى، إلا أن الطرفين رفضا تأكيد ما إذا كان أحد هذه اللقاءات جمع بين رئيس تيار المردة والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وبحسب المصادر، فإن الفرنسيين وسّعوا دائرة النقاش حول ما يمكن تحقيقه من خطوات سياسية وإصلاحية في حال وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية. وتمت مراجعة نتائج لقاءات اليوم الأول في اجتماع صباحي بين دوريل وفرنجية قبل أن يعود الأخير إلى بيروت حيث أطلع حلفاءه في حزب الله وحركة أمل على نتائج الزيارة.
"الأخبار": قناعة فرنسية بتسوية تحمله إلى بعبدا وسلام إلى السراي | باريس لفرنجية: لم نسمع بفيتو سعودي
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّه خلال الساعات الماضية تكشّفت تفاصيل الزيارة التي قام بها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى باريس مطلع الشهر الجاري. وأظهرت المعطيات أن الزيارة التي تمّت بدعوة فرنسية نقلها المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل إلى فرنجية، شهدت لقاءات عدة بين فرنجية ومسؤولين فرنسيين رفيعي المستوى، إلا أن الطرفين رفضا تأكيد ما إذا كان أحد هذه اللقاءات جمع بين رئيس تيار المردة والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وبحسب المصادر، فإن الفرنسيين وسّعوا دائرة النقاش حول ما يمكن تحقيقه من خطوات سياسية وإصلاحية في حال وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية. وتمت مراجعة نتائج لقاءات اليوم الأول في اجتماع صباحي بين دوريل وفرنجية قبل أن يعود الأخير إلى بيروت حيث أطلع حلفاءه في حزب الله وحركة أمل على نتائج الزيارة.
وعلمت «الأخبار» أن الفرنسيين حرصوا قبل الزيارة وخلالها على إضفاء طابع رسمي على الاجتماعات، وقالوا صراحة إنهم يفكرون في تسوية تشمل موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، من ضمن تسوية شاملة تتعلق بالمرحلة المقبلة وخطة الحكم الجديد في لبنان لمواجهة استحقاقات مختلفة، في السياسة والأمن والعلاقات الخارجية، مع التوقف مليّاً عند الخطوات الإصلاحية التي ينبغي القيام بها سريعاً.
وبحسب المعلومات، فقد أطلع الفرنسيون ضيفهم على نتائج الجولة الأولى من الاتصالات التي أجراها ماكرون مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأبلغوه بأن الرئيس الفرنسي سيعاود الاتصال بالأمير السعودي قريباً. وبدا أن المسؤولين الفرنسيين محيطون بمواقف كل الأطراف اللبنانية، ومدركون بأن بعض التعقيدات التي تظهرها مواقف بعض القوى الأساسية، ترتبط إلى حد بعيد بالموقف السعودي. كما أكّدوا أن باريس لم تسمع من أي مسؤول سعودي وجود «فيتو» على ترشيح فرنجية. لكنهم أوضحوا أن لدى الرياض وأطراف أخرى كثيراً من الهواجس والأسئلة التي تحتاج إلى شروحات وتوضيحات من قبله، وأن الأمر رهن التفاهم على هذه الأمور قبل السير في التسوية.
وبحسب المعلومات، فإن فرنجية كان شديد الصراحة مع الفرنسيين، وتحدث بوضوح تام حول علاقاته الداخلية والخارجية، وقال إنه حليف لحزب الله الذي يعتبر قوة مركزية في لبنان لا يمكن لأحد تجاوزها، وإن فرنسا تحاور الحزب في كل ما يتعلق بلبنان، وإن علاقته مع الرئيس السوري بشار الأسد ليست مستجدّة، و«سأعمل على تفعيل هذه العلاقة بما يخدم مصلحة لبنان في مجالات كثيرة».
