لبنان
المسار الرئاسي يدخل مرحلة تأمين النصاب .. فرنجية: حضور ثلثي المجلس يُؤمّن الميثاقية
ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس على انتقال الملف الرئاسي إلى مستوى أعلى من الجدية مع إعلام رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله سماحة السيّد حسن نصر الله الدعم الرسمي لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إلى سدَّة الرئاسة، مشيرةً إلى أنَّ الاتصالات واللقاءات نشطت باتجاه الحوار لتأمين نصاب انعقاد الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس.
وفي السياق، تناولت الصحف موقف فرنجية الأوّل بعد دعم الثنائي الوطني ترشيحه، حيث اعتبر أنَّ "مقاطعة جلسة النواب خطيئة مميتة وضد الدستور عند البعض، أما هذا البعض فإنه اليوم يعتبر هذه المقاطعة حقًا"، مؤكدًا أنَّ "انتخاب الرئيس يجب أن يتوفر حضور ثلثي المجلس ما يعني ضرورة حضور نصف النواب المسيحيين للجلسة وهذا يؤمن الميثاقية".
الأخبار: المختلفون مسيحياً «يتوحّدون» ضد الترشيح... وبكركي أقرب إلى «الخيار الثالث»
أدى إشهار ثنائي أمل - حزب الله دعمه ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى تعديل غالبية القوى السياسية لبرامج عملها. صحيح أن الموقف كان معلوماً، لكن إعلانه بالطريقة التي اعتمدها الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، أعطى الخطوة بعداً هجومياً في معركة كانت، حتى الأمس القريب، قائمة على اختبارات تجريها القوى السياسية الداخلية والأطراف الخارجية. واللافت أن معارضي الترشيح من خصوم حزب الله ركنوا إلى الموقف السعودي الرافض، فيما دخل التيار الوطني الحر في مرحلة البحث عن خطة بديلة لمقاربة الملف الرئاسي بعد الافتراق الكامل مع حلفائه في الحزب.
موقف الثنائي جعلَ مسألة ترشيح فرنجية بالغة الجدية، مع تأكيدات بأنه لن يفوّت بسهولة فرصة إيصاله. وتتحدث دوائر سياسية عن خطوات عملانية سيبدأها الفريق الداعم لفرنجية هذا الأسبوع من شأنها إعطاء زخم لرئيس «المردة»، مشيرة إلى أن «الفقرة الثانية من خطة إيصال فرنجية بدأت». هذه الجدّية دفعت دولاً غربية إلى التواصل مع مسؤولين لبنانيين للاستفسار عن الخلفية التي دفعت إلى إعلان طرح فرنجية كخيار مباغت، خصوصاً بعدما بدا أن المسار الرئاسي دخل مرحلة أكثر استعصاء، إذ إن صعوبة التفاهم على اسم فرنجية المطوّق بفيتو سعودي وجبهة اعتراض مسيحي، يوازيها عدم القدرة على إيصال مرشح آخر.
ومنذ إنهاء نصرالله خطابه مساء أول من أمس، ومسارعة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري إلى إبلاغ بكركي باعتراض بلاده على الترشيح، حتى توالت المواقف من قوى سياسية حيال انعقاد جلسة الانتخاب وإمكانية تأمين النصاب الدستوري والوطني، بما يشي بأن الاستحقاق سيبقى قيد الاحتجاز في انتظار اتضاح صورة التسوية التي تتصِل بأبعاد إقليمية وأثمانها. وعلمت «الأخبار» أن الرفض الذي نقله البخاري إلى بكركي كان قد أبلغه مسبقاً، الاثنين الماضي، إلى السفيرة الفرنسية آن غريو. كما تردّد أن السعوديين أبلغوا بقية أطراف لقاء باريس الخماسي بمعارضتهم لترشيح فرنجية، ورفضهم أي مقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. علماً أن السفير السعودي سيستكمل لقاءاته التي ستشمل رئيس مجلس النواب، كما «يدرس إمكانية اللقاء مع التيار الوطني الحر»، وهو ما لم تنفه مصادر الأخير، مع الإشارة إلى أن «أحداً لم يطلب موعداً حتى الآن».
