معركة أولي البأس

لبنان

تراشق كلامي بين "التيار" وميقاتي.. وتقلّص التفاؤل بترسيم الحدود
06/08/2022

تراشق كلامي بين "التيار" وميقاتي.. وتقلّص التفاؤل بترسيم الحدود

اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم بالذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت والمواقف المرافقة لهذه المناسبة الأليمة لا سيما على أهالي الضحايا والمتضريين من تلك الكارثة، في وقت لا تزال الحقيقة مجهولة والتحقيق القضائي غائب في هذا الملف الحساس.
وتناولت الصحف التراشق الكلامي بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، ببيانات وأخرى مضادة، هذا في وقت يمرّ فيه الوقت وملف ترسيم الحدود البحرية لم يبصر النور بعد، وسط حديث عن تراجع منسوب التفاؤل الذي بثّه المفاوض الأمريكي خلال زيارته لبيروت قبل أيام.


"الأخبار": تسريبات إسرائيلية حول ترسيم الحدود: التفاؤل يتقلص

في لبنان، ثمّة ثقة بأن الحقوق التي سيحصل عليها من اتفاق ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المُحتلة، لن تكون أقل من الخطّ 23 مع كامل حقل قانا والبلوك 8. في الأساس لم يعُد المسؤولون في وارد تقديم أي تنازل، مع التخلّي عن الخطّ 29، لكن يبقى الجواب الإسرائيلي على ما يريده لبنان غير واضِح بعد، وهو ما تؤكّده جهات رفيعة المستوى بأن «لا رسالة أميركية أو فرنسية وصلت إلى لبنان بعد مغادرة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين ولقاءاته بمسؤولين إسرائيليين». كل ما يُتداول به ليسَ سوى تحليلات ومعلومات صحافية يجري ضخّها في إعلام العدو، من دون نفي أو تأكيد، وهو ما لا يمكِن البناء عليه. الموقف الإسرائيلي يحيطه الغموض، لذا لم يعُد سهلاً توقع سيناريو واحد، وبات احتمال التهدئة كما احتمال التصعيد متساويين، رغمَ ما قيل عن «وقف العمل في كاريش».

وفقاً لما يرِد من «إسرائيل» من إشارات فإن جرعات التفاؤل تتجه إلى التقلص، في حين باتت مقدمات التسويف والمماطلة أكثر بروزاً، ما يثير أكثر من علامة استفهام، بخاصة أنه يحمِل الشيء ونقيضه. فتقدير «تل أبيب» أن «الرضوخ لإرادة حزب الله في الخلاف البحري، وإن كانَ سيُجنبها حرباً بخسائر كبيرة، سيتسبب بتداعيات سلبية لا تقتصر على الصراع على الماء، بل سيؤثر في كل المعادلات القائمة بين الجانبين». وتبحث «تل أبيب» في خياراتها الممكنة، من بينها تأجيل استحقاق الرضوخ وتحسين صورة الانكسار فيه، وهو مسعى لا يمكن تحقيقه إلا بوساطة الحليف الأميركي الذي سيكلّفه الرضوخ لحزب الله أكثر بكثير مما سيكلف «إسرائيل». وذلك، لأن رضوخ الأميركي هو خسارة ترتبط بالاستراتيجية الأميركية التي تعمل عليها منذ سنوات في لبنان، لتحقيق ما عجزت عنه تل أبيب عسكرياً، وهي استراتيجية الحصار والضغط الاقتصادي.

وتأخير الاستحقاق باتَ مطلباً لدى الإسرائيلي والأميركي، لأن من شأنه تجنيبهما تلك الصورة المهينة مع تداعياتها الممتدة، عبر العمل على رواية مغايرة وإن نسبياً، بديلة لواقع الرضوخ.

ومسعى كهذا لا يتحقق، إن بقي جدول أعمال حقل كاريش على حاله، أي أن تبدأ سفينة الاستخراج عملها مع بداية أيلول المقبل، كما كان مقرراً، الأمر الذي يفسر «العرقلة التقنية» التي جرى تداولها في المجلس الوزاري المصغر إلى أجل غير مسمى.
وكان المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، اجتمع في تل أبيب قبل أيام بمشاركة لافتة جداً من مسؤولي المؤسستين العسكرية والأمنية على اختلافها، لمناقشة وعرض تهديدات حزب الله للقطاع الغازي في إسرائيل، مع مناقشة التهديدات وسياقاتها والتقديرات إزاءها، وتحديداً ما يتعلق بإمكانات التصعيد الأمني في مواجهة حزب الله.

وشارك في الجلسة كل من رئيس الأركان أفيف كوخافي، ورئيس شعبة الاستخبارات أهارون حليفا، ورئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات عميت ساعر، ورئيس الموساد ددي برنياع، ورئيس الشاباك رونين بار، ومستشار الأمن القومي إيال حالوتا. الذين اجمعوا على تقدير واحد:
«في حال الفشل في التوصل إلى حل ديبلوماسي على الحد البحري مع لبنان، البديل سيكون مواجهة عسكرية مع حزب الله، تستمر أياماً من القتال».
في الموازاة، سرب عدد من الوزراء أنه جرى إعلامهم في الجلسة، أن استخراج الغاز من حقل كاريش، يمكن تأخيره عن موعده في أيلول المقبل، أما سبب التأخير فهو «تقني»، مع تشديد الوزراء أن لا علاقة لتهديدات حزب الله به، مع الإشارة إلى أن شركة «إنرجيان» تعمل على إيجاد حلول للعطل التقني، لكنها غير قادرة على تقدير موعد محدد لبدء استخراج الغاز، الذي سيؤجل حكماً.

وبينما شدد رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد على ضرورة إيجاد حل ديبلوماسي للنزاع مع لبنان، وأعرب عن تفاؤله، لكنه أكد في المقابل أن «الحل لن يكون غداً»، في إشارة منه إلى أن الاتفاق قد يتأخر، بخلاف ما كان يقدر قبل جلسة الوزاري المصغر.
في المقابل، أنهى الوسيط الأميركي لقاءاته سريعاً في إسرائيل بعد قدومه من لبنان وإسماع الجانب الإسرائيلي ما سمعه من المسؤولين اللبنانيين، إلا أنه عاد إلى الولايات المتحدة، من دون أن يحدد موعداً لاستئناف وساطته، وإن كانت التقديرات تشير إلى أسبوعين كاملين، ما يثير الاستغراب، بعد استعجال وعجلة لافتين، أبداهما في لبنان وإسرائيل. فهل جدول أعمال أميركا يتباين في هذه المسألة، عن جدول أعمال إسرائيل؟

في هذا الإطار، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية مواكبة أن «هوكشتين يريد التوصل إلى اتفاق بحلول أيلول المقبل، لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إن الفرصة لتحقيق ذلك، ليست كبيرة».
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع للصحيفة إنه «ما زال من غير الواضح ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق مع لبنان، وإن كان هناك متسع من الوقت، وهي إشارة تلخص نيات إسرائيل وتوجهاتها، للمرحلة المقبلة، أقله إلى بداية أيلول المقبل، حيث ينتظر الجميع استحقاقات وقرارات ومجازفات، لا تخلو من خطورة».

 


"البناء": لبنان تحت وطأة تفجير 4 آب

كانت الذكرى السنوية الثانية لانفجار مرفأ بيروت، مناسبة لإطلاق مواقف مختلفة من القضية ومسار التحقيق العدلي فيها، وبعدما استغل خصوم المقاومة المناسبة لإطلاق اتهامات لحزب الله بتحميله مسؤولية جلب النترات وانفجارها بالتالي، ردّ الأمين العام لحزب الله على هذه الاتهامات وقام بتفنيدها، معتبراً ان المدخل لتصحيح مسار التحقيق يبدأ من تنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار الذي أخذ التحقيق الى أهداف سياسية لا علاقة لها بالمجريات التي يفرضها السعي للإجابة عن سؤال مَن سمح بإدخال السفينة وتفريغ حمولتها والحفاظ عليها في المرفأ؟

وأشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال كلمة له في المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، الى أن «جهاد التبيين خلال الأربعين عامًا بدأ منذ اليوم الأول في مقاومتنا»، مؤكدًا أنّه ما كانت المقاومة لتحصل على التأييد والاحتضان والمساندة الشعبيّة لولا جهاد التبيين.

وتطرّق السيد نصر الله إلى مشاريع الإفساد التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية في العالم، وقال: «نحن مستهدفون من قبل قوى الطغيان.. أميركا وبعض القوى الغربية يعملون على مدى عشرات السنين على مشروع إفساد البشرية».

وتابع: «تصوّروا اليوم، سفارات أميركا، وفي أكثر من بلد في العالم ترفع علم المثليين، وتطلب من الآخرين أن يرفعوا علم المثليين. أميركا تدير الدعوة إلى الشذوذ والإلحاد، وتسخِّر لهذا وسائل ضخمة جدًا. هم يخوضون ضدنا، بالإضافة للحرب العسكرية والاقتصادية حربًا دينية وثقافية».

ولفت إلى أن مستشارًا لثلاثة رؤساء أميركيين يقول، إنّ أميركا وأوروبا تسيران إلى الموت والنهاية بسبب التفكك الأسري والزنا. ويقول، إذا سرت ثقافة المثلية، فسوف ينقطع النسل والمجتمع سيهرم.

وأوضح، أن فتح أبواب الهجرة من قبل الدول الغربية ليست لدواعٍ إنسانية، بل نتيجة الحاجة إلى اليد العاملة.

وشدّد السيد نصر الله على أننا في مواجهة ذات بعد سياسي أمني واقتصادي وثقافي ومعنوي وروحي وفي كل الجبهات، وهذه المعركة لا تُؤجل.

وتطرّق السيد نصرالله إلى الذكرى السنوية الثانية لانفجار مرفأ بيروت، مؤكدًا أنّه مما لا شك فيه أنّ حادثة المرفأ مؤلمة وقاسية جدًا على جميع اللبنانيين. واعتبر أنّ أهم مشكلة واجهتها هذه المصيبة هي التوظيف السياسي البشع منذ اليوم الأول للحادثة، لافتًا إلى أنّ اللوم يقع على الجهات السياسية والإعلامية التي خطفت هذه المصيبة ووظفتها سياسيًا منذ الساعات الأولى.. استغلوا هذه الجراح بشكل قبيح ووقح لخدمة هدفهم السياسي ومشروعهم في مواجهة حزب الله والمقاومة.

وقال: «لا تزال الدعاية مستمرّة ضد حزب الله رغم أننا شرحنا ووضّحنا أن لا صلة لنا بالباخرة ولا بالنيترات.. نحن لدينا متفجرات أصلية وعسكرية ولا نحتاج لنيرات الأمونيوم لتصنيع متفجرات يدوية».

وأضاف: «أصرّوا على استخدام الدماء المظلومة في الاستهداف السياسي.. التحقيق معطل لأن قاضي التحقيق لا يقبل التنحي.. هناك ضباط ومسؤولون سياسيون لم يُحقق معهم، وهناك مظلومون بالسجون نتيجة المسار القضائيّ المتبع».

ودعا السيد نصر الله إلى إعادة فتح المسار القضائي من جديد وأن يُحاسب المسؤول عن هذه المصيبة، وقال: «أول الطريق ووسطه وآخره هو أن يتم إخراج هذا الملف من التوظيف السياسي إذا أردتم ان تصلوا الى الحقيقة».

وكان لبنان أحيا الذكرى السنوية الثانية لانفجار المرفأ على وقع انهيار ٤ صوامع من إهراءات المرفأ في التوقيت نفسه لانفجار المرفأ في ٤ آب بعد التصدع الذي أحدثه الانفجار في مبنى الإهراءات وإثر الحرائق التي سرعت هذه الانهيارات المتتالية. كل ذلك وسط انقسام بين أهالي ضحايا الانفجار وتظهر ذلك بمسيرات وتحركات وخطابات ومطالبات مختلفة. ففي حين اتهم بعضهم المحقق العدلي القاضي طارق بيطار بالتآمر على قضيتهم، أيد البعض الآخر بيطار متهمين السلطة وبعض الجهات السياسية بعرقلة التحقيق من خلال رفض تعطيل عمل وتحقيقات بيطار وكف يده.

الا ان البارز والمستجد هو الرسائل الحادة والشديدة اللهجة التي وجّهها بعض الاهالي الى الدولة الفرنسية خلال مسيرتهم التي انطلقت من قصر العدل الى السفارة الفرنسية في بيروت، حيث اتهموا فرنسا بالتخلي عن اهالي الشهداء والرئيس الفرنسي بالتنكر لوعوده للأهالي والتراجع عنها. والجديد ايضاً هو مطالبة بعض الاهالي بلجنة تقصي حقائق دولية علماً انهم يؤيدون تحقيقات بيطار!

 كما وجّه أهالي شهداء فوج إطفاء بيروت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس طالبوا فيها بإنشاء وتوفير التمويل للجنة محترفة ومستقلة وتفويضها تولي التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت.

واستغربت مصادر سياسية عبر «البناء» المطالبات بتحقيق دولي فيما التحقيق الوطني يمكن أن يستكمل تحقيقاته والتوصل الى الحقيقة وإجراء المحاكمات اذا تقيد والتزم بالنصوص والاصول الدستورية والقانونية. وتساءلت المصادر: هل يمكن أن يعطل قاض مسار تحقيق في انفجار هائل كانفجار المرفأ؟ وهل جرى زرع القاضي بيطار عمداً وخلق الإشكال السياسي والشعبي حوله وتشعيب القضية وتسييسها بهدف عرقلة التحقيق والوصول إلى ما وصلنا اليه من فوضى قانونية وسياسية وشعبية وإبقاء الجرح الوطني مفتوحاً على التوظيف السياسي والاستخدام في سوق المصالح الداخلية والخارجية؟

وفيما تحوّل البلد الى كتلة انهيارات على مختلف الصعد. استمر الاشتباك الإعلامي والسياسي على جبهة التيار الوطني الحر ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وتدرّجت الى مستوى عنيف وغير مسبوق ما حول الحكومة الى خبر كان ومهمة شبه مستحيلة وفق اوساط مطلعة لـ»البناء» لا سيما أن التعايش والتساكن بين عون وميقاتي تحت سقف حكومي واحد لم يعد ممكناً في ظل تباعد التوجهات والأهداف وتعميق الخلاف. ما يؤكد وفق المصادر بأن لا حكومة في العهد الحالي وما نعيشه من سجالات واتهامات وحرب كلامية وسياسية ما هي الا نذر وتمهيد للمعركة الرئاسية التي يتحضر لها الجميع ويشحذون جميع أسلحتهم وأوراقهم. علما ان المصادر ترجح تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية وللذهاب الى فراغ لأشهر عدة ريثما تنضج ظروف التسوية الخارجية.

 وعاودت لجنة الإعلام والتواصل في «التيّار الوطنيّ الحرّ» فتح النار على ميقاتي بالقول في بيان: «من أنت وما هو تاريخك المليء بالفساد ومن تمثل شعبياً وما هي إنجازاتك الوطنية لتتطاول على تيار تاريخه النضال؟ كيف لك أنت الذي أمضيت سنيّك بالصفقات والسمسرات والعمولات أن تتناول من قضى عمره في الساحات دفاعاً عن الوطن واستقلاله والدولة ومؤسساتها بمواجهة المحتلين والطامعين والفاسدين؟». وأضاف البيان «أنت بنيت مسيرتك السياسية على استرضاء الخارج فيما بنى التيّار مسيرته على التصدّي لمؤامرات الخارج. أنت جعلت من بطاقة الائتمان المصرفي هوية لك، فيما هوية التيّار الوحيدة هي لبنان. أمرك عجيب يا نجيب، فأنت تتهم التيّار الوطنيّ الحرّ بالفساد فيما جعلت من الفساد نهجاً لحياتك منذ أن بدأت في لبنان خلال الحرب بالمتاجرة بالخطوط والاتصالات الدولية المشبوهة، وانتقلت بعدها الى سورية تستجدي نظامها لتجمع من قطاع الاتصالات فيها ثروة قبل أن تنقلب عليها، مالاً وسياسيً، فبات موقفها منك معروفاً (…) طفح الكيل ولن نسمح لأمثالك بأن يتطاول على تيّار سياسي وشعبي معمَّدٍ بدم الشهداء ومحصّن بشرعية الناس. أما أنت فمن أنت في السياسة ولم تتجرأ على الترشح ولم تتمكن من إيصال أي نائب، ومن أعارك ثوب شرعّيته بتسميتك ينزعه عنك ساعة يشاء. كيف تسمح لنفسك أن تتطاول على أكبر كتلة نيابية وتحقد عليها، فقط لأنها رفضت أن تسمّيك لرئاسة الحكومة بعدما اختَبَرَت عجزك وعدم إقدامك لا بل جبنك لاتخاذ أي قرار لا يرضي معلّميك في الداخل، ولهاثك وراء الخارج خوفاً على مصالحك. نكتفي بهذا الآن وأي تطاول إضافي منك سيكون ردّنا عليه بمزيد من التفاصيل التي سوف تنكشف تباعاً عنك وعن فسادك».

على الأثر، ردّ المكتب الإعلامي لميقاتي في بيان جاء فيه: «الناس في واد و»تيار قلب الحقائق» في واد، ولذلك سيكون ردنا مقتضباً ولمرة أخيرة منعاً للتمادي في الابتزاز السياسي وفي سجالات عقيمة ليس أوانها في ظل الاوضاع التي يمر بها البلد عموماً وقطاع الكهرباء خصوصاً. إن بيان « التيار» يعكس نظر صاحبه في مرآة منزله. ولأننا نتبع القاعدة المعروفة التي تقول إن الضرب بالميت حرام، لن نضرب في «ميت التيار» مكتفين بهذا القدر، ومستلهمين بتصرّف قول الأديب سعيد تقي الدين «ما أفصح «حامل العقوبات الدولية» على فساد موصوف، عندما يحاضر بالعفّة والنزاهة والاستقامة».

