لبنان
الانتخابات الأميركية النصفية: شقاقٌ بين الجمهوريين والديموقراطيين.. والمشهد الرئاسي ينتظر جلسة الخميس
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي تُجرى اليوم، خصوصًا مع توسّع الشرخ بين الديموقراطيين والجمهوريين، فالرئيس الأميركي جو بايدن رسم صورة قاتمة ستتجلّى في حال خسارة حزبه الديموقراطي الانتخابات، محذرًا من احتمال "الذهاب إلى مرحلة من الفوضى"، في وقتٍ يوظّف الحزب الجمهوري ورقة التضخّم، لترجيح كفّة مرشّحيه، مع إشارة التوقعات واستطلاعات الرأي إلى أرجحية فوزه بحصاد النتائج لصالح الإمساك بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ بالإضافة إلى الفوز بالعديد من حكام الولايات.
أما في الشأن الداخلي، فتناولت الصحف اللبنانية الانسداد والمراوحة في أزمة الفراغ الرئاسي رغم الحراك الخجول على طريق الحلحلة، وتتجه الأنظار نحو الموعد المحدد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل التي قد تفتح ثغرة أمام الحوار وتفتح الباب أمام تسوية بين الكتل النيابية خصوصًا بعدما كشف عددٌ من نواب "تكتل لبنان القوي" الاتجاه للإقلاع عن التصويت باوراق بيضاء.
صحيفة الأخبار| «أمّتان في دولة واحدة»: أوكرانيا تعمّق الشرخ الأميركي
نتائج الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، غالباً ما تأتي لغيْر صالح الرئيس الحاكم وحزبه. هذا ما أظهرتْه التجربة التاريخية الطويلة للنظام الأميركي. غير أن تلك التي تُجرى اليوم، تتمّ في سياقِ تعاظُمٍ غير مسبوق للانقسام الداخلي، دفَع بعض المحلّلين، كميكايل بودوريتز، أحد أبرز المشرفين على بلورة سياسات النقابات العمّالية الأميركية الضخمة، إلى الحديث عن «أمّتَين في دولة واحدة تتعايشان بصعوبة متزايدة».
ويرى بودوريتز أن «الفوارق بين الولايات الزرقاء، أي ذات الغالبية الديموقراطية، والحمراء، ذات الغالبية الجمهورية، مشابهة إلى حدّ كبير، جغرافياً وثقافياً، لتلك التي كانت سائدة بين الشمال والجنوب الأميركيَين قبل الحرب الأهلية في القرن الـ19... الولايات الزرقاء هي الأكثر استفادة من الانتقال إلى اقتصاد القرن الـ21 الرقمي والعالي الإنتاجية، بينما تعاني تلك الحمراء من انحدار قطاعات اقتصاد القرن الـ20 من زراعة وصناعة، بما فيها الصناعة الاستخراجية، لكونها مركزاً لها».
تنجم عن هذا الواقع، بطبيعة الحال، تباينات كبيرة في مستويات حياة سكّان هذه الولايات، وفوارق جدّية في معدّلات الإنتاجية، وفي مستوى دخْل العائلات، ومتوسّط العمر المتوقّع. ركّز الحزبان، الجمهوري والديموقراطي، خلال الحملة الانتخابية، على ما يفترضانه القضايا الأساسية لجمهور ناخبيهما؛ فتمحور خطاب الأوّل حول الاقتصاد والتضخّم والهجرة والجريمة، بينما احتلّت مسألة الدفاع عن الديموقراطية، في مواجهة التهديد المتمثّل في صعود أقصى اليمين الجمهوري، وعن الحق في الإجهاض، موقعاً رئيساً في الخطاب التعبوي للثاني.
