معركة أولي البأس

لبنان

البلاد تدخل في الشغور الرئاسي والفراغ الحكومي
01/11/2022

البلاد تدخل في الشغور الرئاسي والفراغ الحكومي

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على مسألة نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منتصف ليل أمس، معتبرة أن البلاد دخلت في اليوم الأول للشغور في سدة الرئاسة الأولى ومعها الفراغ الحكومي ما سيشرع الباب على مرحلة جديدة على الصراع والاشتباك السياسي وصراع الصلاحيات والفوضى الدستورية.

"الأخبار": الكهرباء رهينة رياض سلامة

حلم الـ10 ساعات كهرباء بات قريباً، إلا أن الأمر يتطلب تعاون مصرف لبنان في تأمين التمويل بالعملة الأجنبية وتغطية استيراد الشحنات على فترات زمنية أقلّ مما اتفق عليه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. فالأخير طلب أن يُدرج في دفتر الشروط شرط تسديد الشحنات بعد ستة أشهر، فيما يراهن وزير الطاقة وليد فياض على أن العروض ستأتي ضمن خيارين: التسديد بعد 30 يوماً أو بعد 180 يوماً. الخيار الثاني يعني كلفة إضافية على الشحنات، فيما خيار ميقاتي أن التمويل ليس متاحاً. كالعادة رياض سلامة يتحكّم بالتمويل ويأخذ الكهرباء رهينة

هل يصل لبنان إلى 10 ساعات كهرباء في غضون شهر، أي بحلول كانون الأول؟ الجواب رهن سير المناقصات التي أطلقتها وزارة الطاقة منذ 4 أيام والتي يفترض أن تؤمّن لمؤسّسة كهرباء لبنان 66 ألف طن من الغاز أويل، 46 ألف طن من الفيول أويل Grade A و28 ألف طن من الفيول أويل Grade B. هذه الكمية ستسهم في زيادة ساعات التغذية لتصبح 10 ساعات، لكن هذا «الإنجاز» مشروط بإيجاد حلّ للخلاف حول آلية الدفع. فقد برزت إشكالية تتعلّق بتسديد ثمن الشحنة وتضمين الأمر في دفتر الشروط. إذ تعمل وزارة الطاقة على إدراج خيارين للتسديد في دفتر الشروط، أحدهما بعد 30 يوماً، وثانيهما بعد 180 يوماً. لكن في المقابل، يصرّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أن يكون التسديد حصراً بعد 180 يوماً. حجّة ميقاتي أنه حصل على تعهد من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإصدار اعتمادات معزّزة (كتاب ضمان يرسله مصرف لبنان للمصرف الذي يتعامل معه المورّد ويتعهد فيه بتسديد ثمن الشحنة وفق شروط العقد) مدّتها ستة أشهر، بينما تقول وزارة الطاقة إنه يجب أن يترك خيار التسديد بشكل مبكر.

أوساط ميقاتي اعتبرت وجود أكثر من خيار لفترة التسديد بمثابة «عرقلة»، لأن الدولة اللبنانية ليست قادرة على الدفع بعد شهر واحد. أما المديرة العامة للنفط، أورور فغالي، فقد نفت في اتصال مع «الأخبار» أن يكون هناك تعمّد بإجهاض العملية. بل قالت إن وزارة الطاقة لطالما طالبت مصرف لبنان بوقف الدعم عن المحروقات لمصلحة دعم مؤسسة الكهرباء، إلا أن سلامة كان يرفض ذلك. وأكدت فغالي التزامها بخطة الوزارة والحكومة: «أنا مدير عام أنفّذ الخطّة فقط». لكن ما حصل «أن إدراج مسألة الـ30 يوماً، والـ180 يوماً ضمن دفتر الشروط جرى فهمه بطريقة خاطئة، لذا تعمل الوزارة على إضفاء بعض التعديلات على دفتر الشروط لتوضيح الآلية». وتقول فغالي إن «الدفع بعد 6 أشهر سيزيد الكلفة على الدولة اللبنانية لأن لبنان سيكون مضطراً أن يدفع فوائد على المبلغ الأصلي طوال هذه الفترة»، لذا، ارتأت الوزارة أن «تطرح خياراً يوفّر على المؤسّسة أكلافاً إضافية. من هذا المنطلق، كنا نتفاوض مع مصرف لبنان حول القدرة على تأمين دفعة أولى بعد 30 يوماً لتفادي الفائدة».
إذاً، المشكلة القائمة اليوم، هي التالية: السير باقتراح ميقاتي بالدفع بعد ستة أشهر، على أن يسدّد لبنان الفوائد المترتبة على هذه الفترة، وهي ستكون فوائد مرتفعة وسترفع مخاطر تقديم العروض والمنافسة، أي أنه يكبح وجود عارضين يوافقون على تسديد الشحنات بعد ستة أشهر، أو السير باقتراح وزارة الطاقة والمخاطرة بأن لا يقوم مصرف لبنان بفتح الاعتمادات لأن الدولة قد لا تتمكن من تسديدها في الوقت المطلوب، بالتالي ليس لدى العارضين أي ضمانة بأن التسديد سيكون فعلاً بعد 30 يوماً.

