لبنان
مجلس النواب يلتئم للمرة الثالثة عاجزًا عن انتخاب رئيس للجمهورية
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم من بيروت على جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية أمس بعد أن تَوافرَ نصاب الجلسة، لكن جاءت النتيجة كسابقاتها الاولى، أوراق بيض اكثر وثمانية اصوات اضافية للمرشح ميشال معوض ودخول «لبنان جديد» في لعبة الانتخاب، حملت أصواته عدة مَعان انتظارية لمصلحة مرشح لم يتبلور بعد، في انتظار توافق موعود يُفضي الى ولادة الرئيس الموعود.
كما تناولت الصحف مسألة ولادة الحكومة الموعودة التي ما تزال في غياهب الخلافات على تركيبتها، وهي تسابق الوقت مع موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 من الجاري.
"الأخبار": رئيس الجمهورية سيوقع مرسوم قبول الاستقالة واتفاق وزرائه على مقاطعة تصريف الأعمال: إجراءات عون لشل حكومة ميقاتي
كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: رغم تسارع الاتصالات في اليومين الماضيين لدفع التأليف الحكومي، بدت الحصيلة العامة للاجتماعات والاتصالات التي عُقِدت في الأيام الماضية، بوساطة قادها حزب الله والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، «صفراً». إذ أكدت مصادر معنية بالتأليف أن أي تقدّم لم يتحقق في ما خص الملف الحكومي، لا لجهة تغيير الوزراء ولا لجهة التوافق على الأسماء الجديدة التي سيتم توزيرها، مشيرة إلى أن وتيرة هذا الحراك تراجعت أمس، بفعل الشعور بصعوبة إزالة «المتاريس» بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه من جهة والرئيس نجيب ميقاتي.
مصادر في التيار الوطني الحر أكدت لـ«الأخبار» ان ميقاتي «لا يزال يراوغنا ويراوغ الوسطاء ويلعب لعبة تمرير الوقت، وكلما تم التوصل إلى تفاهم أخرج من جعبته مشكلة جديدة». وأشارت إلى أن رئيس الحكومة «عاد على ما يبدو إلى فكرة أن ترث حكومته المستقيلة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، وهو ما لن نسمح به».
وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أنه ستكون للرئيس ميشال عون إطلالة تلفزيونية قبل نهاية العهد يعلن فيها سلسلة خطوات لقطع الطريق على هذا التوجه، من بينها توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي. وفي المعلومات أيضاً أن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر سيتخذان مجموعة من الخطوات لقطع الطريق على تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئيس. وفي هذا السياق، عُقد اجتماع للوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار، واتُخذ قرار بمقاطعة هؤلاء لأي اجتماع للحكومة أو اي اجتماع وزاري بعد 31 تشرين الأول الجاري، وهو «ما يُفقد ميثاقيتها وشرعيتها»، إضافة إلى «خطوات أخرى» لم يُكشف عنها، «تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة».
وبالتوازي، عجز المجلس النيابي، للمرة الثالثة على التوالي، عن انتخاب رئيس للجمهورية وسط تكرار المشهد نفسه في توزيع الأصوات. فأعادت كتل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر التصويت بورقة بيضاء (55 صوتاً) مقابل تصويت كل من أحزاب القوات والاشتراكي والكتائب وبعض المستقلين لصالح النائب ميشال معوض (42 صوتاً)، فيما انضمّ نواب «التغيير» إلى زملائهم في كتلة الاعتدال الوطني بالتصويت لصالح «لبنان الجديد» (17 صوتاً). يضاف إلى هذه الأصوات، 4 أوراق ملغاة وصوت لميلاد أبو ملهب، وتغيّب 9 نواب. فيما طار النصاب القانوني للدورة الثانية بعد خروج بعض نواب حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، ما دفع رئيس مجلس النواب إلى رفع الجلسة إلى الاثنين المقبل.
خريطة توزيع الأصوات داخل المجلس، أكدت مجدداً أن المشهد لا يزال على حاله من دون أي خرق يحتسب للمرشح ميشال معوض الذي عمد والقوات اللبنانية إلى مهاجمة نواب «التغيير» بعد انتهاء الجلسة. إذ اتهم النائب جورج عدوان «التغييريين» بتعطيل وصول معوض إلى رئاسة الجمهورية عبر الحؤول دون حصوله على 65 صوتاً. علماً أنه يستحيل على معوض أن ينال 65 صوتاً حتى لو صوّت له النواب الـ13 الذين احتسبهم عدوان 22 نائباً! ومع التسليم جدلاً بقدرة معوض على تأمين 65 صوتاً، فإنه عاجز أساساً عن ضمان النصاب المتمثل بـ86 نائباً في الدورة الثانية من دون «أصوات الممانعة» كما صنّفهم عدوان. وبعيداً من حفلة الاتهامات التي قدّمها عدوان أمس، فإن الواقع هو أن القوات ستكون أول الخارجين من الجلسة في حال تأمين النصاب القانوني منعاً لوصول معوض، على حدّ قول أحد نوابها. إذ «كيف يمكن لجعجع الذي جهد لكسر الإقطاع في منطقة الشمال ونصّب نفسه زعيماً على الدائرة خصوصاً في الانتخابات الأخيرة، أن يأتي بإقطاعي ينافسه على جمهوريته الجديدة». أما التزام معراب، شأنها شأن الكتائب، باسم معوض فليس سوى «تمرير للوقت» إلى حين اتضاح الصورة الكاملة واستجابة لطلب السفير السعودي وليد البخاري.
هجوم من معوض والقوات على نواب «التغيير» استدعى ردوداً. إبراهيم منيمنة أكد أن «محاولة جرنا إلى اصطفاف من أجل التفاوض على ظهرنا في لحظة سياسية ما لن يحصل»، فيما اعتبر وضاح الصادق كلام عدوان «إنجازاً جديداً لمصلحة الكتلة وتأكيداً على شعار كلن يعني كلن». أما يعقوبيان، فأشارت إلى خطأ حسابات عدوان بشأن قدرة «التغييريين» على إنجاح معوض، وكشفت عن طلب وزير الخارجية السابق ناصيف حتي بعدم طرح اسمه، بعدما اتفقت عليه غالبية «التغييريين» والنائب أسامة سعد، بعد رفض كل من منيمنة وحليمة قعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان التصويت للنائب السابق صلاح حنين باعتباره «اشتراكياً، ولا يتناسب مع معايير الاستقلالية والسيادة». علماً أن مجموعات المجتمع المدني التي شكل هؤلاء النواب جزءاً منها، كانوا يجوبون الشوارع ليلاً ونهاراً لإسقاط حكومة حسان دياب التي شغل فيها حتّي منصب وزير الخارجية عن التيار الوطني الحر.
"البناء": جلسة الانتخاب تكسر الجرة بين القوات والنواب الـ 13… والإثنين جلسة جديدة بلا
حلقة مفرغة، لا تبدو آفاق القدرة على كسرها في المدى الفاصل عن موعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الواقعة على مسافة عشرة أيام، فعلى الضفتين متاعب ومصاعب لوحدة الموقف، في ضفة ما سُمّي بتحالف المعارضة انقسام بين حزب القوات اللبنانية والنواب الـ13 تحوّل سجالاً علنيا وتبادلاً للاتهامات، ما يوحي بأن الجرّة انكسرت بين الفريقين اللذين بشرا بتحالف سيادي يشكل جبهة نيابية تملك الأغلبية بوجه المقاومة وحلفائها. وإذا استثنينا نواب اللقاء الديمقراطي الذين يقيمون في خيمة انتخاب النائب ميشال معوض بانتظار التوصل الى بحث جدّي بالتوافق على مرشح لا يصل الذين يمنحون تصويتهم لمعوض الى 35 نائباً. وإذا أخذنا بالاعتبار الموقف السعودي الداعم لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون بعد حلول موعد 31 تشرين الأول، فهذا يعني أن معوّض يحجز مقعد الترشيح لحساب فرضية واستبداله بقائد الجيش عندما يحين الوقت. وعلى الضفة المقابلة لا تبدو التفاهمات المطلوبة بين المرشح سليمان فرنجية والناخب المسيحي الأكبر التيار الوطني الحر قد نجحت بتذليل العقبات دون تبني التيار لترشيح فرنجية، مع مصاعب تصل حد الاستحالة تحول دون قبول فرنجية بالتوافق على مرشح سواه، ما جعل القدرة على بدء التفاوض مع الكتل الأخرى على فكرة التوافق التي ينادي بها ثلاثي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر تفتقد الى المقترح العملي، حيث لا تزال العجلة معطلة عند استعصاء التوافق على فرنجية.
حلقة مفرغة أخرى تبدو قابلة للكسر، لكن عض الأصابع لا يزال متاحاً حتى اقتراب ساعة الحسم، وهي حلقة الحكومة الجديدة، التي تؤكد مصادر معنية بالملف أن الفريقين المعنيين بها وهما الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يعلمان حتمية عبورهما لممر تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية لكنهما يواصلان التجاذب أملاً بتحسين الشروط، وهو ما سيستمرّ حتى ربع الساعة الأخير، لكن مع توقعات شبه أكيدة بولادة الحكومة.
لم يتمكن مجلس النواب في الجلسة الثالثة له من انتخاب رئيس للجمهورية، وكما كان متوقعاً فقد انعقدت الجلسة برئاسة رئيس المجلس نبيه بري في دورتها الأولى وفقد النصاب في الدورة الثانية ورفع بري الجلسة وحدّد الاثنين المقبل موعداً لجلسة رابعة.
وإذ لم تأتِ الجلسة بأي جديد يغير مشهد الجلسة الأولى، فسجل تراجع عدد الأوراق البيضاء من 61 الى 55 بسبب غياب عدد من نواب كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والحلفاء، مقابل ارتفاع عدد الأصوات التي نالها النائب المرشح ميشال معوّض في مقابل تراجع النواب التغييريين خطوة الى الوراء، فلم يسموا أحداً بل دوّنوا عبارة «لبنان الجديد» على أوراقهم، ما يعني التقدم خطوة الى التوافق مع القوى الأخرى، وقد سجل في هذا الصدد اجتماع بين قوى التغيير ونواب من التيار الوطني الحر في أحد مكاتب المجلس بعد انتهاء الجلسة، وخرج بعدها نواب من الطرفين للتصريح بعدما اتفقوا على ذلك، وكان لافتاً التقارب بين نواب التغيير والتيار بعد الجلسة رغم بعض السجالات داخل الجلسة، مقابل الابتعاد في المواقف أكثر بين قوى التغيير وكل من أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي الذين وجّهوا انتقادات لاذعة لقوى التغيير الذين رفضوا عروضاً عدة للتوافق على أسماء لرئاسة الجمهورية وفق معلومات «البناء». كما حمّل النائب معوض كتلة التغيير مسؤولية عدم التوافق عليه وتأمين الأكثرية لانتخابه.
وأشارت معلومات «البناء» الى أن «القوات اللبنانية حاولت مفاوضة قوى التغيير «من تحت الطاولة» على اسم بديل عن معوض من دون علمه، لكن لم يتم التوافق على مرشح موحد. كما تواصل نواب من حزب الكتائب مع زملاء لهم في كتلة التنمية والتحرير للنقاش في بعض أسماء المرشحين المطروحين التي يمكن التوافق حولها، وقد أبدوا استعداداً للحوار وعدم الرفض المطلق للأسماء.
وبعد توزيع الأوراق والاقتراع في الجولة الاولى، تم فرز الاصوات فنال النائب ميشال معوض 42 صوتا، وكان يفترض أن تكون 44 لولا غياب النائبين شوقي الدكاش وايهاب مطر، و»لبنان الجديد» 17 صوتاً هم أصوات تكتل التغييريين وبعض المستقلين ونواب من الكتائب، و»صوت واحد لميلاد أبو ملهب»، 55 ورقة بيضاء وأربع أوراق ملغاة باسم «سيادي» «إصلاحي»، (النائب ميشال الدويهي) «لا أحد» (النائب أسامة سعد)، «ديكتاتور عادل»، (النائب جميل السيد) «لأجل لبنان»، (أحد النواب المستقلين).
وعلمت «البناء» أن الأصوات الأربعة الإضافية التي نالها معوض هي من تكتل «الاعتدال الوطني»، إلا أن كتل الكتائب والقوات والاشتراكي أخفقوا مجدداً بتأمين الأكثرية النيابية لمعوّض الأمر الذي سيدفع الاشتراكي للتوافق مع فريق الثنائي والتيار الوطني الحر والحلفاء على مرشح، وقد أسرّ نواب أحد الأحزاب الداعمة لمعوض لأحد زملائه بأن الذين يصوّتون لمعوض يعلمون مسبقاً بأنه لن يحصد الأكثرية وفقط لملء الوقت الضائع بمناورات سياسية، بانتظار التسوية وتحصيل أكبر قدر من المكاسب فيها رئاسياً وحكومياً.
وعلمت «البناء» أن مداولات ونقاشات جانبية حصلت في أروقة المجلس بين نواب من المعارضة والموالاة وقوى التغيير، لجوجلة بعض الأسماء من بينها قائد الجيش العماد جوزاف عون والنائب السابق صلاح حنين والوزير السابق زياد بارود.
وأشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ"البناء» الى أن «الجلسات الثلاث أظهرت بشكل لا يرقى الى الشك بأن لا فريق يملك نصاب الانعقاد والأكثرية للانتخاب وبالتالي لا رئيس للجمهورية من دون الحوار والتوافق»، موضحة أن «فريق الثنائي لم يطرح أي مرشح لتفادي التحدي والمواجهة مع الطرف الذي يدعم معوض، ونقفل بذلك أبواب الحوار والوفاق، ولذلك سننتظر بأن يقتنع الفريق الآخر بأنه لا يستطيع فرض مرشحه على الآخرين وحينها نجلس إلى طاولة الحوار ونتوافق على رئيس مسبق ونذهب لانتخابه ونؤمن النصاب».
وعن اتهام القوات والكتائب للثنائي والتيار بتطيير النصاب، تساءلت المصادر: هل ينتظرون منا تأمين النصاب والأكثرية لكي ينتخبوا مرشحهم؟ فالخروج من الجلسة حق ديمقراطي لأي نائب أو كتلة. وهل تم انتخاب رؤساء الجمهورية في لبنان لا سيما بعد الطائف من دون التوافق؟
وقبيل انطلاق الجولة الثانية، تبين فقدان النصاب بسبب خروج نواب تكتل لبنان القوي ونواب حزب الله وحركة أمل والاعتدال الوطني من القاعة، فدعا بري الى جلسة جديدة في الحادية عشرة من قبل ظهر الاثنين المقبل في 24 الحالي ورفع الجلسة.
"النهار": النهار: الثلث مع معوض… و”التغييريون” يحبطون فرصة!
مع ان شيئا لم يكن مفاجئا في الجلسة الثالثة من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المقبل ضمن المهلة الدستورية التي تقترب من نهايتها في آخر تشرين الأول الحالي، فان الوقائع المباشرة التي تخللتها أدت الى تظهير انكشاف فريقين احدهما يعطل عمدا و”بالابيض” الفاقع المعركة الديموقراطية للاستحقاق، والثاني صار من حيث يدري او لا يدري يخدم نهج التعطيل بما يمكن ان يتطور معه وضعه نحو الأسوأ. فاذا كان تراجع “الكتلة البيضاء” امس الى 55 ورقة بدلا من 63 لا يعني ان قوى “محور الممانعة” بدأت نهجا مختلفا عن تعطيل الاستحقاق، فان “كتلة” شعار “لبنان الجديد” بغالبية أعضائها المنضوين ضمن “تكتل النواب التغييريين” باتت غداة الاهتزازات الداخلية في صفوفها تثير مزيدا من الريبة حيال المنحى التي تمضي فيه وتضعف إمكانات ازدياد فرص إيصال مرشح المعارضة وتخدم تاليا اتجاهات الكتل “الممانعة” كما لو انها شريكتها في تعطيل الاستحقاق والدفع به نحو الفراغ الحتمي. حتى ان جهات سياسية بدأت ترسم تساؤلات من نوع “متطور” اخر على خلفية ما تردد عن لقاءات تجرى وراء الكواليس من نوع هل يتجه “التغييريون” الى صفقة مع كتل المحور الممانع لبلورة مرشح لهذه الصفقة تحت زعم “توافقي” حين تزف ساعة ملائمة ؟ واذا كان هذا الاحتمال مستبعدا من زاوية مراقبين ومطلعين، اقله وفق المؤشرات الحالية، الا ان ذلك لا يحجب تصاعد الاحتقانات التي برزت بوضوح امس والمرشحة للتصاعد مع الجلسة الرابعة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين المقبل، وهي احتقانات كانت متوقعة بعد ارتفاع رصيد الأصوات المؤيدة لمرشح المعارضة النائب ميشال معوض وصار يوازي ثلث حجم أعضاء المجلس بما يوسع الطريق امام فرصه لو انضم “التغييريون” كجزء أساسي من المعارضة النيابية الى معركة إيصال مرشح المعارضة . ولكن المشهد الذي اعقب جلسة التصويت سرعان ما رسم المسار المأزوم ان لجهة مسارعة كتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التيار الوطني الحر” الى “قيادة” حركة افقاد نصاب الثلثين في الدورة الثانية وان لجهة انكشاف البلبلة الهائلة التي تطبع سلوكيات وقرارت ومفاجآت “تكتل التغييريين”. وإذ احتفظ الرئيس بري دستوريا بحقه في إدارة الجلسات ضمن العشرة أيام الأخيرة من المهلة الدستورية لكونه دعا الى الجلسة قبل اليوم العاشر للانعقاد الحكمي قبل نهاية المهلة وفق المادة 70 من الدستور كما دعا الى الجلسة المقبلة الاثنين فان الجانب الشكلي “الطقوسي” بدأ يطغى على الجلسات ويجعلها بمثابة ملء للوقت القصير المتبقي في انتظار حلول الفراغ الرئاسي، الامر الذي ادخل البلاد في نفق ازمة بالغة الخطورة في تداعياتها وتردداتها خصوصا مع التهويل المتعمد من جهات تقيم على السلطة وتبشر بفوضى ابعد من الفوضى الدستورية والاجتماعية .
الجلسة الثالثة
اذا خلصت الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس للجمهورية الى نتيجة معروفة سلفا كما كان متوقعا، كان البارز فيها ارتفاع عدد مؤيدي المرشح ميشال معوض في مقابل تراجع النواب “التغييريين” بحيث لم يسموا احدا بل دونوا عبارة “لبنان الجديد” على اوراقهم مع بضعة نواب اخرين من نواب “كتلة الاعتدال الوطني”. ونال النائب ميشال معوض 42 صوتا، وكان يفترض ان تكون 44 لولا غياب النائبين شوقي الدكاش وايهاب مطر، فيما جمع شعار “لبنان الجديد” 17 صوتا، وصوتت كتل محور “الممانعة” بـ 55 ورقة بيضاء. وقبيل انطلاق الجولة الثانية، تبين فقدان النصاب بسبب خروج نواب فريق 8 آّذار، فدعا بري الى جلسة جديدة في الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل في 24 الحالي.
وسجلت سخونة سياسية لافتة عقب الجلسة اذ أعتبر النائب جورج عدوان باسم “تكتل الجمهورية القوية”، “أن 56 نائبًا لم يتمكنوا من الاتفاق على اسم مرشح وليست لديهم الجرأة للانتقال إلى الدورة الثانية لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية”. واكد ان “ميشال معوّض يُراكم الأصوات كما تبيّن أن 22 نائبًا ضايعين بأمرهم وفي حيرة”. ولفت عدوان إلى أنه “يضع الأرقام التي انتجتها جلسة البارحة برسم الرأي العام اللبناني للتأكيد أنه من الممكن انتخاب رئيس صنع في لبنان، وكذلك برسم من انتخبوا التغييريين ليطلبوا منهم حسم خيارهم وانتخاب رئيس”. ولفت الى “اننا ندور في حلقة مفرغة منذ عام 2005 حول سلاح “حزب الله” وعندما يقول إنّه تحت سقف القانون والدستور نجلس على الطاولة لنُحاور” وقال “النواب الـ22 هم من يُعطلون التغيير ورسالتي إليهم أن يحسموا خيارهم قبل يوم الإثنين والإنسان الديموقراطي عليه أن يقبل بالخيارات المطروحة فهناك مرّشح حصل على 44 صوتًا وعليكم دعمه، والحوار يجب أن يكون تحت سقف القانون والدستور وهذه المرة في لبنان وليس خارجه وبعد انتخاب رئيس للجمهوريّة”.
الجمهورية": لبنان يتجه إلى «فخامة الفراغين».. وباسيل يستعدّ للتصعيد ما بعدهما
حصل أمس أن تَوافرَ نصاب للجلسة الثالثة النيابية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لكن جاءت النتيجة كسابقاتها الاولى: أوراق بيض اكثر وثمانية اصوات اضافية للمرشح ميشال معوض ودخول «لبنان جديد» في لعبة الانتخاب، حملت أصواته عدة مَعان انتظارية لمصلحة مرشح لم يتبلور بعد، في انتظار توافق موعود يُفضي الى ولادة الرئيس الموعود. امّا الحكومة الموعودة فما تزال في غياهب الخلافات على تركيبتها وهي تسابق الوقت مع موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 من الجاري، ويبدو انها لن تؤلف لأنّ رئيس «التيار الوطني الحر» أعدّ العدة التصعيدية لمرحلة ما بعد الفراغ.