غير أن هذا التناقض شبه التناحري بشأن الخيارات السياسية الداخلية لم ينسحب على مواقف الحزبَين المعلَنة حيال أهمّ ملفّات السياسة الخارجية. يُزايد الحزبان على بعضهما البعض في التهويل بالتهديد الذي تشكّله الصين على الريادة الأميركية؛ وإذا كان ترامب حريصاً على التذكير بأنه مَن باشر الحرب التجارية معها، فإن إدارة بايدن هي مَن وسّع إطار المواجهة الشاملة ضدّها، ليس من خلال إنشاء الأحلاف العسكرية كـ«أوكوس» مثلاً في مقابلها فقط، أو إعلان رئيسها الاستعداد لقتال جيشها في حال غزوه تايوان، بل كذلك من خلال بلورة سياسة صناعية وتكنولوجية للتصدّي لها كمنافس وازن في هذَين المجالَين.
وقد تضمّنت استراتيجية الأمن القومي، التي أصدرتْها الإدارة عمداً مع بداية الحملة الانتخابية الحالية، تفاصيل عديدة حول هذه الأبعاد الجديدة من المواجهة الشاملة مع الصين، كإشارتها إلى عملية إعادة توطين صناعات استراتيجية، كصناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، وإعلانها تأسيس «مجلس التجارة والتكنولوجيا أميركا - أوروبا» لتنسيق الجهود مع الحلفاء لهذه الغاية.
ولا بدّ من التنويه بأن جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي الراهن، كان قد عمل لمدّة سنتَين قبل وصوله إلى منصبه، في برنامج لـ«وقفية كارنيغي»، مخصّص لبلورة استراتيجية تكنولوجية وصناعية في مقابل التحدّي الصيني. في حال انتصار كبير للجمهوريين في الانتخابات النصفية، ستجد إدارة بايدن مساندة كاملة من قِبلهم لتوجّهاتها العدوانية حيال الصين.
من المرجّح، أيضاً، ألّا يكون الملفّ النووي الإيراني في الأشهر وربّما السنوات المقبلة، قضية خلافية حادّة بين الحزبَين، بعد تراجُع إدارة بايدن عن إصرارها على التوصّل إلى اتفاق مع طهران حوله، واتّهامها الأخيرة بالمسؤولية عن توقّف المفاوضات المرتبطة به، وتصعيدها الكبير ضدّها بحجّة بيعها مسيّرات لروسيا، وقمعها الاحتجاجات التي تشهدها إيران.
وقد اتّضحت في الآونة الأخيرة معطيات كثيرة عن تورّط أميركي مباشر في دعم هذه الاحتجاجات والتحريض على المزيد منها، وكذلك عن مساندة مجموعات انفصالية مسلّحة، بما يندرج جميعه في إطار استراتيجية لزعزعة استقرار إيران، عقاباً لها على سياساتها العامة، وضمن توجّه أطول مدًى يهدف إلى إضعافها وربّما تفتيتها إن كان ذلك ممكناً. في هذا الشأن أيضاً، تستطيع إدارة بايدن الاعتماد على دعم الجمهوريين، الذين سيشجّعونها بكلّ تأكيد على تشدّد أكبر حيالها. أمّا بالنسبة للعلاقات مع السعودية، فإن الصلات الخاصة الوطيدة بين دونالد ترامب ومحمد بن سلمان لن تَحول دون موافقة الجمهوريين على ممارسة قدْر معيّن من الضغط على المملكة لدفعها إلى زيادة إنتاج النفط وتخفيض أسعاره، نظراً لِما لارتفاعها حالياً من تداعيات على التضخّم في الولايات المتحدة، وعلى أسعار الوقود.
ربّما سيعرض ترامب وحاشيته خدماتهما للتوسّط مع وليّ العهد السعودي وإقناعه بالعدول عن سياسته في هذا المجال. سيتوافق نوّاب الحزبَين على الأغلب حول ضرورة استمرار معدّلات الإنفاق العسكري الأميركي القائمة، وربّما زيادتها، لاستعادة التفوّق العسكري النوعي في مواجهة المنافِسين الاستراتيجيين في الصين وروسيا.
القضية الدولية الوحيدة التي قد تَبرز حولها تباينات فعلية بين الجمهوريين والديموقراطيين هي حول المدى الذي يجب أن تذهب إليه واشنطن في دعمها لأوكرانيا. أوّل تصريح يوضح مِثل هذا الاحتمال صدر عن كيفين مكارثي، زعيم الأقلّية الجمهورية في مجلس الشيوخ، الذي اعتبر أنه في حال فوز حزبه بغالبية المقاعد في الانتخابات النصفية، فإنه لن يُوقّع «شيكاً على بياض لأوكرانيا» لأن الولايات المتحدة تواجه ركوداً.
