لبنان
الرئيس عون غادر بعبدا وقبل استقالة الحكومة.. أزمة سياسيّة دستوريّة فُتحت في مهبّ "الفراغين"
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة ليوم الاثنين على دخول لبنان منتصف ليل اليوم الفراغين الرئاسي والحكومي، وذلك تزامنًا مع مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقصر بعبدا وقبول استقالة حكومة نجيب ميقاتي الذي بحسب قول عون "لا رغبة له بتأليف حكومة". وما زاد المشهد تأزمًا هو الرد المضاد من ميقاتي الذي رأى عدم دستورية مرسوم قبول الاستقالة، ومؤكدًا استمرار الحكومة في تصريف الاعمال.
وعلى وقع الأزمة الحاصلة، توجّهت الأنظار نحو رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تسلمّ رسالة الرئيس عون لنزع التكليف عن الحكومة، ورسالة ميقاتي بأنّ الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة، وتوقعت الصحف اللبنانية أن يدعو الرئيس بري إلى جلسة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية منتصف الأسبوع المقبل.
"الأخبار"| عون من بعبدا إلى الرابية: المعارك الدستورية فُتحت
غداً، يدخل لبنان عهد الفراغ الرئاسي الثالث معطوفاً على فراغ حكومي للمرة الأولى منذ إقرار اتفاق الطائف نهاية تسعينيات القرن الماضي. يومُ الرئيس ميشال عون لم يكُن كيوم سلفيه الرئيسيْن إميل لحود (الذي غادر القصر في 24 تشرين الثاني 2007) وميشال سليمان (25 أيار 2014). التسلم والتسليم «غير الهادئ» سياسياً يؤشر إلى أن المفاعيل السياسية لهذا الفراغ ستكون كبيرة على المشهد السياسي بشكل عام في ضوء ترقب حرب قاسية سيشنها عون ورئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل على كامل «المنظومة» من «القوات» و«المردة» و«الاشتراكي» و«أمل»، بعد فشل كل «المبادرات الإنقاذية» التي رعاها حزب الله أخيراً للاتفاق على تأليف الحكومة. ويؤكد مطلعون أن ثلاثة معارك ستشغل الجنرال في الأيام المقبلة:
أولها، معركة الاستحقاق الرئاسي وهو ألمح إلى خطوط عريضة ستبلورها الأيام المقبلة أكثر.
ثانيها، معركة «كسر عظم» ضد الرئيس نبيه بري. وفي هذا السياق، سألت مصادر في التيار الوطني الحر «كيف يمكن لمن يدعو إلى حوار بين اللبنانيين أن يفتح النار على قسم منهم شتماً وهجوماً كما فعل رئيس المجلس في اليومين الماضيين؟».
ثالثها، معركة النظام التي بدأها في قصر بعبدا ويتطلع إلى استكمالها لتيقنه بأن انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين الحكومات وتغيير الوزراء لن تؤدي الغاية منها ما لم تعالج الثغر الكثيرة في النظام والتي لم يعد ممكناً التعايش معها.
فريق رئيس الجمهورية كان حريصاً، في اليوم الأخير لعون في بعبدا، على التأكيد أن الفرصة لا تزال متوافرة حتى الدقيقة الأخيرة من عمر الولاية لتأليف حكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع تقديم شرح تفصيلي لأداء الرئيس المكلف، والتنبيه إلى خطورة الفراغ والتحذير من الفوضى، مقروناً بمشهدية شعبية تشير إلى أن «المعركة مستمرة»، و«مع تحررنا من قيود الموقع لا شيء سيردعنا».
الحشد الضخم الذي رافق خروج الرئيس من بعبدا إلى الرابية، أمس، «يُفترض أن يُفهم منه ما نعنيه عندما نقول إننا لن نسمح لحكومة فاقدة الميثاقية والشرعية أن ترث صلاحيات رئيس الجمهورية»، على ما قالت مصادر التيار لـ«الأخبار»، محذّرة من أن البلد «ذاهب إلى كارثة في بلد منهار يعاني فراغاً رئاسياً وحكومياً»، ومشيرة إلى أن «الفرصة لا تزال متاحة لتشكيل حكومة حتى اللحظة الأخيرة». فيما تحدثت معلومات عن محاولات حثيثة، في ما تبقّى من ساعات قبل نهاية العهد، للدفع نحو تشكيل حكومة يوقّع عون مراسيم تشكيلها، مع تشديد على وجوب ألا يترك الفراغ أي تداعيات على الأرض وأن يبقى التباين والخلاف في إطار المواقف السياسية. وفي هذا السياق، قالت مصادر متابعة إن حزب الله «لا يريد مقاطعة حكومة تصريف الأعمال، لكنه في الوقت نفسه يشدّد على ضرورة ألا تتخذ الحكومة أو رئيسها قرارات استفزازية منفردة متجاهلة فريقاً أساسياً كالتيار الوطني الحر». فيما كشفت مصادر لـ«الأخبار» أن الحزب اتفق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على ألا يدعو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أي جلسة لحكومة تصريف الأعمال «إلا في الحالات الاستثنائية والطارئة، وبعد نيل موافقة كل الأطراف الممثلة في الحكومة».