عملياً، صارت الكهرباء اليوم رهينة بيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فما الذي يمنع سلامة من تأمين الدولارات لشراء الفيول أويل اللازم لمعامل الإنتاج؟ بالطبع يمكنه أن يفتح اعتمادات معزّزة لمدة 30 يوماً وأن يسدّدها، إذ لن يضيره أن يخصص تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار لتأمين 10 ساعات كهرباء على كل الأراضي اللبنانية. فهو بدّد أكثر من 12 مليار دولار على الدعم في السنوات الأخيرة، لكنه كان يرفض أن يموّل الكهرباء. المسألة لم تعد متعلقة بأي خيار يفترض أن يسلكه لبنان للحصول على الكهرباء، بل إن هناك رجلاً واحداً يتحكم بكل الخيارات. ألم ينفق مصرف لبنان ملايين الدولارات لتسديد الودائع الائتمانية التي تعود للبنانيين ارتضوا إيداعها في مصارف لبنانية بوساطة مصارف أجنبية؟ هذه الودائع سدّدها مصرف لبنان بسيولته من العملات الأجنبية حتى لا يفلس المصارف. ألم يبادر مصرف لبنان لدعم سلع مختارة اعتباراً من أيلول 2019؟ أصلاً أي تمويل للكهرباء سيكون أوفر على عجز ميزان المدفوعات. فما يحصل هو أن لبنان يستورد كميات كبيرة من المازوت يدفع ثمنها بالدولار النقدي، لتأمين الكهرباء بواسطة مولّدات الأحياء، لكن مصرف لبنان يرفض أن يدفع أقلّ مقابل فيول أويل لزوم معامل كهرباء لبنان لإنتاج ساعات تغذية أكثر.

هناك حجّة يتبعها مصرف لبنان من اليوم الأول لهذا الملف، وهي أنه يجب أن تدفع مؤسسة كهرباء لبنان ثمن الفيول أويل بالليرة اللبنانية على سعر «صيرفة». هو يدرك أن المؤسسة لا تملك المبالغ اللازمة لذلك إلا إذا جرى رفع التعرفة. وهذا الأمر أصبح واقعاً اليوم بعدما اتخذت كل القرارات بهذا الشأن، سواء من مؤسسة كهرباء لبنان، أو وزارتي الطاقة والمالية، وكلّها مبنية على خطّة الطوارئ التي أعدّها وزير الطاقة ووافق عليها مجلس الوزراء. رفع التعرفة، بحسب تصريحات فياض، سيبدأ من اليوم، أي أن كل استهلاك للكهرباء اليوم سيتم فوترته بالتعرفة الجديدة: 10 سنت لأول 100 كيلواط، و27 سنتاً لباقي الشطور، على أن تكون هناك كلفة ثابتة. وسيكون سعر الصرف المستخدم في الفاتورة الجديدة متحرّكاً وفق تحرّك سعر «صيرفة». وبهذا الخصوص تشير فغالي إلى أن «تأمين الكهرباء يأتي أولاً، ثم يترافق مع رفع التعرفة، ويفترض أن يجري الأمر في كانون الأول». هكذا، ستتمكن المؤسّسة من جباية الفواتير على أساس السعر الأقرب إلى الواقع لتتمكن من تسديد ثمن المحروقات.
وبالفعل باشر مقدمو الخدمات في قراءة العدّادات على أساس التعرفة الجديدة، على أن تبدأ جباية الفواتير بعد شهرين، أما ما قبل تشرين الثاني فسيتم فوترته على السعر القديم. وهذا يعني أن تعاون مصرف لبنان سيكون ضرورياً لإطلاق مناقصة تلزيم استيراد الفيول أويل والغاز أويل لزوم معامل الإنتاج. إذا تعاون مصرف لبنان، فسيكون بالإمكان تحويل الأموال المجباة بعد شهرين إلى دولارات يسدّد فيها ثمن الشحنات المستوردة. إذاً، السؤال الأساسي: هل رياض سلامة مستعدّ للتعاون أم أنه سيقحم الكهرباء في المعارك السياسية الدائرة الآن، فيسدّ أبوابه في وجه مؤسّسة كهرباء لبنان ويستعمل المواطنين رهينة؟

