لبنان
تكريم الإعلاميين الكبيرين نصر الله وقنديل.. عفيف: "وجودهما المتواصل إلى جانب المقاومة مصدر فخر"
تصوير: موسى الحسيني
أقامت العلاقات الإعلامية واللقاء الإعلامي الوطني حفل تكريم للإعلاميين الكبيرين رفيق نصر الله وغالب قنديل تقديرًا لمسيرتهما المهنيّة الكبيرة، ودورهما الوطني المقاوم، وذلك في بيت بيروت السوديكو، وسط حضور حاشد لإعلاميين وفعاليات اجتماعية وسياسية وثقافية.
تخلّل الحفل كلمات لمسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وكلمة الإعلامية الأستاذة ثريا عاصي باسم اللقاء الوطني الإعلامي.
الحاج محمد عفيف ذكر في كلمته مميزات المكرمَيْن ومناقبهما، متوجهًا لهما بالشكر على ما قدماه، و"كان وجودكما المتواصل إلى جانب المقاومة المظفرة وفي خدمتها وفي خدمة وطننا مصدر فخر لا ينقطع وشكر لا يزول".
وأضاف عفيف "تشهد مهنة الإعلام انحدارًا غير مسبوق تعرفه قطاعات حيويّة أخرى في إطار الأزمة العامة في البلاد، وقلّما نجت منه وسيلة إعلامية. تغيب المصداقية وتحضر الإثارة والفتنة والحملات المدفوعة، وتستعين بالشهود الذين لم يشاهدوا، وبالاتهامات بلا أدلة وبالروايات الكاذبة، ويفتقد الحوار، ويغيب العقل والتبصر والمسؤولية الوطنية، داخل صراع سياسي محتدم، فيحضر الانقسام والموقف المسبق والجهل المركب".
وتابع: "لقد تحدثت مع إعلاميين كبار ومسؤولين تنفيذيين في المؤسسات الأولى في البلد، ومع وزراء وأعضاء وكتل برلمانية عن سبيل للخروج من هذه الدوامة المقيتة، فنعيد للحق قيمته المطلقة، ولبيروت ألقها المستديم، وللإعلام اللبناني شعلته، لا في إطار استحضار ماضٍ، له ما له، وعليه ما عليه، بل في إطار استشراف المستقبل والتحديات الرقمية والظروف السياسية بالغة التعقيد عندنا ومن حولنا، في محاولة مني لفتح كوة صغيرة في جدار صلب، ولكن دون جدوى، إذ تغيب الرؤية وتضمر الأفكار وتحضر السياسة والمال".
وأضاف: "لن تفوتني المناسبة دون أن أتطرق إلى الدور الهدام في تدمير الإعلام اللبناني. يشترون الذمم والضمائر، الأقلام والأفكار، ويغدقون الأموال، ويبنون المؤسسات والمنصات، ويستثمرون كما لم يفعل أحد من قبل في السياسة، وبعد ذلك في السيطرة على الغرائز والعقول".
وأكد عفيف أننا "حتمًا قادرون على المواجهة"، وأضاف "لديهم المال ولدينا الكفاءات. لديهم الإمكانات، ولدينا الإرادة. لديهم المؤسسات الضخمة، ولدينا الحرية والإبداع. لديهم النفوذ والدعم السياسي والأسماء، ولدينا التنوع اللبناني المذهل والرائع الذي لا يشبه أحدًا، ولا يشبهه أحد. لديهم قوة الصورة ولدينا قوة الحقيقة، (..)، وإني على ثقة من أن أجيالًا من تلامذة رفيق نصرالله وغالب قنديل قادرة على أن تحمل المشعل وتضيء الطريق".
ولفت إلى الحملة المنهجية التي انخرطت فيها بعض وسائل الإعلام وعدد من السياسيين والإعلاميين، والتي اتسمت بالاجتزاء المقصود، والتشويه المتعمد، والضحالة المهنية، في محاولة لضرب صورة سماحة السيد ومصداقيته التي تعني الكثير لجمهور المقاومة في العالمين العربي والإسلامي، متسلحين بقضية وهمية مخترعة، وسؤال تشكيكي خاوٍ، أمام أحد أكثر المطلعين على قضايا المنطقة وشؤون محور المقاومة حتى أدق التفاصيل.
وأضاف: "الحال، أن سياق الخطاب كان واضحًا مخاطبًا اللبنانيين. لا تنتظروا التسويات الإقليمية ولا المفاوضات السعودية الإيرانية من أجل تمرير الاستحقاق الرئاسي. آمنوا بأنفسكم وبمصلحة بلدكم ولا تضيّعوا آمالكم ومستقبلكم في انتظار لا طائل منه ولا جدوى، هذا هو الخطاب الذي أخرج من سياقه في حملة تافهة، ذلك أن الشمس لا تحجب بالغربال".
وأردف عفيف: "إني في هذا السياق، أجدد موقفنا السالف بالترحيب بالإتفاق الإيراني السعودي، وآمل أن يكون مدخلًا هامًّا لتسوية الكثير من الملفات العالقة في المنطقة، ونبدي حذرنا الشديد من قيام الولايات المتحدة الأميركية والعدو الصهيوني بالعمل على تخريب هذا الاتفاق (الاتفاق السعودي الإيراني) بشتّى الوسائل والضغوط، لأن الإستراتيجية الأميركية تكمن أساسًا في خلق الصراعات والتوترات السياسية والدينية والطائفية والعرقية، ولن تقبل أن يعم الهدوء والاستقرار اللذان هما من مصلحة شعوب المنطقة".
من جهته، قال وزير الثقافة "تكريم الكبار هو من شيم وقيم اللبنانيين، وهذا يمثّل جزءًا من موروثهم الثقافي، وإنّ المكرمَين كانا وما برحا في الخطوط الأمامية من جبهة الدفاع في الحرب الثقافية التي تُخاض ضدنا، ومن هاتين الزاويتين أي زاوية القيم والشيم والموروث، وأيضًا من زاوية تسليط الضوء على الحرب الناعمة التي نواجهها، وسيرة المكرمين في معتركها تجعل وزارة الثقافة ووزيرها معنيين وظيفيًّا بالمشاركة في هذا الحفل".
وأضاف أنّ "المتبحّرَ في تاريخ منطقتنا والمتأملَ في مجريات واقعها الراهن يعرف أنّ أعداءنا عملوا على مرّ السنين وما برحوا من أجل الحؤولِ دون تشكّلنا دولًا راسخةَ الهويةِ والدورِ، وسعوا وما زالوا إلى إبقائنا مشتتين متناحري المكوناتِ على خلفياتٍ طائفيةٍ وإثنيةٍ وعرقيةٍ ودينيةٍ مصطنعة".
وتابع: "الاحتلالُ ورعاتُه على يقينٍ من أنّهم إذا دحروا مِحور المقاومة، لا سمح الله، فإن مشروع الشرق الأوسط الجديد سيجتاز آخر المعوقات التي تحول دون إرسائه، لأن المعادلةَ باتت واضحة اليوم: التّطبيعُ المرفوض من الشعوب العربية مقابلَ تفتيتِ دول المنطقة إلى دويلات، بحسب مخطط برنارد لويس. من لا يمكن جرّه إلى التطبيع، يجب جرُّهُ إلى التقسيم، أمّا حجر العثرة فأحرار هذه المنطقة، ولهذا يجري استهدافهم من خلال خطةٍ منظّمةٍ قوامها الحصار، فتجفيفُ الموارد، فضربُ العملات الوطنية، فالإفقارُ، فتسليطُ بعض جمعيات المجتمع المدني لتسيير شؤون الناس، فضربُ الثقة بالدولة المركزية. كل ذلك سيؤدي بحسب المخططين إلى خلق الريبة والشكّ ومشاعرِ فقدان الثقة بحركات المقاومة، ما يؤدي بدوره إلى تفكيك عناصر القوة في المجتمعاتِ المقاومة، ووضعها تحت وصاية الجهات المانحة أو المقرضة ومن ثَمّ إخضاعها، وبالتالي ترسيخُ وضعيتها كدولٍ ملتبسةٍ، ما يؤجّج الفوضى فيها لعشرات السنين".
وأضاف: "هل سوى النُخبِ التي منها المكرّمان الأستاذان غالب قنديل ورفيق نصر الله يكشف تلك المؤامراتِ ويفضحَ أهدافها الهدّامة؟ أوليس من خلال تلك النخب تُفْضَحُ الدسائسُ التي بدأت مع برنارد لويس، وما انتهت مع جون بولتون، وهي بهذا تسهمُ في انتصارِ الوعي الوطني؟ أوليست مسؤولية تلك النخب تفرض بثّ الوعي الاجتماعي لخطورة الترويج لصراعِ الحضاراتِ والثقافاتِ ولخطاب العنف والحقد والطائفية والمذهبية، وتفرض أيضًا الحرص على الوحدة، ونبذ التفرقة وتعزيز روح التسامح والتآخي، وهذا بالتحديد نقيضٌ لما يريد الكيانُ المغتصب زرعه في منطقة غرب آسيا، بدءًا من ضرب المقاومة في لبنان؟".
وتابع: "أيّها الأحبّة، إنّ طريق المقاومة الثقافية طريق ذات شوكةٍ، ونحن نشهد على أنّ المكرّمَين هما من أصلب وأفعل من سلكَها وثبت فيها، إذْ خاضا الصراعَ الإعلامي والثقافي والفكري في عصرين معًا، هما عصرُ الإعلام الحديث وعصرُ الإعلام الجديد، وفي كليهما تجلَّت قدرتُهُما على استعمال الأدوات بفاعليةٍ، ونجحا في معركةِ الوعي، وكانا في طليعة القادة الفكريين، وخاضا الحرب النفسية وجهاد التبيين البليغ ضد العدو "الإسرائيلي" منذ نصف قرن، وتخصصا في فضح تكتيكاته وإستراتيجياته، ودعّما الإعلام اللبناني والعربي بكل متاريس الممانعة في مرحلةٍ أولى، قبل أن ينتقلا من الدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية إلى الهجوم على أيديولوجية العدو وأعوانه في الداخل والخارج، وعكسا في هذا المعترك المقاومة الثقافية بأبهى صورها ضدّ الاحتلال الحضاري والثقافي الذي يمثّل أسوأ أنواع الاحتلالات، لأنّه يبثّ الفرقة والفتن، ويرسّخ في النفوسِ الوهنَ والضعفَ والانكسار، وهذا بدوره يولّدُ الشعورَ بالهزيمة قبلَ بدء المعركة".
وختم المرتضى بتوجيه الشكر للجهة المنظّمة بشخص الحاج محمد عفيف، متمنِّيًا العمر المديد للمكرمَين، ودوام الهمّة للاستمرار في أداء الدور التوعوي الإعلامي الرصين في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع مع عدوّ الإنسانية.
واعتبرت الإعلامية عاصي، أنّ رفيق نصر الله وغالب قنديل يرمزان إلى الجهود المبذولة من أجل إنقاذ شرف المهنة من الانحرافات الخطيره التي تلوث سمعتها، وتحوّل ما كان يعرف بالسلطة الرابعة إلى طابور رابع، وأضافت "أعني بذلك الانحراف، الأكثر خطورة، والمتمثل بالتفريق الكامل ما بين المهنية والوطنية، بل واعتبارهما أمرين متناقضين غير قابلين للتعايش معاً، ما يستوجب تسخير أحدهما، أي الوطنية، خدمة للثاني أي المهنية، والحجة المعتمدة دومًا، لتبرير هذا الانحراف المريب والمشبوه، تقوم على اعتبار الإعلام الغربي معيارًا وقاعدة قياس".
وتابعت "هنا، أيها الأصدقاء والزملاء، تبرز أهمية تقدير الأداء الراقي، وطنيًّا ومهنيًّا، للزميلين العزيزين رفيق وغالب، على الرغم من صخب الأول وهدوء الثاني، فهما يعبّران خير تعبير عن الخط الجامع ما بين الوطنية والمهنية، فتألق هذه من صيانة تلك، لأنهما لا ينفصلان أبدًا إلا بجراحةٍ تقضي على البعد الإنساني والأخلاقي في مهنة الإعلام".
وأوضحت "هنا لا بد من لفت الانتباه إلى أنّ الإعلام الغربي، وخلافًا للمعجبين به عندنا، يقوم على الدمج الكامل ما بين الأمرين انطلاقًا من كون الحكومات باتت تتبع لسلطة رؤوس الأموال التي بدورها تمتلك أجهزة الإعلام التي "تستخدم"، و أشدد على عبارة "تستخدم"، إعلامييها استخدامًا كاملًا، يسهل ملاحظته والتحقق منه من خلال التزام الإعلاميين الغربيين بسياسة حكوماتهم التزامًا مطلقًا، وهذا ما نراه ونعاني منه في قضايانا الإنسانية-المصيرية، وأولها قضية فلسطين ومتفرعاتها المأساوية على امتداد العالم العربي، حيث نرى الإعلام الغربي يطبل ويزمر لبطش العنصرية الصهيونية في فلسطين ويعمل على تشويه سمعة المقاومة... والأمثلة على ذلك كثيرة".