فيما رفع الرئيس المكلف السقف بالإعلان أن الوزراء الخمسة المقاطعين، «يمكن أن يطلبوا إعفاءهم من مهامهم، فإما نعين مكانهم وإما يتصرف في وزاراتهم الوزراء بالوكالة»، مشدداً على أنه «إذا كانت هناك من مصلحة لاجتماع وزاري فسوف يعقد». وأبلغ قناة «الجديد» أنّه سيصطحب معه وزير الطاقة وليد فياض ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى القمة العربية»، فيما قالت مصادر متابعة إن باسيل «لن يطلب من الوزراء المحسوبين عليه إلى طلب إعفائهم لأنه حتماً لن يعطي لميقاتي ورقة تعيين بديل عنهم أو نقل مهماتهم إلى وزراء بالوكالة، خصوصاً في وزارة الطاقة. وأكد ميقاتي أنه لن يدعو إلى جلسة مجلس وزراء «إلا إذا كان هناك ما يدعو إلى ذلك، أي في حالات خاصة، والوزراء يستكملون عملهم في وزاراتهم».
عون قبل مغادرته بعبدا كان حريصاً، بعد إعلانه توقيع مرسوم اعتبار حكومة ميقاتي مستقيلة، على القول إنه فعل كل ما في وسعه لعدم ترك البلد في فراغ حكومي، وهو فصّل مساعيه في رسالة إلى مجلس النواب، ناسباً إلى ميقاتي أنه «قد أعرب لنا، كما لسوانا، عن عدم حماسته للتأليف لأسباب مختلفة، منها أن الأولوية هي لانتخاب رئيس (...) وقوله إن لا مصلحة في تأليف حكومة جديدة وتحمّل كامل المسؤولية بصفته رئيساً لها في حال خلو سدة الرئاسة في حين أن لا مسؤولية كاملة عليه عندما تكون الحكومة في حال تصريف أعمال».
وأضاف أن «لقاءاتنا كانت تدور في حلقة من العراقيل المتنقلة التي تدل على عدم رغبته بتأليف حكومة (...) حتى أن أتى مودعاً قبل أيام من انتهاء الولاية الرئاسية أبدينا إصراراً على التأليف داعين إياه إلى الاجتماع مساء في القصر للاتفاق على إصدار مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أنه لم يأبه ولم يعر أذناً صاغية حتى للوسطاء لبذل أي جهد على صعيد التأليف». ووصف الحكومة الحالية بأنها «فاقدة الشرعية الشعبية والدستورية والميثاقية (...) وعليه يتوجب على دولة الرئيس المكلف أن يعتذر، لكي يصار فوراً إلى تكليف سواه تجنباً للفراغ، هذا إذا لم يبادر مجلسكم الكريم إلى نزع التكليف، فيما هو من أعطاه إياه»، داعياً إلى أن «يتخذ مجلسكم الموقف أو الإجراء أو القرار اللازم».
ورداً على رسالة عون أعلن ميقاتي في رسالة إلى مجلس النواب أن حكومته «ستتابع القيام بواجباتها الدستورية ومن بينها تصريف الأعمال ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف»، معتبراً أن «المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة أصلاً بمقتضى أحكام الدستور، يفتقر إلى أي قيمة دستورية». إلا أن رئيس الحكومة المكلف لن يرد على الاتهامات التي وجّهها إليه عون في رسالته وما نقله عن لسانه بعدم رغبته بالتأليف.
رئيس المجلس، من جهته، اكتفى بالإعلان أنه تسلم من ميقاتي «بعد تبلغه مرسوم الاستقالة من رئيس الجمهورية رسالة يبلغه فيها متابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها الدستورية»، كما تسلم من رئيس الجمهورية «رسالة موجهة إلى المجلس النيابي بواسطة رئيسه يدعو فيها إلى عقد جلسة للمجلس لاتخاذ التدبير المناسب». ولم يعلن بري عن نيته دعوة المجلس إلى الانعقاد، علماً أن المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب تنص على أنه في حال وجه رئيس الجمهورية رسالة خطية إلى المجلس، على رئيس المجلس دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ إبلاغه الرسالة واتخاذ الموقف المناسب منها.