"البناء": عون اليوم رئيس سابق وجنرال الرابية… وميقاتي «يصرّف رئاسياً» في قمة الجزائر العربية

يدخل البلد اليوم الفراغ الرئاسي بينما يبدأ الجنرال ميشال عون أول أيامه كرئيس سابق بعدما عاد ليحمل جنرال الرابية، في ظل تجاذب سياسيّ حاد حول كيفية تجاوز الفراغ، وحدود أهلية الحكومة المستقيلة على تحمّل مسؤوليتها في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، ويدخل رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي مرحلة جديدة غامضة حول حدود تصريف الأعمال، يفتتحها من الجزائر ممثلاً لبنان في القمة، بينما يناقش المجلس النيابي بدعوة من رئيسه نبيه بري الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية حول وضع الحكومة بعد توقيعه مرسوم اعتبارها مستقيلة، وهو نقاش لن تترتب عليه نتائج جوهرية طالما انتهت الولاية الرئاسية، لكن ربما ينجح في رسم إطار دور الحكومة في مرحلة الفراغ الرئاسي. وهو ما قالت مصادر نيابية إن التشاور يدور حول صيغة، تضمن التصريف الضيق للأعمال، دون دعوة الحكومة للانعقاد إلا لأسباب جوهرية تسبقها توافقات مسبقة جامعة.
الفراغ الرئاسي الذي يشكل السمة الأبرز للواقع السياسي الجديد، والذي يخشى كثيرون أن يكون طويلاً، يشكل محور دعوة الحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري طلباً للتوافق على اسم رئيس جديد، وهو ما تقول مصادر نيابية إنه موضع “تقريش” لصيغه العملية، بين طاولة حوار جامعة أو تشاور ثنائي مع الكتل، وبين الدعوة للتوافق على اسم الرئيس الجديد، أو الوصول الى لائحة مختصرة من اسمين أو ثلاثة تُعرض للتصويت على النواب في جلسة يضمن الجميع تأمين النصاب لها ويرتضون نتائجها.

