لبنان
مجلس النواب يوصي الحكومة بتصريف الأعمال.. ودعوة لانتخاب رئيس الخميس المقبل
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ مجلس النواب كان مسرح الحدث الأول، وفقاً لدعوة رئيس المجلس نبيه بري لجلسة تتلى فيها رسالة رئيس الجمهورية وتناقش من قبل النواب، لاتخاذ الموقف المناسب، وفي مناخ التجاذب الحاد حول الفراغ الرئاسي والفراغ الحكومي، تحوّل منبر المجلس النيابي داخل القاعة وخارجها الى منصة لإعلان المواقف السجالية، سواء الرافضة للجلسة بداعي أن الوقت هو لانتخاب رئيس فقط، كما فعل نواب التغيير والكتائب، أو للقول إن الجلسة كان يجب أن تنعقد قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لتدارك الفراغ الحكومي وفقدت نصف وظيفتها بتأجيل الانعقاد، كما قال نواب التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، أو للتأكيد على أن المطلوب من الحكومة تصريف الأعمال في نطاقها الضيق وفقاً لنصوص الدستور، كما خرجت التوصية النيابية بنهاية الجلسة.
"الأخبار"| رواتب هزيلة تمنع حضور المعلمين والطلاب ضحايا صراع الإدارة والأساتذة: التعليم الرسمي ينهار
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّه مرّ الشهر الأول على العودة إلى التعليم في المدارس الرسمية، وعلى عدم تحقيق أيّ من الوعود المقطوعة للأساتذة. لا مضاعفة رواتب، والحوافز الاجتماعية (130 دولاراً) لا تلوح في الأفق، بالإضافة إلى عدم صرف بدلات النقل عن عام 2022 بأكمله. يعلّم الأساتذة اليوم بـ»اللحم الحي». يصرفون مدّخراتهم، يعرضون مقتنيات بيوتهم للبيع على مجموعات البيع والشراء الإلكترونية، ومنهم من أخرج أولاده من الجامعات لعدم قدرته على استكمال دفع الأقساط. في مقابل كلّ ما سبق، تقوم مديرية الثانوي في وزارة التربية بالتذكير بقانون الموظفين 112/1959، سيّما البنود المتعلقة بـ»منع الكتابة والنشر والكلام مع وسائل الإعلام»، وكأنّ المطلوب «الموت بصمت».
سراب الوعود
وتابعت الصحيفة، إلا أنّ محاولات قمع الأصوات الضعيفة لم تجدِ نفعاً، فالأساتذة مستمرون في تذكير كلّ من يعنيهم الأمر بـ»اللاشيء الكبيرة التي حصلوا عليها». مثلاً، حرص أحدهم، عبر مجموعات «الواتسآب» الخاصة بالأساتذة، على إرسال عدّاد يومي تنازلي، يذكّر فيه بعدد الأيام المتبقية من شهر تشرين الأول الماضي، ويسأل فيه عن العودة إلى التعليم بلا أي حقوق، ثمّ يشكر رابطة التعليم الثانوي لموافقتها على هذه العودة، التي تحمل إذلالاً للأساتذة وتكبّدهم أحمالاً كبيرة لن يتمكنوا من الاستمرار بحملها في الأيام القادمة، سيّما أنّ ما حصلوا عليه من راتب عن شهر تشرين الثاني لم يتعدّ الثلاثة ملايين ليرة. والمفارقة، أنّ كلمات هذا الأستاذ لا تلقى أيّ صدى لدى أكثرية أعضاء الهيئة الإدارية، بل تقابل بالاستهجان والاستغراب والاستنكار.