كذلك طرح الفرنسيون على الزائر اللبناني جملة من الأسئلة تتعلق بالحكومة المقبلة وآلية عملها وضمان وحدتها وآلية إقرار الإصلاحات وملف مصرف لبنان ومنصب الحاكمية، فأكد فرنجية أن لبنان يحتاج إلى الإصلاحات من دون أن يطلبها منه أحد. لكن هذه الملفات التي نوقشت وتناقش بين الجميع الآن، سيكون على الحكومة المقبلة اتخاذ القرارات بشأنها لأن القرار في النهاية هو لمجلس الوزراء.
وعلمت «الأخبار» أن الفرنسيين جددوا طرحهم بأن يكون السفير نواف سلام هو مرشح التسوية لرئاسة أولى حكومات العهد الجديد، ولم يبد فرنجية اعتراضاً على الأمر. لكنه أشار إلى أن في لبنان آلية لاختيار رئيس الحكومة من قبل النواب قبل أن يكلفه رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة. وأكد أن حلفاءه يدعمون كل الخطوات الضرورية التي توقف الانهيار في لبنان، وأنه لا يتوقع بروز مشكلات جدية في مسألة تأليف الحكومة.
"البناء": خلوة مسيحية رمزية وصورية.. ماذا فعلتم لانتخاب رئيس للجمهورية؟
من جهتها، لفتت صحيفة "البناء" إلى أنّه لم يسجل المشهد الداخلي أي جديد في ظل دخول البلاد عطلة الأعياد بدءاً من الغد والتي استهلت بالخلوة الروحية النيابية المسيحية التي عقدت في بيت عنيا بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
واشارت مصادر مشاركة في الخلوة لـ«البناء» الى ان الخلوة لم تتطرق الى الشؤون السياسية ولا الى الملف الرئاسي بل اقتصرت النقاشات على الجانب الروحي وعلى القيم التي تدعو اليها التعاليم المسيحية.
وشارك في الخلوة 53 نائباً جلسوا على طاولة مستطيلة ثم ترأس الراعي القداس الإلهي وألقى كلمة لم تخل من الرسائل السياسية وقال «نرفع ذبيحة الشكر لله وقد خاطب كل واحد منكم من موقعه فقد استجاب لصلواتنا وعبّر الشعب عن فرحته عن هذه المبادرة وعلق عليها آمالاً كبيرة».
وشدّد على أن «السياسة التي تمارس السلطة بطريقة خاطئة هي غير قادرة على الاعتناء بالآخرين فتسحق الفقراء وتستغل الأرض وتواجه النزاعات ولا تعرف كيف تحاور». وأضاف «يقول البابا فرنسيس أن «السياسة التي تسعى لخلق مساحة شخصية وفئوية هي سيئة، أمّا السياسة التي تضع خطة لمستقبل الأجيال فهي صالحة وفق مسألة تتوّج بالوقت يتغلّب على المساحة». وسأل: بماذا جعلتم الشعب يتقدّم، أي قوى إيجابية حررتم، ماذا فعلتم لانتخاب رئيس للجمهورية؟».
ولفتت مصادر نيابية لـ«البناء» إلى أن الخلوة المسيحية هي رمزية وصورية فقط ولن تتعدّى الجانب الروحي ولن تدفع خطوة باتجاه حث القوى المسيحية على الحوار والتوافق لانتخاب رئيس لكون كل طرف يتمسك بمواقفه ومصالحه وحجم مشاركته وحصته في أي تسوية مقبلة.
وفي سياق ذلك لفتت مصادر «البناء» إلى أن السعودية طلبت خلال المشاورات مع الفرنسيين سلة ضمانات لانتخاب أي رئيس يأتي به اللبنانيون وهي لم تزكّ أي مرشح كما لم تضع فيتو على آخر، وتركز على مواصفات الرئيس ورؤيته السياسية والاقتصادية.
وتلخص المصادر هذه الالتزامات بالنقاط التالية:
تغليب المصلحة العربية على أي دولة أو محور.
حماية أمن المملكة وأمن الخليج وأن لا يكون لبنان منطلقاً لأي تهديد.
إنجاز الإصلاحات واستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وتغيير في أداء المنظومة السياسية كسياسات الحكومة وتغيير النهج الاقتصادي القائم المبني على الفساد والمحاصصة والهدر والتهريب.
وعلمت «البناء» أن فرنسا تجري اتصالات مكثفة لمحاولة حل الأزمة اللبنانية في أقرب وقت ممكن من منطلق رعايتها للبنان أولاً ولتعزيز نفوذها الاقتصادي لا سيما في قطاع النفط وهي شريكة في كونسورسيوم النفط والغاز وهي بصدد التحضير لمشاريع واستثمارات ضخمة في البلوكات النفطية والغازية في الجنوب وفي المطار والمرفأ ومؤسسات أخرى من ضمنها حاكمية مصرف لبنان.
كما علمت «البناء» أنه يجري التحضير لمؤتمر سياسي في الخارج قد يُعقد في قطر يجمع القيادات السياسيّة اللبنانية لإنتاج تسوية سياسية جديدة ستكون أكثر من دوحة وأقل من الطائف.
واشارت أوساط مطلعة على تطورات المنطقة لـ«البناء» الى ان مفاجآت ستشهدها المنطقة ستتدحرج باتجاه لبنان بإنجاز تسوية سياسية قد تطول بانتظار استكمال تنفيذ بنود الاتفاق الإيراني السعودي في الصين والذي يشهد خطوة إضافية باجتماع وزيري خارجية البلدين الإيراني والسعودي في بكين للتحضير لزيارة الرئيس الإيراني الى المملكة العربية السعودية على أن تجري متابعة تنفيذ بنود الاتفاق، وهي:
تفعيل العلاقات الديبلوماسية.
تعزيز التعاون الاقتصادي.
التفاهم المشترك على حل أزمات المنطقة بدءاً من اليمن فسورية ولبنان.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» أنه سيتم تعيين سفراء لدى الدولتين إيران والسعودية بعد عيد الفطر.
في المواقف السياسية أشار المجلس السياسي في التيار الوطني الحر في اجتماعه الدوري الذي عقده برئاسة النائب جبران باسيل الى أن «في موازاة الحركة الدولية المهتمّة بانتخابات رئاسة الجمهورية يبقى الأساس أن يتصرف المعنيون في لبنان بما يؤكد أن هذا الاستحقاق لبناني سيادي أولاً وأخيراً. فمع شكر الدول المهتمة إلاّ أن المسؤولية الأولى تقع على مجلس النواب اللبناني ومكوناته السياسية للإسراع بانتخاب رئيس إصلاحي يحتاجه لبنان في هذه المرحلة الى جانب حكومة تلتزم الإصلاح ومجلس نيابي يتعهّد بالقيام بما عليه. وفي هذا الإطار تمنى التيار الوطني الحر أن «يفضي لقاء التأمل في بيت عنيا الى تنبيه النواب المسيحيين الى المخاطر الوجودية على لبنان وما يتوجب القيام به لحماية الوطن».
واستغرب التيار «تجاهل رئيس الحكومة ما ورد في بيان صندوق النقد حول «مرور لبنان بلحظة خطرة للغاية، وبأنه سيدخل في أزمة لا نهاية لها». إن هذا السكوت واللامبالاة معطوف على التلاعب المستمر بسعر صرف الليرة هبوطاً وصعوداً يدلّ على ما هو أبعد من الإهمال وقد يصحّ فيه توصيف ارتكاب الجرم بحق الشعب عن إهمال متعمّد وامتناع مقصود عن العمل أي «اللاعمل».
وعلمت «البناء» باتفاق بين المرجعيات السياسية على تأجيل الملفات المتفجرة كأزمة المصارف والرواتب وجلسات مجلس الوزراء والملفات القضائية كاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكذلك استدعاء القاضية غادة عون لأخذ افادتها بدعوى الرئيس نجيب ميقاتي الى ما بعد عيدي الفصح والفطر.
