لبنان
لقاء بين بري وجنبلاط.. هل تفتح أبواب التفاهم على مرشح للرئاسة الأولى؟
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالحديث عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وسط تساؤلات عن إمكانية فتح باب التفاهم على مرشح للرئاسة الأولى، لا سيما بعد "منتدى الطائف" الذي أقامته السفارة السعودية وحضور رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في الصف الأول، ودلالات اجتماع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحزب التفقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مساء أمس.
إلى ذلك، تعقد اللجان النيابية المشتركة اجتماعا في مجلس النواب غدًا وأبرز بنود جدول أعمالها قانون "الكابيتال كونترول"، الذي يستمر بين مد وحزر بين مختلف الكتل النيابية، إضافة إلى التجاذب المستمر حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال لا سيما بعد الفراغ الحاصل في رئاسة الجمهورية.
"الأخبار": حكومة تصريف الأعمال: التطبّع يغلب الطبع
كالهواء يملأ فراغ الفضاء، كذلك حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تتشبّه بالهواء كي تملأ الفراغ في رئاسة الجمهورية فقط. الكل راضٍ عما صارت عليه: حكومة مستقيلة مقيّدة بتصريف الاعمال في نطاقها الضيق، لا تجتمع، متسلّمة صلاحيات رئيس الجمهورية دونما ان تكون بين يديها
بانقضاء اسبوع على شغور رئاسة الجمهورية بدأ التطبّع مع المرحلة الجديدة، غير المعروفة المدى، يغلب على طبع يوميات السجالات والمناكفات والتناحر. استقرت المعادلة الجديدة كأمر واقع على تسليم الافرقاء جميعاً بتولي حكومة تصريف الاعمال صلاحيات رئيس الجمهورية مذ خلا المنصب، دونما ان تمارسها بالفعل. ذلك ما لم يحدث في سابقة 2014 - 2016.
احتاج تثبيت المعادلة هذه - وهي المرة الاولى يشهدها لبنان - الى اوسع مروحة من التوافق السياسي في اكثر من اتجاه الى ان رضي بها المعنيون في السر والعلن. الى ان يُنتخب رئيس جديد للجمهورية، يتعيّن على الحكومة المستقيلة ان تكتفي بتصريف الاعمال في النطاق الضيّق، كما لو انها كذلك في ظل وجود رئيس الجمهورية. لا تجتمع الا استثنائياً في الظروف البالغة الخطورة. امام المجتمعيْن العربي والدولي هي واجهة الشرعية الدستورية الموقتة والانتقالية الى حين انتخاب الرئيس. في الداخل اللبناني لا يعدو دورها الجديد تقييدها بالنطاق الضيق لتصريف الاعمال سوى محاولة فك اشتباك بين القائلين بتوليها صلاحيات الرئيس كاملة وممارستها كاملة كذلك في غيابه مستعيدة كيانها الدستوري الكامل امام مجلس النواب بفعل انصياعها الى المادة 62 من الدستور، وبين القائلين بتحريمها ذلك كله كونها مستقيلة لا تملك سوى تصريف الاعمال. انتهى المطاف بالرأيين الى حل وسط ما دام ليس في الامكان الاستغناء عن وجودها: توليها صلاحيات رئيس الجمهورية من دون ممارسة اي منها ما خلا الظرف القاهر.