وعاد التيار ورد على ميقاتي بالقول: «كنّا متأكدين أنك لن تستطيع أن تردّ أو أن تدافع عن أي من الوقائع والأرقام التي تدينك بفسادك في اعمالِك داخل الدولة وخارجها، ولا أن تسمّي لنا اسماً أو شركة أو أن تورد رقماً تدين به التيار أو رئيسه.

ولكن بمّا أنك لم تستطع إلا الاستعانة بالعقوبات الاميركية التي وصفتها من خوفك بالعقوبات الدولية التي لم تخف رئيس التيار وتدفعه لقطع علاقته مع حزب الله، فإنها هي ما يخيفك في مسألة قبول هبة الفيول الإيرانية أو المساس بالنظام والمنظومة المالية المفروضة على لبنان وبأي من اركانها وانت واحد منهم. صاحب المال الفاسد لا يمكن أن يكون يوماً رجل دولة».

فيما تساءلت مصادر نيابية واقتصادية عبر «البناء» عن سبب تجاهل وتلكؤ ومماطلة ميقاتي من العرض الذي قدّمه السيد نصرالله للفيول الايراني وهو لا يحرك ساكناً إزاء ازمة الكهرباء ومعاناة الشعب للبناني اليومية جراء انقطاع التيار الكهربائي فيما يكتفي بكيل الاتهامات للتيار بالمسؤولية عن أزمة الكهرباء والعجز الذي يرتبه هذا القطاع ويقوم بحرمان الشعب اللبناني من هبات خارجية نفطية غازية كهربائية اقتصادية ومشاريع بنى تحتية من إيران وروسيا والصين والعراق وبالتالي يتماهى مع الحصار الخارجي الاميركي الخليجي الاوروبي على لبنان خوفاً على مصالحه المالية والسياسية الشخصية. وتساءلت لماذا لا يقنع الأميركيين بتحرير خط الغاز العربي إذا كان لا يجرؤ على إقناعهم بقبول الفيول الايراني؟ وعلمت «البناء» في هذا السياق ان خط الغاز العربي الى لبنان لن يفعل بسبب تعقيدات عدة داخلية وخارجية تتعلق بالمصلحة الاميركية التي تريد ابقاء الحصار على لبنان وتجويع شعبه للضغط بملف ترسيم الحدود الذي يبدو أنه بلغ خواتيمه الإيجابية حتى الساعة بانتظار الرد الاسرائيلي النهائي على المقترح اللبناني الذي من المتوقع ان يأتي به الوسيط الأميركي هوكشتاين الاسبوع المقبل وبالتالي لا غاز من مصر ولا كهرباء من الأردن في الوقت الراهن.

وسط هذه الأجواء تتفاقم الازمات المعيشية. وقد أعلنت جمعية مصارف لبنان اليوم «الإضراب ابتداءً من الاثنين ٨ آب ٢٠٢٢، على أن تقرّر الجمعية العمومية للمصارف التي ستنعقد في العاشر من آب الموقف الذي تراه مناسباً في هذا الشأن»، وذلك لأن «الأوضاع الشاذة التي حاولت المصارف قدر الإمكان التعامل معها بمرونة ولو على حسابها، بلغت حدّاً لم يعد مقبولاً، وهي لم تعد تستطيع أن تتحمّل المواقف المضرّة والشعبوية على حسابها وحساب الاقتصاد، وهي تجد نفسها مضطرة إلى إصدار إنذار عام يكون دعوة للجميع للتعامل بجدية ومسؤولية مع الأوضاع الراهنة بهدف السير نحو التعافي الحقيقي».

وتوقع خبراء اقتصاديون عبر البناء ان ينعكس إضراب المصارف سلباً على سوق الصرف والسيولة بالدولار التي يحتاجها السوق لا سيما التجار لاستيراد المحروقات والسلع والمواد الغذائية فضلاً عن تضرر الموظفين الذين لن يستطيعوا قبض رواتبهم والمساعدات الاجتماعية من المصارف رغم الجهود التي تبذلها وزارة المال بالتعاون مع الوزارات لإنجاز جداول الرواتب التي تأخرت بسبب إضراب القطاع العام. وتوقع الخبراء ارتفاعاً تدريجياً وسريعاً لسعر صرف الدولار اذا لم تتم معالجة الازمة المصرفية القضائية. وقد سجل سعر الصرف أمس ارتفاعاً ملحوظاً بلغ ٣٠٧٠٠ ليرة في السوق السوداء.

ورأس رئيس حكومة تصريف الأعمال اجتماع «لجنة الأمن الغذائي» قبل ظهر أمس في السراي.

