لبنان
زلزال تركيا وسوريا يحصد آلاف الضحايا.. ولا مرشح رئاسي في الاجتماع الخماسي
سقط آلاف الضحايا والمصابين والمفقودين جراء الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر وارتداداته الـ220، وعند مشاهد الدمار وما تحمل تحتها من مفقودين توقفت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء، سائلةً عن مصير لبنان المُثكل بالجراحات لو تعرّض لهذا زلزال.
كما ركّزت الصحف على المطالبات برفع العقوبات وفك الحصار الأميركي، عن سوريا المنكوبة التي لم يستجب لنداءاتها إلا القلة، وهم روسيا وإيران والجزائر والإمارات والعراق والصين والأردن ولبنان، وقد بدت استجابات المجتمع الدولي خجولة قياسًا بما يقدم لتركيا لمستحقة، على الرغم من أنَّ المأساة واحدة.
أما على الصعيد اللبناني، تناولت الصحف الاجتماع الدبلوماسي الدولي الإقليمي الذي استضافته باريس حول لبنان دون أن يصدر عنه شيء، وضم اللقاء الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر. وأفادت الصحف أنّ المجتمعين لم يدخلوا في اية تفاصيل محددة تتعلق باسماء مرشحة للرئاسة الاولى، وكان التوافق تاما على ان يقوم اللبنانيون بقيادة بلادهم نحو الخروج من الازمة عبر سلسلة اصلاحات واضحة.
الأخبار: لبنان على خطّ الزلزال نفسه: نجونا من دمار واسع!
ضرب زلزال أمس جنوب تركيا بقوة 7.5 درجات على مقياس ريختر، وتمّ تحديد مركزه في منطقة «كهرمان ماراس» قرب مدينة غازي عنتاب التركية، على عمق 18 كلم. ووصلت تردّدات الهزة التدميرية إلى شمال سوريا، في محافظة إدلب، بقوة 7 درجات، كما شعر اللبنانيون بها بشكل متفاوت، إذ بلغت قوتها شمالاً 4 درجات، أمّا في أقصى الجنوب، فلم تتجاوز الـ 3. يذكر أنّ تردّدات الزلزال التركي وصلت إلى جورجيا وأرمينيا شمالاً
يجمع علماء الجيولوجيا اللبنانيون على أنّ «لبنان نجا من الكارثة، فهو يقع على نفس خطّ النار الذي انفجر أمس في تركيا، وزلزال بالقوة نفسها كان مرشحاً للانفجار على أيّ نقطة في الخط الزلزالي الجامع لصفائح قارّية والبالغ طوله 1000 كلم، يحتلّ بلدنا 225 كلم منه، ويقسمه نصفين طولياً، ولكن لم يكن من الممكن التنبؤ بمكان انفجار هذه الطاقة». ولو تحرّرت هذه الطاقة تحت لبنان، «كان من الممكن أن يختفي جزء كبير منه تحت الأنقاض، ولا سيّما أنّ خطّ النار الزلزالي يمرّ تحت مدنه السّاحلية الرئيسية، وهذه الصورة من الضروري أن تبقى حاضرة في أذهان أصحاب القرار، كي يعرفوا حجم الخطر المحدق» تقول الدكتورة مارلين البراكس رئيسة المركز الوطني للجيوفيزياء في المجلس الوطني للبحوث. وتبرّر طول مدّة الهزة، التي قاربت الدقيقة بـ«أنّ البعد الجغرافي بين لبنان ومركز الهزة في تركيا يؤدّي إلى وصول الموجات الزلزالية بشكل متلاحق، الأمر الذي يزيد من وقت الشعور بالاهتزاز».
أما وقد تجاوزنا الخطر هذه المرة، تبقى الهزّات الارتدادية «وهي لا بدّ منها، وستستمرّ في الساعات المقبلة إلى أن تستقرّ القشرة الأرضية التي تحرّكت مكانها». ويطمئن المختصون إلى «انخفاض حدّة الارتدادات مع مرور الوقت. فمنذ فجر أمس حتى المساء، تمّ تسجيل أكثر من 30 هزة ارتدادية، لم يشعر الناس بمعظمها لضعف قوتها».