ليس القائلون بالرأيين هذين الا طرفا الانقسام الداخلي. كذلك لم تنشأ التسوية هذه سوى لتبرير عدم الذهاب الى حكومة جديدة لم يقتصر الاعتراض على تأليفها على الرئيس المكلف سابقاً نجيب ميقاتي يؤيده الرئيس نبيه برّي والافرقاء المصطفون وراءهما. قال بمعارضة تأليفها ايضاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لسبب مغاير هو ان ابصار حكومة جديدة النور بصلاحيات كاملة يطيل امد الشغور الرئاسي، ويُبطّىء انتخاب رئيس جديد للجمهورية الى ان يأتي الاوان المناسب. الفرنسيون بدورهم لم يتحمّسوا لحكومة جديدة مفضلين للسبب نفسه ابقاء القديم على قدمه. على طرف نقيض مَالَ برّي وميقاتي الى تنشيط عمل حكومة تصريف الاعمال بعقد اجتماعات متتالية لمواجهة تفاقم الازمات الداخلية. في اجتماعه بالبطريرك الماروني تعهد له ميقاتي التخلي عن فكرة اجتماعات حكومته واكتفاءها بتصريف الاعمال. في لقاء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اتفقا ايضاً على هذا الحل.
لاجراء كهذا اكثر من مآل وتفسير:
1 - لم تعد السابقة تقتصر على تولي حكومة تصريف اعمال صلاحيات رئيس الجمهورية فحسب، بل فرّخت منها سابقة مكمّلة لها هي انتقال الصلاحيات تلك اليها من دون ان تمارسها. المقتضيات السياسة تغلبت بذلك على المقتضيات الدستورية. توجب المادة 62 انتقال الصلاحيات على اطلاقها، وتبعاً لذلك ممارستها على اطلاقها كذلك بانعقاد جلسات مجلس الوزراء وقيامه بالواجبات الملقاة على عاتقه وتحمّل المسؤوليات. لم تحدد المادة 62 مواصفات الحكومة المفترض انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية اليها، عاملة او مستقيلة. الا ان وصولها الى يوم شغور المنصب يحمّلها وزر صلاحيات الرئيس اياً يكن واقعها الدستوري لحظتذاك.
2 - كانت المرة الاولى يُدعى مجلس النواب الى اتخاذ موقف كالذي اصدره الخميس المنصرم (3 تشرين الثاني)، وإن توصية، بالطلب من الحكومة تصريف الاعمال في نطاقها الضيق فحسب. لم يرمِ الموقف، بعدما احتكم اليه الرئيس ميشال عون قبل نهاية ولايته ثم ميقاتي، سوى الى فك اشتباك الرئيسين مع ان اولهما مغادر منصبه وثانيهما باق فيه.
المفارقة ان ما قَبِلَ به برّي لميقاتي باصدار التوصية هذه، رفضه عام 2021 لسلفه الرئيس حسان دياب. حينذاك، بغية التخلص من الالحاح عليه بدعوة حكومته المستقيلة الى الاجتماع تحت وطأة تسارع الانهيار، ذهب دياب الى برّي وطلب منه العمل على اصدار البرلمان بياناً يدعو حكومة تصريف الاعمال الى عقد اجتماعات لمجلس الوزراء، رامياً الحصول على تغطية مجلس النواب الدعوة هذه. للفور رفض برّي لسبب وجيه طبيعي هو ان فصل السلطات المنصوص عليه في مقدمة الدستور لا يجيز لمجلس النواب التدخل في اختصاص هو في صلاحيات السلطة الاجرائية. يملك ان يراقب اعمالها ويحاسبها عندما تمثل امامه، وان يسحب الثقة منها، لا ان يطلب اجتماعها او يوفر لها المسوغ الدستوري او القانوني كي تنعقد او يرغمها على ما ليس لها ان تفعل. في جانب من الرفض، الى الحجج الدستورية التي تسلّح بها رئيس المجلس، علاقته المتردية بدياب. كلاهما، دياب وميقاتي، طلبا تدخّل البرلمان. لم يُصغَ الى الاول واستجيب الثاني.
ما كانت حكومة دياب في صدده، وهو حماية التئام جلساتها دونما تحمّل رئيسها الوزر امام طائفته خصوصاً، غدت معضلة ميقاتي اصعب. ليست مشكلة اجتماعات مجلس الوزراء صاحب الاختصاص الدستوري الحصري فيها هو رئيسها، بل في محتوى تولي صلاحيات رئيس الجمهورية. شأن كهذا اضافه البرلمان الى اختصاصه دونما ان يمنحه الدستور حقه فيه.