وبعد اللقاء قال وزير الاقتصاد أمين سلام «تطرق الاجتماع الى موضوع انتهاء أزمة الخبز وتواجده في السوق اللبنانية نتيجة العمل الدؤوب مع كافة الأجهزة مشكورة، والتي تتعاون مع وزارة الاقتصاد من خلال الآلية الجديدة ضمن الشفافية والمحاسبة في عملية توزيع القمح والطحين بين الافران والمطاحن والرقابة المشددة عليهما للتأكد من استعمال القمح المدعوم فقط في صناعة الخبز العربي، بعد ان تم استغلاله سابقاً وادى الى انقطاع هذه المادة. كلنا امل وثقة ان في حال استمر العمل بالوتيرة الحالية فلن تكون هناك ازمة خبز مجددا، خصوصاً ان قرض البنك الدولي سيكون قيد التنفيذ خلال فترة شهر من الآن، والاعتمادات ستبقى مفتوحة لاستيراد القمح حتى تنفيذ القرض». تابع: «نظراً لعدم إمكانية انعقاد مجلس الوزراء في المرحلة الراهنة، ونظراً للضرورة والعجلة، وبعد اطلاع السيد رئيس الجمهورية، وتشجيعاً للإنتاج الداخلي وتحفيزاً لمزارعي القمح الصلب والطري والشعير، يطلب إليكم الإشراف على شراء القمح المنتج في لبنان والتي تبلغ كميته 40 ألف طن تقريباً من قبل المطاحن المحلية، وذلك وفقاً لآلية تصدر عنا بناء لاقتراحكم واقتراح السيد وزير الزراعة، على أن يُعرض الموضوع لاحقاً على أول جلسة لمجلس الوزراء على سبيل التسوية». أضاف: «نظراً للظروف الاستثنائية التي نمر بها، ولضرورة دعم المزارع، اتخذنا هذا القرار الذي سيوفر الوقت وعناء المرور بالأليّة السابقة تسهيلاً لشراء الكميات الموجودة عند المزارعين، فالهدف الأسمى والأساسي هو دعم المزارع اللبناني تحفيزاً لتطوير إنتاجه لمادة القمح في لبنان أملا منّا بالتوصل للاكتفاء الذاتي».

 


"الجمهورية": رسالة 4 آب: تحقيق جاد يكشف القتلة

مرّ الرابع من آب، ذكرى التفجير المشؤوم لمرفأ بيروت، وسحابة كثيفة من حزن تغطي الأرجاء على ضحايا أبرياء وعلامات استفهام تغطي الأرجاء تبحث عن جواب فلا تجده عن المجرمين ومن يغطي إفلاتهم من العقاب. حتى إهراءات المرفأ أرادت بالأمس أن تسقط أجزاء منها إلى الحضيض الذي يسكن فيه هؤلاء!

مرّ الرابع من آب، والشهداء في عليائهم يلعنون شياطين الأرض، الذين دفنوا الحقيقة والعدالة، بركام حقدهم، وانعدام مسؤوليتهم الإنسانية والأخلاقية امام هذه الفاجعة، وإمعانهم في قتل الشهداء مرتين في وضع السدود أمام كشف الجناة والاقتصاص منهم.

مرّ الرابع من آب، والجرحى ماضون في جلجلة الوجع والمعاناة ولا من يسأل. اما العائلات المفجوعة بأحبائها، فأخضعتها إرادة ماكرة وحاقدة، بل مجرمة، لحسرة ووجع فراق الأحباء، فيما المنكوبون في أرزاقهم ليس لهم إلّا الله، يعوض عليهم ما مُنيوا به من خسارات لجنى العمر.

بالأمس، ذرف لبنان دمعة على شهداء التفجير المشؤوم، العائلات استذكرت الآباء والأمهات والأبناء والإخوة والأخوات وكلّ الاحباء الذين ذهب الإنفجار بحياتهم، والذين نكبهم بإصابات وإعاقات تلازمهم مدى العمر. واكّدت في المسيرات إلى موقع جريمة العصر في المرفأ، أنّ هذه القضية لن تموت، وانّه لا بدّ من رفع اليد عن القضاء، ورافعةً في الإرجاء سيلاً من الاسئلة: متى سيُكشف الجناة؟ بل هل سيُكشف الجناة؟ أين وصل التحقيق؟ من يمنع استكماله؟ من يضغط على القضاء؟ هل العلّة في القضاء أم في غير القضاء؟ من استقدم النيترات؟ لمن الباخرة التي استقدمت نيترات الموت؟ من هو المجرم؟ من يتستر عليه؟ لماذا لا يُعلن عنه؟ ولماذا لا يُجاهر بالحقيقة الحقيقية، وليس الحقيقة السياسية المعطّلة للتحقيق والكامنة خلف الانفجار المروّع؟

وإلى أن تظهر الحقيقة، التي لا بدّ أن تنجلي يوماً، يبقى المتستر على الجريمة شريكاً في هذه الجريمة حتى يثبت العكس، والمعطّل للقضاء والتحقيق النزيه شريكاً في هذه الجريمة حتى يثبت العكس، والمسترخص لدماء الشهداء وكل الضحايا ولفلفة هذه القضية وتمييعها وتضييعها وإخضاعها للأهواء السياسية والحسابات الحزبية شريكاً في الجريمة حتى يثبت العكس. ومن هنا يبقى التعويل على استمرار التحقيق، ولقد صدرت سلسلة دعوات لمواصلته حتى ولو تطلّب الأمر لجنة تقصي حقائق دولية.

جناز لراحة أنفس الضحايا

وفيما أُنيرت اهراءات المرفأ بأضواء تعكس العلم اللبناني، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده جنازاً لراحة أنفس ضحايا انفجار المرفأ، وألقى عظة تساءل فيها: «كيف سيقف المسؤولون أمام منبر الله وبماذا سيُجيبون؟ وكيف يواجهون أولادهم وأحفادهم عندما يسألونهم مَن فجّر بيروت ولماذا؟ بل كيف يوجّهون ضمائرهم؟ سنتان قضتا على جريمة لم يكن أحد ليقبلها لبيروت».

وقال: «المسؤولون مشغولون بأنفسهم، ومعظم أبنائنا غادروا البلد طلباً لسقف يأويهم أو سعياً وراء عمل يؤمّن لهم حياةً كريمة في بلاد تحتضنهم، والمسؤولون في الزمن البشري لا يأبهون لخير المواطنين. لذلك ندعو الجميع إلى عدم الإتكال على الرؤساء حيث لا خلاص عندهم».

وتابع: «مقترفو الجريمة ما زالوا يتمتّعون بحريتهم فيما أهل بيروت يُعانون، وسنتان ولم يتوصّل القضاء إلى كشف الحقيقة لأنّ السطوة السياسية تُعيق عمله وتمنع العدالة».

