لبنان
الدولار يلامس الـ50 ألفًا .. وعبد اللهيان يجدد عروض الكهرباء للبنان
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في لبنان بزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والتي جال فيها على المسؤولين، مؤكدًا الدعم الإيراني للحكومة والشعب والمقاومة، ومجددًا استعداد الجمهورية الإسلامية لبناء معملين لإنتاج الكهرباء في بيروت والجنوب.
كما تناولت الصحف موضوع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية،و التي لامست للمرة الأولى حدود الـ 50.000 ليرة للدولار الواحد، وسط غياب الرقابة من قبل أجهزة الدولة ومؤسساتها، في وقت يجري فيه الحديث عن جلسة جديدة للحكومة بدعوة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
"الأخبار": جلسة الحكومة نهاية الأسبوع المقبل: هل تُكسر الجرّة بين التيار والحزب؟
تهدّد جلسة الحكومة التي ينوي رئيسها نجيب ميقاتي الدعوة إلى انعقادها بكسر الجرّة نهائياً بين مختلف الأطراف السياسية، بما فيها حزب الله، والتيار الوطني الحر الذي يرفض «السطو على صلاحيات رئيس الجمهورية».
يُصرّ ميقاتي على عقد الجلسة لبتّ ملف تمويل شراء الفيول للكهرباء، باعتبار مجلس الوزراء الممرّ الإلزامي لإصدار مرسوم سلفة خزينة، بعدما منح وزير الطاقة وليد فياض موافقة استثنائية قبل أن ينقلب على قراره بالاتفاق مع وزير المال يوسف الخليل ورئيس مجلس النواب نبيه بري. في المقابل، يعتبر التيار أن «الموقف بات أبعد بكثير من إعطاء سلفة خزينة لكهرباء لبنان، بل هناك قرار يجري تنفيذه بكسر المكوّن المسيحي في لبنان، يشارك فيه كل من يشارك في جلسة مجلس الوزراء»، بحسب ما أكد تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور في مقابلة تلفزيونية أمس، ما يثير علامات استفهام حول التداعيات السياسية لعقد الجلسة وتأثيرها على العلاقة المتوترة أصلاً بين التيار وحزب الله الذي أبلغَ ميقاتي أن وزراءه سيشاركون في الجلسة، من دون أن يصدر عنه أي موقف يؤكد ذلك أو ينفيه.
ووفق المعلومات، سيوجّه ميقاتي الاثنين المقبل دعوة إلى مجلس الوزراء إلى الانعقاد بين الخميس والجمعة، وسط إمعان رئيس الحكومة في استفزاز التيار من خلال دعوة مجلس إدارة كهرباء لبنان للمشاركة في الجلسة «لتقديم إجابات عن أسئلة الوزراء في ما يتعلق بالملف».
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن ميقاتي اتصل بالمدير العام للمؤسسة كمال حايك، طالباً منه الحضور. لكن الأخير رفض لأن «لا صفة له، وأنه لا يُمكن أن يحضر في ظل غياب وزير الطاقة وليد فياض»، فما كانَ من ميقاتي إلا أن ردّ بأن طلب المشاركة هو «أمر»، فأجاب الحايك: «خير»!
وعكست أحداث الساعات الماضية اشتداد التعقيد في ملف إقرار سلفة شراء الفيول لمعامل إنتاج الكهرباء، حيث لا يزال المسار القانوني لتفريغ البواخر العالقة في البحر مجمداً بسبب الخلاف السياسي الذي وصل إلى حدّ رفض رئيس الحكومة الردّ أمس على اتصالات وزير الطاقة كما صرّح الأخير، مؤكداً أن «الحل لهذه الأزمة يُمكن أن يحصل بألف طريقة دستورية من خارج مجلس الوزراء». وقال في اتصال مع «الأخبار» إن «المشكلة تكمن في إخلال ميقاتي بالاتفاق الذي حصل بيننا». وأضاف فياض «لن أعطّل الحل، لكنني أعترض على الصيغة، فالحل الذي يتحدثون عنه هو جزء من الخطة التي وضعتها الوزارة، والمطلوب تأمين مبلغ 600 مليون دولار في دورة تستغرق خمسة أشهر لرفع ساعات التغذية إلى حوالي عشر ساعات». وفي هذا الإطار، رأت مصادر وزارية أن «أجندة رئيس الحكومة ومن يقف خلفه هي تخدير الناس وإعطاء نصف حل، فهل من الطبيعي أنهم يستطيعون تأمين ما يزيد على 700 مليون دولار خلال أيام لعمليات منصة صيرفة مع شركات الصرافة وتحويل الأموال، ولا يستطيعون تأمين 600 مليون لخطة الكهرباء»؟
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من بيروت استعداد إيران لتزويد لبنان بالفيول وتأهيل معامل الطاقة الكهربائية، مشيراً إلى «وعي التيارات السياسية اللبنانية لإيجاد مخرج للشغور الرئاسي». وشدد عبد اللهيان على أنّ إيران «مستعدة لبناء معامل الطاقة الكهربائية في لبنان وتأهيلها انطلاقاً من توافق مع الحكومة». وقال إنّ الجمهورية الإسلامية تقف «داعمة بشكل واضح للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية»، مؤكداً أنّ طهران «لا تتدخل في الأمور الداخلية للبنان الشقيق، وترحب بتلاقي وتحاور كل التيارات السياسية».
"البناء": عبد اللهيان إلى دمشق: التقى نصرالله مؤكداً العروض الكهربائية
في لبنان قطعت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مناخ الجمود السياسي الذي ترزح فيه البلاد بوحي ما يحصل على مسار الاستحقاق الرئاسي من مراوحة في المكان وتجديد للعجز، وجال عبد اللهيان على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، والتقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، والتقى مساء بنخبة من السياسيين والإعلاميين، وجاء اجتماع عبد اللهيان مع السيد نصرالله محورياً لارتباطه بما يتعدّى العلاقة التقليدية بين إيران وحزب الله، لكون الوزير الإيراني في طريقه إلى دمشق لتنسيق زيارة قريبة للرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي، حيث يمثل السيد نصرالله دور الشريك الثالث في العلاقة الثنائية بين سورية وإيران، كما قالت مصادر متابعة لملف الزيارة، وأكد عبد اللهيان في كل لقاءاته على أمرين، الأول استمرار الالتزام الإيراني بالتعهدات الخاصة بملف الكهرباء تجهيزا وتزويدا بالوقود، رغم التعثر اللبناني، والثاني نقل الأنباء الإيجابية عن تحسن العلاقات الإيرانية السعودية، عسى يسهم ذلك في تحرير بعض القيادات السياسية من القلق من فتح قنوات الحوار الداخلي، خصوصاً مع حزب الله خشية أن يستدرج الغضب السعودي عليهم، وفقاً لقراءة المصادر المتابعة.
في الشأن الحكومي، قالت مصادر وزارية إن جدول أعمال الجلسة المرتقبة يوم الاثنين، لم يوزع على الوزراء، ربما لبحث جدي بإضافة بندي التعويضات للموظفين وترقيات الضباط المتفق على أهميتها وإلحاحها بين الأطراف المشاركة في اجتماع الحكومة بما فيها حزب الله، والتي كانت تأمل أن يؤدي حصر البحث بملف الكهرباء الى تذليل معارضة التيار الوطني الحر، وبعدما تبلغ الجميع موقف التيار المعارض بمعزل عن جدول الأعمال، تقول المصادر الوزارية إن البحث بدأ بتوسيع جدول الأعمال دون التخلي عن شرط تضمينه المسائل الملحة والتي تكتسب صفة الضرورة، خصوصاً لاتصالها بشؤون الناس.
وخرقت زيارة وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان جمود المشهد السياسي، حيث كشف الوزير عن عروض كهربائية بالجملة للبنان تنتظر موافقة الحكومة اللبنانية. وجال عبد اللهيان على المسؤولين مؤكداً أن بلاده لا تتدخل في قضايا لبنان وأبرزها الانتخابات الرئاسية، وأنها مستعدة لدعم بيروت في محنتها خاصة على صعيد الكهرباء والفيول.
وأعلن الدبلوماسي الايراني في مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية أن »إيران ستبقى دائمَا وأبدا الصديق الوفي للبنان في السراء والضراء»، لافتا الى ان «التعاون بين إيران ولبنان ينعكس إيجابا على مصلحة شعبينا». واعلن ان «فريقا تقنيا لبنانيا زار إيران واجتمع مع المعنيين لتأمين الفيول والمحروقات التي يحتاجها لبنان من أجل الكهرباء.» وقال ردا على سؤال: «لا نتدخل بحال من الأحوال في شؤون لبنان وندعم ونرحب بتلاقي وتحاور كل التيارات السياسية لحل مسألة الشغور الرئاسي ونحن على ثقة تامة ان التيارات السياسية لديها الوعي السياسي والتجربة لتضع مخرجاً للشغور».
وفي السراي الحكومي بحث عبد اللهيان مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، العلاقات بين لبنان وإيران وسبل تطويرها، اضافة الى الوضع في المنطقة. وأكد ميقاتي خلال الاجتماع أن »الاوضاع في لبنان صعبة، ولكننا نعمل على تسيير الأمور ولدينا الثقة والعزيمة للعمل على الخروج من هذه المحنة». أما وزير الخارجية الايراني، فشدد على ان «إيران ستقف الى جانب لبنان ودعمه في كل الظروف، وترغب في تطوير العلاقات وتفعيلها على الصعد كافة».
كما التقى عبد اللهيان، في عين التينة رئيس مجلس النواب نبيه بري. كما عقد اجتماعاً مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
في غضون ذلك، بقيت الدعوة المرتقب أن يوجهها ميقاتي لعقد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، في واجهة الاهتمام نظراً لتداعياتها السياسية في ظل موقف التيار الوطني الحر الرافض لعقد الجلسة والمشاركة فيها، مقابل اعلان حزب الله مشاركته فقط لإقرار بندي الكهرباء.
وأشارت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ«البناء» الى أن موقف الحزب بالمشاركة في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة لا يستهدف أي طرف سياسي ولا الوقوف مع طرف ضد آخر، بل ينطلق من حرصه على مصالح الناس وشعوره بآلامهم ومعاناتهم اليومية لا سيما في ملف الكهرباء والأدوية وارتفاع الأسعار وغيرها، ولا يجوز تعطيل المؤسسات حتى انتخاب رئيس للجمهورية، لكن الحزب حصر مشاركته ببندي الكهرباء حرصاً على علاقته مع التيار، علماً أن معظم بنود جدول الأعمال ملحة ومهمة.
وحمل كلام وزير العمل مصطفى بيرم بعد اجتماع لجنة المؤشر، رسالة الى التيار الوطني الحر، بتحميله المسؤولية لكل من يعرقل اقرار الملفات الملحة في مجلس الوزراء، ولفت بيرم الى أنّه »تم الاتفاق على زيادة مليون و900 ألف على الزيادات السابقة على الضمان الاجتماعي وبدل النقل 125 ألفا في القطاع الخاص وسنضغط لإقراره في القطاع العام، لكن الأمر ينتظر إقرار مجلس الوزراء».
وإذ لم يصدر التيار الوطني الحر أي موقف من جلسة مجلس الوزراء، بانتظار توجيه رئيس الحكومة الدعوة رسمياً، أشارت مصادر التيار لـ«البناء» الى أننا لن نسكت أو نستكين إزاء أي دعوة جديدة لاستهداف موقع رئيس الجمهورية وانتهاك الدستور وضرب الشراكة الوطنية، مذكرة بأن الرئيس ميقاتي عندما تحدث عن تأمين الكهرباء عشر ساعات في كانون الأول الماضي كانت حكومته تصريف أعمال ولم يقل إنه سيعقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار سلفة الكهرباء، فلماذا الآن يصر على عقد الجلسة ولأي أهداف؟
وعن تعليق التيار على موقف حزب الله بحضور الجلسة فقط ببندي الكهرباء، لفتت المصادر الى أنه «اذا عقدت الجلسة وشارك فيها الحزب سيكون لنا موقف يناسب هذه الخطوة التصعيدية، وحصر مشاركته ببندي الكهرباء غير مقنع وغير كاف للتضامن معنا بل القضية مبدئية. وتساءلت لماذا علينا أن نتفهم موقف الحزب دائماً ولا يتفهم موقفنا؟ وعندما يكون هناك شراكة حقيقية يجب التعامل بالطريقة نفسها، وغمزت المصادر من قناة عين التينة بحثها ميقاتي على الدعوة في اطار استهداف التيار طيلة العهد الماضي.
وجزمت المصادر بأن وزراء التيار لن يحضروا الجلسة وهذا خارج دائرة النقاش لا سيما أن بنود الكهرباء لا تحتاج الى جلسة لمجلس الوزراء بل يمكن إقرارها بمراسيم جوالة أو موافقات استثنائية، موضحة أننا لا زلنا على موقفنا من حضور اي جلسة في الحالات الطارئة والضرورية اي في القرارات المصيرية التي تحتاج الى قرار سياسي استراتيجي. وشددت المصادر على أن اضافة الى مخالفة الدستور بعقد الجلسة، فإن ميقاتي يضرب مبدأ الميثاقية والتوازن بصيغ المراسيم بتوقيعه مكان رئيس الجمهورية ومتمسكون بتوقيع الـ 24 وزيراً، ولفتت المصادر الى أن «ميقاتي ومن خلفه يستغلون ملف الكهرباء الحيوي الذي يهم المواطنين للدعوة الى مجلس الوزراء لحشر التيار في الزاوية وتحميله مسؤولية عرقلة امور الناس الحياتية».
وإذ توقعت المصادر أن تسوء العلاقة بين التيار والحزب بعد جلسة الأسبوع المقبل، علمت «البناء» أن الاتصالات تحصل بين التيار والحزب منذ أسبوعين لترتيب لقاء بين الحاج وفيق صفا ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لكن لا تقدم ايجابي على هذا الصعيد حتى الساعة.
رئاسياً يستمر الجمود القاتل في ظل جمود المبادرات وبقاء الأطراف على مواقفها، وفيما أفيد عن مشاورات بين أحزاب القوات والكتائب والاشتراكي للبحث بأسماء جديدة غير النائب ميشال معوض، نفى الأخير ذلك، وشدد على أنه «لن ينسحب الا لصالح مرشح من المعارضة يحظى بخمسة وستين صوتا أو لصالح تسوية سيادية وطنية شاملة».
وقد برزت حركة قائد الجيش العماد جوزف عون باتجاه عين التينة والضاحية الجنوبية، وما قد تحمله من اشارات سياسية، إذ بحث آخر التطورات مع الرئيس بري، فيما تفقّد فوج التدخل الرابع في الضاحية الجنوبية لبيروت إثر العملية التي نفذها الفوج مع مديرية المخابرات منذ يومين في حي الجورة في برج البراجنة.
ولفت قائد الجيش إلى أنّ «وحدات الجيش كافّة تحارب المخدرات على امتداد الأراضي اللّبنانيّة، فهي أخطر من الإرهاب، وواجبنا حماية أهلنا في الضّاحية وسائر المناطق من هذا السّمّ الّذي قد يدخل إلى كلّ بيت وعائلة، وأن نوفّر لهم الأمان ونَرُدّ عنهم وعن أولادهم شرّ هذه الآفة»، مشدّدًا على «أنّنا مصمّمون ومصرّون على خوض حربنا ضدّ المخدرات مهما طالت. الشعبُ بجميع أطيافه وانتماءاته داعم لكم في هذه الحرب، فكونوا على قدر آماله».
بدوره، أشار رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك الى ان «الأوضاع في لبنان تزداد سوءا يوما بعد يوم، والواجب الخروج من حالة التأجيل وعدم المبالاة، ولا بد من المبادرة إلى التفاهم والتوافق للخروج من نفق الفراغ، بانتخاب رئيس الجمهورية، ولا يكون ذلك بالتحدي والفرض من الخارج. إن اللبنانيين قادرون بأنفسهم، إذا صفت النوايا وفتحت القلوب على المصلحة الوطنية».
"الجمهورية": الدولار يشتعل .. اللبنانيون يسألون: من يرعى الفلتان؟
يشي المسار الإنحداري الذي بدأ يتسارع بشكل خطير في الايام الاخيرة، بأنّ يداً خبيثة تسلّلت من خلف الانسداد السياسي، لتحضير الواقع اللبناني لمنزلقات دراماتيكية وتداعيات لا حصر لها في كلّ مفاصل الحياة اللبنانية، وتكمل الإجهاز على اللبنانيين. الواقع مرعب، وركائز البلد تتهاوى على كلّ المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فيما اطراف الانقسام السياسي ماضون في التأسيس لمستقبل متهالك، وجعله أكثر مأساوية ورعباً. وماضون ايضاً في الكذب والدجل، ومحاولة تبرئة انفسهم من هذه الجريمة الفظيعة التي تُرتكب بحق لبنان واللبنانيين، فيما هم بأدائهم المتمادي في التعطيل، ورهن البلد لحساباتهم ومصالحهم، وسدّهم لأبواب الانفراج وحرمانهم البلد حتّى من جرعة مسكّنات موضعية على جروح الأزمة، متّهمون إلى ان يثبت العكس، بانّهم رعاة هذه الجريمة، وناسجو خيوطها المؤدية الى فتح ابواب الجميع وإهلاك البلد وأهله.
من يحمي الفلتان؟
في هذا الواقع المرعب، لا تنطلي على اللبنانيين كذبة البراءة، حيث لم يلمس اللبنانيون منذ بداية الأزمة الاقتصادية والمالية، وكذلك السياسية والرئاسية ما يثبت عكس ذلك، او تمتع كل العناوين والشعارات والبكائيات والمطولات التي اطلقها أطراف الانقسام، بشيء من الصدقية. على انّ السؤال الذي ينبري في وجه هؤلاء جميعهم: من يحرّك اليد الخفية؟ ومن يحمي أوكار والغرف السوداء التي تشعل الدولار، ودفعه الى سقوف خيالية؟ ومن يحمي الفلتان الخطير وما قد يؤسس له من انهيارات بالغة الخطورة تعدم كل مقومات الحياة؟ ولماذا لا تبادر اجهزة الدولة المالية والأمنية الى كبح مخربين يتحركون بكامل حريتهم ودون حسيب او رقيب؟
مصادر معنية بالشأن المالي اكّدت لـ»الجمهورية»، انّ التلاعب بسعر الدولار، تنفّذه «عصابات صيرفة وصرافون وتجار عملة ومهرّبون» معروفة بالأسماء ومقرّاتها والجهات المرتبطة بها، لدى مصرف لبنان وسائر الاجهزة اللبنانية. واخطر ما في الامر انّ هذه العصابات تتمتع بحمايات من قبل الجميع، وخصوصاً انّ هذه اللعبة تدرّ ارباحاً خيالية على هؤلاء اللاعبين بمئات الآلاف من الدولارات «الفريش» يومياً».
وإذ اكّدت المصادر «أن ليس ما يبرر اقتصادياً ومالياً هذه القفزات الخطيرة في سعر الدولار»، لفتت إلى انّ «هذا الارتفاع هو في مجمله سياسي»، وحذّرت من ترويجات تسري في اوساط مالية واقتصادية وكذلك سياسية، حول قفزات غير مسبوقة، وقد تكون كارثية في سعر الدولار، جرى التمهيد لها منذ ما قبل نهاية السنة الماضية، وبدأت ترجمتها الفعلية في الايام الاخيرة، وصولاً الى يوم امس، حيث أنّ الدولار، وكما تمّ الترويج له قبل نهاية السنة، بدأ يلامس عتبة الـ50 الف ليرة في عملية تشليح مفضوحة للمواطن اللبناني».
تهريب وتحويل؟!
واما الأخطر في هذه الصورة، ما كشفته مصادر اقتصادية مسؤولة لـ»الجمهورية» عن انّه «في الوقت الذي يحرم فيه اللبنانيون من ودائعهم، فإنّ عمليات تحويل الاموال مستمرة إلى الخارج، تضاف اليها عمليات تهريب منظّمة للاموال خصوصاً في اتجاه سوريا». وحذّرت من انّ لبنان مهدّد بحريق مالي واقتصادي كبير، وشرارته الضرب النهائي للعملة الوطنية، وجهود لصوصية لإنهاك لبنان وتجفيف الدولار وسائر العملات الصعبة فيه».
ونسبت المصادر الى مسؤول مالي دولي قوله إلى مسؤولين لبنانيين في الساعات الاخيرة: «انّ كل المعطيات المالية الدولية، تنذر بعواقب وخيمة باتت على وشك ان تضرب الواقع اللبناني، فقد ضيّع اللبنانيون على انفسهم وقتاً طويلاً وفرصاً متعددة لإعادة انعاش اقتصاد بلدهم، وهم لا يزالون امام فرصة ربما اخيرة لإطلاق مبادرات سريعة تعيد انتظام الادارة السياسية والحكومية للبلد، وتسرّع في خطوات العلاج».
الدولار والاجور
إلى ذلك، وفيما أقرّت لجنة المؤشر أمس رفع الحدّ الأدنى للاجور الى 4 ملايين وخمسماية الف ليرة، وزيادة بدل النقل اليومي الى 125 الف ليرة، كان الدولار يسجّل رقماً قياسياً كان اقترب منه قبل تدخّل مصرف لبنان قبيل نهاية 2022. وشقّت العملة الخضراء طريقها نحو الـ50 الف ليرة، ولا احد يضمن انّ هذا السعر سيشكّل محطة يستريح عندها الدولار، بل انّ المؤشرات توحي بأنّ الدولار سيستمر في الارتفاع في الفترة المقبلة. وقد ارتفعت اسعار السلع بشكل جنوني، بما فيها اسعار المحروقات، والتهمت مفاعيل الزيادة في الاجور وبدل النقل قبل ان تُنفّذ.
هذا الوضع المستجد، وفق ما يؤكّده مصدر اقتصادي لـ»الجمهورية»، يقود الى استنتاجين:
اولاً- انّ قدرة مصرف لبنان على التدخّل في سوق الصرف لتهدئة ارتفاع الدولار اصبحت محدودة.
ثانياً- انّ اعتماد الاسلوب الكلاسيكي في معالجة تآكل الاجور، ومحاولة الحفاظ على القدرة الشرائية للموظف لم تعد تجدي نفعاً.
انطلاقاً من هاتين النقطتين، يعتبر المصدر الاقتصادي، انّ مسألة توحيد سعر الصرف لم تعد ممكنة سوى من خلال ترك السوق تأخذ مداها، لأنّ ما تبقّى من اموال المودعين في مصرف لبنان لا يجوز ان تُستخدم اكثر من ذلك في محاولة للجم انهيار الليرة.
ثالثاً- انّ تصحيح الاجور في ظروف كالتي يمرّ فيها لبنان ينبغي ان ترتبط بجدول متحرّك للاجور مربوط بسعر صرف الدولار. أي ينبغي ان يتمّ تحديد الحدّ الأدنى للأجور بالدولار، وان يتمّ تعديل الأجر بالليرة شهرياً. شرط ان يكون الرقم منطقياً، وقابلاً للتطبيق في الوضع الاقتصادي والمالي القائم، والذي توحي المؤشرات حتى الآن بأنّه سيطول، ولا مؤشرات حلول في الأفق المنظور.
الدولارالكهرباءالحكومة اللبنانية
إقرأ المزيد في: لبنان
09/11/2024