لبنان
عودة الحرارة لملفات الرئاسة والحكومة.. ووفد قضائي أوروبي في بيروت
انتهت عطلة الأعياد لتعود الحركة إلى الساحة اللبنانية على أكثر من صعيد، دون نيل اللبنانيين هدايا ذات قيمة أو التماسهم مؤشرات إيجابية تصب في مصلحة تحسين ظروف حياتهم، فالكهرباء مقطوعة من عدة أيام وبواخر الفيول تنتظر في البحر دون فتح اعتمادات لها بسبب المناكفات السياسية، وموضوع انتخاب رئيس للجمهورية يراوح مكانه، مع حديث عن إمكانية دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجلسة جديدة لانتخاب الرئيس في المجلس النيابي يوم الخميس المقبل.
تربويًا انقسم الأساتذة بين عائد للتدريس وبين معتكف وبين من أكمل في الإضراب سعيًا لنيل حقوقه، في وقت يعود فيه السلك القضائي لممارسة أعماله بعد أشهر من التوقف، يأتي ذلك بالتزامن مع وصول وفد قضائي أوروبي للتحقيق بملفات فساد على رأسها قضايا متعلقة بحاكم مصرف لبنان، ما يفتح الباب لتشريع التدخلات الأجنبية في الشؤون المحلية بشكل فاضح وفي أكثر من مجال.
"الأخبار": التحقيقات الأوروبية تتجاوز ملف سلامة إلى ملف انفجار المرفأ
يشهد لبنان، بدءاً من اليوم، فصلاً جديداً من الخطوات التي تعكس الانهيار الذي أصاب مؤسساته كافة، وتشير إلى نوع الوصاية التي يريد الغرب ممارستها على اللبنانيين، بحجة عدم أهلية مؤسساتهم الرسمية ومسؤوليهم. والأكثر خطورة هو أن التدخل يتم من خلال بوابة القضاء.
منذ الإعلان عن نية وفود قضائية أوروبية القدوم إلى لبنان للتحقيق في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، برزت مواقف داخلية متضاربة. قسم غير قليل من الجمهور وبعض النخب رحب بالتدخل الخارجي، لا بل هلّل له، مبررين ذلك بتواطؤ القضاء اللبناني أو عجزه، وبأن القضاء الأوروبي أكثر جدية، وسيحقق نتائج عملانية لا يمكن القضاء اللبناني الوصول إليها.
من جهة أخرى، برزت أصوات، ليست كثيرة كما تظهر المؤشرات الإعلامية والعملانية، تحذر من خطورة فتح الباب أمام هذا النوع من الوصاية الغربية، خصوصاً أن لبنان سبق أن تعرض منذ سنوات طويلة، وخصوصاً منذ 17 تشرين الأول 2019، لأبشع أنواع التدخل من العواصم الأوروبية والغربية بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا. كما أن مشكلة القضاء اللبناني لا تبرر تسليم البلاد وقضائها إلى جهات خارجية بمعزل عن هويتها، وهو ما يفترض أن يكون موقفاً مبدئياً، خصوصاً لدى أدعياء السيادة.
لكن واقع الحال أن من بيدهم الأمر لم يتصرفوا على هذا النحو. الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى بوصفه أعلى سلطة قضائية والنيابة العامة التمييزية المعنية مباشرة بالأمر، ومن خلفهم الحكومة والقوى السياسية والمجلس النيابي، والنقابات المهنية والمراكز البحثية القانونية... كل هؤلاء لم يبادروا إلى أي موقف لمنع استغلال المشاكل اللبنانية الداخلية لفرض وصاية خارجية على القضاء. لا بل على العكس، سمح هؤلاء للسفراء الأجانب في لبنان بممارسة الضغوط والترهيب، وإلا كيف يمكن للسفير الألماني السيئ الذكر أندرياس كيندل التنقل بين مكاتب وزير العدل ورئيس مجلس القضاء والمدعي العام التمييزي لإعطاء أوامر مهدداً بعقوبات أوروبية ضد كل قاض أو موظف يعرقل التحقيقات في لبنان. والتهويل نفسه مارسه الفرنسيون وغيرهم، ما أدى إلى حال من الذعر في أوساط سياسيين وقضاة وحتى إعلاميين، وانتهت إلى «مخرج» لا يعطل الوصاية الخارجية على لبنان، ويعطيها شكلاً «لطيفاً» عبر «وجود» ممثل عن السلطات اللبنانية المعنية.
ولا يبدو أن الوصاية الآتية ستتوقف عند ملف رياض سلامة. إذ إن مراسلات الجهات الأوروبية تضمنت أسماء قضاة تحقيق لا يعملون في ملف حاكم مصرف لبنان، خصوصاً في المراسلة الفرنسية التي تضمنت اسم قاضي التحقيق الفرنسي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، والذي طلب تحديد موعد له (في 24 الجاري) مع المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ. ولم يعرف ما إذا كان القاضي الفرنسي قد طلب أيضاً موعداً للاجتماع مع القاضي طارق البيطار، علماً أن الأخير استقبله في 27 أيار الماضي برفقة مندوب عن النيابة العامة الفرنسية. وطلب الفرنسيون يومها الاطلاع على تحقيقات البيطار الذي رفض التجاوب، وأبلغهم بأن التحقيقات سرية وعندما ينتهي منها ويعدّ قراره الظني يحق لهم الاطلاع عليها من خلال النيابة العامة.
الوقائع لا تشير بالتحديد إلى ما يريد القاضي الفرنسي، لكن منطق الأمور يشير إلى أنه يقوم بعملية جس نبض، في ضوء موافقة لبنان على فتح الأبواب أمام تدخل كبير للقضاء الأوروبي في قضية سلامة. وهو هنا يجرب حظه، فربما يحصل أيضاً على تغطية لتولي تحقيقات إضافية في ملف المرفأ من دون أن يعرف لبنان شيئاً عما يقوم به.
عملياً، يبدو وكأن الجانب الأوروبي يريد إضفاء شرعية على عمله في لبنان بطريقة ملتوية. برر البعض في بيروت فتح الأبواب بأن الوفود ستعمل تحت إطار المعاهدة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2005، والتي انضم إليها لبنان عام 2008 بموجب القانون الرقم 33 الذي صدقه مجلس النواب عام 2008. وباتت ملزمة للبنان. لكن المعاهدة المذكورة تقول بأنه في حالة كالتي أمامنا اليوم، فإن أي طلب تعاون قضائي من دولة أوروبية إلى لبنان، يفترض أن يقوم وفقاً للقوانين اللبنانية وبما لا يتعارض معها. كما تجيز المعاهدة للبنان أن يرفض الطلب الأوروبي طالما أنه يقوم بالتحقيقات في الجريمة نفسها. وبالتالي نعود إلى أصل المشكلة؟
في وقت سابق، أنهى القاضي جان طنوس التحقيقات الأساسية في قضية الاختلاس وتبييض الأموال التي يشتبه أن حاكم مصرف لبنان قام بها بالتعاون مع شركاء في لبنان وخارجه. ومع أن القاضي تعرض للتعطيل والعرقلة مراراً من السلطات السياسية، كما حصل يوم طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من النائب العام التمييزي سحب طنوس من أحد المصارف مهدداً بالاستقالة، إلا أن الأخير وغيره ممن عملوا في إدارة الملف، استخدموا عملياً التهويل الغربي والأوروبي على لبنان لإجبار مصرف لبنان والمصارف على تسليم القضاء اللبناني الكشوفات الخاصة بحسابات رجا سلامة شقيق رياض سلامة. وهي الكشوفات التي تشرح بصورة مفصلة مصير 200 مليون دولار جرى تحويلها من الخارج إلى لبنان وتم تسييلها بطرق مختلفة وعبر حسابات مختلفة وبمشاركة آخرين عبر النظام المصرفي. وهي جزء من الأموال التي يشتبه القضاء في أن سلامة اختلسها عبر شركة «فوري».
وبدل أن يستكمل طنوس التحقيقات من خلال البحث في هذه الحسابات، تلقى طلباً من عويدات بأن يعد الادعاء ويرسله إليه، ليطلب من أحد العاملين معه الادعاء على سلامة. وبالتالي ضم كشوفات حسابات رجا إلى الملف. بالفعل، أحال عويدات الملف إلى القاضي زياد أبو حيدر الذي خالف القانون ورفض الادعاء ثم طلب إعفاءه قبل أن يتنحى، ومن ثم ضاعت المسؤولية. وفيما كان في إمكان عويدات تكليف قاض آخر بالمهمة، تؤكد أوساطه أن أي قاض لم يقبل بهذه المهمة، بينما لم يطلب هو من القاضي طنوس الادعاء، من دون تفسير لهذه الخطوة، علماً أن أوساطاً قريبة من الرئيس السابق ميشال عون أشارت إلى أن منع طنوس من القيام بالمهمة جاء نتيجة طلب مرجعيات سياسية.
عملياً، ما حصل هو أن لبنان عطل التحقيق في ملف سلامة وترك الأمر للخارج.
في ملف المرفأ، حصل ما هو أكثر خطورة، إذ إن السلطات القضائية المعنية لم تبادر إلى حماية التحقيق بل عملت على حماية القاضي المحقق. علماً أن البيطار يفترض أنه يطبق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، مثله مثل أي قاض آخر. وبدل أن يعمد مجلس القضاء بالتعاون مع وزارة العدل إلى إيجاد حل لمشكلة الريبة في عمله، من خلال تكليف قاض آخر بالمهمة، عمد إلى تعطيل الملف برمته، واستغل العراك السياسي حول الملف لوقف التحقيقات، ثم عمد مجلس القضاء إلى استجرار ضغوط خارجية لإرغام الآخرين على السير في عمل البيطار وإسقاط كل التحفظات عنه. بالتالي، فإن مجلس القضاء انتهى كما في ملف سلامة إلى تعطيل التحقيق وإلى فتح الباب أمام الخارج لتولي المهمة وحده أو تحت وصايته.
وبمعزل عن كل كلام سيقال عن أن رفض دور القضاء الخارجي هو تبرير للمجرمين للإفلات من العقاب، سواء في ملف سلامة أو ملف المرفأ، فإن مراجعة لآلية تبادل المعلومات مع القضاء الأوروبي والدولي في الملفين، تشير إلى ما يعزز الشكوك في الأهداف الفعلية للتدخل القضائي الخارجي. إذ حتى اللحظة، لم يحصل لبنان بعد على أي مادة خاصة تحدث فرقاً في المعلومات الموجودة في الملف اللبناني الخاص بمرفأ بيروت.
أما في ملف سلامة، فإن القضاء الأوروبي رفض التعاون الجدي. إذ بينما قدم لبنان كل ما هو موجود من نتائج تحقيقات (ما عدا كشوفات رجا سلامة ومعلومات أخرى قليلة) فإن الأوروبيين لم يبادروا إلى تسليم لبنان أي معطيات خاصة حول التحقيقات الجارية في أوروبا. بل تم اطلاع لبنان على خلاصات لبعض التحقيقات، كما اطلع لبنان من الإعلام على إجراءات قضائية اتخذت بحق المشتبه فيهم.
هل تم اتخاذ إجراءات بحق شركاء سلامة من العاملين في مصارف أوروبية في فرنسا وسويسرا وألمانيا ولوكمسبورغ؟
وبما أن الملف يتعلق بعمليات تبييض أموال في أوروبا، ويشتبه في أن سلامة اختلسها من لبنان، قامت الجهات الأوروبية بالتحقيقات مع المصارف الأوروبية المعنية وعددها ليس بقليل، فهل تم استدعاء أو اتخاذ إجراءات بحق شركاء سلامة من مصرفيين وسواهم من العاملين في مصارف أوروبية رفيعة في فرنسا وسويسرا وألمانيا ولوكمسبورغ؟
عملياً، ما يحصل هو نتيجة طبيعية للإرباك (إن لم يكن أكثر) من جانب لبنان والسلطات المعنية فيه، سياسية كانت أو قضائية أو حتى مدنية. وبذلك يجري تخيير اللبنانيين بين تعطيل متعمد للقضاء اللبناني في ملفي سلامة والمرفأ، بما يزيد قناعة الناس بعدم إمكان تنفيذ العدالة في لبنان، وبين فتح الأبواب أمام وصاية، بل استعمار قضائي خارجي سيقوم بما يتجاوز المصالح اللبنانية، وهو يمثل جهات تريد من لبنان الكثير.
معلوم أن السياسيين المسؤولين في الدولة يتحملون المسؤولية الرئيسية عما يجري. لكن، لا يمكن إعفاء الجسم القضائي بكل مستوياته، وكذلك نقابة المحامين ودعاة السيادة، وأصحاب الرأي القانوني الحر، من مسؤولية تسهيل هذا الاستعمار المهين. تكفي الإشارة، بالشكل، إلى أن التحقيقات الأوروبية ستجرى في قاعة محكمة التمييز، وهي أعلى محكمة لبنانية، حيث سيجلس قاضي تحقيق على منصة لا تطابق حالة التحقيق مع شاهد أو مشتبه فيه أو مدعى عليه، بل تصلح للمحاكمات فقط. وإلى جانب ذلك، سيقبل القضاء اللبناني الإهانة بأن يكون مستمعاً أو مترجماً أو ناقلاً للكلام بين قضاة ومحققين جنائيين أجانب وبين مواطنين لبنانيين.
على أن هناك أمراً أخيراً، يتجاهله المعنيون، وهو أن الاستعجال الأوروبي لإتمام التحقيقات قبل الادعاء اللبناني، سيتيح للجهات القضائية الأوروبية الإسراع في إعداد المحاكمات وإصدار الأحكام بحق المدانين المحتملين، وهذا في حال حصوله، سيعرّض اللبنانيين لسرقة أموالهم مرتين، مرة عندما أخذها سلامة ومرة عندما أخذها الأوروبيون، لأن القانون الدولي يتيح لهم مصادرة الأموال طالما هم من تولى القضية ووصل بها إلى خواتيمها.
"البناء": مشاورات لجلسة حكومية للكهرباء… والقضاء الأوروبي يستمع للمصارف
لبنانياً، أيضاً ثلاثة عناوين كبيرة، العنوان الأول هو انتظار صدور دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجلسة انتخاب رئاسية يوم الخميس المقبل، لبدء جولة مشاورات داخل الكتل، وفيما بينها أملاً بتفادي نتائج شبيهة بالجلسات السابقة. وهو ما قالت مصادر نيابية إنه لا يزال بعيداً، فكل المواقف لا تزال على حالها وحدود التغيير لن تكون أكثر من شكليّة، كمثل قيام نواب التيار الوطني الحر بتسمية أحد المرشحين أو أكثر بدلاً من الورقة البيضاء، او اعتماد النواب المستقلين لعنوان جديد بدلاً من لبنان الجديد. فالانقسام لا يزال قائماً والاستعصاء مستمر، أما العنوان الثاني فهو أزمة الكهرباء الناتجة عن التجاذبات السياسية التي عطّلت تمويل سفن الفيول الواقفة في البحر والتي يدفع لبنان ثمن وقوفها عشرات آلاف الدولارات يومياً، وقد فاقت الكلفة نصف مليون دولار. وقالت مصادر حكوميّة إن المشاورات جارية لعقد جلسة حكوميّة ببند واحد هو سلفة الكهرباء لإنهاء هذا الوضع الشاذ، أما العنوان الثالث، فيتمثل بوصول بعثة قضائية أوروبية يوم غد الثلاثاء إلى بيروت لبدء الاستماع الى قرابة ثلاثين شخصية مصرفية حول التحويلات وعمليات تبييض الأموال التي يحقق بشأنها القضاء الأوروبي.
يتجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري للدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس المقبل، بعدما تيقن أن أي دعوة للحوار من قبله ستلقى رفضاً من الكتلتين المسيحيتين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
وبانتظار جلسة الخميس فإن الكتل السياسية سوف تعقد اجتماعات عشية الجلسة لإعلان مواقفها من الترشيحات. وبحسب مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي، فإن اجتماعاً سيُعقد يوم غد لتكتل لبنان القويّ لاتخاد القرار في شأن التصويت في الجلسة، وتقول المصادر لـ»البناء» إن هناك عدداً من النواب يدعو الى تسمية نائب من التكتل كمرشح لرئاسة الجمهورية، وهؤلاء يرفضون الأفكار والتي يطرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والتي تصبّ في خانة تسمية مرشح من خارج النادي البرتقالي. وتشير المصادر إلى أن التباين في الآراء قد يفضي الى الاستمرار في التصويت بورقة بيضاء وترك الأمور على ما عليه في الوقت الراهن.
وعلى جبهة المعارضة، تقول مصادر حزب القوات اللبنانية لـ»البناء» إن تكتل الجمهورية القوية سيصوّت للنائب ميشال معوض في جلسة الخميس، مشيرة الى ان التوجه الى طرح مرشح جديد يحتاج الى تفاهم وتوافق بين الكتل المنضوية تحت لواء المعارضة. واستبعدت المصادر الذهاب الى تسمية قائد الجيش العماد جوزاف عون اذا لم تتبلور الأمور. هذا ويعقد حزب الكتائب اجتماعاً اليوم لتحديد موقفه من جلسة الخميس.
وقال النائب حسين الحاج حسن نحن لا ننتظر لا إيحاء من الخارج ولا تسوية في الخارج، فقط المطلوب بالنسبة إلينا أو بنظرنا، التفاهم على رئيس للجمهورية بمواصفات محدّدة ويتمّ انتخابه. وهذه المواصفات بشكل رئيسي هي: رئيس قادر على التواصل محلياً وإقليمياً ودولياً، لديه رؤية إصلاحية واقتصادية، يستطيع التفاهم مع كل اللبنانيين. ولكن أيضاً المطلوب أن يكون الرئيس واضحاً في تاريخه ومستقبله، بأنه لا ينساق مع الأميركي وغيره في محاولة طعن المقاومة في ظهرها، وأردف: «نحن نأمل أن يقتنع شركاؤنا في الوطن بالحوار مدخلاً للاتفاق، وأن يقتنعوا بأن انتظار التسويات الإقليمية والدولية في غير مكانه، ونذهب لانتخاب رئيس».
وأكّد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، أن «بعض الرؤوس الحامية» تصرّ على رفض وممانعة أي محاولة للحلّ الداخلي. الجميع يذكر أن دولة الرئيس نبيه بري في العام ٢٠١٤، عندما كنا نعاني من أزمة فراغ في الموقع الرئاسي دعا الى الحوار والتشاور حول السلة المتكاملة واليوم لكل المعرقلين للحلول نقول نحن لا عداوات لنا في الداخل مع أي من المكوّنات السياسية في البلد».
وأضاف: إن كل ما يُحكى عن اهتمام خارجيّ أو مبادرات خارجيّة غير صحيح وعلى الأقل غير دقيق، وناشد الأطراف الأساسية المعنية للتلاقي من أجل صياغة قاعدة للتفاهم في ما بينهم لمقاربة هذا الاستحقاق وانتخاب رئيس للجمهورية قادر على إعادة جمع اللبنانيين وإعطائهم الاطمئنان والثقة حيال القدرة على إنقاذ لبنان، رئيس قادر على تنظيم علاقات لبنان مع الدول الشقيقة والصديقة رئيس قادر على حشد الطاقات الداخلية والخارجية من أجل إنقاذ لبنان.
قضائياً، يصل اليوم وفد قضائي أوروبي إلى بيروت في الفترة الممتدة من 9 الى 20 كانون الثاني، للتحقيق في ملفات فساد مالية وقضائية. وقال المدعي العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات، إن مهمة الوفد «استجواب أشخاص تمّ استجوابهم سابقاً لدى القضاء اللبناني بصفة شهود باستثناء شخص واحد سيتمّ استجوابه بصفة مشتبه فيه وأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليس بين 15 شخصاً مطلوباً استجوابهم من الوفد». وأكد عويدات أن العمل هو وفق المعاهدة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2003 والتي انضم إليها لبنان بموجب القانون الرقم 33 الذي صدّقه مجلس النواب.
واصدر مصرف لبنان بياناً توضيحياً حول التداول اليومي على منصة «صيرفة»، مؤكداً أن «حجم التداول اليومي على المنصة الذي يصدره بشكل يومي يتضمن ما باعه واشتراه مصرف لبنان من دولار أميركي وعمليات بيع وشراء الدولار الأميركي التي قامت بها المصارف ومؤسسات الصرافة والتي يجب عليهم تسجيلها على منصة صيرفة». وأكّد المصرف أن «التداول على المنصة يتضمن «مجموع» الدولارات التي دخلت الى مصرف لبنان وتلك التي دفعها مصرف لبنان، تُضاف إليها عمليات المصارف والصرافين التي تسجل على صيرفة»، مضيفاً أن «ازدياد حجم التداول على المنصة في الأيام القليلة الماضية هو طبيعي ومتوقع حيث تم السماح للجمهور ببيع وشراء الدولار دون قيود عبر المنصة من خلال مصارفهم». وعلم أن مصرف لبنان سيتوجّه إلى عدم فتح اعتمادات «صيرفة» للمؤسسات اعتباراً من اليوم والاكتفاء بـ»صيرفة» للأفراد مع تحديد 100 مليون ليرة فقط للحساب الواحد شهرياً.
وفيما أعلنت رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي اليوم يوم إضراب شامل تحت عنوان «يوم كرامة المعلم في لبنان»، دعا زير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي رئيسة رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ملوك محرز وأعضاء مجلس الرابطة وممثليها في المناطق، إلى العودة عن الاستقالة مشيراً إلى أن وزارة التربية لن تسمح بإسقاط المدرسة الرسمية ولا بانهيار القطاع التربويّ نتيجة لتداعيات الأزمة العامة في البلاد، وبالتالي تآكل جزء من العطاءات بفعل التراجع المستمر لقيمة النقد الوطني تجاه الدولار. وهي تسعى للحصول على تمويل جديد من الجهات المانحة.
"الجمهورية": جلسة رئاسية الخميس وحكومية تنتظر الاتصالات
إنتهت الأعياد ولم يحصل الشعب اللبناني على هداياها بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام إلى المؤسسات الدستورية ويكتمل مع انتخابه عقد السلطات مع تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة، الأمر الذي كان ليمهِّد لإطلاق ورشة إصلاحات جدّية على وقع ثقة شعبية وفرصة داخلية وخارجية لإعادة ترتيب الأوضاع المالية. ولكن، آمال اللبنانيين اصطدمت كالعادة بالحسابات الفئوية التي تطيل أمد الشغور، ولم يكن الانتقال من سنة لأخرى إلاّ استمراراً للأوضاع نفسها.
لا مؤشرات إلى انّ الشغور الرئاسي سينتهي قريباً، لأنّ ميزان القوى النيابي لا يسمح لأي فريق بانتخاب رئيس من صفوفه، كما انّ إرادة التوافق على مرشح وسطي غير موجودة بعد، فيما حركة الخارج ما زالت عاجزة عن تحقيق الاختراق الرئاسي المطلوب، ومع عدم وجود قوة دفع خارجية او داخلية، فإنّ الشغور سيبقى سيِّد نفسه، ولن تختلف جلسة الانتخاب الحادية عشرة يوم الخميس المقبل بنتيجتها عن الجلسات التي سبقتها، والكلام الذي سيتخلّلها سيكون مكرّراً ومملاً.
وعلى الرغم من عدم وجود معلومات أكيدة عن إقدام «التيار الوطني الحر» على تبنّي مرشّح رئاسي في جلسة الخميس المقبل يكون حصيلة المشاورات التي سيجريها غداً الثلثاء، إلّا انّه حتى لو حصل ذلك لن يبدِّل في مسار الانتخاب، باستثناء تراجع رقم الأوراق البيض، ودخول إسم جديد يضاف على لائحة المرشحين الرئاسيين الذين ينالون تصويت النواب والكتل في كل جلسة انتخابية.
وقالت اوساط متابعة لـ"الجمهورية"، انّه في حال تبنّى «التيار الوطني الحر» فعلياً مرشحاً رئاسياً، فهذا يعني انّه قرّر توجيه أربع رسائل رئاسية:
الرسالة الأولى لـ"حزب الله"، بأنّ الافتراق في الخيارات الرئاسية آخذ في الاتساع، وانّه ليس في وارد العودة إلى الوراء لتبنّي مرشحه الرئاسي، ودعوة إلى الحزب كي يعيد حساباته الرئاسية، في حال كان لا يزال يراهن على الوقت الكفيل بإعادة تبني التيار لمرشحه الرئاسي.
الرسالة الثانية، إلى تياره السياسي، بأنّه يستطيع ان يرسم خياراته من دون ان تتأثر وحدة صفوفه، وانّه ماضٍ في قيادة التيار، خصوصاً بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون الرئاسية، والتي تشكّل نهايتها بداية لولاية النائب جبران باسيل السياسية.
الرسالة الثالثة، إلى القوى السياسية والرأي العام اللبناني، بأنّه مستقل في خياراته، وانّه ليس على خصومة مع «حزب الله»، ولكنه لم يعد في تحالف معه.
الرسالة الرابعة إلى واشنطن والرياض، بأنّه ابتعد عن «حزب الله» سعياً إلى رفع العقوبات الأميركية من جهة، وإعادة مدّ الجسور مع المملكة العربية السعودية من جهة أخرى، خصوصاً انّه بدأ التمهيد في هذا الاتجاه من خلال إشادته بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ولكن لا شيء محسوماً في توجّه التيار حتى الساعة، إنما في حال قرّر فعلاً ان يتبنّى أحد الترشيحات رسمياً، فهذا يعني انّ آمال الحزب بانتخاب مرشحه الرئاسي تبدّدت، ويدفعه إلى مراجعة حساباته والتقدّم خطوة الى الأمام لملاقاة المعارضة، ما يفتح الباب أمام مشاورات يمكن ان تقود إلى إنهاء الشغور الرئاسي.
جلسة الخميس
في هذه الاجواء، يتجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الدعوة إلى جلسة جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية قريباً، فيما نقلت اوساط سياسية لـ»الجمهورية» عنه قوله، أن لا جديد طرأ على المواقف، وبالتالي فإنّ الجلسة المقبلة لن تبّدل شيئاً في المراوحة السائدة.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّ الاتصالات لم تحمل حتى الآن جديداً يمكن ان يُبنى عليه لإنهاء الستاتيكو القائم في المواجهة المفتوحة بين النواب مؤيّدي النائب ميشال معوض من جهة والأوراق البيض من جهة ثانية وما بينهما مجموعة الأسماء التي تتبدّل من جلسة إلى أخرى.
المرشح الثالث
وفي هذا السياق، كشف أحد نواب «التيار الوطني الحر»، انّ هناك مسعى لطرح بند خاص بتسمية المرشح الثالث لرئاسة الجمهورية على جدول أعمال الاجتماع الدوري لكتلة «لبنان القوي» بعد ظهر غد، في محاولة لإحداث خرق ما على هذا المستوى.
لكن مصادر قريبة من رئيس «التيار» النائب جبران باسيل قالت لـ»الجمهورية»، انّ «هناك عدداً من النواب يرغب بهذه الخطوة، وقد يكون الوقت مبكراً عليها، وأنّ القرار النهائي يعود إلى باسيل، فهو من يضع جدول الاعمال، ونحن ننتظر قراره ولا يبدو انّه حاسم في هذا الإتجاه».
وعلى جبهة أخرى، وفي ظل ثبات معظم كتل نواب المعارضة على الإستمرار بمعوض مرشحاً، ونفي «القوات اللبنانية» لأي خطوة للتغيير من دون التفاهم مع معوض نفسه، كشف أحد نواب التغييريين لـ»الجمهورية»، انّ «محاولات اجتراح المرشح الثالث لم تتوقف في صفوفنا، وأنّ هناك محادثات سابقة لم تنته إلى أي نتيجة جامعة، ولا نعتقد انّ تجدد الحديث عنها اليوم سيؤدي إلى اجماع ما زال بعيد المنال».
مجلس الوزراء
وعلى صعيد الجلسة الثانية لحكومة تصريف الأعمال، فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عاكف على «هندستها» عبر اتصالات سياسية في اتجاهات عدة، استعداداً للدعوة اليها على قاعدة ضرورة معالجة ملف الكهرباء وإيجاد ممر قانوني آمن لبواخر الفيول المتوقفة في عرض البحر.
واكّدت اوساط ميقاتي لـ«الجمهورية»، انّ «الجلسة ستُعقد ولكنه يتأنّى ويتريث في الدعوة اليها لحرصه على انعقادها في اجواء سياسية هادئة وبمضمون يخدم البلاد ويخفف من وطأة الأزمات على المواطنين، ولا يريد اي تأزيم اضافي للاوضاع، ولذلك فإنّه سيستنفد بين اليوم وغداً وبعد غد كل الاتصالات والمشاروات اللازمة لعقد الجلسة، حتى ولو اقتصر جدول اعمالها على بند الكهرباء فقط».
وإلى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّ ميقاتي يعوّل على مشاركة «حزب الله» في «الجلسة الكهربائية» لتأمين نصابها السياسي والعددي، بينما يبدو الحزب عالقاً بين احتمال اضطراره إلى هذه المشاركة، بغية إيجاد حل لمشكلة آلية تمويل بواخر الفيول وتخفيف الأعباء الملقاة على الناس، وبين حرصه على احتواء الأزمة المستجدة مع «التيار الوطني الحر» ومنع تفاقمها.
ولكن المصادر أبلغت الى «الجمهورية»، انّ هناك مخرجاً يمكن اعتماده لتفريغ بواخر الفيول وإنزال الجميع عن الشجرة، من دون تداعيات سياسية، ويتمثل في تدخّل مصرف لبنان لتحويل مليارات من الليرات الموجودة في حساب مؤسسة كهرباء لبنان لديه إلى دولار على اساس سعر صيرفة، اي 38 الف ليرة، ومن ثم يفتح خطاب الاعتماد المستندي بما يعادل 62 مليون دولار هي كلفة حمولة بواخر الفيول، لافتة إلى انّ مصرف لبنان اعتمد حلاً مشابهاً للقضاة عندما احتسب رواتبهم على اساس سعر صيرفة.
وضمن سياق متصل، رجحت اوساط معارضة لميقاتي ان يكون الإصرار على اجتماع جديد لحكومة تصريف الأعمال مندرجاً في سياق إيجاد نوع من «التطبيع» مع مبدأ انعقادها لتمهيد الأرضية امام التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من خلال جلسة لمجلس الوزراء، ربما في أواخر آذار المقبل.