3 - ليست رسالتا الرئيس السابق للجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال وحدهما حفّزتا مجلس النواب على اصدار التوصية تلك في معرض تلاوته رسالة عون والاستماع الى وجهة نظر ميقاتي. كانت ثمة مساع يجريها نواب استبقوا انعقاد الجلسة بطلب تحديد مجلس النواب - وهي ليست اصلاً مهمته - بضعة قيود يفرضها على الحكومة المستقيلة لمنعها من التفلت في تصريف الاعمال او مغالاتها في استخدامها على نحو ما فعلت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عامي 2007 - 2008 وفعلته من بعدها حكومة الرئيس تمام سلام بتوافق وزرائها جميعاً.
قبل الوصول الى الجلسة لم يتردد النواب هؤلاء في استمزاج آراء قضاة في القيود تلك، ما لبثوا ان عادوا ادراجهم. يملك مجلس النواب ان يوصي ويتمنى ليس الا. لأنها حكومة مستقيلة حكماً تبعاً للدستور - وإن متولية صلاحيات رئيس الجمهورية - تصعب مراقبتها ومن ثم محاسبتها كما طرح الثقة بها مجتمعة كما بأي من وزرائها. ثم ما بعد ذلك؟
"البناء": بري يلتقي جنبلاط رئاسياً: تشاور الكتل بدل الحوار
لبنانيا كان اللقاء الذي رعته السفارة السعودية في الأونيسكو تحت عنوان منتدى الطائف وحضرته أغلب القيادات السياسية أو تمثلت فيه ، باستثناء حزب الله ، والرئيس سعد الحريري ، بصورة طرحت أسئلة حول التناقض بين جوهر اتفاق الطائف القائم على التوافق ، ومدى قدرة السعودية على التصرف كمرجعية للطائف والتوافق في ظل موقف عدائي من مكونين سياسيين رئيسيين في طائفتين رئيسيتين، بينما بقي الجمود في الملف الرئاسي مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري العزوف عند دعوته للحوار طلبا للتوافق ، وهو ما أعلن بري أن أسبابه تعود إلى الشروط التعجيزية لحزب القوات اللبنانية بطلب دعوة ال 128 نائبا الى طاولة الحوار ، وتحفظات التيار الوطني الحر ، ودعا بري الى اعتماد التشاور بين الكتل النيابية بديلا للحوار ، طالما ستكون هناك جلسة انتخاب أسبوعية ، يتيح التشاور بين الكتل بين جلسة وأخرى ، إحراز تقدم نحو انتخاب الرئيس ، وفي هذا السياق وضعت مصادر نيابية اللقاء الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالرئيس بري ، وقال عنه جنبلاط أنه تضمن تداولا بالأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية .
بانتظار ما سيحمله هذا الاسبوع على الصعيد التشريعي حيث تعقد الثلاثاء جلسة للجان المشتركة للبحث في مشاريع واقتراحات قوانين ابرزها الكابيتال كونترول، في حين تعقد الخميس جلسة خامسة لانتخاب رئيس للجمهورية ستخلص الى النتيجة نفسها التي خلصت اليها سابقاتها طالما ان الحوار الذي كان يفترض ان يبدأ حول الانتخابات الرئاسية اطاح به التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، اتجهت الانظار في عطلة الاسبوع الى الأونيسكو إلى مؤتمر إحياء الذكرى الـ الثالثة والثلاثين لتوقيع اتفاق الطائف بإشراف السفير السعودي في بيروت وليد بخاري وبمشاركة رئيس الحكومة وحشد من الوزراء والنواب والقوى السياسية والفاعليات.
واعتبر السفير السعودي وليد البخاري «أن قيادة المملكة الرشيدة تحرص على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة لبنان، والأهم في هذا التوقيت هو ان نحافظ على الوفاق الوطني الذي هو تجسيد لمرحلة مر بها لبنان وشعبه الشقيق». واليوم في أمس الحاجة الى ان نجسد صيغة العيش المشترك في ركائزه الأساسية التي عالجها اتفاق الطائف وخاصة في تحديد محورية الكيان اللبناني والحفاظ على هوية لبنان وعروبته. ولقد حرصت المملكة وتحرص والمجتمع الدولي الذي يتمسك بمضمون اتفاقية الطائف من منطلق الحفاظ على صيغة العيش المشترك والبديل لن يكون الا مزيدا من الذهاب الى المجهول.. واكد البخاري ليس هناك أي نية فرنسية في طرح دعوة أو نقاش طائف أو تعديل دستور.
وفيما غاب التمثيل الاميركي والفرنسي عن المنتدى حضرت الامم المتحدة عبر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي دعت إلى «شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان». وأشارت إلى أن «الاتفاق وضع نظاماً سياسياً جديداً يلبّي طموحات اللبنانيين من خلال تبني الإصلاحات وتنفيذها وتأسيس الانتماء الوطني».
وبحسب مصادر دبلوماسية لـ«البناء» فإن هناك تفاهما اميركيا – سعوديا على اهمية اتفاق الطائف، واعتبرت ان الغياب الاميركي عن المنتدى لا يعني ان واشنطن في صدد تغيير النظام، انما تدعم هذا الاتفاق ويجب تطبيق بنوده كاملة، ورأت المصادر ان الاهمية اليوم في لبنان تكمن في ضرورة الاسراع في الاتفاق على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتطبيق الاصلاحات المطلوبة من لبنان.
ولفت عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق إلى أن «أحدا لم يطرح تغيير الطائف، ونرى أن استخدام هذه القضية، هو للتغطية على التدخلات الخارجية التي تمنع الحوار بين اللبنانيين، وتمنع انتخاب رئيس توافقي، ونحن لن نسمح لأي دولة خارجية أن تمارس وصاية على لبنان، أو أن تحدد مواصفات الرئيس، الذي من المفروض أن يكون توافقيا ووطنيا بمواصفات وطنية مئة بالمئة، فهكذا نخرج من الأزمات، وغير ذلك، نزيد الأزمات تعقيداً».
الى ذلك أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في دردشة مع الصحافيين أنه حاول استمزاج آراء جميع الكتل قبل توجيه الدعوات بشكل رسمي، وبعد أن أوضحت كتلتا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر رفضهما لفكرة الحوار، تراجع عن الموضوع.
وقال بري: «وضعت القوات اللبنانية شرطاً تعجيزياً وهو دعوة 128 نائباً إلى جلسة الحوار فيما تحفظ التيار عن الطرح».
وأضاف: «التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي، وقد أعلنت أنه سيكون هناك جلسة إنتخابية كل أسبوع، وعلى الأطراف أن تتشاور خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة والأخرى للوصول إلى التوافق». وردا على سؤال حول اسم مرشح كتلة التنمية والتحرير قال بري: «اجدد التأكيد على المواصفات التي حددتها في خطاب ذكرى تغييب الأمام الصدر في صور من دون نقصان وهذه المواصفات هي؛ ان يكون الاسم صاحب حيثية اسلامية ومسيحية ووطنية وان يكون عامل جمع وليس تفرقة».
وقال بري لم اتغيب عن منتدى الطائف وكان هناك ممثل عني وممثل عن كتلة التحرير والتنمية لكن عريف الحفل هو من غيبنا.
وكان بري اجتمع في عين التينة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي قال «التواصل مستمر مع الصديق والحليف والتاريخ، وأخيراً بإمكاننا تهنئة الرئيس بري على جهوده بالترسيم بعد 9 سنوات».
وكشف جنبلاط: «اتفقنا أن لا يكون هناك مرشح تحدٍّ، والرئيس بري لم يتراجع عن الحوار إنما بعض الفرقاء رفضوه وهذا خطأ».
