لبنان
المقاومة بجهوزيتها التامة... وتخبط في كيان العدو
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أن قيادة حزب الله والمقاومة طلبت من عناصرها البقاء على جهوزية تامة بأعلى درجات الاستنفار استعداداً لكافة الخيارات، من ضمنها الحرب العسكرية في ظل مخاوف من إقدام العدو على حماقة بالعدوان على لبنان للهروب الى الأمام من مأزقه الداخلي وانقسام أحزابه حول توقيع اتفاق الترسيم مع لبنان، بموازاة خوفه من توقيع الاتفاق النووي الإيراني الذي سيكون على حسابه وحساب بعض الدول الإقليمية الحليفة للأميركيين، لذلك قد يذهب الإسرائيلي الى أيام قتالية كأحد الخيارات المتاحة أمامه وفق ما يقول "خبراء عسكريون" لتوحيد جبهته الداخلية ونقل المعركة الى الخارج وعرقلة الاتفاق النوويّ ويُحرج الأميركيين ويفرض اتفاقاً يضمن مصالحه من ضمنها ترسيم الحدود مع لبنان.
الأخبار| بورصة الخليل لـ"الدولار الجمركي": كل شوي برقم
بداية مع صحيفة الأخبار التي رأت أنّه لم يرسُ مزاد وزير المال يوسف الخليل، على سعر محدّد للدولار الجمركي بعد. فغداة اعتراض بعض القوى السياسية على الطرح المقدّم من قبله، باحتساب الدولار الجمركي على أساس سعر صرف يوازي 20 ألف ليرة (سبق لهذه القوى أن وافقت عليه في الاجتماع الوزاري الأخير)، تراجع الخليل نحو سعر جديد يبلغ 12 ألف ليرة، كما ورد في سيناريو حمله إلى لجنة المال والموازنة التي عقدت أمس. لم يثبت الخليل طويلاً، بل استعاد تقلّباته خلال انعقاد جلسة لجنة المال أمس ليقدّم سعراً جديداً يبلغ 14 ألف ليرة!
كما في أي بورصة تتقلّب فيها الأسعار نزولاً وصعوداً، تتبدّل طروحات وزير المال يوسف الخليل بشأن تسعير الدولار الجمركي. مرّة يروّج سعر الـ20 ألف ليرة، ثم ينكفئ، نحو سعر أدنى بكثير، ليعود ويرفع قليلاً نحو 14 ألف ليرة... لا هو يحدّد معايير التسعير والأهداف المتوخاة منها، ولا هو يدرك ما سيكون رد فعل أقطاب السياسية بشأن كل هذه الأسعار. هو ضائع مثلهم تماماً. ففي الاجتماع الوزاري الذي عقد الأسبوع الماضي ووافق فيه الجميع، وأولّهم وزير المال، على سعر الـ20 ألف ليرة للدولار الجمركي، إلا أن الخليل حمل إلى لجنة المال والموازنة سيناريو يحدّده بـ12 ألف ليرة، إنما أثناء النقاش رفعه إلى 14 ألف ليرة، ووعد بإرسال دراسة عن نتائج الرقم الجديد يوم الاثنين المقبل.
لم يبرّر الخليل كل هذه الأرقام، سوى بنتائجها على الخزينة، أي بالمنطق المحاسبي الذي كان يقوده فؤاد السنيورة في السنوات الماضية. لا بل أطاح بكل أرقام الموازنة عبر احتسابه الإيرادات وفقاً لدولار جمركي يوازي 20 ألف ليرة، فيما الضرائب والرسوم المحصّلة في الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية، احتسبت على أساس السعر الرسمي أي 1500 ليرة لبنانية. إلا أن خليل استلحق نفسه خلال الاجتماع بإبلاغ النواب عن قدرته على تحسين رواتب موظفي القطاع العام في الأشهر الأربعة المتبقية من العام، وفور الموافقة على زيادة الدولار الجمركي، بزيادة الرواتب 3 أضعاف أي الإبقاء على التحفيزات نفسها التي جرى الاتفاق عليها من دون أن تطبق بالفعل بعد.
هكذا، ربط خليل ما بين الاستجابة لمطالب الموظفين المحقّة وبين رفع الدولار الجمركي كوسيلة لتأمين الإيرادات للخزينة. من دون أن يحسب تأثير الدولار الجمركي على الانكماش الاقتصادي والتضخم، وعلى القدرة الشرائية لهذه الرواتب بعد رفع التجار الأسعار.
وعلى النحو نفسه، سار الاجتماع الذي دعا إليه وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري الخوري مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس. فخلال البحث في إضراب القضاة والحلول المطروحة، جرى تأكيد الطرح السابق المتوافق عليه بين وزير المال ورئيس الحكومة، والقاضي بصرف «بدل إنتاجية». يومها تقرّر تحويل مساهمة من الخزينة في صندوق تعاضد القضاة بقيمة 35 مليار ليرة توزّع على شهرين، لحين تثبيت هذه الزيادة بعد بدء العمل بالدولار الجمركي الجديد. ولأجل ذلك، تواصل وزير العدل مع وزير المال يوسف الخليل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، للإسراع بتحويل المساهمة لإعادة القضاة إلى العمل. المشكلة أن خوري لا يعرف إذا كان هذا الأمر سيرضي القضاة، بل يراهن على تحفيزهم بمجرد ضخّ الأموال في الصندوق.
القضاة يرون أن المسؤولين يصمّون آذانهم عن مطالب تصحيح الأجور. بعضهم يقول إن «اقتراحات الحلول تأتي مجتزأة ولا تتسم بطابعي الاستمرارية والديمومة وكأنّ المطلوب دفعهم للرجوع عن قرار التوقف عن العمل لتركهم مجدّداً يواجهون المجهول على الصعيد المعيشي، فضلاً عن عدم الاكتراث إلى المطالب المعنوية التي تفوق بأهميتها المطالب المادية». لذا يرى هؤلاء أن الاستمرار في التوقف عن العمل هو تعبير عن رفض لأنصاف الحلول.
هل سيرضى القضاة بمساهمة الخزينة في صندوق التعاضد بلا هندسات الحاكم؟
في الواقع، ثمة خلاف بين مجلس القضاء الأعلى، وبين اللجنة المكلفة متابعة شؤون القضاة، وبين القضاة أنفسهم. فالمطالب تعدّدت حتى بات كل طرف يزايد على الآخر. إلا أن الثلاثة يجتمعون على رفض مساواتهم بموظفي القطاع العام ضمن سلّة واحدة وشاملة بحجّة أن القضاة «سلطة مستقلة». إلى أن هذه السلطة، لم تجد سوى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المشتبه فيه داخلياً وخارجياً، لتلتجئ إليه في سياق سعيها لتصحيح أجورها، بل يبدو أنها مصممة على إعادة العمل بآلية تقاضي الرواتب على أساس سعر صرف مختلق يعادل 8 آلاف ليرة لبنانية، أو بسريان خطّة القاضي علي إبراهيم وحاكم مصرف لبنان وبلوم بنك، لإجراء هندسة مالية على مبلغ 35 مليار ليرة الذي سيصرف في صندوق التعاضد، ما يرتّب مزيداً من أعباء ضخ السيولة التي تزيد التضخّم وتؤثّر سلباً في سعر الليرة.
وفي المحصلة، أصبح القضاة جزءاً من بازار الدولار الجمركي: يضغط خليل لإقرار الدولار الجمركي من خارج أي إصلاح اقتصادي أو خطة مالية شاملة أو دراسة جدّية توضح أرقامه مستخدماً مطالب القضاة في وجه من يعارض رفع الرسم الجمركي، فيما يستخدم القضاة قدرتهم على تعطيل قصور العدل والنيابات العامة لرميها في وجه السلطة السياسية والناس. حتى بات حماة القانون والحريصون على تطبيقه يقحمون مبدأ تصحيح الأجور الضروري في أتون مخالفات مصرف لبنان والمصارف. عوضاً عن محاسبة هؤلاء على الموبقات التي قاموا بها والتي أودت بالسلطات القضائية لتوسل حقوقها على أبواب مغتصبيها.
البناء| السجال الحكوميّ بين ميقاتي والتيار يتصاعد… وفياض: انتظر موقف ميقاتي من الفيول الإيرانيّ
بدورها صحيفة البناء كتبت، "قال وزير الطاقة وليد فياض إنه بعدما تبلغ من الأميركيين أن لا مشكلة لديهم إذا حصل لبنان على هبة من الفيول الإيراني، لأن الهبات لا تخضع للعقوبات، لا يزال ينتظر موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بينما كان الرئيس ميقاتي منشغلاً بالسجالات التي يديرها مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، على خلفية التعثر في تشكيل الحكومة والشروط والشروط المضادة. فيما أوحى اللقاء الرابع بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف نجيب ميقاتي بأن المسافة بين الطرفين لا تزال كبيرة والتأليف الحكومي غير مسهّل في المدى المنظور، وبالتالي وضع الحكومة على رفّ الانتظار، يملأ عون وميقاتي الوقت الضائع حتى الأول من أيلول بدء سريان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية والموعد المفترض لبدء العدو الإسرائيلي استخراج الغاز من حقل كاريش، بالسجالات السياسية والإعلامية والاتهامات المتبادلة حول تعطيل تأليف الحكومة.
ويبدو أن المساعي الأخيرة التي حصلت على خط التأليف وشارك فيها حزب الله وفق معلومات «البناء» لم تؤدِ الى نتيجة إيجابية حتى الساعة، فتراجعت اندفاعة الرئيس المكلف بعدما لمس تمسك رئيس الجمهورية بصيغة توسيع الحكومة الى 30 وزيراً أي بزيادة ستة وزراء نصفهم من حصته وحصة التيار كما رفضه تدخل ميقاتي بتسمية وزيري الاقتصاد والمهجرين المحسوبين من حصة عون.
وأشارت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن «الخلاف بين عون وميقاتي لا يقتصر على الحصص الوزارية فحسب، بل على إدارة الفراغ الرئاسي بعدما أدركت جميع الأطراف صعوبة الاتفاق على رئيس للجمهورية في مهلة الستين يوماً التي تسبق نهاية ولاية الرئيس الحالي، وبالتالي وقوع الفراغ، في ظل تعذر المجلس النيابي الحالي على تأمين توافق بين كتله النيابية المتعددة والمتشتتة والمتوزعة، الى جانب التشظي في الموقف الدولي والإقليمي حيال لبنان وانشغاله بأزماته وتأخر الحسم في الملفات الإقليمية الساخنة كالملف النووي الإيراني فضلاً عن تأجيل الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ما يخفف الاندفاعة الداخلية والخارجية لإنتاج تسوية رئاسية، لذلك تحركت المساعي لاستباق الفراغ الرئاسي بحكومة أصيلة قبل وقوع المحظور وتفجر قنبلة دستورية تخلق اشتباكات سياسية حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال في فترة الشغور الرئاسي».
إلا أن ميقاتي وفق المصادر لا يريد حكومة كيفما كان يمنح فيها عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حصة وازنة تفوق ما لديهما في الحكومة المستقيلة ويجعلهما متحكمين بالقرار الحكومي في المرحلة المقبلة، لذلك لن يعطي ميقاتي العهد في نهايته ما رفض إعطاءه في منتصفه. فيما رئيس الجمهورية وفق ما تشير مصادر مقربة منه لـ»البناء» لن يفرط بأهم صلاحية يملكها المتمثلة بآخر توقيع له على مرسوم تشكيل الحكومة إلا مقابل تأمين الشراكة الوطنية في الحكومة والحفاظ على التوازن الطائفي والميثاقية لا سيما أننا مقبلون على الفراغ الرئاسي.
