معركة أولي البأس

لبنان

السيد نصر الله يحدد مواصفات الرئيس.. وبرّي لن يبقى مكتوف اليدين
12/11/2022

السيد نصر الله يحدد مواصفات الرئيس.. وبرّي لن يبقى مكتوف اليدين

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بمواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بمناسبة يوم الشهيد أمس، والتي أكد فيها على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق، وأن من ضمن مواصفات الرئيس العتيد أن يكون حاميًا لظهر المقاومة.
كما انتقد سماحته المواقف الأمريكية التي تواصل الحصار على لبنان وشعبه، وتمنع كافة أنواع المساعدات عنه لا سيما موضوع الكهرباء، وأبرزها منع حصول لبنان على الهبة الإيرانية من الفيول لزيادة ساعات انتاج الكهرباء.
إلى ذلل، لفت رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أن التوافق هو المعبر الإلزامي إلى انتخاب رئيس الجمهورية، ودون هذا التوافق، ستستمر دوامة الفراغ، والبلد سيدفع الثمن، مؤكدًا أنه لن يقف مكتوف اليدين.


"الأخبار": نصر الله يحدد مواصفات الرئيس: لا يخاف ولا يُشترى ولا يطعن المقاومة
وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس حداً لمرشحي «تقطيع الوقت»، مؤكداً «أننا نريد رئيساً للجمهورية في أسرع وقت ممكن، لكن هذا لا يعني أن نسد الفراغ في هذا الموقع الحساس بأي كان». وحدّد بعض المواصفات التي يجب أن تتوافر في الرئيس المقبل، وهي أن يكون «مطمئناً للمقاومة، لا يخاف من الأميركيين ويقدم المصلحة الوطنية على خوفه، ولا يباع ولا يشترى»، مشدداً على «أننا لا نريد رئيساً يغطي المقاومة أو يحميها لأنها لا تحتاج إلى ذلك، إنما رئيس لا يطعنها في الظهر».

وفي كلمة له في الاحتفال الذي أقامه حزب الله بمناسبة «يوم الشهيد»، قال إنه «مع الرئيس العماد إميل لحود، صنعت المقاومة التحرير عام 2000، وقاتلت بالعسكر والسياسة عام 2006، وكانت مطمئنة أن لا رئيس جمهورية يتآمر عليها ويطعنها في الظهر»، وهي كانت كذلك «مع الرئيس ميشال عون، آمنة على مدى ست سنوات وكانت عاملاً حاسماً في إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية لأنه كان في بعبدا رجل شجاع لا يبيع ولا يشتري ولا يخون ولا يطعن»، مؤكداً «أننا يجب أن نبحث عن رئيس جمهورية بهذه المواصفات»، و«على اللبنانيين أن يعملوا ويناضلوا للوصول إلى الخيار الأنسب»، مشيراً إلى أن «هذا الموقع له علاقة بعناصر القوة، وهذا موضوع استراتيجي يرتبط بقوة لبنان وبالأمن القومي، والمقاومة هي أحد عناصر القوة الأساسية». وتوجه إلى الفريق الآخر بأنه «عندما تطلبون منا أن ننتخب فلاناً، وهو من أول الطريق يناقشنا بالمقاومة، يعني مبلشين غلط».

وشدّد نصرالله على أن «الإدارة الأميركية هي من يمنع المساعدة عن لبنان»، واصفاً إياها بـ «الطاعون واللعنة والوباء الذي تخرجه من الباب فيعود من الطاقة إذ لا حدود لأطماعه وأهدافه». ونبّه إلى أن «الأميركيين يعتقدون أن سيناريو الفوضى يُمكن أن يؤدي إلى إنهاء المقاومة، وهم يتحدثون علناً عن دعمهم للجيش بهدف أن يكون في مواجهة المقاومة. لكن الجيش، قيادة وضباطاً ورتباء وجنوداً، كلهم يرفضون هذا الموقف بالمطلق»، وفي ظل التدخل الأميركي «يحق لنا نحن كجزء كبير من الشعب أن نطالب برئيس للجمهورية مُطمئن لهذه المقاومة».

ولفت إلى أن اتفاق ​ترسيم الحدود البحرية أكد أن «من يحمي ​لبنان​ هو الله ومعادلة القوة. هذا العدو يفهم القوة وليس أمر آخر»، لافتاً إلى أن «البعض يعتبر أن ضمانته هو الالتزام الأميركي، لكن ضمانتنا الحقيقية هي في عناصر القوة التي يملكها لبنان والتي تشكل ضمانة استمرار هذا الاتفاق». ورد على تصريحات مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف التي «تحدثت عن سيناريوهات كارثية يمكن أن تؤدي للخلاص من حزب الله ووصفته بالطاعون أو اللعنة»، وقال إن «اللعنة هو الكيان الصهيوني الذي هجر وقتل واستباح فلسطين ولبنان وهي لعنة صنعت في الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة هي التي أرادت الفوضى في لبنان في 17 تشرين 2019 بعدما فشلت مخططاتها وزرعت لعنتها التي تصدى لها حزب الله والشرفاء». وأكد أن «اللعنة الأميركية تمنع أي دولة من مساعدة لبنان كما في هبة الفيول الإيراني».

وفي ما يتعلق بالانتخابات الإسرائيلية أكد أن «لا فرق بالنسبة لنا. كلهم أسوأ من بعضهم، الحكومات التي تعاقبت على الكيان كلها حكومات مجرمة وغاصبة ومحتلة ولا تملك شيئاً من القيم الأخلاقية والإنسانية»، وكرر أن «من يحمي لبنان هو معادلة القوة معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وهذا العدو سواء من اليمين أو اليسار لا يفهم إلا لغة القوة». وأكد أن إيران «انتصرت من جديد على الفتنة والمؤامرة الأميركية- الإسرائيلية- الغربية، انتصاراً كبيراً وحاسماً، وهذا سيزيدها قوة».