وأبرز ما أظهرته الجلسة الانتخابية أمس ذات نصاب الـ119 نائباً مجدداً هو انّ اي فريق لا يملك اكثرية الثلثين او الاكثرية المطلقة بمفرده، ما أكد بوضوح ان الرئيس العتيد لا يمكن إلا أن يكون توافقياً، يؤمَل ان يتبلور مع تتابع الجلسات الانتخابية بدءاً من الاثنين المقبل، حيث تبدأ اليوم مهلة الايام العشرة الاخيرة من ولاية رئيس الجمهورية ويصبح فيها مجلس النواب في حال انعقاد دائم لانتخاب رئيس جديد، قبل الدخول في الفراغ الرئاسي في حال تعذّر هذا الانتخاب. والى الآن لا تزال مواقف القوى والكتل النيابية والسياسية على مواقفها من الاستحقاق الرئاسي، فريق الموالاة ينادي برئيس توافقي فيما فريق المعارضة يصرّ على ترشيح رئيس من صفوفها وهو النائب ميشال معوض الى الآن، في ظل الحديث عن وجود مرشح آخر لديه سيُظهره في اللحظة التي يراها مناسبة.
وأدرك كل مَن استعدّ صباحاً للالتحاق بجلسة انتخاب الرئيس ان الاخير لا يزال في القمقم ولن يحضر لا بالتحالفات ولا بالانتخاب ولا بتجميع الاصوات، لأن الحلقة التي دخل فيها الاستحقاق الرئاسي قبل مغادرة عون القصر الجمهوري ستُبقي الملف يدور حول نفسه: موعد لجلسة، نصاب مكتمل في الدورة الاولى لجس النبض، واستجماع مواد التصريحات في الخارج، تطيير لنصاب الدورة الثانية وتقييم لنتيجة التصويت وتبادل الاتهامات: فريق يقول للآخر: أنت طيّرت النصاب، والاخير يرد: تريدون رئيس مواجهة من دون تفاهم «ما بيمشي». ولا عجب اذا تلاشت الاندفاعة لحضور الجلسات في الاسابيع المقبلة ليطير نصاب الدخول والحضور من أساسه… هكذا يوصّف مصدر رفيع لـ»الجمهورية» الجلسة الثالثة متوقفاً عند المواقف التي تعلن في الخارج حيث يشعر كل فريق انه منتصر، ولكن اين الرئيس؟ لا رئيس، قال المصدر، وكلّ يدرك ذلك في قرارة نفسه طالما انّ ظروف الانتخاب والتفاهمات الداخلية والخارجية لم تنضج بعد». وأضاف: «انّ وهج هذه الجلسات سيخفت مع الايام لتتحول روتيناً ممّلاّ ينتظر حجراً يُرمى في المياه الراكدة».
«الكل منتصر»
ووصفت مصادر نيابية الجلسة بما انتهت اليه بأنها «جلسة الكل منتصر بلا رئيس». ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد فقدان نصابها قبل فتح الدورة الثانية للاقتراع، الى جلسة جديدة تعقد الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل.
وقد جاءت نتيجة فرز الأصوات في نهاية جلسة الاقتراع الاولى كالآتي: 55 ورقة بيضاء، و42 لميشال معوض، و17 ورقة حملت عبارة «لبنان الجديد»، و4 أوراق ملغاة، وورقة باسم ميلاد أبو ملهب.
وأشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حديث متلفز، إلى أنّ «النائب ميشال معوّض نال عمليًا 44 صوتاً في جلسة مجلس النواب، وهناك 22 نائباً حَرقوا أصواتهم وعطّلوا الجلسة، وحاولنا التوافق مع النواب الـ22 لكنهم لا يريدون التفاهم على أي اسم»، موضحًا أنّ «فريق «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» مع حلفائهما يريدون الفراغ، لأن ليس لديهم مرشح جاهز، والنواب الـ22 قادرون على إتمام الاستحقاق ونحن بانتظار اقتراحاتهم».