لبنان
الرئاسة اللبنانية في "لقاء باريس".. وقطاع الاستشفاء يلفظ أنفاسه الأخيرة
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على التحضيرات لاجتماع أميركي - فرنسي - سعودي - قطري في العاصمة الفرنسية، قبل نهاية السنة، للبحث في حصيلة النقاشات والاتصالات التي قادتها باريس والدوحة في الأشهر الماضية مع القوى السياسية اللبنانية حول أسماء مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية وإمكانية تسويقهم.
كما لفتت الصحف إلى الارتفاع الجنوني وغير المفهوم أمس لسعر صرف الدولار، وسط أكبر عملية مضاربة تجري بالتضامن بين مصرف لبنان وبعض المصارف وعدد كبير من الصيارفة المرخصين وغير الشرعيين، مع غياب أي موقف رسمي في هذا الشأن في ظل فوضى أسعار وتسعير تطاول كل ما له علاقة بحياة المواطنين.
"الأخبار": اجتماع فرنسي - أميركي - سعودي - قطري: الرئاسة في "لقاء باريس"
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّه يتوقع أن تنشَط الحركة الخارجية حول لبنان وفي اتجاهه بداية العام المُقبل، وسطَ تقديرات متباينة لما قد ينتج منها لجهة القدرة على تأمين نِصاب داخلي وخارجي يُتيح إنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ حوالي شهرين. وعلمت «الأخبار» أنه يجري التحضير لاجتماع أميركي - فرنسي - سعودي - قطري في العاصمة الفرنسية، قبل نهاية السنة، للبحث في حصيلة النقاشات والاتصالات التي قادتها باريس والدوحة في الأشهر الماضية مع القوى السياسية اللبنانية حول أسماء مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية وإمكانية تسويقهم.
ومع ترحيل استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية إلى العام الجديد، لا يزال التدقيق جارياً في نتائج زيارتي كل من النائب جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى الدوحة، وسطَ معطيات تؤكّد أن رئيس التيار الوطني الحر أبلغ القطريين بوضوح رفضه لترشيح عون بالدرجة نفسها التي يرفض فيها ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، مشدداً على أن الحل لا يُمكن أن يكون في معزل عن التيار الوطني الحر وحزب الله.
ويتمّ التعامل في بيروت مع «لقاء باريس» انطلاقاً من مقاربتين، هما: الاعتقاد السائد بأن الاجتماع هو استمرار لمشاورات الدوحة ولعرض النتائج واستطلاع إمكان توظيفها لتحقيق اختراق في جدار الأزمة، من خلال وضع خطة عمل مشتركة بين الدول المشاركة. والمقاربة الثانية تتعاطى مع الحركة الديبلوماسية على أنها بلا بركة، نظراً إلى أن مصير الأزمة يرتبِط بشكل وثيق ببقية أزمات المنطقة، والتي من السابِق لأوانه توقع أي تطور حاسم بشأنها، خصوصاً أن جهات إقليمية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، تتعامل مع الملف اللبناني كجزء من الكل وتضعه في أسفل أولوياتها، ولم تُقدِم حتى الآن على إعلان موقف واضح يخدم خيارات الدول الأخرى التي تسعى إلى تحويل مبادراتها إلى تسويات، لا سيما فرنسا التي عمِلت ولا تزال على وضع سقف زمني محدد يقود للوصول إلى تسوية سياسية تشمل انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة وإرفاق ذلك بخطة اقتصادية اجتماعية لمنع لبنان من الانهيار.
وفي إطار هذه المقاربة، قالت مصادر مطلعة إن «باريس لا تزال تُصرّ على جذب الرياض ودفعها أكثر فأكثر للانخراط في التفاصيل اللبنانية، إلا أن موقف المملكة حتى الآن لم يتبدل. فهي لم تدخل في أسماء مرشحين بل تمسكت ببرنامج شروط يتوافق مع سياستها ومصلحتها، ولم تظهر أي نية للسير في تسوية قريبة». لا بل تبلِغ كل من يحاول إقحامها في الحل، وآخرهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي التقى الأمير محمد بن سلمان أخيراً مرة على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر ومرة أخرى على هامش القمة العربية - الصينية في السعودية بأن تعاملها مع لبنان محصور بالصندوق السعودي – الفرنسي المشترك لمساعدة لبنان.