إذاً، تبيّن في الشهر الأول من العودة سراب الوعود المقطوعة من الهيئة الإدارية. لا حلول تلوح في الأفق، والتململ يتسرّب إلى بعض أعضاء هذه الهيئة مع تعب واضح في كلامهم، إذ يشكو أحدهم عدم قدرته على تحمّل «نظرة الأساتذة إليه»، إذ يعتبرونه مشاركاً في ضربهم، وغياب الأحزاب التي ضغطت سابقاً بأقصى قوتها لإجهاض التحرّكات النقابية عن حال الأساتذة اليوم، فتصمّ آذانها في محاولات لتقطيع الوقت وانتظار وصول شهر كانون الأول لعلّ الوعود تتحوّل إلى حقائق بمعجزات إلهية لا إشارات تؤكّدها حتى السّاعة. وفي انتظار الشهر الأخير من السّنة، الذي وضعته الرابطة حدّاً لانتظار تحقق الوعود، لا اجتماعات للهيئة الإدارية، ولا متابعات كتلك التي اعتادت القيام بها في الوزارات من نوع «تعقيب المعاملات»، فقط «رسائل تطمين مجهولة المصدر، يجري تداولها على الواتسآب، تفيد بأنّ كلّ شيء على ما يرام، والأموال في طريقها للدفع»، أو بعبارة أخرى «صارت في السيستم».
معاناة واستقالات
في السياق ذاته تستمرّ المعاناة في الثانويات لتأمين التشغيل اليومي، من كهرباء وقرطاسية، أضيف إليهما أخيراً همّ تأمين المياه النظيفة، وهي تنفق حتى اللحظة من أموال التسجيل التي حصّلتها في بداية العام الدراسي، مع تسجيل «وعود» بانفراجات مرتبطة بكلام الجهات المانحة (اليونيسف) عن دعم الموازنات التشغيلية للمدارس الرسمية بمبالغ تُراوح بين 20 و30 ألف دولار، بحسب عدد التلامذة. إلا أن ما لا يمكن لهذه الأموال حلّه هو تعويض النقص في عدد الأساتذة، وخلوّ بعض الصفوف من معلّمي بعض المواد الذين فضّلوا أخذ إجازات بدون راتب، أو استيداع، أو حتى تقديم استقالاتهم على «العمل بالسّخرة» وفق أستاذة من الشمال، التي ترى أنّه «في حال استمرار الوضع على ما هو، لن يبقى أحد في السنين القادمة، الكلّ سيرحل مع أول فرصة».
627 أستاذاً (مستعانٌ بهم) لم يتقاضوا حتى الآن تعويضات عن العام الدراسي الماضي
تحاول وزارة التربية إخفاء هذا المشهد قدر الإمكان، والتخفيف من تأثيره رغم «عدم قدرتها في الكثير من الأحيان على تأمين أستاذ بديل» بحسب مصادر «الأخبار»، إذ «توقف الموظفون عن قبول طلبات الاستيداع، أو أوحى بعضهم لمقدّمي طلبات الإجازة أنّهم لن يبقوا في مدارسهم بل سيتم نقلهم لدفعهم للعدول عن الفكرة»، تضيف المصادر. إلا أنّ إصرار بعض الأساتذة على عدم التعليم في ظلّ هذه الظروف دفعهم إلى «التهديد بالاستقالة التامة، في حال عدم الموافقة أو العرقلة».
المستعان به مظلوم
يمكن تعميم هذه الصورة على كلّ فئات الأساتذة، من ملاك ومتعاقد ومستعان بهم. والفئة الأخيرة هي الأكثر تهميشاً، «627 أستاذاً لم يتقاضوا حتى اليوم سوى تعويضات الفصل الأول من العام الدراسي الماضي». وكلّ ما يحصلون عليه هو الوعود، سواء من الكتل النيابية أو وزارة التربية. الجهة الأولى توافق بـ»المفرق» على إقرار عقودهم وإخراجها من «بدعة المستعان بهم» نحو التعاقد العادي، ثمّ تنكث بـ»الجملة» في لجنة التربية النيابية، ولا تصل المقترحات إلى الهيئة العامة أبداً. أمّا الجهة الثانية، فلا تعطي أي إجابة واضحة عن تواريخ دفع «المتأخرات المتأخرة»، مطالبة في المقابل بالتعليم بشكل سلس وعادي.