وفي ما يتعلّق باحتمال حصول تسونامي، تطمئن البراكس إلى أن «خطره انتهى بعد مضيّ الدقائق الأولى من الزلزال»، لافتة في المقابل إلى أنّ «نظام الإنذار المبكر من أخطار التسونامي وارتفاع موج البحر في البترون معطل»، في حين يعمل المركز الوطني للجيوفيزياء بالموجود، «فهناك 10 محطات رصد زلزالية شغالة من أصل 12، وفي حال اضطررنا إلى استبدال بطارية يشكل لنا الأمر أرقاً!».
تتميّز المنطقة التي يقع فيها لبنان بنشاط زلزالي متدنٍّ إلى معتدل، إذ «يسجّل حوالي 600 حدث زلزالي سنوياً ضمن الخريطة السّياسية للبنان، وهزّات كبرى كلّ حوالي 1000 سنة» بحسب المركز الوطني للجيوفيزياء، من دون أن تكون معظم هذه الهزّات محسوسة على المستوى البشري، كون قوتها أقلّ من 3 درجات على «مقياس ريختر»، مع تركيز كبير للتحرّكات الأرضية في المنطقة الواقعة جنوب بيروت، وشمال شرق الهرمل، في محافظة حمص السّورية. ويذكر أنّ المنطقة الواقعة بين ضهر البيدر والدامور، شكّلت بؤرة للهزّات المحليّة التي حدثت عام 1983 وعام 1997، بالإضافة إلى تسجيل كثافة هزات أرضية، أو ما يعرف بـ«أزمات زلزالية» في منطقتين، وخلال فترات زمنية متصلة، في مدينة جبيل عام 2006، وفي منطقة جنوب لبنان عام 2008.
تقوم المنطقة الجغرافية اللبنانية على صفيحتين تكتونيتين، العربية من الشرق والإفريقية من الغرب. على كوكب الأرض هناك 12 صفيحة تكتونية، غير ثابتة، وتتحرّك باستمرار. يطلق على الحدّ الفاصل لالتقاء الصفائح التكتونية اسم «الفالق»، ولبنان مبني على الفوالق التي تقطّعه من جنوبه إلى شماله، وأهمها فالق سرغايا، روم، واليمونة، بالإضافة إلى فوالق صغيرة، أكثرها نشاطاً الذي يمرّ في بلدة صريفا، والذي سجّل تحرّكات استثنائية خلال عام 2008، ووجود هذا التنوع الجيولوجي ينعكس تضاريس وتشكيلات على الأرض اللبنانية، فسلاسل الجبال لم تكن ستتكوّن لولا وجود الفوالق، حيث «ترتفع قمم جبال السلسلة الغربية ميلّمتر واحد كل سنة نتيجةً لضغط الصفائح».
يعدّ فالق اليمونة الأهم، والأخطر لبنانياً، ويمثّل جزءاً من الأخدود الإفريقي العظيم، حيث يمتد من بحيرة فيكتوريا في إفريقيا، وصولاً إلى جبال طوروس في تركيا. وبحسب داني عازار، أستاذ الجيولوجيا في كليّة العلوم، «هناك ضغط تكتوني متعاظم بين الصفيحتين العربية والإفريقية كان سينفجر في مكان ما، تنفّس الاحتقان في تركيا هذه المرّة، ولكنّ الهزات الارتدادية ستصل حتماً إلى لبنان، إنّما بقوة أقل من نقطة الزلزال»، ويذكّر عازار بنشاط اليمونة المستمر منذ آلاف السّنين، فـ«هو المسؤول عن زلزال أيار عام 1202، وزلزال تشرين الثاني عام 1759 الذي أدّى إلى انهيار 3 أعمدة من أصل 9 من معبد جوبيتير في قلعة بعلبك»، أمّا زلزال آذار عام 1956، فحرّكه فالق روم، وهو متفرّع من الأخدود الأعظم.
وعلى الرّغم من كلّ التطور العلمي، إلا أنّ الصورة تبقى ناقصةً، إذ «لا يمكن التنبؤ بدقة بمكان وزمان حدوث الزلازل»، بحسب البراكس، التي تضيف «لا يزال هامش الخطأ في تقدير الفترات الزمنية التي تفصل حدثين ممكنين كبيراً جداً، ويصل إلى مئات السّنين، إذ تشير دراسات المركز الوطني للجيوفيزياء إلى أنّ الفترة الزمنية المقدرة بين زلزالين مدمرين على فالق اليمونة تراوح بين 1000 و1300 عام، وعلى فالق روم من 1500 إلى 1750 عاماً»، وعليه يجب الاحتياط دائماً من مخاطر زلزالية مفاجئة.
الأنباء: 25 ألف ضحية ومصاب ومفقود في تركيا وسورية
ما يصفه علماء الجيولوجيا بانفجار الفالق الزلزالي هو ما حدث أمس مع فالق الأناضول الذي أنتج أكثر من اثني عشر زلزال، بقوة تراوحت بين 6.5 درجات و 7.8 درجات على مقياس ريختر، وأكثر من مائة هزة ارتدادية بقوة بين 3.5 درجات و 6 درجات على مقياس ريختر خلال أقلّ من عشرين ساعة، وتركزت آثاره الكارثية في جنوب تركيا وشمال سورية ضمن دائرة شعاعها 15 كلم، على طرفي الحدود السورية التركية، مخلفاً انهيار أكثر من خمسة آلاف مبنى، و25 ألف ضحية ومصاب ومفقود، مع احتمال زيادة العدد.
تركيا بحجم إمكاناتها الكبيرة كبلد ودولة، عجزت عن مواجهة نتائج الكارثة التي خلفها الزلزال، فتوجهت لمناشدة العالم للمساعدة، الذي بدت تلبيته خجولة قياساً بما يتمّ إنفاقه على التسلح والحروب، أو ما ينفقه الأثرياء على الرفاه والترف، أما الكارثة التي تحوّلت الى مأساة فكانت في سورية، التي تنوء تحت أثقال عشر سنوات حرب دمّرت الكثير من العمران والبنى التحتية، وقتلت عشرات الآلاف من أبنائها، وتكبّلها عقوبات قاسية وحصار ظالم، وتعاني شحّ الوقود والدواء وضعف موارد الدولة وتراجع أداء الاقتصاد.
فقد أطلقت نداء مناشدة واستصراخ للضمائر الحية في العالم، للتحرك تضامناً معها طلباً لرفع العقوبات وفك الحصار، أو تقييدهما على الأقلّ بما يتيح تدفق المساعدات الإنسانية، من وقود وآليات ثقيلة ومعدات طبية ووسائل إيواء وتدفئة، بينما كانت الدول التي استجابت لنداء المساعدة تواجه مشاكل هبوط طائراتها في مطارات سورية ووصول سفنها إلى الموانئ السورية، بفعل العقوبات، وكانت سورية تستصرخ ولا تتسوّل، الأشقاء العرب الذين ظلموها مراراً، عبث كثير منهم بدماء أبنائها، تمويلاً للإرهاب وتحريضاً على القتل، ليتخذوا من الكارثة سبباً لطيّ صفحة الكراهية والقطيعة التي لم تشارك بها سورية وأبقت أبوابها مفتوحة أمامهم، عساهم يسمعون النداء ويستجيبون، وتتحرك ضمائر الحكام والمسؤولين فيهم، وهم يرون أخوتهم يواجهون خطر الموت في ظلّ الكارثة.
وسورية تحتاج مطاراً ومرفأ يملك لبنان فرصة تأمينهما شمالاً، في القليعات وطرابلس، ولو اقتضى الأمر التحرك العاجل على الأمم المتحدة للتعاون معها في هذا الشأن، خصوصاً أنّ المبرّر الإنساني يعطل أيّ ذريعة لإلحاق الأذى بلبنان من أصحاب العقوبات، بل ربما يجدون في استثناء المطار والمرفأ اللبنانيين فرصة للظهور بمظهر بعض الإنسانية تجاه ما تفرضه الكارثة من موجبات.
في الخطوات الأولى للمساعدة نحو سورية تحركت روسيا وإيران والجزائر والإمارات والعراق والصين والأردن ولبنان، حيث يشرف وزير الأشغال والنقل علي حمية اليوم على إرسال فريق مساندة ومجموعة آليات للمساهمة في عمليات الإنقاذ، بينما اتصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، وأبرق رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من القيادات اللبنانية يتقدّمهم رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان الى الرئيس السوري بشار الأسد للتعزية التضامن.
في الشؤون اللبنانية، انتهى مساء أمس الاجتماع الدبلوماسي الدولي الإقليمي الذي استضافته باريس حول لبنان دون أن يصدر عنه شيء، وشاركت في الاجتماع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف، ونزار العلولا مستشار الديوان الملكي السعودي، ومساعد وزير الخارجية القطري محمد الخليفي والمستشار في الرئاسة الفرنسية للشرق الأوسط باتريك دوريل وآن غيغن مديرة قسم الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية. ومثّل مصر في الاجتماع سفيرها في باريس علاء يوسف، بالإضافة الى كلّ من سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا وسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو، وبينما قيل إنّ البيان الختامي سوف يصدر خلال الليل، لم يكن مع منتصف ليل أمس قد صدر شيء بعد.
قضائياً أعلن المحقق العدلي طارق البيطار تجميد مساره الذي سبق وبشر بانطلاقه دون قيود، متذرّعاً باستحالة المضيّ قدماً دون استعادة التعاون مع النيابة العامة التمييزية، متحدثاً عن الحاجة لجواب قضائي على اتهامه باغتصاب السلطة والبتّ به سلباً كي يتمكن من استئناف مهامه، ما يعني أنه يعود للإذعان بمعادلة لا قانونية اجتهاده بأنّ صلاحياته مطلقة وأنه لا يقبل الردّ، وانّ ما قاله يصلح بأحسن الأحوال لتقديمه أمام هيئة قضائية ذات صفة لتبتّ به، تاركاً وراءه النواب الذين استنفروا لدعمه وتأييده والإعلاميين الذين احتشدوا لتبرير كلامه، والجمعيات التي تحمل اسم أهالي الضحايا والجمعيات الحقوقية الذين تشاركوا الشارع وكادوا يتسبّبون بفتنة طلباً لتأييده ودعمه، فهو كما استفاق وقرّر أنه عاد بعد ثلاثة عشر شهر من الردّ، استفاق أمس وقرّر أنه لا يحقّ له فعل ما يفعل، تاركاً من دعموه يعيشون شعور القطيع الأعمى.
الديار: نعي مبكر لنتائج اللقاء «الباريسي» واشنطن والرياض: لا تنتظروا منا شيئا!
في غضون ذلك بحث الاجتماع «الخماسي» في باريس امس نقاطا عامة حول الازمة اللبنانية، ووفقا لمصادر دبلوماسية، كان اللقاء ايجابيا لناحية تجديد الحرص على استقرار لبنان، لكن المجتمعين لم يدخلوا في اية تفاصيل محددة تتعلق باسماء مرشحة للرئاسة الاولى... وكان التوافق تاما على ان يقوم اللبنانيون بقيادة بلادهم نحو الخروج من الازمة عبر سلسلة اصلاحات واضحة. بمعنى آخر، فان الامر يقع على عاتقهم اولا... وقد شاركت في الاجتماع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف، ومساعدها تيري ولف ، نزار العلولا مستشار الديوان الملكي السعودي، مساعد وزير الخارجية القطري محمد الخليفي والمستشار في الرئاسة الفرنسية للشرق الاوسط باتريك دوريل وآن غيغن مديرة قسم الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية. ومثّل مصر في الاجتماع سفيرها في باريس علاء يوسف،وشارك أيضاً سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شي وسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو..