وعلمت «الأخبار» أن البطريرك بشارة الراعي سمع من السفير السعودي اعتراضاً واضحاً على فرنجية، وأن الرياض ليست في وارد عقد تسوية مع إيران أو سوريا يكون اسم الرئيس من ضمنها. غير أن الراعي تعمّد عدم الدخول مع البخاري في لعبة الأسماء. لكنه بدل البقاء في مربّع الصمت في انتظار إعلان بقية القوى موقفها، تقدّم خطوة أكثر في الحديث عن مواصفات يفترض توافرها في المرشح الأنسب.
وفيما تدرس بكركي خطواتها المقبلة، يعمل نافذون على جمع المواقف المعترضة على ترشيح فرنجية في باقة واحدة تستحصل على غطاء بطريركي بما يعطل الترشيح. علماً أن من يعملون على هذا المسار يدورون في فلك كل القوى المسيحية، من التيار الوطني الحر إلى القوات اللبنانية والكتائب وشخصيات مارونية قريبة من 14 آذار. علماً أن هؤلاء غير قادرين على الإجماع على اسم مرشح واحد، إلا أنهم متفقون، كل لأسبابه، على رفض ترشيح فرنجية.
غير أن مطّلعين على بعض المداولات شدّدوا على أن الصرح لن ينجرّ إلى سجال كما يريد البعض، ولن يُسمح بإقحام الراعي في هذه المعمعة مباشرة، وأكد البطريرك أنه لن يكون في موقع من يرشح أحداً أو يرفض ترشيح أحد. لكن المصادر أشارت إلى أن بكركي قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ مواقف أكثر وضوحاً كلما تقدم النقاش، وأنه في حال استفحل الخلاف ستكون أقرب إلى فكرة «الخيار الثالث». إذ رغم أن ليس لدى الصرح موقف سلبي من قائد الجيش العماد جوزيف عون، إلا أنه أقرب إلى معارضة تعديل الدستور أو تكريس عرف أن كل قائد للجيش سيكون حكماً مرشحاً رئاسياً. كما أن بكركي، في حال تعذر توافر إجماع وطني أو مسيحي على قائد الجيش، لن تكون في صفه، وهذا ما يعزّز وجهة الفريق الداعي إلى الخيار الثالث.
وفي هذا السياق، يذكر زوار الراعي بأنه سبق أن ناقش مع سفراء من دول لقاء باريس، ومع قوى لبنانية بارزة، سلة أسماء تتجاوز فرنجية وعون، وأنه يدعم انتخاب شخصية غير محسوبة على أي طرف داخلي أو محور خارجي، على ألا تكون مستفزة لأحد، وتكون لديها القدرة على تحقيق خطوات في برنامج الإنقاذ الذي يريده اللبنانيون.
على جبهة التيار الوطني الحر، لا يزال الموقف هو نفسه لجهة عدم الدخول في سجال علني مع حزب الله أو حركة أمل حول ترشيح فرنجية، في انتظار اتصالات يجريها رئيس التيار على أكثر من جبهة. فيما أشار بيان صدر عن الهيئة السياسية للتيار أمس إلى أن «الأزمة في جوهرها أبعد من انتخابات رئيس واختصارها بهذا الشكل هو تسخيف لها، فهي أزمة وجود الدولة القوية، وأزمة ضرب متجدّد للشراكة الميثاقية والتوازن الوطني». ودعت إلى «التعامل مع انتخابات الرئاسة كاستحقاق لبناني سيادي، لا يتعاطى فيه الخارج، غرباً أو شرقاً، إلاّ من خلال مصلحة لبنان ومساعدة اللبنانيين على الاتفاق في ما بينهم، وليس من خلال مصالحه وفرضها عليهم. لذلك حان وقت التحاور والتفاهم في ما بيننا كلبنانيين من دون انتظار الخارج، ومن دون القبول بأن يفرض علينا أحدٌ من الخارج أو من الداخل قراره».