"البناء": المجلس مسرح سجالات حول الفراغ الرئاسي والحكومي... وتوصية بتصريف الأعمال
بدورها صحيفة "البناء" أشارت إلى أنّ مجلس النواب كان مسرح الحدث الأول، وفقاً لدعوة رئيس المجلس نبيه بري لجلسة تتلى فيها رسالة رئيس الجمهورية وتناقش من قبل النواب، لاتخاذ الموقف المناسب، وفي مناخ التجاذب الحاد حول الفراغ الرئاسي والفراغ الحكومي، تحوّل منبر المجلس النيابي داخل القاعة وخارجها الى منصة لإعلان المواقف السجالية، سواء الرافضة للجلسة بداعي أن الوقت هو لانتخاب رئيس فقط، كما فعل نواب التغيير والكتائب، أو للقول إن الجلسة كان يجب أن تنعقد قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لتدارك الفراغ الحكومي وفقدت نصف وظيفتها بتأجيل الانعقاد، كما قال نواب التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، أو للتأكيد على أن المطلوب من الحكومة تصريف الأعمال في نطاقها الضيق وفقاً لنصوص الدستور، كما خرجت التوصية النيابية بنهاية الجلسة.
بالتوازي كان كلام لافت يصدر عن قائد الجيش العماد جوزف عون، يؤكد تمسكه بالتصرف كقائد للجيش، رغم كل الكلام الرئاسي المتداول حول اسمه، فأشار أمام ضباط الأركان والقيادة الى ان إنجاز ترسيم الحدود البحرية سينعكس إيجاباً على لبنان، وان الجيش أدى دوره التقني الكامل في الملف، مرحباً بإجماع السلطة السياسية على إنجاز هذا الملف، وتطرق الى أن «دخول البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي وسط التجاذبات السياسية بين الأفرقاء قد يترافق مع محاولات لاستغلال الوضع بهدف المساس بالأمن»، مشيراً إلى « أن الجيش غير معني بتاتًا بهذه التجاذبات، ولا ينحاز إلى أي طرف أو جهة، إنما ما يعنيه بالدرجة الأولى هو صون الاستقرار والسلم الأهلي»، وقال: «لن نسمح باستغلال الوضع وتحوُّل وطننا إلى ساحة مفتوحة لأي حوادث أمنية أو تحركات مشبوهة. ممنوع الإخلال بالأمن، لأنه من الثوابت الأساسية للجيش وسيبقى كذلك».
بعدما أدلى رؤساء وممثلو الكتل النيابية بدلائهم من مطالعات دستورية وقانونية لم تخلُ من الرسائل السياسة المتبادلة خلال جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة رسالة الرئيس ميشال عون، استقرت الآراء في آخر مطاف المناقشات على بيان تلاه رئيس مجلس النواب نبيه بري في نهاية الجلسة، شدّد خلاله المجلس على «ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام بمهامه كحكومة تصريف أعمال»، على قاعدة «لا يفنى الديب ولا يفنى الغنم»، فمن جهة منح ثبت صلاحية الحكومة في ممارسة أعمالها بمرحلة الشغور الرئاسي كتصريف أعمال، حدّد المجلس حدود هذه الصلاحيات بأمرين: لا عقد جلسات للحكومة ولا قرارات إلا بالحالات الطارئة وتوافق مسبق.
وإذ أشارت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن المجلس النيابي لم يخرج بتوصية ولا قرار بل بموقف من رسالة عون، أكد المؤكد الذي ينص عليه الدستور من ممارسة الحكومة المستقيلة صلاحياتها المحددة بالدستور في النطاق الضيق لتصريف الأعمال، وبالتالي على الوزراء تصريف الأعمال على رأس وزاراتهم لتسيير المرافق العامة، إذا لا يمكن ترك البلاد في الفراغ الشامل ولا بدّ من سلطة تستمر بإدارة البلاد بحدود معينة لضرورات مصلحة الدولة والمواطنين. أما انعقاد الحكومة فيكون بالحالات الاستثنائية وبتوافق مسبق بين مكونات الحكومة.
