لبنان
الاستحقاق الرئاسي في عنق الزجاجة.. واللبنانيون محرومون من مشاهدة المونديال
يستمر التأزم في الملف الرئاسي بعد ست جلسات للمجلس النيابي انتهت بفشل في انتخاب رئيس للجمهورية، ولا بوادر إيجابية محلية وخارجية في هذا الخصوص، لا سيما أن العالم حاليا ستكون أنظاره شاخصة نحو الحدث الكروي في قطر، حيث افتتحت بالأمس مباريات كأس العالم لكرة القدم.
هذا الحدث الذي كان اللبنانيون "يطبّلون ويزّمرون" له في كل موسم وكأن منتخب لبنان مشارك فيه، لن يتمكن محبو اللعبة الأكثر شعبية في العالم من مشاهدته عبر شاشاتهم الصغيرة، حتى ان مظاهر الزينة التي كانت طاغية في السنوات السابقة اختفت بنسبة كبيرة بسبب الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها غالبية الشعب اللبناني، الذي باتت الأولوية لديه تأمين الطعام والابتعاد عن الكماليات.
"البناء": الاستعصاء الرئاسي مستمر
لا يزال الاستعصاء الرئاسي عنوان كل الحراك السياسي في لبنان وحول لبنان، ولا يزال بالتوازي موقف التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل من ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية هو مفتاح الخروج من الاستعصاء لفتح كوة في الجدار يمكن عبرها الانطلاق للحوارات تتيح اختبار فرص التوصل لتأمين الأغلبية اللازمة لانتخابه رئيساً، من خلال ما يمكن لرئيس مجلس النواب نبيه بري البدء به من موقع سعيه للتوافق، بالتواصل مع الكتل التي يمكن أن تتقبل الحوار حول فرصة انتخاب فرنجية. وفي هذا السياق قال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل إن اللقاء الذي جمع الرئيس بري بالنائب باسيل لم يتطرق إلا إلى اسم فرنجية رئاسياً، علماً أن حركة أمل وحزب الله لا يزالان يصوتان بالورقة البيضاء طلباً للتوافق، ولم يعلنا ترشيح فرنجية رسمياً بانتظار توافر فرص السير بترشيحه خطوات إلى الأمام، مشيراً الى أن موقف باسيل الرافض لترشيح فرنجية لا يعني أن البحث قد أقفل، متوقعاً أن يدخل لبنان العام الجديد في ظل الفراغ الرئاسي.
على صعيد المواقف شهد المهرجان الذي أقامه حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان بمناسبة ذكرى الحركة التصحيحية في سورية، إعلان مجموعة من المواقف، حيث قال الأمين العام للحزب علي حجازي، إن لا مكان لرئيس يتجاوز العلاقة بسورية، بينما اعتبر السفير السوري علي عبد الكريم علي ان القطبية الأحادية سقطت، فيما قال رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي إن سورية تتعافى، وإن الجامعة العربية بدونها مجرد صفر.
وفي احتفال البعث بذكرى الحركة التصحيحية أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي اسعد حردان أننا نرى سورية تستعيد عافيتها، وهي على طريق استعادة كل أدوارها في المنطقة والإقليم، مع التأكيد أن معيار الدور والحضور ليس مقعداً في جامعة الدول العربية، فهذه الجامعة بلا سورية صفر مكعب ليس إلا. وإني أرى طريق عودة سورية إليها حين تعود الجامعة الى ميثاقها وثوابتها والتزامها بالمسألة الفلسطينية والقضايا العربية.
وقال: إننا مع سورية رئيساً وقيادة وجيشاً وحزباً وشعباً في كل ميادين المواجهة، لاستكمال الانتصار على الاحتلال والإرهاب مع سورية ولدحر الاحتلال الأميركي الذي يعيث سرقة ونهباً للنفط والمواسم، ويفرض حصاراً اقتصادياً ظالماً على السوريين ولدحر الاحتلال التركي وأدواته الإرهابية عن كل أرضنا، مضيفاً: واهم من يعتقد أن هذا الاحتلال يستطيع فرض مناطق عازلة، فالمناطق السورية لن تكون معزولة عن بعضها البعض، وشبكة أمانها الوحيدة ببسط سلطة الدولة عليها، شاء من شاء وأبى من أبى.
وأكد: أننا مع سورية لأنها مع لبنان وفلسطين وكل الأمة، وتدفع أثمان مواقفها، حصاراً اقتصادياً ظالماً تقوده أميركا، وعدواناً “إسرائيلياً” متواصلاً من الأجواء اللبنانية. وإننا نسأل، لماذا ينأى لبنان الرسمي عن مسؤولياته. فبيانات الإدانة الخجولة ليست كافية، بل المطلوب تعزيز العلاقات مع سورية وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بما فيها العسكرية، لأن لبنان وسورية ميدان واحد على الصعد كافة.
وأكد السفير السوري علي عبد الكريم علي من جهته في الاحتفال نفسه “أن سورية ولبنان والقوى القوميّة والوطنيّة والإسلامية المقاوِمة كلّها، يحتاج بعضها بعضاً في مواجهة مخاطر تتهدّد لبنان وسورية ومصر والمنطقة وتتهدّد الخليج وإيران والعالم الذي هو الآن على صفيح ساخن ويتشكّل عالم جديد”. ورأى أن “القطبيّة الأحاديّة سقطت أو تتلاشى وتكاد تسقط”. وقال “نحن متفائلون بعالم نحن شركاء في صناعة مستقبل فيه يتعدّد فيه الأقطاب ويكون للسيادة معنى متقدّم”.
رئاسياً، يتأزم الملف الرئاسي أكثر فأكثر، فلا بوادر إيجابية محلية وخارجية أيضاً تصبّ في خانة إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية العام، رغم أن بعض الأوساط السياسية تعتبر أن لبنان أمام فرصة عليه استغلالها لانتخاب رئيس قبل 31 كانون الأول المقبل، الا ان ما يرد من عواصم الدول المعنية بلبنان لا يشي بأي إيجابيات، وبحسب معلومات “البناء”، فإن فرنسا لم تنجح حتى الساعة في التوصل الى اتفاق على خط حزب الله – السعودية حول اسم لرئاسة الجمهورية، الا ان الاتصالات مستمرة بين المسؤولين الفرنسيين المعنيين بالملف اللبناني والمكلفين من الاليزية مع حزب الله من أجل بلورة تفاهم حول المرحلة المقبلة في لبنان.
كشف المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، أن “رئيس التيار “الوطني الحر” النائب جبران باسيل، هو من طلب أن يكون اللقاء مع رئيس مجلس النواب بعيداً عن الإعلام ولم نسرّب أي معلومات عن اللقاء، وتبليغ باسيل لـحزب الله عن اللقاء مع بري أمر طبيعي بين الحلفاء”. وقال: لم يتم طرح أسماء غير سليمان فرنجية في اللقاء بين الرئيس بري وباسيل ولم تصلنا أسماء محدّدة من البطريرك بشارة الراعي.
وذكر في حديث لـ “الجديد”: “صحيح أن موقف باسيل حاد من ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية لكنه لم ينقطع بعد”، مشيراً إلى أن “حركة أمل وحزب الله لم يعلنا بعد عن ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية وأقوى مرشح اليوم هو الورقة البيضاء لأنها تفتح الطريق على التفاهم”.
واضاف الخليل: “سنتخطى رأس السنة وسنبدأ السنة المقبلة مع الفراغ الرئاسيّ وكل المؤشرات تدل على عدم التفاهم حتى الآن”.
الى ذلك، افيد أن وزير خارجية الفاتيكان استدعى سفراء 9 دول هي (سفراء الدول الخمس الكبرى، وسفراء مصر، ألمانيا، إيطاليا، والاتحاد الأوروبي) بهدف البحث بالملف اللبناني وضرورة إبلاغ دولهم طلب الفاتيكان أهمية حل الأزمة اللبنانية والمحافظة على الاستقرار في هذا البلد. وبينما تؤكد مصادر مقربة من بكركي لـ»البناء» أن لا اتصالات على خط الصرح البطريركي – وحزب الله على عكس ما يُشاع، سواء بالنسبة للملف الرئاسي أو بالنسبة إلى ملفات أخرى، شدّدت على أن لا حوار مع الحزب طالما أن الأخير مستمرّ في حملته ضد البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وحدّد البطريرك الراعي، في عظة قداس الأحد، مواصفات رئيس الجمهورية المقبل الذي يحتاجه لبنان، يُعلن التزامَه الحاسمَ بمشروع إخراجِ لبنان من أزمته، ويلتزم بما يلي:
– “تأليفُ حكومةِ إنقاذٍ قادرةٍ على القيامِ بالمسؤوليّاتِ الكبيرةِ المنوطَةِ بها في بداية العهدِ الجديد.
– إحياءُ العملِ بالدستورِ اللبناني والالتزامُ به إطارًا للسلمِ اللبنانيِّ، ومرجِعيّةً لأيِّ قرارٍ وطنيّ، واعتبارُ اتفاق الطائف منطلقًا لأيٍّ تَطورٍ حقوقيٍّ من شأنِه أن يُرسِّخَ العدالةَ بين اللبنانيّين.
– إعادةُ الشراكةِ الوطنيّةِ وتعزيزُها بين مختلَفِ مكوّناتِ الأمّةِ اللبنانيّةِ ليَستعيدَ لبنانُ ميزاته ورسالته.
– الشروعُ بتطبيقِ اللامركزيّةِ الموسّعةِ على صعيدٍ مناطقيِّ في إطارِ الكيانِ اللبنانيّ.
– البَدءُ الفوريُّ بتنفيذِ البرامج الإصلاحيّةِ السياسيّةِ والإداريّةِ والقضائيّةِ والاقتصاديّة.
– دعوةُ الدول الشقيقة والصديقة إلى تنظيم مؤتمر لمساعدة لبنان أو إحياءِ المؤتمرات السابقة وترجمتِها سريعًا على أرض الواقع، وتطبيق قرارات مجلس الأمن المختصّة ببسط السلطة اللبنانيّة الشرعيّة على كامل أراضي البلاد، مع تثبيت حدوده مع كلّ من “إسرائيل” وسورية.
– إيجادُ حلٍّ نهائيٍّ وإنسانيّ لموضوعَي اللاجئين الفِلسطينيّين في لبنان والنازحين السوريّين، لأنّهم أصبحوا على لبنان عبئًا ثقيلًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأمنيًا وديموغرافيًّا.
– إخراجُ لبنانَ من المحاورِ التي أضَرّت به وغيّرت نظامَه وهُويّتَه، ومن العزلة التي بات يعيش فيها، والعمل على إعلان حياده.
– أخذُ مبادرةٍ رئاسيّةٍ إلى دعوةِ الأممِ المتّحدةِ بإلحاحٍ إلى رعايّةِ مؤتمرٍ خاصٍّ بلبنان، والقيامُ بجميعِ الاتّصالاتِ العربيّةِ والدُوليّةِ لتأمين انعقادِ هذا المؤتمر، وقدّ حدّدنا نقاط بحثه أكثر من مرّة”.
وحذّر من الاستخفافَ باختيارِ رئيسِ الجُمهوريّةِ المقبِل، مشيراً إلى أن أيُّ خيارٍ جيّدٍ يُنقذُ لبنانَ، وأيُّ خيار سيّئ يُدهورُه.
الى ذلك كشف رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب أمس أن “الحوار بدأ بين حزب الله وقائد الجيش في لقاء الأسبوع الماضي بين جوزف عون ووفيق صفا، في اليرزة، طابعه سياسي وليس أمنياً”.
وأشار وهاب الى أن “حزب الله لن يتخلّى عن فرنجية ما لم يعلن رفضه الترشح بنفسه وأمامنا ثلاثة خيارات اعتذار فرنجية أو قبول باسيل به أو انتخاب قائد الجيش باتفاق أميركي إيراني عبر الفرنسيين”.
وتابع “حزب الله لم ينتقل الى “الخطة ب” وهو لا يزال مع فرنجية، لكنه لا يريد كسر باسيل ويمكن مثلاً أن ينتخب فرنجية رئيساً من دون أصوات باسيل إذا حظي بموافقة السعودية”.
وختم وهاب: “أعتقد أن باسيل لم يقتنع بعد بأن حظوظه الرئاسية معدومة وأن العقوبات الأميركية ليست العائق أمام وصوله بل الظروف الداخلية وعليه استخدام أصواته في المكان الصحيح قبل فوات الأوان”.
وكشف وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض أن «المناقصة التي قمنا بها شفافة ومفروض أن تبدأ الزيادة في التغذية الكهربائية بعد ثلاثة أسابيع من الفوز بالمناقصة والتسعيرة مقبولة من «حزب الله» اذا ترافقت مع زيادة في الفيول وموقف حركة أمل غير واضح».
وأشار في حديث تلفزيوني أمس، الى أن «وزير المالية أوعز باعتماد سعر تعرفة الكهرباء الجديدة في الموازنة التي تتحضر للعام 2023».
وأضاف: «تم وضع خطة لمعالجة موضوع التعديات والجباية بغطاء سياسي وإذا «جبنا الكهرباء» سيدفع المواطن أقلّ من نصف تسعيرة اشتراك المولّد وسنضع عدّدات على مداخل مخيمات اللاجئين لنعلم كميّة استهلاكهم للطاقة».
وتعقد جلسة مشتركة بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، للجان المشتركة لمتابعة درس مشروع القانون المعجل الوارد في المرسوم رقم 9014 الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية.
"اللواء": «غصّة المونديال»: معارضة عونية لمجلس الوزراء .. وعقبتان أمام الكابيتال كونترول
اختبر اللبنانيون مرة جديدة، غصة عدم التمكن، عبر شاشة تلفزيون لبنان، من مشاهدة وقائع افتتاح المونديال العالمي في قطر، والمباراة التي جرت بعد الافتتاح، بعدما كادت الأزمة السياسية، تطيح بكل مقومات بلد نال استقلاله قبل 79 عاماً، وهو يحتفل بهذه المناسبة غداً، بلا رئيس للجمهورية، ولا حكومة كاملة الصلاحيات، ولا انتظام عام، في عمل المؤسسات مع إعلان رابطة موظفي الادارة العامة مذكرة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والاصرار على الحضور لمدة يومين الى مراكز اعمالهم، في ظل فوضى عارمة تطال اسعار المحروقات وسعر صرف الدولار في السوق السوداء، والذي اقترب من تجاز سعر الاربعين الفاً، مع المخاوف المتزايدة من فوضى عارمة في الاسعار والرسوم بعد دخول الدولار الجمركي حيّز التنفيذ بدءاً من الشهر المقبل، في ظل مضاعفة النفقات العامة بأضعاف تفوق ما هو مرسوم لها في موازنة العام 2022.
فقد استبق فريق التيار الوطني الحر بالرفض مجرّد التفكير بعقد جلسة لمجلس الوزراء تعقدها حكومة تصريف الاعمال بهدف الموافقة الرسمية على العقد الموقع مع قطر ليتمكن تلفزيون لبنان، كالعادة، كل مرة، من نقل مباريات المونديال العالمي بعد التوصل الى اتفاق، وافقت قطر على توقيعه مع لبنان، بشرط دفع المبلغ المتوجب، وقدره بين اربعة او خمسة ملايين دولار، شرط ان يقره مجلس الوزراء، ليأخذ طريقه الى التنفيذ..
ووصفت الاوسط العونية هذا التوجه الرسمي لعقد جلسة لمجلس الوزراء بأنه «يشكل ضرباً للدستور والميثاق ويعبّر عن استفزاز وتحد».
ويحضر مام اللجان النيابية قانون الكابيتال كونترول، وسط مخاوف من استمرار المماطلة واضاعة الوقت، في ظل استمرار الخلافات النيابية المعروفة حوله، فيما اشارت مصادر «اللواء» إلى أن نقطتي الخلاف الاساسيتين تكمنان حول الهيئة التي ستشرف على التحويلات وبرئاسة من؟ ومن الهيئة التي ستشرف على السحوبات وقد تغيرت صيغة هذا البند اكثرمن مرة.
في مجال آخر، استمر الجمود حول الاستحقاق الرئاسي نتيجة الشروط والمطالب والمعايير والمواصفات المختلفة، وأكدت مصادر موثوقة ومتابعة للحراك القائم حول الاستحقاق الرئاسي لـ «اللواء» ان اقتراح رئيس التيار الوطني الحر التوافق مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على مرشح ثالث غيرهما لم يصل الى باب بنشعي. وحزب الله وصل مرحلة العجز عن تحقيق تفاهم بين الرجلين، كما ان الحزب - حسب المصادر الموثوقة – ابدى انزعاجه من تصعيد باسيل بوجه الرئيس نبيه بري وفرنجية، علماً ان باسيل إتفق في اللقاء مع رئيس المجلس على التهدئة السياسية والاعلامية وابلغة بموقفه برفض ترشيح فرنجية والبحث عن مرشح ثالث، فرد بري بالرفض والقول ان فرنجية هو مرشحنا، فكان أن أدلى باسيل بما ادلى به من باريس بحق بري وفرنجية ما ألغى التهدئة المتفق عليها، واضاع فرصة استكمال التشاور والتوافق.
ونفت المصادر المعلومات التي تحدثت عن زيارة مرتقبة لوفد من الحزب الى باسيل قريباً، في محاولة اخيرة لإقناعه بالتوافق على فرنجية او الاستماع الى ما الجديد لديه. واكدت ان لا لقاء مرتقباً بعد اللقاء الذي جمع السيد حسن نصر الله وباسيل قبل نحو 3 اسابيع، وبالتالي لا خطوة جديدة سيقوم بها الحزب تجاه باسيل، لكن هذا لا يعني فرط «تفاهم مار مخايل» القائم بين التيار والحزب ولا القطيعة بينهما، بإنتظار تهدئة الاجواء التي توترت مؤخراً وظروف افضل للحوار.
واوضحت المصادر ذاتها، ان كل الحراك القائم خارجياً وداخلياً لم يتوصل الى حل، خاصة بعد دخول لبنان ودول المنطقة في ما يُسمى "هدنة المونديال” والانشغال الدولي به وباحداث كبرى اخرى خلال الشهر الذي يستغرقه «المونديال».
في غضون ذلك، برز كلام في أوساط سياسية عن فكرة تطالب بعقد حوار روحي - سياسي يُساهم في دفع الاستحقاق الرئاسي نحو مرحلةٍ جديدة.وأكّدت المصادر أن دور المرجعيات الروحية كبيرٌ جداً في تقريب وجهات النظر والمساهمة في الإتفاقِ على خارطة طريق واضحة بين الأطراف، تساهم في إخراج البلاد من المسار المُظلم.
واعتبرت مصادر سياسية قريبة من قوى الثامن من اذار، أن رفع منسوب انتقاد باسيل، لحليفه الوحيد حزب الله، على خلفية دعم الاخير لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، لن يؤدي إلى قلب المعادلة لصالح باسيل، ويفسح بالمجال امامه، ليكون مرشحا متقدما على سائر المرشحين لرئاسة الجمهورية.