من جهته، بدأ حزب القوات اللبنانية سلسلة اتصالات لتوحيد موقف ما يسميه «الجبهة المعارضة لحزب الله» من أجل الخروج بخطاب موحد رافض لترشيح فرنجية، وعمّمت على مسؤوليها الإعلاميين الذين يدورون في فلكها بإطلاق تسمية «مرشح حزب الله» على رئيس المردة. غير أن معراب تحاذر حتى الآن الدخول في لعبة المرشح الثالث، لأن موقفها من قائد الجيش لم يتغير في انتظار مواقف الأطراف الخارجية من جهة، وإمكانية أن يصار إلى طرح اسم بديل بعد شطب عون وفرنجية وسحب ترشيح النائب ميشال معوض.
البناء| فرنجية: الحل بالعودة الى الدستور… ونصاب الثلثين يضمن الشراكة الوطنية
حول الموقف من الحوار الذي يدعو إليه الرئيس بري، يقف الحزب الاشتراكي في طليعة صفوف الداعين للاستجابة، بينما سبق للقوات إن رفضت لكن لم يعرف بعد موقفها في ضوء تراجع عدد مؤيدي المقاطعة، واستطراداً تعطيل النصاب، ما يعني أن مقاطعة عدد أقل من الثلث المعطل للنصاب يعني سقوط فرصة التلويح بالقدرة على تعطيل النصاب، فيما بدا التيار الوطني الحر الذي رفض الدعوة السابقة للحوار من دعاة الحوار والتفاهم الداخلي وفق بيان الهيئة السياسية للتيار، الذي دعا لاعتبار الحوار الطريق البديل لانتظار الخارج وإقفال الطريق على إملاءاته.
المرشح الوحيد المدعوم بثلث معطل أكيد الوزير السابق سليمان فرنجية، اختار المنصة الكنسية من دير مار جرجس في بلدة عشاش في قضاء زغرتا، لإطلالته الأولى بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعمهما لترشيحه، داعياً الى اعتماد الدستور كطريق للخروج من الاستعصاء الرئاسي، وترك التحليلات والاجتهادات الانتقائية والفئوية جانباً، طالما ان نصاب الثلثين يوفر الشراكة الوطنية في الاستحقاق الرئاسي.
وأكد رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، أن «موقفنا السياسي على جبيننا ولا نخجل به، لا بل نعتز، لأننا ما من يوم سعينا فيه الى الفتنة بل لطالما كنا منفتحين على الجميع وعملنا وسنعمل لكل لبنان».
وخلال تلبيته دعوة رئيس دير مار جرجس في بلدة عشاش قضاء زغرتا الأب كليم التوني الى مائدة الغداء رأى أن «مقاطعة جلسة النواب خطيئة مميتة وضد الدستور عند البعض، أما هذا البعض فإنه اليوم يعتبر هذه المقاطعة حقاً»، لافتاً الى ان «المسيحيين يتفقون على السيئ وليس على الإيجابي، وحبذا لو يتفقون لمرة واحدة على الايجابي وليكن الدستور هو الضمانة، اما اذا كانوا لا يريدون الدستور فلتكن لديهم الجرأة للمطالبة بتعديله، ولكن ان نكون مع الدستور عندما يناسبنا ونكون ضده اذا انتفت مصلحتنا فهذا لا يجوز».
وأضاف فرنجية: «علينا ان نطبق الدستور بالانتخابات الرئاسية»، لافتاً الى أنه «بعدم تطبيقه نكون كمجلس ملة بحيث تتفق الاحزاب المسيحية الاربعة على رئيس وعندها لا لزوم للانتخابات فهل هذا ما يريدونه؟».
وتابع بـ«انتخاب الرئيس يجب أن يتوفر حضور ثلثي المجلس ما يعني ضرورة حضور نصف النواب المسيحيين للجلسة وهذا يؤمن الميثاقية»، مشيراً الى «اننا مسيحيون عروبيون ونحن من بيت عربي نؤمن بالعروبة وبالحوار وبأفضل العلاقات مع الجميع لان مستقبل البلد بوحدته وبالعيش المشترك»، مؤكداً أننا «تحت سقف الكنيسة التي تنظر الى كل رعاياها».
ونشطت الاتصالات واللقاءات على الخط الرئاسي بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعم ترشيح فرنجية، ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الجهود ستتركز بعد كلام السيد نصرالله والرئيس بري على الحوار مع كتلة اللقاء الديموقراطي وكتلة الاعتدال الوطني لمحاولة التوصل الى تفاهم على دعم ترشيح فرنجية لتأمين أكثرية نيابية الـ 65 على أن تنصب الجهود لاحقاً على عقد تفاهم مع كتل أخرى لتأمين نصاب انعقاد الجلسة». ولفتت المصادر الى أن «الحوار نشط أيضاً بين الثنائي حركة أمل وحزب الله وبين فرنجية للعمل على حشد الدعم النيابي لإيصاله الى رئاسة الجمهورية»، لكن المصادر شددت على «وجود حاجة لتذليل بعض العقبات الخارجية وتحديداً مع السعودية التي تملك مونة على بعض الأطراف السياسية الداخلية والكتل النيابية لا سيما كتلتي الاعتدال الوطني واللقاء الديمقراطي».
الديار: من سيُؤمّن النصاب؟
يبرز التحدّي اليوم، بين مّن يستطيع تأمين نصاب الجلسة ونصاب الاقتراع من قبل فريقيّ النزاع، ومَن يملك نسبة أصوات مؤيدة لمرشحه، لينتصر وتنتهي المعركة الديموقراطية، لكن من الصعب إقناع الخصوم السياسيين بهذه المعادلة، وعندها سيكون التصعيد السياسي سيّد الساحة، وهذا يعني المزيد من الفوضى المرتقبة، بحسب ما ينقل بعض السياسيين المتخوفين من تداعيات خضّة سياسية مرتقبة، وسط فشل دعوات الحوار لإنضاج الملف الرئاسي الذي تحوّل الى معضلة يصعب حلّها.
وفي موقف لافت للمرشح سليمان فرنجية، إعتبر خلاله أن نصاب الثلثين في الجلسة الرئاسية يُؤمّن الميثاقية المسيحية، ورأى خلال لقاء في دير مار جرجس في بلدة عشاش - قضاء زغرتا، بأنّ المسيحيين يتفقون على السيء وليس على الإيجابي، وحبذا لو يتفقون لمرة واحدة على الإيجابي، وليكن الدستور هو الضمانة، أما إذا كانوا لا يريدون هذا الدستور، فلتكن لديهم الجرأة للمطالبة بتعديله.
وقال: «موقفنا السياسي على جبيننا ولا نخجل به لا بل نعتز، لأننا ما من يوم سعينا إلى الفتنة، بل لطالما كنا منفتحين على الجميع»، وشدّد على أننا مسيحيون عروبيون نؤمن بالحوار وبأفضل العلاقات مع الجميع، لأن مستقبل البلد بوحدته وبالعيش المشترك.
وعلى خط عين التينة، وبحسب مصادر مقرّبة منها، فإنّ الجلسة المقبلة لإنتخاب الرئيس لن يتحدّد موعدها قبل ظهور نتيجة الإتصالات، التي يجريها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع مختلف الاطراف السياسية، واملت ان يكون الموعد قبل بدء شهر رمضان المبارك، ورفضت من ناحية اخرى ما قيل خلال اليومين الماضيين، بأنّ دعم الثنائي رسمياً لفرنجية يعني حرق إسمه، لان الحقيقة مغايرة كلياً، وهدفها تثبيت إسمه كمرشح، واوضحت أنّ مساعي الثنائي قائمة لتأمين نصاب الجلسة والاقتراع لفرنجية، وبأنّ عملية «البوانتاج» تدرس بقوة.