"البناء"| السيد نصرالله: ما تحقق إنجاز تاريخي ونحيي شجاعة وحكمة عون وبرّي وثبات الوفد المفاوض
رغم الصخب السياسي والإعلامي الذي رافق مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقصر بعبدا، وما أثاره السجال السياسي حول مستقبل الفراغ الرئاسي والحكومي من ترددات مقلقة حول الأيام المقبلة، بقي الحدث في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي توجت نهاية ملف ثروات النفط والغاز، التي استقطبت الاهتمام الخارجي والداخلي، خصوصاً بما تضمنته من شرح تفصيلي للملف ومسار التفاوض ودور المقاومة في صناعة ما وصفه بالإنجاز التاريخي. ووجه السيد نصرالله التحية لشجاعة وحكمة كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وصلابة صمودهما في الدفاع عن حقوق لبنان ورفض خط الوسيط الأميركي فريديريك هوف، متمنياً الإنصاف لكل منهما في تقييم دوره في تحقيق الإنجاز، وحيا صلابة واحترافية وجهود الوفد المفاوض وتأييد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمواقف الرئيسين عون وبري. وشرح نصرالله نجاح المقاومة بالتقاط اللحظة التاريخية المتمثلة بنتائج الحرب في أوكرانيا وما فرضته من معادلات جديدة، سواء لجهة السعي الأميركي لتفادي أي حرب في المنطقة، أو لجهة الحاجة الماسة لتأمين بدائل عن روسيا في مجال الطاقة لأوروبا، وقال إن المقاومة عندما هددت بالحرب كانت جاهزة لها، وإن ما قاله الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين عن تفسير أسباب التوصل إلى الاتفاق بصورة سلمت للبنان بمطالبه بالقلق من خطر الحرب، وما قاله عن أن الحرب لو وقعت كانت ستشعل البحر المتوسط وتقطع خطوط الملاحة التجارية والنفطية فيه.
وقال نصرالله إن العجز الإسرائيلي عن خوض الحرب كان وراء التهرّب من المواجهة وقبول المطالب اللبنانية، وإن هذا التهرب كشف عمق الأزمة الإسرائيلية الداخلية من جهة، وتنامي ميزان القوى لصالح المقاومة من جهة موازية، مضيفاً أن ما يجري في الضفة الغربية من نمو في أعمال المقاومة كان في صلب العوامل التي ساهمت بولادة هذا الإنجاز.
وختم السيد نصرالله بالحديث عن ضمانات تنفيذ الاتفاق وعدم لجوء الاحتلال الى المراوغة واحتمال محاولة الاحتلال تعطيل حق لبنان بالتنقيب والاستخراج، فقال إن الضمانة التي فرضت الاتفاق وهي قوة المقاومة والوحدة حول الحقوق اللبنانية، هي الضمانة لإلزام الاحتلال بعدم المخاطرة ومحاولة العبث خلال قيام لبنان بممارسة حقه بالتنقيب والاستخراج، خاتماً بالقول، لا استخراج للغاز لأحد من البحر المتوسط ما لم يتمكن لبنان من التنقيب والاستخراج.
في الشأن السياسي الداخلي كان الحدث بين بعبدا والرابية بانتقال رئيس الجمهورية محاطاً بمناصريه وجمهور التيار الوطني الحر، ورفعه للسقف السياسي للمواجهة مع سائر أركان الحكم الذين وصفهم بالمنظومة، مركزاً على حاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وأعلن الرئيس عون قبول استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، موجهاً رسالة لمجلس النواب بواسطة رئيسه نبيه بري، تدعو لسحب التكليف من الرئيس ميقاتي اذا لم يستجب الرئيس ميقاتي لدعوة تشكيل حكومة في الوقت المتبقي من الولاية الرئاسية، وجاء ردّ ميقاتي سريعاً بإعلان تمسك حكومته بممارسة صلاحياتها في تصريف الأعمال واعتبار إعلان عون لقبول الاستقالة لزوم ما لا يلزم، وفيما يسافر ميقاتي الى الجزائر للمشاركة في أعمال القمة العربية، ويكمل إلى القاهرة بعدها للمشاركة في قمة المناخ، تنتهي ولاية الرئيس عون منتصف ليل اليوم، ويتوقع أن يدعو رئيس المجلس النيابي لجلسة استماع لرسالة رئيس الجمهورية يوم الخميس، ما يعني أن التجاذبات والسجالات تدور خارج إمكانية تقديم أي حلول عملية، فالفراغ الرئاسي محتّم، والانقسام حول الحكومة وأهليتها لممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، مدخل لانقسام سياسي وطائفي ينذر بتوترات شعبية في مناخ من الاحتقان العالي في الشارع تظهره اللغة الاعلامية ومفردات التخاطب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيونات.