وعليه، ليسَ في الكواليس السياسية سوى توقعات أكثر مما هي وقائع على صلة بمسار تتحكم به المتغيرات الإقليمية والدولية. ومن الصعب، في ضوء ذلك، التكهن بأي خطوات من شأنها تعزيز حظوظ التوافق قريباً على انتخاب رئيس. فالمبادرة الفرنسية والحراك القطري لا يزالان مرهونين بانحسار الاهتمام السعودي والأميركي بالملف اللبناني، وهو ما تجلى في إسقاط أي إشارة إلى لبنان، ولو على سبيل الدعم، من البيان الختامي لـ«قمة بغداد 2» التي انعقدت في العقبة الأردنية أول من أمس.
وفيما شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً غير مسبوق وغير مفهوم أمس، وسط أكبر عملية مضاربة تجري بالتضامن بين مصرف لبنان وبعض المصارف وعدد كبير من الصيارفة المرخصين وغير الشرعيين، غاب أي موقف رسمي في هذا الشأن في ظل فوضى أسعار وتسعير تطاول كل ما له علاقة بحياة المواطنين.
وفي هذه الأجواء، عاد موضوع عقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء ليكون موضع جدال، خصوصاً بعد إعلان الرئيس ميقاتي رفضه المراسيم الجوالة، وإشارة مصادر قريبة منه إلى أن هناك ملفات مستعجلة قد تفرض عقد جلسة جديدة للحكومة. علماً أن كل الجهات السياسية الرئيسية لا تزال تعتقد بأنه لا يوجد ما يوجب عقد جلسة للحكومة تفاقم التوترات السياسية التي بدأت تأخذ بعداً طائفياً بعد انضمام البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى موقف التيار الوطني لجهة رفض المس بصلاحيات رئاسة الجمهورية.
"البناء": ملف العسكريين على الطاولة... والدولار يندفع بسرعة نحو الـ 50 ألف ليرة
من جهتها أشارت صحيفة "البناء" إلى تحرك ملف العسكريين في زمن الفراغ الرئاسي والالتباسات الحكومية والشلل النيابي عن التشريع، في ظل رفض كتل كبرى لما يُعرف بـ تشريع الضرورة، والملف الساخن مكوّن من عناصر لا تحتمل التأخير وتحتاج قراراً من مجلس الوزراء، منها ترقيات الضباط، وتأجيل تسريح عدد من القادة، وفقاً لمقترح رفعه قائد الجيش العماد جوزف عون الى وزير الدفاع موريس سليم، وسط أزمة بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد رفض سليم توقيع صيغة مرسوم وصلته من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تخصّ صرف المساعدات الاجتماعية للعسكريين، وتسجيله اعتراضاً عليها، ما استدعى رداً من ميقاتي طلب فيه من سليم «ضرورة تعجيل السير وإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2022، وليس بالصيغة التي أعدّها وزير الدفاع، خاصةً في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الأسلاك العسكرية على اختلافها وتنوّعها الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها، ما يوجب جعلها بمنأى عن التجاذب السياسي في البلاد استناداً إلى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات». وفي ملف العسكريين ما يطال تمديد مهام عدد من القادة منهم الذين يبلغون سن التقاعد خلال عام 2023، وآخرهم قائد الجيش العماد جوزف عون مطلع العام 2024، وأولهم رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يبلغ سنّ التقاعد آخر العام، وكان اقتراح القانون الذي يمدّد ولاية الضباط القادة لسنتين قد تجمّد في مجلس النواب بسبب رفض كتل كبرى للتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
مالياً، قفز الدولار الى سعر 46600 ليرة قبل أن يتراجع إلى 45500 بعد الظهر، ووفقاً لمصادر مالية تتابع سوق الصرف فإن تدفقات الليرات اللبنانية عبر شركات الوساطة لشراء الدولارات مستمرة والى تصاعد، وسط تأكيد المصرف المركزي على مواصلة العمل بالتعاميم التي تنظم الدفع عبر منصة صيرفة والتي يعتبرها عدد من الخبراء أحد أسباب ارتفاع سعر الصرف.
وخطف الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأضواء عن الملفات السياسية وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو أنه وضع على رصيف الانتظار الدولي والإقليمي وسط غياب أي معلومات مؤكدة عن اهتمام الدول المشاركة في قمة بغداد بالملف اللبناني أو أي لقاء وحديث جماعي أو ثنائي بإجراءات تسهل انتخاب رئيس الجمهورية، ما يعني وفق مصادر سياسية أن على لبنان التعايش والتأقلم مع شغور طويل في سدة الرئاسة الأولى والاستعداد لأوضاع اقتصادية واجتماعية وربما أمنية أكثر صعوبة مطلع العام المقبل.
وانشغل اللبنانيون بمتابعة ورصد تحليق الدولار المتدرّج الى معدلات قياسية لامست ظهر أمس الـ 47 ألف ليرة للدولار الواحد. وكانت التوقعات بأن يبلغ الخمسين ألف ليرة قبل أن يحلّ الليل لولا قرار مصرف لبنان بالتمديد للتعميمين 151 و161.
وأشار خبراء اقتصاديون لـ»البناء» إلى أن لا سقف للدولار وبخاصة في ظل السياسات التي تتبعها الحكومة وحاكمية مصرف لبنان، فضلاً عن غياب أي توافق سياسي حول انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار الإصلاحات الضرورية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ما ينعكس سلباً على أسواق الصرف والاستهلاك.
وأوضح الخبراء أن هناك أسباباً عدة لهذا الارتفاع، أهمها التوتر السياسي في البلد، والطلب الكبير على الدولار من المصارف المحلية التي تعمل على زيادة مؤنتها 3 في المئة من العملة الصعبة، إضافة الى زيادة الطلب على الدولار من التجار والمستوردين، وطباعة مصرف لبنان المستمرة لكميات كبيرة من الليرة لشراء الدولار من السوق، علاوة على المشهد التصعيدي بين المودعين والمصارف.
واستغرب الخبراء عدم تأثير الدولارات الوافدة من الخارج مع المغتربين والسياح الذين بدأوا يتوافدون الى لبنان لقضاء فترة الأعياد، على سوق الصرف، متوقعين بأن تؤدي التدفقات الخارجية للدولار الى لجم سعر الصرف بنسبة معينة. وأوضحوا بأن لا إمكانية للمصرف المركزي بظل قيمة احتياطاته الحالية بتثبيت سعر صرف الدولار أو لجمه الى ما دون الـ 40.
ولفتت مصادر نيابية متابعة للملفات المالية لـ»البناء» الى أن «الطلب على الدولار أكثر من العرض، وهناك غياب للأدوات النقدية للتخفيف من الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية»، كاشفة أن «المصرف المركزي يعمد الى زيادة الطبع لتلبية إنفاق الحكومة لا سيما سلفة الكهرباء، إذ أنها أي الحكومة لم تحصل على إيرادات كافية، فقبل الأزمة كانت الكتلة النقدية بالليرة 9 آلاف مليار أما الآن فأصبحت 74 الف مليار ليرة»، مشيرة الى أن «الموازنة العامة لهذا العام تضمنت إيرادات وهمية لا يمكن تحقيقها، كما أن زيادة الضرائب بلا تعديل للشطور وقرارات وزير المال الأخيرة زادت من تحكم الاقتصاد غير المنظم ونسبة التضخم وسعر الصرف».
وأفادت مصادر إعلامية في هذا السياق، بأن «الإجراءات القانونية للطلب من مصرف لبنان فتح اعتماد لشراء مشتقات النفط من إحدى الشركات الثلاث التي ربحت مناقصة شراء الغاز اويل لزوم تشغيل مؤسسة كهرباء لبنان ستنتهي اليوم بعد مراسلات ولقاءات مستمرة بين المعنيين».
وسارع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الى اصدار قرار بتمديد العمل بالتعميم 161 حتى 31 كانون الثاني 2023، والتعميم 151 لغاية 30 حزيران 2023.
وبعد صدور قرار المركزي لوحظ البدء بانخفاض سعر الدولار في السوق الموازية، فبعدما وصل الى ارقام قياسية بتسجيل 46 الف ليرة، انخفض سعر الصرف مساء أمس الى حدود 45800 و45900 ليرة لبنانيّة.
وفي موازاة ذلك، ارتفع أمس سعر صفيحة البنزين بنَوعيه 95 و98 أوكتان 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.
وفي ما لم تتخذ الحكومة أو رئيسها أو وزير المالية أي إجراء لضبط سعر الصرف، شهدت السراي الحكومي سلسلة اجتماعات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لمتابعة بعض الملفات المالية والاقتصادية والمعيشية، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي أوضح أن «الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلساً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينمّ عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها. فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا ويحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة ومؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟.
وأطلق نقيب صيادلة لبنان، نداء الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي «لإنقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة»، مشيراً من السراي بعد لقائه ميقاتي الى أن «الإنقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، وإعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، وإلا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام».
وفي خطوة ستزيد من وطأة الأزمة الحكومية والتوتر بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة، وتشكل اختباراً لقدرة اللجنة الوزارية – القضائية على التفاهم على آلية إدارة البلد والعمل الحكومي بظل الشغور الرئاسي، وقع وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، مرسوم مساعدات العسكريين وأحاله بصيغة أربعة وعشرين توقيعاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأكد انه لن يقبل «بالتمديد للواءين العرم واسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 كانون الأول وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب».
في المقابل وجّهت رئاسة مجلس الوزراء كتاباً جوابياً إلى وزير الدفاع الوطني طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم الرامي إلى إعطاء الأسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية المُرسل إليه سابقاً، كما هو دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى.
وأكد مصدر مطلع في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن وزراء التيار لن يحضروا أي جلسة لمجلس الوزراء يدعو اليها ميقاتي إلا في حالات استثنائية وطارئة، كاشفاً أن اللجنة الوزارية القضائية التي اجتمعت في السراي الحكومي لم تتوصل الى تفاهم بظل معارضة رئيس حكومة تصريف الأعمال المراسيم الجوالة وتوقيع كل الوزراء وإصراره على توقيعه والوزير المعني ووزير المالية في إطار سعيه للاستفراد بالقرارات الحكومية ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وممارسة عمله بشكل عادي وكأن لا شغور رئاسياً. وحذّر المصدر من أن التيار بصدد استخدام كافة الخيارات المتاحة لوقف مسلسل الاعتداء على صلاحيات رئاسة الجمهورية بالطرق القانونية بداية وصولاً الى وسائل أخرى سياسية وشعبية.
وأبدت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد اجتماعها الدوري في المقر المركزيّ برئاسة النائب جبران باسيل، رفضها التام «للاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء وتعتبر الاجتماع كأنه لم يكن، وتدعو إلى التراجع عنه شكلاً ومضموناً وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذًا للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء، والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تمّ الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف».
على صعيد آخر، اتهم القاضي في القضاء العدلي شادي قردوحي، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بأنه قرّر «تصفيته معنوياً».
وتابع القاضي قردوحي «ما شادي قردوحي يلي عم يضرب هيبة القضاء… يلي عم يضربها هو من حرّض القضاة على الاعتكاف وعاملهم مظلّة حماية ومانع تشكيل عشرات القضاة الجدد وسمح لبعض الدول بالاطلاع على ملفات محاكم بكاملها وجعل القضاة يوقعون بالموافقة». وتابع «كل ذلك كرمال كرسي رئاسة الجمهورية». وقال قردوحي: «نيرون القضاء».
"النهار": تصعيد حكومي متجدّد وتحذير أميركي من الأخطر
بدورها، كتبت صحيفة "النهار": وسط جمود سياسي مرشح لان يطول الى ابعد من عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، تمضي البلاد تحت وطأة الهاجس المتجدد الذي يتمثل باندفاع مؤشرات انهيارية تنذر بتسارع تداعيات الازمة المالية بكل ما يمكن ان تنعكس عبره على الأوضاع المزرية للاكثرية الساحقة من اللبنانيين. ولعل تصاعد “أجراس الإنذارات” مجددا من القطاعات الأشد حيوية والحاحا في حياة اللبنانيين كقطاع الاستشفاء او الدواء، لم يكن الا الدليل على ان ما تخوف منه كثيرون حيال السباق بين تداعيات الازمة السياسية وتداعيات الانهيار المتدحرج، بدأت ترخي بكل اثقالها على مجمل الوضع. علما ان تمدد الازمة السياسية الى كل ما يمت بصلة الى عمل حكومة تصريف الاعمال يخلف المزيد من التداعيات السلبية على مصالح المواطنين.
ذلك انه “استكمالاً للصراع المنفجر بين “التيار الوطني الحر” من جهة ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وسائر مكونات الحكومة الأخرى من جهة مقابلة حول انعقاد جلسات مجلس الوزراء، برز امس جانب جديد في ممارسات الوزراء المحسوبين على “التيار” من خلال تصرف وزير الدفاع الوطني موريس سليم بمرسوم المساعدة الاجتماعية للاسلاك العسكرية بسبب عمله على تعديل مشروع المرسوم كما اقره مجلس الوزراء. واستتبع ذلك توجيه رئاسة مجلس الوزراء كتابا الى وزير الدفاع طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم المرسل اليه سابقا كما هو من دون تعديل والاعادة بالسرعة القصوى مشيرة الى ضرورة السير بإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من مجلس الوزراء وليس بالصيغة التي اعدها الوزير داعية الى “جعل حقوق الاسلاك العسكرية في منأى عن التجاذب السياسي استنادا الى حجج دستورية واهية”. وجاء الخلاف الجديد فيما لم تبرز أي مؤشرات لمعالجة ملف ترقيات الضباط العسكريين والامنيين المهددة بالتجميد.
وتفيد المعطيات ان ثمة اشكاليتين مختلفتين في وزارة الدفاع حيث يرفض وزير الدفاع التمديد المقترح والمرفوع من قائد الجيش العماد جوزف عون لكل من رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يتقاعد في 24 كانون الأول الجاري والمفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد إسحق الذي يخرج للتقاعد في 25 الجاري .
والاشكالية الثانية تتمثل برفض الوزير سليم التوقيع على مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكريين الا بالصيغة التي يعتبرها دستورية اي بمرسوم يوقع عليه الوزراء الاربعة والعشرون وليس بالصيغة المقترحة من رئيس الحكومة والمتمثلة بالمرسوم الموقع عليه من ميقاتي ووزير المال ووزير الدفاع. وهذا القرار للوزير سليم يأتي انسجاماً مع موقف باقي الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” والقائل بأن رئيس الحكومة لا يحق له ان يحل مكان رئيس الجمهورية في التوقيع على المراسيم بل تناط هذه الصلاحيات بمجلس الوزراء مجتمعاً أي بتوقيع كل اعضاء مجلس الوزراء الـ24.
المشهد المأزوم
تصرف وزير الدفاع جاء كما يبدو ترجمة لموقف الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” التي رفضت امس “رفضا تامًّا الاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء” واعتبرت “الاجتماع كأنه لم يكن، ودعت إلى التراجع عنه شكلًا ومضمونًا وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذًا للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة الرئيس تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تم الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف السنة”.
تحذيرات واشنطن
في غضون ذلك برز موقف أميركي جديد يحذر من خطورة الازمة في لبنان وتبلغه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب من مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى السيدة باربارا ليف التي استقبلته في مقر وزارة الخارجية في واشنطن ، حيث تم البحث في آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، لا سيما الانتخابات الرئاسية، والاصلاحات المنتظرة بالاضافة الى ابرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وملف النازحين السوريين. وشددت ليف خلال الاجتماع على “ضرورة تحمل أصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدما بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة أساسية للبدء بمعالجة الأزمات المتراكمة”. وأكدت “أن ما يواجهه لبنان هو مختلف، وأشد خطورة من ازماته السابقة، وحتى أشد تعقيدا من الازمات الاقليمية في المنطقة التي تتولى متابعتها بحكم نطاق عملها”.
بدوره، أكد بوحبيب “ضرورة استمرار المساعدة الأميركية للبنان خصوصا الدعم للجيش وللقوات الامنية اللبنانية في ظل الوضع الاقتصادي غير المسبوق، والأزمة السياسية التي تنعكس على الاستحقاق الرئاسي، والخطر الذي يهدد لبنان بهويته بسبب عدم إيجاد الحلول المستدامة لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم وضرورة تغيير المجتمع الدولي مقاربته لهذا الملف”.
اما في المشهد الاجتماعي والمالي المأزوم وفيما واصل الدولار الأميركي ارتفاعه متجاوزا سقف الـ 45700 الف ليرة في ظل الشلل السياسي التام ووسط غياب مريب عن معالجة هذا التفلّت، اطلق نقيب الصيادلة جو سلوم نداء حذر فيه من أن “الارتفاع المطرد والسريع للدولار، أدى الى توقف شبه كامل عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات، وبالتالي فقدانها تدريجياً، ناهيك عن انعكاساته السلبية على الواقع الصحي والافلاسات التي تنتظر كل قطاعات الدواء وفي مقدمتها الصيدليات، وبالتالي الاقفال”. واكد “ان المواطنين عاجزون عن تحمّل المزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وكذلك الصيدليات وشركات الأدوية والمصانع الدوائية عاجزة عن الاستمرار، في حين ان وزارة الصحة تقوم بأكثر من واجبها في هذه الظروف الصعبة وضيق الموارد والخيارات، ونقابة صيادلة لبنان لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن”. وناشد السياسيين “انقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة ، فالانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، واعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، والا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام”.
وشهدت السرايا الحكومية سلسلة اجتماعات لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي خصصت للبحث في أوضاع القطاع الصحي والمستشفيات. يشار الى ارتفاع سجل امس أيضا في أسعار المحروقات اذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.