وقالت: «يعلم باسيل قبل غيره، ان هناك صعوبة بالغة في ترشحه لرئاسة الجمهورية، او دعمه من اي كان، لاعتبارات عديدة، اولها رفض معظم اللبنانيين لهذا الترشح وصعوبة تاييده، كونه يملك رصيدا حافلا بالفشل الذريع بتولي المسؤولية، ونهب الاموال العامة بالكهرباء وغيرها وتدمير قطاع الطاقة بالكامل، وثانياً، عدم القدرة على حشد تاييد المجلس النيابي لانتخابه، لان اكثرية المجلس ترفض هذا الخيار رفضا قاطعا، وثالثاً، العقوبات الاميركية المفروضة عليه بالفساد، ورابعاً استحالة تجاوز العزلة العربية والدولية ضده بالوقت الحاضر.
وفي اعتقاد المصادر المذكورة، فإن رئيس التيار الوطني الحر يعلم بحقيقة هذه الاسباب، ولكنه يطمح على الاقل، من كل ما يقوله، حجز موقع معين له لدى الرئيس المقبل، ويكون له دور في العهد الجديد، لتفادي اي مساءلة او ملاحقة على الارتكابات التي قام بها، هو وفريقه السياسي، ان كان بالكهرباء او السدود المثقوبة وغيرها.
وشددت المصادر ان طرح هذه المواضيع والمسائل منذ الان، لن يقرب ولا يؤدي إلى تسريع الانتخابات الرئاسية، بل الى تعطيل الانتخابات واطالة امد الفراغ الرئاسي، وفتح البلد على تجاوزات ومشاكل غير محسوبة من وقتها وحتى اليوم وقالت: ان الانتقادات التي يوجهها باسيل بكل الاتجاهات، لن تحرجه مع حزب الله، لان الاخير يعرف ما يرمي اليه، وهو يسعى من كل ذلك، لابقاء وضعيته التي كانت قائمة قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بالحد الادنى، بعد ان فقد امتيازات الرئاسة ومغانمها بعد انتهاء العهد.
وقالت: «ان باسيل هو آخر من يحق له ان يحرتق على حليفه، لانه لم يتبنَ ترشحه للرئاسة، ويعرف ان التوجه بات اقرب لتاييد فرنجية، استنادا الى وعد سابق. ولكن عليه ان يعرف ان الحزب سلفه كما سلف عمه العماد ميشال عون انتخابه للرئاسة الاولى، ودعمه ومنع سقوط في الهجمة الشرسة ضده قبل سنوات، كما دعم باسيل بالانتخابات النيابية الاخيرة في مواجهة خصومه، ليفوز بالكتلة التي يرأسها الان، ولذلك فاذا كان الهدف حرق ترشيح خصمه اللدود فرنجية، فإن تحقيقه يعود بالضرر على التحالف الذي يضمه مع الحزب، اي على الجميع، ويعود بالفائدة على مرشح توافقي من خارج التحالف.
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الملف الرئاسي على حاله ولم ينتقل الى مرحلة جدية. وأشارت إلى أن الأسماء التي بدأت تطرح من هنا وهناك لم تتوفر ظروف دعمها بعد، حتى وان قامت الاتصالات بين المعنيين.
وأكدت هذه المصادر أن مواقف باسيل الأخيرة لا يمكن وحدها أن تعيد خلط الأوراق، لكنها اتت لتكون بمثابة رسائل واضحة أن لا انتخابات رئاسية من دون التيار الوطني الحر، لافتة إلى أن موضوع تجديد دعوة الرئيس بري إلى الحوار لم يتضح بعد. مع العلم أنه لم يستبعد.
وحسب المعلومات الدبلوماسية فإن التنسيق السعودي- الفرنسي قائم علي قدم وساق، من زاوية ضرورة ملء الشغور الرئاسي، وانهاء الفراغ، من زاوية الحاجة الى رئيس اصلاحي.
وكشف الوزير السابق وئام وهاب ان اجتماعاً عقد في اليرزة بين قائد الجيش العماد جوزاف عون ورئيس وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا، كان طابعه سياسياً وليس امنياً، على حدّ تعبير وهاب.
بالمقابل، كشف النائب علي حسن خليل ان النائب السابق فرنجية لا يريد ان يكون مرشحاً للجمهورية، بل رئيساً للجمهورية، مستبعداً حصول اجماع على انتخاب رئيس جمهورية بالتوافق، مشيرا الى ان لدى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمرشح توافقي، كاشفا ان النائب باسيل ابلغ السيد نصر الله انه ليس قابلا بالنائب فرنجية.
"الجمهورية": الإستحقاق أسير انقسام الموالاة والمعارضة ومـــحادثات برّي وباسيل كانت بعلم «الحزب»
دخل الاستحقاق الرئاسي في عُنق الزجاجة، ولا مؤشرات إلى القدرة على إخراجه منها، بعدما وصل فريقا المعارضة والموالاة إلى الحائط المسدود، فلا المعارضة قادرة على توحيد صفوفها وتحقيق اختراقات عابرة لهذه الصفوف، ولا الموالاة قادرة على الاتفاق في ما بينها على مرشح رئاسي، خصوصاً مع خروج خلافاتها إلى العلن، فيما الخارج المهتم بلبنان لا يمارس ضغوطه لتقصير فترة الشغور، ويكتفي بإبداء الحرص على الاستقرار وحضّ القوى السياسية على الاتفاق وإنهاء الشغور.
تحوّل مشهد الخميس من كل أسبوع مشهداً مملاً ومكرّراً ومستنسخاً وفاقداً للمفاجآت، مع معارضة غير قادرة على تجاوز سقف الـ 50 نائباً، وموالاة تعتمد الورقة البيضاء، وما بينهما أوراق ملغاة او الاقتراع لشخصيات لا تلقى تأييد أكثر من 10 نواب، ولم يعد أحد أساساً ينتظر هذه الجلسات، ولا يعوِّل عليها، الأمر الذي يستدعي من المعنيين تدارك الموقف والبحث عن البدائل الممكنة، كون الاستمرار في النمط نفسه سيؤدي إلى النتيجة نفسها، وهي استمرار الشغور.
ولكن، هل المعارضة في وارد فتح قنوات التواصل مع الموالاة بحثاً عن مخارج تشكّل مساحة مشتركة بين الفريقين؟ وهل الموالاة قادرة على تجاوز خلافاتها ومدّ اليدّ لفريق المعارضة بحثاً عن مرشحين يشكّلون مصدر اطمئنان وينهي هواجس الطرفين؟ وهل البلد يتحمّل الشغور المفتوح على غرار مراحل وحقبات سابقة؟ ومَن الفريق الذي سيبادر أولاً، وهل هناك من سيتلقّف مبادرته؟
حائط مسدود
ومن الواضح انّ الأمور لم تنضج حتى اللحظة، لا على مستوى المعارضة ولا الموالاة ولا الخارج أيضاً، ما يعني انّ الشغور مرشح إلى ان يطول في انتظار إما وقوع أحداث تؤدي إلى تسريع التوافق على رئيس، وإما انتقال كتلة وازنة من ضفة إلى أخرى، وإما تغيير المعارضة او الموالاة لموقفهما، وإما حصول ضغط خارجي على غرار الضغط الذي حصل مع الترسيم والذي لولاه لما تحقّق هذا الترسيم.
وإذا كان محسوماً انّ الانتخابات الرئاسية ستحصل عاجلاً أم آجلاً، إلّا انّ ما هو غير محسوم توقيت حصولها والمخاوف من انعكاسات الشغور مزيداً من الانهيار والانقسام والتوتير والتسخين وعدم الاستقرار. وهناك من يعتبر في المقابل، انّ أحداً من الكتل النيابية لن يستطيع ان يتحمّل مشهد الخميس المكرّر، ولا بدّ من ان تبادر هذه الكتل، بعدما اصطدمت بالحائط المسدود، فلا يجوز ان تبقى في حالة دوران حول نفسها، والصورة أصبحت واضحة، وهي انّ اي فريق لن يتمكن من إقناع الفريق الآخر بخياره ومرشحه.
فما الفائدة من الانتظار والتسويف والمماطلة؟ ومن سيبادر إلى كسر حدّة الاصطفاف والتقابل، من خلال اتصالات ولقاءات بعيدة من الأضواء، خصوصاً انّ هذا الاستحقاق يختلف عن الذي سبقه في ثلاثة جوانب أساسية:
- الجانب الأول، انّ «حزب الله» لم يلتزم علناً لا برئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية ولا برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وذلك على غرار التزامه بالعماد ميشال عون. والبعض بعتبر انّ عدم الالتزام العلني يعني ترك باب الخيارات مفتوحاً.
- الجانب الثاني، انّ الوضع المالي لا يتحمّل الشغور الطويل، إنما يشكّل عاملًا ضاغطاً على جميع الكتل والقوى من أجل الاتفاق على رئيس للجمهورية، تجنّباً لسقوط الهيكل على رؤوس الجميع.
- الجانب الثالث، انّ دقّة الوضع المالي والاقتصادي وتعقيدات الوضع السياسي تدفع الكتل إلى ترجيح، في عمقها، الخيار الوسطي، لكي لا تتحمّل تبعات استمرار الانهيار، كون الخروج منه ليس سهلاً، خصوصاً أنّ لا المعارضة لديها مصلحة في انتخاب رئيس من صفوفها، تدرك سلفاً أنّه لن يتمكن من الحكم، ولا الموالاة لديها مصلحة في تكرار تجربة العهد الفائت وتحميلها مسؤولية الفشل في إخراج البلد من الانهيار، بعدما تمّ تحميلها مسؤولية دفعه إلى هذا الانهيار.
وفي غضون ذلك، لم يرشح بعد أي تطور ملموس على مستوى الحراك الديبلوماسي الجاري اقليمياً ودولياً حول لبنان.
وفي هذا الاطار، قالت اوساط مطلعة لـ»الجمهورية»، إنّ المبادرة الفرنسية في اتجاه السعودية، والتي ستسبق القمة الاميركية - الفرنسية مطلع الشهر المقبل، يحرص الايليزيه على إبقائها طي الكتمان الشديد لعدم إحراقها وإفشالها. وبالتالي، فإنّ باريس لن تفصح عن الأفكار الجاري تحضيرها، الّا بعد ان تضمن بذور نجاحها. وغالب الظن، انّ باريس تنتظر تأكيدات سعودية بالموافقة مسبقاً على ما تمّ طرحه حول لبنان، قبل انتقال ماكرون الى واشنطن للقاء نظيره الاميركي. ووصفت هذه الاوساط ما يحصل بأنّه عمل بطيء ودقيق، ولكنه سينجح في نهاية الامر. وقالت: «إنّ الدور السعودي لاستعادة لبنان استقراره واستنهاض اقتصاده أساسي ومهم جداً، ولا بدّ من أخذ ذلك في الاعتبار». (راجع ص4)
بري وباسيل
من جهة ثانية، في معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ التسريبات التي تمّ التداول بها حول الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس التيار جبران باسيل، لم تؤثر على العلاقة بين الرجلين، بل بالعكس هي الآن في أفضل حال، وما زال التواصل قائماً، وانّ المحادثات التي جرت بينهما كانت بعلم «حزب الله» .
ونقلت اوساط نيابية عن بري لـ«الجمهورية» امتعاضه من الخطاب السياسي الصادر عن شخصيات سياسية وبعض المرجعيات، والذي «يتخذ منحى تقسيمياً شديد الخطورة»، معرباً عن قلقه من دلالات هذا الخطاب.
كذلك نقلت اوساط نيابية عن بري تأكيده، انّ لجنة التحقيق البرلمانية في اتهامات الفساد الموجّهة الى بعض الوزراء السابقين ستواصل عملها حتى النهاية لكشف كل الحقائق المتعلقة بهذا الملف.