وأردف عودة: «لا نبتغي سوى أمر واحد وهو معرفة حقيقة ما جرى في مرفأ بيروت، ومعاقبة كلّ من خطط عن قصد أو ساهم عن غير قصد ومن غضّ النظر رغم علمه بخطورة المواد الموجودة». وقال: «معرفة الحقيقة لن تُرجع أيّ ضحية إلى الحياة ولن تشفي المصابين، إلّا أنّها بالتأكيد تطمئن قلوب أهالي الضحايا والمصابين، لأنّ المجرم كُشف والعدالة تحققت، وسيكون العقاب رادعاً لكلّ من تسوّل له نفسه القيام بعمل مدمّر في المستقبل».

كذلك صدرت مواقف روحية مماثلة عن البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان والسيد علي فضل الله.

تضامن سياسي

بالتزامن مع المسيرات التي نُظّمت في الذكرى، بدا لبنان متضامناً مع نفسه، حيث صدرت سلسلة مواقف أجمعت كلّها على كشف الحقيقة، حيث قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون: «بعد عامين على فاجعة 4 آب، أشارك أهالي الضحايا والجرحى حزنهم، وعائلات الموقوفين معاناتهم. وأؤكّد لهم التزامي بإحقاق العدالة المستندة إلى حقيقة كاملة، يكشفها مسار قضائي نزيه يذهب حتى النهاية، بعيداً من أي تزوير أو استنسابية أو ظلم، لمحاسبة كل من يثبت تورّطه، لأنّ لا أحد فوق القانون».

وللمناسبة قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: «شهداء الرابع من آب شهداء كل لبنان، هم ضحايا جريمة أصابت كل لبناني في الصميم ...مجدداً ودائماً المسار الذي يوصل حتماً إلى العدالة وكشف الحقيقة تطبيق الدستور والقانون». وأضاف: «نحن اليوم جميعا بأمسّ الحاجة إلى تحمّل المسؤولية الوطنية». وختم: «الرحمة للشهداء والصبر والسلوان لذويهم ولكل لبناني، وحفظ الله لبنان».

بدوره قال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي: «يوم حزين لن ينجلي سواده قبل معرفة الحقيقة الكاملة لترقد أرواح الضحايا بسلام وتتبلسم قلوب ذويهم». واضاف: «لن يستقيم ميزان العدالة من دون معاقبة المجرمين وتبرئة المظلومين، ولا قيامة للبنان من دون العدالة الناجزة، مهما طال الزمن».

المر: المطلب واحد

وغرّد النائب ميشال المر عبر «تويتر» قائلاً: «4 آب انفجار لن تمحو جراحه السنوات. واليوم، ما زال المطلب واحداً: تحقيق شفاف وعدالة منزهة عن أي ضغط للوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المرتكبين، كي لا يُقتل الضحايا مراراً كل اليوم، وكي لا تكون بيروت مقبرة الحقيقة».

الجيش

وكانت لافتة تغريدة للجيش اللبناني، قال فيها: «في الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت الكارثي، عزاؤنا لأهالي الشهداء العسكريين والمدنيين، وتحية إكبار للذين بلسموا جراحهم وعادوا إلى الحياة. منهم نستلهم العزيمةَ للاستمرار، والأملَ في أن تستعيد عاصمتنا قريبًا بريقها ومكانتها»

«أمل» و«الحزب»

وفيما اكّدت حركة «امل» على تحقيق شفاف وجدّي وفق الاصول والدستور والقوانين، دعا «حزب الله» إلى تحقيق نزيه وعادل. وقال أمينه العام السيد حسن نصرالله: «التحقيق معطّل لأنّ قاضي التحقيق لا يقبل التنحّي. هناك ضباط ومسؤولون سياسيون لم يُحقق معهم، وهناك مظلومون بالسجون نتيجة المسار القضائي المتبع».

وإذ اكّد نصرالله أن لا علاقة لـ«حزب الله» بباخرة النيترات، دعا إلى إعادة فتح المسار القضائي من جديد، وأن يُحاسب المسؤول عن هذه المصيبة، قائلاً: «أوّل الطريق ووسطه وآخره هو أن يتمّ اخراج هذا الملف من التوظيف السياسي إذا أردتم أن تصلوا إلى الحقيقة». مضيفاً: «إنّ أهم مشكلة واجهتها هذه المصيبة هي التوظيف السياسي البشع منذ اليوم الأوّل للحادثة»، لافتًا إلى أنّ «اللوم يقع على الجهات السياسية والإعلامية التي خطفت هذه المصيبة ووظفتها سياسيًا منذ الساعات الأولى». وقال: «إستغلوا هذه الجراح بشكل قبيح ووقح لخدمة هدفهم السياسي ومشروعهم في مواجهة حزب الله والمقاومة».

تضامن أوروبي

في موازاة ذلك، كان لافتاً الحضور الفرنسي في هذه الذكرى، حيث برز ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لجهة أنّ «لبنان يعيش اليوم يوم حداد وطني بعد مضي عامين على انفجار مرفأ بيروت. وأنا أتذكر ببالغ الأسى حالة الذهول التي أصابتني في آب 2020 عندما علمت بوقوع هذه الفاجعة. دفعتني كرامة اللبنانيين والشجاعة التي تحلّوا بها، مع أنّ الألم كان يملأ قلوبهم، إلى السفر إليهم بعد ذلك بيومين لأجول معهم في شوارع حي الجميزة المدمّرة. يجب إحقاق العدالة. ولقد كشفت هذه الفاجعة عن الأزمة المأساوية المتعددة الأوجه التي يعيشها لبنان. ويجب الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني المشروعة بإحقاق العدالة وإجراء الإصلاحات».

وتبع ذلك بيان لوزارة الخارجية الفرنسية اعلنت فيه انّه «بعد عامين على الانفجار، يتعيّن محاسبة المسؤولين، ويجب أن تكون العدالة قادرة على العمل بشفافية». واضافت: «إنّ الأمر متروك للقادة السياسيين لاتخاذ القرارات من دون تأخير، لإخراج لبنان من أزماته». وكذلك كانت تغريدة للسفيرة الفرنسية آن غريو التي قالت: «يجب أن تتمّ متابعة التحقيق بشكل مستقل وغير منحاز، من دون عوائق ومع الدعم الكامل من جانب السلطات اللبنانية. لا يمكن أن تتمّ إعادة بناء بلد وشعب من دون عدالة. للبنانيين الحقّ بالحقيقة».

وفي السياق، أكّدت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت والبعثات الديبلوماسية التابعة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك، انّه «بعد انقضاء عامين، يحق للمتضررين من الانفجار بالمحاسبة. لذلك نؤكّد ضرورة متابعة التحقيق في الانفجار دون عوائق وبعيداً من التدخّل السياسي. ويجب أن يكون التحقيق نزيهًا وموثوقًا وشفافًا ومستقلًا. وينبغي أن يتوصل إلى نتائج دون مزيد من التأخير، من أجل الكشف عن أسباب المأساة ومحاسبة المسؤولين عنها».

 

"اللواء": «عنف كلامي» عوني ضد ميقاتي لتبرير البقاء في بعبدا بعد 31 ت!

بين ترقب مصير المفاوضات المعلقة بين الجو والبحر في ما خص ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وترقب المواجهة التي طرأت على جبهة غزة - اسرائيل بعد اغتيال القائد العسكري في حركة الجهاد الاسلامي تيسير الجعبري، والتعبئة المتبادلة على طرفي الحدود، بقي الوضع الداخلي يمعن في التآكل، بعد التلويح الجاد بالمطالبة بتحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت في الذكرى الثانية لوقوعه، بالتزامن مع سقوط 3 صوامع من الناحية الشمالية، بتوقيت لافت ومريب، وكسر الجرَّة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر، الذي شن هجوماً غير مسبوق على رئيس حكومة تصريف الاعمال. ما لبث ان رد عليه المكتب الاعلامي للرئيس ميقاتي على نحو مقتضب على طريقة الضرب بالميت حرام.

ومع هذا الترقب والتأزم، دخل الاضراب المفتوح الذي دعت اليه جمعية المصارف بدءا من الاثنين، في دائرة اعادة النظر او التراجع بعد القرار القضائي بالافراج عن رئيس مجلس ادار بنك الاعتماد المصرفي طارق خليفة، بعد ان صادقت الهيئة الاتهامية على قرار قاضي التحقيق في جبل لبنان بسام الحاج بتركه لقاء كفالة، وعليه، علم ان جمعية المصارف اجلت البت بقرار تعليق الاضراب او المضي به الى اليوم السبت، وسط حملة مضادة لقرار الجمعية بالاضراب الذي له آثار سلبية على العمل المصرفي وتحويلات رواتب الموظفين، مع مرور اسبوع كامل على بداية شهر آب، واعلان وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل عن انجاز صرف رواتب ومستحقات الجيش اللبناني والقوى الامنية وسائر القوى العسكرية، مرجحاً ان تنجز سائر الرواتب في غضون عشرة ايام على ابعد تقدير..
وعزت المصارف سبب الاضراب الى ما وصفته بـ «الدعاوى الكيدية التي تتعرض لهم المصارف، والتي تصدر فيها بعض الاحكام الاعتباطية والشعبوية عن مرجعيات يتم اختيارها مسبقاً من المدعين لغايات غير خافية».

وفي الرد على جمعية المصارف، اصدرت «جمعية صرخة المودعين» و«تحالف متحدون» تبياناً قالوا فيه: إن التذرع بغايات «كيدية» لدى مقيمي الدعاوى القضائية من المودعين أصحاب الحقوق لهو قمة الوقاحة، فكأن المراد أن يسلب هؤلاء كل أرزاقهم وحقوقهم وجنى أعمارهم وألا يكون لديهم حتى الحق في التظلم، في مقابل الحماية والحصانة للمصارف للتمادي في إجرامها في حق المودعين. فأي عدالة هذه التي يزعمون؟!
وتوقفت عند الحملة النوعية، وغير المسبوقة التي شنتها قيادة التيار الوطني الحر (العوني) برئاسة النائب جبران باسيل على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، والعنف الكلامي المستخدم ضده، من ألفاظ مثل «فساد وصفقات وسمسرات وعملات وقروض مدعومة واسترضاء الخارج وعدم الاحترام وفقدان صفة رجل الدولة.. الخ». والرد على ما جاء في بيانات التيار بأن الفاسد (في اشارة لباسيل) يحاضر بالعفة!

ورأت في هذه الحملة، مقدمة لتبرير عدم التعامل مع الرئيس المكلف، وهو رئيس حكومة تصريف الاعمال، في عدم حال التوصل الى تسوية تؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مما يجعل الرئيس الحالي ميشال عون يبحث عن صيغ ما للبقاء في قصر بعبدا، ابرزها: عدم ترك البلد في الفراغ لان حكومة تصريف الاعمال لا يمكن أن تملأ هذا الفراغ..
وقالت مصادر سياسية ان اسباب الحملة التي يشنها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تعود لفشل كل مكائد الاول لفرض هيمنته على تشكيل الحكومة الجديدة، وسقوط كل السيناريوهات الوهمية لشل فاعلية حكومة تصريف الأعمال من خلال الترويج لسحب الوزراء المسيحيين المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار العوني، لاسقاط ما يسميه بمجالسه، الشرعية الدستورية، لانها لاتستطيع تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال لم تحصل الانتخابات الرئاسية بموعدها لاي سبب كان، وقبلها سقوط كل مشاريع وطموحات المقايضات والصفقات التحاصصية للسيطرة على الوظائف والمراكز المهمة بالدولة، ناهيك عن استغلال القضاء العوني للتشفي والاقتصاص من خصومه في العديد من المؤسسات المهمة وفي مقدمتهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

واشارت المصادر إلى ان حسابات باسيل لم تطابق وقائع نهاية عهد الرئيس ميشال عون بالكامل، لاسيما بعدما خرج الاول من الانتخابات النيابية خاسرا لموقعه، رئيسا لاكبر كتلة نيابية مسيحية، مع ضمور بارز بعدد اعضاء كتلته قياسا عما كان عليه بالانتخابات السابقة. ولذلك لم تعد كل محاولات الابتزاز والتعطيل التي مارسها من موقعه المقرر بصلاحيات رئيس الجمهورية وتوقيعه، تؤثر بشيء، مع نهاية العهد الحالي.وبدلا من أن تدفع محاولات التعطيل المتعمد رئيس الحكومة المكلف الى الاعتذار عن تشكيل الحكومة كما حصل سابقا، وبقاء رئيس الجمهورية في سدة الرئاسة، تبدلت الظروف، وها هو رئيس الجمهورية مع فريقه الرئاسي، يضبضب ملفاته المثقلة بالفشل والتدمير والخراب الاقتصادي والمعيشي وعتمة الكهرباء الشاملة التي تولى الهيمنة عليها رئيس التيار الوطني الحر، نهبا وفسادا بمليارات الدولارات طوال اكثر من عقد من الزمن، وتبقى حكومة تصريف الأعمال برئاسة ميقاتي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، خلافا لكل حسابات باسيل، الامر الذي ادى لانفعال الاخير إلى هذا الحد، بعدما تبين له أن كل الضجيج الذي افتعله حول ملف التدقيق الجنائي، كان وهما بوهم ولم يحقق غايته، وظهر بوضوح ان وجهته كانت التشفي السياسي، وليس الاصلاح الحقيقي الذي يجانب التطرق الى ملف الفساد والهدر الضخم بملف الكهرباء تحديدا.

اما، مازاد في الطين بلّة وادى الى فقدان رئيس التيار الوطني الحر صوابه، فهو الكلام الذي تردد مؤخرا، عن صعوبة توقيع إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وإنجاز الاتفاقات، حول استخراج الثروة النفطية والغاز الموعود، طوال ما تبقى من عمر العهد الحالي، ما يحرمه تحقيق اي انجاز مهم، يتباهى به رئيس التيار، ويخرج خالي الوفاض، ومثقلا باوزار الكارثة الاقتصادية والمالية التي تسببت بها ممارساته السيئة.

وتكشف المصادر النقاب انه على هامش الانفعال والعصبية والتعصب السياسي لرئيس التيار الوطني الحر، التي تدفع به الى التهجم على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهو ما ازمع على القيام به ضد الرئيس سعد الحريري مرارا طوال السنوات الماضية، باعتبار ان التهجم على رئيس الحكومة ايا كان، يهدف للتهرب من الاداء المزري لرئيس الجمهورية والعهد عموما، في كل المجالات، ومحاولة ممجوجة للاستقطاب الشعبوي، وشد العصب المسيحي المتداعي من حوله من جديد، والاهم في هذه المرحلة تلميع صورته الباهتة للانتخابات الرئاسية، بعدما ظهر انكفاء واضح عن تاييد ودعم ترشحه، حتى من الحلفاء.

وتنقل المصادر عن مصادر قريبة من التيار، ان رئيسه لاينفك في المجالس الضيقة عن توجيه الانتقادات الحادة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويعتبر انه المحرك الاساس من تحت لتحت وعلى تنسيق تام مع رئيس الحكومة نجيب في كل الخطوات التي يتخذها الاخير، ان كان بالمسؤولية عن تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، او اجهاض كل محاولات الاصلاح والنهوض بالدولة، والهدف افشال عهد الرئيس ميشال عون بالكامل وهذا ماظهر بوضوح باكثر من مناسبة وحدث.

وفي اليوميات، بعدما احيا لبنان امس الاول الذكرى السنوية الثانية لكارثة إنفجار مرفأ بيروت، وبدل ان تنشغل السلطات المسؤولة عن تدبير امور المواطن واحتياجاته ومعالجة ازماته، انشغلت بالسجالات وتبادل الاتهمات بين بعضها، وانشغلت اوساط اخرى بالتحضيرسياسيا واعلاميا وشعبيا لمعركة رئاسة الجمهورية بعدما انطوت صفحة تشكيل الحكومة وهو امرمخالف للدستور ولكل الاعراف والمواثيق والعادات السياسية. بينما غابت اي معلومات جديدة من لبنان عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وعودة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، وضخت وسائل الاعلام الاسرائيلية معلومات ومعطيات يفيد بعضها ان الكابينيت الاسرائيلي لم يتوصل الى قرار نهائي حول الموقف اللبناني، وجمّد عمليات الاستخراج من حقل كاريش ما يعني تجميد اي عمل من الجانب اللبناني لحين ايجاد تفاهم تام بين لبنان والكيان الاسرائيلي.

وقد سربت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية خبرا عن «امكان تأجيل اسرائيل موعد استخراج النفط من كاريش» لمنع زيادة التوتر، الى حين عودة المفاوضات مع لبنان، وجاءت هذه التسريبة بعد معلومات مفادها ان اسرائيل ستعطي حقل قانا كاملا للبنان على ان يتم التفاوض على الامور الباقية. وهو ما اعتبره خصوم رئيس حكومة العدو تنازلا امام حزب الله. ولم يصدر اي تأكيد رسمي اسرائيلي او حتى اميركي لهذه المعلومات.اضافة الى تهديدات قادة العدو بتدمير الضاحية الجنوبية اذا تعرضت منشآتها للقصف.
لكن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد اكد «أنّنا في لبنان نواجه هذا الحصار والضغط الذي يفرضه الأميركي علينا، وامتلكنا كلّ عناصر القوّة واستطعنا أن نمنعه من ان يستخدم الإسرائيلي لشنّ الإعتداءات علينا لأنّ هذه الإعتداءات أصبحت مُكلفة كثيرًا عليه وهو عاجز عنها.
واضاف: لا يمكنهم استخراج الغاز، ولم يعد في إمكانهم منعنا من ترسيم حدودنا بعدما أذعنوا قصرا تحت وطأة المقاومة وقوتها وإرادتها. ونحن نتابع هذا الأمر، أمّا أن نثق بوعود فنحن لا نثق بوعود أعداء.

الحدود البحرية اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان