لبنان
المُقاومة تُراقب.. وحسمٌ لملف الترسيم في الأسبوعين المقبلين
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ الموفد الأميركي عاموس هوكشتين في زيارته الأخيرة، رمى كرة النار في لبنان بحمله اقتراحاً بخط إسرائيلي جديد.
ورأت الصحف أنّ الموقف اللبناني الموحد، مدعوماً بمعادلة القوة التي رسمتها المقاومة، كفيل بردّ الكرة إلى "إسرائيل". ومع ذلك فان الجميع بما في ذلك المقاومة ينتظرون الاسبوعين المقبلين لحسم الخطوات المقبلة.
الأخبار| مناورة إسرائيلية أم مماطلة: تفاهم لا ترسيم... وبدء الاستخراج
بداية مع صحيفة الأخبار التي رأت أنّ الموفد الأميركي عاموس هوكشتين في زيارته الأخيرة، رمى كرة النار في لبنان بحمله اقتراحاً بخط إسرائيلي جديد.
الموقف اللبناني الموحد، مدعوماً بمعادلة القوة التي رسمتها المقاومة، كفيل بردّ الكرة إلى "إسرائيل". ومع ذلك فان الجميع بما في ذلك المقاومة ينتظرون الاسبوعين المقبلين لحسم الخطوات المقبلة.
وتلقت جهات لبنانية معنية بملف التفاوض حول الحدود البحرية اشارات الى رغبة اسرائيلية بأن يكون هناك تفاهم وليس اتفاقاً كاملاً حول الترسيم. وقالت ان مطلب العدو بتعديل الخط الازرق البحري، وبمعزل عما اذا كان يتعرض للنقطة B1 أم لا، يتعلق بحسابات متنوعة منها:
اولاً، ان الجانب الاميركي يظهر ميلاً واضحاً لانجاز الاتفاق قبل تشرين الاول المقبل، وهو نصح الجانب الاسرائيلي بعدم تأجيل الأمر الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية.
ثانياً، ان حكومة يائير لابيد التي تخشى على واقعها السياسي في الانتخابات المقبلة تريد التوصل الى تفاهم يتيح لها بدء عمليات الاستخراج من دون ان يظهرها في موقع الخاضع لضغوط حزب الله.
ثالثاً، ان لبنان يريد ايضا التوصل الى اتفاق يتيح له المباشرة بعمليات تنقيب واسعة تمهيدا للاستخراج الذي يفترض ان يدر عائدات يحتاجها في مواجهة الازمة الاقتصادية.
رابعاً، ان الجانب الاوروبي ممثلاً بفرنسا يريد التوصل الى اتفاق سريع يساعد على توفير كميات من الغاز للتعويض عن النقص الناجم عن الحرب الروسية - الاوكرانية، كما أنه مهتم بعودة الشركات الاوروبية للعمل في كل ساحل شرق المتوسط، ولذلك يريد اتفاقا يضمن الاستقرار الامني.
بناء عليه، جاء المطلب الاسرائيلي الخاص بخط العوامات، ليطرح سؤالا عن الهدف الفعلي منه، لأن ما يطلبه الاسرائيليون لا يعدو كونه مطلباً تقنياً بغلاف امني. إذ أن حكومة لابيد تريد القول انها يمكن ان توافق على خط ازرق يفصل بين الجانبين من دون ان يلزمها بخطوات تبدو فيها وكأنها خضعت للمقاومة. كما انها معنية بالتوصل سريعاً الى اتفاق لأن جدول اعمال شركات الاستخراج محكوم بسقف زمني لا يتجاوز الاسبوع الاول من تشرين الاول المقبل.