ووفقا لمصادر مطلعة، لم يكن احد يراهن على اكثر من بيان الخارجية الفرنسية، فمساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بربارة ليف كانت قد نصحت الوفد النيابي اللبناني الذي التقته قبل ايام في واشنطن، بأن لا يعولوا على الولايات المتحدة الاميركية في الاستحقاق الرئاسي، او في اعادة بناء السلطة التنفيذية، وقد لمسوا غياب اي وجود للملف اللبناني على الاجندة الاميركية في هذه المرحلة. وكانت واضحة في الطلب منهم بان يبادروا بأنفسهم إلى حل عقدة انتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة جديدة قادرة على تولي مسؤولية إعادة بناء المؤسسات وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية. وقالت صراحة «ان اخراج بلادكم من المأزق هو مسؤوليتكم اولا»، وفهموا ان واشنطن ليست في صدد دعم اي مرشح رئاسي. وقد جاء اعلان البنك الدولي عن «طي صفحة» القرض المخصص للكهرباء والغاز، ليزيد من قتامة الصورة الاميركية السلبية وضوحا.
ومن الجانب السعودي لا تبدو الصورة افضل حالا، فالرياض ليست معنية من قريب او بعيد بالعودة الى الساحة اللبنانية، وفقا للصيغة القديمة المعتادة، وهي سبق وابلغت باريس والدوحة انها لم تعد معنية بالاستثمار سياسيا في لبنان، وتدخلها الاقتصادي سيكون محدود جدا لا يتجاوز المساعدات الانسانية المحددة الوجهة والصرف الدقيق. ووفقا لمصادر دبلوماسية، فان من لم يدرك بان الادارة السعودية للملفات الخارجية قد تغيرت،لا يفقه شيئا في علم السياسة، فالسعودية في طليعة الدول التي استفادت من الحرب الروسية الأوكرانية، نتيجة ارتفاع أسعار البترول عالميا، وتجاوز الناتج المحلي التريليون دولار، فما الذي تحتاج الى الاستثمار فيه على الساحة اللبنانية سواء في السياسة او الاقتصاد؟.
ولولا الاشتباك غير المباشر مع طهران على الساحة اليمنية لما احتاجت اصلا الى الحوار مع الايرانيين. فوفقا للرؤية السعودية، طهران محاصرة ودول محورها تعاني اقتصاديا، بينما هي جزء من «دول العشرين». ومن هنا يمكن فهم التعامل السعودي «الفظ» مع الازمة الاقتصادية المصرية والمجاهرة بعدم تقديم اي دعم مالي جديد «غير مشروط». واذا كانت دولة كمصر قد فقدت اهميتها الاستراتيجية بالنسبة الى السعودية غير المكترثة بفض الشراكة معها، الا اذا لبت شروطها الخاصة بالتنازل عن قطاعات خاصة وحكومية ترغب في الاستحواذ عليها، وتخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد المصري، وهو العامود الفقري لبقاء الدولة المصرية الحالية، فكيف حريا بدولة انفقت فيها الرياض مليارات الدولارات وكانت الخلاصة «صفر»؟. ولهذا فان ما يجب ان يفهمه اللبنانيون في هذه المرحلة انه عليهم عدم انتظار شيء لا من واشنطن ولا من الرياض، فيما تبقى باريس عاجزة مع الدوحة عن احداث الاختراق المطلوب، وسقف التوقعات لن يتجاوز البيان الصادر عن الخارجية الفرنسية حول اللقاء «الباريسي».