ووصف مصدر نيابي آخر موقف المجلس بأنه «كمن فسّر الماء بالماء»، مشيراً لـ»البناء» الى أن مناقشة الرسالة لزوم ما لا يلزم طالما أن نهاية ولاية عون قد انتهت وسقط احتمال تأليف حكومة وسقط معها التكليف، وليست المرة الأولى التي تواجهنا حالة كهذه، وكل الحكومات السابقة صرفت الأعمال وفق ما ينص عليه الدستور ولم تحصل أي إشكالات دستورية أو سياسية. لكن هناك من أراد استغلال الجلسة لإثارة جدال دستوري عقيم لا جدوى منه سوى خلق أجواء احتقان طائفي لاستخدامه سلاحاً في معركة رئاسة الجمهورية.
وقد لوحظ استنفار عدد من النواب السنة خلال الجلسة من مختلف الانتماءات استعداداً للرد على أي هجوم على ميقاتي وموقع رئاسة الحكومة، وقد تدخل النائبان جهاد الصمد وأحمد الخير لمنع مقاطعة نواب التيار الوطني الحر لميقاتي مرات عدة.
في المقابل أبدت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر عبر «البناء» خشيتها من استغلال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أي أحداث أمنية أو أي فوضى اقتصادية ومالية واجتماعية لدعوة الحكومة للانعقاد واتخاذ قرارات معينة، ما يشكل سابقة خطيرة بأن تقوم الحكومة المستقيلة مقام رئاسة الجمهورية وممارسة صلاحيات الرئيس في ظل الشغور الرئاسي الذي قد يطول. متهمة ميقاتي بأنه خطط للوصول الى هذا الوضع غير الصحي والذي سيؤسس الى إشكالات في المستقبل.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الرئيس بري وحزب الله قبيل الجلسة مع كل من الرئيس ميقاتي ورئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل والنواب السنة لتأمين الحد الأدنى من الهدوء في الجلسة لتفادي أي انجرار الى سجالات سياسية وطائفية، وهذا ما أكده ميقاتي في كلمته، لكن مداخلات النواب عكست الانقسام السياسي الحاد بين القوى والفوضى الدستورية القائمة ما يؤشر الى صعوبة ما بأن يتمكن المجلس من التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدى المنظور من دون تدخل خارجي غير ناضج في الوقت الراهن. وقد علمت «البناء» أن الكتل النيابية كانت في جو البيان الذي تلاه الرئيس بري قبل يوم من انعقاد الجلسة.
وقد نجح الرئيس بري وفق ما أشار أكثر من مصدر نيابي لـ»البناء» بتأمين الحد الأدنى من الهدوء في الجلسة وأدارها بذكاء وحكمة ونزع أي توجه لسجالات سياسية حادة تؤدي الى توتر طائفي، كما وجد مخرجاً مناسباً للموقف الذي اتخذه المجلس بموافقة مختلف المكونات النيابية بمن فيها التيار الوطني الحر، رغم السجالات التي اندلعت بالجملة.
وكان مجلس النواب ناقش رسالة عون اليه، وفي نهاية الجلسة أصدر موقفاً أكد فيه أن «المجلس يؤكد ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام به بمهامه كحكومة تصريف أعمال».
وخلال مناقشة الرسالة، قال باسيل: «كان يجب أن تتم الدعوة الى المجلس لمناقشة الرسالة قبل أن تنتهي الولاية الرئاسية»، فردّ عليه الرئيس بري: «حتى لا تأخذها ملاحظة تضعها بتاريخي، الرسالة وصلتني الأحد أي في 30 الشهر وكان هناك يوم واحد فقط قبل انتهاء الولاية». وتدخل باسيل، بالقول: «حسناً كان يمكنك الدعوة». فاعترض برّي، قائلاً: «كلا هناك أصول، والرسالة يجب أن تتم قراءتها ومنذ 4 أيام صدرت ولا زال هناك نواب لم يطلعوا عليها».
وفي سياق متصل، قال باسيل: «عند مناقشة الرسالة السابقة لرئيس الجمهورية عند تكليف سعد الحريري كان أول المتحدثين». فردّ برّي، بالقول: «لا هناك أصول ويفترض أن تتلى الرسالة».
وخلال مداخلة باسيل دار سجال بين عضو تكتل القوات النائب ستريدا جعجع وباسيل، إذ قال الأخير: «ليتم انتخاب الرئيس من الشعب»، فردّت جعجع «امشي لكن بسمير جعجع فهو الأقوى مسيحياً». وردّ باسيل، «ما تشوشي في أمور جانبية»، فكان جوابها «هو الأقوى مسيحياً حط إيدك عا شواربك»، ليعود ويقول «اللي بحط إيدو عا شواربو هوي اللي بيحكي عن داعش وسورية مش أنا»، لتردّ جعجع «اللي عندو شوارب بكون رجّال».
أما الرئيس ميقاتي فردّ على باسيل حول ميثاقية تكليفه بالقول: «أنا كان لازم اعتذر بوقتا بس لأنو انت طالبت بالاعتذار انا بطلت». وقال ميقاتي لبري: «أريد أن أطلب من الجامعة اللبنانية إضافة cours عن المفاوضات على حافة الهاوية»، فرد باسيل: «هذه تأتي بالفطرة ولا تحتاج الى علم».
وأكّد رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، في مداخلته أنّ «كتلته بذلت خلال الفترة المتاحة جهودًا حثيثة، وقامت بالمساعي لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، لتتولى إدارة شؤون البلاد، لكن للأسف لم تصل تلك الجهود إلى نتائج مرضية، «ووصلنا إلى خواتيم ولاية الرئيس دون أن تتشكل الحكومة». مبيِّنًا أنّ «رسالة الرئيس عون تشير إلى ثغرة دستوريّة، تتمثل بعدم تعيين الدستور مدّة محددة للتكليف، كما تفصح عن شغور موقع الرئاسة. هذه الإشارات وغيرها تتطلب مقاربات دستورية وازنة ودقيقة ومناخًا وفاقيًا وتحررًا من الكيديات والتدخلات الخارجية».
ورأى رعد «أنّه من الطبيعي أن تتحمل حكومة تصريف الأعمال مسؤوليتها في هذا الوضع، ومع كلّ المخاوف والهواجس التي تطرحها شريحة كبيرة من اللبنانيين، وهذا يتوقف على إدارة رئيس الحكومة والوزراء في هذه المرحلة».
وانتقلت النقاشات من داخل الجلسة الى خارجها، حيث استكمل رؤساء الكتل شرحهم لمواقفهم، فرأى باسيل، في مؤتمر صحافي أن «السابقة الدستورية الفريدة ناتجة عن أن ميقاتي لم يرَ مصلحة لتأليف الحكومة ولم يعتذر، وقد أوقعنا بفراغ حكومي بتعمد منه»، معتبراً أن «عدم التأليف يشكل سابقة خطيرة في نظامنا ودستورنا».
بدوره، قال رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان: «مجلس النواب قرّر بعد قراءة رسالة عون أن تستمرّ الحكومة بتصريف الأعمال وفق النطاق الضيّق لتصريف الأعمال وفي الدستور الحالي لا شيء اسمه سحب التكليف من رئيس الحكومة، وفي غياب وجود رئيس للجمهورية لا يمكن أن نترك فراغاً وبالتالي الحكومة تستمرّ بتصريف الأعمال».
وكان نواب الكتائب والتغيير والنائب ميشال معوض انسحبوا من الجلسة بعد تلاوة نص رسالة عون لأنه وفق المادة 75، المجلس النيابي الآن هيئة ناخبة فقط ولا يحق له القيام بأي وظيفة أخرى.
وأكد الرئيس ميشال عون في بيان، أن «ما قاله ميقاتي مجتزأ ويفتقد إلى الكثير من الدقة والصحّة، واذكّر بما أعلنت عنه للإعلام بعد آخر لقاء بيننا حين أتاني مودعاً قبل ستة أيام من نهاية الولاية، من انني قلت له انتظرك لتعود الى بعبدا لنصدر معاً مرسوم التشكيل، بحسب الأصول، لكنه ذهب ولم يعد».
وفي ختام الجلسة، قال بري: «كل الكلمات أجمعت بأن الأولوية الأولى ثم الأولى هي لانتخاب رئيس للجمهورية هذا الكلام قلته ومنذ انتخاب المجلس النيابي وحتى الآن وأنا أنادي مع كل واحد منكم أنه من المفروض أن يكون هناك توافق».
وأشار إلى أن «عندما تحدثت في خطاب انتخاب رئاسة المجلس عن 128 نائباً بنعم كان الهدف هو حصول شيء من التوافق. والآن ما أريد قوله إنه لن يمرّ أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءًاً من الأسبوع المقبل، لكني آمل منكم ألا تتحول القصة الى مسرحية لأننا عقدنا 4 جلسات وتحولنا الى موضوع هزء لذلك قلت إنني بصدد القيام بشيء من الحوار».
وأضاف، «لذا بدءًا من الخميس المقبل الواقع في 10 تشرين الثاني الحالي، الساعة 11 قبل الظهر سيكون هناك جلسة وستوجّه الدعوة لها وفقاً للأصول، كما آمل خلال هذا الأسبوع أن يحصل توافق ما بين المكونات والبلوكات وجميعكم يعرف أين هي العقدة، العقد يجب أن تحلّ وإذا لم يحصل تراجع من هنا وتراجع من هناك لن نصل الى حل».
وعليه، دعا بري الخميس المقبل في 10 الجاري، الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
على صعيد آخر، وبعد بتّ الدفعة الأولى من الطعون النيابية الـ15 المقدّمة أمام المجلس الدستوري، صدرت أمس دفعة جديدة من النتائج قضت برد أربعة طعون من دوائر بيروت الاولى والثانية وكسروان وجزين. وهي: في دائرة بيروت الأولى الطعن المقدم من قبل المرشح ايلي شربشي ضد النائبة سينتيا زرازير. في دائرة بيروت الثانية تم رد الطعن المقدم من زينة المنذر ضد النائبين فيصل الصايغ ووضاح الصادق. كذلك، تم ردّ الطعن في دائرة كسروان المقدم من قبل جوزيفين زغيب ضد النائب فريد الخازن. وفي دائرة جزين تمّ رد الطعن المقدم من النائب السابق أمل أبو زيد ضد النائب سعيد الأسمر. فيما يبقى البتّ بالطعون الأخرى إلى جلسة لاحقة حيث يُبقي المجلس جلساته مفتوحة.
"النهار": المجلس "يثبّت" الحكومة... ويراوح في الفراغ
من جهتها كتبت صحيفة "النهار": لولا البعد الدستوري المتصل بضرورة “تثبيت المثبت” من جانب مجلس النواب للواقع الدستوري لحكومة تصريف الاعمال، لما كان من حاجة مطلقا لجلسة يعقدها المجلس لتلاوة رسالة الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون بعد ثلاثة أيام من خروجه من الحكم . ذلك ان هذه الجلسة “الاعتراضية” التي املتها الأصول الشكلية لا اكثر، تحولت في بعض وقائعها في الداخل والخارج، الى اثبات إضافي بان ملء الفراغ الرئاسي يتمادى على نمط الجلسات “المنبرية” التي تحولت معها الجلسات الانتخابية، كما التشريعية، الى منابر تلفزيونية مفتوحة لاطلاق المواقف في كل الاتجاهات من دون أي معالم جدية لكسر معادلة التعطيل الضمني الذي يتمثل بكتل “الورقة البيضاء” والتي صار من الواضح ان الاستحقاق الرئاسي مشلول ومعطل بسبب العجز المستعصي لدى هذه الكتل “الممانعة” عن حسم امر ترشيح سليمان فرنجية او جبران باسيل في مواجهة مرشح او اكثر لقوى المعارضة. وفي ظل دوامة الدوران في فراغ الجلسات الشكلية الانتخابية، رسم المشهد النيابي علامة قاتمة زائدة بعدما دخل لبنان قبل أيام حقبة الفراغ الرئاسي من دون أي معطيات مطمئنة الى قصر فترته فيما بدأت المواقف الدولية والغربية والعربية ترسم معالم الخشية من انزلاق إضافي خطير للبنان نحو متاهات الانهيار.