وتحذر أوساط مسيحية عبر «البناء» من مخطط سياسي تشارك فيه القوات اللبنانية وقوى أخرى لإضعاف موقع المسيحيين في المعادلة الداخلية من خلال استهداف العهد والتفريط بصلاحيات رئيس الجمهورية والخلاف على وراثتها من مواقع دستورية أخرى، فضلاً عن إجهاض أي مسعى لإنقاذ رئاسة الجمهورية من الفراغ عبر رفض الحوار المسيحي – المسيحي للاتفاق على رئيس موحد للرئاسة يراعي مواصفات الرئيس القوي والتمثيلي. وتساءلت: أين موقع المسيحيين ومصيرهم في الدولة اذا وقع الفراغ في الرئاسة ومن دون حكومة أصيلة تراعي التوازن والشراكة؟
وكان السجال الرئاسي اشتعل أمس، بعد سلسلة مواقف لرئيس الجمهورية نقلها عنه رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم الذي زار قصر بعبدا. حيث أكد عون ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت ممكن، مشيراً الى عدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق، «خصوصاً ان المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسسات الدستورية مؤمّناً والشراكة الوطنية مصانة من حيث تشكيل الحكومة الجديدة أو من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا سيما وان حكومة تصريف الاعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأي سبب كان». وأكد انه «لا يبدو طبيعياً ان الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة على ثقة مجلس النواب يمكنه ان يملأ فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية».
في المقابل اعتبر ميقاتي أن «المواقف الجاهزة التي تُليت اليوم من منبر القصر الجمهوري كشفت، بما لا يقبل الشك، الاسباب الحقيقية لتعطيل عملية تشكيل الحكومة، وما يتم التخطيط له من قبل بعض المحيطين بفخامة رئيس الجمهورية».
وفي بيان لمكتبه الإعلامي أبدى ميقاتي استغرابه «استخدام منبر الرئاسة، المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية، لإطلاق مواقف تؤجج الاوضاع بدل أن تشكل كلمة سواء لجمع اللبنانيين». مؤكداً «أن ما قيل لن يكون بأي شكل من الاشكال معطّلا لمواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ينتظر مجدداً ان يستكمل مع فخامة رئيس الجمهورية مناقشة التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت».
ورد المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية على الرد، بالتأكيد أن «رئاسة الجمهورية ما كانت يوماً لطرف لبناني دون الآخر بل دافعت عن حقوق جميع اللبنانيين من دون استثناء، في وقت كانت ردود الفعل الطائفية والمذهبية تصدر من مواقع رسمية أخرى. ولعل مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مسألة تشكيل الحكومة تعكس هذا التوجه الداعي دائماً إلى تحقيق الشراكة الوطنية والمحافظة على الميثاقية».
ويبدو أن معركة رئاسة الجمهورية ستنطلق عملياً فور دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لانتخاب الرئيس، لكن المرجح أن لا يدعو بري الى جلسة في الأول من أيلول بانتظار تبلور المواقف وإعلان الترشيحات وحسم التحالفات، في ظل التباين الذي يحكم المعادلة النيابية بين الكتل أكان في فريق 8 آذار أو ما تبقى من 14 آذار أو الكتل الوسطية والتغييرية.
وأعلن النائب وضاح الصادق، رفض قوى التغيير وصول رئيس المردة سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، كاشفاً عن مبادرة في الأول من أيلول.
وعلمت «البناء» أن المشاورات حول رئاسة الجمهورية انطلقت في الكواليس السياسية وبعيداً عن الاعلام وفي اجتماعات ولقاءات سياسية مغلقة بحثت بالخيارات وبجملة أسماء ومدى انطباقها على المواصفات المطروحة ومدى ملاءمتها لتوازن القوى النيابي والسياسي والخارجي. كما علمت أن الاجتماعات التي عقدت بين قوى التغيير والمجتمع المدني مع القوات اللبنانية حول الرئاسة، لم تفض الى أي اتفاق بل أظهرت عمق الخلاف على طبيعة المرحلة المقبلة ومواصفات الرئيس المقبل وبرنامجه وأولوياته وسياساته الخارجية.