في هذا الوقت، نجت «العدلية» من خضة جديدة بعدما قرّر المحقّق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، تأجيل جلسات التحقيق المحدّدة خلال شهر شباط، وذلك بالنظر للظروف المستجدة المرتبطة بقرارات صادرة عن النائب العام التمييزي، وحفاظاً على سلامة التحقيق وحسن سيره. كما برر ذلك خلال مغادرته لمكتبه بالامس، واشار الى انه بغياب تعاون النيابة العامة التمييزية لن يكون هناك اي معنى لاي استجوابات راهنا. وعلم في هذا السياق، ان البيطار، الملاحق بتهمة اغتصاب السلطة يريد من القضاء ان يبت بالدعوى ضده من قبل المدعي العام التمييزي غسان عويدات عليه قبل ان يستانف اعماله. اي في الخلاصة عادت الامور الى «نقطة الصفر» بانتظار المخارج والحلول.
وعاد ملف التحقيق الى «الثلاجة» بانتظار حل الازمة المعقدة، لكن ما ثبت خلال الايام القليلة الماضية انه ثمة « لا» كبيرة تعيق «تطيير» البيطار...»ولا» اخرى تمنعه من المباشرة في تحقيقاته. وفي هذا الاطار، تفيد المعلومات ان «تبريد» الاجواء الذي حصل بالامس والذي افضى الى تاجيل البيطار جلسات التحقيق، كان خلاصة اتصالات مكوكية اجراها رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود بكل من المحقق العدلي ومدعي عام التمييز، ولم يغب عن خط «الوساطة» رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي حرص على تهدئة الامور اولا ثم البحث عن المخارج بعيدا عن «الصخب» والتشنج، علما ان ايا من الحلول لم تتبلور بعد على الرغم من وجود بعض الاقتراحات التي يعمل على بلورتها وستدرس خلال اجتماع مجلس القضاء الاعلى اذا انعقد اليوم.
علما ان عويدات لم يتوان عن التاكيد لكل من راجعه انه سيمضي حتى النهاية في اجراءاته اذا ما اصر البيطار على «اغتصاب» السلطة، وكان سيسطر مذكرة جلب بحقه لو اصدر واحدة مماثلة بحق النائب غازي زعيتر، والنائب السابق نهاد المشنوق، وقد حذرت مصادر امنية من حصول تصادم بين جهاز امن الدولة وعناصر الجيش المولجة حماية البيطار، فيما لو صدرت مذكرة مماثلة. ولهذا اختار الجميع التهدئة.
في غضون ذلك، التام مجلس الوزراء دون «ضجيج» الاحتجاجات المعتادة من التيار الوطني الحر، ودون التوقف عند توصيف الجلسة بـ «غير القانونية» من قبل رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحا بتجاوز اي اعتراضات مفترضة، وقال في مداخلته أنّ الشغور الرئاسي الحالي «لا أفق واضحا لإنهائه بعد، بدأنا الشهر الرابع من شغور في منصب رئيس الجمهورية، ومن غير المنطقي ولا الأخلاقي أن ننكفئ عن المهمات المطلوبة منا أو نتعمّد الاستقالة العملية من مسؤولياتنا»، مجدّداً دعوته إلى جميع الوزراء للعودة إلى المشاركة في الجلسات الحكومية، كلما اقتضت الحاجة لعقدها...وفي القرارات، أعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، تأجيل البحث في بند الانتخابات البلدية. وأشار، خلال تلاوته مقررات جلسة المجلس، إلى إقرار مساعدات مالية بقيمة مليار و500 مليون ليرة للقطاع العام ككل، مؤكداً أنّه سيكون هناك مبلغ مماثل لوزارة التربية. وفي هذا الإطار، أكد وزير التربية، عباس الحلبي، أنّ هناك حرصاً من قبل جميع الوزراء على استمرار العام الدراسي، وقال إنّه تمّ تخصيص مبالغ للتعويض عن الخسائر على الأساتذة.
وبعد الجلسة، أعلن وزير الصحة فراس الابيض انه «لا رفع للدعم عن ادوية السرطان وتم اقرار سلفة خزينة لتسعير الأدوية على سعر صرف 1500». بدوره، أكد وزير الإقتصاد أمين سلام انه «خلال أسبوعين لن يكون هناك أي خطر من حصول أزمة قمح». وأعلن سلام انه «تم اقرار اعتمادات خلال جلسة امس لدعم القمح بقيمة 8 مليون دولار».