والى جانب النقاش التقني القائم على ضوء الاحداثيات التي حملها "الوسيط" عاموس هوكشتين، فان النقاش السياسي يتصل في ما اذا كان العدو يريد الاكتفاء الآن باتفاق على خط ازرق بحري من دون الاضطرار الى اتفاق كامل يمكن ان يكون صعباً، لأن لبنان لن يتنازل عن اي نقطة في البر، كما يمكن ان ياخذ مزيداً من الوقت ما يؤثر على خطط الاستخراج. ويفترض العدو في هذه الحالة، انه يعطي لبنان موافقة على تفاهم يقضي باعتبار الخط 23 وحقل قانا من مصلحة لبنان كليا، وبما يعني اقرار لبنان بأن حقل كاريش ليس ضمن المنطقة المتنازع عليها. ومثل هذا التفاهم يسمح للشركات العالمية بالمجيء للتنقيب في لبنان بينما يمكن للعدو البدء بعمليات الاستخراج من كاريش، وبالتالي يجري تعطيل تهديد حزب الله من جهة، ويتيح لحكومة لابيد القول انها لم تخضع لا لناحية ترسيم حدود كاملة ولا لوقف الاستخراج ربطا بطلبات حزب الله.
هل من ابعاد لبنانية؟
في لبنان، التأمت في قصر بعبدا أمس لجنة سياسية - عسكرية - تقنية، برئاسة الرئيس ميشال عون، لدرس إحداثيات «خط هوكشتين» التي حملها "الوسيط" الأميركي إلى لبنان الجمعة الماضي، والخروج بموقف موحد ونهائي حيالها. وحضر اللقاء كل من مستشار رئيس الجمهورية المكلف ملف الترسيم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ورئيس مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش المقدم غفيف غيث وآخرون.
و«خط هوكشتين» الذي قُدّم مكتوباً إلى المعنيين، عبارة عن «خط وهمي» يتألف من إحداثيات ما يعرف بـ«مسار العوامات» (الطفافات البحرية التي وضعها العدو الاسرائيلي بعيد إندحاره عن الجنوب عام 2000 للدلالة إلى حدوده، ورفض لبنان الإعتراف بها). وهو يبدأ من النقطة 31 (نقطة بداية الخط الاسرائيلي رقم 1)، ويمتد نحو 6 كيلومترات في البحر ثم ينحني جنوباً ليتطابق مع الخط 23. ويقتطع الخط نحو أربعة كيلومترات مربعة من مساحة الخط 23 أقرب ما تكون إلى «منطقة عازلة»، بذريعة توفير شروط أمنية لإسرائيل تحت إشراف قوات «اليونيفيل». فيما اعتماده يعني التنازل عن نقطتي رأس الناقورة و B1 مما يؤثر على ترسيم الحدود البرية في ما بعد ويضع نفق الناقورة خارج السيادة اللبنانية.
إرسال وفد تقني الى الناقورة من دون ان يملك اتخاذ القرار يعني العودة إلى دوامة التفاوض
لكن مصادر معنية بالملف ابدت خشيتها من محاولة «بعض المسؤولين اللبنانيين إدخال هذا الملف السيادي بامتياز، في زواريب السياسة الضيقة، أو أن يكون هناك من يعمل على تأجيل حسم هذا الملف إلى ما بعد نهاية ولاية الرئيس عون في 31 تشرين الأول المقبل، اعتقاداً منه بأن ذلك يحرم عون من إنجاز يُسجّل له».
وقالت المصادر ان «توجّهاً كهذا يعني، ببساطة، أخذ البلد إلى مشكل كبير، خصوصاً أن "الوسيط" الأميركي حمل في زيارته الأخيرة، الجمعة الماضي، رسالة شديدة الوضوح بأن العدو سيبدأ الاستخراج من حقل كاريش في الأسبوع الأول من تشرين الأول وأن لا مشاكل تقنية ولا غيرها ستؤثر في هذا القرار». واوضحت ان الوسيط غمز من قناة اللبنانيين بـ«أنكم أنتم من وضعتم مهلة حتى آخر أيلول» في إشارة إلى تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وبحسب مصادر مطّلعة عن كثب على مجريات التفاوض، كرر هوكشتين ان الأميركيين والاسرائيليين «حريصون على التوصل إلى اتفاق قبل موعد الاستخراج وقبل الانتخابات الاسرائيلية».
بناء عليه، تؤكد المصادر أن هناك «فرصة قوية للحل إلا إذا كانت لدى بعض السياسيين اللبنانيين نوايا أخرى»، مشيرة إلى أن «مفاوضات الأشهر الأخيرة، مدعومة بموقف المقاومة، مكّنتنا من تحقيق تقدم بنسبة 98%، وثبّتنا معادلة لا تطبيع ولا شراكة ولا تقاسم ثروات، كما ثبّتنا الخط 23 وسيادة لبنان على حقل قانا كاملاً».
ولفتت المصادر الى ان هناك من يريد وقف التفاوض القائم حاليًا والعودة الى الناقورة من جديد، وهو الاقتراح الذي يصر عليه الرئيس نبيه بري. وقالت إن «إرسال وفد تقني الى الناقورة للتفاوض من دون ان يملك اتخاذ القرار يعني العودة إلى دوامة التفاوض التي استمرت 12 عاماً من دون نتيجة». علماً أن هوكشتين ابلغ المسؤولين اللبنانيين أن «الاسرائيلي لن يأتي الى الناقورة في ظل الانتخابات إذا لم يكن ذلك لتوقيع اتفاق».
الديار: مجلس النواب يُرجئ لليوم مناقشة الموازنة بسبب النصاب... وجولة من حرب المودعين والمصارف
من جانبها صحيفة الديار أشارت إلى أنّه حال عدم توافر النصاب دون انعقاد جلسة مجلس النواب أمس، أرجئت الجلسة لليوم للبدء بمناقشة الموازنة العامة، بينما شهدت حرب المودعين والمصارف جولة جديدة في فروع مصرفيّة في السوديكو وعاليه، في محاولة من مودعين تحصيل أموالهم بالقوة، وأبدت مصادر مالية خشيتها من تعاظم وتكرار هذا النوع من العمليات، بالتوازي مع الأحكام التي يتم إصدارها داخل لبنان، وخارجه خصوصاً، بسداد ودائع وحجز على ممتلكات. وقالت المصادر إن هذا سيؤدي في النهاية إلى استنزاف موجودات المصارف بحيث لا يبقى شيء لوضع خطة تعيد الودائع لأصحابها، لأن المطلوب أن ينال جميع المودعين بخطة واضحة ومنصفة جميع ودائعهم، لا أن ينال 1% منهم فوراً 100% من ودائعهم ويخسر 99% منهم 100% من ودائعهم، بينما يمكن للخطة أن تتضمن جدولاً زمنياً لتدرج حصول الـ 100% من المودعين لنسب مئوية متلاحقة من ودائعهم.
وفيما كانت الأنظار منصبّة الى ساحة النجمة لانعقاد جلسة نيابية لمناقشة مشروع موازنة 2022، خطف الأمن الأضواء، عبر سلسلة هجمات أشبه «انتفاضة» للمودعين على المصارف التي سلبت وسرقت أموال الناس وترفض إعادتها ولو ضمن خطة تدريجية ولا حتى منحهم القليل من الدولارات لأسباب إنسانية بحتة.
فقد اقتحمت المودعة سالي حافظ مع مجموعة من أصدقائها، وهي تحمل مسدّساً، فرع «بلوم بنك» في السوديكو، حيث هدّدت بحرق نفسها بعد سكب البنزين على الموظفين وعلى نفسها. وتمكّنت من سحب مبلغ 13 ألف دولار من حسابها قبل أن تغادر. وقد برّرت سالي فعلتها عبر فيديو بثته من صفحتها على الفيس بوك بأن ما قامت به هو بهدف دفع تكاليف المستشفى لأختها التي تموت داخله بعد أن عصف بها مرض السرطان، حسب قولها.
وبعدما أفيد أن حافظ غادرت مع أموالها لبنان الى تركيا حيث ستعالج أختها، نفت المديرية العامة للأمن العام، توقيف المواطنة سالي حافظ، وأنها لم تغادر لبنان عبر مطار بيروت الدولي.
وأصدر مدّعي عام التمييز غسان عويدات إشارة بإبقاء كل من عبد الرحمن زكريا ومحمد رستم رهن التوقيف لاستكمال التحقيقات، واللذين ساعدا حافظ باقتحام البنك.
بدوره، أشار بنك «لبنان والمهجر» بأن ما حصل هو «عمليّة مدبّرة ومخطّط لها عن سابق تصور وتصميم بقصد الإيذاء».
وبعد ساعات على اقتحام سالي لبنك لبنان والمهجر في بيروت، قام أحد المواطنين باقتحام بنك «البحر المتوسط» في منطقة عاليه، لكنه لم يستطع أخذ وديعته وسلم نفسه للقوى الأمنيّة التي حضرت على الفور الى البنك.
وأفادت المعلومات بأن «المودع م.ش. الذي اقتحم مصرفاً في عاليه لم يحصل على أمواله، لأن القوى الأمنية وصلت على الفور إلى المصرف بعد إبلاغها بالحادث»، وأوضحت المعلومات أن «وديعة م.ش. تقارب 7 آلاف دولار وليس 30 ألف دولار كما يتم التداول، وذلك بحسب إفادته للقوى الأمنية».
وحذرت مصادر سياسيّة وماليّة عبر «البناء» من تكرار سيناريو السوديكو وعاليه وقبلهما في واقعة اقتحام المودع بسام الشيخ حسين أحد المصارف في الحمرا، في أكثر من مصرف بعدما قرّر المودعون أخذ حقهم وإعادة ودائعهم بالقوة المسلحة بعدما رفضت المصارف إعادتها تدريجياً ولا حتى بعضاً منها لأسباب إنسانيّة، وبعدما عجز القضاء عن البتّ بدعاوى المودعين على المصارف بإجبار الأخيرة على دفع الودائع لأصحابها إضافة الى رفض الدوائر القضائية المختصة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بالحجز على أملاك وأصول بعض المصارف. كما حمّلت المصادر المسؤولية لمصرف لبنان الذي يعطل إقرار خطة التعافي المالي وتوزيع الخسائر المالية ولمجلسي النواب والوزراء بإقرار القوانين الإصلاحيّة ووضع خطة وجدول زمني لضمان إعادة الودائع تدريجياً.
وتوقعت المصادر تفاقم الأزمة والصراع بين المصارف والمودعين باتجاه المواجهة الأمنيّة، ما سيؤدي الى إقفال المصارف أبوابها بحجة الخطر الأمنيّ وبالتالي توقف المعاملات المصرفيّة والتحويلات الخارجيّة وكذلك صرف رواتب الموظفين ومنصة صيرفة ما سيحدث فوضى مالية واقتصادية وأمنية بعدما سيرتفع سعر صرف الدولار الى معدلات قياسيّة.
ورأت أوساط سياسية أن مسلسل الأحداث الأمنيّة المتلاحقة والمتعدّدة التي تشهدها البلاد في مختلف المناطق خلال أيام قليلة تؤشر الى وجود مخطط خارجيّ لإعداد الساحة الداخليّة لفوضى وفتنة وانفجار اجتماعيّ وأمنيّ كبير موقت على ساعة المشروع الخارجيّ في وقت تتزاحم الاستحقاقات الدستورية حكومة ورئاسة جمهورية ووصول ملف ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة الى مراحلة نهائيّة وحساسة تضعه بين حافة التوقيع أو الحرب مع وصول رسائل تهديد من حزب الله الى من يعنيهم الأمر بأن المقاومة لن تسكت عن المماطلة الأميركية والخداع الإسرائيلي لقرصنة حقوق لبنان تحت ضغط الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي مقابل منح «إسرائيل» فرصة لاستخراج غازها من كاريش والحقول الموازية بذريعة عدم وجود سلطة في لبنان لتوقيع اتفاق الترسيم.
أما رسائل المقاومة فحملت تهديدات باستخدام وسائل لم تكشف عنها لمنع العدو من خداع لبنان وتكريس معادلة جديدة كتأجيل استخراج الغاز من كاريش مقابل تأجيل توقيع الترسيم وتجميد أي تحرك عسكريّ لحزب الله، وقد فعلت فعلها بإظهار الأميركي جدية أكثر بالتوصل الى اتفاق ولو على العناوين العريضة وترك المتابعة الى لجان من لبنان والعدو برعاية الأمم المتحدة لحسم النقاط التقنية والأمنية، وذلك بعدما أخذ العدو تهديدات المقاومة على محمل الجد والخوف من المغامرة بأي رهان قد يكبّده خسائر ويواجه مفاجآت تخفيها المقاومة. ومن المتوقع أن تحمل إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مواقف حاسمة ويكشف آخر التطوّرات في الملف.
وكشف الرئيس عون عن أن «الاتصالات لإنجاز ملف الترسيم قطعت شوطاً متقدّماً حقق فيها لبنان ما يجعله قادراً على استثمار ثروته في مياهه، وان ثمة تفاصيل تقنية يتم درسها حالياً لما فيه مصلحة لبنان وحقوقه وسيادته». ولفت الى أن «إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية سيمكّن لبنان من إطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول المحدّدة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي سيعطي الاقتصاد اللبناني دفعة ايجابية لبدء الخروج من الازمة التي يرزح تحتها منذ سنوات». وتمنى الرئيس عون على من سيخلفه في السدة الرئاسيّة، أن يستكمل تنفيذ المشاريع التي بدأت وتلك التي تعثر تحقيقها، ويحرص خصوصاً على المضي في عملية مكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في ما آلت اليه الاوضاع في البلاد.
وحذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من «مشروع أميركي إسرائيلي إقليمي يريد أن يحقّق عبر خلايا أمنية وإرهابية وفوضى الشارع ما لم يستطع تحقيقه بالحصار، لذلك تمرير الموازنة وفقاً لضمانات اجتماعية فعلية ضرورة وطنية ماسة، كما أنّ التبريد السياسي ودعم مشروع الدولة الاجتماعي الأمني ومنع الفراغ الدستوري حاجة وطنية كبرى، وحذار من اللعب بالشارع لأنّ الكارثة تنتظرنا، والقضاء مطالب بأن يكون جزءًا من الجهد الأمني لأن مصير البلد بخطر كبير».
كما حذّر قبلان من «أنّ انهيار الليرة السريع وفلتان الدولار والأسواق وعجز الدولة واليد الأجنبية والكساد يسرّع وتيرة الانفجار الاجتماعي، والضغط الشعبي بالشوارع قد يأخذ البلد نحو خطط إرهابية خطيرة، لذلك حماية الأجهزة العسكرية الأمنية وتلبية احتياجاتها العملية ضرورة وطنية كبرى توازياً مع حماية الحاجات الأساسيّة للناس، والحذر الحذر من لعبة الشارع وطواحين الفقر لأنّ لعبة الشارع هذه المرّة غير كلّ المرات».
ولم يسجل الملف الحكومي أي جديد، مع تضارب المعلومات والتحاليل السياسية بين توجه القوى السياسية بدفع فرنسي الى تأليف حكومة جديدة او تعويم الحكومة الحالية لتجنب أخطار الفراغ الرئاسي وما قد ينتج عنه من اشتباك سياسي ودستوري وطائفي حيال الوضع الدستوري لحكومة تصريف الأعمال وتسلمها صلاحيات الرئيس وتبعات ذلك على ملف الترسيم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مقابل تفضيل جهات سياسية داخلية عدم تقديم أي إنجاز حكومي او مالي ونفطي وغازي يمنح عهد رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره الوطني الحر ورئيسها جبران باسيل أي إنجاز يؤدي الى تعويمه ويعود باسيل لتصدّر لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، ويتلاقى ذلك مع رغبة أميركية خليجية إسرائيلية بالإبقاء على فراغ في مجلس الوزراء والانتقال الى الفراغ الرئاسي بحكومة تصريف الأعمال الحالية لكي لا تتسلم صلاحيات الرئيس وبالتالي لا تتمكن من توقيع اتفاق الترسيم ولا احتواء أي انفجار اجتماعي وامني قد يحدث في تشرين الثاني المقبل.
وأشارت وسائل إعلام محليّة، أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي سيزور بعبدا اليوم للاجتماع مع رئيس الجمهورية، بأمر لا يتعلق بالحكومة. فالبحث سيكون محصوراً بالتشاور عشيّة مغادرة ميقاتي الى نيويورك وترؤسه وفد لبنان الى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
على صعيد آخر، أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة مجلس النواب التي كانت مقرّرة أمس الى اليوم لمناقشة مشروع موازنة 2022 وذلك لعدم تأمين النصاب بعد غياب كتل «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية» وكتلة «الكتائب»، لمصادفتها مع ذكرى مقتل الرئيس الأسبق بشير الجميل، من إرجاء انعقادها.
النهار: "العنف المصرفي" يتّسع... وكلّ الدولة شاهد زور!
بدورها كتبت صحيفة "النهار": مع ان المشهدية الحاشدة في “ساحة ساسين” مساء امس في الذكرى الأربعين لرحيل الرئيس بشير الجميل والمواقف الحادة التي اطلقها حزب الكتائب اكتسبت دلالات بارزة هذه السنة في عز العبور الى الاستحقاق الرئاسي، فانها لم تحجب التطور الشعبي الأشد اثارة للتساؤل عما تنتظره المسماة “دولة” او “حكومة” او “مجلس نواب” بعد لاحتواء معالم الفوضى الزاحفة بكل تداعياتها المخيفة.
فان تتكرر للمرة الخامسة او اكثر وفي اكثر من منطقة لبنانية، واقعة اقتحام مودعين المصارف تحت وطأة انفجار الحاجة الى الاستشفاء او التغذية او السفر او أي شأن حياتي اخر وانتزاع الحق الرهينة في الوديعة بقوة العنف او السلاح او التهديد بالقوة، فهذا يعني ان البلاد باتت تقترب فعلا من فوهة انفجار اجتماعي قد ينذر بتفجر العنف في أي وقت.
وليس في سلسلة الجرائم التي حصلت أيضا قبل أيام وامس، سوى نذير تفلت ولو من نوع اخر غير مرتبط بواقع الازمة المتدحرجة للودائع والواقع المالي والمصرفي. ولعلها مفارقة دراماتيكية ان تبرز مؤسسات الدولة السياسية والمالية والتشريعية، وكأنها تتفرج على كارثة تتدحرج في بلد بعيد وتنأى بنفسها عن ظواهر الانفجار الاجتماعي، اذ انه في اليوم الذي كان مقررا فيه ان يشرع مجلس النواب في مناقشة وإقرار مشروع قانون الموازنة للسنة الحالية، متأخرا عن موعد هذا الاستحقاق عشرة اشهر، اقتحمت مواطنة فرعا مصرفيا في بيروت، وتبعها مواطن باقتحام فرع اخر في عاليه، فيما لم تنبث “الدولة المتفرجة” باي موقف وحتى المؤسسات الأمنية المعنية سارعت الى نفي توقيف المواطنة المقتحمة للمصرف. أعاد هذا التطور الى واجهة الأولويات التقاعس والعجز والتواطؤ حيال إقرار القوانين الأشد الحاحا في معالجة تداعيات الكارثة المالية منذ ثلاث سنوات.
فاذا كان مشروع الموازنة لهذه السنة تأخر عشرة اشهر، فان ثمة قوانين شديدة الالحاح لم تبصر النور. ويساهم التواطؤ السياسي والمالي والمصرفي في تاخيرها في تضخيم واقع الفقر والعوز والمرض والقهر جراء حجز حقوق المودعين ودفعهم الى متاهات اللجوء الى العنف. وتحت هذه السقوف لا يزال عدم إقرار قوانين “الكابيتال كونترول” وإعادة الأموال المهربة الى الخارج بعد 17 تشرين الأول ،2019 وهيكلة المصارف وخطة التعافي الاقتصادي التي من ابرز مضامينها المفترضة إيجاد حل عادل لكارثة الايداعات المصرفية، تتهادى تحت حجج وذرائع باتت تشكل العنوان الكارثي لرزوح اللبنانيين تحت تداعيات الانهيار.
وبالتالي فان المواطنة سالي حافظ اضافت امس واقعة جديدة على اقتحامات المصارف بعد كل من عبدالله الساعي وبسام الشيخ حسين، ومن جب جنين الى الحمرا والسوديكو فعاليه.
وكانت الجلسة النيابية الأولى لمناقشة الموازنة قد ارجئت بعدما قاطعتها الكتل المسيحية الكبرى اي “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي” وكتلة الكتائب بالإضافة الى كتلة “تجدد” لمصادفتها ذكرى الرئيس بشير الجميل. واعلن الامين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر ارجاء الجلسة العامة الى اليوم عند العاشرة والنصف، لعدم اكتمال النصاب. ومن المقرر ان يزور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قصر بعبدا صباح اليوم بحيث علم ان لقاءه مع رئيس الجمهورية ميشال عون لن يتناول الملف الحكومي وانما سيكون محصورا بالتنسيق بينهما حيال مشاركة ميقاتي في اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك التي يصلها في الحادي والعشرين من أيلول. كما سيتطرق اللقاء الى ملف ترسيم الحدود البحرية مع "اسرائيل". يشار الى ان ميقاتي سيتوجه الى لندن قبل نيويورك لحضور مراسم جنازة الملكة اليزابيت .
وفي ملف الترسيم علم ان اجتماعا عقد امس في بعبدا ضم اللجنة التقنية التي اطلعت الفريق الذي يتولى التنسيق مع "الوسيط" الأميركي على الخريطة التي اعدها الجيش بعد الاحداثيات التي كان "الوسيط" اموس هوكشتاين أرسلها قبل أيام . وينتظر الجانب اللبناني المراسلة الرسمية من هوكشتاين المتضمنة الصيغة المقترحة كي يبنى على الشيء مقتضاه.
"اقتحامان"
ووسط هذه الأجواء إقتحمت المودعة سالي حافظ، وهي تحمل مسدّساً مزيفا ( لعبة) فرع “بلوم بنك” في السوديكو، حيث هدّدت بحرق نفسها بعد سكب البنزين على الموظفين وعلى نفسها. وتمكّنت من سحب مبلغ 13ألف دولار من حسابها قبل أن تغادر. وقد بررت سالي فعلتها عبر فيديو بثته من صفحتها على الفايسبوك بأن ما قامت به هو بهدف دفع تكاليف المستشفى لأختها التي تموت داخله بعد أن عصف بها مرض السرطان. وبعد ساعات على اقتحام سالي لبنك لبنان والمهجر في بيروت، قام أحد المواطنين باقتحام فرع بنك MED في منطقة عاليه وفقاً لما أشارت إليه المعلومات الأولية. لاحقاً، تضاربت المعلومات بشأن العملية، وفقاً لمصادر جمعية المودعين، إن مقتحم بنك البحر المتوسط في عاليه أخذ 30 ألف دولار وسلم نفسه للقوى الأمنية. من جانبه، أصدر بنك لبنان والمهجر بياناً أعلن فيه أن ما حصل امس في أحد فروعه هو “عملية مدبَّرة ومخطَّط لها عن سابق تصوّر وتصميم بقصد الإيذاء”.
وبالتزامن مع عمليات الاقتحام تفاقمت الازمة المعيشية مع تحليق الدولار الى ما فوق ٣٧ الف ليرة فيما سجلت أسعار المحروقات مزيداً من الارتفاع وزاد سعر صفيحة البنزين 20 الف ليرة.
عريضة ضد الخليل
اما على خط تحقيقات المرفأ، وفي وقت فرمل مجلس القضاء الاعلى تعيين القاضي الرديف المقترح من وزير العدل وهي القاضية سمرندا نصار، توعد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بانه “إذا ما استمر وزير المال يوسف خليل بعرقلة مرسوم التشكيلات القضائيّة سنضطر إلى تنظيم عريضة اتهام بحقّه لملاحقته بجرم الإخلال بالواجبات المترتبة عليه”. وطلب نقيب المحامين في بيروت من مجلس القضاء الاعلى عدم الاخذ بكتاب وزير العدل وعدم الموافقة على تسمية محقق عدلي رديف واعتبر أن القرار الصادر عن مجلس القضاء الاعلى بالموافقة على مبدأ تعيين محقق عدلي “رديف” أو “اضافي” هو منعدم الوجود .
النفطالمصارفترسيم حدود لبنانعاموس هوكشتاين