وعكس ردّ عضو كتلة القوات النائب نزيه متى على النائب مارك ضو، حجم الخلاف بين الطرفين، وقال متى: «لقد انتخبك الناس لتغير شيئاً في حياتهم وواقعهم، وليس لتنصيب نفسك قاضياً فوق القضاة والأحزاب والمجموعات السياسية كلها».
وكان ضو اتهم القوات بالشراكة مع التيار الوطني الحر والعهد بانهيار البلد.
على صعيد آخر تترقب الأوساط السياسية والشعبية بقلق شديد الأول من الشهر المقبل على خط ترسيم الحدود البحرية. وتفيد المعلومات بأن قيادة حزب الله والمقاومة طلبت من عناصرها البقاء على جهوزية تامة بأعلى درجات الاستنفار استعداداً لكافة الخيارات، من ضمنها الحرب العسكرية في ظل مخاوف من إقدام العدو على حماقة بالعدوان على لبنان للهروب الى الأمام من مأزقه الداخلي وانقسام أحزابه حول توقيع اتفاق الترسيم مع لبنان، بموازاة خوفه من توقيع الاتفاق النووي الإيراني الذي سيكون على حسابه وحساب بعض الدول الإقليمية الحليفة للأميركيين، لذلك قد يذهب الإسرائيلي الى أيام قتالية كأحد الخيارات المتاحة أمامه وفق ما يقول خبراء عسكريون لـ»البناء» لتوحيد جبهته الداخلية ونقل المعركة الى الخارج وعرقلة الاتفاق النوويّ ويُحرج الأميركيين ويفرض اتفاقاً يضمن مصالحه من ضمنها ترسيم الحدود مع لبنان.
إلا أن الخيار المرجح أن يؤجل استخراج الغاز الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية هرباً من المواجهة العسكرية مع حزب الله والذي يتخوف منها قادة العدو العسكريون والمستوى السياسي من أن تؤدي الى استهداف باخرة ومنصة الاستخراج وخسارة فرصة تصدير الغاز الى أوروبا وفق العقود الموقعة بينهما.
وفيما لم يعرف موعد زيارة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان، علمت «البناء» أن الموفد الأميركي لم يتبلغ حتى الساعة الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني الأخير الذي تبلغه من الدولة اللبنانية، بسبب تأخر حسم العدو الإسرائيلي موقفه النهائي بسبب الخلافات أولاً، والتكتم الشديد الذي يُحاط به الملف ثانياً. كما لم يصدر أي موقف رسمي إسرائيلي من استخراج الغاز لا تأكيداً ولا تأجيلاً.
في المقابل أكدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن «المقاومة تترك للدولة متابعة التفاوض، لكنها تستعد لأسوأ الاحتمالات بما فيها العسكرية وباقية في الوقت عينه على تمسكها بالمعادلة التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهي غاز ونفط كاريش والحقول المحاذية وشاطئ فلسطين المحتلة مقابل غاز ونفط شاطئ لبنان ترسيماً وتنقيباً واستخراجاً واستثماراً وإلا الحرب العسكرية هي الخيار الوحيد والنهائي مع العدو». مشددة على أن «عيون المقاومة وقيادتها الميدانية ترصد بدقة حركة العدو على كامل الحدود البحرية والجوية والبرية لا سيما في منصة كاريش وأي تحرك سيتم التعامل معه بالوسيلة المناسبة».
وأشار وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، في حديث لقناة «المنار»، إلى أن «انسحاب شركة «نوفاتك» الروسية من اتفاقية الاستكشافِ وإنتاج الغاز لن يؤثر على أعمال التنقيب، وشركة «توتال» لا تزال ملتزمة بالاتفاقيات».
وأوضح فياض في مجال آخر أن «الوزارة تتعاطى بشكل إيجابي مع الهبة المقدمة من دولة صديقة كإيران«، مضيفًا: «وهم التقوا برئيس الحكومة ونحن ننتظر جوابه حول الهبة». ولفت إلى أنه «بحسب القوانين، الهبة المجانية لا تتعرض للعقوبات».
في غضون ذلك تتفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية ما يرتب أعباء إضافية على المواطنين، في ظل اقتراب لبنان من العتمة الشاملة وارتفاع أسعار المحروقات.
وأفادت مؤسسة «كهرباء لبنان» بأنه «سوف يتم وضع معمل الزهراني قسرياً خارج الخدمة بعد ظهر اليوم، جرّاء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، ما سيؤدّي إلى توقّف إنتاج الطاقة على كافة الأراضي اللبنانية، على أن يُعاد تشغيل معامل الإنتاج فور تزويد المؤسسة بالمحروقات في أقرب فرصة ممكنة».
لكن وزير الطاقة أعلن أنّه «بتوجيه من رئيس حكومة تصريف الأعمال أُعطيت الموافقة لمؤسسة كهرباء لبنان على استخدام جزء من الفيول «غرايد ب» المخزن في معملي الجية والذوق، والذي يقدر بـ40 الف طن، بهدف تفادي الوقوع في العتمة الشاملة مع قرب نفاد مادة الغاز اويل لزوم تشغيل معمل الزهراني الى حين وصول شحنة الفيول العراقي في منتصف الشهر المقبل».
وإذ انضم موظفو شركتي الفا وتاتش الى العمال المضربين في القطاع العام، أمل وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري خوري بعد اجتماعه مع رؤساء الهيئات القضائية، «حصول صندوق تعاضد القضاة على مبلغ 35 ملياراً من احتياط الموازنة لتتحسن الأمور ويعود القضاء الى عمله».
وتوعد النائب جبران باسيل، القضاة بقوله: «انتبهوا يا قضاة، الحساب آت وهذه المرة أنتم لن تحاسبونا بل سوف تتحاسبون».
ولفت باسيل الى أن «القضاة يستنجدون بالحاكم المركزي رياض سلامة، من اجل ان يزيد معاشاتهم، وهو الذي يجب أن يتحاكم من قبلهم على عدة جرائم ارتكبها، أقلها أنه أخذ عمولة لشركة أخيه على سندات خزينة يصدرها المصرف المركزي لصالح الدولة اللبنانية».
النهار: عون يتولّى الإدارة المباشرة… لفتاوى التمديد؟
من جانبها كتبت صحيفة "النهار" تقول: قبل خمسة أيام من بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وفي سياق تصعيد حملة المناورات المواقف الملتبسة في اطار من توزيع مكشوف للادوار بين العهد وفريقه السياسي والاستشاري والدائرين في فلكه وحلقته اللصيقة، قطع الرئيس ميشال عون الشك باليقين حيال أي تمايز مصطنع بينه وبين رئيس تياره السياسي ومستشاريه في شأن إدارة الفراغ الرئاسي المحتمل بموقف يثبت التخطيط المتعمد اما لبقائه في بعبدا بعد انتهاء ولايته واما لاثارة تطورات معينة من نوع انقلابي . ذلك ان رئيس الجمهورية انبرى بنفسه امس الى الاجتهاد حول النقص الدستوري لحكومة تصريف الاعمال واسقاط اهليتها في ممارسة المسؤولية التنفيذية بما اثبت مداورة وضمنا ان عون يمهد لتبني كامل منظومة الاجتهادات التي يسربها او يعلنها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حيال مرحلة ما بعد الفراغ الرئاسي المحتمل . مدار الخطورة في هذا النهج التصاعدي بدأ يتبلور في تعمد إشاعة فريق العهد بالذات انطباعات ترجح ذهاب البلاد الى الفراغ في حين يعطل العهد ورئيس تياره السياسي بالذات كل محاولات تشكيل الحكومة الجديدة . اما المفارقة الأكثر اثارة للاستغراب فهي في زعم الرئيس عون الحفاظ على انتظام المؤسسات فيما تسقط في بعبدا تباعا كل الصيغ لتشكيل الحكومة وتتصاعد مكانها الاجتهادات والفتاوى بتمديد مقنع تارة او سافر اطوارا بحجة عدم أهلية الحكومة الحالية لادارة الفراغ مكان رئيس الجمهورية .
المفارقة ان العهد المتفرغ لادارة معركة الاجتهادات والفتاوى يبدو كأنه في عالم ناء تماما عن الأوضاع الواقعية في لبنان حيث تتصاعد كل الازمات الازمات المعيشية والخدماتية على نحو بالغ القسوة والخطورة منذرة بتداعيات متفجرة على كل الصعد . وكان آخر وجوه الازمات الخدماتية الإنذار بالعتمة الشاملة مجددا وتكرارا بدءا من اليوم اذ أعلنت “مؤسسة كهرباء لبنان” بأن سوف يتم وضع معمل الزهراني قسرياً خارج الخدمة بعد ظهر اليوم الجمعة ، جرّاء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، ما سيؤدّي إلى توقّف إنتاج الطاقة على كل الأراضي اللبنانية، على أن يُعاد تشغيل معامل الإنتاج فور تزويد المؤسسة بالمحروقات في أقرب فرصة ممكنة.
العتمة
ولكن الهموم الضاغطة هذه لم تجد مكانها في المشهد الرئاسي – السياسي في بعبدا اذ انه غداة اللقاء الرابع الفاشل حكوميا الذي جمع الاربعاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بادر رئيس الجمهورية الى الادلاء بمطالعة نقلها عنه رئيس الرابطة المارونية خليل كرم شدد فيها على “ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت ممكن وعدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق خصوصاً ان المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسسات الدستورية مؤمّناً، والشراكة الوطنية مصانة سواء من حيث تشكيل الحكومة الجديدة، او من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، وزاد عون انه “يرى بأن حكومة تصريف الاعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لاي سبب كان لان الرئيس عون، وخلافاً لما يشاع، يلتزم نصوص الدستور في ما خص موعد انتهاء ولايته، لكنه في الوقت نفسه لا يرى طبيعياً ان الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة على ثقة مجلس النواب، يمكنه ان يملأ فراغا على مستوى رئاسة الدولة . ومن هنا رأى ان تشكيل الحكومة الجديدة يجب ان يبقى من الأولويات، وهو سيواصل العمل من اجل تحقيق ذلك مستنداً الى الدستور وحفاظاً على الشراكة الوطنية وعلى التوازن بين السلطات”.
ولكن التطور اللافت الاخر تمثل في مسارعة الرئيس ميقاتي الى الرد ببيان لفت فيه الى خطورة استخدام منبر الرئاسة لاطلاق مواقف تؤجج الأوضاع . واعتبر ميقاتي عبر مكتبه الإعلامي”ان المواقف الجاهزة التي تليت اليوم ( امس ) من منبر القصر الجمهوري كشفت، بما لا يقبل الشك، الاسباب الحقيقية لتعطيل عملية تشكيل الحكومة، وما يتم التخطيط له من قبل بعض المحيطين بفخامة رئيس الجمهورية”. واستغرب “استخدام منبر الرئاسة، المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية، لاطلاق مواقف تؤجج الاوضاع بدل أن تشكل كلمة سواء لجمع اللبنانيين”. وأضاف “في كل الاحوال، يتابع دولته، أن ما قيل لن يكون باي شكل من الاشكال معطّلا لمواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ينتظر مجددا ان يستكمل مع فخامة رئيس الجمهورية مناقشة التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت”.
ورد لاحقا مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ببيان جاء فيه:” بالإشارة إلى البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول التصريح الذي ادلى به رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم في قصر بعبدا، فإننا مع استغرابنا لما ورد في تعليق رئيس الحكومة، نسأله عن أي كلام ورد في التصريح يستوجب “استغرابه”، علنا نشترك معه في رفضه. اما القول باستخدام منبر الرئاسة “المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية”، فهو قول “مستغرب” أيضا لان رئاسة الجمهورية ما كانت يوما لطرف لبناني دون الآخر بل دافعت عن حقوق جميع اللبنانيين من دون استثناء، في وقت كانت ردود الفعل الطائفية والمذهبية تصدر من مواقع رسمية أخرى. ولعل مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مسألة تشكيل الحكومة تعكس هذا التوجه الداعي دائما إلى تحقيق الشراكة الوطنية والمحافظة على الميثاقية “. الطائفية والمذهبية تصدر من مواقع رسمية أخرى.
في غضون ذلك لوحظ انه قبل أيام من بدء المهلة الدستورية تسارعت الاستحقاقات المتصلة بالتشريع المالي اذ دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة للجان المشتركة الثلثاء لدرس قانون الكابيتال كونترول،في حين أعلن رئيس لجنة المال الموازنة النائب إبرهيم كنعان انتهاء لجنة المال من مناقشة موازنة 2022 “ولكن التقرير الذي سأعده يتضمن المواد الموافق عليها والمعلقة والايرادات بموجب سيناريوهات وزارة المال”. وأوضح كنعان “نحن بين السيء والأسوأ أي بين موازنة يُقرّر فيها المجلس النيابي وبين الأسوأ أي الصرف على القاعدة الاثنيّ عشرية مع ما يعنيه ذلك من عدم إمكان تقديم الخدمات للناس”. وقال “همّنا أن نقر موازنة متوازنة تستطيع الدولة أن تضبطها وأخذنا باقتراح وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل عن سيناريوين بما يخص سعر الصرف في الموازنة وهما 12 ألف ليرة و14 ألف ليرة لبنانية ونحن نجنح إلى السعر الأقل”.
إضراب القضاة
وفي ما يتصل باضراب الجسم القضائي امل امس وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري حصول صندوق تعاضد القضاة على مبلغ 35 مليارا من احتياط الموازنة لتتحسن الأمور ويعود القضاء الى عمله. وجاء موقفه جاء اثر اجتماعه مع رؤساء الهيئات القضائية حيث تم التشاور في موضوع الإضراب العام الذي أعلنه القضاة مطلع الأسبوع الفائت.ولكن بيانا صدر عن “قضاة لبنان ” اعلنوا فيه المضي في الاعتكاف على خلفية رفضهم ما يشاع عن تأمين الراتب على سعر 8 الاف ليرة للدولار من خلال مساعدات تقدم لصندوق القضاة لمدة خمسة اشهر . وجاء في بيانهم “ان يعلن قضاة لبنان توقفهم عن العمل بسبب عدم قدرتهم على تحمل الوضع المعيشي نتيجة انعدام قيمة رواتبهم لهو فضيحة كبرى بحق الدولة اللبنانية ومسؤوليها، أما الفضيحة الأكبر فهي أن يصم المسؤولون آذانهم عن مطالب القضاة المحقة وأن تأتي أقتراحات الحلول مجتزأة ولا تتسم بطابعي الإستمرارية والديمومة وكأن المطلوب دفعهم للرجوع عن قرار التوقف عن العمل لتركهم مجددا يواجهون المجهول على الصعيد المعيشي، فضلا عن عدم الإكتراث إلى المطالب المعنوية التي تفوق بأهميتها المطالب المادية . لذلك فإن قضاة لبنان يعلنون استمرارهم بالتوقف عن العمل ورفضهم لأنصاف الحلول والمكائد التي تحاول السلطة السياسية نصبها لهم، محملين أصحاب القرار مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور في العدليات نتيجة سياسية الإنكار المتمادية، كما يعلنون رفضهم للحملات الشعواء التي يتعرضون لها من قبل من يدعون حرصهم على العدالة، ويطلبون من الشعب اللبناني مساندتهم والصمود إلى جانبهم لما في ذلك من خير للعدالة والوطن”.
ووسط هذه الاجواء، هدد النائب جبران باسيل عبر شريط مصور عبر حسابه على “تويتر” من وصفهم “قضاة التقصير” بالمحاسبة وقال في شريطه “انتبهوا يا قضاة التقصير، الحساب جايي. هالمرّة انتوا ما رح تحاسبوا، هالمرّة انتو رح تتحاسبوا”.
ميشال عونالحكومة اللبنانيةالقضاءترسيم حدود لبنان