واعتبر جنبلاط أن «أهم شيء أن نصل إلى الاستحقاق الرئاسي ونستعرض الأسماء ومرشحنا هو النائب ميشال معوض، وثمّة فرقاء آخرون في البلد فليتمّ التداول بأسماء أخرى وقد يكون معوّض أحدها».
اكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان رئيس الجمهورية ليس لزوم ما لا يلزم، وليس حاجب الجمهورية، بل هو حاكم الجمهورية والمشرف على انتظام عمل مؤسساتها. وتوجه الراعي خلال قداس الاحد الى النواب بالقول: «تريدون لبنان كيانا واحدا؟ انتخبوا رئيسا للجمهورية. تريدون دولة لبنان الحديث؟ انتخبوا رئيسا للجمهورية. تريدون استمرار صيغة الشراكة الوطنية؟ انتخبوا رئيسا للجمهورية. تريدون لبنان أن يلعب دوره التاريخي والمستقبلي؟ انتخبوا رئيسا للجمهورية.وأنتم أيها المسؤولون عن حصول الشغور الرئاسي، والمسؤولون اليوم عن انتخاب رئيس جديد، فلم تتأخرون وتسوّفون وتتهرّبون وتعطلون؟ ولم تحجمون وتتريثون وتتقاعسون؟ ربما لا تملكون حرية القرار، فما قيمة نيابتكم؟ وإذا كنتم أحرارا في قراراتكم، فجريمة ألا تفرجوا عن قراركم الحر، وتنتخبوا رئيسا جديدا حرا. ثم ما قيمة تمثيلكم للشعب، إذا لم يكن على رأس الجمهورية رئيس؟»
ودعا البابا فرنسيس السياسيين اللبنانيين، إلى «تنحية مصالحهم الشخصية والتوصل إلى اتفاق لملء فراغ السلطة في بلد يعيش أزمة، حيث لا يوجد رئيس حاليا. وقال البابا خلال عودته من رحلته إلى البحرين: «أدعو السياسيين اللبنانيين إلى تنحية مصالحهم الشخصية، والالتفات إلى البلد والتوصل إلى اتفاق». وأضاف: «لبنان يسبب لي الألم.. لبنان ليس بلدا، لبنان رسالة لها معنى كبير لكنه يتألم حاليا». وتابع: «لا أريد أن أقول أنقذوا لبنان، بل أقول ساندوا لبنان.. ساعدوا لبنان على وقف انهياره».
وبعد الجزائر توجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى مصر امس للمشاركة في «مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27»، الذي سيعقد على مدى يومين في شرم الشيخ، بدعوة مشتركة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والامم المتحدة. ويضم الوفد اللبناني الى المؤتمر وزير البيئة ناصر ياسين وسفير لبنان لدى مصر علي الحلبي.
وستكون للرئيس ميقاتي مداخلة في جلسات عمل المؤتمر، كما سيعقد سلسلة لقاءات واجتماعات مع عدد من القادة والرؤساء والمسؤولين، استهلها امس بلقاء
الرئيس القبرصي اناستاسيادس الذي أكد «على ضرورة متابعة ملف الترسيم البحري بين البلدين الذي توقف عام 2007». اما ميقاتي فشدد «على العمل من قبل وزير الاشغال لمتابعة نتائج زيارة الوفد القبرصي الى لبنان قبل ايام»، مشددا «على أن لا عراقيل في هذا المجال».
وأكد الرئيس القبرصي وميقاتي «اهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وضرورة تطويرها في كل المجالات لا سيما في مجال الطاقة».