وبعد تبلغه مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تسلم رئيس مجلس النواب نبيه بري من الرئيس نجيب ميقاتي كتاباً يبلغه فيها أن الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عنها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته (تنظيم اعمال مجلس الوزراء) ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف». واعتبر ان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة أصلاً بمقتضى احكام الدستور، يفتقر الى اي قيمة دستورية».
وكان الرئيس بري تسلم رسالة من رئيس الجمهورية موجهة للمجلس النيابي، بواسطة رئيسه، يدعو فيها الى عقد جلسة للمجلس لاتخاذ التدبير المناسب. بعدما أعلن الرئيس عون، «أنّني بحسب صلاحياتي الدستورية وقعت مرسوم استقالة الحكومة». ودعا عون مجلس النواب الى ان «يبادر الى نزع التكليف عن الحكومة، في ما هو من أعطاه إياه، كي يصار فوراً الى تكليف سواه وإصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنباً للفراغ».
ورأت مصادر عين التينة لـ»البناء» ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا يخالف الدستور وهو سيدعو الى جلسة في اليومين المقبلين، لكنها لفتت الى ان لا مفاعيل سياسية لمرسوم الرئيس عون، فالحكومة مستقيلة بحسب الدستور وبالتالي لا داعي الى قرار او مرسوم،| مشيرة الى ان حزب الله وحركة امل ليسا في وارد الدخول في اي اشتباك مع الطائفة السنية وبالتالي لن يتجاوبا مطلقا مع دعوة سحب التكليف من الرئيس ميقاتي».
وكشف ميقاتي في حديث لقناة «الجديد» أنه يصطحب معه إلى القمة العربية اليوم وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض. وأشار ميقاتي الى أن عنوان المرحلة هو عدم التصادم مع أحد والمستقبل هو من يرسم لنا خطواتنا، وإذا كان هناك من مصلحة لاجتماع وزاري سوف يُعقد.
أما عن الوزراء الخمسة المقاطعين، فقال ميقاتي: يستطيعون أن يطلبوا إعفاءهم من مهامهم، فإما نعين مكانهم وإما يتصرف في وزاراتهم الوزراء بالوكالة، لكنه قال بـ»أن هؤلاء لن يفعلوا حيث لا مقاطعة ولا تعيين بديل, لا سيما أن اجتماعهم برئيس التيار جاء قبل أيام من نهاية العهد».
وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط: «ما صدر مرسوم سياسي وليس دستوريًا، والرئيس عون هدّدنا بفوضى دستورية». وأضاف في حديث تلفزيوني: «عون يفسر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي الى مزيد من الإرباك ورد ميقاتي كان في محله».
"النهار": الانهيار يسلّم الفراغ... انتهت ولاية عون
بعد ست سنوات مثقلة بكم هائل من الازمات التي توجّها انهيار غير مسبوق في تاريخ #لبنان سلما وحربا، انتهت ولاية الرئيس الثالث عشر للجمهورية #ميشال عون واقعيا منذ البارحة على ان تتثبت هذه النهاية دستوريا ورسميا منتصف ليل هذا اليوم. وإذ انتقل عون بعد ظهر امس الى دارته الجديدة في الرابية إيذانا بنهاية الولاية وبداية مرحلة قيادته المتجددة لتياره، ولو من موقع المؤسس والرمز "والمرشد"، فانه ابى الاعتراف بالتقاعد السياسي عبر طريقته التقليدية ولو اقترب من سن التسعين فاطلق من بعبدا، لحظة مخاطبته الجمهور العوني المحتشد لوداعه في باحات القصر وابلاً من المواقف التصعيدية خلط فيها صفة ما يعتبره دستوريا بالصفة السياسية ماضيا في تصعيد بلا افق لتصفية الحسابات مع شركائه في السلطة تحت الشعار المعروف "ما خلونا" وهم السارقون الفاسدون ونحن الاخيار المصلحون.
لم يكن مضمون خطاب عون امام حشد مناصريه جديدا، اذ كرر كل ما ساقه في المقابلات الإعلامية الكثيفة التي اجراها في اخر أيامه في القصر الجمهوري. لكن المفاجأة انه خطب كرئيس لـ"التيار الوطني الحر" وليس كرئيس مغادر تحت وطأة تبعة هائلة يتحملها عهده تاريخيا، ولو لم يكن مسؤولا عنها وحده هي تبعة الانهيار.
بدا واضحا بذلك ان "الوداع الشعبي" في "بيت الشعب" اريد من خلاله حجب الاثقال التي يخرج بها العهد من سنوات الانهيار بعدما وصم عهده بانه عهد الانهيار. ومع ان للانهيار أسبابه الكثيرة التي لا يمكن القاء مجمل تبعاتها على العهد فان سياسات الانكار التي مضى فيها عون وفريقه السياسي عبر رمي كل التبعات في مرمى بعض الشركاء والخصوم السياسيين والتنصل من كل تبعة ارخت عليه مزيدا من المسؤولية. لذا اتسمت الساعات الأخيرة من ولاية عون بانزلاقه مجددا الى محاولات احداث اضطراب سياسي واسع على خلفية اشعال خلاف دستوري لنزع الشرعية والميثاقية عن حكومة تصريف الاعمال ودفع مجلس النواب الى سحب تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة او تاليف حكومة جديدة في ساعات قليلة !
وفي الوقت الذي لم يشكل اصدار عون مرسوم قبول استقالة الحكومة مفاجأة لاحد، فان الجديد الذي وفره للحظة الخروج "المتوهج" تمثل في بعثه بالرسالة الأخيرة لمجلس النواب قبل ساعات قليلة من مغادرته قصر بعبدا في محاولة واضحة لتوريطه في لحظات النزاع الأخير مع ميقاتي وحشره في زاوية اتخاذ موقف اما بتبني مطلب عون نزع التكليف من ميقاتي، واما اجتراح معجزة تشكيل حكومة في الساعات الفاصلة عن منتصف الليل المقبل. وزاد المشهد تازما وتعقيدا ان ميقاتي سارع الى الرد برسالة مضادة الى رئيس مجلس النواب مشددا فيها على عدم دستورية مرسوم قبول الاستقالة، ومؤكدا استمرار الحكومة في تصريف الاعمال. بات بذلك مجلس النواب امام واقع شديد التعقيد في تشابك وتزامن الأولويات التي تمنع احدها بت الأخرى. فالمجلس هو راهنا هيئة ناخبة لرئيس الجمهورية منذ بداية الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية بما قد يحول دون درسه وتفرغه لاي امر اخر قبل انتخاب الرئيس الجديد.
واذا كان المجلس هو المؤسسة المعنية بتفسير القوانين وجرى احتكام رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال اليه في حالة عاجلة ملحة، فانه سيتعين على رئاسة المجلس ان تبت الامر بسرعة. وقد علم ان بري قرر ليلا دعوة المجلس الى جلسة الخميس المقبل لتلاوة رسالة عون وتقرير الموقف منها. ويشار في هذا السياق الى ان الغالبية الكبيرة من الأوساط النيابية والحقوقية المختصة تجزم بان مرسوم قبول الاستقالة هو اجراء سياسي وليس دستوريا وان الساعات المقبلة سترسم السيناريو الواضح لبقاء حالة تصريف الاعمال بعدما تتخذ كل القوى المشاركة في الحكومة مواقفها من هذا النزاع .
أولى الأصداء الخارجية لمغادرة عون جاءت من باريس حيث نقلت مراسلة "النهار" رندة تقي الدين عن مسؤول فرنسي رفيع ومتابع للأزمة اللبنانية تعليقه لـ"النهار" بقوله ان الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي هي حكومة تصريف اعمال، وانه "يتعين عليها بإلحاح ان تجري الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والتي وحدها تخرج لبنان من ازمته الكارثية. كما ان على لبنان والمجلس النيابي الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فالانتخاب الرئاسي ضروري كما ان الاصلاحات ضرورية، وهو ما تركز عليه الرئاسة الفرنسية بالنسبة الى لبنان".
وكان عون خاطب أنصاره المحتشدين في قصر بعبدا قبيل انتقاله الى الرابية قائلا "وجّهت اليوم صباحاً رسالة الى مجلس النواب بحسب صلاحياتي الدستورية ووقّعت مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة. إن اليوم نهايةُ مهمّة، وليس نهاية عمل ووداع. اليوم اللقاء الكبير، وقد عدنا من الحجر الى البشر". واعتبر "إن البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. واصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأن المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصّل حقوق الناس". وتساءل: "ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من ايصاله الى المحكمة؟ فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاما اوصلونا الى هذا الحال".
ودعا عون في الرسالة التي بعث بها الى مجلس النواب الى ان "يبادر المجلس الى نزع التكليف عن الحكومة، في ما هو من أعطاه اياه، كي يصار فورا الى تكليف سواه واصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنبا للفراغ". وجاء الرد من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برسالة لرئيس المجلس اكد فيها أن "الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الاعمال وفق نصوص الدستور والانظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عنها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته ( تنظيم اعمال مجلس الوزراء)ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف" واعتبر "ان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة اصلا بمقتضى احكام الدستور، يفتقر الى اي قيمة دستورية".
وفي هذا السياق اكد الرئيس ميقاتي لـ"النهار" أن "المرحلة المقبلة ستكون قائمة على تصريف الأعمال للاهتمام بتسيير أمور الدولة وشؤون المواطنين"، لافتاً إلى أن "الحلّ الأول والأخير يتمثل في الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية سريعاً". وردّاً على سؤال حول مقاطعة بعض الوزراء للأعمال الحكومية، قال ميقاتي "إنني واثق بأنّ أيّاً من الوزراء لن يتقاعس عن القيام بواجباته الوطنية أو الحضور إذا استلزم الأمر. وأنا أعرف كلّ الوزراء وكنت اختبرتهم حكومياً وعلى ثقة بحسّهم الوطني". وعن المسائل الطارئة والملحّة التي ستتولى حكومة تصريف الأعمال التركيز على معالجتها في المرحلة المقبلة، قال ان "هناك مواضيع عدّة آنية بدءاً من الكهرباء والمساهمة في تحسين التغذية، وصولاً إلى ضرورة إقرار مشاريع القوانين الإصلاحية في مجلس النواب التي يؤكد عليها صندوق النقد الدولي، مع الإضاءة على أهمية التشريع وحضور جلسات المجلس النيابي".
ووصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المرسوم الذي أصدره عون بانه سياسي وليس دستوريا وقال "الرئيس عون هددنا بفوضى دستورية وعون يفسر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي الى مزيد من الارباك واكد ان رد ميقاتي كان في محله .
وفي جانب اخر متوهج من المشهد تواصلت فصول الانفجار السياسي الإعلامي العنيف بين عون والنائب جبران باسيل من جهة وحركة "امل" من جهة أخرى . وقد واصلت محطة "ان بي ان" امس هجماتها الحادة على عون وجاء في مقدمة نشرتها الاخبارية بمناسبة مغادرة عون للقصر الجمهوري: "اليوم تجزى كل نفس بما كسبت، ويجزى كل عهد بما أنجز، عهد مفلس يأفل، ولا يملك في رصيده سوى الكذب على الناس، وزجلية "ما خلونا" تشهد معطوفة على نغمة جديدة إسمها النضال لإصلاح ما خربه العهد نفسه، عهد مازال ولّاد أزمات حتى آخر دقيقة في بعبدا ووهم مرسوم استقالة الحكومة الفاقد للقيمة الدستورية يؤكِّد، عهد لا يريد للناس حتى بعد إنتهاء صلاحيته أن تتنفس، أن ترى ضوء الشمس أو بصيص أمل الا من خلال خُرمِ إبرة تنفيذ الأجندات الخاصة لصغير الورثة في العائلة وكبير الكسبة في الصفقات".
وأضافت "المفارقة اليوم أن هناك إجماعاً وطنياً على الفرح بإنتهاء عهد الذل، هناك من أضاء شمعة، من صلى ركعتي شكر، من كسر جرة، من وزع الحلوى، فيما العهد والحاشية يحتفلان، في محاولة لإستعادة شعبية مفقودة ولو على حساب إستنزاف موقع الرئاسة حتى الريق الأخير "يلي نشف" … وللتاريخ نقول لفخامة الرئيس، للأسف معك حق: ليتك ورثت بستان جدك وما عملت رئيس جمهورية لأنك حولت الجمهورية الى مزرعة والأنكى أنك تريد توريثها على خرابها".
ووسط هذه الأجواء المحتدمة اتخذ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقفا مرنا من تقويم عهد عون اذ اعتبر انه "لم يكن سهلا، بل محفوفا بالأخطار والظروف الصعبة. فكان لبنان وسط محاور المنطقة وصراعاتها، وعرف أسوأ أزمة وجودية في تاريخه الحديث، انعكست عليه وعلى الشعب اللبناني اقتصاديا وماليا واجتماعيا؛ وما زال في دائرة الخطر على كيانه ونظامه الدستوري". وناشد الراعي النواب "القيام سريعا بواجبهم وانتخاب رئيس جديد، لأن الشغور الرئاسي ليس وكأنه قدر في لبنان، بل هو مؤامرة عليه بما يشكل في هذا الشرق من خصوصية حضارية يسعى البعض إلى نقضها. والدولة بلا رئيس كجسم بلا رأس. والجسم لا يحتمل أكثر من رأس". وشدد على اجراء الإنتخاب "لا بالإتفاق المسبق على الإسم، لأنه غير ممكن، بل بجلسات الإقتراع المتتالية والمصحوبة بالتشاور وبالمحافظة الدائمة على النصاب".
"الديار": البلاد تتجه الى أزمة سياسيّة مفتوحة مع تعثّر الوساطات
إرتأى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الانتقال من القصر الجمهوري إلى منزله في الرابية، كرئيس للجمهورية محاطًا بحماية أمنية من الحرس الجمهوري واحتفال شــعبي من مناصريه، بدل أن ينتقل إليه كرئيس سابق، وبالتالي فهو باقٍ رئيسًا للجمهورية حتى منتصف هذه الليلة. دخل «جنرال قصر بعبدا» التاريخ وهو قائد الجيش الذي «تمرّد» على الميليشيات وعلى الوجود السوري، وقاتل كل الأفرقاء السياسيين، وحلّ المجلس النيابي، وعارض الوفاق الوطني، وجذب إليه دعم مناصرين بقوا أوفياء له.
لعب فخامة الرئيس كل أوراقه، ولم يستطع إيصال النائب جبران باسيل إلى كرسي الرئاسة، أو حتّى إعطاءه كلمة وازنة في حكومة جديدة كان من المفروض أن تتشكّل قبل انتهاء الولاية الرئاسية. هذا الأمر فشل بسبب التحالف القائم، خصوصًا بين الرئاستين الثانية والثالثة، والذي ردّ كل مطالب التيار الوطني الحر في ما يخص الحكومة العتيدة.
التوقّعات بتشكيل الحكومة في ظل هذه الظروف تتجه إلى السلبية، حتى ولو أن المعلومات تشير إلى أن حزب الله – الذي أصبح يؤدي دور الوسيط بين القوى المتخاصمة – يعمل على تشكيل حكومة من خلال تقريب وجهات النظر بين ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وإذا نجحت هذه المساعي (الاحتمالات ضعيفة)، فإن الرئيس عون مستعدّ لتوقيع مراسم التشكيل من الرابية، كما قال.
إلا أن مصدراً سياسياً معارضاً، علّق على هذا الموضوع بالقول إن هذا الأمر شبه مستحيل نظرًا إلى الخطوة التصعيدية التي قام بها الرئيس عون من خلال توقيعه مرسوم قبول استقالة الحكومة، وهو ما يجعل البلد في حال فراغ دستوري يتحمّل الرئيس عون مسؤوليته. أضاف المصدر، «كان الأجدى بالرئيس عون التراجع عن بعض المطالب الحكومية من اجل الشعب اللبناني الذي يئن تحت عبء الأزمة الاقتصادية».
توقيع الرئيس عون على استقالة الحكومة له تفسيرات سياسية وقانونية مختلفة، حيث يشير المصدر إلى أن توقيع عون قد يكون وسيلة للضغط على القوى السياسية لانتخاب رئيس للجمهورية خوفًا من تخليد حكم حكومة تصريف الأعمال. وفي الجهة المقابلة قد يكون الرئيس عون اتبع استراتيجية شمشوم الجبار «عليّ وعلى أعدائي يا رب».
قانونية توقيع عون على استقالة الحكومة
أما قانونيًا، فهناك وجهتا نظر:
- الأولى: تقول إن لا قيمة لتوقيع الرئيس عون لأن الدستور لم يحدد شكل الحكومة التي تستلم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال فراغ المنصب الرئاسي الأول.
- الثانية: هي أقرب إلى استخدام تقاطع عدة مواد من الدستور عبر التمييز بين مجلس الوزراء وبين الحكومة، حيث ان الدستور يعطي مجلس الوزراء مجتمعًا صلاحيات الرئيس، في حين أن حكومة تصريف الأعمال - التي تصبح مجلس الوزراء حين انعقادها - لا تجتمع، وبالتالي أصبحنا اليوم أمام واقع لا يوجد فيه رئيس للجمهورية ولا حكومة، والمجلس النيابي هو هيئة انتخابية، ومع التباعد بين الأفرقاء السياسيين الحاصل اليوم، هناك شبه استحالة أن يتم الاتفاق على رئيس للجمهورية اللبنانية.
التوقّعات للمرحلة المقبلة هي سيئة. فقد بدأت ملامح صراع سياسي واضح من خلال الرسائل التي أرسلها كلٌ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي.
فقد تسلّم برّي رسالة من رئيس الجمهورية ميشال عون موجّهة إلى المجلس النيابي عبر رئيسه، يدعوه فيها إلى المبادرة «الى نزع التكليف عن رئيس الحكومة، فيما هو من أعطاه اياه، كي يصار فورًا الى تكليف سواه واصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنبا للفراغ». واتهم رئيس الجمهورية في هذه الرسالة ميقاتي بعدم حماسته لتشكيل الحكومة، كما أعرب عنها لرئيس الجمهورية، كما أنه – أي ميقاتي – «لم يأبه إلى دعوة الرئيس عون خلال الاجتماع الأخير في قصر بعبدا إلى تشكيل الحكومة الجديدة ولم يُعر أذنًا صاغية» بحسب تعابير الرئيس عون.
واعتبر الرئيس عون أنه «لا يوافق قطعًا على ان تمارس حكومة كهذه لا تتولى اختصاصها الذي ناطه الدستور بها في المادة 17 منه الا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وحذّر في الرسالة من «خطورة ان رئيس حكومة تصريف الأعمال، المكلف والممتنع عن التأليف، يرغب في عقد جلسات لمجلس الوزراء ورقابة مجلسكم منعدمة...» مؤبدًا، بحسب عبارة عون، «حالة التصريف ويفاقم الفراغ فراغا ويسطو على رئاسة الجمهورية».
خطوات التيار الوطني الحر
هذه الخطوة التصعيدية للرئيس عون، والتي من المتوقّع ألا تؤدّي إلى أي نتيجة نظرًا إلى تموضع القوى السياسية، تشكل جزءاً من مجموعة خطوات وضعها الفريق الرئاسي والتيار الوطني الحر:
- أولًا : الطلب من وزراء التيار الوطني الحر في الحكومة عدم حضور جلسات لمجلس الوزراء يدعو إليها ميقاتي.
- ثانيًا : توقيع الرئيس عون مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي الحالية بهدف شلّها.
- ثالثًا : توجيه رسالة من رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي يطلب فيها سحب التكليف من ميقاتي ليصار إلى تكليف شخص آخر تشكيل الحكومة.
- رابعًا : وضع خطة للتواصل مع الحلفاء والقوى السياسية بهدف تدعيم المسعى العوني الذي عبّر عنه التيار الوطني الحر بورقته الأخيرة.
- خامسًا : تصعيد الخطاب السياسي الإعلامي خدمّة لضرورات المعركة السياسية، خصوصًا ضدّ حاكم المركزي ورئيس القضاء الأعلى.
في مقابل هذه الخطوات، قام ميقاتي، وعلى أثر تبلّغه مرسوم قبول استقالة حكومته من رئيس الجمهورية، بإرسال رسالة إلى برّي، يبلغه فيها متابعة حكومته لتصريف الاعمال والقيام بواجباتها الدستورية كافة، وفقاً للنصوص الدستورية والانظمة التي ترعى عملها. واعتبر ميقاتي في نص الرسالة أن الحكومة مستقيلة أصلاً عملًا بأحكام الدستور، وبالتالي فإن مرسوم قبول استقالة حكومته الذي وقّعه رئيس الجمهورية «يفتقر إلى أي قيمة دستورية». أضاف ميقاتي في رسالته: «هذا المرسوم يرتدي، دون ريب، الطابع الإعلاني وليس الانشائي، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها أنّ تصريف الأعمال يُمسي من واجبات الحكومة المستقيلة او التي تعتبر بحكم المستقيلة دونما حاجة لقرار يصدر عن رئيس الجمهورية بهذا الخصوص».
واختتم رسالته بالقول: «ولكون المرسوم، الذي قبل استقالة حكومة هي مستقيلة أصلاً وحكماً بمقتضى النص، يفتقر إلى أي قيمة دستورية تنعكس سلباً على وجوب تصريف الأعمال إضافة إلى ممارسة جميع ما يفرضه عليها الدستور من موجبات (...) للتفضل بأخذ العلم بمتابعة الحكومة لتصريف الاعمال والقيام بواجباتها الدستورية كافة وفقاً لنصوص الدستور وللأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عليها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته (تنظيم أعمال مجلس الوزراء)، ما لم يكن لمجلسكم الموقّر رأي مخالف.»
في الواقع، قراءة نصّ الرسالتين تؤدّي إلى إستنتاج واضح: هناك وجهتا نظر قانونيتان حول موضوع الحكومة، وبالتالي فإن الأيام المقبلة ستشهد صراعًا سياسيًا محتدمًا على السلطة سيكون له تداعيات على الواقع الاقتصادي والمعيشي المتدهور أصلاً. وبالتحديد فإن عدم اكتمال السلطة التنفيذية بشقيها رئيس الجمهورية والحكومة، سيكون له تداعيات على مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وعلى الإصلاحات المطلوبة أقلّه للحصول على الكهرباء والغاز من الأردن ومصر، وعلى الإجراءات الداخلية للحكومة للجم المسار التصاعدي للدولار.