 

"البناء": نصرالله رداً على ليف يصف الحكومة الأميركية بالوباء الذي جلب الاحتلال والإرهاب والحصار
وجّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجموعة من الرسائل المباشرة في كلمته بمناسبة يوم شهيد حزب الله في ذكرى تفجير مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي في 11-11-1982، فتناول تصريحات معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف التي وصفت حزب الله باللعنة والوباء والطاعون، مستعرضاً ما أنجزه حزب الله للبنان واللبنانيين وما قدّمته أميركا وحكوماتها المتعاقبة، ليقول إن الاحتلال الإسرائيلي الذي دمّر لبنان والاعتداءات الإسرائيلية التي رافقتها مجازر سقط فيها الآلاف وارتكبت خلالها جرائم موصوفة بحق الإنسانية، هي جميعها صنعت في أميركا، وإن الإرهاب الذي جاءت به الحكومات الأميركية ليحقق لها مشروع إسقاط سورية، ودفعت به الى جرود لبنان الشرقية هو أيضاً صناعة أميركية، وإن الحصار الذي كان منعُ لبنان من الحصول على هبة الفيول الإيرانية آخر تجلياته، وسبقه منعُ لبنان من استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، هو تعبير عما تكنه الإدارات الأميركية من كراهية وحقد على لبنان وشعبه. وما جرى في ملف الثروات البحرية لا يغير هذه الحقيقة، فقد رضخت أميركا ومثلها فعلت «إسرائيل» بفضل قوة المقاومة التي كانت مستعدّة للذهاب الى الحرب لفرض انتزاع لبنان لمطالبه كما حددتها الدولة اللبنانية، وأضاف أن هذا الوباء والطاعون واللعنة من مصدر واحد هو أميركا، وإسقاط اللعنة ورد الوباء والطاعون كانت مسؤوليات أخذتها المقاومة على عاتقها وفقاً لمعادلة القوة اللبنانية القائمة على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، فقامت المقاومة بمسؤوليتها في التحرير ومنع العدوان ومواجهة الإرهاب وفرض الاعتراف بالمطلب اللبنانية في الثروات البحرية.


ودعا نصرالله إلى عدم إضاعة الوقت في البحث عن تمايزات بين الحكومات الأميركية وتغيير توازناتها، ومثلها الحكومات الإسرائيلية، فكلهم أعداء وأصحاب حروب وأطماع، وضمانة لبنان تبقى بقوته التي فرضت الاعتراف بمصالحه. وهذا يصحّ في التعامل مع وهم الضمانات الأميركية، كما يصحّ في التعامل مع قلق البعض من تغيير الحكومة في كيان الاحتلال، مؤكداً أن من فرض الاتفاق البحري سيفرض احترامه على أي حكومة في الكيان.


عن رئاسة الجمهورية قال السيد نصرالله إن هذا المنصب شديد الأهمية، وإن الفراغ شديد الخطورة، وبتوازن هذه الأهمية والخطورة على المعنيين في الكتل النيابية البحث عن الاسم المناسب للتوافق على انتخابه رئيساً، محدداً مواصفات المقاومة الرئاسية قائلاً، إن المقاومة لا تريد رئيساً يغطيها أو يحميها، فهي لا تحتاج غطاء ولا حماية، بل تريد رئيساً شجاعاً لا يرضخ للضغوط ورئيساً لا يباع ولا يشترى، ورئيساً لا يتآمر على المقاومة.
وتوجّه الأمين العام لحزب الله للأميركيين بالقول: «أنتم جئتم بالفوضى إلى لبنان في تشرين، هذا الحراك الذي حصل في لبنان وكان لنا منذ اليوم الأول شجاعة اتهامه في خلفيته وإدارته»، وسأل: «من الذي أراد الفوضى في لبنان عام 2019 عندما فشلت مشاريع الحرب الأهلية قبلها؟ أنتم الأميركيون، ولم تتركوا خطًاً أحمر لا رئيس جمهورية ولا مقام ولا حرمة ولا زوجة ولا أخت ولا بنت هذا كله كان متعمداً».


وقال: «عندما كان لبنان ما زال يقدّم دعماً للبنزين والمازوت والغاز ويدفع بالعملة الصعبة، تحدثنا مع الإخوة في إيران وقبلوا نتيجة خصوصية لبنان بيع لبنان فيول وبنزين ومازوت وغاز بالليرة اللبنانية، وكان سيوفر مليارات الدولارات على الخزينة، لكن الأميركيين منعوا وهدّدوا».
وأضاف: «لم يتجرؤوا على إرسال وزير الطاقة إلى إيران، بل ذهب وفد تقني وقلنا لا مشكلة، وأردنا أكل العنب، نحن من الناس وبين الناس. طلب الوفد اللبناني كمية وتمت الموافقة عليها من دون قيد أو شرط أو ملاحظات».
وأشار إلى أن الجمهورية الإسلامية في إيران تريد مساعدة الشعب اللبناني والدولة، لكن الموضوع متوقف بعد أشهر بسبب اللعنة الأميركية التي منعت هذه المساعدة»، وأضاف «لا يتجرؤون على قبول المساعدة الإيرانية بسبب التهديد الأميركي، مَن هو اللعنة والطاعون والوباء؟».


