لبنان
الحكومة تجتمع الإثنين المقبل لبحث الوضع المالي.. وليف في بيروت
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم من بيروت على الجلسة الوزارية التي ستعقد مطلع الأسبوع المقبل، إذ وزعت الامانة العامة لمجلس الوزراء نص دعوة لجلسة حكومية تعقد الاثنين المقبل ببند وحيد يتعلّق بعرض وزير المالية الوضعَين المالي والنقدي وانعكاساتهما على القطاعات المختلفة.
كما اهتمت الصحف بالزيارة التي ستقوم بها معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف إلى لبنان، حيث وصلت الأخيرة أمس الى بيروت، ووصفت مصادر سياسية متابعة الزيارة بالاستطلاعيّة لمعرفة حدود الانهيار الذي بلغه الوضع الاقتصادي والمالي وفقاً لرهان ليف نفسها، على أن الأسوأ للبنان يجب أن يأتي وأنه يمكن له أن يحسن شروط واشنطن في مواجهة حزب الله.
"البناء": الحكومة الاثنين للملف المالي… وتأجيل التوقيت الصيفي… وليف لنهاية الحلف مع السعودية
وصلت معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف إلى بيروت، ووصفت مصادر سياسية متابعة الزيارة بالاستطلاعيّة لمعرفة حدود الانهيار الذي بلغه الوضع الاقتصادي والمالي وفقاً لرهان ليف نفسها على أن الأسوأ للبنان يجب أن يأتي وأنه يمكن له أن يحسن شروط واشنطن في مواجهة حزب الله، وهو ما سوف تحاول ليف استكشافه بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله بمواجهة خطر الفوضى الأميركية بإشهار خيار الحرب على كيان الاحتلال، وبالتوازي سوف تقوم ليف باحتساب الأوراق الأميركية الخالصة في المستوى السياسي اللبناني إذا ما قرّرت الرياض سلوك طريق منفصل في مقاربة الملفات اللبنانية على خلفية تفاهمها مع إيران.
حكومياً، ينعقد الاثنين اجتماع للحكومة مخصص للوضعين المالي والاقتصادي، للتوقف أمام كيفية إدارة الأزمة في ظل مخاطر انهيارات إضافية في سعر الصرف، وفي ظل تحذيرات صندوق النقد الدولي من اللحظة الحرجة التي بلغها الوضع المالي في لبنان، بينما انشغل الوسط السياسي بالتعليقات غير المفهومة على قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، بما يسهل أمور الصائمين وعدم إرباكهم بالانتقال بين توقيتين، خصوصاً أن بعض المواقف والتعليقات اتخذت طابعاً طائفياً غير مفهوم.
وفيما فرض حلول شهر رمضان تهدئة للمشهد الداخلي الذي شهد سخونة اقتصادية ونقدية وأمنية لافتة أولى أيام الأسبوع في ظل توحّد مراجع المذاهب الاسلامية على بداية الصوم انسجاماً مع الاتفاق السعودي الإيراني في الصين، غاب النشاط السياسي باستثناء حركة لافتة ونشطة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باتجاه عين التينة ودار الفتوى أفضت الى إعلان عن جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل فيما عقد ميقاتي سلسلة لقاءات مالية واقتصادية وعمالية في السراي الحكومي.
وأطلق ميقاتي سلسلة مواقف من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال ميقاتي بعد اللقاء: «انتخاب رئيس جمهورية هو الحل ومن ينتقدنا عليه ان يذهب وينتخب رئيساً». أضاف: كنت صريحاً مع الرئيس بري بأن الأوضاع تقتضي عملية طوارئ سريعة لإنقاذ البلد. فالحكومة لا تستطيع أن تقوم بدورها مع مجلس نيابي معطل ومع غياب انتخاب رئيس للجمهورية. ويتمّ الإعداد لجلسة وزارية مطلع الأسبوع المقبل. ولاحقاً، وزعت الامانة العامة لمجلس الوزراء نص دعوة لجلسة حكومية تعقد الاثنين المقبل ببند وحيد يتعلّق بعرض وزير المالية الوضعَين المالي والنقدي وانعكاساتهما على القطاعات المختلفة.
وخلال اللقاء طلب بري من ميقاتي، إرجاءَ موعد اعتماد التوقيت الصيفي، شهراً، حتى ليل 20 – 21 نيسان المقبل استثنائياً، فكان له ما أراد.
ووفق مصادر «البناء» فإن ميقاتي استمزج رأي بري بعدة مواضيع لا سيما تلك التي تحتاج تنسيقاً وتعاوناً بين مجلسي النواب والوزراء وصعوبة إنجاز مشاريع القوانين بظل التعطيل الذي طال مختلف المؤسسات الدستورية بسبب الفراغ في رئاسة الجمهورية، كما وضع ميقاتي بري بأجواء زيارته الى الفاتيكان وأوروبا وقبرص وأيضاً بمضمون الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي، كما وضعه بصورة الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء.
وعلمت «البناء» أن وزير المال يعدّ دراسة حول الواقع المالي والاقتصادي تتضمن اقتراحات لتعزيز الإيرادات لكي تستمر بتلبية حاجات الدولة الاساسية بظل توقف مصرف لبنان عن تمويل الدولة. ووتتضمن الدراسة آليات لزيادة رواتب موظفي القطاع العام لفك الإضراب بعدة مؤسسات ومرافق عامة لاعادة تفعيلها وتعزيز الجباية على ان يعرض وزير المال هذه الخطة على مجلس الوزراء الاثنين لمناقشتها.
وعلمت البناء أن أغلب الوزراء سيحضرون الجلسة بمن فيهم وزراء محسوبون على التيار الوطني الحر لكونها ستبحث بنداً واحداً فقط.
وقبيل زيارته عين التينة قصد ميقاتي دار الفتوى وقدم التهنئة لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحلول شهر رمضان المبارك. بعد اللقاء قال ميقاتي: «شرحت بإسهاب الواقع الذي نحن فيه، فنحن كحكومة نقوم بواجبنا كاملاً، وقد أرسلنا كل مشاريع القوانين الى مجلس النيابي لإقرارها من أجل ان يكون ذلك بداية ورشة عملية واصلاحات كبيرة على صعيد الدولة اللبنانية من أجل إعادة الحركة الاقتصادية الناشطة لكي نستطيع إنقاذ ما نتمكن من إنقاذه رغم هذه الظروف الصعبة».
وأكد بعد اللقاء أن الاجتماع تناول المواضيع العامة والتي تهم المواطن خصوصاً بالتزامن مع الوضع المعيشي الصعب، وأشار الى ان الحكومة تقوم بواجباتها، وقد أرسلت مشاريع القوانين الى مجلس النواب لإقرارها.
وكان ميقاتي استقبل في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وفد صندوق النقد الدولي ومشاركة مستشار ميقاتي النائب السابق نقولا نحاس. وتم خلال اللقاء عرض نتيجة المشاورات التي قامت بها بعثة الصندوق في لبنان بعد جولة قامت على المسؤولين المعنيين تمهيداً لوضعها التقرير التقييميّ الذي سيصدر عنها.
وفي تحذير خطير وجديد أعلن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت أرنستو راميريز أن «لبنان في وضع خطير للغاية». ولفت بعد جولة استمرت أياماً قام بها الوفد على المسؤولين اللبنانيين الى ان «تقدم الإصلاحات في لبنان «بطيء للغاية بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف». اضاف «كنا نتوقع المزيد من حيث إقرار وتنفيذ التشريعات الخاصة بالإصلاحات المالية في لبنان». واشار الى ان المسودة النهائية لقانون الكابيتول كونترول لا تلبي الأهداف وتحتاج لتعديلات.
وشدد في مؤتمر صحافي في ختام زيارته بيروت، على «السلطات اللبنانية تسريع تنفيذ الإصلاحات للحصول على حزمة الإنقاذ»، معلناً أنّه «لا تقديرات جديدة للخسائر في القطاع المالي اللبناني». وطالب الحكومة اللبنانية بـ»التوقُّف عن الاقتراض من البنك المركزي»، مؤكداً أنّه «سيتعيّن على الجميع تحمل خسائر نتيجة الأزمة المالية في لبنان». وذكر أن «النظام المصرفي اللبناني يفتقر إلى السيولة ورأس المال في هذه المرحلة، ويجب أن ينتقل لبنان إلى سعر صرف يحدّده السوق لأنّ سعر «صيرفة» يحدّده البنك المركزي».
وكان ميقاتي استقبل رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الذي قال بعد اللقاء: «كنا أمام قاب قوسين أو أدنى من إعلان الإضراب الشامل المفتوح وتمنينا على دولة الرئيس اليوم، عقد اجتماعات متلاحقة للمسؤولين الماليين لمحاولة المعالجة، فالوضع غير مقبول ونجد أن هناك تطوراً في سعر صرف الدولار 40 الفاً صعودا ونزولا في ظرف يومين، وهذا يدل على التلاعب المفرط في سعر الصرف».
واشار الى ان «المطالبة التي رفعناها ستنفذ كما قال دولة الرئيس، باجتماعات متلاحقة مع وزير المال ومع حاكم مصرف لبنان، فنحن على أبواب الشهر الفضيل، والناس ليس بمقدورها أن تتحرك في شهر رمضان المبارك، لذلك هناك ضرورة للمعالجة في أسرع وقت ممكن».
وفي خطوة كانت متوقّعة بعد التلويح بها في الساعات الـ24 الأخيرة، أعلن المجلس التنفيذي لنقابة موظفي هيئة «أوجيرو» الإضراب المفتوح اعتباراً من صباح غد الجمعة «لتجاهل مطالبنا بتعديل رواتب أصبحت تعادل 1 في المئة من قيمتها»، في خطوة قد تهدّد بعزل لبنان عن العالم.
ولكي تكتمل حلقة الشلل المؤسسي أفيد أن اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الذي كان حُدّد يوم الإثنين المقبل، جرى تأجيله إلى موعدٍ يُحدد لاحقاً إفساحاً للمجال أمام دراسة المزيد من القوانين الجديدة في اللجان النيابية المُشتركة.
"الأخبار": البنك الدولي: كذبنا عليكم بالكهرباء
في نهاية كانون الثاني، تبلّغ نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، من مسؤول البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، أنه لن يتم تخصيص أي أموال في موازنة البنك لتمويل استيراد الغاز من مصر، قائلاً: «لم يبق إلا إعلان انتهاء المشروع، وعلى وزير الطاقة أن يعلِن ذلك للشعب اللبناني وليس البنك الدولي»، بحسب ما ورد في محضر اللقاء بين الطرفين الذي اطلعت عليه «الأخبار»
مضَى أكثر مِن عام ونصف منذُ إبلاغ السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، قراراً من إدارتها بمساعدة لبنان في قطاع الكهرباء (استجرار الكهرباء من الأردن، واستيراد الغاز من مصر لتشغيل معامل الكهرباء في لبنان وزيادة الإنتاج). أتى ذلك القرار إثر إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «انطلاق السفينة الأولى المحمّلة بالمشتقات النفطية من إيران، لكسر الحصار». وحتى الآن، لم يترجم القرار الأميركي، لا لناحية إصدار الإدارة الأميركية استثناءات لمصر من «قانون قيصر»، ولا لجهة صدور الموافقة من البنك الدولي على تمويل ثمن الغاز. بالعكس، تلقّى لبنان رسالة واضحة من مسؤول البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، بأن هذا الأمر انتهى. قالها في لقاء رسمي عقد في نهاية كانون الثاني 2023 في واشنطن، مع نائب رئيس الحكومة الياس بو صعب الذي كان يرافقه النواب: نعمة افرام، ومارك ضوّ، وياسين ياسين.
إذاً، على رغم كل ما سُرّب عن بدء العدّ العكسي لمسار تنفيذ الخطة التي وُضِعت على السكة منذ شهر آب 2021، ووصول إشارات إيجابية من البنك الدولي الذي يفترض أنه سيمنح لبنان قرضاً لتمويل ثمن الغاز وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز، فضلاً عن إشاعات صدور استثناءات من قانون قيصر، إلا أنه تبيّن في النهاية أن البنك الدولي والإدارة الأميركية يكذبان. فقد أشاعا انطباعاً أن البنك الدولي سيلعب دور «المُسعِف» للقطاع المتعثّر، بإيعاز من الإدارة الأميركية، وأن الأمر متوقف على شروط يفترض بلبنان أن ينفّذها مثل تعيين الهيئة الناظمة للاتصالات، والتدقيق في حسابات كهرباء لبنان، وتصحيح تعرفة الكهرباء للمشتركين... في حقيقة الأمر، كان الانطباع مُزوراً؛ فالطرفان متفقان على الانتقام السياسي من خلال منع لبنان من تنفيذ أي مشروع يكسر الحصار الأميركي عليه، على قاعدة أن لا شيء مجاناً.
