لبنان
جلسة رابعة لانتخاب رئيس للجمهورية اليوم.. وفيضانات بعد "أول شتوة"
تتزاحم الملفات على الساحة المحلية قبيل أيام من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ومن المقرر اليوم انعقاد جلسة رابعة لانتخاب رئيس للبلاد بعد تعذر التوصل لنتيجة إيجابية يوم الخميس الفائت، ومن المتوقع أن تكون نتيجة جلسة اليوم كسابقاتها دون خروج للدخان الأبيض من مدخنة المجلس النيابي.
والمشاكل الكثيرة التي يحفل بها البلد رئاسيًا وحكوميًا، أضيف إليها وباء "الكوليرا" الذي يترصّد بحياة اللبنانيين شرًّا في وقت لا تملك فيه الدولة مقدرات لمواجهته.
وزاد الطين بلّة قرار جديد لحاكم المصرف المركزي مساء أمس، أنزل الدولار من فوق سعر الـ 40 ألف ليرة وأوصله إلى 35 ألفًا، في حين ان النعم الإلهية التي هطلت بعد ظهر أمس والتي من المفترض أن تكون خيرًا على البشر، تحوّلت إلى نقمة على بعض الطرقات اللبنانية، حيث تحولت إلى أنهار غمرت السيارات وسجنت السائقين ساعات داخلها.
"البناء": طافت الطرقات… والمركزي يخفض سعر الصرف
في الشؤون الداخلية طافت الطرقات الساحلية مع أول تساقط للأمطار، وفرض على اللبنانيين البقاء في الطرقات، والسيارات مغمورة بالمياه، بينما أكد وزير الأشغال علي حمية أن الوزارة قامت بما عليها وأن السبب يعود الى تراكم النفايات وعدم قيام الشركة المسؤولة عن رفعها بواجباتها، بينما فاجأ مصرف لبنان اللبنانيين بتخفيض سعر الصرف عبر إعلانه عن عدم شراء الدولار حتى إشعار آخر، وعرض الدولار للبيع على منصة صيرفة، ما أسفر عن انخفاض سعر الصرف الى الـ 34000 ليرة، ثم ارتفاعه مؤقتاً الى سعر الـ 37000 ليرة، بينما قالت مصادر مصرفية إن القرار كان متوقعاً صدوره مع اقتراب نهاية العهد الرئاسي للرئيس العماد ميشال عون، وتوقعت المصادر أن يواصل الدولار الانخفاض خلال الأسبوع الأخير من عهد الرئيس، ترجمة لقرار سياسي وليس لأسباب تقنية أو مالية، وكانت “البناء” قد توقعت هذا الانخفاض قبل أربعة أيام.
في السياسة ينعقد مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط انقسام سياسي مستمر تترجمه الجلسات السابقة وجلسة اليوم عجزاً عن انتخاب رئيس جديد، في ظل استمرار العجز عن تشكيل حكومة، بينما تحدثت مصادر على صلة بالملف الحكومي بأن الآمال معقودة على تجاوز الاستعصاء هذا الأسبوع، وعلى عزم رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة لحوار يضم رؤساء الكتل النيابية الى حوار مجلسي بعد نهاية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد طلباً للتوافق الذي يُخرج الاستحقاق من المأزق.
وفيما يصل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت يوم الأربعاء على أن يُسلّم رئيس الجمهورية نص الاتفاق الرسميّ لترسيم الحدود صباح الخميس في بعبدا، وبالتالي يقرّر رئيس الجمهورية من سيوفد الى الناقورة خلال اليومين المقبلين، عُلم أن توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وكيان الاحتلال سيكون يوم الخميس المقبل وسيمثل الجانب اللبناني إما أحد الضباط أو المديرة العامة للنفط في وزارة الطاقة أورور فغالي.
وكانت محكمة العدل العليا في كيان العدو رفضت أمس الاحد، جميع الالتماسات الأربعة ضد اتفاق الحدود البحرية بين كيان الاحتلال ولبنان، حيث يمهّد هذا الحكم الطريق أمام مجلس الوزراء للموافقة على الاتفاق خلال وقت لاحق من هذا الأسبوع، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وقال وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إن “قرار المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي برفض الالتماس ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، سيسمح لتل أبيب بالمُضيّ قدماً في الاتفاق المهم”. واعتبر غانتس أن “الاتفاق بشأن الحدود البحرية له تداعيات سياسية واقتصادية إيجابية على المنطقة بأسرها”.
وعلى صعيد العقد المتصلة بالملف الرئاسي، يتّجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدءًا من الأسبوع المقبل بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استمزاج آراء الكتل النيابية وقادة الأحزاب حول الدعوة لحوار مفتوح لبحث إمكان التوافق على شخصية لرئاسة الجمهورية قطعاً للطريق على فراغ رئاسي طويل الامد، وبحسب مصادر عين التينة لـ”البناء” فإن الهدف من الحوار إنقاذ لبنان، خاصة أن هذا البلد يعاني ازمات كثيرة على مختلف الصعد، معتبرة أن لا غنى عن الحوار في لبنان لتوفير أكبر عدد ممكن من المؤيدين لانتخاب رئيس توافقي فلا يمكن لأحد الذهاب الى تخيير اللبنانيين بين مرشح معين او الفراغ، معتبرة أن كفى لبنان انهياراً.
واشارت المصادر الى ان بري سوف يتواصل بالمباشر او عبر معاونيه مع الكتل النيابية كافة من أجل الحوار خاصة أن هناك حالة مراوحة في البلد يجب تجاوزها والاستفادة من اللحظات الايجابية من اجل تمرير الاستحقاقات بالتوافق بعيداً عن الفوضى.
وفيما يعتبر حزب الكتائب وحزب القوات وفق مصادرهما لـ”البناء” أنه من المبكر لأوانه إبداء الرأي بالحوار خاصة أن الأولوية اليوم لانتخاب رئيس يفترض أن يعقبه حوار ولا يسبق عملية الانتخاب، لا تزال قوى التغيير تنتظر ان توجه الدعوة رسمياً لتبني على الشيء مقتضاه، في حين ان اللقاء الديمقراطي اسوة بتكتل لبنان القوي وحزب الله يرحّب بالحوار للنقاش في كافة الملفات العالقة المتصلة بالرئاسة والأزمة الاقتصادية والمالية فضلاً عن علاقات لبنان العربية والدولية.
وتوجّه البطريرك الماروني بشارة الراعي الى النواب أمس، في عظة الأحد قائلاً: لقد كانت جلسة مجلسكم التي عقدت الخميس الماضي جلستين: جلسة انتخاب الرئيس داخل القاعة العامة، وجلسة تعطيل النصاب في الردهات المحيطة. كأن سوق التسويات والمساومات ينشط بين أعيان النواب لمعرفة ما إذا كانوا يدخلون القاعة ويصوِّتون أم يبقون في الردهات ويعطلون. لقد أصبحنا في ذروة الفساد السياسي الأكثر شراً من الفساد المالي.
واعتبر أن مصير لبنان يقرّره اللبنانيون بمساعدة الأمم المتحدة. نحن دعونا إلى مؤتمر من أجل تطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً، وسد الثغرات الناتجة في الدستور، وتصحيح اختلال النظام الديمقراطي في ممارسة الحكم، وإعلان المحافظة على حياد لبنان وتحييده، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
حكومياً، يبدو أن هذا الاسبوع سيكون حاسماً على الصعيد الحكومي، حيث من المتوقع أن تتألف الحكومة رغم وصول المفاوضات قبل نهاية الأسبوع الى طريق مسدود، الا ان الحراك الحكومي سيعود ابتداءً من اليوم على خط السراي – عين التينة – ميرنا الشالوحي من أجل تبديد الخلافات وتأليف الحكومة.
وكان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية نفى نفياً قاطعاً توجّه رئيس الجمهورية الى توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، وأكد أن لا اساس لها من الصحة جملة وتفصيلا وهي تندرج في أطار التشويش المتعمد والإساءة الممنهجة لموقع الرئاسة وشخص الرئيس.
إلى ذلك أفادت وزارة الخارجية السعودية، بأنّ “وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، التقى المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا.
جرى خلال اللقاء، استعراض آفاق التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات والتطورات في لبنان، والجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن”.
وفي وقت سابق، ذكرت وزارة الخارجية السعودية، أنّ “نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، التقى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، واستعرضا أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، بالإضافة لبحث التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
وزار السفير السعودي وليد البخاري فرنسا في اليومين الماضيين لتوقيع ثلاث مذكرات لبدء المرحلة التنفيذية الثانية من مشروع الصندوق السعودي الفرنسي المشترك.
نقدياً، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان انه “بناءً على المادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف سيقوم مصرف لبنان ومن خلال منصة SAYRAFA ببيع الدولار الأميركي حصرًا ابتداءً من يوم غد الثلاثاء علماً انه لن يكون شاريًا للدولار عبر منصة SAYRAFA من حينه وإلى إشعار آخر. كما نص عليه التعميم 161 يستمر دفع معاشات القطاع العام بالدولار الاميركي ومن ناحية اخرى تستمر سحوبات الـ 400$ لأصحاب الحسابات المصرفية، كما أنه يستمر العمل بالتعميم 151 والتعميم 158 وأيضاً يتمّ الدفع بالدولار الأميركي.
وتعليقاً على ذلك، اعتبرت مصادر اقتصادية لـ”البناء” ان تعميم الحاكم سيمنح المضاربين تحقيق الأرباح على حساب اللبنانيين، معتبرة أن الأمور لن تنتظم اذا لم تنظم عملية العرض والطلب، والخوف يكمن في استنزاف جديد للمواطنين ولقدرتهم الشرائية ومدخراتهم. وسألت المصادر هل ستنهار الأسعار مع الدولار ام أنها ستبقى على حالها، مع توقع المصادر أن سعر منصة صيرفة سينخفض في الايام المقبلة. في المقابل ثمة رأي مصرفي رأى أن تعميم سلامة سيستتبع بضخ المزيد من الدولارات عبر منصة صيرفة، لكنه بالطبع سيتوقف عن شرائها من السوق، معتبرة أن تدخل البنك المركزي من خلال تعاميمه نجح مرة جديدة في إلحاق هبوط كبير بالدولار في السوق الموازية.
وأكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، ان تسعير صفيحة البنزين يتم حالياً وفق سعر صرف 40300. وفي حال تم إصدار جدول تركيبالاسعاراليوم على سعر صرف 37000 ليرة، عندها سينخفض سعر الصفيحة بحدود 50 الف ليرة لا سيما أن سعر صفيحة البنزين مرتبط بشكل مباشر بسعر صرف الدولار في السوق السوداء.
"الأخبار": بحثاً عن المريض الرقم صفر: وصول الكوليرا كان مسألة وقت
في محاولة تتبّع المريض الرقم صفر بالكوليرا في لبنان، لا تكفي العودة إلى سوريا فقط، بل إلى العراق أيضاً، الذي تشهد محافظاته الشمالية تفشياً جديداً للمرض لم يحصل منذ 10 سنوات، من دون تسجيل وفيات حتى اللحظة. أما في سوريا، وعلى مقربة من الحدود اللبنانية، فتنتشر الكوليرا بشكل كبير. ولمكافحتها أنشأت الدولة السورية مستشفيات الاستجابة الأولية، ومستوصفات مخصّصة لإعادة ترطيب أجسام المرضى فقط (تعليق الأمصال)، وذلك في طرطوس، القصير، وقرى الجرود على السلسلة الشرقية، إلا أنّ المناطق الأشدّ تضرراً هي المحافظات الشمالية، سيّما الرقة ودير الزور حيث يزيد عدد الحالات المشتبه بها عن الألف في كلّ مقاطعة (قضاء) من المحافظة، وحيث تمّ إنشاء مستشفيات متخصّصة في علاج الكوليرا فقط، وصل عددها إلى 14.
مصابون جدد
ما سبق، يدفع للاستنتاج أنّه رغم وجود حالة طوارئ في بلد مجاور، بقيت حركة الناس عبر المعابر البرية معه طبيعية، لا تشهد أي إجراءات استثنائية. بالتالي، كان وصول الكوليرا إلى لبنان مسألة وقت فقط، وتطوّرت لبنانياً نتيجة لانهيار الخدمات الصحية في البلاد تبعاً للأزمة الاقتصادية.
حركة الناس بحرية بين بؤر التفشي وبين المناطق السّليمة ستؤدي حتماً إلى انتشار أوسع على الخارطة اللبنانية، أمس دخلت الضاحية الجنوبية وقرية زفتا الجنوبية سجلّ الحالات، ولا يُستبعد أن تنضمّ مناطق أخرى في الأيام المقبلة في حال بقي العلاج على عاتق منشورات التوعية فقط، من دون معالجة الأسباب المتعلقة بتوفر الكهرباء، وتشغيل محطات تكرير المياه وضخّها.
الوضع السوري
وبالعودة إلى سوريا، تنتشر الكوليرا منذ نحو الثلاثة أشهر بشكل مقلق في 9 محافظات من أصل 14، إذ تمّ تسجيل 5856 حالة إسهال مائي شديد بحسب تقارير مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توفي منها 43، عدا الـ16 ألف حالة المسجَّلة رسمياً. إذاً، تسلّلت الكوليرا إلى لبنان في غفلة تامة عن الدولة بكلّ أجهزتها التي تصرّفت على أنّ لبنان جزيرة معزولة. وبسبب سوء وضع الصرف الصحي ستنتشر الكوليرا لا محالة، إلّا إذا أُعلنت حالة طوارئ صحية حقيقية، وعادت الكهرباء إلى المناطق الموبوءة، أقلّه، لتأمين تكرير المياه وتعقيمها. فالمسؤولية هنا لا تقع على الجهاز الطبي وحده، هو يعالج النتيجة لا الأسباب. إعلان حالة الطوارئ الصحية يستلزم أولاً إنشاء مستشفيات ميدانية معنية حصراً بمعالجة مصابي الكوليرا دون غيرهم (إعادة ترطيب الجسم، ووحدات عناية خاصة للحالات المتقدمة)، فالمراكز الطبية العادية لا يجب أن تستقبل حالات كوليرا كي لا تتسبّب بعدوى وانتشار بين المرضى.
ضرورة حصر علاج مصابي الكوليرا بالمستشفيات الميدانية تخفيفاً للعدوى
ربما أخطر ما في الكوليرا هو انتشارها في المناطق الفقيرة، ذات الخدمات الصحية الضعيفة، والبنية التحتية المهترئة. وأكثر ما يساعد على انتشارها ضعف التوعية في المجتمع حول الوباء المنتشر، وادّعاء المرضى أنّ ما يصيبهم اليوم «إسهال عادي»، كما جرى أيام وباء كورونا وتشبيهه بـ»الكريب».
الدور التركي
تنتشر الكوليرا أيضاً في العديد من بؤر النزاع حول العالم، وكان فيليب باربوزا رئيس فريق مكافحة الكوليرا في منظمة الصحة العالمية قد حذّر من «تفشيات جديدة للكوليرا أكبر، وأكثر فتكاً»، مع نسبة وفاة أعلى بثلاثة مرات في المناطق الأكثر فقراً حيث لا تُقدم العناية الطبية الأولية بشكل سريع. أما في سوريا والعراق، فلا بدّ من الإشارة إلى دور تركي مساعد في عودة المرض عبر التخفيض المتكرّر لمستوى نهر فرات، بل وقطع المياه عن محافظة الحسكة لأكثر من 30 مرة، ما دفع الناس هناك للتفتيش عن مصادر مائية أخرى غير آمنة أدّت إلى انتشار الكوليرا بشكل كبير.
"الجمهورية": "لوتو" الرئيس: إذا مش الإثنين الخميس.. وتوقيع وثائق الترسيم الخميس
تزدحم المحطات في الأسبوع الأخير من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، بدءاً من الجلسة الرئاسية الرابعة اليوم، وقد يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة رابعة هذا الأسبوع، مروراً بتوقيع اتفاق الترسيم في الناقورة، وصولاً إلى عودة نحو 6 آلاف نازح سوري، وانتهاءً بمغادرة عون القصر الجمهوري الأحد المقبل مبدئياً. ولكن، المحطة الأبرز التي تشغل أهل الحكم تتمثّل في محاولة تجاوز العقبات والصعوبات لتأليف حكومة جديدة. فهل ستنجح محاولات ربع الساعة الأخير، أم انّ نهاية الولاية ستشكّل بداية لمواجهة من طبيعة دستورية؟
لا نتائج متوقعة من الجلسة الرابعة لمجلس النواب اليوم لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لأنّ لا توافق حصل بعد، لا على رئيس توافقي ولا حتى على رئيس من لون واحد او مستقل إن وجِد. وإن اكتمل نصاب جلسة اليوم فإنّ الأوراق البيض سيرتفع عددها، وربما نال المرشح ميشال معوض بضعة اصوات اضافية لا غير، فيما ستبقى اسماء بقية المرشحين مكتومة صوناً لها من الاحتراق، إلى حين نضوج طبخة التوافق على اي منها، والتي يبدو انّ موعدها قد يتجاوز موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 من الجاري. فيما لاحت في الأفق مؤشرات إلى احتمال دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الكتل النيابية والسياسية إلى مؤتمر حوار، من اجل التوافق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وذلك في حال تعذّر الاتفاق على الرئيس العتيد.
ولاحظت اوساط سياسية، انّ جلسات انتخاب رئيس الجمهورية اصبحت شبيهة بسحب اللوتو، «وإذا مش الاثنين، الخميس». وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ دورات السحب الرئاسي ستطول على ما يبدو في انتظار الورقة الرابحة التي ستحمل جائزة الرئاسة الاولى إلى المرشح المناسب».
التأليف الحكومي
اما على جبهة التأليف فلم يطرأ اي جديد، فيما الوقت المتاح لتأليف الحكومة لم يبق منه سوى ايام معدودات. وعلمت «الجمهورية»، انّ الجديد في هذا المجال هو انّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، أبلغ الى المعنيين انّه مستعد للسير في التشكيلة الوزارية التي يقبل بها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لكنه اشترط في المقابل ان لا يمنح الحكومة الثقة، الأمر الذي رفضه ميقاتي لأنّ الحكومة تكون في هذه الحال فاقدة الميثاقية، حيث انّ كتلتي نواب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» لن يمنحانها الثقة ايضاً.
وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات، انّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي توسط لدى المعنيين، اطفأ محركاته في انتظار اجوبة الطرفين ليعاود وساطته.
وإلى ذلك، أكّد مطلعون على كواليس التفاوض حول تشكيل الحكومة لـ«الجمهورية»، أنّه «على الرغم من انّ الأمور تبدو مغلقة الّا انّها يمكن أن تُسوّى خلال وقت قصير، إذا تحسس المعنيون بحجم المخاطر التي ستنتج من تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، والدخول في فوضى دستورية ومأزق سياسي حاد بعد 31 تشرين الاول».
وكشف المطلعون، «انّ العقبات الموجودة ليست مستعصية على المعالجة ويمكن تدوير زواياها عبر التحلّي ببعض المرونة. ولذلك فإنّ ولادة الحكومة تظل واردة حتى اللحظات الأخيرة من ولاية الرئيس ميشال عون».
موقف المعارضة
وقالت أوساط معارضة لـ«الجمهورية»، انّ «تأليف حكومة جديدة يشكّل مطلباً للثنائي «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» فقط، فيما الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي غير متحمِّس لحكومة الهدف منها إدخال التيار وزراء مشاكسين خلافاً للانسجام المقبول داخل حكومة تصريف الأعمال. ومن الواضح انّ ميقاتي يستثمر في عامل الوقت الذي يعمل ضدّ ساعة العهد، من أجل ان ينتزع منه تنازلات تقود إلى حكومة مقبولة لا استفزازية، وباستطاعة الرئيس المكلّف تمريرها من دون إحراج داخل بيئته أولاً وعمقه السعودي ثانياً».
وفنّدت الأوساط المعارضة أربعة أسباب وراء إصرار «التيار الوطني الحر» على تأليف حكومة جديدة:
ـ السبب الأول، لأنّه عندما أثار عون إشكالية الحكومة منذ نحو سنة تقريباً كان يرمي إلى استخدامها للضغط على حليفه «حزب الله» من أجل خروجه من التردُّد وحسم موقفه بتبنّي ترشيح باسيل، إذ عندما تألفّت حكومة ميقاتي كان هناك شبه اقتناع بصعوبة تأليف حكومة بعد الانتخابات النيابية، ولم يوقِّع عون مراسيم تأليف هذه الحكومة سوى بعد ان ضَمَن حصته على أكمل وجه، والدليل دعوة باسيل وزراء التيار في حكومة تصريف الأعمال إلى اجتماع للاتفاق على خطة مواجهة في حال لم تتألّف حكومة جديدة، وبالتالي لا مبرِّر لعدم تسلُّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية سوى انّ العهد حشر نفسه في موقفه، ولم يعد في استطاعته التراجع عنه.
- السبب الثاني، لأنّ الرئيس المكلّف نجح في استمالة بعض وزراء الرئيس، فيما لدى العهد ملاحظات على البعض الآخر الذي إما يسوِّق نفسه لرئاسة الجمهورية، وإما لا يشاكس ميقاتي كما يُطلب منه، وبالتالي يريد توزير من يكون رأس حربة ويواجه رئيس الحكومة عند كل منعطف وقرار تنفيذاً لرغبة من وزّره.
- السبب الثالث، لأنّ العهد يريد الحكومة الجديدة منصّة سياسية متقدّمة في معركته الرئاسية، بدءاً من وضع يده على سلّة من التعيينات، وصولًا إلى خوض معركة رأي عام من داخل الحكومة من خلال تسليط الضوء على دور باسيل، خصوصاً انّه يقترب أكثر فأكثر من ترشيح نفسه، بعد ان أعلن صراحة رفضه «السير برئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، «لأنّ هناك اختلافاً في الفكرة الإصلاحية وحول بناء الدولة وفي الفكر السياسي الأساسي، وهذا موضوع لا يعنيني شخصياً بل يعني الناس الذين منحونا ثقتهم». كما أعلن باسيل صراحة «رفض تعديل الدستور بهدف انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية»، وتوجّه إلى الكتل النيابية قائلاً: «لا تدعونا نغيِّر رأينا» وهذا يعني فتح الباب أمام احتمال إعلان ترشيحه.
- السبب الرابع، معنوي، لأنّ جمهور «التيار الوطني الحر» محبط بعد ولاية رئاسية فاشلة خرج منها رئيسه أضعف بكثير مما دخلها، ويخرج منها غير قادر على إيصال باسيل خلفاً له واستمرارية لنهجه، وبالتالي تأتي الحكومة كتعويض معنوي بأنّه في آخر أيام العهد ما زال قادراً على التغيير والفعل والتأثير.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستجيب ميقاتي لمساعي «حزب الله» وضغوطه سعياً إلى إخراج حليفه من القصر الجمهوري معززاً ومكرماً؟ وفي الإجابة يجب التمييز بين التجاوب والانتحار، فقد يتجاوب ضمن المعقول وتأليف حكومة متوازنة، ولكنه لن ينتحر في سبيل عهد في أيامه الأخيرة لتأليف حكومته الأخيرة في حياته.
وأما مسايرة «حزب الله» للعهد في تأليف الحكومة، فترمي إلى قطع الطريق على خطوات قد يلجأ إليها عون وتُدخل البلاد في انقسام جديد، وهذه المرة من طبيعة دستورية، خصوصاً انّ باسيل واصل تهديده، مؤكّداً أنّه «إذا لم تتشكّل حكومة جديدة فنحن ذاهبون إلى أبعد من فوضى دستورية واجتماعية». وبمعزل عمّا إذا كان هذا الكلام وغيره هو مجرّد كلام للكلام، وصاحبه غير قادر على ترجمته على أرض الواقع، كون دستور الجمهورية الأولى عندما كان العماد عون رئيساً لحكومة انتقالية في العام 1988 يختلف عن دستور الجمهورية الثانية في ظلّ وجوده اليوم في القصر الجمهوري. إلّا انّه لا يبدو انّ «حزب الله» سيجازف ويترك البلاد بلا حكومة، على رغم إدراكه انّه سيتمّ التعاطي مع اي إجراء يتخذه الرئيس عون كوجهة نظر سياسية وليس كقرار دستوري ملزم.
تحرّك سعودي- أممي
من جهة ثانية، وعلى صعيد التحرّك السعودي حيال لبنان، أفادت وزارة الخارجية السعودية، أنّ وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية عادل الجبير، التقى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا. وأكّدت أنّه «جرى خلال اللقاء عرض لآفاق التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات والتطورات في لبنان، والجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن».
وفي وقت سابق، ذكرت الوزارة، أنّ «نائب وزير الخارجية السعودية وليد الخريجي، التقى فرونتسكا، وعرضا لوجوه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى البحث في التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
إلى ذلك، بثت قناة «LBCI» أنّ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، زار فرنسا في اليومين الماضيين، لتوقيع ثلاث مذكرات لبدء المرحلة التنفيذية الثانية من مشروع الصندوق السعودي ـ الفرنسي المشترك الخاص بلبنان.
توقيع الترسيم
على صعيد ترسيم الحدود البحرية، وفي سلسلة خطوات سبقت الزيارة المنتظرة للموفد الاميركي إلى مفاوضات الترسيم عاموس هوكشتاين يوم الاربعاء إلى لبنان واسرائيل، ظهرت إلى العلن سلسلة الخطوات التمهيدية التي استعجلتها إسرائيل لموافاته، فقدّمت المحكمة العليا اجتماعها الذي كان مقرّراً الخميس المقبل، الموعد المحتمل للتوقيع على الاتفاق، فرفضت في قرارها بالإجماع، الالتماسات المعترضة على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، مؤكّدة إجازة المشروع.
وقالت المحكمة العليا - وهي أعلى جهة قضائية في إسرائيل - في نهاية جلسة الاستماع في شأن الالتماسات التي تقدّم بها عضو الكنيست من حزب «الصهيونية الدينية» اليميني المتشدّد إيتمار بن غفير ومنظمات يمينية أخرى، والتي سألتها «ما إذا كان في إمكان حكومة انتقالية كمثل حكومة يائير لابيد توقيع مثل هذا الاتفاق في وقت قريب جداً من الانتخابات، وما إذا كان ينبغي تطبيق القانون الأساسي للاستفتاء عليها، وما إذا كان ينبغي تقديمه إلى الكنيست للموافقة عليه.
وفي السياق، قال خبراء دستوريون اسرائيليون، انّ قرار المحكمة يسمح للحكومة ان تجتمع في الساعات المقبلة للموافقة على «المخطط النهائي للاتفاق» الذي سيُوقّع الخميس في الناقورة، حيث ستجري «مراسم التوقيع على الاتفاق».
هوكشتاين في بيروت الاربعاء
وبناءً على ما تقدّم، قالت مصادر عليمة لـ«الجمهورية»، انّ هوكشتاين سيصل الى بيروت بعد غد الاربعاء لتسليم الجانب اللبناني الوثائق النهائية للتفاهم الذي يستعد ممثلون من لبنان واسرائيل لتوقيعه في اليوم التالي الخميس في مقر قيادة قوات «اليونيفيل» في الناقورة، بعدما استُكملت الترتيبات الحكومية لدى البلدين.
وقالت المصادر، انّ لبنان ينتظر قبل هذا الموعد رسالة من هوكشتاين، يبلغه فيه مستوى أعضاء الوفد الاسرائيلي الذي سيُكلّف التوقيع، ليشكّل وفده بطريقة متناسقة ومستوى التمثيل الإسرائيلي.
وفي وقت لاحق من مساء أمس، نقلت قناة «العربية» عن هوكشتاين، تأكيده انّ «توقيع اتفاق ترسيم الحدود سيتمّ الخميس».