مع نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منتصف ليل أمس، دخلت البلاد في اليوم الأول للشغور في سدة الرئاسة الأولى ومعها الفراغ الحكومي ما سيشرع الباب على مرحلة جديدة على الصراع والاشتباك السياسي وصراع الصلاحيات والفوضى الدستورية.
وقبل أن يودّع الرئيس عون الموظفين في قصر بعبدا وانتقاله الى منزله الجديد في الرابية، اشتعلت الجبهات دفعة واحدة، بين رئاسة الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من جهة، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من جهة ثانية، وسط توقعات مصادر سياسية لـ»البناء» بتصعيد إضافي على هذه الجبهات مجتمعة من اليوم سترتفع وتيرتها في جلسة مجلس النواب المخصّصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية الخميس المقبل، بموازاة تسعير الاشتباك حول الوضعية الدستورية لحكومة تصريف الأعمال في فترة الشغور الرئاسي.
ودعا الرئيس نبيه بري المجلس النيابي الى عقد جلسة في الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل، لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية، التي أعلن امس الأول أنه وجهها الى البرلمان لمحاولة سحب التكليف من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وبالتالي الرسالة كأنها لم تكن.
وأشارت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «رسالة عون سبق وبعث بمثلها في فترة تكليف الرئيس سعد الحريري، وبالتالي لن تكون ذات تأثير وكذلك يكون سبق السيف العزل، خاصة أن ولاية الرئيس عون تكون انتهت وانتهت معها وأيضاً بعد انتهاء وظيفة التكليف وسقوطه».
ووفق ما تشير مصادر نيابية أخرى لـ»البناء» فإن «لا أكثرية نيابية لسحب التكليف باستثناء التيار الوطني الحر الذي سيطلق نوابه مواقف عالية السقف، لكن لن يتخذ مجلس النواب أي قرار ولا حتى توصية، وقد سبق وطرحت عليه حالات شبيهة ولم يتخذ أي قرار حيالها».
لكن خبراء في الدستور يؤكدون لـ»البناء» أن «توجيه رئيس الجمهورية رسالة للمجلس النيابي هو حق دستوري ومن ضمن صلاحياته، لكن المجلس النيابي يقرّر ماذا يفعل، كما من حقه توقيع مرسوم استقالة الحكومة إلا أنه كان لزاماً على عون عدم توقيعه لكي لا تتفاقم الأزمة أكثر، وبالتالي لا يمكن أخذ البلد الى فراغ حكومي كامل، لكون حكومة تصريف الأعمال ولو مشكوك بشرعيتها ودستوريتها لكنها السلطة الوحيدة القائمة التي سترث صلاحيات رئيس الجمهورية وتستمر بتصريف الأعمال وتسيير مرافق الدولة وشؤون المواطنين لكن في إطار المفهوم الضيق لتصريف الأعمال وبالتالي لا يحق لها الاجتماع واتخاذ القرارات إلا بالحالات الطارئة والاستثنائية ريثما يتم انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة».
إلا ان مصادر سياسية داعمة للعهد تشير لـ»البناء» الى أن رسالة عون للمجلس النيابي وتوقيع مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، لهما ابعاد سياسية أكثر من مفاعيل دستورية، وتشكل رسالة سياسية صارمة وحاسمة من عون وباسيل الى كل من الرئيسين بري وميقاتي لكي لا يستفردان بصلاحيات الرئيس وبالحكم، كما شكلت كلمة سر لإطلاق المعركة السياسية مع خصوم العهد خلال الأسابيع والشهور المقبلة». كما شدد الرئيس عون وفق ما نقل عنه زواره لـ»البناء» أن «توقيع المرسوم وكذلك رسالة عون لم يكن خطوة فوضوية أو عبثية بل هدفت لحث المجلس النيابي على انتخاب رئيس للجمهورية، وإعلام الجميع بأن الحكومة لا يمكنها الحكم وممارسة صلاحيات الرئيس، وجاءت بعدما فقد الرئيس عون الأمل من تأليف حكومة جديدة». وحمّل عون المجلس النيابي مسؤولية عدم انتخاب رئيس وعدم نزع التكليف من ميقاتي طيلة الأشهر الماضية منذ تكليفه حتى الآن، كما يحمله مسؤولية أي تمادٍ من ميقاتي في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال لكون المجلس معنياً بتفسير الدستور وضبط فوضى السلطة التنفيذية». وأكد عون بأنه سيستمر في المواجهة في المرحلة المقبلة وسيكمل في مسيرته من الرابية.

"النهار": عون يواجه الهزيمة الأولى… بعد الرحيل

كيف ارتسمت المعالم الأولية للمشهد السياسي غداة رحيل العهد العوني ومغادرة الرئيس العماد ميشال عون الذي صار رئيسا سابقا منتصف الليل الفائت قصر بعبدا والى اين تتجه الأمور في قابل الساعات والأيام ؟

 مما لا شك فيه ان لبنان دخل رسميا اليوم دستوريا وواقعيا مرحلة الفراغ الرئاسي المثبت، بما سيدفع الازمات المتشابكة في واقعه الدراماتيكي نحو تركيز كل الضغوط الداخلية والخارجية نحو استعجال انهاء “عهد الفراغ” الجديد بأسرع وقت متاح، لان ما احتمله لبنان في حقبات الفراغ السابقة لم يعد يصح راهنا ولم يعد في امكان لبنان الانهيار، الانتظار طويلا لاعادة تركيب انتظام الدولة بانتخاب رأس هرمها. ولذا تتحول المعطيات والعوامل التي تعلي أولوية انتخاب رئيس الجمهورية بمثابة نقطة اجماع سياسية تحتاج بعد نهاية ولاية عون الى ترجمة سريعة اما بالحوار الذي اتجه رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الدعوة اليه، واما بوسائل وقنوات أخرى لم تتبلور طبيعتها بعد. وفي ظل هذا العنوان الكبير، فان ما رشح وارتسم من معطيات في الساعات الثماني والأربعين التي واكبت نهاية العهد العوني تشير الى مجموعة وقائع من ابرزها :

 أولاً: بدا من الواضح تماما ان المحاولة اليائسة التي قام بها الرئيس السابق ميشال عون لاحداث صدمة حكومية في حجم فرط حكومة تصريف الاعمال واحداث فوضى وفراغ دستوري واسع وعميم، قد منيت بانتكاسة فورية يمكن اعتبارها أولى الانتكاسات والهزائم السياسية الفورية لعون بعد رحيله عن الحكم والسلطة. ذلك ان سقوط أي سند دستوري لمرسوم قبول الاستقالة الذي أراده عون قنبلة سياسية امام العونيين في باحة قصر بعبدا لم يرق اطلاقا الى مستوى اجتذاب أي قوة استقطاب لجعل مرسوم متجاوز للدستورية يشل حكومة تصريف الاعمال تحت حجة عدم شرعيتها لتولي صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة. 

ثانيا: كشفت الساعات التي اعقبت خروج عون من بعبدا مدى العزلة العميقة التي أحاطت بانتهاجه نهج التصعيد الداخلي والاتجاه مع تياره الى محاولة احداث فرز سياسي – طائفي لاشعال حرب على الحكومة، فجاءت المواقف الجدية المعلنة او المكتومة من قبل حلفائه وخصومه سواء بسواء لتثبت ان أي طرف في الداخل لا يشجع ولا يرغب في افتعال اضطرابات من شأنها ان تنزلق بالبلاد اكثر نحو متاهات بالغة الخطورة. يثبت ذلك غياب أي مواقف سياسية حادة او استفزازية في الملف الحكومي، فيما يبدو واضحا ان ثمة اقتناعا غالبا بضرورة التزام الحكومة بالتقييد الذي يفرضه واقع تصريف الاعمال أساسا، بالإضافة الى ضرورة التوجه نحو استعجال انتخاب رئيس الجمهورية الرابع عشر كاولوية دستورية ووطنية وميثاقية ووجودية بالكامل.

ثالثا : سقط التهويل بشل حكومة تصريف الاعمال الذي يعتبر هدفا تدميريا انتحاريا لاحداث الفوضى في ظل مضي الحكومة في عملها كما في ظل التراجع عن التهديدات بامتناع وزراء معينين عن ممارسة واجباتهم الوزارية لئلا يعين بدلاء منهم من الوزراء الذين يحملون حقائبهم بالوكالة. ولم يكن مشهد وصول الرئيس ميقاتي امس الى الجزائر لتمثيل لبنان في القمة العربية سوى دليل على مضي الحكومة في عملها علما ان وزيرين من الوزراء المحسوبين على عون هما في عداد الوفد الرسمي الى القمة. وبدا لافتا ما ذكر عن ان المدير العام لرئاسة الجمهورية اتصل امس بميقاتي قبل سفره وعرض عليه اصدار مرسوم تشكيل الحكومة كما هي ولكن ميقاتي رفض ذلك .

رابعا: مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري المجلس الى جلسة الخميس لتلاوة رسالة الرئيس السابق ميشال عون الى المجلس التي يطالب فيها بسحب التكليف من الرئيس نجيب ميقاتي وتشكيل حكومة جديدة، يكون الجواب على الرسالة قد حسم واقعيا سلفا باعتبار المضمون فاقدا للجدوى الدستورية بما يمكن معه اصدار توصية لحكومة تصريف الاعمال بالتزام ما التزمه سلفا وعلنا رئيسها في اطار المنحى الدستوري المقيد وعدم الدعوة الى جلسات لمجلس الوزراء الا في الحالات الطارئة الاضطرارية فقط.
 
وفي حين انتهت رسميا ولاية عون منتصف الليل الفائت، وصل ميقاتي امس الى الجزائر لتمثيل لبنان في القمة العربية، في دورتها الحادية والثلاثين التي ستعقد اليوم وغدا، وكان في استقباله في مطار هواري بومدين الوزير الاول في الجزائر ايمن بن عبد الرحمن، ووزير الخارجية رمطان لعمامرة والامين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط . وضم الوفد الرسمي اللبناني الى القمة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، السفير اللبناني في الجزائر، مدير القسم العربي في وزارة الخارجية علي المولى، والمستشار الديبلوماسي للرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر. واصطحب ميقاتي معه وزير الطاقة والمياه وليد فياض الذي سيجري محادثات مع المسؤولين الجزائريين تتناول التعاون النفطي بين البلدين.

الحكومة اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل