لبنان
وصول الدولار لعتبة الـ90 ألفًا يستحوذ على رئيسيات الصحف اللبنانية
الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار وملامسته لـ90 ألف ليرة في السوق السوداء، ورفع الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفًا، وتداعيات ذلك على أسعار المحروقات والسلع، احتل مساحات واسعة في افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة ليوم الأربعاء 1 آذار/ مارس 2023، إلى جانب تطيير نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة، وقضايا محلية ودولية أخرى.
النهار
كتبت صحيفة "النهار" تقول: أاما وقد لامس سعر الدولار في السوق السوداء أمس سقفًا خياليًا اقترب من التسعين ألف ليرة ويتهيأ لبلوغ المئة ألف ليرة "الأولى"، فإن ذلك وضع لبنان أمام المتاهة التي تخوف الكثيرون من بلوغها والتي تنذر بالعجز المطلق عن لجم المرحلة الأخطر من الانهيار المالي بما يفتح أبواب كل الاحتمالات السلبية على غاربها وسط واقع تحول معه لبنان سفينة تائهة وسط الأنواء في بحر هائج بلا ربان. من دون منطق تبريري للتحليق الناري المنفلت ومع واقع سياسي اخذ بالتدهور والانسداد تباعًا، وبمواكبة واقع اجتماعي هو الأشد دراماتيكية منذ بدء تدحرج الانهيار قبل ثلاث سنوات ونيف، مضى الارتفاع الناري لسعر الدولار نحو سقف التسعين ألف ليرة منذرًا بتفلت عارم ترجمه فورًا اشتعال اسعار المحروقات بارتفاعات مطردة على دفعتين تجاوز معها سعر صفيحة البنزين المليون ونصف المليون ليرة وذلك عشية بدء التسعير بالسوبرماركت في الدولار اليوم. كما أن الانعكاس الناري الآخر تمثل في اعتماد الحكومة لسعر 45 ألف ليرة لسعر صرف الدولار الجمركي، بدءًا من اليوم الأربعاء، أما السلع المستوردة باليورو فسيتم احتساب دولارها الجمركي بـ48,200 ليرة بدءا من اليوم أيضا. كما ان نقابة المستشفيات دقت جرس الإنذار حيال "خطر وضع المستشفيات على حافة الزوال" معلنة انها "لا ترى حلا الا بدولرة فواتيرها وفق الية تحفظ استمرارها وإمكان شراء الادوية واللوازم الطبية لتامين علاجات المرضى".
هذا التدهور المخيف أرخى ظلاًلا كثيفة على مجمل المشهد الداخلي وسط تعاظم المخاوف من تفلتات أكبر وأخطر ما دام الانسداد السياسي سيد الموقف وما دامت السلطة قائمة شكلًا ولا تأثير لوجودها فعلًا. بدليل أن جلسة اللجان النيابية المشتركة التي اسقطتها مقاطعة نواب "التيار الوطني الحر" تحولت إلى منبر نعي للوضع العام و"مناجاة" تشديد ببغائية على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية، كما أن مواقف مماثلة للبطريرك الماروني لم تخرج عن إطار المطالبة الملحة بانتخاب الرئيس لكنها مواقف تثبت الدوران في معادلة العجز عن تبديل أي حرف في منهج التعطيل الذي يمضي فيه الفريق التعطيلي غير آبه ببلوغ البلاد المرحلة الأخطر من الانهيار.
إجراء عويدات
ومع ذلك لم تحجب هذه الصورة الدراماتيكية التطور القضائي المهم الذي برز امس مع ملامح "الحسم" القضائي لكف يد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملفات المصرفية. اذ أصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تعميما الى جميع النيابات العامة في كل المحافظات اللبنانية بما فيها النيابة العامة المالية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، طلب بموجبه الامتناع عن طلب اي معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى العائدة لجرائم الفساد ومكافحة تبييض الأموال. ودعا النيابات العامة الى الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية وغير متعلقة بوقائع مادية محددة. وشدد على عدم طلب أيّ معلومات تعرض أيّ شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني لتدخل بخصوصياته أو تمس بشرفه وسمعته، مع التشديد على سرية المحافظة على الطلبات والمعلومات التي تم الاستحصال عليها من المصرف المعني والمحافظة على البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب بشكل لا يثير اي التباس حول تشابه أسماء لدى المصرف المعني. كما وجه عويدات كتابًا الى القاضية غادة عون، يطلب منها فيه وقف إجراءاتها التحقيقية مع عدد من المصارف اللبنانية موقتًا الى حين البت بالقضايا المثارة بحقها.
وأعرب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن ترحيبه بخطوة عويدات واعتبر انها "تشكل خطوة أساسية على صعيد معالجة الخلل القضائي الذي حتّم عليه توجيه كتابه الى وزير الداخلية بهدف وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبدًا حماية أحد أو تأمين الغطاء لمخالفات أحد". ودعا الى أن "تكون خطوة القاضي عويدات بداية الطريق في العودة إلى انتظام العمل القضائي ضمن الاطر والاصول القانونية المرعية الاجراء حفاظاً على حسن سير العدالة. كما أن رئيس الحكومة يتطلع إلى اتخاذ مجلس القضاء الأعلى القرارات اللازمة بهدف تأمين كل الحقوق والضمانات التي يمنحها القانون لأي متقاضٍ بما يؤمن اطمئنانه لحيادية القاضي".
وتطرقت "النهار" إلى السجالات في جلسة اللجان معتبرة أنه وبعد شل الجلسات التشريعية والحؤول دون انعقادها استتباعًا لشل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، سقطت أمس الدعوة الى عقد جلسة للجان النيابية المشتركة التي كان يفترض أن تخصص للبحث في عدد من البنود أبرزها تحويل تعويضات نهاية الخدمة إلى معاشات تقاعدية. إلا أن تكتل "لبنان القوي" اعترض على مناقشة مشاريع القوانين الواردة من الحكومة "نظرًا لعدم دستوريّتها" فانسحب نواب "التيار" من الجلسة ورغم مطالبة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب تكتل "لبنان القوي" بالعودة، إلا أنه أخفق، فتم رفعها. وأطلقت على الأثر مجموعة مواقف نيابية تركزت على الشغور الرئاسي فاعتبر بوصعب أن "الخلاف السياسي حول دستورية انعقاد مجلس الوزراء وصل إلى المجلس النيابي والطريقة الأفضل لحلّ هذه المشكلة التوجّه لانتخاب رئيس للجمهورية". ومن جهته، قال رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل "وصل إلينا مرسوم من الحكومة تشوبه شوائب دستورية عديدة وأبرزها أنه لا يحمل كل تواقيع الوزراء ورفضنا بحثه في اللجان المشتركة قبل تصحيح الشوائب"، معتبرًا أن "غياب رئيس الجمهورية لا يُبرّر الاستخفاف في التعاطي ويجب أن نذهب إلى حوار لانتخاب رئيس جديد بأسرع وقتٍ مُمكن كي ينتظم عمل المؤسسات". في المقابل أشار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل إلى أن "ما شهدناه اليوم في اجتماع اللجان المشتركة هو نتيجة الخروج عن منطق الدستور والقانون".
وبعدما شن باسيل و"تكتل لبنان القوي" حملة عنيفة متجددة على ميقاتي بتهمة "محاولة تمرير مرسوم غير شرعي ومزوّر بما شكّل فضيحة كبيرة في مسلسل المخالفات التي تمارسها حكومة نجيب ميقاتي الناقصة، وهو يتخطّى حدود الأخلاق في العمل السياسي"، رد المكتب الإعلامي لميقاتي معتبرا ان "اعتراض باسيل على ورود تواقيع عدة لرئيس مجلس الوزراء يشكّل وجهة نظر غير قانونية بخلفية سياسية ممجوجة. أما عن زعمه باستعمال توقيع وزير واقتباسه من كتب واردة على رئاسة مجلس الوزراء وإدراجها في متن المراسيم، فهو أمر من نسج خيال باسيل السياسي الذي يحاول، وبشتى الطرق، ولأهداف سياسية مكشوفة، أن ينسب للحكومة بشخص رئيسها أمورًا لا تمت للحقيقة بصلة. إما بخصوص مزاعم باسيل أن الرئيس ميقاتي بتجاوز موقع رئاسة الجمهورية، فهو كلام مردود، وحري بالسيد باسيل وفريقه السياسي ونوابه أن يبادروا الى القيام بواجبهم في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدل انتهاج نهج التعطيل الذي بات سمة هذا الفريق".
الأخبار
وتحت عنوان: الثلاثي المسيحي ينسف اللجان النيابية بعد الهيئة العامة: تعطيل الدولة مقابل عدم انتخاب الرئيس، كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: يومًا بعد يوم، تكتمل حلقة الفراغ لتشمل الى جانب رئاسة الجمهورية كل مؤسسات الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية. ما حصل أمس في مجلس النواب أعطى إشارة بأن معظم النواب المسيحيين في المجلس يريدون أولاً، وقبل أيّ شيء آخر، انتخاب رئيس للجمهورية، ويعتبرون أن استمرار عمل المؤسسات في ظل الفراغ الرئاسي يعبّر عن رغبة الفريق الآخر بفرض أمر واقع على قاعدة أن موقع الرئاسة لم يعد مهماً.
على الطرف المقابل، لا تنحصر المسألة في العنوان الرئاسي، إذ يرى حزب الله ومعه حركة أمل والحزب التقدمي وتكتلات وشخصيات نيابية أخرى، أن البلاد تمرّ بأزمة اقتصادية سابقة على الشغور الرئاسي، وهناك ملفات يجب إقرارها ومعالجتها فوراً وعدم حجزها رهن الاستحقاق الرئاسي.
وقد نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله إنه "طالما أنهم يريدون إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، فلماذا يرفضون الدعوة الى حوار وطني في المجلس النيابي للتوافق على الرئاسة، في ظل الخلافات التي تمنع أي طرف من انتخاب رئيس غصباً عن الآخرين؟".
وبالعودة الى ما حصل في مجلس النواب، أمس، فقد نجحت ثلاثة أطراف تمثّل معظم النواب المسيحيين في تطيير نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة. وبرر هؤلاء خطوتهم بأنه عندما يتعلّق الأمر بصلاحيات رئيس الجمهورية فلا حكومة ولا برلمان ولا تشريع. وقد بادرت القوات اللبنانية إلى الانسحاب، فانضمّ إليها التيار الوطني الحر والكتائب لتكتمل حلقة التعطيل لتشمل اللجان المشتركة.
وقد أشّرت أجواء الجلسة إلى المنحى الخطير الذي تسلكه البلاد بتطييف انقساماتها داخل المؤسسات. فبعد الاصطفاف خلف رفض انعقاد مجلس الوزراء أو أي جلسة تشريعية، خاضت الكتل المذكورة معركة جديدة داخل اللجان من خلال الاعتراض على مرسوم آتٍ من الحكومة. وإذا كانت خلفيات الاعتراض مختلفة، فقد تبدّت "الوحدة" كأنها محاولة للإمساك بكل مفاتيح التشريع في مجلس النواب.
فقدان النِصاب القانوني للجلسة حصل اعتراضاً على مرسوم صادِر عن حكومة تصريف الأعمال حول الفيول العراقي. إذ رأى النواب المنسحبون أن الحكومة تخطّت صلاحيات تصريف الأعمال بإرسالها المرسوم موقّعاً من 5 أو 6 نواب فقط. وهو ما أشار إليه النائب جبران باسيل بعدَ الجلسة بالقول إن "مرسوماً من الحكومة وصلَ إلينا تشوبه شوائب دستورية عديدة، لأنه لا يحمِل تواقيع كل الوزراء، ورفضنا بحثه في اللجان قبلَ تصحيح الشوائب"....
الديار
بدورها كتبت صحيفة "الديار" تقول: بعيدًا عن انسداد الأفق الرئاسي وإمكانية إيجاد حل مرتقب لهذا الاستحقاق، بعد انتشار أخبار عن تسوية في الربيع المرتقب، ليتبيّن انّ ما يطرح يبقى ضمن إطار المحاولات ليس أكثر، من دون أن تصل الى فتح ثغرة امل ضئيلة، في ظل الانقسام العامودي الحاصل في البلاد. لذا يغيب هذا الملف عن الشاشات كمقدمة، أو افتتاحية لملف لم يعد من الاولويات، وكأنه وُضع على الرف، لأنّ قضية هامة برزت خلال الايام القليلة الماضية وما زالت حديث الساعة، هي التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي طغى على كل الملفات بعد فشله، إثر الخلاف على عقد جلسة تشريعية لرفع سنّ التقاعد للموظفين، ومن ثم لأسباب قانونية، الأمر الذي شكّل مفاجأة لم تكن في الحسبان، بعد الكلام الذي أشار إليه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، خلال حديث متلفز الأسبوع الماضي، عن انّ التمديد للواء ابراهيم سائر نحو خاتمة ايجابية، لكن الواقع اتى مغايراً، ويوم غد الخميس يحال الى التقاعد، وثمة مراقبون يعتبرون بأنّ البعض تخلى عنه، وإلا لكان حصل التمديد على الفور، وافيد عصر امس بأنّ اللجنة الطبّية في الأمن العام، أقرّت التمديد للعميد الياس البيسري لمدة 9 أشهر، كي يتسلّم مركز المدير العام للأمن العام بالوكالة.
