لبنان
10 أيام على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.. والمساعي الحكومية لم تتوقف
على بعد 10 أيام من الدخول في الفراغ الرئاسي وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا تزال الضبابية مسيطرة على المشهد، وسط ركود في مياه التفاوض بين القوى السياسية على ملفي الرئاسة والتأليف الحكومي، دون ان تنقطع الاتصالات نهائيًا في ظل وجهتي نظر الأولى تنشر تفاؤلًا والثانية توصل الأمور إلى تشاؤم بالغ.
هذا الركود في السياسة يقابله خطر في مياه اللبنانيين من باب مرض الكوليرا، الذي بدأت دائرته بالتوسع ويشكل خطرًا على كافة المناطق والمواطنين، وينذر بنتيجة لا يمكن توقع عواقبها السلبية على كافة المستويات.
"الأخبار": عون يتفق مع الأسد على ترسيم بحري قريب
إذا لم يطرأ ما ليس في الحسبان، يفترض أن يشهد الأسبوع المقبل الخطوة الإجرائية الأخيرة في ملف التفاهم البحري بين لبنان وكيان الاحتلال. وبحسب البرنامج المعمول به حتى اللحظة، يفترض أن يتم التوقيع على الأوراق وإيداع نسخ منها لدى الإدارة الأميركية والأمم المتحدة. على أن ينطلق بعد ذلك برنامج العمل الجديد المتعلق بتصحيح الحدود البحرية بين لبنان وقبرص وترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا.
وعلمت «الأخبار» أن الرئيس ميشال عون أجرى قبل يومين اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد، وناقش معه العلاقات الثنائية وملف ترسيم الحدود البحرية، واتفقا على تشكيل وفود رسمية من الوزارات والإدارات الرسمية في البلدين، لعقد اجتماعات في بيروت ودمشق من أجل التوصل سريعاً إلى اتفاق، خصوصاً أن نقاط النزاع ليست من النوع غير القابل للعلاج، وإن كانت تحتاج إلى نقاش تقني وقانوني. وأكد عون والأسد أن المباحثات اللبنانية – السورية حول ملف ترسيم الحدود ستتم من دون أي وسيط وأن ما يتفق عليه الطرفان سيتم توثيقه كمعاهدة بين بلدين ولا يكون شبيهاً في أي حال من الأحوال بما جرى مع إسرائيل، لا لناحية وجود وسيط أميركي أو حاجة إلى ضمانات أممية أو دولية ولا إلى تفاوض غير مباشر. وقد باشرت الجهات المعنية في البلدين إعداد الأوراق الخاصة بالإحداثيات والخطوط الخاصة بالمناطق الاقتصادية الخالصة لكلا الجانبين.
وفي جانب متصل، تلقّى لبنان رسالة رسمية من وزارة الخارجية القبرصية، تستعجل إطلاق الحوار بين الجانبين لإعادة ترتيب الأمور بين البلدين في ضوء ما تمّ التوصل إليه بين لبنان وكيان الاحتلال. وقد طلب لبنان من السلطات القبرصية تأجيل إيفاد وفد رسمي إلى بيروت حتى نهاية الأسبوع المقبل، ريثما يتم تثبيت التفاهم البحري مع كيان الاحتلال، ما يسمح بإطلاق البحث مع قبرص تحت عنوان «تصحيح النقاط والإحداثيات» قبل إعادة تثبيتها لدى الأمم المتحدة.
لبنان يطلب من قبرص تعديل الإحداثيات وإلغاء الخط 1 بعدما ثبت الخط 23
وقالت مصادر معنيّة، إن المسألة العالقة مع قبرص باتت محصورة في نقل الإحداثيات التي كانت قائمة على أساس ما تصرّف به العدو من طرف واحد عندما اعتمد الخط 1، إلى الإحداثيات الجديدة بعد تثبيت الخط 23 من قبل الجانبين اللبناني والإسرائيلي. والنقاش التمهيدي القائم حالياً يدور حول ما إن كانت هناك ضرورة لمفاوضات ولو شكلية أو تقنية مع الجانب القبرصي، أو يتم الاكتفاء برسالة يبعث بها الرئيس عون إلى نظيره القبرصي ويطلب فيها تعديل ملحق اتفاقية 2007 من حيث إحداثيات الحدود. وما يسمح تالياً باستبدال المستند المرفق، دون حاجة إلى أي مباحثات. كما يصار إلى الطلب من السلطات القبرصية إبلاغ إسرائيل نتيجة التفاهم الجديد مع لبنان، وبالتالي مطالبة قبرص بتعديل اتفاقها مع إسرائيل بناءً على النقاط الجديدة المثبتة مع لبنان.
لقاء الناقورة
في هذه الأثناء، ينتظر لبنان وصول الوسيط الأميركي في ملف الطاقة عاموس هوكشتين إلى بيروت الثلاثاء أو الأربعاء المقبلين. ويفترض أن يتم حسم الموعد الدقيق وفقاً لاتصالات يجريها هوكشتين مع الحكومة الإسرائيلية التي أبلغت المعنيين في واشنطن أنها ستكون جاهزة لتوقيع الأوراق في يوم الأربعاء أو الخميس المقبلين، وقد تولّى الوسيط الأميركي إبلاغ لبنان بأنه لا يتوقع أي مفاجآت من نوع قانوني أو سياسي تؤخر توقيع حكومة يائير لابيد على الأوراق الخاصة بالتفاهم.
وفي حال تم الأمر، فإن الرئيس عون سيصدر الثلاثاء المقبل قراراً باختيار الشخصية التي سوف تمثل لبنان في لقاء الناقورة، حيث يفترض أن يحصل الآتي:
أولاً: يُعقد لقاء في غرفتين منفصلتين، تجمع الأولى الوفد اللبناني مع مندوبين عن الأمم المتحدة وعن الإدارة الأميركية، وتجمع الثانية الوفد الإسرائيلي مع مندوبين عن الأمم المتحدة وعن الإدارة الأميركية.
ثانياً: بعد أن تكون الولايات المتحدة قد أرسلت إلى لبنان رسالة موقّعة من قبل هوكشتين، بصفته ممثلاً الحكومة الأميركية، وتتضمّن ما يُعتبر "نقاط التفاهم" بين لبنان وإسرائيل على حدود المناطق الاقتصادية الخالصة للجانبين. يكون لبنان قد أعدّ رسالة جوابية تشتمل على إشارة إلى الرسالة الأميركية وأن لبنان موافق على مضمونها.
ثالثاً: ينتظر لبنان أن يعلن الوسيط الأميركي أولاً، تسلّمه التوقيع الإسرائيلي على الرسالة الجوابية على نسخة مطابقة من الرسالة المرسَلة من قبله إلى لبنان، ثم يجري التوقيع وتسليم الرسالة الجوابية إلى هوكشتين في الناقورة.
رابعاً: يرسل لبنان وإسرائيل رسالتين منفصلتين إلى الأمم المتحدة، تشتملان على إشارة إلى بنود التفاهم وإيداعها لدى المنظّمة الدولية التي يفترض بها ممارسة دور الضامن لعدم خرق التفاهم من قبل الطرفين، ويجري تثبيت الإحداثيات الخاصة بالحدود البحرية.
وفي هذا السياق، لا يكون لبنان بحاجة إلى إرسال مرسوم جديد، لأنه سبق أن أودع الأمم المتحدة نسخة عن المرسوم الذي يثبّت الخط 23، بينما سيكون العدو مضطراً لإرسال مرسوم جديد يتضمن إقراراً منه بالتراجع عن الخط 1 الذي كان قد أودعه سابقاً لدى الأمم المتحدة، على أن تقر إسرائيل بأن الخط 23 هو الخط الجديد.
وبانتظار وصول الوسيط الأميركي، يدرس الرئيس عون لائحة مرشحين لتولي رئاسة الوفد اللبناني إلى الناقورة، مع ميل إلى تسمية ضابط من الجيش اللبناني أو موظف مدني في وزارة الطاقة لتولي المهمة، علماً أن الولايات المتحدة تفضل بأن يكون رئيس الوفد ذا صفة سياسية رسمية، خصوصاً أن حكومة العدو كانت قد قرّرت في وقت سابق أن يكون رئيس وفدها إلى الناقورة هو مستشار الأمن القومي أيال حالوتا الذي كان لابيد قد كلّفه حصراً بإدارة المفاوضات قبل الإعلان عن التوصل إلى تفاهم مع لبنان بوساطة أميركية. وليس معلوماً إن كان العدو سيعيد النظر في مستوى تمثيله في الناقورة ربطاً بقرار لبنان.
"البناء": مساعي تشكيل الحكومة لن تتوقف رغم التعقيدات
توقعات جامعة بعدم نضج المواقف نحو تعديل في وجهة جلسات الانتخاب الرئاسية، تغير المشهد في جلسة الاثنين المقبل، وعلى خلفية هذا الاستعصاء قلق من مشهد الفراغ، مع انقسام مؤكد حول الحكومة المستقيلة ومدى أهليتها لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية، في ظل قرار بات معلناً من التيار الوطني الحر بمقاطعة الحكومة عبر وزرائه ومن يتضامن معهم. وهذا يعني استحالة توقيع اي مراسيم، وكل المراسيم تحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية، وتحتاج بالتالي إلى توقيع كل الوزراء، وبغياب هذه التواقيع لن تصدر مراسيم، بما في ذلك تلك الروتينية التي كان يكفي لصدورها توقيع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير المالية والوزير المختص. والقلق من خطورة الفراغ في ظل الانقسام حول الحكومة وما يعنيه من شلل عام في مؤسسات الدولة، دفع المعنيين بمساعي تذليل العقبات من أمام التفاهم على ولادة حكومة جديدة يؤكدون أن مساعيهم ستستمر حتى النجاح بتأمين توافق رئاسي على الحكومة الجديدة، وفي مقدمة هؤلاء المعنيين المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بدعم من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحزب الله، مع إشارات من المصادر المتابعة إلى أن حجم التعقيدات التي تعيق التوصل الى التفاهم رغم كونها كبيرة، لا توحي بأن لا حكومة، لأن الجميع يعرف التبعات والمخاطر.
في ملف عودة النازحين السوريين الذي يشهد تحركاً الأسبوع المقبل عبر عودة قوافل تضم ستة آلاف نازح، كلام للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي بعد زيارته لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب، قال فيه إن لبنان وسورية متفقان على ملف العودة، وعلى حقيقة رغبة النازحين بالعودة، وحقيقة أن سورية جاهزة لاستقبال أبنائها، مضيفاً أن العقبة تتمثل بموقف غربي يضع الدعم المالي المشروط لبقاء النازحين.
وعلى مسافة عشرة أيام بالتمام والكمال من نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تنصبّ المشاورات واللقاءات التي يجري بعضها في الإعلام وبعضها الآخر بعيداً عنه، على إنقاذ الحكومة القابعة في غرفة العناية الفائقة وإخراجها الى النور قبل وقوع المحظور الدستوري والاشتباك الطائفي المتوقع والذي يهدّد به رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إن دخلنا الشغور الرئاسي بحكومة تصريف الأعمال الحالية.
واستكمالاً للقاءات اليومين الماضيين، سُجلت أمس زيارة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى عين التينة، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولفتت مصادر قناة «المنار» الى أن «اللقاء بحث بأكثر من استحقاق سياسي من بينها تأليف الحكومة، وأطلع اللواء إبراهيم الرئيس بري على نتائج اللقاءات التي حصلت خلال اليومين الماضيين لا سيما بين اللواء إبراهيم والحاج وفيق صفا وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولقاء إبراهيم مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي».
وكشفت المصادر أن اللقاءات الأخيرة حققت تقدماً لكنها عادت وتوقفت عند عقدة جديدة أبعد من وزير هنا ووزير هناك، بل تكمن بمنح التيار الوطني الحر الثقة للحكومة، وشددت المصادر على أن المساعي لحل الازمة الحكومية ستستمر حتى تحقيق الهدف وقد تتألف الحكومة بأي لحظة إذا توافرت إرادة التأليف لدى الأطراف المعنية.
وعلمت «البناء» أن حزب الله كثف جهوده في الساعات الأخيرة باتجاه التيار الوطني الحر والرئيس ميقاتي لملاقاة جهود اللواء إبراهيم مع باسيل، لمحاولة تذليل عقدة الثقة النيابية لكون باسيل أعلن صراحة بأنه حتى لو لبى ميقاتي مطالبه فلن يمنح حكومته الثقة.
كما علمت «البناء» بحصول لقاء بين إبراهيم وميقاتي خلال الساعات الماضية وكذلك اتصالات متعددة بين ميقاتي والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل.
إلا أن أوساطاً مطلعة على المشاورات الحكومية أكدت لـ»البناء» أن «المساعي والوساطات بين ميقاتي وباسيل ستستمر حتى آخر يوم ولاية الرئيس عون، وهناك متسع من الوقت والحكومة ستولد في نهاية المطاف وخلال أيام إن نجحت محاولة تذليل عقدة الثقة وتم التنازل من الطرفين اللذين يدركان مخاطر وتداعيات الفراغ الحكوميّ في فترة الشغور الرئاسي».
واشار المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل في تصريح الى أن «الوقت يضيق للأسف والقرار في موضوع تشكيل الحكومة لا زال متوقفاً عند بعض العقد الشخصية والمصالح الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا، وللأسف لا نستطيع الحديث بجدّية عن إمكانية تشكيل الحكومة في الوقت الراهن لا سيما بظل غياب الارادة الجدية في هذا المجال».
في المقابل أشارت أوساط التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن التيار منفتح على أيّ حل يُراعي تمثيل المسيحيين في حكومة ستنتقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية وستدير البلد لفترة قد تمتدّ لأشهر وربما أكثر، وبالتالي لا يمكن لرئيس حكومة اختصار هذا التمثيل المسيحي بشخصه بحكومة غير أصيلة وفاقدة للشرعية وستفقد الميثاقية مع تجميد وزراء التيار الوطني الحر حضورهم للجلسات الحكومية ولجلسات اللجان الوزارية حتى شلّ عمل الحكومة بشكل تام. وقد حذرت الأوساط من اجتماع الحكومة في ظل غياب الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار. وتساءلت: لماذا يسمح لميقاتي والرئيس بري ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط بتغيير ما يريدونه من الوزراء، ولا يسمح لرئيس الجمهورية بتغيير الوزراء المسيحيين طالما تم الاتفاق على تغيير 3 وزراء مسيحيين مقابل 3 مسلمين؟
وإذ تشير الأوساط أن «التيار لن يمنح الثقة لحكومة لن تستطع إنجاز شيء في ظل السياسات التي ينتهجها رئيسها وأغلب الوزراء فيها، لكن إصراره على تمثيل المسيحيين فيها ينطلق من مبدأ الشراكة في السلطة التنفيذية في فترة الفراغ».
وأفادت المعلومات بأن باسيل عقد اجتماعاً لوزراء تكتل التيار ورئيس الجمهورية حضره عبدالله بوحبيب ووليد فياض وعصام شرف الدين الذي أكد حصول اللقاء، بغياب الوزيرين وليد نصار وهكتور حجار، وأبلغ باسيل الوزراء بأن عليهم مقاطعة جلسات المجلس ولجانه حتى شلّه كلياً، مؤكداً أن الحكومة لن تستطيع أن تجتمع بعد 31 الحالي، كما نقل عنه قوله إنه لن يدع ميقاتي يتهنى بصلاحيات رئيس الجمهورية.
وتردّد أن الرئيس عون وقبل نهاية ولايته سيوقع مرسوم استقالة الحكومة، ليفقدها دستوريتها. لكن مراجع دستورية تشير الى أن الحكومة بهذه الحالة ستعتبر مستقيلة وغير شرعية ودستورية وميثاقية لكنها قائمة ويمكنها ممارسة أعمالها بالحدود الضيقة جداً لتصريف الأعمال انطلاقاً من مبدأ عدم وجود فراغ في الحكم.
وإذ ينتقل التيار الوطني الحر الى صفوف المعارضة في 31 الحالي، أكد عون أمام زواره في بعبدا أنه سيكمل مسيرته بعد انتهاء ولايته «حيث سيكون العمل بعدما أخرج من القصر أفضل».
وطالب الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان، عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك من بعلبك، بـ»الإسراع بتشكيل الحكومة ذات صلاحيات تخولها القيام بالمهام إذا لم يتم التوصل إلى انتخاب رئيس. وقد ضاق الوقت، وضاقت أنفاس الناس، وتكفينا معاناة الواقع المعيشي والدولار ومستلزماته، والحصار الأميركي وجناياته».
واعتبر يزبك أن «جلسات المجلس النيابي ما زالت تتكرّر، ومن دون بركة انتخاب رئيس للجمهورية، نظراً للانقسام وعدم التوافق. ولا يمكن لأي كتلة أو جماعة، ولو حظيت بالدعم من السفارات ومن وراء البحار، ان تفرض رئيساً يقدم على أنه صنع في لبنان». ورأى أن «المطلوب من نواب الشعب التوافق على الشخصية القوية الممثلة لمشروع لبنان القوي بشعبه وجيشه ومقاومته، ولا رجوع الى الخلف، فقد ولت نظرية قوة لبنان في ضعفه واستسلامه».
في المقابل وقبيل يومين من الجلسة الرابعة للمجلس النيابي لانتخاب الرئيس، واصل رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع تصويبه على تكتل قوى التغيير لتحميله مسؤولية الفشل بتأمين أكثرية للمرشح النائب ميشال معوض رغم علم جعجع بأن معوض لن يحصد الأكثرية في ظل التوازن النيابي الذي أظهرته نتائج الجلسات الثلاث، ما يخفي أهدافاً ومناورات سياسية للقوات خلف هذا التصويت لمعوض.
واعتبر جعجع أن «من يحرقون أصواتهم يساعدون بفعلتهم هذه من يسعون إلى تعطيل الانتخابات الرئاسيّة بالنجاح في مسعاهم».
وتوقع مصدر نيابي لـ»البناء» أن يتكرر سيناريو الجلسة الماضية في جلسة الاثنين المقبل، بانتظار بلورة المشهد في المنطقة ونضوج التسوية في لبنان والمرتبطة بملفات عدة في المنطقة أبرزها استكمال ملف الترسيم والانتخابات النصفية الأميركية ومصير التفاهم النووي الإيراني في ضوء العلاقات المتردية بين السعودية والإدارة الأميركية. مرجحة أن تنعكس التطورات بعد الانتخابات الأميركية في 8 الشهر المقبل إيجاباً على الوضع اللبناني، ويجري انتخاب رئيس خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
في غضون ذلك، أكد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن «ما تحقق على صعيد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، هو نتيجة قرار لبناني يعكس وحدة الموقف الوطني وحصيلة مفاوضات شاقة وصعبة قادها الفريق اللبناني المفاوض مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بحنكة وصلابة واصرار، دفاعاً عن حقوق الدولة اللبنانية في ثروتها المائية والنفطية والغازية ولم يقدّم لبنان خلال المفاوضات اي تنازلات، ولا خضع لأي مساومات او مقايضات او «صفقات» او إرادات دول خارجية. بل بالعكس فإن الكثير من الدول الشقيقة والصديقة أيّدت الموقف اللبناني ووضعت إمكاناتها بتصرفه».
وعشية عودة الوسيط الاميركي الى بيروت الأسبوع المقبل، لتوقيع التفاهم على ترسيم الحدود الاقتصادية، تقدم نواب تكتل القوات بعريضة إلى الرئيس بري طالبين «عرض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية المنوي إبرامها على مجلس النواب بھیئته العامة لمناقشتھا، والتصویت علیھا قبل إبرامھا أصولاً، عملاً بأحكام الفقرة الأخیرة من المادة ٥٢ من الدستور.
وأعلن السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، في تصريح بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، في زيارة وداعية بمناسبة انتهاء مهامه الديبلوماسية في لبنان، أن «أكثر من 89 بالمئة من النازحين يريدون العودة وفق استطلاعات الأمم المتحدة»، مشدداً على أن «سورية قدمت كل التسهيلات، بما فيها قانون العفو عن الارهاب الذي لم يصل الى القتل؛ وهذا اقصى درجات التسهيل، وأتوقع ان سورية ولبنان سيكونان امام تعاون اكبر، ونرجو ان يكون التعافي اكبر، والعالم بأزماته التي تعصف به الآن يجب ان نجد قواسم مشتركة بيننا، لان ذلك يساعد سورية ولبنان ويساعد الشعب الذي عائلاته مشتركة».
وعن العقبة التي تحول دون عودة النازحين، قال: «العقبة سماها لبنان الذي قال إن الضغوط الاوروبية والدول المانحة او التي تسيطر على المراكز هي التي تحاول شيطنة العودة وتثبيط همة السوريين وإثارة مخاوفهم رغم انه من مصلحة السوريين العودة ومصلحة سورية عودة أبنائها».
وأثنى السفير، على «الموقف الذي يجسده بو حبيب والوزراء الآخرون والحكومة، وخصوصاً الرئيس عون، تجاه عودة النازحين الى سورية وبالتالي مواجهة الضغوط التي تحاول قلب الحقائق، السوريون يريدون العودة وسورية في أمان اكثر مما هم في لبنان، وبالتالي المساعدات التي تُقدم للسوريين في لبنان إذا ما قُدمت لهم داخل سورية يكون تشجيعاً وتصبح أضعاف قوتها في داخل سورية، خصوصاً أن الدولة قدمت لهم كل التسهيلات وكل ما يشجعهم على العودة».
"الجمهورية": "البازل الرئاسي" مشتّت
باقٍ من الزمن الرئاسي 9 ايام لتطوى صفحة ولاية الرئيس ميشال عون ويشغر القصر الجمهوري من سيّده، وتُفتح صفحة جديدة اعتبارًا من اول تشرين الثاني المقبل، يحكمها فراغ في سدّة الرئاسة الاولى حتى اشعار آخر. والايام التسعة هذه تشكّل فرصة اخيرة لاستيلاد حكومة تتأرجح حتى الآن بين منطقين متصادمين، تعب الوسطاء في محاولة التقريب بينهما، قبل السقوط في فراغ حكومي يُحال أمر البلد فيه إلى حكومة تصريف اعمال، محاطة مهمتها سلفًا بالتباسات واحتمالات لا تبشّر بخير. وفي موازاة «الفراغين» إن قدّر لهما ان يتواكبا معًا، وهو امر شبه مؤكّد حتى الآن، لا أحد يملك قدرة التنبؤ بنوع، او كمّ، او حجم، او مساحة ما قد تشهده مرحلة «الفراغين» من أحداث وتطورّات، وما قد ترخيه من آثار وتداعيات على هذا البلد، وأثمان اضافية على شعبه المنكوب.
البازل الرئاسي .. مبعثر
فانتخاب رئيس الجمهورية، وكما بات محسومًا في الجو السياسي القائم، فرصُه معدومة، لم تبق عظة في صرح كنسي، او خطبة في جامع، او نصيحة من الصديق والشقيق، إلى ديوك الصراع الداخلي في جلبهم إلى بيت الطاعة الوطنية والتعامل بمسؤولية مع واقع بلد يُحتضر، ولا نفع الترغيب بأنّ البلد مقبل حتمًا على ازدهار وانتعاش إن تفاهمتم وأتممتم استحقاقاتكم وسلكتم طريق الاصلاحات، ولا نفع ترهيب بأنّ البلد مقبل حتماً على خراب وانهيار إن بقي الحال على ما هو عليه أسير الإرادات والحسابات والأجندات المتصادمة.
هو واقع ينذر بكل ما هو سلبي. فالبازل الرئاسي، مبعثرة قطعه بين ديوك السياسة، كلّ منها يستحوذ على قطعة «يمكيجها» بمواصفات برّاقة، يتبجّح بها في كل جلسة انتخابية فاشلة في مجلس النواب. ويبازر فيها، بل ويبارز فيها خصومه بامتلاكه ما يعتبره «حق الفيتو» على هذا وذاك من المرشحين المفترضين لرئاسة الجمهورية، ويشدّ الرئاسة في اتجاهه دون الآخرين، ويتعامى عن الفشل الذي يُمنى به في كلّ جلسة انتخاب. والاسطوانة ذاتها تتكرّر منذ الجلسة الانتخابية الاولى، وعلى ذات المنوال ستتكرّر في كل جلسة لاحقة، طالما انّ حبال الود مقطوعة، وإرادة التوافق الذي لا مفرّ منه لتمرير الاستحقاق الرئاسي، معدومة.
هذه الصورة المبعثرة هي التي ستتصدّر مرحلة ما بعد ولاية الرئيس عون الى أجل غير مسمّى، حيث لا يبدو في أفق المكوّنات المتمترسة خلف دشم الانقسام السياسي، ما يوحي بإمكان تجميع قطع البازل الرئاسي على ارضية توافقية، والذهاب إلى انتخابات رئاسية بصورة طبيعية في المدى المنظور، فإرادة الصدام هي الغالبة حتى الآن لكل دعوة تفاهم ووئام. وأمام هذا المأزق، يبرز السؤال، هل ثمّة مخرج لهذا المأزق، وهل من سبيل لبلوغه وكيف؟
على هذا السؤال، يأتي الجواب متشائمًا على لسان مرجع مسؤول بقوله لـ»الجمهورية»: «لا ارى بصيص امل في الأفق الرئاسي، والاستحقاق ضحية واقع سياسي مشتت، لا يمكن ان ينتظم الّا عبر التوافق. ولكن مع الاسف لا يريدون التوافق، بل يمعنون في احترافهم في صنع الهزائم لأنفسهم ولبلدهم هكذا بالمجان. في اي حال، ومهما طال الزمن لا مفرّ من عبور طريق التوافق، وامامنا الآن فرصة لبلوغه على البارد، وما اخشاه ان نصل الى وقت تقودنا اليه صدمة حامية مكلفة سياسيًا وماليًا واقتصاديًا وربما غير ذلك».
حث اميركي وفرنسي
وفي موازاة هذا الفشل، يبرز الموقفان الاميركي والفرنسي اللذان يحثان اللبنانيين على انجاز الاستحقاقات اللبنانية، والسعي في اتجاه اخراج لبنان من ازمته. فالإدارة الفرنسية تولي اهتمامًا ملحوظًا بالشأن اللبناني، سواء عبر موفديها في اتجاه لبنان، او عبر السفيرة في بيروت آن غريو، التي تتنقل في كل الاتجاهات الداخلية، ناقلة رسالة فرنسا إلى القادة السياسيين وغير السياسيين بالتعجيل في إتمام الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، وزارت امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وكان تشديد على ضرورة تشكيل حكومة قادرة على النهوض بالبلد من أزماته، وعلى وجوب انتخاب رئيس للجمهورية وإعلاء مصلحة لبنان واللبنانيين بمختلف اطيافهم فوق كل مصلحة خاصة.
اما واشنطن، وفق ما تؤكّد مستوياتها السياسية، فترى انّ الاولوية هي لتعزيز استقرار لبنان، وذلك يتمّ عبر تشكيل حكومة تلبّي طموحات اللبنانيين والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية. وكان لافتًا ما اعلنته وزارة الخارجية الاميركية، غداة فشل المجلس النيابي في جلسة الخميس، في انتخاب رئيس للجمهورية، حيث دعت المسؤولين اللبنانيين إلى تنحية مصلحتهم الشخصية جانبًا، ووضع مصلحة اللبنانيين في المقام الأول.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في مؤتمر صحفي: «نشعر بالقلق حيال الأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان منذ بعض الوقت ومنذ شهور طويلة. لقد دأبنا على حث المسؤولين اللبنانيين على تنحية مصلحتهم الشخصية جانبًا للعمل بشكل بنّاء من أجل مصلحة الشعب اللبناني». وتابع برايس: «الشعب اللبناني بعد كل شيء كان يعاني منذ فترة طويلة من سوء الإدارة نتيجة الفساد وانعدام الأمن وفراغ السلطة».
وقال: «نريد أن نشهد قيام حكومة لبنانية تضع مصالح اللبنانيين في المقام الأول وتضع لبنان على أسس سياسية مستقرة وعلى أسس اقتصادية سليمة وتلبي الحاجات الملحّة للبنانيين».
وفي سياق متصل، أفيد أمس بأنّ خمسة اعضاء في الكونغرس الاميركي من لجنة الصّداقة الأميركيّة - اللّبنانيّة، داريل عيسى، ودارين لحّود، وديبي دينغل، ودافيد جويس، ودانيل كيلدي، وجَّهوا قبل ثلاثة ايام رسالة إلى وزير الخارجيّة الأميركيّة أنتوني بلينكن، حضُّوهُ فيها على أن يبذل والديبلوماسيّة الأميركيّة كُلّ الجُهود اللّازِمة لمواكبة «إتمام استحقاق انتِخاب رئيس جمهوريّة للُبنان في موعِده الدّستوري، رئيس يُحقّق استقرار واستِقلال وسيادة لبنان، وتمنع تحوّله إلى دولة فاشِلة».
وجاء في الرسالة: «إنَّ استِقرارًا طويل الأمَد في الشَرْق الأَوْسَط يعتمِدُ على بقاءِ لبنان مستقرًا، سيِّدًا، ومستقِلًا، ليستعيد الثّقة الدّوليّة والثّبات الاقتصاديّ. من هُنا فإنَّ أيّ فراغٍ جديد في رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة سيُفاقِم الوضع، لذا نسأل الإدارة أن تُشجّع القادة في مجلس النوّاب اللّبناني على التّعاون لانتِخاب رئيسٍ جديد».
اضافت: «كُلُّ جهد ديبلوماسيّ مطلوب أيضًا لتشكيل حكومة محرّرة من الفساد، حكومة ديموقراطيّة، وإنَّ المؤسّسات الدُّستوريّة معنيّة بالعمل لخدمة مصالح الشَّعْب اللّبناني حصرًا». وخلصت الرسالة إلى انّه «لا يُمكِن أن نسمح بأن يتحوّل لبنان دولة فاشلة، وإنّنا نُقدِّر اهتمام الولايات المتّحدة بهذه المسألة كما دعمها الشَّعْب اللّبناني».
الوساطة مستمرة
واما البازل الحكومي، فمبعثر بدوره. الوسطاء المجنّدون لإعادة تجميعه، ماضون في مساعيهم وجهودهم في بناء ما يسمّيه احدهم «جسر العبور الى حكومة اللحظة الاخيرة». وعلى الرغم من المطبّات التي تعترض مهمتهم وحالت دون بلوغ الغاية المرجوة، فإنّهم لا يزالون يراهنون على إحداث مفاجأة ايجابية، تبني مساحة مشتركة بين منطق رئيس الجمهورية الذي يظهّره رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، والذي يصرّ على حكومةٍ، رئيس الجمهورية حاضر فيها بعد انتهاء ولايته، بوجوه وزارية موثوقة من قِبل التيار، وهذا يعني إجراء تغييرات تطال عددًا من الوزراء المسيحيين، مع الإبقاء على وزراء في حقائبهم مثل وزير الطاقة وليد فياض. وبين منطق الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، الذي يرفض من جهة اي طرح من شأنه أن يمسّ صلاحياته، ويصرّ من جهة ثانية، على تشكيلة وزارية كما سبق وطرحها، مع تغييرات محدودة، يقال انّها تشمل وزير الطاقة.
التيار: التمثيل الحقيقي
وبحسب ما هو سائد في أجواء التيار، فإنّه «لا تلمس اي جدّية لدى الرئيس المكلّف في التوجّه نحو تشكيل حكومة، وعَكَس ذلك الإصرار على حكومة كما يريدها طيّعة له، فهو يريد أن يأخذ ولا يعطي، وتبعًا لذلك لا مجال للقبول بأي صيغة تقفز فوق موقع الرئيس وحجم التيار، ولا تأخذ بالاعتبار معيار التمثيل الحقيقي، بوجوه موثوقة وغير مرتهنة».
وتؤكّد: «ووفق هذه الاجواء، فإنّ الرهان على بقاء حكومة تصريف الاعمال الحالية وتناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، هو رهان فاشل سلفًا، وإمعان في جرّ البلد إلى الوقوع في فوضى لا حدود لها. وتبعًا لذلك لا يمكن ان نقبل، بل لن نسمح بأن يُهان موقع الرئاسة، وتجيير صلاحيات رئيس الجمهورية إلى حكومة غير موجودة».
هجوم عنيف
وفي المقابل، ينقل فريق الرئيس المكلّف عنه، تأكيده انّ الحلول الحكومية متاحة شرط صفاء النيات. ورفضه القاطع لأي محاولة للإخلال بالتوازنات القائمة او محاولة وضع اليد على القرار الحكومي.
ويلقي هذا الفريق على باسيل مسؤولية تعطيل تشكيل حكومة، وتعقيد مهمة الوسطاء. ولفت ما اورده موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي، حول انّ باسيل يراوغ، حيث اتهمه «بالمراوغة مع الوسطاء، وممارسة لعبة تمرير الوقت، سعيًا لتنفيذ شروطه قبل الموافقة، نيابة عن رئيس الجمهورية وبتكليف منه، على التعديل الحكومي. وكلما تمّ التوصل إلى تفاهم أخرج من جعبته مطلبًا اشكاليًا جديدًا».
ووفق آخر المعطيات، كما اوردها الموقع، «فإنّ باسيل يصرّ على شرطه بتسليم اسماء الوزراء المسيحيين في اللحظة الاخيرة قبل إصدار المراسيم الحكومية، ويرفض منح تكتله الحكومة الثقة، من دون ان ييأس من إمكان نجاحه في تمرير مرسوم تجنيس جديد، بدأت صرخة الموعودين به ترتفع بعدما «قاموا بالواجب الوطني المطلوب»، علماً انّ رئيس الحكومة كان حاسمًا في رفض هذا الامر منذ تمّت مفاتحته به «من خلال الاستعانة بصديق».
وحمل الموقع بعنف على باسيل، واتهمه بأنّه أوصل عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى نهاية حوّلت الاكثرية الساحقة من اللبنانيين الى حال العوز، ولم يرتدع.
وقال الموقع: «انّ باسيل وضع شروطًا تعجيزية امام الوسطاء الذين عملوا على «حلحلة» العِقد أمام تشكيل حكومة جديدة، ما جمّد الملف الحكومي رغم جهود المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم والحاج وفيق صفا. كما انّه يهّدد مجدداً بعدم السماح لحكومة تصريف الاعمال» بأن «ترث» صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، وبخطوات أخرى تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة». كما يبشر الحاكم «بتوقيع عمّه» بإطلالة تلفزيونية لرئيس الجمهورية قبل نهاية العهد، وبأنّه «سيعلن فيها سلسلة خطوات، من بينها توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي، علمًا انّ هذه الخطوة لو تمّت لا تغيّر في الواقع الدستوري شيئًا، لأنّ الحكومة ستبقى تصرف الاعمال بموجب الدستور إلى حين تشكيل حكومة جديدة كما هو الحال الآن. فضلًا عن انّ الحكومة معتبرة مستقيلة حكمًا مع بدء ولاية مجلس النواب في ايار الماضي، ولا داعي لأي تدبير آخر، حتى انّ رئيس الحكومة لم يقدّم استقالة خطية لأنّ الامر مفروغ منه دستورياً».
وخلص الموقع في هجومه على باسيل إلى القول: «دونكيشوت الجمهورية» لا يريد لرئيس الجمهورية أن يمضي «بسلام» إلى منزله، بل يخطّط لمزيد من الخراب والفوضى، متجاهلاً او متناسياً، لا فرق، أنّ البلد ليس صكًا عقاريًا بمتلكه باسيل اسمياً او التفافياً، وانّ من بات محط شبه إجماع على خصومته من قبل الغالبية الساحقة من الناس، لن يستطيع بعد فقدان «التوقيع الاخير» أن يبقى منتفخًا سياسيًا، كما هو الآن».
قراءتان
إزاء هذا المشهد، تبرز قراءتان سياسيتان، تقارب الاولى حركة الوسطاء بإيجابية حتمية، ستفضي حتمًا الى تشكيل حكومة، وثمة من حدّد مطلع الاسبوع المقبل موعدًا لولادة هذه الحكومة. ويستند صاحب هذه القراءة الى فرضية «انّ كل الاطراف تستشعر حجم المشكل الكبير الذي قد يقع فيه البلد في غياب حكومة كاملة الصلاحيات والمواصفات. والفوضى الدستورية اشار اليها بصراحة ووضوح جبران باسيل، تبدأ بعدم الاعتراف بحكومة تصريف الاعمال كوريث لصلاحيات رئيس الجمهورية. وليس مستبعدًا ان تجاريه في هذا الموقف اطراف اخرى سياسية وغير سياسية. وبالتأكيد فإنّ هذه الفوضى إن سقط فيها البلد ستكون باهظة الكلفة على كل المستويات».
واما القراءة الثانية، فتقارب ملف التأليف بتشاؤم بالغ، تنعى احتمال تشكيل الحكومة، مستندة بدورها الى فرضية انّه لو كانت ثمة إرادة جدّية في تشكيل الحكومة لما تمّ تضييع كل هذا الوقت وصولًا الى عنق الولاية الرئاسية. ويذهب صاحب هذه القراءة بعيدًا في تأكيد سلبية الاطراف، وكما يصفه بـ«تكاذبها» على بعضها البعض، ويقول: «الحكومة عالقة بين منطقين يحضّران، كلّ على طريقته، لمعركة ما بعد الولاية الرئاسية. المنطق الاول يعبّر عنه باسيل عبر إصراره على حكومة بتمثيل كما يريده، يدرك سلفًا انّ مراده لن يتحقق، وخلفية هذا الإصرار هي التبرير لنفسه بعد انقضاء الولاية، المشاغبة كيفما شاء، على حكومة تصريف الاعمال».
واما المنطق الثاني، كما يقدّر صاحب القراءة، فيعبّر عنه الرئيس المكلّف اولًا بتعامله مع التأليف على قاعدة «انّه في موقعه كرئيس للحكومة، فإن تشكّلت هو رئيسها، وإن لم تتشكّل الحكومة فهو رئيس حكومة تصريف الاعمال. ومن هنا ممانعته للشروط التي تُطرح عليه واصراره على حكومة، من موقعه كصاحب صلاحية التأليف، بتعديلات محدودة تطال بعض الوجوه، هو يدرك سلفًا انّ الطرف الآخر لن يقبل بذلك. وخلفية هذا الإصرار قناعته بصلاحية حكومة تصريف الاعمال في تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية وفق النص الدستوري، التي تبرّر له ان يشهر امام أي منطق يعتبر حكومة تصريف الاعمال غير شرعية، سلاح الاحتكام الى الدستور الذي تستمد شرعيتها منه.