اما الجلسة النيابية البارحة فشكلت ما يعتبر درع تثبيت لشرعية استمرار حكومة تصريف الاعمال. وبدا واضحا ان ثمة تسليما واسعا بهذه الشرعية بما يحول دون اللعب على مسألة توظيف الفراغ الحكومي في واقع لا يحتمله لبنان. وبعد مناقشة مجلس النواب رسالة عون اليه، أصدر توصية استندت الى النص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور وردت على طلب عون نزع التكليف من ميقاتي “باعتبارها أن أي موقف يطاول هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا بصدده اليوم وفي الصفحة الرابعة من رسالة فخامته يشير الى ذلك وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات، يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام به بمهامه كحكومة تصريف أعمال”.
بري وميقاتي
وحرص ميقاتي في رده على رسالة عون امام النواب على التشديد انه “اخذ الدعوات الى التهدئة في الاعتبار، وقلت مرارا وتكرارا أنني ضد سياسة الاستفزاز، وفي هذا الوقت فان همنا هو هم الناس والوضع الاقتصادي، ويجب ان نتعاون جميعا لتمرير هذه المرحلة الصعبة. عندما تكون الحكومة مستقيلة يبقى مجلس النواب بحال انعقاد لأننا نريد التشاور بين الحكومة والمجلس النيابي”. وأشار إلى أن “الرئيس عون يقول في رسالته إنني تأخرت في تشكيل الحكومة او تغاضيت عن هذا الأمر، ولذلك لا بد من ايراد بعض الوقائع” ورد باسهاب على ذلك. وفي موضوع ممارسة الحكومة مهامها، قال، “أنا أعي تماماً انه عندما يتحدث الدستور عن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فهو حتما يميز بين حكومة كاملة الأوصاف وحكومة تصريف الأعمال، وهذا الامر ينطبق في الايام العادية، لكن عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، سأستشير المكوّنات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، بدعوة مجلس الوزراء اذا لزم الأمر، وأنا لست في صدد تحدي أحد، ولا ضد احد. سنتشاور في اي موقف ونتخذ القرار المناسب”.
اما بري فحرص بدوره على ابراز اجماع الكلمات على “ان الأولوية الأولى هي لانتخاب رئيس للجمهورية وهذا الكلام قلته ومنذ انتخاب المجلس النيابي وحتى الآن وأنا أنادي مع كل واحد منكم أنه من المفروض أن يكون هناك توافق”. وقال “الان ما أريد قوله إنه لن يمر أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءا من الأسبوع المقبل، لكن آملاً منكم ألا تتحول القصة الى مسرحية لأننا عقدنا 4 جلسات وتحولنا الى موضوع هزء لذلك قلت إنني بصدد القيام بشيء من الحوار لذا بدءًا من الخميس المقبل الواقع في 10 تشرين الثاني الحالي، الساعة 11 قبل الظهر سيكون هناك جلسة وستوجه الدعوة لها وفقاً للأصول كما آمل خلال هذا الأسبوع أن يحصل توافق ما بين المكونات والبلوكات وجميعكم يعرف أين هي العقدة، العقد يجب أن تحل وإذا لم يحصل تراجع من هنا وتراجع من هناك لن نصل الى حل”.