وفي السياق ووفق مصدر وزاري سابق اشار لـ " الديار" الى انّ الآفاق السياسية ستفتح امام اللواء ابراهيم ليلعب دوراً هاماً، حين تحّل الازمة الرئاسية وما سوف يتبعها، أي تشكيل حكومة سيكون ابراهيم من ابرز وزرائها، لانّ شخصية ناجحة مثله لا يمكن إلا ان تكون في مكانها الصحيح لخدمة البلد.
النائب موسى: لا خلافات بين بري وابراهيم
في السياق ورداً على ما يقال عن وجود خلافات ومنافسة بين الرئيس بري واللواء ابراهيم على رئاسة المجلس لاحقاً، نفى عضو تكتل "التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى خلال حديث لـ "الديار" ما يُردّد في هذا الاطار، وقال: "لم يمّر التمديد لأسباب باتت معروفة، كما لم تنجح المخارج القانونية ، مع الإشارة الى انّ اللواء ابراهيم رفض التمديد له خارج الاطر القانونية".
وحول ما يقال عن عدم تمسّك الثنائي الشيعي بإبراهيم وإلا لكان حصل التمديد على الفور، نفى موسى ذلك، ولفت إلى أنّ الثنائي سبق وتمسّك بملفات أخرى، ولم تحصل جلسة تشريعية لإقرارها، وأشار إلى أنّ الرئيس ميقاتي لم يكن متأكدًا من مرور التمديد للواء ابراهيم، خلال حديثه الاخير المتلفز .
الدولار الجمركي 45 الفاً
وشكلّت موافقة الرئيس ميقاتي على كتاب وزارة المالية، برفع الدولار الجمركي من 15 الى 45 الفاً مفاجأة كبيرة، نظرًا للسرعة التي تجاوب بها، وعليه سيصبح هذا السعر بدءاً من اليوم الاربعاء، وقد ورد في الطلب ان الهدف من رفع الدولار الجمركي، تأمين المزيد من الموارد المالية للخزينة، ودفع زيادات للقطاع العام، لتمكينه من الاستمرار في عمله. أما السلع المستوردة باليورو سيتم احتساب دولارها الجمركي بـ 48200 ألف ليرة.
البناء
وتحت عنوان: بوتين يُنجز الانسحاب من معاهدة ستارت… والناتو يتحدّث عن انضمام أوكرانيا لاحقًا كتبت صحيفة "البناء" تقول: لا تزال موسكو وخصومها في حلف الناتو في مرحلة إحياء مرور سنة على بدء الحرب بمواقف تؤكد أن الاستقطاب العسكري لا يزال سيد الموقف، وأن معارك فاصلة لا بد منها لرسم صورة لموازين القوى تسقط تصورات ورهانات أحد الفريقين، وفيما تتحدّث موسكو عن انتصار وشيك في محور باخموت، تتحدّث كييف عن انتظار العتاد الغربي لشنّ الهجوم الموعود في جبهة خيرسون، وفي قلب هذا التجاذب وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوم انسحاب روسيا من معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، في خطوة تصعيدية نوعية بوجه واشنطن، بينما أعلن أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ في خطوة تصعيدية مقابلة عن نية ضمّ أوكرانيا الى حلف الناتو لاحقًا.
لبنانياً، تصدّر الملف القضائي واجهة الأحداث مع التعميم الذي أصدره مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات حول شروط تطبيق قانون رفع السرية المصرفية في التحقيقات الخاصة بالمصارف، ووجّه كتاباً للقاضية غادة عون يطلب منها وقف تحقيقاتها في ملف المصارف بانتظار البتّ بطلبات الرد الموجهة ضدها، وهو ما اعتبره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كافياً للتراجع عن طلبه من وزير الداخلية توجيه الأجهزة الأمنية بعدم مؤازرة القاضية عون وعدم تنفيذ تعليماتها، وأبدت مصادر حقوقية خشيتها من أن يدخل ملف التحقيقات في أوضاع المصارف ومخالفاتها والدعاوى المقامة بوجهها في حال جمود، وأن يكون الادعاء على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من قبل القاضي رجا حاموش، مدخلاً لهذا الجمود، فيبرر الادعاء كف الملاحقات ووقف التعاون مع القضاء الأوروبي باعتبار ان القضاء اللبناني وضع يده على ملف سلامة، وأن القضاء ليس مقصراً بحق المصرف المركزي والمصارف، ولا يمكن وضع كفّ يد القاضية عون في إطار تقديم الحماية من الملاحقة للمصارف.
نيابياً، تعطلت اجتماعات اللجان المشتركة مع اعتراض نواب كتل لبنان القوي والجمهورية القوية وحزب الكتائب على المرسوم الذي أحالته الحكومة، ومناقشة صلاحية حكومة تصريف الأعمال ورئيسها في مرحلة شغور رئاسة الجمهورية، والنقاش الذي اندلع في اللجان وبلغ حد الصراخ، وارتسمت معه أولى مؤشرات الانقسام الطائفي، بشّر بزمن تعطيل نيابي أبعد مدى من التشريع، وليس بعيداً عن القلق من الخيارات الرئاسية التي يعتقد البعض أنها تطبخ على نار هادئة وتشترك فيها قوى محلية وقوى إقليمية فتحت بينها قنوات التفاوض حديثاً.
بعدما مرّ قطوع جلسة مجلس الوزراء أمس الأول، بأجواء سياسية هادئة، اشتعلت الملفات والجبهات دفعة واحدة سياسياً وقضائياً واقتصادياً ومالياً لترسم مشهداً قاتماً يبشّر بانهيار كامل وشيك وانفجار اجتماعي وأمني قريب بظل ملامسة سعر صرف الدولار الـ 90 ألف ليرة واقترابه من رقم المئة ألف خلال أيام، كما توقع خبراء اقتصاديون.
وتطرقت "البناء" إلى تصاعد وتيرة السجال بين حزب القوات اللبنانية والقاضية عون على خلفية الدعوى التي رفعتها الأخيرة على عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط، إذ طالب النائب جورج عقيص «مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي ومدعي عام التمييز باتخاذ موقف واضح من طلب مجلس القضاء إعلان عدم أهلية المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان».
وانسحب التعطيل والشلل من رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء فمجلس النواب ليتسلل الى اللجان النيابية، وكان من المفترض أن تعقد اللجان النيابية المشتركة جلسة للبحث في عدد من البنود أبرزها تحويل تعويضات نهاية الخدمة الى معاشات تقاعدية. إلا أن تكتل «لبنان القوي» اعترض على مناقشة مشاريع القوانين الواردة من الحكومة «نظرًا لعدم دستوريّتها» فانسحب نواب «التيار» من الجلسة.
وعلى الرغم من مطالبة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب تكتل «لبنان القوي» بالعودة، إلا أنه أخفق، فتم رفعها.
وعلى وقع اشتعال الساحة السياسية والقضائية والمصرفية، قفز سعر صرف الدولار الى حدود التسعين الفاً، وحلقت معه أسعار المحروقات وذلك عشية بدء التسعير بالسوبرماركت في الدولار اليوم، كما أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام، كما حددت وزارة الطاقة تسعيرة جديدة لفاتورة المولدات الخاصة، كما رفعت وزارة الاقتصاد سعر ربطات الخبز ليصبح سعر الربطة الكبيرة 38 ألف ليرة، ولكي يكتمل المشهد وافق ميقاتي على كتاب وزارة المالية، وعليه سيصبح سعر صرف الدولار الجمركي 45 ألف ليرة، بدءاً من اليوم.
ويشير خبراء سياسيون واقتصاديون لـ«البناء» الى أن «ارتفاع سعر صرف الدولار بهذا الشكل الجنونيّ لا تفسّره معطيات اقتصادية ومالية علمية، سوى العامل السياسي لجهة الفراغ في المؤسسات وانسداد أفق انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، والمواجهة القضائية – المصرفية، وغياب ملامح أي تسوية إقليمية دولية على ملفات عدة في المنطقة من ضمنها لبنان، وبالتالي سيبقى المشهد اللبناني على حاله وستتعمق فجوة الانهيار لتقترب من نقطة الارتطام، فإما نصل اليه ويحصل الانفجار الكبير وإما تنقذنا تسوية خارجية في ربع الساعة الأخير»، وتوقع الخبراء «أشهراً قاسية وصعبة مصحوبة بأزمات حياتية واجتماعية من ارتفاع أسعار وتضخم وبطالة وإقفال مؤسسات وفقدان مواد غذائية أساسية وأدوية ومعدّات طبية وتزايد نسب الهجرة والجريمة الاجتماعية». كما توقعوا «ارتفاعاً هائلاً بأسعار السلع والمواد الغذائية وفواتير الخدمات لعدة أسباب: الأول ارتفاع سعر الصرف، الثاني ارتفاع سعر منصة صيرفة الى 45 ألف ليرة، والثالث، رفع سعر الدولار الجمركي الى 45 ألفاً».
وحذر مصدر سياسي عبر «البناء» من تحضير الساحة الداخلية الى حدث ما، اقتصادي أو أمني أو سياسي، عبر رفع سعر الصرف الى ما فوق المئة ألف ورفع الأسعار في الأسواق بما يفوق قدرة أغلبية المواطنين على تحملها، ما يؤدي الى زيادة الفقر والجوع، ما يؤدي الى تفجير الشارع وتعميم الفوضى الشعبية لتهيئة الأجواء لفرض تسوية سياسية على لبنان عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة يتماهيان مع الشروط والتوجهات الأميركية الغربية.
ووفق ما تؤكد مصادر مطلعة على الملف الرئاسي لـ«البناء» فإن لا معطيات ومؤشرات جديدة تشي بالحد الأدنى من التفاهم لإنجاز الملف الرئاسي، وكأن كل الأطراف سلمت بالأمر الواقع بفشلها بإنتاج رئيس من صنع محلي، والرهان على الخارج، إما رهان البعض على تسوية يفرضها الخارج تصب في مصلحته، ورهان طرف آخر على تقارب اقليمي عربي – عربي وتقاطع اقليمي – دولي على انتخاب رئيس لبناني يفتح باب الانفراج. وفي الحالتين وفق المصادر سيطول أمد الفراغ الرئاسي بالحد الأدنى الى مطلع الصيف المقبل.
اللواء
من جهتها وتحت عنوان: "الانتحار المالي": سباق الأسعار والدولار والجمركي إلى الإنفجار! كتبت صحيفة "اللواء" تقول: سباق مالي، يشبه سرعة الرياح في المواسم العاصفة، انهيار في العملة الوطنية يعادل في اقل من سنة 500٪، ارتفاع في المحروقات نسبة الضعفين او الثلاثة، وآخر المبتكرات العجائبية، في سُلَّم السباق، قرار مفاجئ برفع الدولار الجمركي من 15 الف ليرة لبنانية الى 45000 ل.ل.، بالتزامن مع اعلان وزير الاقتصاد البدء من اليوم بالتسعيرة في السوبرماركت بالدولار، أما القبض فوارد بالليرة اللبنانية التي منيت بضربة صاعقة خلال الـ48 ساعة الماضية، لتصل الى قاب قوسين أو ادنى من المائة ألف ليرة لبنانية، وقِس على ذلك اسعار المحروقات واختفاء الادوية، واستحالة المؤسسات الضامنة الوفاء بأية التزامات تجاه المضمونين سواء في تعاونية موظفي الدولة او صناديق التعاضد، ومن بينها صندوق تعاضد اساتذة الجامعة اللبنانية، لا سيما المتقاعدين منهم.
بدا الانتحار مرعبًا بين سباق الاسعار التي تمتحن زيادة اضافية اليوم وارتفاع سعر صرف الدولار، فضلاً عن ارتفاع سعر صرف الدولار الجمركي الى 45 الف ليرة، الامر الذي يأخذ البلاد باتجاه انفجار وشيك وربما يكون محتمًا..
دولار ومحروقات
مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأسود عصر أمس، إلى ما يقارب 90 ألف ليرة (88200 ليرة) وبدء التسعير في المحال التجارية بالدولار وعلى اساس سعر السوق السوداء وليس سعر صيرفة، ارتفع سعر صفيحة البنزين 95 اوكتان 54000 ليرة لبنانية، والـ98 اوكتان 56000 ليرة، كما ارتفع سعر المازوت 52000 ليرة، والغاز 36000 ليرة.
الجمهورية
وتحت عنوان: الانهيار الكبير يتسارع.. والدولار يضاعف قفزاته، كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول: فيما عاود الدولار ارتفاعاته ليقترب من عتبة الـ 90 الف ليرة على الطريق إلى الـ100 ألف، جاء رفع سعر الدولار الجمركي من 15 الف ليرة إلى 45 الفاً ليزيد في الطين بلّة، ويعطي ذريعة اضافية للتجار والمحتكرين وحتى للباعة بكل صنوفهم، لرفع الاسعار أكثر فأكثر، فيما يبقى الموظفون والمودعون يتضورون بسعر الـ15 الفاً للدولار، ووفق سقف سحوبات مخفوضة لا يتحاوز الـ10 ملايين ليرة في أفضل الحالات، من مصارف تسرقهم كل يوم. كل ذلك يستمر فيما المنظومة السياسية بكل ألوانها منشغلة في كيدياتها والمشاحنات، مؤخّرة أكثر فأكثر إنجاز الاستحقاقات الدستورية التي تشكّل المعبر الإلزامي إلى المعالجات، لوقف الانهيار المتمادي اقتصادياً ومالياً ونقدياً ومعيشياً، بعدما باتت العملة الوطنية لا تسمن ولا تغني من جوع دخل بيوت اللبنانيين وأقام فيها.
"فرص الحل تنخفض والدولار يرتفع… وكلما ابتعد الاول تضاعف تصاعد الثاني"… معادلة انطلقت منها مصادر مالية لتؤكّد "انّ المدخل الالزامي لفرملة هذا الانهيار الكبير بسعر العملة اللبنانية هو الحل السياسي الذي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية".
وأكّدت هذه المصادر لـ"الجمهورية"، أنّ قرار رفع سعر الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفًا اتُخذ بعد ظهر أمس بصورة مفاجئة، والسبب انّ مصرف لبنان يرسل في اواخر كل شهر لإدارة الجمارك سعر الدولار الذي سيتمّ احتسابه في الشهر الذي يليه ومتوسطات العملات التي ستُطبّق للشهر التالي، لذلك استعجلت المالية قرار رفعه. علمًا انّه وبحسب معلومات "الجمهورية"، إنّ وزير المال يوسف خليل وفي جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أول من أمس، كان قد أبلغ إلى الحكومة انّه سيضطر إلى رفع الدولار الجمركي إلى سعر قريب من سعر منصّة صيرفة لتغطية نفقات القطاع العام والزيادات والمساعدات التي تُصرف له، خصوصًا انّ الارقام الأولية لهذه الزيادات تقدّر بـ 8 آلاف مليار ليرة. وسأل: "من أين سآتي بهذه الاموال ولا إيرادات؟".
وأضافت المصادر، انّ موظفي الادارات العامة يبلغ عددهم 14500 موظف، 8500 منهم قانونيون ويعملون، والبقية فائض تمّ توظيفهم للمحسوبيات ولأغراض فئوية وانتخابية، ومنذ الأساس يتقاضون رواتبهم من دون ان يعملوا. وهؤلاء يجب ترتيب اوضاعهم ككتلة واحدة، حتى تعود عجلة الدولة إلى العمل في اداراتها الرسمية.
وأبدت المصادر تشاؤماً مفرطاً إزاء ما ستؤول اليه الامور، متوقعة "ارقاماً مخيفة لتفلّت الدولار الذي تصاعد حتى الآن 60 مرة عن السعر الأساسي، فيما تصاعد بين أعوام 85 و 92 من 3 ليرات إلى 2800 ليرة، أي بمعدل 930 مرة، وهذا يعني أنّه إذا بقي المسؤولون يديرون ظهورهم للحلول ويتصرفون وكأنّ البلد بألف خير، فإنّ التاريخ سيعيد نفسه مع فوارق كبيرة في الواقع ليست لمصلحة هذا الزمن. فحينها كانت المصارف قوية جدًا وتستقطب تحويلات كبيرة بسبب السرية المصرفية، وكانت الظروف مختلفة، فكيف الآن ونحن من دون ضابط وقطاع مصرفي منهار؟.
إقرأ المزيد في: لبنان
09/11/2024