لم يعارض النواب الجمهوريون ضخّ الإمكانيات العسكرية والمالية لأوكرانيا، والتي بلغت حتى اليوم حوالي الـ60 مليار دولار من الولايات المتحدة وحدها، من أصل 84 ملياراً هي مجمل الدعم الغربي المقدَّم لها إلى الآن. هم يشاطرون زملاءهم الديموقراطيين رغبتهم في إلحاق هزيمة بروسيا واستعادة واشنطن هيبتها كقوّة أولى على صعيد عالمي، لكن ضغوط الواقع المحلّي، وما سيترتّب على إطالة أمد الحرب من أثمان اقتصادية واجتماعية داخلية في الولايات المتحدة، هي عوامل تَحملهم على مقاربات أكثر واقعية من شريحة معتبَرة من الديموقراطيين.
فهم يمثّلون في غالبيتهم الولايات التي عانت أصلاً من مفاعيل سياسات العولمة، والأكثر تضرّراً اليوم من التضخّم والركود، الناتجَين من الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي. تتقاطع مواقف بعض هؤلاء النواب مع موقف الجناح التقدّمي في الحزب الديموقراطي، الذي وجّه 30 من نوابه رسالة إلى بايدن يطالبونه فيها بالبحث عن حلّ تفاوضي مع روسيا تجنّباً لمواجهة مباشرة معها، وللحدّ من التبعات الاقتصادية والاجتماعية للحرب الأوكرانية على الداخل الأميركي.
في حال فوز الجمهوريين، قد نشهد تقاطعات من هذا النوع، بخاصة مع ما تكشفه التطورات الميدانية في أوكرانيا من اتّجاه لإطالة أمد الحرب، وما يترتّب على ذلك بالضرورة من ارتفاع أكلافها المباشرة وغير المباشرة على صعيد دولي. ستجد إدارة بايدن نفسها في مِثل هذه الظروف أمام كتلة وازنة معارضة لمشروع حرب إضعاف روسيا الذي تتبنّاه، بما سيجبرها ربّما على مراجعة خياراتها والتفكير بحلّ تفاوضي مع موسكو.
صحيفة البناء: الانتخابات الأميركية اليوم ومستقبل الرئاسة
تتوجه أنظار العالم نحو المشهد الانتخابي الأميركي اليوم، بصورة تختلف عن مقاربة الانتخابات التقليدية الأميركية، حيث تشير التوقعات واستطلاعات الرأي إلى أرجحية فوز الحزب الجمهوري بحصاد النتائج لصالح الإمساك بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ بالإضافة إلى الفوز بالعديد من حكام الولايات، وتطرح هذه الترجيحات تأثيراً مباشراً على الرئاسة الأميركية، سواء لجهة شل قدرة الرئيس الحالي جو بايدن على التصرف بحرية في ممارسة صلاحياته، التي تقيدها صلاحيات مجلسي النواب والشيوخ، ويشكل فقدان حزبه للأغلبية الهشّة فيهما سبباً لتغييرات يتحدث الجمهوريون عن أن وجهتها ستكون في السياسة الخارجية لجهة تقييد تمويل الحرب في أوكرانيا، وتقييد فرص العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، بينما سيكون من جهة موازية لهذه التغييرات في حال حدوثها التأثير على الانتخابات الرئاسية عام 2024 التي يزمع الرئيس السابق دونالد ترامب الترشح للفوز بها، حيث تشكل الأغلبية الجمهورية في الكونغرس والسيطرة على مناصب حكام الولايات في عدد كبير منها عامل ترجيح لكفة المرشح الجمهوري ترامب على حساب منافسه الرئيس الحالي جو بايدن المتطلع لولاية ثانية.
إقليمياً بدأ تعثر بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة، رغم فوز التحالف الذي يقوده في الانتخابات بأغلبية كافية لتشكيل الحكومة، يتحول الى قضية رأي عام في كيان الاحتلال، مع ظهور تقارير صحافية في أغلب وسائل الإعلام في الكيان تتحدث عن صعوبات تتصل بمطالب الحلفاء في التركيبة الحكومية، وخطوط حمراء أميركية أوروبية تساندها المؤسسات العسكرية والأمنية، تحول دون تلبية هذه المطالب التي تتصل بحقائب ذات وظيفة أمنية وعسكرية. وتسود التوقعات بأن يتجاوز الاستعصاء الموعد الذي قال نتنياهو إنه سيقدّم خلاله حكومته لنيل الثقة أمام الكنيست، بينما يلتزم نتنياهو الصمت تجاه وعوده السابقة بالانسحاب من اتفاق تقاسم المناطق الاقتصادية البحرية مع لبنان، أو بعدم الالتزام بمندرجاته، بينما يشدّد حزب الله على أن الأمر ليس بيد نتنياهو لأن المقاومة ستكون حاضرة للمواجهة إذا ما ارتكب نتنياهو أي حماقة للمساس بما بات اليوم حقوقاً لبنانية مثبتة وخالصة، وهي كانت حاضرة لهذه المواجهة يوم كانت هذه المناطق تسمّى بالمتنازع عليها، فكيف وقد صارت بعرف القانون الدولي مناطق لبنانية لا نزاع عليها.
لبنانياً، حدّد رئيس مجلس النواب موقفه من الكثير من القضايا المطروحة خلال لقائه بمجلس نقابة الصحافة، حيث أكد دعوته لجلسة انتخاب رئاسي كل أسبوع، كاشفاً قناعته بأن لبنان لن يتحمل أكثر من أسابيع، داعياً للتوافق على انتخاب الرئيس لأن هذا هو الطريق الوحيد للخروج من الفراغ، وعن اتفاق الطائف قال إن الطائف ليس إنشاء عربياً بل هو دستور ساوى بين اللبنانيين، مشيراً الى الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وسعيه مراراً لتشكيلها وإقرار قانون انتخابات خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس للشيوخ، لكن محاولاته لم يكتب لها النجاح.
في مجلس النواب كانت اللجان النيابية المشتركة تحاول مرة جديدة إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، وانتهت بالفشل، وفيما حمّل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب غياب حاكم مصرف لبنان المسؤولية، قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إن المشكلة تكمن بغياب الإرادة السياسية اللازمة لإقرار القانون.
لم يُسجل المشهد الرئاسي أي جديد رغم الحراك السياسي الخجول على خط عين التينة، بانتظار انعقاد جلسة مجلس النواب الخميس المقبل التي تشكل بالون اختبار لمدى التغير في مواقف الكتل النيابية، وما إذا كان تصويتها سيكون نسخة عن الجلسات السابقة أم تفتح ثغرة أمام الحوار وتفتح الباب أمام تسوية بين الكتل النيابية لجوجلة المرشحين لاختيار مرشح يتم تأمين نصاب 86 لانعقاد الجلسة وأكثرية 65 لانتخابه. وتتجه الأنظار الى اجتماع تكتل لبنان القوي مساء اليوم حيث من المرجّح أن يحسم التكتل مرشح التيار الوطني الحر للرئاسة وفق ما علمت «البناء»، على أن تبقى الكتل النيابية الأخرى على مواقفها السابقة.
وأشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن تكتل لبنان القويّ سيحسم الموقف من مسألة الاستحقاق الرئاسي، وقد يخرج باتفاق على مرشح معين وليس بالضرورة أن يحظى بتوافق الآخرين وأن يكون له حظوظ بالفوز، لكن التيار سيمارس حقه الديموقراطي ويقدّم مرشحاً للتوافق عليه بعد تحميله مسؤولية عرقلة التوافق بتصويته بورقة بيضاء، لكن المصادر أبقت الورقة البيضاء كخيار قائم ووارد ولم يلغَ حتى الساعة بانتظار اجتماع اليوم. وشدّدت على أن اسم المرشح لن يعلن في الإعلام وسيبقى طي الكتمان حتى يوم الخميس المقبل، وهو لا ينتمي الى التيار وإن كان مقرباً بمكان ما، لكنه شخصية وطنية ويحظى بالثقة والكفاءة وسياديّ ومستقل.
وعلمت «البناء» أن كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة ستصوتان بورقة بيضاء ولن تقدّما مرشحاً في جلسة الخميس، ويعتبر ثنائي حركة أمل وحزب الله بأن الظروف لم تنضج بعد لإعلان مرشحهما الجدّي ولن يضيعا الوقت بمرشحين غير جديين ولن يقابلا مرشح التحدّي الذي يقدمه الطرف الآخر بمرشح تحدٍّ مقابل ما يرفع السقوف ويؤدي الى مزيد من التعقيد في المشهد الرئاسي ويقفل أبواب الحوار.
ولفتت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» إلى أن «الأمور لم تتبدل وما زلنا على موقفنا أن التوافق وفق المواصفات التي وضعها الرئيس بري هي أقصر الطرق الى انتخابات رئيس بمواصفات وطنية جامعة، وبالتالي الرئيس بري لن يقفل أبواب الحوار بشكل كامل بل سيقوم بحوارات بالمفرق لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الكتل».
ولفتت مصادر مطلعة على اللقاء بين الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي زار عين التينة أمس الأول، لـ»البناء» إلى أن «العلاقات بين الطرفين تاريخية وليست مستجدّة وخلال أي قضية كانت تحصل لقاءات بين الرجلين ولذلك اللقاء الأخير طبيعي، حيث تمّ خلاله التداول بكل ملفات الساعة وتم التشديد على ضرورة التفاهم والتوافق على الاستحقاق الرئاسي وهذا ما ألمح إليه جنبلاط في تصريحه».
ولا تستبعد المصادر أن يتقدّم جنبلاط خطوة الى الأمام إذا ما لمس تقارباً في مواقف ثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر على مرشح معين، وإن كان أعلن التزامه بالتصويت للنائب ميشال معوض بجلسة الخميس، لكنه مستعدّ للحوار والتفاهم على مرشح بديل يحظى بتوافق أوسع عدد من الكتل النيابية. لكن حتى توفر هذا التوافق سيبقى في المكان نفسه.
الديار: «فرملة» أميركيّة ــ سعوديّة للإستحقاق الرئاسي
تحول «الفراغ» الرئاسي وشبه «الفراغ» الحكومي الى «عقم» سياسي وتشريعي، تجلت «اسوأ صوره» في تكرار الفشل في التوافق على قانون «الكابيتال كونترول» في ساحة النجمة. هذا التعثر غير المفاجىء يصاحبه تكرار لدعوت خارجية بضرورة تطبيق اصلاحات باتت «شماعة» يعلق عليه الفشل بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والفشل ايضا في تسييل الاتفاق مع الاردن ومصر لاستجرار الكهرباء والغاز من الاردن ومصر، فيما يدرك الجميع ان «الطبخة» الاقليمية والدولية لم تنضج بعد للافراج عن الاستحقاقات السياسية والاقتصادية على الساحة اللبنانية.
وهكذا يتلهى المسؤولون اللبنانيون بلقاءات تشاورية «لن تثمن ولن تغني عن جوع»، البعض يناور بمرشح «للحرق»، وفريق آخر «يناور» بالورقة البيضاء، وفريق ثالث يحاول التمايز مع العودة الى «احلام» اليقظة الرئاسية، فيما «يفرمل» الخارج اي تحرك جدي بانتظار تبلور نجاح «الطبخة» العراقية من عدمها، وهو امر سيؤجل البت يالاستحقاق الرئاسي الى العام المقبل على اقل تقدير. فيما «العين» تبقى على الحكومة «الاسرائيلية» الجديدة، وما ستقوم به من خطوات قد تؤدي الى «حريق» كبير في المنطقة.
اذا، لا جديد يوحي بأن جلسة انتخاب الرئيس الخميس المقبل ستشهد مفاجأة من خارج السياق، فالانتظار لا يزال سيد الموقف، حتى تنضج الظروف الاقليمية والدولية في ظل عجز داخلي عن احداث اي خرق يسمح بوصول رئيس تسوية الى بعبدا، حيث يرجح الكثيرون استمرار «المراوحة» حتى العام المقبل، على اقل تقدير. وفي هذا السياق، لفتت مصادر ديبلوماسية معنية بالشأن اللبناني الى ان العراق سيكون «مختبرا» واقعيا لما ستؤول اليه الامور في لبنان، فاذا نجحت التجربة العراقية في ايصال البلاد الى بر الامان، ستكون الخطوة الاقليمية والدولية التالية ايجاد تسوية مقبولة تراعي توازنات القوى الحالية على الساحة اللبنانية.
ووفقا لتقدير الاوساط ذاتها، لن تخاطر القوى الاقليمية النافذة بخطوة مستعجلة في لبنان قبل اختبار نجاح او فشل التسوية في العراق، وبعدها سيكون لكل «حادث حديث» في ما يتعلق بالملف اللبناني، الذي لا يريد اي من الاطراف تقديم هدايا مجانية للطرف الآخر، مع العلم ان الدولتين تتنافسان على لقب الدولة الأكثر فساداً في العالم، حسب تعبير تلك المصادر، التي تشير الى ان تشكيل حكومة متفق عليها وتعيين رئيس للعراق لا يعتبر ضمانة للاستقرار السياسي وإعادة ترميم الاقتصاد. فقد تم تشكيل الحكومة العراقية في «لحظة» سياسية مؤاتية غداة انسحاب الكتلة الصدرية من المشهد السياسي، وهو امر غير متوقع الحصول في لبنان في ظل توازن متعادل بين القوى المؤيدة لايران والسعودية ومعه واشنطن. وبينما يحاول رئيس الحكومة في العراق اثبات أنه ليس رجل إيران في بغداد، أو رجل الولايات المتحدة كما يتهمونه، لا يوجد اي مرشح وسطي في بيروت قادر على ذلك في ظل ارتباطات المرشحين «الطبيعيين» مع القوى الخارجية.
وبرأي تلك الاوساط، تريد واشنطن ومعها السعودية التأكد عمليا من ان الحكومة العراقية ليست مؤيدة لإيران أكثر من سابقتها ، بعد تجربة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي الذي اوجد توازنا في العلاقات الخارجية، وكان يميل اكثر الى الولايات المتحدة، وبنى كذلك علاقة جيدة مع المملكة، وقبل ذلك لن يسمحوا بالافراج عن الملف اللبناني، كيلا يرتكبوا «دعسة» ناقصة يمنحوا من خلالها «هدايا» مجانية لطهران!
وفيما لا يزال الفريق المناوىء لحزب الله في المجلس متمسك بترشيح «فولكلوري» غير جدي للنائب ميشال معوض، حيث ترجح مصادر هذا الفريق، بأن يحصل معوض يوم الخميس على نحو 50 صوتا، يجهد التيار «الوطني الحر» للتمايز عن «الثنائي الشيعي» عبر البحث عن التخلي عن «الورقة البيضاء» في الجلسة المقبلة. اما «الثنائي» فيستمر على موقفه، وبالنسبة الى عدم اعلان حزب الله دعمه رسميا لفرنجية حتى الآن، تلفت اوساط مقربة من الحزب الى ان الامر لا يحتاج الى اعلان رسمي، فعندما طلب الحزب من باسيل دعم رئيس «المردة»، فهذا يعني بشكل واضح لباسيل وغيره أن مرشحه الوحيد هو فرنجية.
ووفقا لمصادر سياسية بارزة، ثمة معطيان اساسيان برزا في الساعات القليلة الماضية، الاول قناعة مستجدة غير مسندة الى دليل محسوس، لدى النائب جبران باسيل بعودة حظوظه الرئاسية الى سابق عهدها، حيث يتحدث مع المقربين منه عن ضرورة الانتظار وعدم الاستعجال في حسم الاستحقاق، لان الايام والاسابيع المقبلة يمكن ان تحمل انباء «سارة» في هذا السياق...
اما المعطى الثاني، فيرتبط باللقاء الاخير الذي عقده رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، فعلى الرغم من موقفه العلني الرافض لدعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فان اجواء بري توحي بعكس ذلك، ووفقا لزوار عين التينة، فان رئيس المجلس لديه مناخات مغايرة، ونسبوا اليه القول لحزب الله «اذا نجحتم في اقناع النائب باسيل بترشيح فرنجية، اتركوا جنبلاط عليي».
في المقابل، تؤكد اوساط «الاشتراكي» على متانة العلاقة مع بري، وقالت : «هناك حلف تاريخي مع رئيس المجلس، لكن لا أحد «يمون» على الآخر في السياسة، خصوصا في انتخابات الرئاسة». تجدر الاشارة الى ان جنبلاط استقبل امس في كليمنصو، السفير الايراني الجديد في لبنان مجتبى أماني، في حضور نائب رئيس الحزب دريد ياغي، أمين السر العام ظافر ناصر ومفوض الشؤون الخارجية زاهر رعد. وكان عرض لمختلف الأوضاع العامة.
صحيفة النهار: اما المعطى الثاني، فيرتبط باللقاء الاخير الذي عقده رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، فعلى الرغم من موقفه العلني الرافض لدعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فان اجواء بري توحي بعكس ذلك، ووفقا لزوار عين التينة، فان رئيس المجلس لديه مناخات مغايرة، ونسبوا اليه القول لحزب الله «اذا نجحتم في اقناع النائب باسيل بترشيح فرنجية، اتركوا جنبلاط عليي».
في المقابل، تؤكد اوساط «الاشتراكي» على متانة العلاقة مع بري، وقالت : «هناك حلف تاريخي مع رئيس المجلس، لكن لا أحد «يمون» على الآخر في السياسة، خصوصا في انتخابات الرئاسة». تجدر الاشارة الى ان جنبلاط استقبل امس في كليمنصو، السفير الايراني الجديد في لبنان مجتبى أماني، في حضور نائب رئيس الحزب دريد ياغي، أمين السر العام ظافر ناصر ومفوض الشؤون الخارجية زاهر رعد. وكان عرض لمختلف الأوضاع العامة.
صحيفة النهار: "كتلة الأوراق البيضاء" إلى اختبار جلسة الخميس
مع بداية الأسبوع الثاني للشغور الرئاسي عقب انتهاء ولاية الرئيس #ميشال عون، اتجهت ازمة الشغور الى مزيد من الانسداد والمراوحة ولم تخرج تطورات الداخل عن اطار اطلاق المواقف السياسية التي لا تقدم ولا تؤخر الا في ترسيخ واقع العجز عن الخروج بسرعة من الازمة الاخذة بالتصاعد. وقبيل يومين من الموعد المحدد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل، تتجه الأنظار النيابية والسياسية لمعرفة أي خيار سيتخذه "تكتل #لبنان القوي" بعدما كرر اكثر من نائب في التكتل ان الاخير يتجه الى الإقلاع عن التصويت باوراق بيضاء كما كان درج عليه مع الكتل الأخرى في محور 8 اذار، واطلق هؤلاء النواب تعهدات بانهاء التصويت بالاوراق البيضاء.
واذا مضى التكتل العوني في التزام وترجمة هذا الاتجاه، وهو ما يفترض ان يتقرر اليوم مبدئيا، فان ذلك سيشكل تطورا في مسار المشهد الانتخابي ولكنه يقتضي معرفة ما اذا التكتل سيرشح اسما بعينه بعدما تبينت عدم صحة اتجاهه الى تسمية مرشح من أعضائه غير رئيسه جبران باسيل. ولكن أوساط الكتل الأخرى ولا سيما منها الثنائي الشيعي لا تبدو في وارد تبديل تكتيك الورقة البيضاء حاليا بما يعني ان شيئا جوهريا لن يطرأ على المشهد الانتخابي الرئاسي ولا هو قيد التشكل بعد. وتبعا لذلك بدأت تتنامى المخاوف الجدية من شغور طويل المدى ولو ان رئيس مجلس النواب #نبيه بري اطلق تحذيرا جادا امس من ان لبنان لا يحتمل سوى أسابيع قليلة على هذه الوتيرة، اذ ان المعطيات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد تنحو في اتجاهات تدهور تصاعدي على وقع استفحال الانسداد الرئاسي، وليس في الأفق أي معطيات من شأنها ان تدعم صمود اللبنانيين في مواجهة تفاقم الازمات ما دامت الدولة في حال شبه شلل. ولذا اكتسبت الحركة السياسية الداخلية أخيرا طابع العجز المطلق امام "عهد الفراغ" العائد وارتفع منسوب المراوحة الى حدود التخوف من ازمة مفتوحة تتجاوز نهاية السنة الحالية خصوصا ان الظروف الخارجية لا تبدو ملائمة ابدا لتوقع من يدفع بيد القوى اللبنانية لتتحمل مسؤوليتها المصيرية .
والواقع ان المشهد الداخلي لم يشهد أي جديد يعتد به واقتصر "حضور" ازمة #الشغور الرئاسي على اطلاق المواقف استعدادا لجلسة الخميس المقبل . وفي حين كان المكتب السياسي لحركة "أمل" يشدد على أن "رفع وتيرة الشروط التعجيزية في وجه الدعوات للحوار هي أداة تعطيل مستجدة لمنع الوصول إلى توافق على رئيس أهم مواصفاته الجمع بين اللبنانيين بكل مكوناتهم وطوائفهم لإنقاذ الوطن"،اكد الرئيس بري امام نقابة الصحافة انه "سوف يدعو الى عقد جلسة كل أسبوع وهو ملتزم بهذا الأمر"، مشيرا الى ان أولى الأولويات هي لانتخاب رئيس الجمهورية"، مجددا الدعوة الى التوافق في هذا الإستحقاق. وحذر من ان" لبنان قد يستطيع ان يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع ان يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن ان يتحمل لبنان واللبنانيون المزيد من التدهور". وكشف "أن جدول أعمال الحوار الذي كان في صدد الدعوة اليه كان فقط التوافق على الإنتخابات الرئاسية ونقطة على السطر. وكل المحطات الخلافية التي مر بها لبنان إنتهت بالحوار والتوافق من الطائف الى الدوحة الى طاولات الحوار في الداخل فهل نتعظ؟ وجزم رئيس المجلس أن الوضع الأمني في لبنان محصن واللبنانيون يملكون من الوعي ما يكفي لعدم الإنجرار والإنزلاق في أتون الإحتراب. وعن المزاعم التي تقول انه يقف وراء حماية حاكم مصرف لبنان قال بري "إسالوا من مدد له. وأقول اذا بيي مرتكب انا لا اغطيه".
وفي غضون ذلك بدا لافتا استمرار الترددات لمؤتمر الاونيسكو في ذكرى توقيع الطائف، السبت الماضي، على السنة مسؤولي "حزب الله"، اذ غرد امس نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم على "تويتر"، كاتبا "لم يطرح حزب الله خلال هذه الفترة تعديل أو تغيير النظام السياسي المرتبط بالطائف نظراً للحساسيات الموجودة في لبنان، ولأنَّ المشكلة ليست أساساً في التعديل أو عدمه، وإنما فلنطبق أولاً ما ورد في الطائف وبعد ذلك نرى إذا كان المطلوب إجراء تعديلات أم لا." وقال "نحن منفتحون إذا أراد أي فريق أن يطرح تعديلات معينة في الطائف وفق الآليات الدستورية المعروفة، والتي تمرُّ عبر مجلس النواب، وتحتاج إلى موافقة الثلثين عند أي تعديل، عندها نبدي رأينا في التعديل المطروح. نحن كحزب الله ليس لدينا مشروع تعديل الطائف، وليس لدينا مشروع نظام سياسي جديد. نحن ندعو إلى حسن التطبيق للطائف، ووضع حد للفساد وللتدخلات الأجنبية ولتصرفات أمريكا في لبنان، هذا ما نعتقد أنه يتناسب مع هذه المرحلة".