فقد تبيّن أن قرار تمويل ثمن شحنات الغاز لا ينتظِر أي إصلاحات، كما يدّعي البنك الدولي. وبحسب محضر اللقاء بين بو صعب وبلحاج، فإن هذا الأخير نعى المشروع، وأبلغ بو صعب أنه طلب من وزير الطاقة وليد فياض إعلان نهاية المشروع للشعب اللبناني. وأشار بلحاج، إلى أنه كان واضحاً مع «الرئيس ميقاتي بأن الجدول الزمني، وما قامَ به وزير الطاقة لم يكُن كافياً بالنسبة إلينا». وردّ بلحاج على الكلام التشكيكي بنوايا البنك الدولي لجهة إقراض لبنان لشراء الغاز، مشيراً إلى أن «لبنان لم يستجب لكل مطالبات البنك الدولي منذ عام 2002 لجهة القيام بإصلاحات في قطاع الكهرباء، وحتى الآن لا توجد خطّة جديّة لتنفيذ ما هو مطلوب»، معتبراً أن «وزير الطاقة بتصريحاته وخطاباته في هذا الشأن لا يخدم مصداقية لبنان»، لكنه لم يغفل تقديم إشارات سياسية واضحة، إذ قال: «لا نرى أي ديناميات جديّة لوضع الهيئة الناظمة موضع التنفيذ، إنما كلام ووعود، وقد قلنا للمسؤولين إن المشروع غير قابل للحياة، بالتالي يجب أن نقوم بمشاريع جديدة في لبنان تتعلق بالطاقة البديلة. وأنه يُمكن العمل على ذلك من خلال رصد أموال للعام المقبل، لأن الأموال المرصودة لهذا العام موزّعة على مشروعين مرتبطين بشبكة الأمان الاجتماعي والأمن الغذائي». وقد نعى بلحاج المشروع قائلاً: «لا يبقى إلا إعلان انتهاء هذا المشروع، وعلى وزير الطاقة أن يعلِن ذلك للشعب اللبناني وليس البنك الدولي».
وحده بو صعب كانَ صريحاً في نقل هذا الواقع، ولو أنه حرص على «تجميله» بالإشارة إلى أن «قرض التمويل مجمّد». وبعد عودته من الزيارة إلى أميركا، قال في حديث لتلفزيون الميادين: «البنك الدولي أبلغنا بأنّ القرض الذي كان ينتظر تخصيصه للبنان من أجل تحسين التغذية الكهربائية فيه غير مطروح في موازنته الحالية»، لافتاً إلى وجود «قطبة مخفيّة». على رغم ذلك تعرّض بو صعب للانتقادات من ميقاتي الذي تساءل عن تدخّل بو صعب بهذا الملف، واصفاً الأمر بـ «التفشيخ». يومها اكتفى بو صعب بالرد: «فشختو أطول».
إذاً، لا طائل من الرهان على البنك الدولي. منذ زيارة بو صعب، لم يخرج وزير الطاقة ولا أي مسؤول رسمي في لبنان يعلِن «الترحّم» على المشروع. لكن يبدو أن الحفاظ على علاقات ديبلوماسية تتفوق على مصارحة الشعب اللبناني. وفي انتظار أن «يتجرأ» أحد المسؤولين الرسميين على مصارحة الناس ونعي المشروع، وإعلان الأسباب الحقيقية التي منعت ذلك، يُمكن القول إن معظم الذين شاركوا في حفلة «التبجيل والمراهنة» لن تكون لديهم أجوبة نهائية وصحيحة على أكثرية الأسئلة المطروحة عن أسباب قرار الجهة الدولية التراجع عن تمويل المشروع. وليس هناك أي حجّة يمكن أن تغطّي وقوف هؤلاء على النقيض تماماً من أي خطة إصلاحية في قطاع الكهرباء. لكن في الوقت نفسه لا حاجة للتدقيق، في أن كل ما حصل من ممارسات دولية وتسويف لا دلالة له سوى استمرار الولايات المتحدة في منع كل الحلول المتعلقة بقطاع الطاقة، كأحد سبل الضغط وتوطيد الحصار على لبنان وإخضاع شعبه لتحقيق أهداف سياسية، وقد حرص «اللوبي الأميركي» في البلد على إنكار الفكرة وتسخيفها وتفريغها.
إنما في الواقع، المسألة الأساسية تتعلق بالكذب الذي يمارسه البنك الدولي والولايات المتحدة. فهما يزعمان بأن الأعمال الإغاثية وحدها مستثناة من قانون قيصر، لذا لا يمكن أن تقوم مصر ببيع الغاز للبنان بلا هذا الاستثناء طالما أن خطّ الغاز يمرّ في الأراضي السورية. بلحاج كان أكثر صدقاً في التعبير عن الجوانب السياسية لفرملة التمويل، إذ أشار إلى: «جوانب تتعلق بالقضايا الجيوسياسية لخطّ الأنابيب بسبب مروره في سوريا، ولا يُمكِن أن نلتزم من دون أن نأخذها في الاعتبار».
اتفاقيتان بلا تنفيذ
في مطلع 2022، وقع لبنان اتفاقية استجرار الكهرباء من الأردن لتأمين استجرار نحو 150 ميغاوات تغذية كهرباء من منتصف الليل حتى السادسة صباحاً، و250 ميغاوات خلال بقية أوقات النهار، بكلفة 200 مليون دولار. وبعد نحو 5 أشهر، وقّع لبنان اتفاقية مع مصر لاستيراد 650 مليون متر مكعب من الغاز تحصل سوريا منها على 8% باعتبارها حصّتها من مرور خطّ الغاز عبر أراضيها، علماً بأن ما سيحصل عليه لبنان يكفي لإنتاج 400 ميغاوات، إلا أن الاتفاق لم ينفذ لأن مصر ما زالت تحاول الحصول على تأكيدات بأن هذه الاتفاقية مستثناة من العقوبات الغربية المفروضة على سوريا (قانون قيصر)، بينما لبنان ينتظر أن يحصل على موافقة البنك الدولي من أجل إقراض لبنان لتمويل شراء الغاز.
"النهار": تحذير شديد اللهجة: لبنان في وضع خطير للغاية
في دول العالم يرتبط تغيير التوقيت بزيادة الانتاج وتوفير الطاقة، وفي لبنان يرتبط بتوفير ساعة صيام، بدل تقديم حلول لاشباع الصائمين المعوزين، والذين اجبروا على الصيام بقوة الفقر والعوز. وفيما تشهد المنطقة تطورات جذرية، ويغرق لبنان في مشكلات وتعقيدات لا تحصى، قصد الرئيس نبيه بري، اعطاء التعليمات لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، على مرأى الاعلام ومسمعه، لتأخير اعتماد التوقيت الصيفي الى ما بعد شهر رمضان. ورد الاخير بانه ارسل الى عين التينة اقتراحا بهذا المجال لكنه لم يتلق جوابا ايجابيا. وهكذا بدا لقاء الرئيسين حفلة زجل على انقاض بلد “في وضع خطير للغاية” على ما وصفه تقرير “خطير للغاية” صدر امس عن صندوق النقد الدولي. وجاء تجميد التوقيت الصيفي، متزامنا مع توقف عقارب انتخاب الرئيس، وجلسات التشريع، والتعيينات، والاصلاحات، وغيرها.
وفي تحذير شديد اللهجة، أعلن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت أرنستو راميريز ريغو أن “لبنان في وضع خطير للغاية”.
ولفت إلى أن “تقدّم الإصلاحات في لبنان بطيء للغاية بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف”.
وقال ريغو: “لبنان على مفترق طرق خطير، ومن دون إصلاحات سريعة سيكون غارقا في أزمة لا تنتهي أبدا. سيظل الفقر والبطالة مرتفعين، وستستمر الإمكانات الاقتصادية في التدهور، في حين ان استمرار الوضع الراهن من شأنه أن يقوّض الثقة في مؤسسات الدولة وسيؤدي التأخير الإضافي في تنفيذ الإصلاحات إلى إبقاء الاقتصاد في حالة ركود، مع عواقب لا رجعة فيها على الدولة بكاملها”.
أضاف “كنا نتوقع المزيد من حيث إقرار وتنفيذ التشريعات الخاصة بالإصلاحات المالية في لبنان”، مشيراً إلى أن “المسودة النهائية لقانون الـ”كابيتال كونترول” لا تلبّي الأهداف وتحتاج إلى تعديلات”.
هذا التحذير ترافق مع دعوة ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء يوم الإثنين المقبل، ببند وحيد يتعلّق بعرض وزير المالية الوضعَين المالي والنقدي وانعكاساتهما على القطاعات المختلفة، لا سيّما على رواتب وأجور وتعويضات العاملين والمتقاعدين في القطاع العام .إضافةً إلى عرض وزير العمل لتلك الإنعكاسات على المستخدمين والعاملين الخاضعين لقانون العمل.
وتداولت معلومات بان الجلسة ستقرُّ مجموعةً من الإجراءات، تطالُ رواتبَ القطاع العام، حيث سيتمُّ تخصيصُ بدل إنتاجيّة للموظّفين تراوح بين 50 و300 دولار على سعر منصة “صيرفة” اضافة الى بدل نقلي يومي بما يوازي 5 ليترات بنزين، وهو الذي تم اعتماده لمعلمي التعليم الرسمي للعودة عن اضرابهم الذي استمر نحو شهرين.
كما سيقر مجلس الوزراء مجموعة اجراءات تطال القطاع الخاص خصوصا لناحية تحديد حد ادنى غير رسمي للرواتب ورفع بدلات النقل.
وفي شأن متصل، لفت الاتحاد العمالي العام الى “معاناة الناس وتبيان الكارثة التي تعيشها الطبقة العمالية في لبنان، ان في القطاع الخاص او في القطاع العام. فالوضع لم يعد يحتمل، والارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار ينعكس سلبا على كل القطاعات، ويؤدي الى المزيد من الإفلاسات، الشعب اللبناني أصبح مفلسا بكل قطاعاته، لذلك كان لا بد من وقفة، ونحن في الاتحاد العمالي العام كنا على قاب قوسين أو أدنى من إعلان الإضراب الشامل المفتوح”.
حياتيا ايضا، أعلن المجلس التنفيذي لنقابة موظفي هيئة “أوجيرو” الإضراب المفتوح اعتباراً من صباح الجمعة “لتجاهل مطالبنا بتعديل رواتب أصبحت تعادل 1 في المئة من قيمتها”، وقد سارع وزير المال يوسف خليل الى اعطاء موافقة استثنائية لإعداد مشروع مرسوم يلبّي عدداً من مطالب عمّال أوجيرو، تفاديا لما قد يؤدي الى عزل لبنان عن العالم، علماً أن خدمة الاتصالات والإنترت في لبنان سجّلت تراجعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة.
سياسيا، ينتظر لبنان نتائج تطورات المنطقة، وانعكاساتها على مجمل الملفات في غياب اي مبادرة حقيقية وفاعلة للخروج من المأزق. وفيما ينهي رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في ايران كمال خرازي زيارته بعد لقاءات شملت الرئيسين بري وميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب و”حزب الله” وحركة “امل”، وصلت الى بيروت مساعدة وزير الخارجية الاميركية باربرا ليف امس، وتلتقي كلاً من بري وعبدالله بو حبيب قبل الظهر، على ان تزور ميقاتي في منزله وتلبي دعوته الى الافطار مساء اليوم.
ووفق بيان للخارجية الأميركية، ستؤكد الديبلوماسية الأميركية للمسؤولين اللبنانيين “الحاجة الملحة لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات اقتصادية حاسمة، لوضع لبنان على طريق الاستقرار والازدهار”.
وترى مصادر ديبلوماسية الى ان ليف لا تحمل معها أية مبادرة رئاسية واضحة ولا تحمل كذلك اسم مرشح مفضل، بل انها ستذكّر بتوصيات مؤتمر باريس الخماسي حول لبنان الذي انعقد في شباط الماضي.
لكن المصادر نفسها تخوفت من ان تحمل ليف معها تحذيرا الى لبنان من امكان تصنيفه في “المنطقة الرمادية” بعدما تحول اقتصاده من المصارف الى النقدي بحيث بات يصعب مراقبة حركة الاموال بما يتيح توسيع دائرة تبييض الاموال. وهذا التصنيف ان حصل يجعل لبنان في دائرة الرقابة المشددة، ما يتطلب اصلاحات ملحة لعدم بلوغ “اللائحة السوداء”.