وعلى صعيد جلسة الثلاثاء التشريعية، تؤكد مصادر نيابية ان الامور لا تزال غير واضحة لناحية اقرار الكابيتال كونترول خاصة ان مواقف الكتل المعارضة مع النواب التغييريين تصب في خانة رفض إقرار الكابيتال كونترول من دون خطة التعافي. وقالت المصادر لـ«البناء» إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري حريص على اقرار كل الاقتراحات والمشاريع المتصلة بالاصلاحات المطلوبة من المجلس النيابي. ورأت المصادر ان عدم اقرار الكابيتال كونترول حتى اليوم يعود الى اسباب سياسية او تجاذبات سياسية لا علاقة بمضمون الكابيتال الكونترول الذي أدخلت عليه تعديلات كثيرة ليتلاءم مع الواقع الراهن.
"اللواء": مؤتمر الطائف يفتح أبواب التفاهم على مرشح رئاسي
بقيت اصداء منتدى الطائف الذي انعقد في الاونيسكو، لمناسبة 33 عاما على توقيع اتفاقية الطائف في المملكة العربية السعودية، سواء بالمشاركة الوطنية، المتعددة، او المداخلات والكلمات التي عكست مدى الحاجة الملحة للتقيد بالدستور الذي انبثق عنه، «للحفاظ على صيغة العيش المشترك» لأن بلا التمسك بمضمون هذا الاتفاق سيكون البديل الاَّ مزيداً من الذهاب الى المجهول، على حد ما قال في كلمته سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري، الذي وجه الدعوات للمنتدى الذي تحول الى مؤتمر وطني، بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وممثل عن الرئيس نبيه بري النائب كريم كبارة، والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، والنائب السابق وليد جنبلاط والنائب السابق سليمان فرنجية والمرشح الرئاسي النائب ميشال معوض، ووزير خارجية الجزائر السابق الاخضر الابراهيمي الذي لعب دوراً حاسماً في التوصل الى الاتفاق.
والابرز، ما كشفه السفير بخاري ان لا نية لفرنسا لدعوة القادة الى لقاء وحوار وطني، ولا نية فرنسية في طرح لدعوة او نقاش طائف او تعديل الدستور.
وحسب الاوساط السياسية المعنية ان المنتدى كان بمثابة خطوة لقطع الطريق على اية محاولة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا ينبثق ولاؤه او برنامجه من مندرجات الطائف على المستويات كافة.
وقال مصدر رفيع شارك في المنتدى لـ«اللواء» ان مؤتمر الاونيسكو فتح الباب على مصراعيه للتفاهم اللبناني- العربي- الدولي على مرشح رئاسي.
ومع بداية الاسبوع، حيث تعقد اللجان المشتركة جلسة لمناقشة عدة مشاريع قوانين، ابرزها الكابيتال كونترول، بقي ملف انتخابات الرئاسية في الواجهة.
وتوقعت مصادر سياسية أن ترسم جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس المقبل، مسار عملية الانتخاب بعد فترة من الجمود، بفعل تمنع قوى الثامن من آذار ،من تسمية مرشحها للرئاسة والاقتراع بورقة بيضاء، في مواجهة مرشح قوى المعارضة ميشال معوض، بسبب تبدل محتمل بموقف كتلة التيار الوطني الحر، باتجاه تسمية مرشح للرئاسة، بدلا من خيار الورقة البيضاء، ما يؤدي عمليا الى انكشاف في انتقال الاستحقاق الرئاسي الى مرحلة جديدة.
وقالت المصادر ان انفراد كتلة التيار الوطني الحر، بتسمية مرشح رئاسي بمعزل عن الاتفاق مع حليفه حزب الله وحلفاء الحزب، لم يحصل صدفة، وانما اتى بعد لقاء رئيس التيار النائب جبران باسيل مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مؤخرا، والذي تناول النقاش خلاله موضوع الانتخابات الرئاسية، ولم يكن كما تمناه باسيل، الذي رفض نصيحة نصرالله بتأييد ترشيح خصمه السياسي، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كما رفض الالتقاء به، للتفاهم على موضوع الانتخابات الرئاسية والاتفاق بينهما على المرشح المقبول من كليهما، واصر رئيس التيار الوطني الحر على ان يكون هو شخصيا المرشح الوحيد للرئاسة، باعتباره يمثل اكبر كتلة نيابية مسيحية، في حين يفتقد فرنجية الذي خسرت كتلته بالانتخابات النيابية الماضية ولا يحوز على الحيثية الشعبية التي تؤهله للترشح للرئاسة الاولى.
ولاحظت المصادر نقلا عن اوساط بالتيار الوطني الحر، ان رئيسه الذي لم يكشف عن اسم المرشح الذي سيقترع له في جلسة الخميس المقبل، يتصرف بانفعال لم يعد خافيا على احد، بعد فشل فرض شروطه على الرئيس المكلف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، وانتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وشددت على ان اعلانه عن زيارته قريبا لدمشق، ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد، لن يحسن حظوظه بالترشح للرئاسة او بدعم اي من المرشحين المحسوبين على التيار، باعتبار ان هذه الزيارة ليست في محلها في هذا الظرف بالذات، وتزيد من عزلة باسيل وتياره عن باقي الاطراف السياسيين، لان ما يتمناه منها من عوامل الاستقواء والدعم ليست كما كانت سابقا.
وتوقعت المصادر ان يعقد التيار الوطني الحر اجتماعا يوم غد الثلاثاء، لبلورة الموقف النهائي الذي سيعتمده بجلسة الانتخاب الخميس وتسمية المرشح الذي سيصوت له، والذي بقي قيد الكتمان، في حين استبعدت ان يطرح باسيل نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية منذ الان، قبل أن يضمن الحد الادنى من التأييد والتعاطف من حليفه حزب الله، وهذا ليس متوافرا بعد، بل سيعمد الى تسمية مرشح يختاره من أصدقاء التيار، لتقصي ردة الفعل عليه وتحديدا من حليفه، وبعدها يحدد خياره النهائي.
وهذا ما سيتحدد في اجتماع تكتل لبنان القوي غداً.
وفي دردشة مع الصحافيين قال الرئيس قال رئيس مجلس نبيه بري حاولت استمزاج اراء جميع الكتل قبل توجيه الدعوات بشكل رسمي. وبعد ان اوضحت كتلتان اساسيتان هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر رفضهما لفكرة الحوار تراجعت عن الموضوع حيث وضعت القوات اللبنانية شرطا تعجيزيا وهو دعوة ١٢٨ نائب الى جلسة الحوار فيما تحفظ التيار عن الطرح.
واضاف: التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي وقد أعلنت انه سيكون هناك جلسة انتخابية كل أسبوع وعلى الأطراف ان تتشاور خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة والأخرى للوصول الى التوافق.
وردا على سؤال حول اسم مرشح كتلة التنمية والتحرير قال: اجدد التأكيد على المواصفات التي حددتها في خطاب ذكرى تغييب الأمام الصدر في صور من دون نقصان وهذه المواصفات هي؛ ان يكون الاسم صاحب حيثية اسلامية ومسيحية ووطنية وان يكون عامل جمع وليس تفرقة.
وعن موضوع احياء منتدى الطائف قال: لم نتغيب عن المنتدى وكان هناك ممثلا عني وعن كتلة التنمية والتحرير لكن عريف الحفل هو من غيبنا.
بدوره، اعلن نائب رئيس المجلس الياس بوصعب: سأصوت لمرشح، ولم احسم امري بعد بالنسبة لاسم، لكنني لن اصوت بورقة بيضاء، وهذا امر ناقشناه في تكتل لبنان القوي.
إذاً، عاد المجلس النيابي ليملأ الفراع الرسمي في ظل الشغور الرئاسي ووجود حكومة تصريف الاعمال، التي بالكاد تتابع وتعالج بعض القضايا الاساسية، حيث تعقد اللجان النيابية المشتركة جلسة لها اليوم لدرس ثمانية اقتراحات ومشاريع قوانين، ابرزها واولها مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، الذي ما يزال موضع درس واراء مختلفة بين الكتل النيابية لا سيما لجهة كيفية حماية اموال المودعين وتنظيم السحوبات وليس التحويلات فقط ، مع العلم انه من ابرز مطالب صندوق النقد الدولي، والتي منها ايضاً قانون اعادة هيكلة المصارف وقانون التوازن المالي، وقد اثار التأخير في اقرارها استياء الصندوق والدول المانحة التي تعوّل على اقرار هذه المشاريع لتتمكن من تحديد حاجات لبنان من الدعم وفي اي قطاعات.