وفي ظل استقرار سعر صرف الدولار تحت سقف الـ100 الف ليرة، أعلنت وزارة المال مجدداً أنها سدّدت كامل رواتب الشهر الحالي على سعر صرف صيرفة 60 ألف ليرة. ويشمل ذلك رواتب القضاة والعسكريين وموظفي الوزارات والإدارات العامة والمؤسسات العامة لا سيما اوجيرو وكهرباء لبنان والمستشفيات الحكومية وتعاونية موظفي الدولة وغيرهم، إضافة الى معاشات المتقاعدين من القطاع العام. ونفت الوزارة في بيان، أي تمييز يين موظفي القطاع العام، وان سعر 60 الف ليرة تم اعتماده للرواتب والمعاشات دون أي استثناء. اما بخصوص الذين قبضوا رواتبهم او معاشاتهم على سعر 90 الف ليرة، فإنه سيتم دفع الفارق المستحق لهم خلال الايام القليلة المقبلة من خلال مصرفه المعني بذلك».
وكشف وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، في تصريح من بلدتي بسابا وكفرشيما، إلى أنه «من المتوقع أن تصل إيرادات المرافق التابعة للوزارة إلى ما يفوق 300 مليون دولار للعام 2023، مع العلم بأن موازنتها تبلغ فقط 2 مليون دولار، في حين أن صيانة الطرق وحدها بحاجة الى 105 ملايين دولار».
واكد أن «العمل على زيادة موازنة الوزارة وفقًا للأطر الدستورية، أكثر من ضرورة».
بالمقابل، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين بأقسى العبارات، ورأت أن «استسهال المسؤولين الإسرائيليين استباحة الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين في فلسطين المحتلة والتمادي في الاعتداء على بيوتهم وممتلكاتهم وأراضيهم، هو نتيجة لإفلات «إسرائيل» المتكرر من العقاب». ودعت في بيان، المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في وقف هذه الاعتداءات وتحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية الجرائم التي ترتكبها والنتائج المترتبة عليها.
وبالتزامن مع الاعتداءات الإسرائيلية سجل اتخاذ العدو إجراءات أمنية احترازية على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، تحسباً لردات فعل من لبنان على غرار العملية الأمنية الأخيرة التي قال العدو إنها انطلقت من لبنان، ما يعكس وفق الخبراء العسكريين حالة الرعب التي يعيشها الاحتلال من ردة فعل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وأفادت وسائل إعلام الاحتلال، عن توجيه «تعليمات لسكان الجليل الأعلى بالتزام الملاجئ، عقب سماع انفجارات على الحدود مع لبنان». كشفت القناة 13 الإسرائيلية، عن اعتراض «مسيّرة بعد الاشتباه باختراقها الحدود الإسرائيلية اللبنانية، من جهة بلدة المطلة».
وفي سياق ذلك، أفادت قناة «المنار»، بأنّ جيش الاحتلال أقفل المزيد على نفسه، على الحدود مع لبنان، بالبلوكات الإسمنتية المرتفعة في محيط الموقع العسكري، في العباد، مقابل بلدة حولا.
وتوقع خبراء لـ«البناء» أن تتطوّر الأوضاع الأمنية في فلسطين المحتلة الى مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال قد تجر الى انتفاضة شعبية في مناطق فلسطينية عدة تبلغ ذروتها في إحياء يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان والمرتقب أن يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هذه المناسبة ليطلق مواقف هامة وتصعيدية في هذا الإطار. ويلفت الخبراء الى أن المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية لا سيما فرض الصين دورها الدولي والمصالحة الإيرانية السعودية والانفتاح العربي على سورية، ستضعف من النفوذ الأميركي في العالم وفي المنطقة وكسر الأحادية الأميركية. وبالتالي سينعكس ضعفاً على «إسرائيل» بطبيعة الحال، وثانياً تخفيف التوترات المذهبية في العالم والتوحّد خلف القضية الفلسطينية، فضلاً عن توحّد حركات المقاومة في المنطقة وعودة سورية للعب دورها كمحور العلاقات العربية العربية عبر جامعة الدول العربية التي من المرتقب عودتها إليها قريباً.
"النهار": الشلل السياسي مجددًا تحت وطأة "الرهانات"
بدورها، كتبت صحيفة "النهار": بعد أسبوع من “التحركات الطارئة” التي اثارت الكثير من الحيوية في المشهد السياسي، يستعيد الواقع الداخلي ما يشبه الشلل التام وكأن المعادلة التي تحكم ازمة الفراغ الرئاسي لم تشهد أي متغيرات جوهرية وحقيقية على رغم كل ما واكب التحركات التي حصلت ما بين باريس وبيروت من احتدام وارتفاع وهبوط في الرهانات على اختراق الانسداد في الازمة الرئاسية. وبدا واضحا بما لا يقبل جدلا ان مجمل الأوساط السياسية الداخلية لا تزال تدور في حلقة الغموض الكبير الذي يطبع الرهانات او الحسابات المتصلة بمواقف دول الخماسي الدولي التي باتت اشبه بمرجعية خارجية مسلم بها للتعامل مع ازمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان وان كل ما حصل من لقاءات وتحركات ومشاورات في باريس، ومن ثم في بيروت، في الأيام الأخيرة، قد انتهى الى خلاصة لم تتقدم معها ولم تتراجع صورة المأزق ولو انها اثارت الكثير من الاضطراب السياسي في الداخل. ولم يعد خافيا، وفق حصيلة المعطيات التي نتجت أولا عن زيارة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لباريس، ومن ثم جولة الموفد القطري في بيروت، وما بينهما من تحركات بين الافرقاء الداخليين، ان مرحلة انتظار التطورات الخارجية المتصلة بالازمة الرئاسية ولا سيما بين دول الخماسي، فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، قد مددت وطغت على كل اعتبار داخلي بحيث بدا العامل الداخلي اضعف الحلقات امام معادلة الانتظار خصوصا مع تعاظم رهانات افرقاء كثيرين على تسوية او افاق حل يأتي عقب بلورة الاتفاق السعودي – الإيراني الذي يشهد اليوم تحديدا حلقة تنفيذية مهمة من خلال لقاء وزيري الخارجية السعودي والإيراني في بكين استكمالا لفصول الاتفاق الثلاثي الذي جرى التوصل اليه أخيرا. ولذا سيبقى الوضع الداخلي عرضة لموجات المد والجزر التي لا تؤدي الى تبديل في المعادلات حتى تبرز معالم تفصيلية في توافقات دول الخماسي حيال لبنان وهو امر ليس مرتقبا في وقت قريب.
خلوة بيت عنيا
وسط هذه المناخات والأجواء لم تتجاوز الخلوة الروحية النيابية المسيحية التي عقدت امس في بيت عنيا بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الاطار الذي رسم لها اذ خلت واقعيا من أي مداولات في السياسة واقتصرت النقاشات التي شارك فيها 53 نائبا وراء طاولة مستطيلة على الشق الروحي المسيحي وعلى القيم التي تدعو اليها الكنيسة، والتي يجب ان تحكم عملَ المعنيين بالشأن العام، لناحية المحبة والخدمة والحوار والتواصل.
وفي الاطار العلني لم يكن بعد الخلوة وخلال القداس سوى عظة البطريرك الراعي التي ضمنها القليل من الابعاد السياسية ولم تخلُ من بعض الادانة غير المباشرة للنواب. وقد شدد البطريرك الراعي على ان “السياسة التي تمارس السلطة بطريقة خاطئة هي غير قادرة على الاعتناء بالاخرين فتسحق الفقراء وتستغل الارض وتواجه النزاعات ولا تعرف كيف تحاور”. وأضاف “يقول البابا فرنسيس أن “السياسة التي تسعى لخلق مساحة شخصية وفئوية هي سيئة أمّا السياسة التي تضع خطة لمستقبل الأجيال فهي صالحة وفق مسألة تتوّج بالوقت يتغلّب على المساحة”. على ضوء هذين الوجهين وفي ختام هذه الخلوة الروحيّة، فليطرح كلّ واحد منا، بل كل سياسيّ صالح هذه الأسئلة على نفسه:
بماذا جعلت الشعب يتقدّم؟ أيّ طابع تركت في حياة المجتمع؟ أي روابط حقيقيّة بنيت؟ أي قوى إيجابيّة حرّرت؟ كم سلام اجتماعي زرعت؟ ماذا انتجت في المسؤوليّة التي أُسندت إليّ؟ (البابا فرنسيس: “كلّنا إخوة”، 197). ماذا فعلت لتسهيل انتخاب رئيس الجمهوريّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة بعد خمسة أشهر من الفراغ الرئاسيّ ودمار شعبنا؟”
وبعد انتهاء الخلوة وقبيل بدء القداس في كنيسة سيدة لورد، التقطت الصور للبطريرك الماروني برفقة النواب المشاركين من أمام تمثال سيدة لبنان. وتغيّب عن الخلوة كل من النواب سينتيا زرازير، ميشال معوض، بولا يعقوبيان، ملحم خلف، نجاة صليبا، أسعد درغام، الياس بو صعب، سامر التوم، ميشال الدويهي، ميشال المر. وافيد أن النائبين ملحم خلف ونجاة عون صليبا إتصلا بالبطريرك الراعي مساء الثلثاء وتمنيا مشاركته الصلاة من قاعة مجلس النواب إستكمالًا لإعتصامهما منذ 77 يومًا وقد أبدى الراعي تفهمًا إيجابيًا لموقفهما.
واشنطن
وعلى وقع اعلان وزارة الخزانة الأميركية اول من امس فرض عقوبات على الاخوين ريمون وتيدي رحمة المقربين من رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، نفى امس نائب وزير الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات براين نلسون أي صلة سياسية بهذا الاجراء. وأوضح في لقاء صحافي عبر تقنية “زوم” ان لا علاقة بين العقوبات الأخيرة والاستحقاق الرئاسي في لبنان داعيا الى انتخاب رئيس والشروع في الإصلاحات. وشدد نلسون على “اننا سنلاحق النخب الفاسدة” لافتا الى ان “العقوبات هي رسالة اليها وتحذير واذا استمر الفساد سنقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة”. وإذ شدد على ان واشنطن قلقة من الاثار المدمرة للفساد في لبنان قال ان لا معلومات عن علاقات الاخوين رحمة بالسياسيين وادراجهما على لائحة العقوبات كان بسبب الفساد حصرا علما اننا استغرقنا وقتا لبناء الأدلة والقرائن”. ولفت الى ان الاخوين رحمة يستغلان النفوذ للفساد في قطاع النفط وهما روجا النفط الفاسد ما الحق ضررا بقطاع الكهرباء. ولعل اللافت في كلامه انه كشف ان المصارف اللبنانية سمحت بتهريب 456 مليون دولار منذ احتجاجات 2019.
مواقف
اما في المواقف السياسية، أشار المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” في اجتماعه الدوري الذي عقده برئاسة النائب جبران باسيل الى ان “في موازاة الحركة الدولية المهتمّة بانتخابات رئاسة الجمهورية يبقى الأساس أن يتصرف المعنيون في لبنان بما يؤكد أن هذا الاستحقاق لبناني سيادي أولاً وأخيراً، فمع شكر الدول المهتمة، الاّ ان المسؤولية الأولى تقع على مجلس النواب اللبناني ومكوناته السياسية للإسراع بإنتخاب رئيس إصلاحي يحتاجه لبنان في هذه المرحلة الى جانب حكومة تلتزم الإصلاح ومجلس نيابي يتعهّد بالقيام بما عليه. وفي هذا الإطار تمنى التيار الوطني الحر أن يفضي لقاء التأمل في بيت عنيا الى تنبيه النواب المسيحيين الى المخاطر الوجودية على لبنان وما يتوجب القيام به لحماية الوطن”. استغرب التيار “تجاهل رئيس الحكومة ما ورد في بيان صندوق النقد حول “مرور لبنان بلحظة خطرة للغاية، وبأنه سيدخل في أزمة لا نهاية لها”. معتبرا إن “هذا السكوت واللامبالاة معطوفاً على التلاعب المستمر بسعر صرف الليرة هبوطاً وصعوداً يدل على ما هو أبعد من الإهمال وقد يصحّ فيه توصيف إرتكاب الجرم بحق الشعب عن إهمال متعمّد وامتناع مقصود عن العمل اي “اللاعمل” بحسب كلام صندوق النقد الدولي”.
باريسبشارة الراعيالحدود البرية اللبنانية