وتابع قائلًا «لم ينجزوا «اتفاق الترسيم» حباً باللبنانيين ولا لأجل أن يصبح لديهم غاز، هذا كذب ونفاق، هو قال بلسانه أنجزنا الاتفاق لتجنيب المنطقة الحرب، لأن الإدارة الأميركية لها أولويات مختلفة وتعرف ظروف الكـيان ومعنى الذهاب إلى حرب وما يمكن أن يحصل في كل المنطقة»، وتابع: «لا يربحنا أحد جميلة، لبنان حصل على مطالب الدولة اللبنانية بقوته وبالتقاطه للحظة التاريخية».
كما سأل: «من الذي يمنع إلى الآن وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان؟»، مشيرًا إلى أن «من يفرض قانون قيصر الذي يحاصر لبنان هو الأميركي»، وتساءل «من الذي يتحمل مسؤولية كل المظالم في منطقتنا، وكل ما كان يجري في إيران وفي فلسطين؟ هذا الطاعون الأميركي».


وتطرق السيد نصرالله الى ملف رئاسة الجمهورية معتبراً أنه موقع حساس ومصيري للبنان. وأشار إلى أن «لبنان فيه عناصر قوة يجب الحفاظ عليها ومن أهم المواقع المعنية بالحفاظ على عناصر القوة موقع رئاسة الجمهورية. وهذا موضوع استراتيجي يرتبط بقوة لبنان وبالأمن القومي لهذا الوطن. والمقاومة هي أحد عناصر القوة الأساسية».
ورأى أن الأسوأ «هو أن الأميركيين الذين يعتقدون أن سيناريو الفوضى يمكن أن يؤدي إلى إنهاء المقاومة في لبنان. أنهم يتحدثون علنًا أنهم يدعمون الجيش اللبناني لأنهم يعتبرونه مؤهلًا لمواجهة المقاومة، الجيش اللبناني قيادة وضباط ورتباء وجنوداً يرفضون هذا الموقف بالمطلق».


وقال: «مع فخامة الرئيس العماد إميل لحود، هذه المقاومة التي صنعت التحرير عام 2000 وقاتلت بالعسكر والسياسة عام 2006 كانت مطمئنة من ظهرها، أن لا رئيس جمهورية يطعنها في ظهرها أو يخونها أو يتآمر عليها».
وأضاف: «مع فخامة العماد ميشال عون في هذه النقطة التي هي استراتيجية وكبرى على مدى 6 سنوات، كانت هذه المقاومة التي حمت ودافعت وكانت عاملًا حاسمًا في إنجاز الحدود البحرية، كانت آمنة الظهر 6 سنوات، لأن في بعبدا كان هناك رجل شجاع لا يبيع ولا يشتري ولا يخون ولا يطعن بالظهر».
كما أكد أنه «لا نريد رئيس جمهورية يحمي ويغطي المقاومة، المقاومة في لبنان ليست بحاجة لغطاء أو حماية، ما نريده رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها ولا يبيعها فقط، وهذا حقنا الطبيعي».


وتابع: «عندما تطلب مني أن أنتخب فلانا وهو من أول الطريق يناقشني بالمقاومة «يعني مبلشين غلط يا شباب»، إذا كنا نريد لبنان قوياً يستخرج النفط والغاز ويكون عصياً على الفوضى، يجب أن نبحث على رئيس جمهورية بهذه المواصفات».
ووفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» فإن مواقف السيد نصرالله كشفت المسؤول الأول والمباشر عن الظروف المالية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب اللبناني، ألا وهو الأميركي الذي يفتعل المؤامرات والفتن المتتالية في لبنان والمنطقة، فهو من غطى احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية عام 2017 لإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية وعرقلة العهد حينها وقلب الطاولة على رأس المقاومة. ثم كرر المؤامرة بافتعال أحداث 17 تشرين لنشر الفوضى المالية والاقتصادية والتمهيد للانهيار الكبير وتحميل حزب الله والعهد المسؤولية وتأليب بيئة المقاومة عليها، وفق خطة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو الذي زار لبنان والمنطقة في حزيران 2019 أي قبل أحداث 17 تشرين بأشهر قليلة.


وبعدها تابعت المصادر: فرض الأميركي طوقاً وحصاراً محكماً على لبنان وسورية عبر قانون قيصر، وأوقف التحويلات المالية الخارجية الى لبنان ومنع أغلب دول العالم من الاستثمار في لبنان وإيداع ودائع في بنكه المركزي، وهدّد أي دولة تريد المساعدة بالعقوبات، كما أصدر أوامر بتهريب عشرات مليارات الدولارات من مصارف لبنان الى الخارج، وخطط للهجوم على المصارف لتبرير إقفالها ورفع سعر صرف الدولار كسلاح مالي وسياسي ضد رئاسة الجمهورية والقوى الوطنية اللبنانية وهو من يحمي الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان وحال دون إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حكومة الرئيس حسان دياب عبر الضغط والتهديد بمزيد من الانهيار.
ولم يكتفِ الأميركي بهذا الحد، بل أوقف أعمال الشركات النفطية في لبنان في البلوكات لاستخراج الغاز والنفط منذ العام 2019 كما منع أي مساعدة نفطية وكهربائية من ايران وروسيا والعراق وحتى من سورية، ولم يحقق وعده حتى الساعة بتفعيل خط الطاقة العربي من الأردن ومصر الى لبنان، تحت حجج واهية، ويمنع البنك الدولي وصندوق النقد من دعم لبنان بقروض مالية إلا بشروط سياسية وسيادية ومالية قاسية.


ويضاف الى ذلك وفق المصادر أساليب التحريض والابتزاز ضد الدولة اللبنانية والضغوط على شخصيات سياسية لتنفذ إملاءاته تحت تهديد مصالحهم السياسية والمالية في الخارج ويعمل يومياً على التدخل في الشؤون اللبنانية وخرق السيادة. ويعمل على عرقلة إنجاز الاستحقاقات الدستورية لا سيما تأليف الحكومات وانتخاب رئيس للجمهورية، ما يعني أن الحل للأزمة اللبنانية يكمن بقطع دابر التدخل الأميركي في لبنان وضبط تحرّك السفيرة الأميركية في لبنان والانفتاح على دول أخرى قادرة على مساعدة لبنان بلا شروط سياسية كإيران وسورية والعراق وروسيا وغيرها وعدم الخضوع والإذعان للضغوط والتهديدات الأميركية.


وحذرت المصادر نفسها من مسلسل جديد من المؤامرة الأميركية ضد لبنان قبل انتخاب رئيس للجمهورية عبر رفع سعر صرف الدولار وإشعال تظاهرات شعبية في الشارع ونشر الفوضى.
ووفق ما تشير أوساط مواكبة للملف الرئاسي لـ»البناء» فإن السيد نصرالله وإن لم يفُصح عن مرشحه أو مرشحيه، لكنه حدد مواصفات الحد الأدنى للرئيس المقبل، وعلى رأسها أن لا يطعن المقاومة في ظهرها، ما يقطع الطريق على الكثير من المرشحين المطروحين في سوق التداول لا سيما النائب ميشال معوض. وتؤكد بأن حلف المقاومة لن يقبل بأي رئيس تحدّ يُفرض على اللبنانيين تحت وطأة ظروف الانهيار الاقتصادي والفوضى الاجتماعية والانفجار الأمني الذي يبشّر به الأميركيون، وبالتالي لن يقبل اللبنانيون برئيس يحول بعبدا الى منصة لحياكة المؤامرات على المقاومة ومنفذاً للسياسات الأميركية – الخليجية.


وتقرأ الأوساط في سطور كلام السيد نصرالله حول الجيش اللبناني، عدم ممانعة الحزب بترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون للرئاسة إن حظي بتوافق داخلي، إلا أنها تشير الى أنه من المبكر لأوانه الحديث عن مرشحين توافقيين من «الصف الثاني» قبل نفاد فرص المرشحين الأقطاب كرئيس تيار المرده سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
أي أن ترشيح قائد الجيش وإن كان يشكّل ضمانة لعدم طعن المقاومة، لكنه يحتاج الى تجاوز عقبات عدة منها التعديل الدستوري بعد التوافق الداخلي فضلاً عن التغطية الإقليمية – الدولية.
وتوقعت الأوساط أن يتحرك الملف الرئاسي مطلع العام المقبل بعد تبلور التوجهات الأميركية بعد الانتخابات النصفية التي حصلت مؤخراً وحسم اتجاه ومصير بعض الملفات الإقليمية لا سيما الملف النووي الإيراني المتوقع أن يتحرك أيضاً خلال الشهرين المقبلين.


وبعد كلام نصرالله كان لافتاً إشارة المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض، إلى أن «بكركي لا تعارض انتخاب قائد الجيش، إن كان هناك إجماع عليه».
ولفت غياض الى أن «قائد الجيش مرشح يختلف عن الجميع لأن لديه وضع خاص في أصول انتخابه كموقع وحيثية»، وكشف، في حديث تلفزيوني بشأن حوار بكركي مع «حزب الله»، أنّ «حزب الله فريق لبناني ومن الطبيعي أن يكون هناك حوار معه»، مشيراً إلى أنّ «حزب الله نوعًا ما لديه مرشح، وهو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية».
وبرز بيان عالي السقف لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان طالب بالإسراع في الانتخاب ودعا الى الحوار. ولفت الى «أن لا أولوية تعلو على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية. لذا يدعو أعضاء المجلس السادة النواب ممثلي الشعب، إلى القيام الفوري بانتخاب رئيس للجمهورية، إذ بدونه لا حماية للدستور ولا إشراف على انتظام عمل مؤسسات الدولة، ولا فصل للسلطات، ولا خروج من الشلل السياسي والاقتصادي والمالي، وكل التبعة تقع على نواب الأمّة وكتلهم. الدولة من دون رئيس تقع في الشلل الكامل».  

 

"اللواء": تعقيدات داخلية وإقليمية تُذكِّر بسيناريو انتخاب عون!
على طريقة الدعوة التي أطلقها مجلس البطاركة والأساقفة في لبنان في دورته السنوية الـ55 الى «تنقية الذاكرة»، تكشفت المواقف المعلنة، سواء بطريقة مباشرة أو خلف الكواليس عن أن الزمن القريب، مرشح لأن يتكرر، من دون أن يكون معروفاً ما إذا كانت على شكل مأساة أو مهزلة، في ما خص مقاربة الملف الرئاسي.

فإن من الثابت حسب مصادر المعلومات المتقاطعة أن ما قبل جلسة الخميس الماضي، ليس كما قبلها، في ضوء مؤشرات ثلاثة: 1- توجه مجموعة من الكتل المسيحية لمقاطعة جلسات التشريع، استناداً الى المادة 75/د، إذ مع تحوّل المجلس الى «هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، يترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة او اي عمل آخر». 2- احتدام الجدل حول تفسير المادة 49 من الدستور، وبالتالي منطقة الفراغ بين الجلسات، وما إذا كانت الجلسة ستستمر أو تتوقف، بصرف النظر عن الحاجة الى دورة الـ65 نائباً أو الأغلبية لفوز المرشح في الدورة الثانية. 3- إعلان حزب الله على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله ما يقبله، وما يمكن أن يتفهمه في ما خص رئيس الجمهورية الجديد.
فنصر الله قال صراحة: «ينظر حزب الله لإنهاء الفراغ الرئاسي بأهمية عالية، ولكن ليس كيفما كان أو بأي كان، فهذا استهانة بموقع الرئاسة».
ونظرة الحزب الى الرئيس – كما قال نصر الله – أن يكون مطمئناً للمقاومة، شجاعاً، لا يُشترى ولا يُباع، يقدم المصلحة الوطنية على التهديدات والإغراءات.
وأضاف نصر الله: لا تريد المقاومة رئيس جمهورية يحميها، فهي قادرة على حماية نفسها، وإنما رئيساً لا يخونها ولا يغدر بها ولا يطعنها بالظهر».
وعليه أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أن جلسات الانتخاب التي باتت شبه دورية قد تتحول إلى مادة سجال انطلاقا من الانقسام النيابي الحاد حول النصاب بالورقة البيضاء وغيرها.
ولفتت هذه المصادر إلى أنه من غير المعروف ما إذا كانت الكتل النيابية ستعتمد تكتيكا جديدا في جلسات الانتخاب ام لا، علما ان ما من أفكار جديدة بعد لمحاولة تجاوز المشهد الأنتخابي الذي يتكرر أسبوعيا من دون نتيجة، معتبرة ان المجلس النيابي مدعو إلى ممارسة مسؤولياته في ملف الأستحقاق الرئاسي، وذلك يعني الإبقاء على دعوات الأنتخاب قائمة إلا إذا حصل أمر ما ليس في الحسبان.

وفي الإطار، أشارت مصادر دبلوماسية الى تعقيدات داخلية في ما يخص التباعد والتناحر بين الكتل، وأخرى اقليمية لجهة استمرار التباعد بين القوى الاقليمية عربية وغير عربية في ما خص قضايا المنطقة، والتدخلات الايرانية غير المشروعة في الأوضاع الداخلية العربية، من شأنها أن تطيل فترة الشغور الرئاسي.
وتخوفت المصادر من أن يكون تحالف حزب الله – التيار الوطني الحر، يعتمد تكتيك السيناريو الذي مدد للفراغ أكثر من سنتين، قبل انتخاب العماد ميشال عون.
واعتبرت مصادر سياسية المواقف الاخيرة لنصرالله، بانها تصب في خانة تحقيق هدفين اساسيين، الاول استكمال امتصاص النقمة التي خلفها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على الحزب، والتهرب من الاتهامات التي لاحقته من كل حدب وصوب، بانصياعه لتفاهم اميركي ايراني، استوجب التعاطي بايجابية مع المفاوضات الجارية، وإزالة كل الاعتراضات على الاتفاق الذي شابته ثغرات وتنازلات غير محسوبة ،واستبدال التهديد بالحرب بالصمت المطبق، وهو ماحصل بالضبط، من دون زيادة او نقصان.
وقالت المصادر انه برغم بعض الانتقادات الخجولة والعامة للجانب الاميركي، لم يستطع نصرالله تحييد الحزب عن هندسة واخراج اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، من وراء الكواليس، لان الوقائع اعطت دلالة واضحة على الدور الايجابي ألذي لعبه الحزب لإتمام الاتفاق، علما ان التلطي وراء قرار الدولة اللبنانية، لم يخف مسؤولية الحزب بانجازه.

اما الهدف الثاني والاساس في مواقف نصرالله،فهو تحديد موقف الحزب من الاستحقاق الرئاسي، ودعوة المعارضين للتفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على رئيس توافقي مقبول من معظم الاطراف، ملمحا برفض الحزب الموافقة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية خارج ما يطرحه الحزب هذ الخصوص.
اما في ما خص المواصفات التي يراها الحزب بالمرشح الرئاسي، اعتبر نصرالله نموذج الرئيسين ميشال عون واميل لحود، بانهما يجسدان مايتطلع اليه الحزب بالرئيس المقبل، بالرغم من كل المساوىء والارتكابات التي سادت العهدين المشؤومين، ان كان بتغطية جرائم الاغتيال التي نفذها الحزب، ضد رموز وشخصيات وطنية وحزبية بارزة، أو بتهديم مؤسسات الدولة اللبنانية كما حصل بنهاية العهد العوني.

ولكن بالرغم من التمثل بعهدي لحود وعون، ارسل نصرالله اشارات إيجابية تجاه قائد الجيش العماد جوزيف عون من دون أن يسميه، ولكنه ارفق هذه الاشارات بما يشبه الحصول على تعهدات او ضمانات، يسعى الحزب للحصول عليها بخصوص سلاح الحزب، قبل اعلان موافقته النهائية على دعم ترشيح قائد الجيش للرئاسة.
وهكذا، فرضت وقائع الجلسات الخمس المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية ضرورة اعادة النظر بكل الثغرات التي ادت الى سوء تفسير أو التباس اوغموض في بنود دستور الطائف لا سيما نصاب انتخاب الرئيس وحضور الجلسة، عداعن ضرورة وضع حد او اسس لموضوع توفير نصاب انتخاب الرئيس وتوضيح المادة 49 والمواد الاخرى المتعلقة بالموضوع. وهو امر دعا احد نواب التغيير الى القول لـ«اللواء»: اذا بقينا على هذه الحالة من الانقسام بين الكتل وحتى بين الكتلة الواحدة، وعدم الاتفاق على تسمية مرشح وعدم طرح بعض الاطراف اسم اي مرشح، لا ارى رئيسا للبلاد قبل بداية العام المقبل. وهو موقف تقاطع مع رأي مرشح للرئاسة ما زال في الظل، قال لـ«اللواء» ايضاً: ان لا رئيس للجمهورية قبل نهاية الفصل الاول من العام المقبل.

وحسب المعلومات المتوافرة، فقد بدأ البحث الجدي بين بعض اطراف المعارضة النيابية والسعي عبر القنوات النيابية والدستورية من اجل توضيح المادة 49 ، عدا عن موقف هذه الاطراف بعدم المشاركة في اي جلسة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي كون المجلس بات في حكم انعقاد حكمي لإنتخاب رئيس للجمهورية.
وعلى هذا، فليتوقع اللبنانيون مزيداً من الازمات السياسية والدستورية والمعيشية، في ظل غياب حكومة فاعلة تكبح جنون الدولار واسعار المحروقات وتوفر اقصر الطرق لإيصال الكهرباء الى المنازل والمؤسسات. وحيث أصدرت مديرية النفط في وزارة الطاقة جدول أسعار جديدا للمحروقات، جاء على الشكل التالي: بنزين 95 أوكتان: 807000 بزيادة37 الف ليرة، بنزين 98 أوكتان: 824000، والمازوت: 888000 بزيادة 17 الف ليرة، والغاز: 447000 بزيادة 5 الاف ليرة.
كما حافظ سعرُ صرف الدولار على ارتفاعه في السوق السوداء فسجل مساء امس، ما بين 39850 ليرة لبنانية للشراء و39950 ليرة لبنانية للمبيع مقابل الدولار الواحد.

نصر الله ومواصفات الرئيس
وتحدث نصر الله بشكل موسع امس عن الانتخابات الرئاسية، محدداً مواصفات الرئيس الذي تسعى اليه المقاومة، فقال: المقاومة تريد رئيسا للبلاد تكون مطمئنة له، نريد رئيساً شجاعاً في بعبدا، لا يخاف ولا يتنازل، ويقدّم المصلحة الوطنية على خوفه، ولا يُباع ولا يُشترى ولا يطعن المقاومة في ظهرها. والمقاومة التي صنعت التحرير عام 2000 كانت مطمئنّة الى حماية ظهرها، في عهد الرئيسين العماد إميل لحود والعماد ميشال عون. نحن لا نريد رئيساً يغطّي المقاومة أو يحميها، لأنّها لا تحتاج إلى حماية، إنّما تريد رئيساً لا يطعنها في الظهر.

اضاف نصر الله: أنّ الفراغ الرئاسي ينعكس على كل المستويات في لبنان، ورئاسة الجمهورية هي مفصل حساس ومصيري وستترك آثارها على مدى السنوات الست، مؤكداً أن المقاومة هي من أهمّ عناصر القوة في لبنان.
وتابع في كلمة لمناسبة «يوم الشهيد: أنّ الأميركيين يؤكدون علناً أنّهم يدعمون الجيش اللبناني الذي يعتبرون أنّه مؤهل لمواجهة المقاومة، معرباً عن ثقة المقاومة بالجيش اللبناني وبقيادته التي ترفض أي مواجهة مع المقاومة.

وأشار نصرلله «الى تدخل السفارة الأميركية في أصغر التفاصيل الحكومية والوزارية في لبنان واتهام اميركا للرئيس عون بانه سلم البلاد الى حزب الله، ورد بالقول: لو الدولة كانت في يد حزب الله كما يقولون، لكان التيار الكهربائي على أقلّه عاد إلى البلاد.
ورداً على تصريحات مسؤولة أميركية تحدثت عن «سيناريوهات كارثية يمكن أن تؤدي إلى الخلاص من حزب الله، واصفةً إيّاه بالطاعون أو اللعنة او الوباء»، شدّد نصر الله على أنّ اميركا هي التي كانت اللعنة في حروبها على الدول وقتل الاف الناس، وحزب الله هو الذي أزال لعنة الولايات المتحدة من لبنان وقتل هذا الطاعون.

ووفقاً لنصر الله، فإنّه «لا خيار أمام اللبنانيين إلاّ الحوار في ما بينهم من أجل إنجاز استحقاق الرئاسة»، متوجّهاً إلى اللبنانيين بالقول: إذا أردتم لبنان قوياً ويتمكن من أن يستخرج الغاز، عليكم الإتيان برئيس شجاع لا يطعن المقاومة في ظهرها.
وبشأن ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، قال نصر الله: إنّ "من يراهن على الضمانة الأميركية فليسأل الفلسطينيين الذين راهنوا على الضمانات الأميركية في اتفاقياتهم، لكن بالنسبة إلينا النتيجة التي أوصلت إلى الاتفاق ستبقى قائمة وموجودة. مشدداً على أنّه لا يمكن الوثوق بالضمانات الأميركية في الحفاظ على اتفاق الترسيم، بل لا يمكن الوثوق إلاّ بعنصر قوة المقاومة التي يُعتمد عليها في الحفاظ على هذا الاتفاق.

 

"الجمهورية": الرئيس بري: لن أبقى مكتوف اليدين

من خميس إلى خميس .. لا رئيس؛ على هذا المنوال «سيكرج» مجلس النواب في رحلة طويلة من الجلسات الفاشلة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا أحد يعرف إن كان مداها الزمني يُقاس بالاسابيع او بالاشهر او ربما أبعد من ذلك.

وعلى مدى هذه الرحلة الطويلة، ستبقى السيمفونية ذاتها قابضة على خناق البلد، ومرهقة لآذان اللبنانيين بما ملّوا سماعه من كلام عبثي مستهلك، لم تعد له وظيفة سوى نشر الغسيل قبل وخلال وبعد كل جلسة انتخابية، ومؤذية لعيونهم ببهلوانيات تعبث بالاستحقاق الرئاسي، وباتت اشبه بمسلسل تافه يُعرض اسبوعياً على مسرح البرلمان. واما ابطال هذا المسلسل، فكائنات سياسية مفلسة، مأسورة بنفخة كاذبة، فيما هي في حقيقتها مشتتة، وأضعف من ان توجّه الدفة الرئاسية الى برّ الانتخاب.

لعلّ مجرد نظرة سريعة إلى هذا المشهد من شأنها أن تجعل كل لبناني يتفوّق على المنجّمين في استشراف الكارثة التي يرصف الطريق اليها تكرار جلسات الفشل، حيث بات من شبه اليقين انّ استيلاد رئيس بين ركام التناقضات السياسية اقرب إلى الرهان العبثي على سراب. والكارثة ليست مفردة وهمية، بل هي معبّر عن نُذُرِها في ما يتمّ الحديث عنه في مختلف الاوساط السياسية والدينية وغيرها، من مخاوف من سيناريوهات واحتمالات وانهيارات يُخشى ان تتدرج وتتمدّد من السياسة إلى الاقتصاد والأمن، وربما إلى ما هو اخطر من ذلك.

بري: الوضع بالويل

هذه الصورة القاتمة ماثلة أمام رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي أبلغ الى «الجمهورية» قوله: «قلت واكرّر، استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، لا يحتمل اسابيع قليلة جداً، فلا يتحدثنّ احد عن أشهر على غرار ما حصل في فترة الفراغ السابقة (سنتان ونصف بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان)، فوضع لبنان في هذه المرحلة ليس كما كان عليه آنذاك، بل هو بالويل».

ولفت الرئيس بري إلى «انّ «التوافق» هو المعبر الإلزامي إلى انتخاب رئيس الجمهورية، ودون هذا التوافق، ستستمر دوامة الفراغ، والبلد سيدفع الثمن».

وكما هو معلوم، فإنّ الرئيس بري، كان ماضياً بكل حماسة واندفاع لإطلاق مبادرته الحوارية بين الكتل النيابية، ولكنه بعد استمزاج الآراء، قابله تعثر وشروط تعجيزية، ووصل إلى قناعة مفادها «انا لا استطيع ان احاور نفسي». وتبعاً لذلك علّق مبادرته الحوارية بعدما رفضت «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» فكرة الحوار، كلٌ منهما لأسبابه واعتباراته المتناقضة والمتضاربة مع الآخر، رمى كرة المسؤولية في ملعب الجميع، وفي مقدّمهم من يفترض انّهم معنيّون طائفياً بالاستحقاق الرئاسي.

الّا انّ الرئيس بري، وكما يؤكّد لـ«الجمهورية»، يلفت الى انّ تعليقه مبادرته الحوارية، لا يعني انّه سيبقى مكتوف اليدين أمام مراوحة الاستحقاق الرئاسي على ما هو عليه في هذه الفترة، في حلقة التعقيد والتعطيل وأسره في دائرة فراغ كلفتها باهظة على لبنان، بل انّه أعطى ما يمكن وصفها بفسحة زمنية سقفها الأقصى آخر السنة، فإنْ أمكن بلوغ التوافق على رئيس للجمهورية خلالها، فذلك يكون خيراً ومصلحة للبنان، وإنْ بقي الوضع في دائرة الفراغ فسيعود بالتأكيد إلى التقاط زمام المبادرة من جديد ووضع الجميع امام مسؤولياتهم التي توجب الشراكة الصادقة في تحصين لبنان وإخراجه من هذا النفق.

ورداً على سؤال، لا يقلّل الرئيس بري من حجم الأزمة والتعقيدات القائمة، ورغم الصورة القاتمة فهو لا يعبّر عن تشاؤم كلّي على ما ذهب اليه آخرون، بل يُبقي على شيء من التفاؤل الحذر، ذلك انّه رغم كل هذا الانسداد لا يزال يرى ضوءًا في آخر النفق، جوهره انّ الجميع محكومون في نهاية المطاف بسلوك الطريق نحو الانفراج.

مرونة .. وإلّا خراب؟

على انّ اللافت في هذا السياق، ما تكشفه شخصية وسطيّة بارزة لـ«الجمهورية»، عن معطيات متوفرة لديها تؤكّد انّ أمد الشغور في سدّة الرئاسة الاولى لن يكون طويلاً. مشيرة إلى حركة اتصالات ما زالت خجولة حاليًا، لبلورة افكار ترمي إلى أنضاج تسوية سياسية.

وردًا على سؤال قالت: «أي عاقل يرفض استمرار حفلة الجنون القائمة، وأي رهان على إنهاء هذه الأزمة بمعزل عن حوار ونقاش جاد ومسؤول هو ضرب من الغباء، والرئيس بري من البداية حدّد المسار الطبيعي والموضوعي لإنهاء الأزمة الرئاسية، فكل الامور تُحلّ بالحوار المسؤول، ولكن المستغرب هو ان يأتي من يعطّل هذا المسار، من دون ان يملك بديلاً منه، سوى انّه يقارب هذه الأزمة بمنطق عبثي يطوّق انتخاب الرئيس بسجال عقيم».

وحول الجلسات النيابية الفاشلة في انتخاب رئيس، قال: «إنّ انعقاد المجلس النيابي في جلسات انتخابية بمعزل عن نتائجها، هو إجراء قانوني ودستوري ويندرج في صميم اللعبة الديموقراطية، واما فشلها في انتخاب رئيس فهو فشل طبيعي ومتوقع، طالما انّ التوافق معدوم. ثم انّ الدعوات التي تقول بأن يعقد المجلس جلسات متتالية ومفتوحة حتى انتخاب رئيس، فلا معنى لها في غياب الحدّ الأدنى من التوافق، ولذلك نحن نحث ونتبنّى كل دعوة إلى حوار يؤدي الى توافق، وما زلنا نراهن على حنكة وحكمة الرئيس نبيه بري في هذا المجال».

وقيل للشخصية الوسطية المذكورة إنكم تدعون إلى التوافق، فيما نوابكم في المجلس صوّتوا للنائب ميشال معوض المصنّف من قِبل مرشِّحيه بأنّه مرشح سيادي، فيما يصنّفه آخرون بمرشح تحدٍ، فقالت: «لقد صوّتنا لميشال معوض كتسجيل موقف لا أكثر، مع علمنا اليقيني بصعوبة فوزه. ونحن ماضون في هذا الموقف في الوقت الراهن، الّا انّ موقفنا النهائي سيتحدّد بالتأكيد تبعًا للظروف القادمة سواء أكانت تتجّه نحو تسوية توافقية او في اتجاه آخر».

وخلصت الشخصية إلى القول: «أبلغني بعض الخبراء بأنّ الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان بات مخيفًا جدًا، والسقوط بات يسابق الوقت، وبالتالي فإنّ اللعب بالوقت بمثابة لعب بالنار. وتبعًا لذلك، اؤكّد انّ لبنان حاليًا يقف على مفترق خطير جدًا بين طريقين لا ثالث لهما، فإما أن تعتمد المرونة السياسية التي تسمح بإعادة انتظام البلد والنهوض به ولو بالحدّ الأدنى من المقومات، وإما الخراب».

أزمتكم صارت الأسوأ!

ولا ينحصر الحديث عن المخاوف مما هو آتٍ، في الأوساط الداخلية السياسية وغير السياسية، بل توازيها مخاوف جدّية، يعبّر عنها الديبلوماسيون الأجانب، وآخرها ما نُقل في الساعات الاخيرة عن سفير دولة اوروبية معنية بالشأن اللبناني، حيث تؤكّد معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، بأنّ السفير المذكور خلع قفازاته الديبلوماسية امام مجموعة من كبار الاقتصاديين، وجاء بكلام انطوى على «توبيخ» للطبقة السياسية، لتعمّدها، على حدّ تعبيره، تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتولّى مهمة الإنقاذ والإصلاحات الشاملة.

وقدّم السفير المذكور مقاربة سوداوية للواقع اللبناني، وقال ما حرفيته: «وضع لبنان مؤسف جدًا، وأنا والكثير من زملائي في بلدكم، حزينون على الشعب اللبناني، ونلمس الكآبة التي اصابته، وما نراه من «لا مسؤولية» يجعلنا نجزم بأنّ لا حلّ في المدى المنظور للأزمة في لبنان، بل نراه مدفوعًا الى واقع مظلم. وآسف ان أقول لكم انّ عوامل الاطمئنان تتراجع في بلدكم».

وأخطر ما قاله السفير المذكور: «انّ المجتمع الدولي وجّه، ولا يزال، دعوات متتالية إلى ان ينظم اللبنانيون واقعهم الداخلي، عبر المسارعة وبلا إبطاء الى اختيار رئيسهم وتشكيل حكومة. وكما نشاهد وتشاهدون جلسات البرلمان اللبناني لم نرَ فيها جدّية في انتخاب رئيس للجمهورية. بصراحة اقول لكم إنكم في وضع شاذ ومشوّه، فلا يمكن ان تنتظم الدورة الدموية في جسم بلا رأس. وبالتالي عبثًا القول انّ قيامة للبنان ممكنة مع تغليب الحسابات والمصالح، وعدم الاكتراث لمصلحة لبنان وللأزمة الصعبة ومعاناة الشعب اللبناني».

ولفت السفير الانتباه إلى «اننا مثلكم نسمع أحاديث عن سيناريوهات واحتمالات ومخاطر يمكن ان تواجه لبنان في ظلّ التعطيل الحاصل لانتخاب رئيس للجمهورية، ليس على استقراره فحسب، بل على مصيره. نحن لا نتبنّاها، لكننا لا نستبعدها طالما بقي هذا التعطيل قائمًا».

وخلص إلى القول: «كما قلت، لا نتبنّى أيًا من تلك الاحتمالات والسيناريوهات، ولكن في مقابل ذلك، علينا ان نؤكّد على ما سبق ان حذّرنا منه القادة في لبنان، وننبهكم الى أنّ اقتصادكم اصبح في خطر شديد جدًا، بل ويثير الذعر. في وقت سابق أدرج البنك الدولي بلدكم بين ثلاث أسوأ أزمات في العالم. وأخشى أن اصارحكم بأنّ أزمتكم ربما أصبحت الأسوأ، نريد ان نراكم تراعون مصلحة بلدكم وشعبكم، والمجتمع الدولي ما زال على استعداد لأن يساعدكم، ولكن إن بقيتم، كما نراكم، ماضين في مسار السقوط، فأقول لكم آسفًا، إنّكم ستتدحرجون إلى وضع قد لا تجدون فيه من يمد اليكم يد المساعدة».

إقرأ المزيد في: لبنان