لذلك ما زالت مسألة اقرار المشروع في الجلسة غير محسومة، حيث تربط بعض الكتل الاساسية إقراره بالتوازي مع إقرار خطة التعافي الاقتصادي التي ما زالت ايضاً موضع تجاذب سياسي وحكومي. ورجحت بعض المصادر ان يتم تشكيل لجنة فرعية لمتابعة درسه اذا لم تتمكن اللجان من الاتفاق عليه.
وقال مصدر نيابي بارز متابع للموضوع لـ «اللواء»: ان الحكومة اعادت مشروع خطة التعافي الاقتصادي الى النواب بعدما سحبته وجرى تعديله بناء لملاحظاتهم. وبالتالي لم يعد هناك حجة لهم لعدم درس المشروع ومناقشته وتعديل ما يرونه مناسباً في اللجان المشتركة. لكن يبدو ان هناك قوى سياسية تسعى لإفشال اي مشروع اصلاحي للحكومة لأسباب سياسية داخلية وخارجية من باب الضغط السياسي على الوضع اللبناني. بينما هناك قوى سياسية اخرى مهتمة بمناقشة المشروعين بمعزل عما يريده صندوق النقد الدولي. ومع ذلك لا نعلم مصير المشروع في جلسة اليوم، وما هي توجهات القوى السياسية حياله، هل يؤجل البحث فيه لمزيد من الدرس، ام تتم إحالته الى لجنة نيابية فرعية مع ما يعنيه ذلك من مزيد من المماطلة؟
وفي الحراك السياسي، وفيما لم يظهر جديد حول الاستحقاق الرئاسي، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس، رئيس المجلس النيابي نبيه بري عشية جلسة اللجان المشتركة، وقبيل ايام من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل.
وقال جنبلاط بعد لقائه بري: التواصل مستمر مع الصديق والحليف والتاريخ، وأخيراً بإمكاننا تهنئة الرئيس بري على جهوده بالترسيم بعد 9 سنوات.
اضاف: اتفقنا أن لا يكون هناك مرشح تحدٍّ، والرئيس بري لم يتراجع عن الحوار إنما بعض الفرقاء رفضوه وهذا خطأ. لكن أهم شيء أن نصل إلى الاستحقاق الرئاسي ونستعرض الأسماء، ومرشحنا هو ميشال معوّض وثمّة فرقاء آخرين، فليتم التداول بأسماء أخرى وقد يكون معوّض أحدها.
وكان جنبلاط قد اكد على هامش مشاركته في احياء الذكري الثالثة والثلاثين لإتفاق الطائف، انه ضد انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ومع انتخاب النائب ميشال معوض.
وفي المواقف، أكّد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أنّه يجب إنتخاب رئيس للجمهورية حفاظاً على الكيان». وفي عظة قداس الأحد من بكركي، توجّه الراعي إلى النواب، قائلاً: تريدون لبنان واحداً انتخبوا رئيساً، ما قيمة نيابتكم اذا كنتم لا تملكون حرية القرار في انتخاب رئيس؟.
واضاف: ليكن واضحاً أن الأولوية على الأولويات هي انتخاب رئيس الجمهورية.
وحذّر الراعي، من أنّه «مع غياب رئيس الجمهورية، يتعذّر الإتفاق مع صندوق النقد الدولي«. وقال: لا... ليس رئيس الجمهورية لزوم ما لا يلزم، بل هو حاكم الجمهورية والمشرف على مؤسساتها.