واصدر الرئيس ميشال عون ليلا بيانا اتهم فيه ميقاتي بان “ما قاله مجتزأ ويفتقد إلى الكثير من الدقة والصحّة، واذكّر بما اعلنت عنه للإعلام بعد آخر لقاء بيننا حين أتاني مودعاً قبل ستة أيام من نهاية الولاية، من انني قلت له انتظرك لتعود الى بعبدا لنصدر معاً مرسوم التشكيل، بحسب الأصول، لكنه ذهب ولم يعد”.
وكان نواب الكتائب و”التغيير” والنائب ميشال معوض انسحبوا من الجلسة بعد تلاوة نص رسالة عون من منطلق اعتبارهم انه وفق المادة 75، المجلس النيابي الآن هيئة ناخبة فقط ولا يحق له القيام بأي وظيفة اخرى، كما قالوا.
قائد الجيش والشغور
ووسط هذه الأجواء اكتسب الاجتماع الذي عقده قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة بحضور أعضاء المجلس العسكري، ابعادا بارزة اذ تناول آخر التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية وكانت للعماد عون مواقف من الاوضاع الطارئة. واعتبر العماد عون أن إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية سوف ينعكس إيجابًا على لبنان على الصعيدين الأمني والاقتصادي، ويتيح استثمار جزء أساسي من ثرواته الطبيعية، وأن الجيش أدى دوره التقني المطلوب منه في هذا الخصوص على نحو كامل، مرحّبًا بإجماع السلطة السياسية على إنجاز هذا الملف.
ولفت إلى أن دخول البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي وسط التجاذبات السياسية بين الأفرقاء قد يترافق مع محاولات لاستغلال الوضع بهدف المساس بالأمن، مشيراً إلى أن الجيش غير معني بتاتًا بهذه التجاذبات، ولا ينحاز إلى أي طرف أو جهة، إنما ما يعنيه بالدرجة الأولى هو صون الاستقرار والسلم الأهلي، وقال:” لن نسمح باستغلال الوضع وتحوُّل وطننا إلى ساحة مفتوحة لأي حوادث أمنية أو تحركات مشبوهة. ممنوع الإخلال بالأمن، لأنه من الثوابت الأساسية للجيش وسيبقى كذلك.” ودعا أصحاب الشأن إلى التحلي بالمسؤولية حفاظًا على المصلحة العامة، كما دعا اللبنانيين إلى الوعي وعدم السماح باستغلالهم والانجرار وراء عناوين وشعارات مشبوهة، لأن الوطن يحتاج الى جميع أبنائه. وأضاف: “الوضع الأمني ممسوك، وحماية لبنان مسؤوليتنا. لم نقبل سابقًا أي مساس بالأمن والاستقرار ولن نقبل به اليوم”.
رد طعون
الى ذلك، وبعد بتّ الدفعة الأولى من الطعون النيابية الـ15 المقدّمة أمام المجلس الدستوري، صدرت امس دفعة جديدة من النتائج قضت برد أربعة طعون من دوائر بيروت الاولى والثانية وكسروان وجزين. وهي: في دائرة بيروت الأولى الطعن المقدم من المرشح ايلي شربشي ضد النائبة سينتيا زرازير. في دائرة بيروت الثانية تم رد الطعن المقدم من زينة المنذر ضد النائبين فيصل الصايغ ووضاح الصادق. كذلك، تم رد الطعن في دائرة كسروان المقدم من قبل جوزفين زغيب ضد النائب فريد الخازن. وفي دائرة جزين تم رد الطعن المقدم من النائب السابق أمل أبو زيد ضد النائب سعيد الأسمر. فيما يبقى البتّ بالطعون الأخرى إلى جلسة لاحقة حيث يُبقي المجلس جلساته مفتوحة.