معركة أولي البأس

لبنان

"همروجة" ترهيبية مدبّرة أمام قصر العدل لحماية القاضي بيطار
27/01/2023

"همروجة" ترهيبية مدبّرة أمام قصر العدل لحماية القاضي بيطار

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على "الهمروجة" المنسقة والمدبرة التي شهدها قصر العدل أمس في الداخل والخارج، والتي كانت أشبه بمشهدية شاركت فيها أحزاب القوات اللبنانية والكتائب ومعهما "التغيريين"، بهدف منع انعقاد اجتماع مجلس القضاء الأعلى لاتخاذ قرار بإحالة القاضي طارق بيطار على التفتيش القضائي والطلب إلى وزير العدل اقتراح تسميات بديلة لاختيار إحداها وتعيينه محققاً عدلياً يتابع التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت.

واعتبرت العديد من الصحف أن رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود الذي لا يزال مصرّاً على حماية البيطار هو من خطط لتطيير الجلسة مجدداً بالاتفاق مع النواب، إذ أن فشل اجتماع المجلس لا يعني أن الأمور انتهت، بل ستتطور لا سيما في الأيام التي حدد فيها بيطار تاريخ استجواب الذين ادعى عليهم. 


"البناء": حشد نيابي حزبي يصنع أحداث شغب في قصر العدل لمنع انعقاد مجلس القضاء

اعتبرت صحيفة "البناء" أنه في المواجهة الأخرى التي يشهدها لبنان بين المرجعيات القضائية، بعد الانقلاب البهلواني الذي نفذه القاضي طارق بيطار، ورد مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، شهد قصر العدل في الداخل والخارج مشهدية منسقة شاركت فيها أحزاب وكتل نيابية بهدف منع انعقاد اجتماع مجلس القضاء الأعلى، بعدما بدا أن إمكانية توافر نصاب كافٍ لانعقاده واتجاه الأغلبية لاتخاذ قرار بإحالة القاضي بيطار على التفتيش القضائي والطلب إلى وزير العدل اقتراح تسميات بديلة لاختيار إحداها وتعيينه محققاً عدلياً يتابع التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت.
المشهد داخل وخارج قصر العدل، رافقته القنوات التلفزيونية بالبث المباشر، وتمّ تصويره كأنه اعتداء تعرّض له النواب بينما كانت أقدام مرافقي النواب تدوس على أحد عناصر قوى الأمن الداخلي، انتهى بإعلان إلغاء اجتماع مجلس القضاء الأعلى.
رئاسيا جاءت إطلالة الوزير السابق سليمان فرنجية من بكركي لتضع النقاط على الحروف في مسألة ترشيحه كمرشح توافقي لا مرشح تحدٍّ، ومضمون التزاماته الرئاسية كراع لحوار وطني تحت سقف الطائف، لبلورة استراتيجية دفاعية واقعية وإعادة بناء العلاقة مع سورية من موقع المصلحة الوطنية اللبنانية، مستفيداً من مكانته المميزة لدى القيادة السورية وقيادة حزب الله، نافيا أن يكون مرشح أحد، شاكراً كل من يدعم ترشيحه، مؤكداً أنه إذا تمّ انتخابه سوف يعمل جهده لبناء أفضل العلاقات بين لبنان والسعودية، لكن من أهم ما قاله فرنجية كان حول ربط ميثاقية الرئيس المنتخب بنصاب الثلثين الذي يستحيل تأمينه إلا عبر مشاركة أكثر من ثلث النواب المسيحيين على الأقل وهو ما يزيد عن تمثيل كل من الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين، أما ديمقراطية ودستورية العملية الانتخابية بتصويت أغلبية الـ 65 نائباً، متسائلا كيف نكون مع الدستور ونضع عليه اشتراطات عندما نخشى أن لا يأتي بما نرغب، وكيف نكون مع اتفاق الطائف والدستور، ونسعى لترشيح رئاسي يستدعي تعديل الدستور؟
وكما كان متوقعاً تحوّلت وزارة العدلية وقصر العدل الى ساحة حرب حقيقية، بين أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت مدعومين من مجموعة نواب القوات والكتائب اللبنانية والتغيير من جهة، والقوى الأمنية المولجة حماية العدلية من جهة ثانية، بعدما دخل هؤلاء النواب الى مكتب وزير العدل للاجتماع به ما أدى الى تدافع واشتباك بالأيدي مع القوى الأمنية، ما عكس الانقسام القائم في البلد بين الداعمين للمحقق العدلي المكفوف يده القاضي طارق بيطار، والداعمين للمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي فتح نار القرارات والادعاءات ضد بيطار بالجملة لتقييد عمله وتجريده من صلاحياته.
وبدأ مسلسل النهار الطويل بتجمع أهالي ضحايا ‏انفجار المرفأ وعدد من الناشطين قبيل اجتماع مجلس ‏القضاء الأعلى. ثم حضر بعض النواب وعقدوا داخل العدلية اجتماعات مع ‏وزير العدل هنري خوري ومع نقيب المحامين ناضر كسبار ورئيس مجلس القضاء الأعلى ‏القاضي سهيل عبود، غير أن 6 من أعضاء مجلس القضاء الاعلى رفضوا عقد الاجتماع ‏تحت ضغط الشارع وفي ظل الحركة النيابية في العدلية أيضاً، فغادروا مكتب عبود في ‏قصر العدل، ولم يعقد الاجتماع.
وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن ما حصل في العدلية وقصر العدل كان مجرد مسرحيّة معدّة عن سابق تصور وتصميم وتنسيق بين بعض المتظاهرين والنواب والقاضي بيطار، لافتعال إشكالات وتفجير قنبلة إعلامية وسياسية لتعبئة الناس وتحريضهم واستدراجهم الى الشارع لاستخدامهم مجدداً خدمة لأهداف سياسية على غرار ما حصل أبان مرحلة 17 تشرين 2019 بتحريك الشارع تحت عناوين حياتية ومعيشية، إلا أن الشارع لم يستجب مع نداءات النواب وبدا الحشد أمام قصر العدل خجولاً جداً ما فرق المتظاهرين خلال ساعات». ولفتت الأوساط الى أن معركة العدلية هي حلقة تصعيد ضمن إطار مخطط أميركي لتفجير الساحة اللبنانية باستخدام قضية انفجار المرفأ، والتلاعب بالنقد الوطني ورفع سعر صرف الدولار الى رقم قياسي بتاريخ لبنان تعدّى أمس عتبة الستين ألف ليرة، بالتزامن مع عودة مسلسل قطع الطرقات في مناطق عدة، إضافة الى فرض عقوبات أميركية على شركات تحويلات مالية لبنانية مع ملاحظة سرعة مصرف لبنان باتخاذ قرارات لوقف التعامل مع هذه الشركات وتجميد حساباتها للمزيد من الضغط على العملة الوطنية». وحذرت الأوساط من أن هذا المسلسل التصعيدي التفجيري الأميركي الغربي للبنان، لم يعد يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية فحسب، بل مرتبط بما يجري في المنطقة وتمديد الحصار للبنان وجره الى موقع يخدم المشروع الأميركي الخليجي الإسرائيلي لاستهداف سلاح المقاومة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني ومنع الدولة اللبنانية من قبول أي دعم روسي إيراني يتعلق بالكهرباء والمحروقات والسيطرة على الثروة النفطية اللبنانية وتأخير استخراجها واستثمارها كي يتسنى لـ»إسرائيل» الاستفادة القصوى من بلوكاتها الغازية والنفطية وتصديرها الى أوروبا»، لافتة الى أن الأميركيين يتخذون لبنان ورقة للضغط على المحور الإيراني – السوري – حزب الله للتفاوض في ساحات أخرى. وتوقعت الأوساط المزيد من الضغوط الخارجية على لبنان والعبث باقتصاده وأمنه، مستبعدة حصول أي تسوية سياسية – رئاسية قريبة تفتح باب الانفراج الاقتصادي. كما حذرت الأوساط من ارتفاع أصوات بعض الجهات السياسية التي تنادي بالتقسيم والفدرالية، وسط معلومات عن قيام بعض الأحزاب اللبنانية بالتسلح تحضيراً لأحداث أمنية، كما حذرت الأوساط من أحداث أمنية كاغتيالات لتفجير الوضع الأمني.
وفي هذا السياق، أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الى أنني «أقول قبل خراب لبنان هناك سيناريو تدميري للبلد، والمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار مشروع حرب أهلية وتجب محاكمته، وواشنطن تريد بناء البلد على الرماد، والمطلوب حماية الأمن والقضاء والسلم الأهلي من لعبة دمار أميركي شامل، وبيطار ينفذ سيناريو حرق القضاء والبلد والدوس على دماء شهداء المرفأ، واللعب بالشارع أشبه بمتاريس حرب». وأكّد في بيان، أنه «لا بد من إنقاذ سياسي سريع لأن ما يجري ليس صدفة أبداً، ولعبة الدولار فتيل حرب أهلية ينفذه لوبي دولي إقليمي بقيادة واشنطن، والمطلوب من القوى النيابية المسيحية ملاقاة القوى النيابية المسلمة على أبواب مجلس النواب لإنقاذ البلد من أسوأ فراغ يضع لبنان على حافة حرب أهلية».
وكان مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات استمر بالتصدّي للقاضي بيطار، فأصدر ‏قراراً بعدم تسلم اي قرار او تبليغ او مستند من قبل القاضي طارق بيطار لكونه مكفوف ‏اليد‎.‎‏ كما أحال عويدات القاضي بيطار الى التفتيش القضائي بموجب ادعائه الأخير عليه‎.‎‏ ‏واعتبر عويدات «ان قرار القاضي بيطار كأنه يتطلّع بنفسه أمام المرآة ولو كان أي مرجع ‏قضائي يوافق على قراره أو يجد فيه ذرة قانون، أنا مستعدّ أن أتراجع عن ‏قراري». وأضاف: تحقيقات المرفأ ستستأنف بعد تصحيح الخطأ الكبير.‏
وكان مكتب وزير العدل شهد اجتماعاً مع الوزير خوري وانتهى بإشكال، فإثر اعتراض النائب وضاح الصادق على أداء خوري، حصل تدافع مع مرافقي الوزير ‏وحصل هرج ومرج خارج المكتب. وأوضح خوري أن «الإشكال تسببت فيه أولاً الأجواء ‏القضائية المشحونة، وثانياً نوايا بعض النواب الذين لم يلتزموا أصول التخاطب واللياقة مع ‏الوزير»‏.
وذكر خوري في حديث تلفزيوني «انني لست رأس النيابات العامة على الإطلاق ولا تجوز تعمية الرأي العام وأنا يحق لي طلب إجراءات»، واشار إلى «انني لن اتخذ موقفاً مع فريق ضد أي فريق ولن أكون سبباً بتخريب العدلية او انقسامها، ولا يجب تغييب دور مجلس القضاء».
وكذلك شهد محيط قصر العدل مواجهة بين أهالي الضحايا ومجموعات من الأشخاص تم استقدامها لتزخيم العنف، وقد رصدت كاميرات المصورين سحب بعض الأشخاص المتظاهرين عنصراً من قوى الأمن الداخلي الى صفوف المتظاهرين وسحله وضربه وركله بالأرجل.
واتهمت مصادر نيابية النواب الذين حضروا الى وزارة العدل باستغلال قضية المرفأ والخلاف بين عويدات وبيطار للاستثمار السياسي وتحريض الشارع، متسائلة عبر «البناء» كيف «قاموا القيامة» على تصرّف عنصر أمني في مكتب وزير العدل رغم الإهانات التي كالوها ضد الوزير، ووقفوا مؤيدين لأهالي ضحايا المرفأ باقتحام قصر العدل الأسبوع الماضي وتهديد وليم نون بتفجير العدلية بالديناميت، ورفضوا حتى استجوابه من قبل أمن الدولة بناء على إشارة قضائية.
وتوضح مصادر قانونية لـ»البناء» أن بيطار ارتكب جملة أخطاء منذ تسلّمه الملف، وعلى رأسها الخطأ الأخير بالعودة الى الملف وإصدار قرارات علم أن يده مكفوفة من أكثر من غرفة تمييز، مشيرة الى أن تدخل القاضي عويدات قانونية لكونه رئيس النيابات العامة ويحق له إخلاء السبيل طالما المحقق العدلي مكفوف اليد ولا يستطيع إخلاء سبيلهم ولم يُصر الى تعيين قاض رديف بسبب الخلاف القضائي والسياسي الذي ينعكس على مجلس القضاء الأعلى»، مشددة على أن بيطار تجاوز صلاحياته بالقرارات التي اتخذها. وتساءلت: لماذا لم يرفع بيطار قراره الظني الى المجلس العدلي ليستكمل المسار القضائي في القضية وهو المرجع الصالح لذلك؟
وحذّر «التيار الوطني الحر» في بيان، من وجود مخطط لإجهاض التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت، وبالتالي استفزاز اللبنانيين وتحريك الشارع في مسعى لتعميم الفوضى.

 

"الأخبار": ترهيب "التغييريين" أحبط محاولة إنقاذ القضاء

كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: بـ«الهوبرة»، وبدعم من تلفزيونات «الثورة»، مارس «التغييريون»، دعاة الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء، ترهيباً معنوياً ومادياً على الجسم القضائي، وأحبطوا، بالتكافل والتضامن مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، محاولة لتصحيح المسار القضائي في ملف تفجير المرفأ ومحاولة إنعاش الجسم القضائي الذي هدّه الانقسام. عطّل «التغييريون»، متسلّحين بالحصانة النيابية مع زملائهم من نواب القوات والكتائب، جلسة مجلس القضاء الأعلى أمس، وتجاوزوا حدود التظاهر خارج قصر العدل إلى محاولة اقتحام العدلية.

تواصل أمس مسلسل انهيار المؤسسة القضائية في لبنان. ومرة جديدة، لجأ قضاة إلى «الرأي العام» لتبرير عدم اتخاذ أي خطوات عملية تقود إلى تسوية الملفات العالقة. ونجح رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود، ومعه قوى كثيرة، في تحضير مناخ عطّل انعقاد مجلس القضاء الأعلى للبت في مصير المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار، علماً أن الاتصالات السياسية لم تكن قد أمّنت بعد نصاباً كاملاً لانعقاد المجلس، ولا توافقاً على ما سيخرج به من قرارات.

ما يدور داخل هذا الجسم «المخلخل» جدّي إلى حدّ عجز كثيرين عن معالجة فورية وسريعة. ويوم أمس، كان طويلاً ومتعباً في قصر «العدل» ومحيطه. لم تسر الأمور كما كان مخططاً لها، إذ قرر أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلغاء الجلسة التي كانت مقررة لمناقشة الكتاب الذي توجّه به مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إلى المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار، والبحث في «انقلاب» البيطار الذي استأنف عمله في الملف باجتهاد أصدره بنفسه، متجاهلاً كل السلطات. وقد بدا ليل أول من أمس، ونتيجة التداعيات التي خلفها الاجتهاد الدستوري للبيطار، أنه لم يكُن بإمكان مجلس القضاء الأعلى، الذي عطّل عبود انعقاده على مدى أشهر، سوى تأمين النصاب والاجتماع لاتخاذ قرار بحق المحقق العدلي. إلا أن عبود لم «يستسلم»، وقاد عملية ناجحة لتطيير الجلسة، بمشاركة عدد من النواب الذين كانوا يقاتلون من أجل حماية مبدأ فصل السلطات، لكنهم مارسوا تخريباً ممنهجاً لمنع اتخاذ أي إجراء بحق البيطار من خلال ضغط الشارع، أو بالأحرى شغبه.

بدأ نهار أمس بإصدار عويدات قراراً يطلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة السر «عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة أو أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ، لكونه مكفوف اليد وغير ذي صفة»، ما يعني عملياً تجريده من صلاحياته كمحقق عدلي، وذلك بعدما كان قد طلب سابقاً من الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ قراراته، ثم إحالته إلى التفتيش القضائي بموجب ادعائه الأخير عليه‎. واعتبر عويدات «أن قرار القاضي البيطار كأنه يتطلّع بنفسه أمام المرآة، ولو كان أي مرجع ‏قضائي يوافق على قراره أو يجد فيه ذرّة قانون، أنا مستعدّ أن أتراجع عن ‏قراري»، مضيفاً أن «تحقيقات المرفأ ستستأنف بعد تصحيح الخطأ الكبير». فيما بدا البيطار، من جهته، في «عالم آخر»، غير معني بكل ما يحدث. وأعلن أنه ماضٍ في إجراءاته وبعقد جلسات التحقيق لاستجواب المدعى عليهم في المواعيد المحددة.

ومنذ الصباح، انتشر عناصر الحماية في النيابة العامة التمييزية، وتوزع عناصر أمن الدولة وفرقة مكافحة الشغب على مداخل قصر العدل، قبل أن يبدأ العرض. أولاً، من مكتب وزير العدل الذي استقبل النواب «التغييريين» و«السياديين» والقواتيين والكتائبيين، مطالبين إياه بـ «التعهد برفض أي قرار يأخذه مجلس القضاء الأعلى ورفض تسمية أي بديل عن البيطار، ثم إقالة عويدات»، وهو ما رفضه خوري مشيراً إلى أن «هذا الأمر ليس من صلاحياته». وأضاف أنه «لا يمكن للنواب المطالبة باستقلالية القضاء وعدم التدخل في شؤونه، والمطالبة في الوقت نفسه بالتدخل في قرارات قضائية». في هذه الأثناء، كانَ عدد من القضاة وأعضاء مجلس القضاء الأعلى يجتمعون في مكتب عويدات، بينما «انعزل» رئيس مجلس القضاء الأعلى في مكتبه. وبعد الهمروجة في مكتب وزير العدل، توجه النواب إلى مكتب عبوّد الذي بدأ يروّج لفكرة أن الوضع الأمني لا يسمح بانعقاد الجلسة، ما خلقَ بلبلة في أوساط القضاء، فيما احتجّ أعضاء مجلس القضاء لدى عويدات على تدخل النواب رافضين عقد الجلسة في ظل هذه الأجواء.
مصادر «العدلية» أشارت إلى أن «إلغاء الجلسة لا يتعلق فقط بتدخل النواب وتوتر الشارع، بل بسبب تضارب الآراء داخل المجلس الذي كانَ سيشهد انقساماً كبيراً». وأكدت أن «عبّود الذي لا يزال مصرّاً على حماية البيطار هو من خطط لتطيير الجلسة مجدداً بالاتفاق مع النواب». وأكّدت مصادر قضائية أن «فشل اجتماع مجلس القضاء الأعلى لا يعني أن الأمور انتهت، بل ستتطور لا سيما في الأيام التي حدد فيها البيطار تاريخ استجواب الذين ادعى عليهم»، وكشفت أن «الاجتهاد الدستوري الذي أعلن عنه البيطار أعدّه بالتنسيق مع مجموعة من المحامين والنواب الداعمين له».

نادي القضاة: فليستقل كل مَن لا يتصرف كقاضٍ

دعا نادي قضاة لبنان، في بيان أمس، «كل مَن ارتضى ألا يتصرف كقاضٍ إلى الاستقالة»، مشيراً إلى أنه «كان أملنا أن دولة القانون ستنتصر. أما اليوم، فطُعنت دولة الحق والقانون في الصميم، وها هي تستنجد وتقول: من بيت أبي ضربت». وأضاف: «مرة جديدة يفضح التحقيق في قضية انفجار المرفأ تدخل السياسة في القضاء الأمر الذي بات يهدّد كيان العدالة ويطعن في كرامة كل قاضٍ نزيه من خلال تحميله وزر قرارات قضائية تفتقر لأدنى مقومات الشرعية، إذ إن قرار المحقق العدلي، مهما كانت الملاحظات القانونية عليه والتي يمكن معالجتها وفق الأصول، لا يبرّر ردة الفعل التي تبعته والتي جاءت للأسف خارجة عن الضوابط والأصول بشكل صارخ يهدم أساسات العدالة والقانون». ودعا «كل مَن ارتضى أن لا يتصرف كقاضٍ ورهن نفسه لخدمة السلطة السياسية واللاعدالة أن يبادر إلى الاستقالة تمهيداً للمحاسبة والمساءلة لأنه لم يعد يشبهنا وساهم في ضرب هيبة القضاء ودولة القانون والمؤسسات، وذلك من أجل تمكين بقية القضاة من النظر إلى المتقاضين بعين القانون والعدالة، كلّ في محكمته وضمن حدود اختصاصه».


"النهار": التواطؤ يستكمل الانقلاب على بيطار والتحقيق

صحيفة "النهار"بدورها تساءلت فيما إذا كان يتجه لبنان نحو انفجار متعدد الطابع اجتماعيا وامنيا واقتصاديا؟ السؤال لم يعد مجرد ترف تحذيري يجري تداوله على منابر الاعلام، بل صار اقرب الى الإنذار المبكر في ظل تدافع تطورات بل كوارث ذات طابع استثنائي تضع البلاد على فوهة انفجار لا احد يملك القدرة والمهابة الكافية لدحض المخاوف منه. ولم تكن نماذج الصدامات والاحتكاكات التي شهدها قصر العدل في بيروت امس سوى بعض مقدمات عما بلغته الفوضى اللبنانية في ما كان يفترض ان يشكل محراب النظام والانتظام والسلوكيات الديموقراطية المحترمة، فاذا باليوم الماراثوني الطويل في “العدلية” يتكشف عن المدى الصادم للسقوط المحقق للقضاء مؤسسات ومقامات واشخاصا. ويكفي للدلالة على عمق الإصابات والتفكك الذي أصاب من القضاء مقتلا غداة “انقلاب” قاده مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات على المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، ان ينتهي اليوم الطويل الى اخفاق مجلس القضاء الأعلى في عقد اجتماع كان الجميع يتطلعون اليه ويحبسون الانفاس في انتظار وضع يده على اخطر انفجار حصل داخل الجسم القضائي. وبدا واضحا ان مجريات الانقلاب على المحقق العدلي والتي يخشى انها أودت تماما بالتحقيق نفسه في مجزرة انفجار المرفأ استكملت فصولها البارحة في افتعال مسببات لمنع انعقاد مجلس القضاء الأعلى بما يتكشف عن اتساع مروحة الانقلابيين من داخل الهرمية القضائية الأعلى في لبنان لكي يضحي ابعاد بيطار والاجهاز على التحقيق امرا واقعا بتواطؤ رسمي وسياسي وقضائي.

واما ما فاقم صورة القلق والشحن النفسي والمناخات المتشائمة فتمثل في تسارع المجريات الصدامية القضائية على وقع مجريات مالية معيشية وحياتية كارثية توغلت معها البلاد نحو المرحلة الطالعة من الانهيار. اذ ان سعر الدولار مضى صعودا ممزقا سقف الـ 62 الف ليرة وتصاعدت معه على نحو جنوني أسعار المحروقات التي ابتدعت وزارة الطاقة اصدار جدولين يوميا لتسعيرها فبلغ الفارق التصاعدي بين تسعيرة قبل الظهر وبعده الخمسين الف ليرة ولا رفة جفن لدى الحكومة ولا مصرف لبنان ولا أي جهة معنية ومسؤولة !

استنفار وفوضى

اذن على مشارف انهيار افلاسي واخطار اضطرابات اجتماعية وامنية تزداد غيومها تلبدا، شهد قصر العدل في بيروت امس أوسع استنفار أمني لم يشهده سابقا تزامنا مع اعتصام أهالي ضحايا إنفجار المرفأ في باحته تأييدا لقرار المحقق العدلي القاضي طارق بيطار. وانتشرت قوة من قوى الأمن الداخلي والجيش في الخارج وتوزعت عناصر من جهاز امن الدولة في محيط دائرة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بكثافة وصلت الى نصف ردهة الطبقة الرابعة. وازداد التحوط بعد إنتشار خبر اعتداء مرافقين لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري على نائبين من التغييرين خلال زيارة له في مكتبه كانا في عداد الوفد النيابي الذي ضمهم والنواب ميشال معوض وسامي الجميل وجورج عقيص، قصداه بعد زيارة نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار ثم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود. ولكن النائب العام التمييزي مضى في تصعيد خطواته الانقلابية فاصدر تعميما استكماليا الى كل الأجهزة الأمنية المتعلق بعدم تنفيذ أي إجراء صادر عن المحقق العدلي، والطلب من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز عدم إستلام أي قرار او تكليف او تبليغ او إستنابة او كتاب او إحالة او مذكرة او مراسلة او اي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت، إن ورد مباشرة منه او بواسطة اي مرجع آخر “كونه مكفوف اليد في هذه القضية وغير ذي صفة”. واتبع قراره بكتاب الى التفتيش القضائي تضمن نسخة عن الملف المتعلق بالإدعاء الصادر عنه اول من امس بحق المحقق العدلي، وذلك للإطلاع وإتخاذ ما ترونه مناسبا”. وافاد مصدر قضائي “النهار” ان عويدات احال اوراق الإدعاء بشأن المحقق العدلي على الرئيس الاول لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود لتعيين قاضي تحقيق للنظر في ملف هذا الإدعاء.

وبدا واضحا منذ بدء الاستعدادات لجلسة مجلس القضاء التي كانت مقررة الأولى بعد الظهر لبحث جدول الاعمال وفي عداده قرار القاضي بيطار بإن الجلسة لن تعقد رغم وجود كل اعضاء المجلس، ولاسيما عندما تخطى موعد الإجتماع ساعة ليرجأ عند الثانية والنصف “بعدما إرتأى القاضي عبود هذا الإرجاء “تهدئة للأمور لأن الوضع الأمني لا يسمح بعقده، ولكانت تأزمت الأمور أكثر، وخوفا من إراقة الدماء” وفق زعم عويدات. وفضلا عن ذلك أشارت مصادر قضائية الى ان أعضاء في المجلس كانوا يصرون على طرح موضوع تغيير القاضي بيطار في الجلسة.

الوزير والنواب

وشهد قصر العدل صداما بين نواب ومرافقي وزير العدل هنري خوري بعدما حضر نواب معارضون وعقدوا داخل العدلية اجتماعات مع ‏وزير العدل ومع نقيب المحامين ناضر كسبار ورئيس مجلس القضاء الاعلى ‏القاضي سهيل عبود. وكان النواب خرجوا من اجتماع مع الوزير خوري لم يمر على خير. اذ ‏اثر اعتراض النائب وضاح الصادق على اداء خوري المسيس، اعتدى عليه مرافقو الوزير ‏وكان هرج ومرج في الخارج بين النواب وفريق الوزير الذي رفض الكشف عن هوية ‏المعتدي وزعم انه يأسف “للمشهدية السيئة والمؤسفة التي حصلت أثناء استقباله ‏مجموعة من النواب داخل قصر العدل”. وقال ان “الاشكال تسببت فيه أولاً الأجواء ‏القضائية المشحونة، وثانيا نوايا بعض النواب الذين لم يلتزموا اصول التخاطب واللياقة مع ‏الوزير”‏.

وعلى وقع مواجهات بين اهالي الضحايا والقوى الامنية ‏التي تحمي قصر العدل بعد ان حاول المعتصمون اقتحامه، التقى النواب كسبار فعبود. واشارت مصادر نيابية شاركت في اللقاء مع عبود الى ان “الإجتماع كان جيّداً وموقف عبود كان ‏إيجابيًّا لناحية أنّه سيحمي المحقّق العدلي القاضي بيطار من الهجمة الشّرسة التي يتعرّض ‏لها ولن يسمح بسحب الملفّ من يده أو بإزاحته من منصبه”. وقال عضو تكتل الجمهورية ‏القوية النائب جورج عقيص “جميعنا في مركب واحد وعلينا كنواب سياديين ‏اليوم استعادة الدولة من الدويلة واستعادة ملف قضية المرفأ ولن نسمح بتهديد القاضي ‏بيطار والقرار الاتهامي سيصدر قريبا”. اما عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش فقال: ‏”كتلة النواب الموجودة هنا اليوم “رح تكبر” وسيكون هناك تحركات بالشارع ولن يكون ‏هناك قاض رديف للقاضي بيطار” ‎‏ وقال النائب ميشال معوّض:” لسنا هنا لنتدخّل بالقضاء ‏لكن هناك تدخلات سياسية من السلطة عرقلت عمل القاضي البيطار وما يحصل هو انقلاب ‏على العدالة”‎.‎‏واعتبر ‎ النائب وضاح الصادق ان “قصر العدل اليوم تحت الاحتلال. وما سمعناه من ‏وزير العدل غير مقبول بأي منطق”. ‏

نقابة المحامين

ولعل البيان الذي أصدره مجلس نقابة المحامين في بيروت بعد جلسة طارئة برئاسة النقيب ناضر كسبار شكل البديل والتعويض عن قصور مجلس القضاء الأعلى او تواطؤ بعض أعضائه اذ اتسم موقف النقابة بالحزم الحاسم لجهة ما جرى. واستنكر مجلس النقابة “ما يشهده القضاء من خلافات وانقسامات؛ معلنا بكل أسف عدم ثقته بقسم من القضاء لم يعد يثق بنفسه ويتهجم على بعضه البعض. وإن ما حصل، بتاريخ 25/1/2023، هو قتل للضحايا في قبورهم، في بلد أُفرغ من كل مؤسساته. فرئاسة الجمهورية شاغرة، ومجلس الوزراء معطل، ومجلس النواب مشلول، والخاسر الأكبر هو الشعب اللبناني المقهور الذي يُغتال يوما بعد يوم “.واعتبر انه “لا يجوز للنائب العام التمييزي المتنحي أصلا، والمقبول تنحيه أصولا، أن يتخذ أي قرار أو إجراء في الملف، مما شكل تجاوزا للصلاحيات وخرقا للقانون. ويقتضي عليه إحترام الأصول القانونية والرجوع عن قراراته التي تحمل أخطاء جسيمة، وترك التحقيق يأخذ مجراه بواسطة المحقق العدلي المعين أصولا”. ورأى “انه يجب على القضاة إحترام قسمهم لإعادة سير مرفق العدالة لتفادي اللجوء إلى تحقيق دولي مستقل وحيادي بغية الوصول إلى كشف الحقيقة الكاملة في قضية إنفجار المرفأ التي أصبحت قضية رأي عام وموجبا قانونيا على السلطة وحقا لذوي الضحايا والمتضررين”. واعلن انه “ازاء التطاول الحاصل اليوم على أهالي الضحايا والمطالبين بمتابعة التحقيقات والمتضررين والنواب والمحامين من قبل بعض العناصر الأمنية، لا سيما العناصر المولجة حماية وزير العدل، تطلب النقابة من المسؤولين عن الأجهزة المعنية المبادرة فورا إلى وضع حد لهذه الممارسات واحترام الحصانات وإنزال أشد العقوبات بحق المرتكبين”.

في تزامن مع هذه التطورات المتسارعة شهدت الجبهة المالية والحياتية تصعيدا حادا تمثل في كسر الدولار حاجز الـ60 الف ليرة وقفز لاحقا الى سقف الـ62 الفا، وبينما قطعت الطرق في اكثر من ‏منطقة، ارتفعت صباحا اسعار المحروقات بمجملها وما لبثت ان ارتفعت مجددا في تسعيرة ثانية على وقع ‏ارتفاع الدولار مجددا خلال ساعات وتخطيه الستين الفا اذ صدر بعد الظهر جدول اسعار ‏جديدا وأصبحت الأسعار كالآتي‎:‎‏ البنزين 95 أوكتان: 1087000 ليرة لبنانية ،البنزين 98 ‏أوكتان: 1114000 ليرة لبنانية ، ‏‎ ‎المازوت: 1139000 ليرة لبنانية والغاز: 695000 ‏ليرة لبنانية.‏

طارق البيطارمجلس القضاء الاعلى

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة